(( ذنب بلا هوية ))

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كل عام وأنت بألف خير

كيف حال الجميع ؟ وكيف العيد وياكم :)

خربشة بسيطة أرجو بأن تستحق وقتكم الذي سوف تقضوه بقراءتها :)


دمتم بود ..






(( ذنب بلا هوية ))






وقفت أمامه وكل خلية في جسدي تنتفض كورقة في مهب الريح
رسمتُ ابتسامة بلهاء على شفاهي السطحية
تبسم هو الآخر .. لكن ابتسامته سحرت لبي وأوقعت قلبي من قفصه العاجي إلى قدمي ..
لم أعلم ماذا أفعل لحظتها .. فصفحات عقلي الذي لم ينضج بعد .. تبعثرت عند أول هجوم لإعصار ما يسمى الحب من أول نظرة ...
سألت نفسي ساعتها: ( أمعقول؟!!! أهذا هو الحب الذي يتغنى بها المطربون ويكتبه الأدباء في قصصهم ؟!! )
سؤال غبي.. أعلم ذلك .. لكني بلهاء في هذه الأمور ..
لكن هذا الغريب كما يبدو علمني ما معنى كلمة حب .. تطبيقا ليس نظريا ..
وياله من درس تتلذذ به المشاعر .. وتهواه الأنفس ...
في أثناء انغماسي في بحر الأحاسيس الجياشة التي أتذوقها لأول مرة في حياتي .. نطق فأطرب أذني بصوته العذب:-
" مدام هذه هي معاملتي .. أيمكن بأن تنهيها لي "
توقف عقلي عند تلك الكلمة المقززة .. التي انتزعتني عنوة من أحلى عالم .. ورمتني في بركان الحقيقة المرة ..
ألا وهي " مدام " ..( أيراني عجوزا لهذه الدرجة حتى ينعتني بهذا اللقب؟! ) هذا أول ما خطر في رأسي حين تسمم مسمعي بتلك الكلمة البغيضة ..
كان لا بد من أن أتصرف بسرعة.. وألغي هذا اللبس .. وإلا طارت الطيور بأرزاقها..
تحنحنت برقة تعمدتها .. ومن ثم دنية من وتر صوتي .. ورفرفة برموشي كجناحي عصفور .. وقلتُ:-
" عفوا ... أنا آنسة .. ولست مدام "
شرع عن عيناه بحركة تدل على اندهاشه ... وقال بنبرة علت طبقتها:-
" معقول .. فتاة بجمالك لم تتزوج بعد ؟!! "
حينها لم تسعني الدنيا من الفرحة .. لقد لامست السماء من فرط سعادتي .. لقد قال بأني جميلة .. جملة تدمن البنات على سماعها ..
فتوردت وجنتيه وأنا أقول بحياء يتراقص بلساني:-
" ماذا أفعل .. النصيب "
عاد لينحرني بابتسامته المبهرة ..
ومن ثم عاد ينهال عليه بعذب صوته الرنان:-
" بل الرجال الذين أصبحوا عميان "
وأقسم بالله بأنه بعد جملته هذه غمز لي .. فأوقعني في شرك حبه فريسة تعشق سجنه..
لكن لكل سعادة نهاية للأسف .. وهذا ما صار في ذلك الوقت ..
كما وصلت إلى السماء في ثواني .. وقعت إلى سابع أرض في أقل من جزء من الثانية ..
حين رن هاتفه البغيض
وأنهى سنفونية ألف ليلة وليلة التي كنت أبحر في ربوعها الغناء ..
ما إن تلقى الاتصال .. وأنا بدأت أتجرع المرارة ..
:- " ألو .. أهلا سارة ... نعم أنا خارج البيت ... حسنا .. مع السلامة "
تغير لون وجهه .. لقد كان وجهه ينطق بالسعادة حينما رأى الاسم في الشاشة .. وبعد أن أغلق الهاتف .. أصطبغ وجهه بالحزن ..
لأني من الأشخاص الفضوليين .. أخذ ينخر سؤال في مخي.. وكدت أتهور وأفصح عنه .. إلا أنه أنقذني بأنه سبقني بالحديث.. والصوته يغلفه الحزن:-
" آسف للمقاطعة .. هذه كانت زوجتي ...
شعرت ساعتها بأن قلبي أنفطر إلى نصفين حين طعنت طبلتي أذني كلمة زوجتي .. فأكمل قائلا:-
" لا .. أقصد طليقتي.. لم أتعود على هذه الفكرة بعد .. البارحة فقد تطلقنا .. بطلب منها ..رغم أنني لم أفعل لها شيئا ... أعشتها كالملكة .. لكن .. ماذا أقول.. لا حول ولا قوة إلا بالله ..تصدقين .. بأنها الآن تتصل بي لتتأكد بأني خارج المنزل .. حتى تأتي وتحمل أغراضها ... حتى أنها لا تطيق رأيت وجهي .. لا أعلم ما الذي غيرها هكذا .. أوووووووووه .. يال غبائي .. صدعت رأسك بمشاكلي .. لا أعلم حتى كيف بحت لك بالذي بداخلي رغم أنني لأول مرة أقابلك.. ربما لأن قلبي أنشرح لك حين رأيتكِ "
عاد شريط الفرحة يدوي في داخلي .. وأنا أسمع وأرى الضحكة المنيرة تزين شفاهه من جديد...
رغم ذلك .. لم يتوقف عقلي المريض عن التساؤل عن السبب الذي جعل تلك الغبية تترك هذه الدرة النفيسة.. أحد هذه الأيام يجد رجل وسيم يملك هذه الابتسامة الساحرة.. ولا ينطق إلا بأحلى الكلام ؟!!
ذلك السؤال ضل يدور بلا كلل ولا ملل في قوقعة رأسي .. بحثا عن جواب ينهي سلسلة بحثه ..
وقد وجده ... لكن للأسف في الوقت الضائع ...
ها أنا ذا أنام بجانبه .. بنفس الفراش .. بصفتي زوجته .. وأم ابنه بعد شهرين .. لكن لا أحس بلذة البهجة .. ولا حلاوة الفرحة .. لأن الحقيقة المشوهة ذبحت أحلامي الوردية التي رسمتها لما تقدم لي بعد شهر من مقابلته لي في مكتبي .. بعد أن ضل يزورني في العمل خلال هذا الشهر بحجج واهية فقد لكي يراني .. وأنا كالبلهاء ابتلعت الطعم الذي رماه لي .. بدون أي تفكير .. وكيف لا .. وهو أول رجل يعطيني بالا .. ويهل عليه بكلام كالعسل ..ويعيشني في عالم القصص الرومانسية التي كنت أدمن قراءتها.. وأخرجني من قفص العنوسه الذي أدخلني فيه مجتمعنا المريض عنوة .. بطبع كنت سوف أبتلع طعمه وابتسامة واسعة تشق وجهي ..
بتأكيد الجميع يسأل نفسه نفس السؤال الذي سألته نفسي في ذلك اليوم المشئوم الذي قابلته فيه ..
سوف أجوبكم .. وأريحكم من عناء اكتشاف الجواب مثلي ...
الجواب هو .. إنه مدمن مخدرات .. لا يملك أي حس بالمسؤولية .. ولا يتحدث إلا بالغة الضرب ... يعني بأني قبل الزواج قابلت الوجه المزيف له .. وبعد اقتران اسمي باسمه .. رأيت الوجه البشع الذي يخفيه وراء القناع المبهرج ...
وياليتني لم أره في حياتي قد ...
أعلم ما الذي جول في رأسكم الآن ...
بتأكيد تسألون أنفسكم لماذا لا تتركينه كما فعلت زوجته السابقة ؟
الجواب بكل بساطة ... لأنها كنت تملك أهلا يحبونها .. ويريدون سعادتها .. ليس مثل أهلي الذين لم يصدقوا بأنهم تخلصوا من هم واحد من أعبائهم التسع .. والتي كانت مهددة بوصمة عار العنوسة ..
يعني من الأخير ..
أنا برجليه دخلت إلى الجحيم بعينه ..
هربا من جهنم المجتمع الظالم
الذي ينسب علينا جرما لا ذنب لنا به ...
فما ذنبي وما ذنب الذي في بطني بأن نعيش في هذا العذاب الأبدي ؟!!

أجيبوني ...