كانت ساشا تعاون شيلا في قطع البراعم في حديقة
الأزهار خلف مدخل المنزل. وملأت ساشا رئتيها من شذا
الأزهار التي كانت تجمعها قبل العودة إلى البيت
قالت شيلا لــ ساشا التي توقفت لتستمع إليها: (( أظنك
راجعة إلى رسومك مرة أخرى هذا الصباح؟ ))
(( كلا. إنها ليست راجعة. )) ونظرت المرأتان بدهشة إلى
مصدر الصوت الحازم الذي جاء عبر المدخل والذي تابع
يقول: (( لقد أجهدت نفسها في العمل بما فيه الكفاية,
وستأخذ الآن بعض الراحة. ))
قالت ساشا وقد شاب صوتها بعض الرعشة: (( أوه,
أحقاً؟ )) كان ريكس يبدو رائعاً في شكل لا يصدق في سرواله
الجينز وقميصه الأسود وهو يتقدم بكرسيه.
قالت شيلا وهي تحس بالتوتر الذي ساد بين ساشا
وابنها: (( أوه , حسن. )) وبدا من تجهم وجه شيلا ونظراتها أن
ليس لــ ساشا أمل في الفوز... قبل أن تصعد معتذرة بأن
عليها أن ترى دي .
(( كيف حالك هذا الصباح؟ )) لقد تحدث ريكس برقة
بالغة محت الآثار التي خلفتها لهجة والدته غير المشجعة,
فقالت باسمة: (( حقيقة أنا بخير.)) كانت عيناها تعانقان
خضرة الحديقة وزرقة السماء. لقد كان الجو غائماً في
الصباح الباكر , ولكن الشمس الآن كانت دافئة مشرقة تتألق
على قطرات الندى, ليبدو كل شيء متلألئاً حلواً رائعاً حياً.
قال: (( لقد اجتزت , منذ أقمت بيننا, كثيراً من الصعوبات
والتوتر.))
لم تكن هي متأكدة مما يعنيه, هل هو يقصد فقدانها
لنقودها ولجواز السفر وكل شيء, أم ما سبق أن أخبرته
به أمس في السيارة؟ ولكن معاملته لها كانت بالغة الرقة
منذ ذلك الوقت. كان رأيه سديداً ليلة أمس أن تغتسل
بالماء الدافئ لتخفف من ألم الرضة في كتفها التي
حدثت بسبب سقوطها من المنطاد, وقد شعرت فعلاً,
بالتحسن أثر ذلك.
منتديات ليلاس
قال لها: لم تكوني قد أمضيت أكثر من بضعة أيام في
هذه البلاد قبل أن يحدث لك ما حدث. وقد سبق أن أخبرتني
بنفسك أنك لم تستطيعي رؤية الكثير , إلى جانب لندن
والساحل, إذاً , فأنت ستأخذين فرصة يمكنك معها القيام بما
جئت لأجله ... وهكذا تستمتعين كما تشائين. ))
فال ونظراته تنتقل بين يديها الرشيقة التي كانت
تحمل الورود وشعرها الحريري الأسود وملامح وجهها الخالية
من الزينة: (( ومع ذلك... فإننا ذاهبان إلى مشاهدة بعض
الأماكن, هذا النهار, فاذهبي وأعدي نفسك. ))
منتديات ليلاس
إذاً , فهو سيأخذها معه؟ وأسرعت ساشا مذعنة متجاهلة
تدفق الدم الحار في عروقها, واستبدلت ثيابها, السروال
القصير والقميص, سروالاً طويلاً أبيض وقميصاً حريرياً
برونزي اللون وخفين مناسبين .
ابتسم لها و هي تجلس قربة في البي إم دبليو وهو يقول:
((هذا رائع.)) وشعرت ساشا بوجهها يتوهج ونظراته
المتكاسلة تسري في أوصالها .
إلام كان يشير ؟ إلى مظهرها؟ أم إلى الوقت القصير الذي
استغرقه استعدادها ؟ لقد كانت صممت على ألا تدعه
ينتظر طويلاً . وكنها كانت ترجو ألا يعلم كم كانت متلهفة
إلى قضاء النهار معه وهي ترى كليم يغلق باب السيارة.
تضمن نهارهم سياحة بطيئة في أكثر بلدات المنطقة,
وخصوصاً المناطق التي يقصدها الفنانون, مثل هاي واين
وفلات فوردميل ومنطقة كونستابل .
(( عدا الشجيرات الثلاث التي كانت لا تزال كما رسمها
كونستابل تماماً. )) كانت ساشا تعلق بهذا على ما ترى وقد
أفعلنها السرور . ورأت الكوخ الشهير في رسمه قد بقي
محفوظاً بواسطة اللجنة الوطنية وأن الأرض خلف
الشجيرات الثلاث على الضفة الأخرى للنهر , والمطحنة
المبنية من القرميد الأحمر , كانت لا تزال طبيعية غير مطورة
كما كانت في حياة ذلك الرجل العظيم .
نظر إليها غامزاً بعينه وهو يقول: (( لا أدري ما كان
الرسام ليقول على هؤلاء الزوار. )) ولم تكن هي فقط التي
تأثرت بغمزته تلك من بين أولئك النساء اللاتي كن هناك .
وكانت تسير إلى جانبه وهو يقوم برياضته اليومية رافضاً
أية مساعدة منها... عندها شعرت بالحيرة البالغة لشدة
اهتمام النساء به وانجذابهن إليه . كن يتدافعن ليقدمن إليه
أي قدر من العون. وفكرت وهي تلوي شفتيها بجفاء
متسائلة, هل كان تصرفهن هذا نابعاً حقاً من عطف وهن
يرينه سجين الكرسي, أم أنه انجذاب منهن إلى رجولته
الطاغية؟
كان بالتأكيد صادقاً في شيء واحد, هو أن المكان كان,
فعلاً, غاصاً بالزوار كما أشار .
كان الفنانون يجلسون خارج الكوخ الرائع يرسمون
تخطيطاتهم. وكان المقهى المشرف على النهر يستقبل
الزوار بكثرة, وكان الجسر الصغير على النهر يغص
بالسياح بعضهم يستأجرون القوارب أو يتمشون وآخرون
يجلسون ببساطة مستمتعين بالمناظر الطبيعية الرائعة.
قالت ساشا: (( هل تمانع في أن أخذ آخر صورة
فوتوغرافية؟ ))
منتديات ليلاس
كانا في طريقهما إلى حيث تقف السيارة, وخفق قلب
ساشا وهو يقول باسماً: (( لا ... يمكنك ذلك. ))
هرعت تصعد الجسر لتأخذ صورة للحقول, ثم نزلت
لتنضم إليه ولم تلبث أن وقفت مصعوقة.
كان هناك كلب ضخم قد وقف إلى كرسي ريكس متمسكاً
به بمخالبه وهو يهز ذيله. وكان ريكس يضحك وهو يحاول
تجنبه, ضاحكاً في وجه المرأة الجميلة التي كانت تحاول
أن تبعد الكلب عنه.
سمعتها ساشا , وهي تقترب منهما, تعتذر قائلة: (( إنني
آسفة حقاً على ذلك . ولكنه ليس دوماً بهذا العصيان. لابد أن
عندك طريقة تجعل الكلاب تتصرف في هذا الشكل . ولكن هذا
الجينز الذي ترتديه... إنني حقاً آسفة ... )) لقد سبق للكلب أن
كان في النهر فرأت ساشا أثر قوائمه الموحلة يغطي
أحد فخذيه الطويلين .
عادت المرأة تقول : (( أتسمح بأن أعطيك شيء مقابل
تكاليف غسل السروال ؟ أم أن هناك شيئاً أخر أستطيع القيام
به مقابل ذلك؟ ))
قالت ساشا بعد أن لم تستطع حفظ لسانها: (( لماذا لا تخلعين عنه
سرواله وتغسلينه له ؟ )) لم تكن تعرف من أكثر
تهافتاً على ريكس . المرأة أم الكلب .
قالت المرأة وقد انتبهت فجأة لوجود ساشا : (( أوه....
إنني آسفة. )) وأخذت تنظر إليها من أعلى إلى أسفل وكأنما
هي تعجب مما يمكنها أن تفعل مع ذلك الرجل الرائع
الجاذبية . وفي شكل ما استطاعت الآن أن تتحكم في
تصرفات الكلب .
قال ريكس للمرأة بابتسامة رأتها ساشا, وهي تلوي
شفتيها, كالفضة البراقة: (( لا بأس . لا تهتمي بذلك. ))
ما بثت أن ابتسمت المرأة لــ ريكس ثم جرت كلبها ليبتعدا
معاً .
قالت ساشا ضاحكة: (( لا أستطيع تركك وحدك ولو لمدة
خمس دقائق, أليس كذلك ؟ ألا تظن أنه من الأفضل أن أبتعد
عنك لكي أتجنب التشنج من جاذبيتك؟ (( وقال ريكس ببطء
وهو ينفض عن سرواله آثار قوائم الكلب ناظراً إليها بطرف
عينه: (( لا أدري لماذا يتملكني شعور بأنك لا تعنين ذلك حقاً . ))