سؤاله جعلها تبتسم وهذا ما خفف التوتر عنها, مالت برأسها قليلا وكررت" رجل الثلج, ستيفاني لم تصنع يوما رجل ثلج, فاذا كنت ترغب بالقدوم غدا عند الصباح, يمكنك أن تصنع رجل الثلج معنا"
لم تعرف كلاريسا ما الذي تتوقع لكنها لم تتوقع ضحكته العالية ولا قبلته الناعمة أو الكلمات الناعمة التي قالها قرب أذنها"أحب أن أصنع رجل الثلج معك ولكن علي أن أكون في المحطة عند الصباح, هل تعتقدين أن بامكان ستيفاني الانتظار حتي بعد الظهر؟"
"أعتقد هذا"
"وماذا عنك, ريسا؟ هل تعتقدين أن بامكانك الانتظار؟"
"أعتقد أنني أستطيع تدبر ذلك"
لم يسمح للهجتها أن تغير صوته قال" جيد, لأن الأمر يستحق الانتظار, وأنا أضمن لك ذلك, أراك بعد ظهر الغد"
ومن دون أن يقول أي كلمة أخري , رفع ياقة معطفه وبثقة وكبرياء اختال بمشيته وخرج من المنزل.
*************
الشيء الوحيد الذي ظهر من ستيفاني خلال معطفها وقبعتها وشالها , كان أنفها, ذات الأنف الذي استمرت بضغطه علي النافذة معظم الصباح في انتظار قدوم كايل. راقبت ابنتها تجر نفسها عبر الثلج وبالكاد بامكان كلاريسا لومها, فلقد كانت متحمسة مثل ستيفاني لتراه ثانية.
إعجاب ابنتها الواضح ذكر كلاريسا كم من الصعب علي ستيفاني الاعتماد علي كايل, وهذا بدوره يذكرها كم ستشعر ابنتها بألم عميق عندما وفي نهاية الأمر .....سيرحل.
كانت كلاريسا في ذات العمر عندما رحل والدها من حياتها وحياة أمها, الهجر كلمة قاسية والأقسى منها هو الواقع. لقد احتاجت لوقت طويل جدا حتي تمكنت من أن تتخطي هجران والدها, واحتاج الأمر لعناء أكثر كي تتخطي هجران جوناثان.
"هل ستبقين واقفة هكذا تحلمين أو ستعملين علي مساعدتنا؟"
تبع سؤاله برمي كرة ثلج علي الأرض علي بعد عدة خطوات منها.
أجابت وهي تنظر اليه" أنت, كايل هاريس, لا تجيد الرمي"
"بل أجيده ريسا وبامكاني إثبات ذلك"
كان صوته منخفضا ودافئا فتساءلت كيف أن الثلج لا يذوب تحت قدميه, فهي تشعر وكأنها تذوب منذ ليلة البارحة وحتي الآن, فلا تزال تشعر بالحرارة رغم الطقس البارد.
صرخت ستيفاني" كايل, لقد انتهي الرأس"
أجاب" جيد, دعيني أدفع الجسم نحوك"
مررت كلاريسا يدها فوق الرأس للمرة الأخيرة وتوقفت عن تحريكه, قالت" لا أعلم كيف ستضع هذه الكرة علي رأس تلك"
أجاب كايل" حيث هناك إرادة, فلابد من وجود وسيلة"
"أعلم ذلك"
ضغطت ستيفاني بقفازيها واقترب كايل ليساعد كلاريسا بتحريك الطابة الكبيرة من الثلج, وبعد الكثير من الصراع والضحك, تمكنا من وضع القسم الثاني من رجل الثلج فوق الأول, قال" أرأيت! نناسب بعضنا حقا"
كان هناك شيء مميز في صوته, تحد, كان الرجل يثير قلقها تماما, كما يثير خيالها.
قالت ستيفاني" أريد أن أضع الرأس, كايل, هل تستطيع رفعي؟"
نظر كايل الي ساقي ستيفاني وكأنه يفكر بالقضبان المعدنية خلف القماش الأحمر
فكرت كلاريسا ان كان يبدو قلقا قرب ابنتها في وقت سابق وهو يبدو غير متأكد الآن, الا أنه سار نحو ستيفاني, وأظهر لها كيف تحمل الطابة الكبيرة من دون أن تحطمها, وبدون أي مجهود رفعها الي أعلي وبصرخة من الفرح , وضعت الفتاة الصغيرة الرأس علي منتصف الطابة الكبيرة من الثلج.
للحظة بدا كايل متفاجئا كم من السهل رفع تلك الفتاة, صفقت ستيفاني بيديها وبدون أي تحذير,و وضعت ذراعيها حول رقبته وضمته اليها.
سألته" ألست سعيدا أنها أثلجت, كايل"
"نعم, ستيف, سعيد جدا"
قالت" هل أحضرت المزلاجين معك؟"
"لا, صغيرتي, لقد نسيت"
"لا بأس , أنا سعيدة لأنك عدت"
انحني ووضعها علي الأرض وكأنها مصنوعة من الكريستال, وانحني ليساعدها بوضع الثلج حول قاعدة كل جزء من رجل الثلج, ففعلت كلاريسا مثله وأخذت تصغي لحديثهما.
كان الرجل مثالا للتناقض, من الواضح أنه يتوتر بوجود الأطفال, لكن عينيه تلمعان في أي وقت تكون ستيفاني قريبة , رفعها بين ذراعيه وكأنها صديقة قديمة, ووضعها علي قدميها وكأنه يخاف أن تنكسر, هو يقول أنه ينتظر حتي آخر دقيقة للقيام بكل شيء, لكنه دائما يكون علي الوقت عندما يأتي الي هنا, لديه صوت محطم للقلوب لكن عينيه تحملان الاهتمام والعناية, قال" عندما كنت أنا وشقيقاى صغارا, كانت تثلج هكذا كل سنة"
سألت ستيفاني" وهل كنت تبني رجل الثلج كل شتاء عندما كنت صغيرا؟"
"بالتأكيد, ميتش وتاي وأنا ,كنا دائما نبني أكبر رجل ثلج في المنطقة"
"هل كان يساعدكم أحد؟"
عندما لم يجب علي الفور, نظرت كلاريسا الي جانب رجل الثلج حيث كان كايل يضع الثلج وهو ضائع في أفكاره, شكت أنه يدرك أنها تراقبه عندما قال" نعم ستيف, اعتاد ابن عمي علي مساعدتنا"
"ما كان اسمه؟"
قال بصوت منخفض وكأنه يهمس" جايسون"
سألت ستيفاني" هل اختصرت اسمه كما تفعل مع أي شخص آخر؟"
تجمد كايل تماما وقال" كنت معتادا علي مناداته جيس"
"وأين هو الآن؟"
كان كايل يحدق بالثلج الأبيض, لكن كلاريسا تساءلت ما الذي كان يراه فعلا, قالت لابنتها" لابد أنه مسافر يا حبيبتي, " لكن من النظرة التي علي وجه كايل شكت أن ما قالته صحيحا, وللحظة بدا وكأنه فقد أعز صديق لديه, وساورها شعورا أن هذا ما حدث معه.