كاتب الموضوع :
فداني الكون0
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
أخذ نفساً عميقاً وسريعاً. وأحست انها تمادت كثيراً في غيها. وفي ضوء القمر خلفهما رأت الغضب يملأ عينيه وينذر بالشؤم. بدأ قلبها يضرب بسرعة فائقة من الخوف. أطبق يديه بشدة على ذراعيها فانغرزت اصابعه في لحمها وأجبرها على النظر اليه وجهاً لوجه. قال لها بمرارة واضحة:
-لقد تحملتك كثيراً. لقد تحملت اهاناتك واتهاماتك وغمزاتك ووقاحتك. أنا لا اصدق انني احتملت منك كل ذلك. لو كنت ألد اعدائي لضربتك ضربة على وجهك وهشمت أنفك ولكنني لا استطيع..... كنت اريد ان اضعك على ركبتي وأضربك على قفاك كطفلة غريرة....
ازداد خوف لين وبسرعة حاولت الافلات من قبضته. أرخى كريس قبضته واسرعت هي بالخروج من السيارة وكذلك فعل هو وخرج لملاقاتها خارج السيارة. امسك بها وقادها قرب حائط المنزل حيث يوجد بعض العتم وقال بحنق ظاهر من بين أسنانه:
-أنا لا يهمني ان كنت مخطوبة لرجل آخر. أنت ملك لي في هذه اللحظة.
طوقها بذراعيه وعصرها حتى شعرت ان ضلوعها قد تكسرت في صدرها وعانقها بوحشية فائقة. حاولت التملص من قبضته وتحركت ذات اليمين وذات الشمال كحيوان علق في الفخ. ولكنه كان قد أحكم طباقه عليها... وفجأة وبالرغم منها وجدت نفسها تتجاوب مع عناقه كلياً بادلته عناقه الحميم... ومرت لحظات ثم انفصل عنها وأفلت ذراعيها من حول عنقه ونظر اليها منتصراً غاضباً. كانت في عينيها نظرة حانية. نظرة استسلام كلي له. هزها بعنف وتركها وركب سيارته. فانطلق بها وسط الظلام.
غطت لين وجهها بيديها. غابت عزة نفسها بعد ان شعرت بأنها مهانة تماماً. لقد حطم كل الحواجز التي بنتها بينهما. لقد استسلمت له نهائياً. لقد رمت بكل اسلحتها. لقد انهزمت.
لأول مرة اعترفت لنفسها بأنها تحبه حباً لا تراجع عنه. ليس بيدها حيلة. لا تملك حيال حبه أي رادع. انه لا يبادلها الحب، وربما ذهب الى الأبد ولن تراه بعد اليوم.
مرت عطلة نهاية الاسبوع طويلة ومملة. واعتذرت لكين هاتفياً بعد عودتها من السهرة بأنها مريضة وسترتاح في فراشها خلال اليومين المقبلين.
قال كين مستغرباً:
-ربما كان علي أوصلك بنفسي الى بيتك ولكنني شعرت ان كريس قد دبر كل شيء ولم اشأ ان أجادله أو ان اعترض لأننا كنا في سيارته. هل أوصلك بالسلامة؟
-نعم شكراً... (وتعلثمت في كلامها وهي تجيبه)
في صباح يوم الاثنين حضرت ماري الى غرفة الاساتذة وكانت قاسية جداً وهي تكلمها:
-ما خطبك؟ يبدو عليك المرض. هل أنت كذلك؟
-لا انني بخير يا ماري.
-هل هناك اية مشكلة؟ انا صديقتك ويمكنني مساعدتك!
-ماري! لا أحد يستطيع مساعدتي. انا لا استطيع ان اساعد نفسي!
-كيف عدت مساء الجمعة الى منزلك؟ هل هناك اية مشكلة؟ شعرت ان كريس كان يعتريه مزاج غريب ونحن في طريق العودة من السهرة.
-لقد وصلت بالسلامة. شكراً.
-لين! انني أعرف حالك. لقد احببت انا من قبل واعرف شعورك جيداً.
افترقتا كل منهما الى غرفة صفها. وحين التقتا من جديد فترة الغداء طلبت ماري ان تكلم لين بشأن خاص. وهكذا انفردتا سوية في حديقة المدرسة حيث بدأت ماري حديثها:
-لقد اخبرتك سابقاً عن زواجي الفاشل وانا في سن المراهقة وكيف تركني زوجي الى غير رجعة.
-وهل عاد اليك الآن يا ماري؟ أحسست مؤخراً بأنك سعيدة للغاية.
-على العكس. سنفترق نهائياً بالطلاق. لقد التقيت أحدهم. أحببته واحبني وسنتزوج عما قريب. لكنني لست حرة لأنني لم اطلب الطلاق من زوجي الأول خلال السنوات الماضية. واليوم وبعد عناء البحث وجدته وقد تزوج وله اربعة أطفال وانا بصدد انهاء اجراء معاملات الطلاق منه لأتزوج من جديد.
-هذه أخبار سارة. هل أعرف الرجل؟
-لا استطيع ان أخبرك باسمه لأن اجراءات الطلاق لم تتم بعد. علينا ان نبقي هذا الامر سراً حتى لا أفسد الخطط كلها. انني اثق بك كثيراً ولكن حبيبي جعلني أقسم على الكتمان لحين حصولي على الطلاق والحرية. مركزه كبير وأنا لا أرغب في الحاق أي ضرر به من جراء الاقاويل.
-وهل أعرفه؟
-لا استطيع ان اخبرك أي شيء.
ولما عادتا الى غرفة الاساتذة كان الاستاذ سميث مدرس الكيمياء يمسك بجريدة الناشونال الصباحية وهو يلوح بها قائلاً:
-أنتم مشاهير. صوركم في جريدة الناشونال الكبيرة. ثلاثتكم مع المفتش الاستاذ كريستوفر يورك.
وقرأ استاذ الكمياء ما كتب تحت الصورة:
الاستاذ كريستوفر يورك، وهو عازف البيانو الشهير ماركوس الدرمان، يتعشى مع اصدقائه بعد الحفلة الموسيقية حيث عزف على البيانو في مهرجان المسرح والموسيقى للمدارس الثانوية في ميلدنهد.
لقد تبرع بالعزف لأنه يعمل اليوم مفتشاً للغة الانكليزية في وزارة التربية. حالياً، ليس لديه أي نشاط موسيقي ومع ذلك لم يخسر مهارته في العزف بل على العكس... حين سأله مراسلنا عن صحة خطوبته بالمغنية الشهيرة الآنسة انجيلا كاستللا لم ينف علاقته بها.
سألت ماري مستغربة:
|