كاتب الموضوع :
هدية للقلب
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
تبعت الصوت خلال كل مرحلة طوال طريق، وهى تعرف خلال المتر الواحد اين يجب ان تكون السيارة الان.
فى الوقت الذى يصل فيه الى مكان التبديل عندها يكون فى اقصى سرعته ، ودواليب السيارة حارة وجاهزة للاستجابة لاى امر منه . لابد انها الدورة الثانية او الثالثة قبل ان يصبح فى حالة من الطيران . وعندها يخرج الفريق كله وهم يراقبون التوقيت ويحسبون سرعته، وكأنهم حقا فى سباق حقيقى.
ابتعدت عن النافذة وهى ترتجف ، واسرعت الى غرفة الملابس لترتدى جينز وقميصا قطنية من دون ان تهتم بارتداء حذائها ، مصممة على العودة الى النافذة قبل ان يمر من امامها ثانية.
وقد فعل ذلك على الفور ، فازدادت سرعة تنفسها اغمضت عينيها وهى تأمل بأن يمر امام الحاجز الاول بسلام.
وهذا ما فعله, فحبست انفاسها ، لقد وصل الى العقبة الان ومن خلال..ز اعتراض الاطارات عندما لمس احدى الحواجز الحجرية بطريقة خاطئة.
صرخت بصمت ، لاتفعل ذلك ثانية ! بينما كان يتخطى سلسلة الحواجز . بعدها سمعت هديرا عاديا عندما مر بالقرب من امكنة التبديل . انتظرت حتى يصل الى المنحنى بشكل S ، وهى تشعر بالكره لحاجته ان يمتحن نفسه بهذه الطريقة ، وتكره اكثر السبب لقيامه بذلك.
راقبته مارنى وهو يمر امامها للمرة الثالثة ، علمت وقلبها يغوص فى اعماقها انه يقود سيارته بجنون كبير ، فهى لم تره مرة يقود بهذه السرعة ! كادت ان تسقط على الارض براحة عندما قطع بأمان الحاجز الاول . بعدها وصل الى العقبة ... وكأنها معه فى كل لحظة ، كيف يمكن ان يكون بهذه الدقة فى اى مكان يكونه فى كل لحظة .
وصل الى الطريق المستقيمة ثانية ، فازداد من سرعة سيارته ، وكأن صوت المحرك بدأ يملأ الوادى باسره. بعدها وصل الى المنحنى...
انتظرت وهى تحبس انفاسها لتسمع صرير المحرك وهو يقاوم الاختناق بقوة ... وعندها سيغير قوته ، لكن سرعة ازدياد المحرك لم تصدر على الفور . عوضا عن ذلك سمعت صريرا قويا للمكابح ولانفجار الاطارات ، كل ذلك تم بسرعة ولم تسمع بعده شيئا.
صمت بالكامل . لمدة خمس ثوان لم يتحرك بمارنى اى عضل . فصدى انفجار الاطارات سيطر على كل حواسها ، بينما استعملت تلك الثوانى لتفكر بالذى حدث.
بعدها اخذت ترقض ، عارية القدمين ، من غرفة نومها عبر الممر والدرج ، شعرها يتطاير كشلال ورائها وجهها شاحب كالاموات ، ركضت عبر القاعة ، مرت بروبرتو من غير ان تتوقف ، مع ان جزء من سلامة عقلها اعلمها انه لابد سمع الاصطدام وفهم خطورة ما قد حصل . لكنها كانت مندفعة جدا بخوفها كى تتوقف . اسرعت بالخروج من الباب ومن وراء المنزل مندفعة عبر المروج، حيث انزلقت على العشب الرطب وهى تركض ، فهى تعلم بالتحديد الى اين تتجه ، تماما الى النقطة حيث غاى صدك سيارته.
رأت سحابة من الدخان الاسود الكثيف تتجمع فى السماء ما ان وصلت الى الحاجز الذى يفصل الحلبة عن المنزل ، فتوقفت قليلا ، لتفكر برعب وهى ترتجف قبل ان تعاود الركض ثانية ، دافعة بنفسها عبر الحاجز من غير ان تهتم للخدوش والجروح التى تصيب وجهها ويديها . وغير مهتمة بأى شئ الا بفكرة واحدة كانت تدور وتدور فى رأسها.
لقد مات غاى ، وهى لم تقل له انها تحبه.
رأت سيارة الاسعاف تمر عبر الحلبة . والشاحنة الحمراء متوقفة هناك، وابوابها مفتوحة . السيارة الزرقاء والبيضاء هناك والنار تشتعل فيها بينما الرجال يحاولون السيطرة على السنه النار بواسطة الات لاخماد النار فى ايديهم ترسل بخارا ابيض قويا يملأ الجو حولهم.
سيطر الخوف عليها ، فتعثرت ووقعت على الارض،صراخها الملئ بالرعب ملأ الهواء من حولها . ثم جاهدت لتنهض ثانية ، دافعة شعرها بعيدا عن وجهها ، خائفة حتى الموت من التقدم اكثر مع انها مدفوعة برغبة قوية كى ترى وتشاهد بنفسها اسوء ما قد يحصل لها.
ما ان اقتربت من سيارة الاسعاف حتى رأته . كان يقف بجانب احدى الابواب المفتوحة ، ويده اليسرى تمسك بكتفه مركزا اهتمامه على ما تبقى من سيارته.
لسبب ما، مجرد رؤيته واقفا هناك ، بكل قواه ، مرتديا بدلته المقاومة للحريق، ويضع خوذة على راسه كى تحميه ، جعل مارنى تفقد اى احساس بالواقع ، وبغضب لايقاوم ركضت اليه.
صرخت:- ايها المجنون ، رجل غبى! قوة صوتها جعلته يدير رأسه بسرعة ليراها تركض بغضب نحوه.
مد يد بطريقة مطمئنة :- مارنى ... لابأس ، اننى لست ...
لكنها لم تكن تسمع شيئا مما قاله . كان االغضب يسيطر عليها. وبصرخة كصوت صراخ حيوان جريح رمت بنفسها عليه، تضربه بقبضتيها، والدموع تنهمر من عينيها اللتين بالكاد ترى بهما بسبب الصدمة والغضب.
حاول غاى ان يتجنب غضبها بالامساك بقبضتيها، لكنها كانت سريعة جدا. وهو لايزال يشعر بالدوار من الصدمة . وعندما ضربته على كتفه الايمن اجفل من الالم وتراجع الى الوراء بصورة لاشعورية .
بعدها امسك بها احد ما من الوراء . وبصوت لاتعرفه حاول ان يهدأ من ثورة غضبها . قال باحترام :- سيدة فرابوزا ! السيد مجروح ، لايمكنك ...
قال غاى :- دعها. كانت مارنى تنتحب فى تلك اللحظة :- دعها ،طوم.
- لكنها ...
- دعها.
تركها الرجل ورجع الى الوراء ، لكنه بقى جاهزا ، على الرغم من اوامر سيده ، ان يمسك بها ان قامت بهجوم جديد على غاى .
لكنها كانت قد ضربت نفسها ، وتبدل الغضب القوى الى احساس عميق باليأس جعلها تجثو على ركبتيها على الارض الرطبة امامهما.
|