كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
أنطوت الفتاة على نفسها وفي داخلها كل مشاعر الدنيا , فماذا عن حياتها في نزل بولزبون ,وهو الوحيد الذي عرفته حتى الآن , وماذا ستفعل مستقبلاًً بدون بيت ولا مهنة تجيدها ؟ فبعد حصولها على الشهادة الثانوية بقيت في النزل لتساعد أهلها , فالنزل لا يورد دخلاً كافياً يسمح بأستخدام العمال بأستثناء الزا الطباخة التي لا ينسى أحد أكلها الطيب , لكن الزا مسألة أخرى فهي تعمل لديهم منذ زمن طويل وأصبحت وكأنها جزء من العائلة.
لم تكن الأشياء سهلة أبداً لكن مورغانا الشابة القوية كانت تنظر دائماً الى مستقبلها بعزم وصلابة وثقة... الى أن جاء اليوم , لشهر خلا , حيث تهاوت أحلامها.
تبلع الفتاة ريقها بألم , فوالدها ظل يشكو لأسبوع تعباً مقلقاً وكأنه سوء هضم , ولم يشك أحد بما أصابه , كان يبدو أصغر من عمره أضافة الى ممارسته السباحة والغولف والتنس وكان يبدو في أحسن حال أو هكذا كان يظن الجميع , حتى وقع ذات صباح متأثراً بذبحة صدرية قلبية.
منتديات ليلاس
ثمانية أيام والأم تقنع زوجها أثناء زياراتها في المستشفى بأن الذبحة لم تعد في أيامنا خطرة .... لكن للأسف لم يكن ذلك وضع مارتن بينتريث الذي لم يستطع الأطباء أنقاذه.
يوم الدفن كان تجربة قاسية ومطمئنة في الوقت ذاته فمارتن لم يكن يوماً رجل أعمال ناجحاً , ولا صاحب فندق يعيش لطموحاته, لكن أهل القرية جميعهم كانوا يحبونه وأتوا يومها ليقدموا تعازيهم ويروحوا عن مورغانا التي كانت تطلب من الله أن يساعدها , لكن القدر كان بالمرصاد , فالمآسي كانت تنتظر أليزابيث بينتريث وأبنتها , يوم قراءة الوصية عند كاتب العدل السيد تريفيك الذي أستقبلهما بوجه صارم وصوت جاد على غير المعتاد أخذت مورغانا تسمع قراءة الوصية وكأنها في كابوس , فكلمات مثل( فقرة خاصة) أو ( وريث ذكر) كانت تهوي عليها كالصخور , وتهوي معها أحلام المستقبل , فجأة فتح الباب ليقطع على الفتاة حبل ذكرياتها الأليمة وتسمع صوت والدتها تقول متأثرة:
" شيء فظيع يا عزيزتي , فقد أتصلت منذ لحظة بماريك أطلب فحماً لمدفأة المياه الحارة لأن الآنسة ميكنز كانت تشكو من عدم وجود مياه ساخنة في غرفتها , وأذا بصوت يجاوبني بأننا أذا لم نرسل مبلغاً على الحساب فلن نحصل على الفحم , فهل تتخيلين؟".
" هذا ليس غريباً".
تنهدت الفتاة قائلة لوالدتها:
" فنحن لم نكن يوماً ما أغنياء واليوم لا نملك حتى النزل لكي...".
" آه , مورغانا ".
قاطعتها السيدة بنتريث :
" لا تقولي هذا الكلام ".
" هذه الحقيقة".
أجابت الفتاة :
" فالمالك الجديد يستطيع ترحيلنا ساعة يشاء , ألا تعرفين بنود الفقرة الخاصة؟ السيد تريفيك شرحها لنا مفصلاً".
" هذا ليس عدلاً , خاصة أننا في زمن يدين التفريق بين الجنسين ".
أبتسمت الفتاة بضعف ونظرت الى والدتها قائلة:
" هذه حجة مهمة , لكن طالما لا نملك ما ندفع به ثمن الفحم فكيف تريدين تمويل دعوى قضائية مكلفة مادياً؟".
نظرها كان يتجه في تلك اللحظات الى المكتب الذي تراكمت عليه الفواتير غير المدفوعة وبعض الوصولات بينها وصل نادي الغولف الذي كان والدها عضواً فيه , عندما كان والدها حياً كانت لامسؤوليته تجاه المسائل المادية تبدو مدهشة فقط أو مؤثرة , أما اليوم فهي تأخذ بعداً مأساوياً.
|