الفصل الثاني
"لنرقص"
لقد شعرت كلاريسا بنظراته عليها طوال بعد الظهر, وقد هنأت نفسها علي قدرتها أن تبقي متجهمة الوجه وتتجاهله, في تلك اللحظة لم تكن متجهمة الوجه, بل كانت سعيدة بقربه.منتديات ليلاس
كانت يده دافئة وهو يلمسها, وضغطه علي يدها حازمة, واذا كانت قد رغبت يوما بالتخلي عن وعد قطعته علي نفسها, فهو الآن.
تنفست بعمق, مقاومة لمسته وقوة ابتسامته وقالت" لقد تأخر الوقت"
همس في أذنها" الوقت ما زال باكرا"
أين هي مقاومتها الآن؟ وضع كايل يده علي خصرها وبطريقة ما وجدت يدها اليمني علي كتفه والأخرى كانت لا تزال في راحة يده
للحظة, الغرفة الخافتة الأضواء والموسيقي الحالمة, واليد العريضة علي خصرها ولمس كتفه تحت رؤوس أصابعها , بدا لها رومانسيا بشكل لا يصدق, وكادت أن تغمض عينها وهي تتنهد, لكن الوعد هو الوعد, وبدلا من أن تسمح لنفسها بأن يضمها اليه, أنزلت يدها عن كتفه واستدارت مبتعدة
قال بنعومة" ما الأمر؟"
بدون أن تنظر اليه قالت"لا شيء ,أنا فقط لا أرقص, هذا كل ما في الأمر" لم تنظر اليه مرة ثانية أو قدمت له أي توضيح, ببساطة خرجت من أقرب باب وأغلقته خلفها.
في المطبخ أغمضت كلاريسا عينيها علي آخر نغمات الأغنية, لماذا قالت له أنها لا ترقص؟ فهي تجيد الرقص, لكنها لم ترقص ولا حتي لمرة واحدة منذ أكثر من خمس سنوات.
أخذت معطفها وبسرعة نظرت الي المطبخ الصغير وتأكدت أن كل شيء مكانه
"يمكنك أن تأتي الآن, فأنا مغادر"
هو يعتقد أنني كنت أختبأ منه! يا لوقاحته, أجبرت كلاريسا نفسها علي أن تهدأ, وسمعت الباب الخارجي يغلق, قالت لنفسها أنه لا يهمها ما الذي يفكر فيه, وخرجت من المطبخ, أطفأت الأنوار المتبقية وأغلقت الباب وراءها وهي لا تزال غاضبة.
أصبح الهواء في الخارج أكثر برودة وطبقة رقيقة من الثلج التصق بأغصان الشجر التي تحيط بموقف السيارات, كانتا لثلوج تنهمر بغزارة, وهكذا أذاب غضبها من كايل, فالحماس ملأ صدرها وفي تلك اللحظة لا شيء يهم, انها ليلة العيد, وهي ذاهبة الي البيت.
كل شيء ارتدي حلة بيضاء وأكثر هدوء مما تستطيع أن تتذكر, وكأن الثلج الذي يلف المدينة امتص كل الأصوات, فلا وجود لوقع خطي, أو ازدحام سير, فقط الطبيعة والهدوء, ليلة العيد هي بحد ذاتها مبعث للفرح, لكن تساقط الثلج يجعلها أفضل بكثير.
رمشت كلاريسا لتبعد رقعة من الثلج سقطت علي رموشها, فتحت باب سيارتها وحاولت إدارة المحرك وهي تدمدم بأغنية, وعندما لم يصدر أي صوت عن المحرك توسلت اليه" أرجوك, تحرك" في المحاولة الثالثة أصدر صوتا مزعجا حتي الثلج لم يتمكن من امتصاصه وتوقف عن الحركة نهائيا.
الطرقة الخفيفة علي نافذتها أوقفتها عن المحاولة للمرة الرابعة,أشار كايل الي مقدمة السيارة وقال" اذا كنت لا تزالين تريدين الاختباء, فارفعي غطاء السيارة"
للحظة, شعرت بالمفاجأة, لكنها أحست بعد ذلك بالتوتر, أغلقت فمها بقوة وفتحت باب السيارة وخرجت لتسير الي حيث يقف كايل باحثا عن خطأ ما
"لم أكن أختبأ"
لم يزعج نفسه بالنظر اليها,قال" بالطبع كنت تفعلين, حاولي مرة ثانية"
لم تتحرك كلاريسا ولم تكن متأكدة ما الذي يتوقعه من المحاولة الثانية, فهي لم تكن مختبئة عنه ولا يهم ما الذي يفكر فيه, يمكنها أن تقف هنا وتجادله بذلك لكن لديها إحساس أنه لن يصدقها"تبا"
"كلمة غير متوقعة من سيدة عصرية, أحب ذلك في النساء"
لم تدرك أنها شتمت بصوت عال, وتساءلت ان كان يدرك ما الذي فعله بها, انه يثير قلقها ويجعلها شديدة التوتر, كان صوته هادئا ونظرته هادئة وكلاهما يحملان آثار ضحكة, وشيء من الشوق الذي يلفها بلطف كما تتساقط رقائق الثلج من السماء الداكنة.
"هل لديك أي فكرة عما بها سيارتي؟"
عندما تكلم كان صوته عميقا ومنخفضا, شكت أنه كان يفكر بالسيارة أصلا" تايلور هو الميكانيكي في العائلة, مع أنني تواعدت مع امرأة ميكانيكية لفترة ,لكنني أخشي أن أقول ان مهارتها بالمحركات لم تحل علي"
تمنت كلاريسا لو لم يقل هذه الكلمات فقد أشعرتها بأشياء لا تستطيع تحملها
لم يتوقع كايل أن تتركه كلاريسا بعد ما قاله عن تلك المرأة أو عن عدم خبرته بالمحركات ولكنه لم يتوقع أن تنظر اليه كما تفعل الآن, اقترب منها أكثر وهو يفكر أن بامكان الرجل أن يتجول في دفء عينيها وأن يضيع لأيام في النهاية.
همس" كما يبدو أنك ستتركين سيارتك هنا أثناء الليل"
همست لتجيبه" أعتقد ذلك"
"سأوصلك الي المنزل"
نظرت في الموقف حولهما قبل أن تجيبه "أعيش في كوكر تاون , ولا أريد أن أثقل عليك, ولكني سأقدر لك صنيعك لو أوصلتني الي أي محطة قريبة"
رآها ترتجف ففتح باب الشاحنة لها قبل أن يسرع الي جهة السائق, ما أن شعر بالهواء البارد يضرب به, تذكر رهان أخيه, قال له تايلور أن هناك نساء يائسات في الخارج, وهذه المرأة بالتحديد تائهة في ليلة العيد, والمشكلة أنها ليست بحاجة لمن ينقذها, انه راغب في نقلها, الي مكان ما, ويفضل أن يكون شقته, لكن هناك أمرا واحدا لم يسمح له بالاقتراح عليها بما يفكر به.
نزع قفازاه بأسنانه, ومد يده الي جيبه ليمسك بالمفاتيح ,أدار المحرك وسألها" هل سيأتي زوجك لاصطحابك؟"
"انها لمسافة كبيرة من تيمبوكتو "
"تيمبوكتو؟"
الضوء داخل السيارة لم يكن كافيا لتري وجهه, مع ذلك تخيلت كلاريسا كيف بدا بالتحديد, أمسك بيد قوية المقود واليد الأخري وضعها براحة علي حافة مقعده, كان يحني رأسه ناحيتها محدقا بها في الظلام, وتخيلت عينيه الزرقاوين كإشراق الصباح تراقبانها بفضول شديد