كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
نهض كيرك بدوره وأدار الغسالة الكهربائية للأطباق وبدأ فى ملئها ولما كان واقفا بجوار ليز التى أخذت تناوله الأطباق كان معجبا بجسدها النحيف ومنظر وجهها الجانبى الرقيق وشعرها الأسود الخفيف.عنتدما رأها فة فانكوفر فهم فى الحال أنها لم تخلق لهذا الجو الرهيب والبئية المزعجة المحزنة القبيحة
سألها :
-إن الحياة لم تكن سهلة بالنسبة لك
-أوهـ....حسنا لم يكن الأمر قاسيا لهذه الدرجة فلى ولدان كبيران ونحن سعداء وهذا هو المهم
أنتهت من ملء غسالة الصحون وناولها كيرك علبة مسحوق التنظيف رفعت شعرها للخلف وشغلت الغسالة أخذ كيرك يراقبها ويردد فى نفسه كيف تقول إنك لم تكن قاسيا جدا عليها ؟هل تظن أن بأستطاعتها خداعه؟إنه يعرف أكثر من غيره المصاعب التى تلاقيها الأم الوحيدة فى تربية أولادها يتساءل هل ترك لها زوجها شيئا بعد موته؟تذكر فى الحال حركة ذقنها فى كبرياء عندما صححت لليستر عندما دعاها السيدة ماكول حيث قالت له بلهجة حادة وقاطعة :
-أننى لا أحمل أسم زوجى من فضلك نادينى ليز تريماين شرحت له ليز أيضا أن أسم ليز كناية عن فيليز وكانت الطريقة الباردة التى تحدثت بها قد ضايقته بعض الشئ ولكن فى نفس الوقت كان معجبا بروح التصميم لديها هاهى امرأة تفكر مرتين قبل أن تقبل مساعدة من أحد مع أنها لا تمشى على بساط من ذهب .
غسل كيرك فى الحوض الصحون وأدوات المائدة القذرة ثم ناولها لها وقد دهشت ليز من تعبيره الساهم الحالم لابد أن الأمر لم يكن سهلا عليه أن يشاركه منزله غرباء ! ومع ذلك بعد نظرته الأولى العدائية والمذعورة بعد قراءة الوصية لم يبد أى حدة أو عداء قالت له:
-أنى لم أعرف العم أميروز ولكن بفضله سيعرف ولداى وأنا حياة أفضل وأكرم هل يمكن أن تحدثنى عنه قليلا؟
ألقى عليها نظرة ذكية ثم أستدار نحو الحوض :
-لا يوجد الكثير مما يمكن أن يقال لقد كان رجلا ضخما وقويا رجلا طيبا على ما أظن وحتى اليوم الذى مات فيه أحتفظ بشعره وتقريبا كل أسنانه وسوء ظن عن كل الناس الذين قابلهم ولا أعتقد أنك كنت ستتقبلينه
-هل تشبهه؟
-نعم قليلا ولكنى ورثت عن أمى شعرها وبشرتها الشقراء وحسب أمى فإن شخصيته لم تكن ساحرة مثل جسده وقد دفعت الثمن غاليا
كانت ليز تتساءل لماذا لم يتزوج العم أميروز أم كيرك ونظرا لسن كيرك يمكن ملاحظة أنه ولد قبل أن يتزوج العم أميروز عمة ليز
-أين تعيش إذن أمك؟
-فى ايدمونتون
تجهم وجهه ففهمت ليز أن عليها ألا تلح عليه.قال:
-ووالداك؟هل هما......
-أحياء؟أوهـ....!نعم....لقد أنفصلا عن بعضهما عندما كنت فى الرابعة عشر من عمرى وكون كل منهما أسرة جديدة لذا لدى العديد من الإخوة والأخوات غير الأشيقاء
-فى أى أسرة عشت؟
-كنت أتنقل ما بين الأسرتين حسب مزاجهما
فكر ان الذكرى لابد أن تزعجها ومع ذلك هاجمها :
-ما سن ولديك؟
-سيبلغ ريان خمس سنوات فى الشتاء وجاسون بلغ الرابعة من شهر مضى.هل لك أخوة وأخوات؟
هز رأسه نافيا وأنهيا عملها فى صمت ثم صب بقية الشوكولاته فى قدحيهما.أشارت إلى المطبخ بحركة من ذقنها :
شكرا لك من أجل المطبخ لقد كنت مخنوقة كلما فكرت فى تنظيفه غدا
رأت عبر النافذة قطع من الثلج ففكرت بقلق فى الغد سألته:
هل سينزل الثلج أيضا غدا؟
-لا أستطيع أن أخبرك عن ذلك وأعتقد أن علينا أن ننتظر قليلا حتى تهبط العاصفة لقد أدخلت سيارتك فى الجراج وهاك مفاتيحها حتى فى هذه المنطقة الموحشة من غير المستحسن أن تتركى المفاتيح فى السيارة عندما يتوقف هطول الثلج سأشق طريق وسطه إلى الطريق العام أن رجال الطرق سيعملون طوال الليل كى يظل الطريق مفتوحا لا تخشى شيئا فأنها لن تظل تسقط الثلج للأبد والطرق فى العادة صالحة لعبور السيارات
-أعرف
-لقد أعتقدت أن هذه هى أول مرة تواجهين هطول الثلوج
-فى الحقيقة لقد تعودت على الثلوج ولكن ليس على العواصف الثلجية
أنهت قدحها وهى تتحدث ثم أتجهت نحو الباب ظل كيرك بلا حركة قالت ليز بخجل:
-حسنا.....أتمنى لك ليلة سعيدة
-ليز!
أقترب منها فتسمرت ليز فى مكانها
-هل يمكننى أن أفعله هذه المرة بطريقة صحيحة؟
تجهمت وهى فى شدة الإرهاق لا تستطيع التفكير:
-ماهو إذن؟
-هذا!
أمسك بذقنها وطبع قبلة على فمها برقة ثم أنتصب واقفا وهو يقول لها:
-مرحبا بك فى مزرعة هويتيه
-أوهـ...شكرا وليلة سعيدة
تمددت ليز فوق سريرها وهى تسمع صوت هبوب الريح خلف النوافذ ورغم أستقبال كيرك لها فإنها أحست أنها وحيدة لدرجة مؤلمة وبالقلق على أسرتها .نامت قليلا فى تلك الليلة وعندما أستيقظت فى الفجر كانت العاصفة لاتزال تزأر وصلت إليها مناقشة حادة بين كيرك والسيدة هيلى حول الكلب عندما أندفع ولدها إلى الحجرة وصعدا إلى السرير وأدفأها بأقدامهما الصغيرة أتى من الدور الأرضى صوت كيرك الثائر يؤنب السيدة هيلى لأنها ربطت الكلب فى الخارج وسط الثلوج وكأن عصابة ستهاجم البيت سمعت صوت باب يغلق بعنف ثم صوت محرك سيارة يتردد فى فضاء البيت .خرج كيرك إلى عمله بعد أن حلب البقرة
ظلت العاصفة تهب طوال النهار بينما كانت ليز ترتب الأثاث وتنظف الحجرات وضعت فيها الأشياء المعتادة أما الأثاث الخاص بها فلن يصل إلا بعد أيام.قابلت السيدة هيلى مرتين لكن السيدة العجوز ظلت معظم الوقت فى حجرتها أو حجرة الصالون عارضت السيدة هيلى وجود الطفلين فى الصالون حيث كانت تشاهد التليفزيون ووجدت ليز حالا آخر كان بالدور الأرضى حجرة فسيحة غير مشغولة بدت لها ممتازة كغرفة لعب للطفلين ما أن أخرجت الأثاث القليل الذى كان بها حتى نظفتها ثم نقلت إليها كتبهم ولعبهم وكذلك جهاز تليفزيون قديم الذى كان عندها فى فانكوفر فكرت لحظات أن تشعل النار فى المدفأة ثم قررت أنه من الأفضل أن تتأكد من عدم وجود خطر منها فى أثناء لهو ريان وجاسون ومرحهما فى صالة لعبهما الجديدة .هاجمت الدور العلوى ونظفت ورتبت كل شئ ثم أعدت الوجبات ثم هبط الليل ساعدت الطفلين على النوم ثم أندست فى سريرها وهى متعبة ولكنها راضية عن عمل الذى أنجزنه طوال النهار أنها لم تر كيرك وغدا ستعتنى بالدور الأرضى
أيقظها شعاع الشمس وفى الحال أستعدت وذهبت لإحضار طفليها ولكنها لم تجدهما فهبطت إلى المطبخ لا يوجد أحد ولكن معطفيهما أختفيا من فوق الشماعة .أسرعت ليز إلى الباب وفتحته على مصراعيه أفلتت منها صيحة ذهول وإعجاب رغم البرد إلا أنها وقفت طويلا تتأمل السماء الرحبة ذات اللون الأزرق الصافى وظهرت مجموعتان صغيرتان من الأشجار الخالية من الورق وسط بساط من الثلج وفى الأفق ظهرت الجبال شامخة على جانبى الوادى حيث ظهرت مياه النهر الصافية كالكرستال ورغم الثلج لاذى غطى الأرض رأت هنا وهناك بعض المراعى وعلى اليمين بين جذوع أشجار الأرز البيضاء من الثلج ,لاحظت مبانى زراعية أمامها حصان عجوز يتمشى وهو يهز ذيله.أخذت تتصور فى ذهنها دون كاميرا البانوراما التى أمامها .رأت على الثلج أثار لأقدام تتجه إلى أخر مخازن الغلال الذى أنبعثت منه أصوات ضحك الأطفال مختلطة بصوت نباح مارس الأمر الذى أصابها بالهلع.أرتدت حذاءها الطويل وزحافتها وأتجهت إلى المخزن رأت فى الحال جاسون وهو يحتضن مارس ويتدحرج معه وسط التبن .رفعته فى الحال وحملته أخذ الكلب ينظر إليها وقد تتدلى لسانه فى ذهول أحتج الطفل:
-ولكن يا أمى...أنه كلب لطيف ويحبنى ونحن نرتع ونلعب
أقترب مارس ولعق يد ليز وأحست بأن خوفها يختفى وضعت جاسون على الأرض وهى لا تزال ترتجف لا يجب بوجه خاص أن تنقل إلى ولديها ذلك الخوف الذى تحسه نحو الكلاب .قالت:
-حسنا لا باس ولكنى ليست خائفة أين أخوك؟
أشار بإصبعه :
-هناك
أدارت ليز رأسها ورأت رأس أبنها يظهر من فوق جدار صغير تساءلت ماذا يمكن أن يفعل هناك؟عرفت الرد فى الحال كان ريان يشاهد تحت ضوء مصباح معلق يتطوح فى الهواء كيرك جالسا على مقعد صغير بلا ظهر ويقوم بحلب بقرة وهو مرتد سويتر أخضر من صوف التويد وبنطلون جينز مغسول عدة مرات أصيبت بصدمة عند رؤيتها له وكأنها تلقت ريحا غير متوقعة فى وجهها ظلت مسمرة فى مكانها.قال لها وهو ينظر من إليها نظرة من فوق كتفه:
-صباح الخير يا ليز
ذكرتها أبتسامته بالقبلة التى تبادلها ليلة أول أمس سعدت لأنها كانت واقفة عكس الشمس فى مدخل الباب لأنه لا يستطيع أن يقرأ على وجهها أى شئ يعبر عما تحسه بداخلها
كان مخزن الحبوب والدريس دافئا وأخذت تحس بالعرق داخل السويتر السميك الذى ترتديه قال ريان بإنفعال :
-إنها الحظيرة أمى وأستطيع أن أحلب البقرة أتحبين أن تعرفى كيف أفعل ذلك؟
-لا....أنها لن تتحمل ذلك
أن مجرد التفكير فى أن أبنها يوجد قريبا من ذلك الحيوان الضخم أيقظ كل مخاوفها السابقة أرادت أن تمسك بريان ولكن خوفها من أن حركتها قد تفزع البقرة فتركله ركلة قد تصيب أحدا هى أمور من الممكن أن تحدث قالت برقة:
-يا عزيزى لم يسبق لك أن حلبت بقرة يمكن أن تصاب بجرح
كتم كيرك ضحكته كان يعلم تماما أنها تخاف على أبنها وليس على البقرة ونظر إليها بطرف عينه لقد كان وجهها بلون العاج وفى هذه اللحظة قال لها بصوت هادئ :
-كل شئ يسير على ما يرام يا ليز...أقدم لك كوكو وهى لطيفة جدا وأؤكد لك أن ريان لن يتعرض لأى خطر معها
-ربما ولكن كوكو ليست متعودة عليه كيف يمكن أن نتأكد من أنها ستسمح لغريب أن يلمسها ؟أقصد يلمس ضرعها...ليست أعرف الكلمة الصحيحة....
مرة ثانية حاول أن يكتم ضحكته :
-لا تخافى
-تعال يا عزيزى ريان ستتعلم حلب الأبقار عندما تكبر...ماذا قلت تعال فى الحال!!!
أطاعها فى تردد أحست بالأرتياح ولم تفكر إلا فى الهروب من هذا المخزن الحار جدا والذى كانت رائحته قوية نفاذة ولكنها عندما أستدارت وجدت جسدا ضخما يسد عليها باب الخروج
أمسك ريان بيدها وهى تصرخ وقفز نحو جاسون حيث أخذته بين ذراعيها ثم طارت نحو كيرك بحثا عن ملجأ أمن
نهاية الفصل الثانى قراءة ممتعة للجميع
|