"عزيزتي لا اظن..." توقفت عن الكلام عندما دخلت ميلاني التي سلمت على ميغان وجلست بقربها: "قالوا في الكنيسة انهمراوك تستقلين سيارة رولز رويس في القرية. هل هذا صحيح؟"
"اجل اوصلني استاذ في المختبر كان ذاهبا الى اوكسفورد, فاقلني في طريقه."
"هل هو لطيف؟ شاب؟ وسيم؟"
"حسنا لا اظن انه سيعجبك, ليس شابا ولست ادري... اظن انه في الاربعين. اجل انه وسيم ومتحفظ."
قالت والدتها: "عيناه زرقاوان وعنده لكنة خفيفة لانه هولندي, كما انه اضخم رجل رايته في حياتي."
ضحكت الفتاتان وقالت ميغان: "امي لم اعرف انك شديدة الملاحظة هكذا."
"يبدو مثيرا للاهتمام. خسارة ان اوسكار لم يات معك."
"لا امل في ذلك لوقت طويل, سيفعل ما بوسعه من اجل ان ياخذ اجازة حتى ولو ليوم واحد. وذلك يتوقف على حالة الاجنحة. لقد استمتعت بعطلة نهاية الاسبوع, أليس كذلك؟"
"تماما, اصطحبته الى تلك الحدائق قرب وينغ, الدفلى كانت خلابة, وقد تناولنا الغداء في المقهى هناك." اشرق وجه ميلاني الجميل وهي تسرد تفاصيل النزهة.
منتديات ليلاس
"انت تنسجمين مع اوسكار فهو يعجبك, أليس كذلك؟"
"اه اجل ميغ انت لا تمانعين؟"
"امانع؟ لا طبعا. كنت سامانع كثيرا لو انكما لم تتفقا منذ اللحظة الاولى, فاوسكار يحظى بالقليل من الوقت ليستمتع بنفسه بعيدا عن العمل."
قالت السيدة رودنر: "بما انه لديك شقة الان فسيجد مكانا للذهاب اليه لمدة ساعة." بدت السيدةرودنر مرتاحة, الا انها لم تكن تشعر بذلك الارتياح قط, فقد نظرت بقلق الى ابنتيها الجاهلتين تماما بما يجري لهما, ولكن لا مجال لاخبارهما, سيكتشفان الامر بنفسيهما, ولكنهما ستتاذيان كثيرا بسبب تعلقهما الشديد ببعضهما البعض."
وقفت السيدة رودنر وقالت: "ساحضر فطيرة الفطر, هلا قطفت لي احداكما بعضا منه. فهناك الكثير في الحديقة. سيستمتع ميريدث بالذهاب معكما ايضا.
جاهلتان بما يجول بخاطرها, خرجت الفتاتان من المطبخ يتبعهما القط ميريدث, قطفتا الفطر وجلستا على عجلة عربة يد قديمة لتاكلا بعضا من الفجل الذي كانتا قطفتاه ايضا.
قالت ميلاني: "لقد اخرجوا الاحصنة من مزرعة كوب ويوجد فطر في الحقل السفلي, وقد قال السيد كوب ان باستطاعتي ان اقطف ما اريد."
"لا يوجد الكثير منه في هذا الوقت من السنة. ولكن يمكننا الذهاب لالقاء نظرة غدا قبل الافطار. هل سنذهب غدا الى الكنيسة في الصباح؟"
"اه اجل, جعلت اوسكار يذهب." ضحكت ميلاني واضافت: "قال انه لم يذهب الى الكنيسة منذ وقت طويل ولكنه ذهب ليرضيني."
"هذا حسن, الافضل ان ناخذ الفطر الى امي والا لن نحظى بفطيرة على الغداء."
لم تضيع ميغان لحظة من عطلتها. كان الطقس ربيعيا ودافئا وقد امضته في التجول في الحديقة, تشذب وتزرع وتاكل وجبات امها اللذيذة. كان لديها وقت للتفكير ايضا فقد كان سهلا عليها التفكير بوضوح اكثر وهي بعيدة عن المستشفى. اصبحت الشكوك المبهمة التي كانت تقلقها غير مهمة, كما ان التغيير الكبير الذي طرا على تصرفات اوسكار تجهها ليس الا اختلاقا من مخيلتها وهكذا حددت مشاعرها مساء الاحد, فاقنعت نفسها انها تخيلت اشياء لا اساس لها من الصحة بسبب الارهاق. اكدت لميريدث بارتياح: "هذا هراء." وهكذا تناست ان اوسكار لم يتصل بها طوال العطلة. صحيح انه ليس هناك سبب يدعوه لذلك ولكنه عودها على الاتصال بها عندما كانت تاتي لبيتها بمفردها.
جهزت ميغان نفسها ووضعت سلة ميريدث في الساعة السادسة, لعلمها ان الاستاذ كان يحب الدقة في المواعيد. كانوا جميعا في غرفة الاستقبال عندما سمعوا بوق السيارة. وقفت السيدة رودنر وقالت: "ساذهب." خرجت من الغرفة لتعود بعد قليل برفقة الاستاذ, من يراه الان يعتقد انه رجل لطيف ومتواضع لا يتفوه الا بألطف الكلمات وارقها, صافح والدها وحياها, ثم سلم على ميلاني بلطف مبتسما برقة, فردت له الابتسامة: "سمعت عنك الكثير من ميغان, لا بد انك فرحة لوجودها في البيت حتى ولو لوقت قصير, خاصة وان الطقس كان رائعا."
منتديات ليلاس
اندهشت ميغان لان اختها الخجولة جاوبته بانطلاق: "اتمنى لو تقيم في البت دائما. ذهبنا لقطف الفطر قبل الافطار."
"الصباح اجمل فترات اليوم, نتمنى ان يكون الطقس جميلا عندماا تاتي ميغان ثانية."
بعد خمس دقائق من التحدث مع والدها ووالدتها سالها اذا كانت جاهزة. حمل سلة ميريدث واتجها الى السيارة. فتح لها باب السيارة ممعنا النظر اليها الا انه لم يكلمها. فكرت ميغان التي لم تلحظ نظرته انه لم يكن هناك داع لارتداء ثوبها الجديد ثانية, شعرت بالذنب لاهتمامها بافكار الاستاذ وهي الفتاة المخطوبة, فاحمرت خجلالدرجة ان رفيقها نظر اليها بااعجاب قبل ان يدير السيارة ويلوح لاهلها مودعا. لوحت ميغان ايضا وفي نفسها مشاعر مختلفة. اسفها لترك البيت ثانية, ومستمتعة برفقة الاستاذ وتوق مفاجئ لرؤية اوسكار.
دخلت ميلاني المنزل وبقي السيد والسيدة رودنر في الحديقة, قالت السيدة رودنر برضى شديد: "انه يحبها."
"صحيح؟ وهل اخبرك بذلك؟"
"طبعا لا لن يخبر احدا, خاصة ميغ, قبل ان يصبح جاهزا."
"وكيف تعرفين ذلك عزيزتي؟"
"حتى انه لم ينظر اليها عندما دخل, اوما براسه فقط, ولكن ألم تلاحظ كيف حدق فيها عندما استقلت السيارة؟"
"في الحقيقة يا عزيزتي لا لم الاحظ ذلك. ولنفترض ان ذلك صحيح, فماذا عن اوسكار؟"
"اغرم بميلاني من النظرة الاولى, وهي ايضا. ميغ لا تعرف ذلك بعد, ولكنها تشعر ان هناك شيئا ليس على ما يرام, لقد اخبرتك..."
"اجل عزيزتي, وقد اقترحت ان تصبري."
"حسنا انني صابرة, ولكنني لا اريد ان تتاذى ميغ. لا اظن انها مغرمة باوسكار بعمق, ولكن مهما يكن الامر ستشعر بالمهانة."
قال السيد رودنر فيما كانا يدخلان البيت: "ميلاني ايضا ستشعر بالاسى, لنشرب فنجان قهوة وننسى هذا الامر. على كل حال انه مجرد افتراض."
"اعجبك الاستاذ...؟"
"اجل."
لم يتكلم الاستاذ كثيرا في طريق العودة الى لندن فبحثت ميغان في فكرها عن موضوع تتحدث فيه, ولكنها التزمت الصمت شاكرة ربها لان الاستاذ بدا مرتاحا ولا يحتاج لحديث, لم يتفوه بكلمة حتى اقتربا من الشقةحين قال: "ألديك كل ما تحتاجين؟ أتسمحين لي بالدخول للتاكد من ان كل شيء على ما يرام؟"
"شكراولكن لا داعي..."
ساعدها على الخروج من السيارة وجلب سلة القطوحقيبتها, ثم اخذ منها مفتاح الشقة وفتح الباب واضاء الغرفة. بدا المكان باردا ومعتما فاشعل المدفاة واقفل الباب خلفها, ثم اخرج ميريدث من السلة وذهب ليتاكد من الباب الخلفي ونافذة المطبخ.
سالت ميغان متوقعة ان يرفض: "أتفضل القهوة ام الشاي؟"
"شاي من فضلك." خلعت ميغان السترة وبحثت عن الكعك الذي اعدته والدتها, ثم اعدت الفناجين والصحون, وسخنت ابريق الشاي. بدا المكان مريحا الان بمصابيحه التي اضفت نورا لطيفا, والمدفاة القديمة الطرازالتي اعطت حرارة مريحة: "ارجوك اجلس, امي تعطيني دائما كعكا عند عودتي, اتريد بعضا منه؟"
بعد ان شربا الشاي واكلا الكعك وقف الاستاذ استعدادا للذهاب, لم يتحدثا عن شيء مهم ولكنه قال الان: "اختك فتاة جميلة جدا ولكنها خجولة, أليس كذلك؟"
"اجل لاحظت ذلك, لا ليست خجولة مع الجمسع, لقد اعجبتها."
ابتسم قائلا: "بخلاف الممرضات في الريجينت هي لا تخافني."
"اه هذه اسطورة سخيفة عنك, انت دائما موجود في الطابق العلوي, ثم انت ضخم جدا, لذلك يرتبكن قليلا عندما تنزل الى الاجنحة."
"لانني ضخم؟"
"جزئيا, ولكن لانك تبدو ايضا هادئا حتى عندما تكون منزعجا من امر ما."
"يجب ان انتبه لتصرفاتي. ارجوك لا تشكريني على التوصيلة فانا الذي يجب ان اشكرك, فرفقتك كانت ممتعة, تصبحين على خير ميغان." وفوجئت عندما قبلها بلطف.
منتديات ليلاس
وقفت صامتة ترقب الباب المنغلق خلفه وتصغي لصوت السيارة المبتعدة بهدوء.
"اذن اذن." اخذت ميريدث ووضعته في حضنها. استمتعت بالقبلة فلا داعي لانكار ذلك, ولكن بما انها لم تفعل شيئا لتشجعه, اقنعت نفسها بانه ل داعي لتشعر بالخجل, الا انها شعرت بالخجل فعلا, لذلك رفعت سماعة الهاتف وطلبت رقم اوسكار بالمستشفى.
اجاب في الحال: "لقد عدت, هل استمتعت بعطلتك؟ هل الجميع بخير؟"
"الجميع بخير. هل كنت مشغولا؟ ألا يمكنك ان تاخذ عطلة هذا الاسبوع؟ حتى ولو لنصف يوم؟"
"لقد تدبرت يوم الاربعاء, ساذهب الى بيتي, ولكن ساحاول ان احصل على ساعة اة ساعتين في مساء ما. القسم مشغول جدا الان وهم يطلبونني."
"لن اشغلك, اعلمني عندما تصبح حرا وساحاول ان اعدل دوامي, تصبح على خير يا عزيزي."
اقفلت الخط وهي تفكر في الاحتمالات, اذا تمكنا من الخروج معا, وربما عشاء في الخارج؟ او تطهو العشاء لهما في الشقة؟ حضرت كل شيء للصباح, واستلقت في الظلام منزعجة من شيء ما, الا انها لا تدري ما هو.
قالت لميريدث: "انه ليس بالشيء الكثير, والا كنت عرفت اليس كذلك؟"
كان الجناح هادئا نسبيا عندما ذهبت في الصباح. ثلاث حالات بحاجة الى عملية, ولكن في المقابل سُرّح عدد كبير من المرضى.
راجعت التقارير مع جيني ثم قامت بجولتها الصباحي, وعادت الى مكتبها لتتفحص بعض الاوراق. اعطت نفسها فرصة بعد الظهر, حتى تتمكن جيني من العمل مساء قبل عطلتها. وبما ان حالات الجراحة قد دخلت غرفة العمليات, عادت في الساعة الواحدة الى شقتها بعد تناول الغداء في الكافيتريا.
قالت لصديقتها التي سالتها انها امضت عطلة رائعة, ولكنها لم تخبرها ان الاستاذ اوصلها, اذ يمكنها ان تتخيل كيف سيثرثر الاصدقاء ويتضخم الخبر في المستشفى, فينكسر قلب اوسكار.
نظفت الشقة جيدا وذهبت لتتسوق, تقع المتاجر التي تبيع كل شيء تقريبافي اخر الشارع. تسوقت وعادت الى البيت لتعد كوب شاي وتطعم ميريدث, ثم تعد كل شيء للعشاء عندما تعود في المساء.
كان الجناح لا يال هادئا, كتبت تقريرها وتفحصت حالات العمليات ثم وزعت الدواء واعطت التقرير لاحدى الممرضات المناوبات ليلا, قبل ان تذهب الى الشقة. كان يوما لطيفا. ترى هل كان يوم الاستاذ لطيفا ايضا؟ ولكن لا يوافق هو بالطبع على هذه الكلمة.
********
لحسن الحظ بدات المناوبة بهدوء. فجيني لن تعود قبل اليوم التالي. عادت ميغان في المساءراضية من ان كل شيء جرى كما كان متوقعا, طهت العشاء ونظفت مريديث ثم جلست تقرا حين رن جرس الهاتف.
قالت ميلاني: "ميغ هذا انا, خمني من اتى اليوم. لا لن تخمني, اوسكار قال انه كان ينوي الذهاب الى بيته لكنه قرر في اللحظة الاخيرة ان يمضي يومه في الريف, فاتي الى هن, امضينا يوما رائعا."
منتديات ليلاس
قالت ميغان بصعوبة: "ميلي كم هذا جميل... هل تمشيتما؟"
"اجل اميالا واميالا. رحل منذ ساعة تقريبا, هل اخبرك انه قادم؟"
"لا يا حبيبتي, ولكنني كنت منذ الثامنة صباحا اعمل. لذلك لم يكن هناك من مجال. اعرف انه لم يكن متحمسا للذهاب الى بيته. اكيد سيتصل بي حالما يصل."
"قال انه سيصطحبني يوما لارى شقتك, ميغ هل استطيع زيارتك؟ احب ان اراها عندما تكونين حرة."
"طبعا يمكنك ان تاتي, ساحدد لك اياما لتختاري منها, هل تريدين النوم؟ يمكنني تدبير مكان لك..."
"قال اوسكار انه سيعيدني." عندما لم تجب ميغان قالت: "ميغ ما زلت على الخط؟ لا بد انك متعبة. تصبحين على خير حبيبتي."
وضعت ميغان سماعة الهاتف وقالت لميريدث: "كم هو سخيف حين لا الاحظ ذلك. انهما مناسبان لبعضهما البعض. أليس كذلك؟"
سالت دمعة على خدها فمسحتها بغضب: "ربما احبني قليلا ولكن لا اعتقد انه كان مغرما. كم كنت سخيفة." سالت دمعة ثانية الا انها لم تمسحها بل حملت ميريدث وبكت فوقه.
نهاية الفصل الثالث
قراءة ممتعة للجميع