الفصل السادس
استيقظ ميريدث واصغى لميغان بينما كانت تشرح له انه قد ينتقل افي وقت قصير الى بيت جديد: "انهامر مؤقت وعندما جد عملا اخر وتعود الي. ساشتاق اليك."
حضنته بينما حاول التملص, ولكنه تسلل الى السرير عندما استلقت ونام بقربها.
لم تعرف كيف ستبعث برسالة الى الاستاذ,يمكنها ان تترك ملاحظة مع البواو, ولكن ذلك لن يبدو لائقا. كانت منناحية اخرى مشغولة جدا كي تذهب الى المختبر وتخبره شخصيا, على كل حال السيد برايت حل لمشكلو, اذ طلب خلال جولته على الجناح نتائج تحليل لاحد المرضى من المختبر:"ميغان اتصلي بالاستاذ بان بلفيلد وتاكدي اذا كانت النتائج جاههزة."
بدا صوت الاستاذ باردا من خلال سماعة الهاتف وهو يقول: "الاستاذ بلفيلد,نعم؟" ابلغته رسالة السيد برايت فقال لها ان التقارير سترسل في الحال:"قولي للسيد برايت انها غير كاملة, ساقابله بشان ذلك لاحقا."
قالت بسرعة: "شكرا سيدي."
"هل ستقبلين الوظيفة في الميتم؟"
"في الحقيقة, انا مشغولة والسيد برايت ينتظر..."
"لن يلزمك اكثر من ثانية لتقولي نعم اولا."
اجابت غاضبة بنعم, ولكنها تمنت بعد هنيهة لو انها لم تقل ذلك, لم يكن عدلا منه ان يستعجلها هكذا...قال قبل انيقفل الخط:"اراك هذا المساء."
عادت الى الجناح حيث كان السيد برايت ينتظر.كان لونها متغيرا وعيناها لامعتان فسالها: "هل ضايقك احد؟ ألم تجهز التقارير بعد؟"
"لقد بعثوا بها سيدي, ولم يضايقني احد شكرا."
"قليل من الغضب يزيد من جمالك ميغان." احمرت وجنتاها عندما قال ذلك.
بعد انتهاء جولة السيد برايت عادت ميغان الى مكتبها.كان ذلك قبل عشر دقائق من وصول عربات العشاء,اذ انه لم يمنحها وقتا كافيا لتنظم لائحة عطل الاسبوعين المقبلين. امسكت القلم ثموضعته ثانية. فقد تذكرت ان الاستاذ سياتي الى شقتها هذا المساء وعليها ان تقدم له قهوة على الاقل. اما بالنسبة للعشاء فقد قررت ان تحضر سلطة بالاضافة الى بعض اللحم الموجود في الثلاجة. انها وجبة خفيفة تستطيع ان تطبخها بسرعة بعد رحيله,فهي لا تعلم في اي ساعة سياتي. لم تكن قد فعلت شيئا بلائحة العطل عندما اتت جيني لتعلمها ان عشاء المرضى قد اصبح جاهزا.
كانت جيني في اجازة ظهر ذلك اليوم فسالت ميغان: "هل انت خارجة يا جيني؟" عندما ردت بالايجاب سالت ميغان: "هل تشتري لي بسكويتا فلم يعدلدي شيء منه,والمتجر يكون دائما مزدحما في الوقت الذي اذهب اليه. لا اريد شيئا معينا."
"هل تريدين نوعا للضيافة؟"
كانت ميغان ترتدي معطفها امام المرآة حين قالت: "على الاقل مع نوع كهذا من البسكويت اتجنب الاحراج لانه احيانا ياتي زوار لتناول القهوة ولا يكون عندي شيء حينها لاقدمه لهم." ذهبت الى الجناح لتقدم العشاء الى المرضى, ثم تناولت وجبتها وهي تتحدث عن احدث الموضات بكثير من الانطلاق, مما جعل زملاءها يعتقدون انها تعافت من ازمتها مع اوسكار.
قال احدهم بعد ان عادت ميغان الى جناحها: "تبدو ميغان وكانها متحمسة لشيء ما."
من ناحية اخرى, لم ترد ميغان ان تتحمس على الاطلاق, فهي دُفعت للقبول بوظيفة لم تكن تريدها في الاصل. اذا كان عليها ان تترك وظيفتها فسيتحتم عليها الحصول على وظيفة اخرى, تكون موازية لوظيفتها الحالية او احسن منها. هذا ما ستقوله للاستاذ عندما ياتي هذا المساء. كانت مشغولة جدا بعد الظهر لتفكر بخطابات ملائمة ولكنها استعدت لبعض الاعتذارات اللطيفة وهي في طريق عودتها الى الشقة بعد انتهاء الدوام. وعندما وصلت الى البيت تدربت عليها بصوت مسموع فيما كانت تعد الشاي. ستكون هادئة ومهذبة وتشكره على اهتمامه ثم ستقدم له فنجان قهوة وبسكويتا. بعد ان نسقت افكارها بشكلجيد احضرت فنجانين وابريقا من الحليب ووضعت بعض البسكويت في صحن. ثم تناولت قطعتين منه مع الشاي, فموعد العشاء ما زال بعيدا.
سرحت ميغان شعرها وجمّلت وجهها الا انه لم يظهر, لذلك بدات بغسل بعض الثياب في الحوض, لو انه غادر المستشفى في وقته المعتاد لكان وصل الان. ربما ذهب الى بيته اولا ليتناول وجبة شهية. مجرد التفكير بذلك جعلها تشعر بالجوع فاكلت بسكويتة اخرى. كانت يداها مبللتين بالصابون والماء عندما قُرع الباب, فاخذت منشفة وذهبت لتفتح الباب وهي تجفف يديها.
فتحت له الباب ثم حيته قائلة:"هل ستكون السيارة بامان؟" تنحى جانبا كي ترى اربعة صبية يجلسون داخلها.
منتديات ليلاس
"انها في اياد امينة, ألم تكوني تتوقعين قدومي؟"
شعرت بقليل من الحرج فقالت:"بالطبع ولكنك لم تقل متى ستاتي, ولدي بعض المهام المنزلية التي يجب ان اقوم بها.في اية حال لقد تاخرت."
لم يقل شيئا ولكن لمعت عيناه عندما حملت ميريدث: "ارجوك اجلس أتريد فنجان قهوة؟"
"طبعا." اخذ منها القط ووضعه على ركبتيه قائلا: "كم اصبح رائعا هذا القط."
وضعت الحليب والقهوة بسرعة فيما كانت تفكر اذا كان عليها ان تتكلم الاناو تنتظر حتى يُنهي القهوة, قد يكون متفهما اكثر بعد ان ييتناول القهوة, لذلك قررت انتنتظر فقدمت القهوة والبسكويت.
"اه هذا نوعي المفضل من البسكويت." تناول كل البسكويت الموجود في الصحن.
سكبت مزيدا من القهوة ووضعت باقي البسكويتالذي عندها فيالصحن. حين تناول معظمه ايضا قفز قلبها من صدرها فسالت: "أتريد بعض السندويشات؟"
"لم يكن لدي وقت للغداء." بدا وكانه يتضور جوعا.
"لم اتناول العشاء بعد, يمكنك مشاركتي به الا اذا كنت ذاهبا الى البيت. اظن ان السيدة ثرامبل قد اعدت العشاء."
"علي ان اعود الى الريجنت قبل الذهاب الى البيت."
وقفت قائلة: "لا يوجد لدي سوى لحم بارد وسلطة ولكن بامكاني تحضير جبنة محمصة."
"تبدو شهية, هل احضر السلطة ام الجبنة؟"
نظرت الى الفرن قائلة: "هل تجيد الطهي؟"
"كانت والدتي تؤمن انه ينبغي على الصبيان ان يعتمدوا على انفسهم. لقد سلقت اول بيضة في عمر يانع تحت المراقبة طبعا."
ابتسمت قائلة: "اذا كنت تريد ان تساعدني فعلا فاهتم بتحميص الخبز والجبنة."
كان المطبخ ضيقا ليسعهما مع ميريدث. لكن الاستاذ لم يتحرك كثيرا. وعلى الرغم من ضخامة جسده اعد كل شيء بارتياح. اما هي فقد التصقت بالحوض فيما كانت تحضر السلطة. وبعد ان جهز كل شيء رتبت ميغان الطاولة. لم يكن لديها لحم كثير ولكنها تذكرت بارتياح انه لا يزال لديها كعك كانت قد اعدته في احدى الامسيات, وهو سيشبعه في حال ما زال جائعا. وبعد ان تناولا الجبنة والخبز المحمص كله انتقلا الى اللحمة والسلطة.
قالت ميغان: "انت تطهو جيدا, ماذا تستطيع ان تفعل ايضا؟"
"اعد الشاي, اسلق البيض واقلي اللحم المقدد."
نسيت ميغان سبب مجيئه فتحدثا عن موضوع عادي فيما كانا يتناولان القهوة والكعك.
"ميغان انت طاهية ماهرة."
"شكرا, عندما يكون الانسان جائعا في الحقيقة فان اي شيء يبدو شهيا."
جلست ميغان وهي تضع مفقيها على الطاولة وذقنها بين يديها. شعرت بالرضى اذ ان الاستاذ كان رفيقا مسليا, ولم يكن متطلبا كما انه يتكلم بصوت هادئ ومريح, كانت رفقته ممتعة...
وفجاة وقفت وقالت: "اتيت لتستفهم عن موضوع الميتم, لقد قلت اني..."
"غيرت رايك في اللحظة التي وضعت سماعة الهاتف في مكانها,هذا طبيعي جدا."
قالت وهي مستاءة قليلا: "اذا عرفت ذلك لماذا ازعجت نفسك واتيت؟"
"لانك تصرفت كما توقعت, واظن انك لو كنت صادقة مع نفسك لاعترفت بضرورة ابتعادك لفترة."
وعندما بقيت صامتة اضاف: "القرار لك اعتقد ان كل التسهيلات ستؤمن لك نظرا للظروف . هل لديك جوازسفر؟اجل؟ هل اخبرت اوسكار بنيتك؟ اقترح ان تفعلي ذلك وتراقبي ردة فعله. فاذا كان مرتاحا ستدركين انك اتخذت قرارا حكيما."
ثم وقف وقال: "يجب ان اعود الى الريجينت. هل ستذهبين في عطلة نهاية الاسبوع الى بيتك؟ ساقلك واعود مساء الاحد لاحضارك, لا تقلقي يا عزيزتي ستُحل الامور دون تدخلنا. شكرا للعشاء. يجب ان نكرره."
لم تقل شيئا فهو لم يمنحها فرصة لذذلك. ولكنها قالت بعد قليل: "ساذهب بنفسي في علطة نهاية الاسبوع, لكن شكرا على العرض."
"ساكون هنا صباح السبت في الثامنة والنصف. تذكري انك ستخبرين اوسكار." قال فيما تودعه على الباب.
بدات بالقول: "لم اقرر..."
ولم تكمل كلامها حين تقدم منها وعنقها.وقفت تراقبه وهو يتكلم مع الصبية ويمنحهم قبل ان يغادر بعضا من النقود.
قالت لميريدث بعد ان دخلت: "لم اقابل في حياتي رجلا يزعجني على هذا النحو قط. ولكن لا استطيع ان انكر انه يعانق جيدا." ثم قالت بتوتر: "لا لن اخدع."
منتديات ليلاس
عندما قابلت في اليوم التالي وهي في طريق عودتها من العشاء, اخبرته عن الميتم فكان حماسه للفكرة, في الواقع محبطا للعزيمة.
"ما الذي يمنعك؟ انت لا تريدين ان تمضي حياتك... ميغان انت تعرفين انني احبك, فاذا افترقنا نهائيا لا يعني ذلك انني لا اهتم بك كاخ. فمن يدري قد تصادفين اشخاصا مثيرين وتجدين اصدقاء. حتى انك قد تتزوجين." قال بحماس.
انزعجت ميغان من كلامه, فقد جعلها تبدو وكانها عانس تبحث عن زوج في متوسط العمر.
قالت بصوت بارد: "قد افعل ذلك."
عادت ميغان الى الجناح وهي تشعر بالاحباط, يبدو ان الجميع يريدون ابعادها, ستذهب الى البيت لتستشير امها واباها اللذينسيقولان لها على الارجح انها عاقلة وكبيرة كفاية لتتخذ قرارها بنفسها. هذا صحيح تماما. اذا كان الاستاذ يعتقد ان بامكانه اقناعها وهما في طريقهما الى البيت فهو مخطئ. امضت المناوبة بمزاج سيء ثم اوت باكرا الى الفراش. ومن الغريب انها نامت طوال الليل.
لم يحاول الاستاذ اقناعها فقد مر بها صباح السبت ووضع ميريدث في المقعد الخلفي وانطلق. ارتدت ميغان بدلة من الجيرسي قطنية من قطعتين وبلوزة صفراء ذهبية مع تنورة طويلة صفراء موشاة بالبني. وبما ان الطقس كان متقلبا ارتدت معطفا بنيا, نظر اليها الاستاذ باعجاب عندماا فتحت له الباب ولكنه لم يعلق. لاحظت ميغان نظرته فشعرت بكثير من الارتياح.
لم يتكلما كثيرا مما اعطاها وقتا للتفكير وهي تراقب يديه الكبيرتين المحكمتين على المقود.
لم تعد تذكر متى بدا يعجبها, صحيح انه لم يفعل شيئا ليشجع ذلك, ولكنه كان لطيفا مستعدا لمساعدتها عند الحاجة, وهو يتوقع طبعا ان ينفذ الناس ما يطلبه منهم, الا انه بخلاف بعض الرجال الذين تعرفهم لا يفقد اعصابه ابدا. لا بد انه عصبي ولكنه يسيطر على نفسه بارادة فولاذية, مما يفسر تصرفاته الباردة وكلماته اللاذعة عندما يكون غاضبا. لم ينظر اليها عندما سال: "بماذا تفكرين يا ميغان؟"
قالت بسرعة: "لا شيء, لا شيء ابدا."
كان ممتعا ان تعود الى البيت وتمنت لو ان الاستاذ يمضي اليوم معهم, ولكنه بعد مضي نصف ساعة يتحدث مع والديها وهو يحتسي القهوة قال ان لديه في عطلة الاسبوع مواعيد, لذا عليه ان يعود الى لندن حالا, وبعد ان رفض بكثير من اللباقة دعوة السيدة رودنر الى العشاء قال لكيغان قبل ان يغادر: "ساكون هنا في الثامنة والنصف من مساء الاحد."
بعد ذلك صافحها وصافح السيدة رودنر وغادر.
قالت السيدة رودنر بعد ان ذهب: "يا له من رجل لطيف." ولم تكن متاكدة اذا كانت كلمة لطيف مناسبة لوصفه.
اخبرت والديها حتى ذلك المساء عن الميتم, استمعا اليها من دون مقاطعة وعندما انتهت سالها والدها: "عزيزتي أتريدين نصيحتنا ام انك قررت؟"
"قلت انني ساذهب, ثم اصبحت غير متاكدة من ذلك. لكن يبدو ان الاستاذ يظن انني ذاهبة. فهو يعتقد انها فكرة جيدة. واذا ذهبت فلن يطول غيابي الا بضعة اشهر او اقل.ماذا افعل حينها؟"
"حسنا يا عزيزتي اعتقد انها فكرة جيدة ان تتركي الريجنت, لا شك ان هناك عددا من المستشفيات تستطيعين ان تحصلي فيها على مركز مماثل. لن يضرك ان تبقي هنا اسبوعا او اسبوعين حتى تقرري الى اين تريدين ان تذهبي." كان صوت امها مريحا ومطمئنا: "هل تريدين ن تكلمي ميلاني في الموضوع؟ انها عند آل هويلز. سوزان هويلز ستكون احدى اشبيناتها."
قالت ميغان بصوت هادئ وضعيف: "طبعا لا, فهي مستاءة كفاية أليس كذلك؟ ساقوم بكل الاجراءات واخبرها عند جهوز كل شيء." سرحت قليلا واضافت: "اخبرت اوسكار, انه ... يعتقد انها فكرة رائعة." نظرت الى والدها قائلة: "اذاً تعتقد انه يجب ان اذهب؟"
"قولي لي ميغ, لماذا غيرت رايك بعد ان وافقت على الذهاب الى هولندة؟"
"اظن انني كنت مستاءة لان الاستاذ فان بلفيلد كان متاكدا بانني ساقول نعم..."
ابتسم والدها وقال: "ردة فعل طبيعية جدا, ولكن ربما ندمت عليها؟"
وافقت قائلة: "عندما ياتي غدا ساخبره انني ساذهب..."
سالت والدتها: "ميغ متى سيكون ذلك؟ وماذا بشان الملابس؟"
منتديات ليلاس
"يقع الميتم على الساحل في مكان صغير قرب مدينة تدعى كاستريكوم. لذا لن احتاج الى الكثير من الملابس."
"ترى هل ستلبسين لباسا رسميا؟ تقولين ان الاستاذ عضو في مجلس الادارة, فلا بد انه يعرف. هل يذهب غالبا الى هناك؟"
"لا اظن ان ليده الوقت لذلك. اعني ان اعضاء مجلس الادارة لا يتقابلون الا بين الحين والاخر قليلا أليس كذلك؟ قال مرة ان لديه اعمالا استشارية ولكن لا اعلم اين. ربما لديه بعض الاعمال الخاصة. انت تعرفين ان بعض الناس يدفعون لاجراء فحوص مختلفة."
اصرت امها قائلة: "دعينا في موضوع ملبسك." امضيا باقي السهرة في اختيار الملابس التي ستاخذها معها.
وصل الاستاذ مساء الاحد ومكث نصف ساعة اجاب فيها على اسئلة السيدة رودنر زهز يشرب فنجان قهوة. لم تكن ميغان موجودة فقبل نصف ساعة من وصوله اتصلت بها ميلاني وطلبت منها ان تعيدها الى البيت, لان سيارة اله ويلز تعطلت.ذهبت ميغان بسيارة والدها فهي لم تشاهد ميلاني خلال العطلة, ولكنها كانت متاكدة من انها ستعود قبل وصوله, الا ا نال هويلز اعاقوها عشر دقائق.
قالت ميغان وهما تدخلان البيت: "أنه هنا..." فاتجها الى غرفة الاستقبال.
وقف حين دخلا وحياهما, وبدا يتحدث مع ميلاني, لك يذكر الميتم فشعرت ميغان بالارتياح. ربما لم تسنح الفرصة لامها لتساله, وتاكدت من ذلك عندما قالت والدتها ان الااستاذ اعطاها وصفتين ضد ذباب الخضار.