كاتب الموضوع :
جمره لم تحترق
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصل السابع
(( لا بأس يا أمي. لا تقلقي إنني بخير!))
وضعت ساشا السماعة وقد اكتأبت مما لمسته من قلق
أمها عليها. وابتسمت بعجز لـ شيلا التي كانت قد دخلت
لتوها إلى قاعة الجلوس. وقالت : (( إنها أمي. )) وأضافت
وهي تنظر إليها بسذاجة وهي تتابع: (( إنني آسفة, ولكنك
لست مثل أمي. ))
قالت شيلا بلطف : (( إن القلق هو ميزة الأمهات . ولكن كلا,
فإن ريكس ذو شخصية مستقلة قوية لا يترك مجالاً لأحد كي
يتدخل في مسيرة حياته. ))
قالت ساشا توافقها على ذلك: (( كلا , إنني أتمنى لو
أستطيع إقناع أمي بأنني لم أعد في السادسة عشرة.))
تنهدت وهي تشعر بذلك التسارع المألوف لخفقان قلبها إذ
سمعت صرير الكرسي المتحرك في القاعة .
لقد عرف بالأمر من دون أن تخبره . لقد رأت ذلك في
نظره عينيه القاسية قبل أن يلقي على أمه نظره خاطفة
سرعان ما جعلتها تترك الغرفة. وقال: (( هل نجحت؟ ))
أومأت ساشا برأسها قائلة: (( ستذهب أمي إلى شقتي
لإحضار الشيكات السياحية. فيمكنني عند ذاك, أن أصرفها
من المصرف حالما أبرزها . لقد قالوا إن الأمر قد يستغرق
يومين أو ثلاثة, عند ذاك يمكنني أن أرد إليك القرض الذي
تفضلت بمنحي إياه, ثم , إذا لم يكن عندك مانع ... )) وشعرت
بغصة في حلقها ثم تابعت ((... إن ما أقصده هو ... إنني لا
أستطيع أن أبقى هنا فترة أطول. ))
عند ذاك, اقترب منها وقد كست ملامحه خطوط قاسية
جامدة وهو يسألها: (( لمَ ؟ ))
تزاحمت في رأسها أسباب لا تحصى ... لأنك تحب لورين
فاراداي ! ولأنني أنا... أنا أشعر نحوك بجاذبية لا
تصدق...!
طردت عنها هذه الأفكار بسرعة لتقول: (( يجب أن توافق.))
لماذا جاء هذا وكأنه التماس ؟ فقال بجمود وتجهم: (( لا
أقبل . وهذا لا يوافقني.)) واشتدت قبضته على ذراع الكرسي
حتى بانت عظام أصابعه . لقد رد عليها كلامها بعناد ساخر.
إنه بالتأكيد لا يظن بها عدم الاعتراف بالجميل. وعاد يقول:
(( سنتحدث هذه الليلة بعد العشاء . إني على موعد مع
وكيل عمل ويندسور . وهذا سيشغلني النهار بطوله .
ولكنني سأعود حوالي السابعة... فكوني على استعداد. ))
فقالت: (( ولكنني ... ))
منتديات ليلاس
لكن تصميمه أسكتها وهو يستدير بكرسيه خارجاً
وتنفست هي الصعداء. فهو على الأقل, يبدو أنه سيأخذها
خارجاً, ليناقش معها الأمر... وهذا يعني أنه لا يريد أن
يواصل الحديث أمام لورين .
على كل حال, فهو يستطيع أن يقول ما يريد. وهي
ستستأجر غرفة في نزل حالما تتسلم نقودها . لقد صممت
على ذلك لأجل راحتها الذهنية إذا لم يكن لشيء آخر .
لتتجنب رؤية لورين, أمضت ساشا معظم نهارها في
غرفتها تعمل في صنع دميتها ( دمية القمح ) قبل أن تقرر أن
الوقت قد حان للاستعداد للخروج مع ريكس .
لم يكن ريكس قد قال إلى أين سيأخذها , لهذا لم
تعرف ماذا يجب أن ترتدي , برغم أنه لم يكن لديها
الكثير من الملابس لتختار. ونظرت إلى خزانتها
الخالية تقريباً , ولكنه يعلم أن ملابسها ليست آخر
صرعة في عالم الأزياء ... فإذا هو لم يعتبر ذلك وهو
يوجه إليها الدعوة , فستكون هذه مشكلته هو وليست
مشكلتها. ولكنها مع ذلك , لم تستطع إلا أن تفكر في ما
يمكن أن تبدو عليه في مطعم كالذي اعتاد ريكس
الذهاب إليه. وتناولت تنوره قطنية بيضاء واسعة
تتناسب وطرفي كمي قميصها ويحيط بنهايتها شريط
عريض من الدانتيلا البيضاء .
بادرها كليم , الذي كان في الانتظار بقوله: (( يريد السيد
ريكس أن نذهب نحن إليه. )) ومع أن لهجة كليم كانت
كالعادة في غاية الاقتضاب, فقد فتح لها الباب الخارجي
بكل البشاشة التي اكتسبها من آل تمبليتون على
مدى جيلين كاملين من الرجال. وخيل لــ ساشا أنه في
الأيام الأخيرة , أصبح أكثر لطف معها .
قالت: (( إلى أين نحن ذاهبان. يا كليم ؟ هل تراك نسيت
شيئاً؟ )) سألته وهي تميل إلى الأمام بعد تركهما البيت إذ
استدارت السيارة فجأة راجعة إلى الوراء لتدخل من باب
آخر يبعد حوالي ربع الميل على طول الطريق .
لماذا لم يجب, هزت ساشا كتفيها وعادت إلى جلستها .
لكن الطريق بدلا من أن يقودهما رجوعاً إلى البيت كما ظنت,
إنحدر بهما بعيداً خلال الأشجار نحو النهر . كان واضحاً
لها إنه سلك طريقاً مختصراً نحو إحدى القرى .
كان المساء رائعاً بالشفق الوردي والنسائم العليلة .
|