المنتدى :
المنتدى الاسلامي
حوار مع لساني
لا أعرف كيف أتحدث إليك، أو أبعث إليك برسالة.. فأيام عمري التي قضيتها معك
والتي سوف أقضيها كنت أنت الذي تتحدث وأنا الذي أستمع، كنت ترسل إليَّ بأوامرك،
وأنا الذي أجيب…
وها نحن اليوم نتبادل الأدوار.. فاليوم لن تصبح اللسان الذي يتكلم، ويأمر وينهى،
ويمدح، ويذم، ويغتاب، وينم…
يا لساني… ماذا لو تخليت نفسك عضواً آخر، لك وظيفة… أي وظيفة غير الكلام!!!
إن رسالتي التي أود أن أرسلها إليك منذ ولدت بك هي رسالة تحمل في طياتها الكره لك، فأنا أكرهك.. نعم أكرهك…
هذه هي الحقيقة ولكن أما سألت نفسك لماذا أكرهك، وأنت عضو في؟
لماذا أكرهك، وأنت وسيلة اتصال بيني وبين الآخرين؟
لماذا أكرهك وأنت الوحيد الذي تترجم ما يدور في داخلي؟
إن أسباب الكراهية كثيرة ومتعددة، وإني لذاكر لك ما كان منك.
أنت سبب هلاكي.. أنت سبب دماري وتعذيبي.. أنت سبب في استحقاقي دخول النار،
نعم أيها اللسان
النميمة… وهي إحدى مصائبك التي رميتني بها، وأوقعتني بسببها في شراك المعصية، هل تذكر يوم كذا، وكذا، وكذا،
يوم سعيت بين الناس بالنميمة فخرجت عليهم، وتحولت حياتهم السعيدة بسببك إلى نار جهنم، أظنك تذكر ذلك،
كم بيت أدخلت عليه الهم والحزن، وكم من صديق فرقت بينه وبين صديقه بنميمتك التي كنت تسعى بها، تتظاهر بالخوف على مصالحهم،
وأنت أشد حرصًا على تمزيقها إلى أشلاء، لا يمكن جمع شتاتها.
الغيبة… وهي الأخرى من جراء البلوى التي عمت بك أيها اللسان، فأنت تأكل لحم الناس، أتدري كيف تأكل لحومهم؟
عند غيبتك للناس فإنك تأكل لحومهم، ويا له من لحم مر {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12]
النهش في الأعراض… والتغامز والتلامز على الناس من ورائهم، وهم يحسبونك لسانًا عفًا حصانًا لا تتكلم إلا بالحق.
يا لساني… إنك نسيت قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من يضمن لي ما بين فكيه أضمن له الجنة»،
فضمان الجنة مرهون بك أيها اللسان.
ونسيت قوله صلى الله عليه وسلم: «وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصاد ألسنتهم»
فانظر إلى ذلك واعتبر، إن جرائمك كثيرة أكثر من أن تحصى عند البشر، ولكن… تذكر قوله تعالى:
{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]
يا لساني… تذكر غضب الرسول صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما ذكرت أم المؤمنين صفية،
وقالت له صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا
تعني أنها قصيرة- فغضب صلى الله عليه وسلم وقال لها رضي الله عنها:
«لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته». أي غيرت طعمه ولونه.
وانظر يا لساني إلى الكلمة التي قالتها أم المؤمنين عائشة، إنها لا تعد شيئًا في معجمك الواسع المليء،
الذي لا يخلو من الألفاظ التي أنت أعلم بها مني.
الكذب… وآفة الكذب عندك أصبحت ساترًا للقناع المزيف الذي ترتديه، أنت تكذب في كل شيء،
كل أقوالك لا أشعر فيها بالصدق، وإنما تنتشر منها رائحة الكذب، حتى إنني لا أستطيع أن أتحمل تلك الرائحة،
فأنت تكذب في البيت وخارج البيت، تكذب على الناس، بل وصل بك الأمر أنك تكذب حتى نفسك عندما تثني على نفسك خيراً، وتعدد بطولاتك وأمجادك المزيفة.
ولا أريد أن أحدثك عن شهادة الزور، والحلف الكذب وغيرها من الأمور التي أوقعتني،
وأوقعت نفسك بها، وتابعت الشيطان وكنت له قرينًا {وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاء قِرِيناً
يا لساني … إيَّاكِ أن تلعنَ أو تَسُب ، فالمؤمن ليس بلعَّان كما أخبر بذلك النبىُّ صلى اللهعليه و سلم فى قوله ((ليس المؤمن بالطَّعَّان ،
و لااللعَّان ، و لا الفاحِش ، و لا البذىء )) فلا تلعن إنساناً مهما كان عاصياً ،
و لا تلعن حيواناً ولا طيراً و لا غيره .
و لا تَسُبّ ميتاً ، فقد نهاك نبيك صلى الله عليه و سلم عن سَبِّ الأموات فقال
((لا تَسُبُّوا الأموات ، فإنهم قد أفضوا إلى ما قَدَّموا )) رواه البخاري.
يا لساني … لا تدعوا على أحدٍ مهما بلغ من المعاصي و الذنوب ، بل ادعُ له بالهِداية .
يا لساني… احفظ نفسك ، و لا تنطق إلا خيراً ، فإنْ لم تجد ما تنطق به فالصمتُ أولى و أحسن فى حقك ،
و قد قال نبينا صلى الله عليه و سلم ( مَن كان يُؤمنُ بالله و اليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمُت ).
و كان يقول: (يالسان ، قُل خيراً تغنم ، و اسكت عن شَرٍّ تسلم ، مِن قبل أن تندم) .
يا لساني… إني أخشى عليك النار ، وأخافُ من غضب الجَبَّار ، و أريدُ لك النعيم ،
و أخشى عليك العذابَ الأليم.
إيَّاك أنْ تتأثر بِمَن حَولك .. !
إيَّاكَ أنْ تتأثر بالمُغتابين و النَّمَّامين .. !
إيَّاكَ أنْ تتأثر بِمَن ينشرون الشائعات ، و لا يُراعون الحُرُمات .. !
إيَّاكَ أنْ تتأثر بالأَفَّاكين .. !
أو تنضم لفِئة الكَذَّابين .. !
يا لساني … احفظ نفسك و احفظنى … و لا تُهمِل رِسالتى فتُهلكنى .
يا لساني … إِنِّي أُريدك أنْ تُصبحَ قائداً لييقودني إلى الخير ، و يأخذ بيدى للجنة ،
و يسعى جاهداً فى صلاحي.
وها هي الفرصة الأخيرة أعرضها عليك، فبادر إلى أخذها وفهمها حتى تنجو،
وأنجو معك يا لساني العزيز كن في معية الله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول يقول الله عز وجل:
«أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني».
ألف حسنة كل يوم: عن سعد رضي الله عنه قال:
“كنا جلوسًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
«أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟!» فسأله سائل من جلسائه: يا نبي الله!
كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: «يسبح مائة تسبيحة، فيكتب له ألف حسنة،
أو يحط عنه ألف خطيئة».
تكفير الذنوب: عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما على الأرض رجل يقول: لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمدلله ولا حول ولا قوة إلا بالله،
إلا كفرت عنه ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر».
الابتعاد عن مجالس الحسرة: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«ما جلس قوم مجلسًا فتفرقوا على غير ذكر الله عز وجل، إلا تفرقوا عن مثل جيفة حمار،
وكان ذلك المجلس عليهم حسرة يوم القيامة».
المداومة على قراءة القرآن: فقراءة القرآن من أعظم الذكر، لأن القرآن كلام رب العالمين،
والمداومة على تلاوته تلين القلب، قال صلى الله عليه وسلم:
«إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب»
|