كاتب الموضوع :
هدية للقلب
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
بعدها فجأة لمعت فكرة بخاطرها واستدارت بسرعة نحو مرافقها وقالت وهى تتنهد :- روبرتو؟ هل هذا لك ؟ هل قررت ان تنتقل من المنزل الرئيسى لتعيش هنا؟
هز رأسه رافضا ان يجيب، لكنه قال وهو يبتسم :- دعينا ندخل اولا .
دفعها لتمشى امامه فوجدت مارنى نفسها تتوقع ان تجد الانسة موفات فى الداخل . لايمكن ان تكون اكثر خطأ ، وتوقفت على الفور عن الحركة ، وهى تشعر بأنها لاتكاد تتنفس .
انه ليس بكوخ على الاطلاق ، فكرت باستغراب ، بل هو استديو، غرفة واحدة يملاها النور والهواء المنعش وقد شيد ليبدو كالكوخ من الخارج ليناسب تماما محيطه المميز.
دخلا الى المكان من الجنوب ، وحقا ذلك المدخل الاسطورى هو كالخيال ، فجميع الجدران الباقية هى من الزجاج! زجاج من النافذة البعيدة التى تلف الغرفة كلها ، ولقد فرشت بستائر ، تمنع بلحظة واحدة دخول اكبر كمية من الضوء ، لكنها هناك لتستعمل وقت الضرورة.
رأت الحامل الخشبى لصورها هناك ... ليست تلك التى فى الاستديو فى لندن مع صورة اميليا وهرتها عليها ، لكن الحامل القديمة ، تلك التى كانت فى شقة غاى ، كذلك لوح المخطوطات ايضا وورقة بيضاء موضوعة عليها.
سارت بقدمين مرتجفتين نحوها ونظرت اليها . كانت ذات المخطوطة التى كانت تعمل عليها منذ سنوات عندما انهارت حياتها امام عينيها. مررت بأصابعها فوق الخطوط الواضحة للصورة التى كانت تعمل عليها ، صورتها مجرد ذكرى الان .
همست الى الرجل العجوز الذى كان يراقبها بصمت :- لماذا؟
- لقد نقل كل شئ من لندن الى هنا بعد ان انتهى من بنائه . اعتقد ان ذلك ساعده . نظر الى ما حوله بحزن قبل ان يعيد النظر الى وجهها الشاحب . كنوع من التعويض ، خلال الوقت الذى كان فيه ... توقف قليلا قبل ان يتابع :- غيابك المستمر عن اوكلاند جعل كل شئ يتغير . لذلك اعتقدت انه لامر رائع ان ترينه لاول مرة . كان هناك مرارة فى صوته ، ادارت مارنى وجهها ، وهى تعلم انه يعنيها بذلك.
اذا غاى شيد هذا المكان الرائع لها. شعرت بالدموع تتجمع فى عينيها فأخذت تنظر الى كل الاشياء المألوفة لديها كيف وضعت بترتيب فى ارجاء الغرفة . اصبحت عواطفها فى ارتباك مخيف . مصدومة ، وتفاجئة ، سعيدة ، متألمة وهى تنهار تحت كل هذا، وهى لاتعرف دوافعه .
تساءلت ، هل هذا اذا برجها العاجى؟ المكان الذى اراد غاى دائما ان يخفيها فيه؟
- زوجتى ... لى وحدى! كان يقف تماما بجانبها عندما قال هذه الكلمات يوم زواجهما . ومازالت ترن فى اذنيها.
قال روبرتو فى ذلك الصمت المقلق:- ابنى ليس مذنبا فى تلك الجريمة الشنعاء التى تعتقدينها ، مارنى .
قالت متوترة :- انت لا تعرف عما تتكلم.
هز روبرتو رأسه ، متكئا بيديه الاثنتين على عصاه الانيقة ، وتمتم بقسوة :- قد اكون عجوزا ، عزيزتى ، لكننى فى كامل قواى العقلية، ولست كذلك مستسلما لحالتى الصحية بحيث اننى عاجز عن الايجاد بنفسى للاشياء التى ارغب بالاستعلام عنها .
ميزت بمرارة، الاب، مثل الابن . بالطبع روبرتو لن يترك شيئا دون ان يستعلم عنه بسبب تصميمه ليكتشف لماذا فشل زواج ابنه بهذه الطريقة المأساوية . عندما تقاعد روبرتو عن العمل ، فعل ذلك بسبب ارهاقه عن الاستمرار فى السباق للسيطرة وليس لانه عاجز عن الربح فى السباق .
تابع بحزن :- وكان هناك العديد من الناس فى تلك السهرة المشؤومة يرغبون باخبارى عما حدث كما حصل بالفعل...
ليسوا اناسا أخيار لكن اناس يفهمون وليس اكثر من هذا .
سارت نحو النافذة لتحدق بالبعيد ، وشعرها ينسدل كألسنة النار حول وجهها الشاحب ، قالت :- اذا انت تعرف الحقيقة ، كنت قد وفرت عليك ذلك ، روبرتو .
قال موافقا:- كما قلت لك ، انهم ليسوا اخيارا ، وهم لم يراعوا شعور رجل عجوز فى رغبتهم باخبارى لارضاء حشريته، لكن ، بمعرفتك للحقيقة ، عزيزتى ، هل تصدقين ، لاننى أسأل نفسى لما سمحت لنفسك بالارتباط مجددا بالرجل الذى فعل بك ذلك؟ ولهذا احضرتك الى هنا .
اضاف قبل ان تستطيع الاجابة :- اننى المح مصيبة ستجرى لك انت وابنى للمرة الثانية ، وانا لااستطيع ... ولن ارضى ان اسمح بذلك ان يحدث.
تنهدت وقد فقدت صبرها :- روبرتو ، لا يمكنك ....
رفع يده ليسكتها قائلا :- ابنى ، مارنى ، يستعمل اخيك والحالة الصحية لزوجته ليقنعك بالزواج منه ثانية ، وليس هناك من وسيلة لانكار ذلك . لقد رأيت الحقيقة مكتوبة فى عينيك عندما كنا فى المكتب قبل قليل . وانت تؤكدين الان شكوكى ، لكن ، فى تصرفك هذا اعلم ان على العمل ، لن اسمح لك بالاستمرار فى تصديق كذبه حيكت بذكاء عليك من قبل اناس اشرار ومحتالين يعتقدون ان الفرح يكون بجعل الناس تعساء!
صرخت :- لكن هذا كله جنون ! . استجمعت قوتها لانها علمت ان روبرتو يقصد هنا الاعمال فقط . يمكنها ان ترى ذلك بوضوح فى عينيه ... ملامح رجل قوى قبل ان يتخلى عن كل شئ لابنه.
قالت باصرار:- انا وغاى سنتزوج ثانية لاننا وجدنا اننا لانزال نحب بعضنا . لقد انتهى الماضى ! لقد قررنا ان نضعه جانبا ونبدأ من جديد ! هذا كل شئ روبرتو ! تساءلت لما كل هذا الكلام لايبدو كذبا.
سألها متحديا :- بعد اربع سنوات من الخلاف والفراق؟ تحرك من مكانه وتابع :- هل يمكننى ان اجلس ؟
- آه ، بالطبع! على الفور اصبح كل اهتمامها به بعد ان ادركت كم مضى له من الوقت وهو لايزال واقفا على قدمه المريضة . سارت بالغرفة واحضرت له كرسى، وساعدته ليجلس عليها.
تنهد وقال :- اه، هذا افضل . بعدها ضرب رجله الضعيفة ضربة وقال متذمرا :- ليس لديك فكرة كم اكره ان اشعر بعدم القدرة . يجعلنى ذلك راغبا بضرب شئ ما.
قالت وهى تبتسم له :- لقد فعلت ذلك ، لقد ضربت رجلك الضعيفة .
ابتسم روبرتو من كلامها ، وعلى الفور تبدل جو التوتر بينهما لكن فقط للحظة . امسك روبرتو برسغها بينما كانت مارنى تتحرك لتبتعد عنه وشد على يدها باحكام .
قال :- لقد احضرتك الى هنا ، مارنى ، على امل ان تجدى فى هذا المكان الجميل الذى بناه ابنى لك القليل من الرقة فى قلبك مما يكفى لتصغى الى القصة التى ارغب فى اخبارك اياها . هل تفعلين ؟ وهز يدها مرددا :- هل يمكنك على الاقل الاصغاء لما سأقوله لك؟
تنهدت ، وادارت يدها حتى حررتها قائلة :- اه، روبرتو ، لما لاتترك تلك الامور وشأنها؟
قال :- لان ذلك ليس جيدا ، ليس الان ، ليس عندما انت وغاى ستسلكان طريقا ستوصلكما الى كارثة اخرى ! الحقيقة يجب ان تعلن ، مارنى ، والحقيقة ان غاى كان مريضا ، مصاب بالحمى ، فى تلك الليلة التى رايته فيها مع تلك المرأة ، ولم يكن لديه اية فكرة انها هناك !
صرخت ، فمجرد التفكير بذلك يعيد لها الالم كله ، وقالت :- روبرتو ، هل يمكنك ان تكف عن الكلام؟
تابع بدون اهتمام لها:- لقد رأوكتدخلين الحفلة ، فولر وانيتا كول . لقد ارسلاك الى تلك الغرفة . فولر يكرهك لانك ابعدته عنك عندما حاول التقرب اليك. وانيتا تكرهك لانك اخذت حبيبها منها. لقد ارادا لك الالم!
ونجحا بذلك! هذا ما فكرت به وهى تبتعد عن نظرات روبرتو القاسية . ثم همست بألم :- هذا يكفى ! انت تجعل من غاى اعمى واحمق بالكامل فى كلامك هذا . وانا حقا لااعتقد انه سيقدر لك ذلك .
صوت ساخر وبارد سمع يقول :- هذا حقيقى جدا .
نهاية الفصل التاسع
|