كاتب الموضوع :
هدية للقلب
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصل الثالث
تنهدت مارنى قبل ان تقول :- على ايجاد مكان للبقاء فيه هذه الليلة .
مازالت متوترة لانها كانت غبية جدا اذ لم تتحقق من مواعيد اقلاع الطائرات للعودة الى لندن . كل ما تريده هو امضاء ساعتين مع غاى كحد اقصى. اما فكرة امضاء السهرة كلها معه جعلتها تشعر بمزاج سئ .
فقالت غاضبة :- كما واننى جائعة ، لم اتناول غدائى اليوم وانت ...
قاطعها غاى بسرعة :- اهدئى مارنى . ونظر اليها طويلا مما جعل خديها يحمران خجلا قبل ان تتابع :- تعلمين مثلى تماما اننى سأقوم عنك بكل الاتصالات . لكن لن افعل شيئا ان لم اوافق على ما تريدينه، يا مارنى ... لاشئ اذا كان ...
نظرت اليه بغضب صارخ ، وهى تشعر بالكره نحوه لسخريته منها. آه ، نعم، انها توافقه الرأى كم هو معتد وراض عن نفسه، كفوء جدا ، لدرجة انها امضت سنة كاملة قبل ان تكتشف انه كان يخدعها مع امرأة اخرى. وما كانت لتعرف ذلك لو لم يتكلم اخوها بشئ ظن انه يقوم بذلك ببراءة كاملة .
ارتجفت فجأة ، عندما تذكرت جامى . كم يكره غاى اخيها بسبب تهوره ذاك . لقد اقسم مرة انه لن يسامحه ابدا تماما كما اقسمت هى انها لن سامح غاى .
تمتم غاى وهو يلاحظ ارتجافها :- تشعرين بالبرد ؟
منتدى ليلاس
هزت رأسها وقالت :- لا، فقط ... واغلقت فمها عما كانت ستقوله واستدارت بوجهها بعيدا عنه وهى تهز بكتفيها . كانت تشعر بحدة تحديقه بها، منتظرا منها ان تكمل جملتها . اصبح الصمت بينهما مزعجا ، مما جعل قلبها يخفق بسرعة . كان هناك الكثير من المرارة والعذاب بينهما. الكثير من النزاع والخلافات ، لم تكن تعلم ان كانت تستطيع حقا اكمال ما اتت لاجله .
مد يده ليضعها برفق فوق يديها وهو يقول :- هونى عليك ، مارنى ... عندها ادركت انها تجلس وهى تضع يديها فى حضنها وقد اصبحتا بيضاء اللون من كثرة الضغط عليهما. تمتم بصوت اجش :- لا يمكن ان يكون الامر بهذا السوء .
فكرت بصمت ، اه نعم، قد يكون . انا اكرهك وانت تكره جامى وجامى يكره نفسه. لايمكن ان يكون الامر اشد سوءا . بدأت تتكلم بتوتر :- غاى ، ان الامر يتعلق بجامى ...
- لا . ونزع يده عنها ، وفى ذات الوقت نزع كل تعابير العناية والاهتمام عن وجهه. وشعرت مارنى بأن قلبها يغوص فى اعماقها بينما كانت تتراجع لتسند ظهرها وتغمض عينيها، لقد تمكن من اسكاتها وابعادها عنه. كانت تلك عادة قديمة لديه ، وهى تعرفها جيدا. اذا كان غاى يرفض البحث فى موضوع ما ببساطة لا يعطيك اى مجال للكلام عنه . تنهدت بنعومة ، متقبلة ان ليس هناك من جدوى فى المحاولة لتغير عادته هذه . حتى ولو حاولت ، فأنه سيتجاهلها تماما . انها طريقة ذلك الرجل العنيد القاسى الى ابعد الحدود. انه يلعب دوره فى الحياة بالنسبة الى قوانينه ومبادئه الخاصة من غير ان يسمح لاحد باعطاء رأيه بذلك . كان غاى الى جانب وسامته المميزة ، رجل اعمال ناجح. وحلم لعدد كبير من النساء وهذا يعود الى دمه الايطالى ، الذى يملك الجاذبية فى شخصيته ، وجبل من الكبرياء والتفاخر ، وقوة ومال كافيان للتمتع بكل مباهج الحياة .
انها ذات التخمة من المال والثروة فى العائلة التى اعطته الوسيلة لتحقيق اكبر شغف لديه ، وهو سباق السيارات ، انه شغف أخذه الى معظم بلدان العالم ليتسابق فيها ، سعيدا فى تلك الحياة المليئة بالاثارة . جماله الاخاذ وحياته المثيرة جعلته يكون فكرة ساخرة عن النساء فى الوقت الذى قابلته فيه .
كان قد اصبح فى الرابعة والثلاثين عندها ، وقد توقف عن المشاركة فى السباقات الدولية بعد ان ربح للمرة الثانية كأس العالم ،واستلم زمام الاعمال من والده ، كما كان غاى يقول وهو يضحك :- وهكذا سيتسنى للرجل العجوز الاهتمام بزهوره .
الاب فرابوزا ... تجهم وجهها قليلا وهى تتذكره . لقد مرت سنوات على رؤيته لاخر مرة . ولا يعود ذلك لانفصالها عن ابنه ، هذا ما ذكرت نفسها به بحزن . لا، لم تكن لتستطيع ان تفسد تلك العلاقة الابوية والرابط القوى مع روبرتو على رغم الفترة القصيرة التى دخلت فيها حياتهما . لكنه يحب ان يبقى فى بركشاير هذه الايام ، منذ ان اصيب بوعة صحية منذ عدة اشهر ، ولقد رفضت مارنى بشدة ان تضع قدمها فى تلك المنطقة منذ ان تخلت عن غاى . فالمكان يعيد اليها ذكريات مؤلمة جدا .
فتحت فمها لتسأله عن صحة والده . ادارت رأسها لتنظر اليه ... وفى الحال نسيت كل شئ عن روبرتو فرابوز عندما وجدت نفسها تحدق بوجه غاى الوسيم والغامض .
لاحظت بشوق ، كم هو جميل . رجل بكل معنى الكلمة . شخص اكثر بكثير مما نستطيع التعامل معه . هذه الشخصية الديناميكية فيه بحاجة لاكثر من فتاة عادية وفنانة صغيرة . انها تصغره بعشر سنوات على الاقل ، عشر سنوات من الخبرة والتجربة ... درس تعلمته بطريقه صعبه جدا ، ولا رغبة لديها مطلقا لاعادة التجربة مع انها تعلم بدون ادنى شك انها لو قالت له الان ، وبدون اى انذار مسبق انها تريد ان تصبح زوجته مرة ثانية . غاى سيعيدها اليه بدون اى سؤال . انه يحبها على طريقته الخاصة . لكن ليس بالطريقة التى ترغب فيها ان تحب ... باخلاص ووفاء . كان دائما على علاقات مع نساء اخريات وهذا ما جعل قلبها ينزف بصورة دائمة ... منذ اربع سنوات .
لم يعلم ، بالطبع ، كم سبب لها من ألم لا ينسى . انه يعلم فقط بما سمحت به ... ولكى تكون منصفة معه لم يسامح نفسه ابدا لانه سبب لها كل ذلك الالم . احساسه بالندم ومعرفته انه لا يستطيع ان يدافع عن نفسه بقى حريصا فى العودة اليها دائما املا انها قد تتعلم ان تسامحه وان تعود اليه . كان يؤمن بشعار مهم فى حياته . ( حياة واحدة ، زوجة واحدة ) وهى كانت زوجته ، رفض غاى ان يختفى من حياتها ، وبعناده المعتاد رفض ايضا ان تتقبل ابتعادها عنه .
|