كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصل السابع
***********
بعد أربعة أسابيع وجدت لوسى وودبريدج نفسها تصعد طريقاً مليئا بالحصى مارة أمام أحد الأديرة ثم مخترقة مجموعة من أشجار السرو الباسقة تلقى بظلالها تحت ضوء شمس الصباح ثم بدأت الأشجار تتباعد رويدا رويدا وأمسك جوس بيدها :
-لم يعد اماما الكثير يا لوسى
وواصلا صعودهما والشمس تزداد حرارة إلى أن وصلا بغيتهما أخيرا قرب قمة الجبل ,صخرة ناتئة ضخمة تشرف على أمتع مناظر البرتغال الطبيعية وكانت الشمس قد أرتفعت حرارتها ولكن جسد لوسى كان يرتعش من هبات النسيم وأحاطها جوس بذراعه وهما يتطلعان إلى أسفل وهتفت:
-يا للروعة!
هز لها جوس رأسه :
-من السهل عليك أن تتصورى لماذا غيرت هذه البقعة وجه التاريخ الأوربى فهنا نصب ويلنجتون مدافعه ليوجهها إلى الفرنسين
وظلا فى قفتهما تلك لوقت طويل يتأملان المنحدرات التى أضاءتها الشمس وقد ربطا بين مشاعرهما الإحساس بجلالة التاريخ وبعد أن أشبعا عيونهما عادا هابطين إلى حيث يوجد المتحف الحربى ليتجولا خلال المدافع العتيقة والحراب والبنادق القديمة وصور والخرائط وجوس يشرح لها ويوضح لها بتمكن بعث القشعريرة فى بدنها إعجابا إلى أن قال أخيرا حان وقت الأنصراف يا لوسى فأمامنا أكثر من مائة ميل بالسيارة إلى أن تضعى معدات الأنزلاق عليكى
-وإلى أين الأن؟
كانت لوسى قد قطعت من التجول فى الأيام القليلة الماضية أكثر مما فعلته طوال حياتها مستمتعة بكل لحظة تكاد تنسى تماما أنها فى شهر عسلها ليس خلوة متكاسلة على حافة حمام سباحة يسترخى أمامه مستر ومسز وودبريدج
لقد كانت خطة جوس فى تعويد لوسى على فكرة زواجهما هى أن تتحمل رحلاتهما عبر أكثر الطرق عورة والتفافا إلى أروع ما يمكن أن تقدمه هذه البلاد من مناظر مبهجة بدءاً من تلفريك بمر تسماوث سيان ثم خلال سبعمائة ميل إلى بورجوس فى رحلة بدون توقف
منتديات ليلاس
كان الأرهاق قد حل بلوسى فى اليوم الأول لدرجة أنها كانت على أستعداد أن تشارك غرفة النوم مع كنج كونج ولم تبالى ولم تتقلب فى رقدتها حتى بدأ جوس المزعج يوقظها للفطور .كان لهذه الرحلة المتواصلة أثرها على إرادة لوسى خصوصا مع أخر الأميال المنهكة إلى براجانسا فى أتجاه الشمال الشرقى من البرتغال حيث توقفا لتناول الغداء بعد جولة فى ربوع المدينة المرتفعة المنعزلة ولفرط بهجتها بالرحلة وجدت معدتها تقنع بالحساء المقدم مع أطباق سمك السلمون الذى قدم إليهما فى المطعم القابع وسط التلال مطلاً على مكان ميلاد زوجة الملك تشارلز الثانى وعند هذه النقطة حيث كان الجزء الأكثر مشقة من الرحلة قد أنقضى كانت لوسى تتلهف على الرحلة إلى إلفيدوس وهى مدينة صغيرة من القرون الوسطى تحيط بها الأسوار ووجداها حين وصلا إليها فى أصيل ذات اليوم أنها تفتقر إلى كل صور المبانى الحديثة
أستدارت لوسى فى نشوة غامرة إلى زوجها :
-أوه يا جوس إنها بديعة ....بديعة
فأبتسم لها قائلا :
-لقد رايت أنه ربما يروق لك أن تبقى هنا بعض الوقت لتكتشفى المدينة وتستمتعى بالشاطئ على رأحتك
وافقت على الفور مبتهجة بحوائط المدينة ذات الألوان البنية الداكنة وما تضم من منازل عتيقة ويهيمن على كل هذا قلعة مربعة الشكل ذات أبراج شاهقة وسألته:
-وأين سنقيم؟
فأشاح بيدجه بعفوية تجاه القلعة قائلا :
هل تروق هذه لسيدتى ؟
أومضت عينا لوسى :
-هل أنت جاد ؟!!!
فضحك قائلا :
-لبالتأكيد يا سيدتى لقد كانت ذات يوم مقر إقامة الحاكم ولكنها حولت إلى فندق ولكنك ستجدين التحويل رائع ومريح للغاية أعدك بذلك فقد أقمت فيها من قبل
مع كارولين؟كان تساؤلها من الوضوح فى عينيها لدرجة أنه فهمه جوس على الفور فداعب خدها قائلاً:
--أننى لم أقض أكثر من يوم عطلة مع كارولين وحين كنا نفعل لم يمن ولعها إلا بمدن الملاهى
وأبتسم وقد أرتسم الخجل على وجهها
-إن لك وجه معبر للغاية يا لوسى
قالت فى تخاذل :
-تقصد أنه لايوصف بالجمال ؟
-ما هذا الذى تقولين ؟إن لك وجها رائعا يا لوسى يشع منه الذكاء والحيوية دائم التبير عن خلجات نفسك أننى لا أمل النظر إليه
ودهشت لوسى لما قاله لدرجة أنها لم تدرك وصولهما إلى بوزادا دى كاستلو فندق القلعة إلا حين وجدت نفسها أمامه بالفعل وأمتلأت نفسها بهجة حين وجدت أنهما أعطيا غرفة فى أحد الأبراج بالقلعة شاكرة أنهما سيتركان الجزء الرئيسى من البناء ويسيران خلال مبانيه للوصل إلى مكان مبيتهما وفى هذه المرة على نقيض المرات السابقة كان السرير مشتركا يشغل بحجمه المساحة الأكبر من الغرفة ولا يمكن إنكار تأثيره على النفس بأعمدته الأربعة والنقوش التى تزينه وجلب رد فعل لوسى لمنظره إبتسامة على وجه جوس وقال لها بسرعة:
-هيا بنا قبل أن أتركك لتأخذى حمامك ونأخذ جولة حول الأسوار كما يفعل السواح ما لم تكونى مجهدة للغاية
وكان أنفعالها لإثبات النقيض لدرحة ومضت لها عينا زوجها وهو يأخذها فى طريق مكشوف يؤدى إلى أعلى أسوار المدينة وكان المنظر يخلب اللب حتى أنه أنسى لوسى أنقباض معدتها لرؤية السرير .وهى تحملق أسفل منها إلى المنازل والكنائس التى تزدحم بها المدينة الصغيرة والوان أسطحها بدرجات مختلفة من اللون الأحمر تنعكس على البياض الناصع للأسوار وبدت الطرق متعرجة بين المنازل بدون أى أثر لخط مستقيم فيها ومع ذلك فقد بدأ كل شئ فى المدينة وكأنه فى مكانه الصحيح تماما
-أواهـ يا جوس....لكم أحب هذا المكان
وأقبلت عليه فى أندفاع وطوقته بذراعيها مقبلة وجنتيه وأبتسم لها وهو يضمها إليه:
-أنا سعيد بذلك هيا نعود ونتراهن من يصل إلى الفراش أولاً ؟
منتديات ليلاس
لم يكن السرير مثير للرعب بالنسبة للوسى حين عادا للغرفة وأخرج جوس أوراقه بينما هى تفرغ حقائبها وحسم موضوع من يسبق إلى الفراش بالإنهماك فى عمله بينما هى تذهب إلى الحمام وأخرجت لوسى كتاب من بين حاجياتها لتتسلى به وهى غامرة جسدها فى البانيو وحين عادت بعد فترة إلى الغرفة رفع جوس بصره إليها زأبتسم أبتسامة مجردة ثم نظر إلى ساعته :
-أتشعرين بتحسن؟
-أفضل بكثير وأن كنت مازلت دائخة بسبب طول مدة ركوب السيارة
-لماذا لا تسترخين قليلا فى الفراش إلى أن أنتهى من حمامى مازال الوقت مبكرا بالنسبة للعشاء ووقف يتمطى بجسده وقفزت لوسى للسرير كم أقترح عليها وأضعة الوسادة ناصعة البياض وراء ظهرها أقبل عليها جوس ومسح على شعرها بيده :
-هل أجهدك فى هذه الرحلة يا لوسى؟
هزت لوسى رأسها:
-بالتأكيد لا أننى أحب ذلك فبأستثناء رحلة لسويسرا وأنا بالمدرسة لم أذهب إلى أى مكان ولا أريد أن يفوتنى شئ وأعدك أنه بعد عدة دقائق من الأسترخاء سأنهض متوثبة للذهاب
وبذلت لوسى قصار جهدها لتركز على كتابها حين أصبحت وحدها بالغرفة ولكن جفونها راحت تنطبق رويدا رويدا إلى أن أستسلمت فى النهائية لإغفاءة خفيفة وحين أستيقظت وجدت الغرفة غارقة فى الظلام عدا ضوء سيجاة جوس وهو جالس بجوار النافذة وهب حن تململت بالفراش وأضاء النور وقفزت لوسى جالسة تخلل شعرها بأصابعها :
-جوس لماذا لم توقظنى ؟
أطفاء سيجارته قائلا:
-ولماذا ليس هناك داعى للعجلة فالبرتغال لاتعرف ذلك كما ان الليل مازال فى أوله طبقا للمعاير المحلية
وكان محقا وتناولا عشاءبسيطا من السمك والسلطة والنبيذ الأبيض فى مقهى صغير بالمدينة ثم خرجا للميدان الرئيسى حيث كان عزف الموسيقى من فرقة محلية بالآلات النحاسية وما لبست لوسى أن وجدت نفسها تحت تأثير سحر طاغى منتشية بكل وجدانها بالأنغام الشجية وعبق التاريخ ونجوم السماء الصافية وكان أهل المدينة يقابلونهما بالود والترحاب أينما سارا يتجولان بين متاجرها ينتقيان ما يعجبهما من بضائع تذكارية وأثرية وشعرت لوسى بتورد وجنتيها من تأثير الشمس والشراب والسعادة والقت بجسدها فى أسترخاء وهو يحيط خصرها بذراعه أثناء سيهما مدركة ما هى فيه من سعادة وكانت لحظات تجاوب مع الكون بأسره يجعل منها اللحظة المناسبة لأن تعترف لزوجها بذلك
كانت عودتهما صمتا لم يقطعها إلا سؤال من جوس فى منتصف الطريق سأله وهو ينظر إليها بعينين مليئتين بالشجن متكلما فى أذنها ليعلو صوته على صوت الموسيقى :
-لوسى ألم يئن الأوان للتصالح مع عدوةك اللدود؟
فردت عليه على الفور :
-نعم لقد آن ربما تطلب الأمر رحلة رائعة لألقى بأسلحتى تماما فبعيدا عن أبو تسبريدج وما يتعلق بها وعلى أرض محايدة لا أشعر بأى عداوة من أى نوع ثم أستدارت فى الطريق الضيق المتعرج لتواجهه قائلة:
-أنى شاكرة لك صبرك وتحملك يا جوس
وأصتدار ليكملا سيرهما صامتين متشابكى الأيدى عائدين إلى بوزادادى كاستللو
منتديات ليلاس
صباح الخير أيتها النؤومة وتحرك قليلا ليريحها بين ذراعيه
-أنك تبدين كطفلة ضبطت وأصابعها فى إناء المربى
قهقهت قائلة:
-أن كنت تعنى شعور بالذنب لما....لما أستمتعت به هذه الليلة فأنت محق
أعتدل ليجلس نصف جلسة مسندا ظهره على الفراش سارحا ببصره فى ركن من الغرفة وقال :
-لقد كان الأمر مختلفا عن المرة السابقة
وحين لم ترد أستطرد قائلا :
-نعم يا لوسى كان مختلفا تماما فقد كنت أصارع نفسى طواله لشئ واحد
-وكنت تصارعنى أنا أيضا
وران على وجهه الأسى العميق :
ولكن لم تقدمى لى أى عون فأنتهى الأمر بأنهيار مقاومتى أمامك كلية
-لقد أذيتك وقتها إيذاء بليغا فرحت تبكين رباه لكم بقيت وقتها يا لوسى
-لقد أنتابتنى مشاعر الأثم وأحتقار النفس
وعضت شفتها :
-شعرت كأنى فتاة سوء وأمامى عينا كارولين وسيمون
قال جوس بصوت أجش:
-كانت غلطتى لم يكن أبدا يجدر بى
وضعت لوسى أصبعها على فمه :
-وغلطتى أنا أيضا
أغمض عينيه :
-لم أطق نفسى حين رأيتك تبكين شعرت وكأنى سفاح ومما زاد الأمر سوءاً أنها كانت تجربة مؤلمة وقاسية عليكى .أنى لم أفقد سيطرتى على نفسى بمثل تلك الصورة على الأطلاق كان أمراً مشينا وبعدها رأيتك تتطلعين إلى بعينيك الداكنتين هاتين مبااتين بالدموع وكأنك منتظرة منى أن أفعل شيئا....شيئا يصلح من الأمر
قالت له فى سرها :ليس أن تفعل شيئا بل أن تقول شيئا....تقول أنك تحبنى ....لو فعلت لهانت كل الأمور على لقد كنت بلهاء صغيرة أتصور أن جوناس وودبريدج سيلتفت إلى بأية صورة وكان أنخراطى فى البكاء بعد ذلك لأنك لم تقلها ....وتوردت حين رأته ينظر إليها بإمعان وسألها:
-فيم تفكرين يا لوسى؟
فأسدلت جفنيها قائلة :
-أن توم يظن أننا أكبر سنا من أن نفعل مثل هذه الأمور
فقال:
-أن توم لا يفهم تماما ما يتكلم عنه
ونظر إليها بعينين شرهتين :
-لقد كانت كارولين على حق فى غيرتها من صدرك يا لوسى وودبريدج
وراح وجهها قرمزياً وهى ترمقه بنظرة حادة:
-بالتأكيد رأيت مثله الوفاً ثم أنه ليس من اللياقة أن تذكر أسم امرأة أخرى وأنت فى شهر العسل
وكان اعتذاره المخلص لها بمثابة فاتح شهية لفطور وللحب
حين أستيقظت لوسى فى المرة الثانية كانت الشمس قد قاربت كبد السماء ولم يكن جوس موجودا فإعتدلت فى جلستها مشتتة التفكير ثم تهللت وهى ترى قصاصة ملتصقة بالمرآة:
(أعتقد أننا قمنا من الرحلات ما فيه الكفاية يا لوسى فى فترة معقولة ولذا فسوف أعطيك فرصة للأستجمام من عناء السفر.أخلدى للراحة فى السرير وأطلبى ما تشائين من جى)
منتديات ليلاس
وفعلت كما طلب منها مستلقية فى فراشها بين القراءة والتهام الفطائر وشرب القهوة يحمر وجهها خجلاً كلما تذكرت سبب هذا النهم منها وحاولت جهدها أن تركز فى الرواية التى بين يديها ولكن ذهنها كان دائما الشرود تتساءل أين جوس وتتوق لعودته وأنتفضت من شرودها على باقة زهور حمراء القيت فى حجرها ووجدت نفسها بعدها بين ذراعى جوس يقبلها بشوق وقال لها بعد أن هدأت حمية اللقاء :
-لقد حاولت أن أمدد حجز هذه الغرفة مدة أطول ولكن مدير الفندق أبدى أعتذاره فلم تكن خالية إلا هذه الليلة فقط
-وماذا بعد؟
لقد قال إن زوج خال أبن عم زوجته أوشيئا من هذا القبيل تملك فيلا بالقرب من الشاطئ ليست بعيدة من هنا تطل على شاطئ خاص صغير محفوف بأشجار الصنوبر و مؤثثة بالكامل وتحت أمرنا لو أردت أسبوعا أو أثنين فما رأيك؟
صاحت متهللة:
-أوهـ بديع ! (لوكان جوس قدم لها هذا الأقتراح قبل أربعة وعشرون ساعة فقط لوجدت فى نفسها ترددا شديدا لأن تقضى معه هذه المدة وحدهما بعيدا عن الناس)ومتى يمكننا أن نرأها ؟
-فى الحال يا سنيورا ,فارجاس تنتظرنا هناك وقد سويت حساب الفندقفهيا أحزمى متاعنا ولننطلق إلى هناك توا أو لأى مكان أخر قبل ذلك لو أردت
وأقبل يساعدها على حزم متاعهما البسيط وفى تلك الدقائق كانا مستعدين للأنصراف ووقفت لوسى بجوار السرير تمسح بيدها على نقوش أحد أعمدته وهى تبتسم لجوس قائلة:
-أغلب الناس يتمنون قلعة فى أسبانيا وزوجى يجد لى قلعة رائعة فى البريغال
وازدات عيناه عمقا وهو يخطو تجاهها ثم توقف وأخذ نفسا عميقا :
-سوف أشكرك على المجاملة فيما بعد
وبعد ساعة واحدة كانا واقفين فى غرفة منزل ذى طابق واحد مختلفا تماما عما ترأه فى نشرات السياحة الدعائية .كان منزل قديماً بارداً ومؤثثا بدون إسراف وكان سقفه عالياً وواجهته مطلية بلون وردى باهت وكل غرفة فيه تؤدى للشرفة خلال باب مروحى مزدوج أما الأثاث فكان من خشب مزين بالحفر داكن الألوان وكانت نوافذه ذات مصارع خارجية خشبية تكسوها من الداخل ستائر مخططة وكان منظر المنزل يوحى بقرن أو قرنين من الزمان وقال لها جوس :
-ليس على المستوى بالنسبة لك؟
فهتفت وهى تبتسم بفرحة طاغية :
-أنها رائعة وأنحنت على دربزين الشرفة تتأمل النباتات التى تضمن عزلة تامة لكازا روزادا من نخيل وأشجار الصنوبر المتقاربة والمتشابكة ومن وراء تلك الأشجار كان الأطلنطى يقذف بأمواجه ورزازه على شاطى كوستا فيردى (الشاطى الأخضر) الخاص بالفيلا والتى هى مكان العطلات لأسرة فارجاس بائعى النبيذ من مدينة أوبورتو ولم تكن عادة الأسرة تاجير الفيلا ولكن سنيورا فارجاس حين علمت بوجود عروسين إنجليزيين فى شهر العسل قبلت بسماحة نفس أن تؤجرها لهما حيث كان من حسن حظهما أن أحدا من الأسرة لم يريدها فى ذلك الوقت ومرت بهما الأيام التالية فى روتين أمتع نفس لوسى أيما أمتاع فى الصباح يأخذ جوس سيارته للقرية ليحضر الخضراوات والبيض الذى تصنع منه لوسى عددا لا يحصى من الأطباق التى تجيد طهوها لتجعل من كل فطور شيئا مختلفا متميزا ثم ينكب جوس على عمله فى تأليف الكتاب بينما تستمتع هى بالقراءة أو أخذ حمامات شمس أو النوم لتعوض ليالى جوس المرهقة وكان فى إحدى تلك الليالى أن سألته لوسى عرضا أن كان ولهه بها يماثل واهه بكارولين وحين أفاق جوس من مفاجاة السؤال قال لها مذكراً:
-لا تنسى أنك أنت من أعترضت على أن يذكر أحد الزوجين أسم شخص أخر فى أثناء شهر العسل
-وهل يعنى ذلك أنك كنت مدلها فى حبها كما كنت معى الأن؟
وأطبق جوس فمه تماما مما جعل لوسى تتساءل هل هذا لأنها تتجاوز حدودها أما لأنها أصابت كبد الحقيقة وتذرعت بالصبر بإنتظار الرد وقد عادت بذاكرتها لذلك الصيف المشؤوم متذكرة نفسها وجوس وسيمون بوضوح أما كارولين فلم تكن تتذكر منها سوى شابة رائعة الحسن دائمة التذمر من خاطبها الذى يقضى أغلب أوقاته فى غرفة المكتب وحين يخرج منها لا يتورع عن مداعبة رفيقة أخيه
وحين جاء صوته أخيراً كان وهو يعتدل ويضئ المصباح بجانب السرير قائلاً:
-سوف أحضر لنفسى شراب أتريدين أن تشربى شيئا؟
نظرت إليه متوجسة تتمنى لو تقرأ ملامح وجهه وقالت :
-نعم عصير برتقال من فضلك
وأرتدى جوس رداء نوم ثم مضى وبحثت هى عن رداءها شاعرة بالحاجة إلى شئ يحميها تتدثر به وصفت بعض الوسائد وراء ظهرها ثم جلست منتصبة الظهر
حين عاد جوس بالشراب نظر إلى وجهها الجامد ثم أبتسم قائلاً:
-بالله عليكى يا لوسى أنى لن أكلك
شعرت بشئ من الأرتياح وتناولت منه الشراب شاكرة ثم أخذت ترتشف منه وهويأخذ مجلسه بجوارها على السرير وبدأ حديثه معها :
-لوسى.ربما آن الأوان لنصفى بعض الأمور المفهومة خطأ فيما بيننا
تقلصت يدها على ساق الكأس قائلة:
-ماذا تقصد يا جوس ؟
-منها موضوع كارولين
-أوهـ جوس ليس مطالبا منك بأن تقول أى شئ إننى أسفة أن ذكرت أسمها لك
وكانت قد أنتابتها رغبة فجائية ألا تسمع ما سيقوله
-ومع ذلك هناك أمر أو أثنين ألايدك أن تعرفيهما
كان صوته هادئا كصوته حين يلقى محاضرة
-أننىلم أتورط مع خطيبتى كارولين بسبب جمالها ولكن كنت صيدا للتخطيط منها وكانت تكبرنى بعدة أعوام وعلى الرغم من جمالها الفائق لم تستطيع أن تجذب للها زوجا ثريا يرضيها
قالت لوسى بهدوء :
-هكذا؟
-وفى ليلة من اليالى مكتملة القمر وأثناء عودتها من أحدى الحفلات وجدت نفسى أطلب يدها على الرغم من عدم ملائمة الظروف تماما فقد كنت مطالبا بإنها كتابى الأول فى موعد محدد وكان عن سكان استراليا الأصلين لو تتذكرين
وربتت يدها قائلا :
-ما أريد أن أقوله هو أنى لم أشعر يوما بحب كارواين ولا حتى أفتتان بجمالها كما كانت تتمنى وقد أدى ذلك إلى أن تثور ثائرتها إذ لم يتحمل غرورها ذلك
وقبضت يدها على يده تعاطفا :
-لم يكن لدى أدنى فكرة عن ذلك كل ما أعرفه أن سيمون لم يكن مغرما بها .....ولا أنا
-ولكنه لم يذكر لى شيئا عن ذلك البته
-لقد أخذت عليه وعداً ألا يفعل وبخاصة حين دب بيننا شجار أمامه نعتتنى فيه بأوصاف يخجل الرجل من التفوه بها لقد كان قموسها حين تغضب مليئا بالألفاظ الجارحة لا يتحملها الرجل على نفسه ناهيك أمام أخيه الأصغر
قالت مدهوشة :
-أن سيمون لم يذكر لى حرفا عن ذلك
لقد كانت تعتقد أن سيمون لا يخفى عليها شيئا
-ألهذا السبب أنغمست فى الشراب ؟
-لا بل كان ذلك لأشياء أخرى كانت كارولين تشك فى وجودها وتمتلئ نفسها مرارة لها
نظرت إليه متساءلة بينما هو شارد بذهنه بعيداً
-أن خطيئتها الكبرى كانت حينما تحولت عنى إلى سيمون
-ماذا؟! أنك غير جاد
-بل جاد كل الجد إن كارولين من الصنف الذى لا يستغنى لحظة عن أحد يطرى جمالها على الرغم من أنها باردة الأحاسيس أصلا ولكنه العجب بالنفس منها
-لم يذكر لى سيمون حرفا عن ذلك كل ما أعرفه أنه لم يكن يميل إليها
-يميل إليها ؟لقد كان مرغوبا منها لقد بذلت قصارى جهدها لأستمالته إليها ولكن أى فرصة كانت لها وأنت معه؟لكم أرتاحت نفسى حين ظهر مانويل فارجاس فى الصورة وكنت على إستعداد أن أقدم له بائنة لو لم يفز بها
منتديات ليلاس
وشعرت لوسى وكأنها تغوص فى أعماق المحيط :
-لقد ظننت أن الصدمة أدت بك إلى إدمان الشراب
-وهذا ما تظاهرت به وجعلت كل أنسان يعتقده (ودس يده وراء ظهرها ثم أحاط بخصرها يضمها إليه)لقد كنت أشاهدك تملئين المكان لهوا مع سيمون فى ذلك الصيف فأحسده من كل قلبى ولم يكن أمامى سوى الشراب
تجمدت لوسى مذهولة:
-أكنت تحسده يا جوس؟!
ضحك لها ضحكة غريبة مجهدة :
-لقد كان سيمون يبدو وكأنه حاز كل شئ أتمناه فى ذلك الوقت الشباب والحرية والوسامة الفائقة.....وأنت
أبتلعت ريقاها بصعوبة :
-كنت أعلم أنك ميال إلى ولكن......
-ميال!!لقد كنت راغباً فيك بكل جوارحى يا لوسى لقد كنت أمامى شعلة من الحيوية والجمال وأنت تروحين وتغدين أمامى فى ملابس التنس الضيقة
أبتسمت لوسى فى خجل :
-ملابسى الرياضية التى أنكمشت من كثرة غسيلها لقد كنت أكره أن أبدو طفلة أتوق لأن أبدو كفتاة شابة مثل كارولين عسى أن ألفت نظرك
وأدارها إليه وقبلها قبلة حامية ثم همس أمام ثغرها :
-تلفتين نظرى؟لقد كانت عيناى لا تفارقك وقد لاحظت كارولين ذلك فجن جنونها أن ترانى أفتن عن فتاة مكتملة النضج مثلها ببنت من بنات المدارس
حكت خدها بخده :
-أكنت كذلك يا جوس ؟
-وللأسف كان أثباتى بشعاً فى ذلك الصيف
ونظر إليها فأسدلت جفنيها خجلاً :
-لقد كانت حادثة طارئة...ظروف أقصى من تحملنا ولكن ما لا أفهمه يا جوس لماذا منت بهذه القسوة حين أخبرتك بحملى؟أنك لم تبدى أية عاطفة تجاهى وقتها
ضمها إليه بقسوة :
-الصدمة والغضب.....الغيرة بصورة ما لم أكن أتصور أن يكون بينك وبين سيمون هذا النوع من العلاقة متصوراً أنك كنت مرحبة بها بعد التجربة المريرة لك معى
وأرتجف جسده بعنف فاقبلت عليه تضمه بعنف قائلة :
-هون عليك يا جوس....كف عن التفكير فى الماضى
ووضع إصبعاً تحت ذقنها ورفع وجهها إليه :
-هل غفرت لى يا لوسى ؟
فبرقت عيناها قائلة:
-جوس فلتنس هذا الأمر كلية أننا معا الأن ولا سيمون ولا كارولين ولابد أن كارولين كانت بمنتهى الغباء أن تفضل نقودك عليك
ثم نظرت إليه بدلال قائلة:
-وأنا متأكدة أن نساء كثيرات قد أكدن لك هذه الميزة فيك على مدى العشر سنوات السابقة
أبتسم لها وأخذ وجهها بين كفيه:
هذا حق ولكن ما من امرأة قد جعلتنى أشعر بما أشعر به معك
نهاية الفصل السابع
|