كاتب الموضوع :
هدية للقلب
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصل الخامس
لاخيار لديها . حسنا ، لقد كان محقا بكل ما قاله الليلة، لو ان لها خيار لما سمحت له بالتحدث معها عن الزواج .
وابتسمت فى الظلام الصامت الذى يسيطر عليها فى سريرها . منذ اللحظة الاولى التى وقع نظرها على غاى، وهو يلاحقها ويقوم بالتأثير عليها. حتى تعبت من الضغط عليها واخيرا وافقت على الزواج منه.
تنهدت ، وتقلبت من جانب الى الاخر واخذت تحدق بالسماء الزرقاء التى تطل عليها من وراء النافذة . المرة الاولى التى رأت فيها غاى اعتقدت بصدق انها تعرفت على نبيل من العصور القديمة .
ذكرها بالبارون الماكر الذى لديه مئات القصص الغرامية، كبير ، غامض وخطر وذات شخصية تجعل وسامته مميزة . كما ان لديه جاذبية جعلت قلبها يرتجف من مزيج مميت من الاثارة والخوف معا .
بالطبع ، كانت تعلم تماما عند من يعمل جامى فى ذلك اليوم الذى قررت فيه فى لحظة ما ان تذهب لزيارته ، لكنها لم تتوقع للحظة انها حقا قد تقابل الرجل نفسه . فالذى تعرفه عن غاى فرابوزا وصلها من مقالات فى الجرائد والمجلات ... معظمهم يصورونه كالرجل الذى يعيش وينام تحت هالة وضعها لنفسه . لكن ايضا كانوا يتكلمون كيف يمضى معظم اوقاته متنقلا فى الطائرة حول العالم ليحافظ على ممتلكات العائلة وليدير اعمالها بطريقة جيدة . وهكذا قادت سيارتها عبر بوابات الحديد الكبيرة فى اوكلاند متوقعة ان لاترى الا اخيها مليئا بالشحم كعادته ، يعمل فى احدى السيارات الشهيرة من مجموعة غاى فرابوزا والتى يعيد تصليحها وتجديدها ، بعدها تغادر ، من دون ان ترى شخصيا الرجل الذى يعيل اخيها .
القدوم الى اوكلاند بحد ذاته ، والتى تستقر فى وادى صغير ، كان متعة فنية كبيرة لها . وبينما كانت تقود سيارتها منحدرة التلة لتصل الى قعر الوادى عبر طريق خاصة باتجاه بيت قديم الطراز انيق المنظر تراه عن بعد ، لم تفكر مطلقا انها تسير نحو المدرج الخاص الذى بناه غاى فرابوزا لسباق السيارات ، او حتى المنطقة بأكملها ، بنيت من قبل اختصاصيون ليمارس المتسابق هواياته فيها . شغلت تفكيرها بجمال الحدائق التى كانت تمر عبرها .
تذكرت ما قالته حينذاك ، يمكننى ان اجلس وارسم ذلك الى الابد ، ما ان اوقفت سيارتها الصغيرة فى الباحة الكبيرة امام المنزل واخذت تتنشق الهواء المنعش الملئ بالهدوء والسلام من حولها . كان الهواء نقيا ومليئا برائحة الورود.... الورود التى عرفت فيما بعد انها فخر وسعادة روبرتو فرابوزا .
منتدى ليلاس
سمعت صوت محرك قوى يرعد انبئها بأى اتجاه عليها الذهاب لرؤية اخيها، وتبعت الصوت من وراء المنزل عبر الغابة الضيقة لتجد نفسها تقف على حدود باحة كبيرة لابد انها كانت ساحة للخيل ، لكن الان رممت لتصبح موقفا لمجموعة سيارات غاى المميزة .
ولقد كان هناك ، وبينما كانت تقف تحت احدى اشجار الكستناء الوارفة الظلال ، مرت بأول صدمة لها من رؤية الرجل الذى تزوجته لاحقا ...
كان يقف مثل مايكل انجلو بين عدد من الاشخاص الملتفين حوله ، يطل عليهم وهو يتكلم ، راسه الاسود يطفح بالكبرياء بينما فمه مع الابتسامة التى تطفو عليه لا ينم الا عن كبرياء متكامل .
كانوا يتحدثون عن المحركات، بالطبع ، لكن لم تتمكن مارنى الا ان تميز الطلة المميزة له ... كان يرتدى قميصا بيضاء مع بنطالا داكن اللون . امبراطور مع رعيته ، هكذا اطلقت على المشهد الذى تراه . كان يتكلم بسرعة لكن بنعومة ، الصوت الفنى مع لهجته الخاصة ، والتى كانت تصلها عبر الباحة جعلتها تقف صامتة وهادئة.
لم يكن لديها اى صداقة مع الجنس الاخر ، فهى لم تجد الوقت لذلك ، اذ كان كل همها تدبير معيشتها وحياتها ، ولكن مع ذلك ، ومع كل البراءة التى تعيشها ، كنت تتحسس اشارا الخطر اينما وجدت .
- مارنى ! كان جامى اول من رأها . ولقد تمكنت من رؤية رأس غاى يستدير بحدة وينظر اليها بعينيه الغامضتين، قبل ان تبعد عينيها الواسعتين عنه وتنظر الى اخيها . اقترب جامى منها ، سعيدا جدا برؤيتها لان ابتسامته كانت كبيرة جدا ، قال متفاجئا :- ما الذى تفعلينه هنا؟
اخبرته ، محاولة بقوة ان لاتسمح لانتباهها ان يعود الى حيث غاى يراقبها بصمت ولم يحاول ان يبعد نظره عنها منذ ان التقت عيونهما ....
قال اخوها :- لكن هذا رائع ! هل يمكنك البقاء لتناول الغداء معا ؟ عناك مقهى على اخر الشارع يصنع افضل الطعام البلدى ، يمكننا ...
- عرفنى عليها ، جامى .
تماما هكذا ، عادت لتتذكر ، عرفنى ، دعها تعلم من انا . اريدها ، لقد عرفت كل ذلك من خلال ذلك الصوت الاجش المتطلب .
لم يلاحظ اخوها شيئا من كل هذا بينما ابتعد عنها خطوة وهو سعيد تاركا اياها تشعر وكأنها سخيفة امام عينا غاى الغامضتين .
قال :- هذه اختى ، مارنى . وتابع قائلا :- مارنى ، اقدم لك معلمى ، السيد فرابوزا .
صحح الرجل كلامه:- غاى . تاركا لهجته المميزة تفضح نفسها . مد يدا ، طويلة ، نحيفة وجميلة نحوها ليصافحها . مدت يدها وهى متوترة، متعثرة قليلا ، ومتعجبة مما يحدث لها ، وقلقة مما توقعته انه سيشد على يدها . بتهذيب رفع يدها الى شفتيه ، رافضا ان يبعد عينيه عن عينيها الزرقاوين .
لقد اخذمنه كل ذلك الوقت ليجعلها تقع فى حبه من رأسها حتى اخمص قدميها ... مع انها لم تفهم ما الذى حدث لها عند ذلك . لانها لم تكن قد مرت بتجربة عاطفية من قبل وكانت سعيدة وراضية بذلك ، لكن تلك العاطفة القوية المفاجئة اخافتها ... وماتزال تخيفها الى الان . لكن عندما لم يكن لديها اى وسيلة لتتعامل معها ، وفى الحقيقة كان لايبذل اى مجهود ليخفى تأثيره عليها.
ابعدت يدها عنه وابتعدت خطوة الى الوراء ، فابتسم لها بطريقة ساخرة من رفضها له .
دعاها لتناول الشاى فى منزله ، رفضت وهى تتذكره ببرودة انها قد اتت الى هنا لترى اخيها . وعندما اخبرها غاى بصراحة ان جامى لن ينتهى من عمله قبل المساء وكرر الدعوة لها كى تنتظر اخيها بينما ينتهى من عمله ، نظرت بغضب الى اخيها ، الذى كان يبدو عليه الذهول من كلام غاى ، ومع ذلك رفضت ان تكون فى ضيافته فى غياب اخيها ، متذرعة بموعد وهمى بانتظارها فى لندن مما جعل جامى يحدق بها فاتحا فمه باستغراب ، لانه كان يعلم تماما من عدم اهتمامها بمقابلة اى كان ، اضافت بسرعة :- يمكننى البقاء خمس دقائق على الاكثر . متمنية ان لا يسألها عن سبب قدومها السريع لرؤية اخيها .
|