كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
تجمدت أوصالها وكادت عيناها تقفزان من محجريهما كان الجسد المائل لدى الباب أشعث مغبرا رث الثياب عيناه فى حمرة الدم وسط وجهه المنهك المضنى ولكن العين لم تكن لتخطئه
وأطلقت لوسى صرخة جشاء حين تمالكت وعيها ثم كانت حرارة اللقاء بين الدموع والضحكات الهستيرية المختلطة بالقبلات والأحضان
وتعجب جوس من أن احد لم يتصل بها ليزف لها نبأ عودته وعللت هى ذلك بعطل فى خط التليفون
وسألها :
-هل أنت أحسن الأن حالا يا حياتى ؟أحسن؟
وأبتسمت له قائلة:
-نعم أحسن يا جوناس وودبريدج
ثم ماتت الأبتسامة على شفتيه وهى تسأله :
-ماذا حدث يا جوس؟
فأخذ وجهها بين يديه وقال :
-كما ترين لم أمت فليس لدى النيه أن أجعل منك أرملة قبل أن تتعودى على الأقل على فكرة أن تكونى زوجة لى
ثم قص عليها كيف سقطت بهم الطائرة ونجا هو والقائد بينما قتل مرافقهما وكيف شقا طريقهما وسط ولمست لوسى وجهه بأصابع حانية قائلة:
-إنك نحيل هزيل
قال وهو يقبل أصابعها:
-ورث المنظر بكل معنى الكلمة
فطوقته بذراعيها:
-بل أجمل رجل فى الوجود
وقطع عليهما عناقهما طرق على الباب ثم صوت توم يستأذن فى الدخول فقفز جوس صائحا:
-توم
وقطع الغرفة فى وثبتين ليأخذ أبنه بين حضنه قبل أن يبدى دهشته للفافة التى يحملها بعناية بين ذراعيه ونظر توم إلى والدته يسألها العون فقالت مبتسمة:
-ليس ماذا يا جوس بل من أنها أوليفيا وودبريدج ليف هذا دادى
وحملق جوس إلى الضيع الذى يحمله توم ثم أخذ يردد نظرة غير مصدق بينه وبين لوسى التى قالت له:
-أنها مبتسرة قليلا وليست صبيا لكنها فى تمام الصحة والقوة
وتدخل توم قائلاً:
-خصوصا فى صوتها...لقد كانت تملأ المطبخ صراخا منذ قليل ألم تسمعها ؟
-لا يا توم لقد كنت مشغولا بتقبيل والدتك
هز توم معترفا بالواقع وقال :
-هذا ما قدرته ولذا فقد ظللت بعيدا لفترة أتصور أن هذا وقت إطعامها
وكإنما كانت تلك إشارة البدء للصغيرة فأطلقت عقيرتها وأنتفض جوس قائلا:
-يأ إلهى
وأخذ يردد بصره عاجز الحيلة بن زوجته وأبنه الغارقين فى الضحك وقال توم:
-أعتقد أنكما محتاجان إلى الأنفراد هل تقص لى القصة كلها بعد أن تطعم الصغيرة؟
وناول جوس لوسى الطفلة وعيناه تفيضان بالحنان مؤكدا لتوم أنه سيفعل وطلب منه أن تجهز له مسز بنسون فطورا وأنطلق توم بخفة ونشاط بينما أحاط جوس كتف لوسى بذراعه وهما يتطلعان إلى أبنتهما فى تأثر بالغ وقال جوس وهو يربت شعر زوجته:
-يا إلهى أنه معجزة
-وهى انها السبب أننى لم أشف سريعا من ذات الجنب أهـ يا جوس لكم كانت فرحتى حين علمت بالحمل مع حزنى على ألا أستطيع مشاركة هذه الفرحة معك
وتساقطت دموعها على وجه صغيرتها وأنحنى جوس ليزيلها بقبلاته وقال لزوجته:
-لا تبكى يا حبيبتى إنك تمزقينى إربا وأقس ألا أتركك بعد الأن أكثر من خمس دقائق لو كان هذا بإستطاعتى
وسألته:
-ألم تتسلم شئ من خطاباتى؟
-لا ربما كانت فى مكام ما ولم أهتم بالسؤال عن ذلك فكل همى كان مركزا على عودتى وكنت أريد مفاجاتك لأرى رد فعلك تجاه عودتى
-هكذا ؟هل أنت راض الأن؟
وضمها ضمه جعلت أوليفيا وودبريدج تطلق صيحة أحتجاج أغرق والداها بعده فى الضحك
وأقبلت مسز بنسون بصنية عليها أصناف الطعام وأقبل عليها جوس بنهم ولوسى تقص عليها بيعها المتجر لبرودى وبول وما أل إليه وهو تحت أيديهما كشركاء فيه وأخيرا أعطت الصغيرة لمسز بنسون وجلس ثلاثيتهم فى غرفة المكتب أمام نيران المدفأة كى يبدأ جوس فى أشباع فضول توم بتفاصيل مغامرته وسألته لوسى فور فراغه من قصته :
-وهل تزمع أن تقوم برحلات مماثلة فى المستقبل
ورد عليها قائلاً :
لن تقلقى على بعد الأن يا لوسى فسوف أتفرغ لكتابة القصص الخيالية
-والتى لن تكون أغرب من الحقيقة فى أحوال كثيرة
وقال توم متأثرا بقصة أبيه:
-نعم هذا حق
ثم أحمر وجهه خجلا فجأةى وهو يقول بتردد :
-لقد سمعتكما تلك الليلة
وتبادل جوس ولوسى نظرات متسألة ثم سأله جوس برقة:
-أية ليلة؟
-ليلة أن جرحت قدمى أيقظنى العطش ليلتها فنزلت لأشرب فمررت من أمام باب هذه الغرفة وسمعتكما تتجادلان حول فصائل الدم
وشحب وجه لوسى :
-هل سمعت الحديث كله؟
هز توم رأسه بعنف :
-لا فقط سمعت أن والدى ليس سيمون ثم عدت للفراش
لف جوس ذراعه حول ولده وسأله:
-حسنا وماذا تشعر حيال ذلك ؟
رد توم ببساطة:
-عظيم
ثم عبس وسأل والده بقلق :
-هل كنت ستتزوج مامى على الفور لو أخبرتك فى البداية؟
نظر جوس لزوجته نظرة أقشعر لها بدنها ثم قال:
-لقد كنت طوال عمرى أتمنى أن أتزوج والدتك
وردت هى مبتسمة لزوجها :
-وأنا
سأل توم:
-إذن فسأكون توم وودبريدج من الأن؟
سأله جوس :
-هل تريد ذلك؟
بدت البلبلة على وجه الصبى :
-المسألة ألن يستاء جدى أن أبدل أسمه؟
فقالت لوسى مؤكدة له:
-بل سيبتهج لذلك لقد كان جدك يظن دائما أننى ظالمة لجوس
وتمتم زوجها
-وكذا أنا
وأبتسم تتوم ثم قفز قائلا:
-حسنا إذن سيكون الأمر أيسر لى حين أعود إلى المدرسة .هل أذهب إلى الصغيرة؟
أبتسمت له أمه بحنان :
-نعم أذهب وأدفعها قليلا على عربتها حتى تنعم مسز بنسون ببعض السلام
ولكن السلام لم يكن سهل المنال لبيت وودبريدج بقية اليوم لكثرة الوفود التى وردت إليه مهنئة أو وسائل الأعلام الذين أتوا بكاميراتهم وأخذ توم يتقافز ليظهر أمام الكاميرا التى تعد برنامجا سيبث تليفزيونيا هذا المساء فى سهرة عيد الميلاد لتذيع القصة التى مست قلوب أبناء الوطن جميعا ودعا جوس و لوسى الزوجان بنسون ليواجها معهم الكاميرا التى كانت مسلطة على الشاب فارع الطول وسيم الطلعة وزوجته ذات الأبتسامة المشرقة وأبنهما الذى كان يقف متفاخراً بلفافة على يديه وقالت المذيعة الجذابة وهى تبتسم للكاميرا :
-قصة أنسانية من قصص الأساطير أنتهت نهاية سعيدة
وأمن جوس على كلامها وهم جلوس يشاهدون البرنامج وقالت لوسى لزوجها حين أصبحا وحدهما بعد ذلك :
-هذه أسعد ليلة مرت على فى حياتى
وقال زوجها :
-من أجل سماع هذه الكلمة كنت مستعدا أن أحضر زحفا من مجاهل الأمازون
وبعد ستة أشهر وفى أمسية من ليالى شهر يوليو (حزيران) جلست لوسى أمام شاشة التليفزيون لتشاهد برنامج بعنوان معجزة من الأدغال عن نجاة جوس لاذى كان يقص القصة بصوته الهادئ وأسلوبه البسيط قصة النجاة والتحمل من اجل الحياة فرغم أن المصور قد لقى حتفه فإن إحدى الكاميرات لم تمس بسوء وأستخدمها جوس فى تسجيل وقائع المغامرة وحبست لوسى أنفاسها وهى ترأه فى لقطات خلال غابة مطيرة ولم تكن كلماته درامية ولكنها كانت ىبارعة الوصف للغابة وأشجارها الملتفة المورقة وكادت تسمع طنين الهواء وصرخات القردة وتحس برطوبة المنطقة وحرارتها وكانت هناك لقطات لأفراد قبيلة آرانى الخجولين ومساكنهم من أفرع الأشجار وشهقت لوسى لمنظر زوجها الذى التقط الطيار صورة لوجهه الهزيل غير الحليق
قال لها جوس وهو يراقبها:
-لا تبكى يا عزيزتى
-لست أبكى.....صه !
وظلت محدقة إلى الشاشة حتى نهاية البرنامج
ثم تنهدت قائلة :
-يا إلهى ! لقد كنت محظوظا يا جوس
-أعلم ذلك
ومد يده يضمها إليه :
-لابد أنى أسعد أنسان فى العالم بكونك إلى جوارى ومعك توم والأنسة مفأجاة الموسم
وأنحنى فقبلها فلة ثم قال :
-أننى أفكر فى أن نعود هذا الصيف إلى البرتغال ونأخذ معنا توم وليف ونرى إذا كانت السنيورا فارجاس ستؤجر لنا المنزل مرة أخرى وكذلك الخادمة التى رفضت خدماتها المرة السابقة
رفعت لوسى رأسها :
-إنك لم تذكر هذا لى من قبل يا جوس وودبريدج
فأبتسم لها جوس قائلاً:
-لسبب وجيه يا لوسى وودبريدج فلم أكن لأجازف بأن تقتحم علينا خادمة الغرفة فى وقت غير مناسب
وفى الغرفة المجاورة ولولت أوليفيا وودبريدج ولولة أستكشافية ثم صمتت وعادت للولولة وحين يئست من مجيب يجيبها وضعت إصبعها فى فمها وراحت تدريجيا فى النوم تاركة والديها فى سعادتهما
تــــمــــت
|