ابتسم لها وبذلت جهدا كي تمنع نفسها من سيطرة الذكريات عليها . لقد ابتسم لها ذات الابتسامة عندما اصطدم بها على درج المكتبة فى اول لقاء لهما , مبعثرا كتبها فى كل المكان ومبعثرا قلبها الى مئات الاجزاء . " اذا يمكننا البدء منذ البداية "
ضغطت جينا على شفتيها بقوة وهزت رأسها قائلة : " منذ البداية " تمنى لو انها لاتبدو هكذا , جذابة بشكل يجعله يتمنى لو.. لا , لا يتمنى شيئا .
قال : " كتعبير كلامي , بالطبع . اقصد هناك كل ذلك التاريخ وراءنا
لم تكن ترغب فى التفكير بذلك , على الأقل , بالامور الجيدة , انها فقط تضعفها , وتعيق تقدمها . فأجابته : " اصبح وراءنا الأن "
بدت وكأنها ستنسى قريبا كل شئ . أزعجه ذلك مع أن هذا ما يريدها ان تفعله او هل قال ان هذا ما يريده منها ؟
شعر بحزن كبير , فقال : " على الأقل هناك شء واحد جيد "
لم تكن تدرى مطلقا عما يتحدث فقالت : " وهو ؟ "
هز كتفيه , ومد يده بطريقة وكأنه يشرح بها :" لا داع لنقلق على التأثر ببعضنا " حدقت به مرتبكة كليا , لذلك تابع بمرارة أقل , مدافعا عن فكرته : " كما تعلمين , عندما يلتقى رجل وامرأة معا هناك دائما عدة أسئلة تلقى بنفسها عليهما . هل أعجبه ؟ هل تحبنى ؟ نحن نعلم تماما اننا لا نستطيع تحمل بعضنا البعض "
استغرقت دقيقة من الوقت كي تتمكن من ايجاد صوتها . فقالت : " هل تشعر هكذا ؟ كانت على رأس لسانه كلمة نعم . مع انها لم تكن الحقيقة . لكنه لم يستطع ان يقولها , على رغم استحقاقها لها . قال : " حسنا , لا لكنني اعتقدت انك انت تشعرين هكذا "
رقت قليلا لكن التوتر الذى كان مسيطرا عليها لم يخمد : "لم أقل ابدا اننى لا استطيع تحملك "
هل كانت ذاكرته ضعيفة ام انها فقط متعلقة بعلم دلالات الألفاظ ؟ قال موافقا : "لا , لا , لم تفعلى " تذكر الحادث بوضوح ., تماما مثل الكلمات التى قالتها , تابع : " اعتقد ان الكلمات التى استعملتها بالتحديد . انا اكرهك واتمنى لو اننى لم اتعرف عليك ابدا " رأى من نظرات عينيها انها تذكرت ذلك الحادث , ايضا : " لا اريد أن أذكر ما تبقى " شعرت جينا ان وجهها ورقبتها قد اصطبغت باللون الاحمر : " كنت تستحق ذلك "
" انا استحق ... ؟ " امسك تشايس نفسه قبل أن يفقد السيطرة على اعصابه ,. قال : "ها نحن نعاود القديم ثانية "
انه على حق , اذا استمرت فى الانغماس فى الشجار معه هكذا , فلن ينجح الامر . قالت : "اسفة " نظرت جينا الى الخارج , محاولة بيأس ان تفكر بشئ ما غير تشايس وماضيها معه اى شئ اخر .
وضعت زندها على مكان الذراع , وامسكت ذقنها براحة يدها ونظرت الى الخارج عبر النافذة , تخلصت من اثقالها وادركت انهم يتوجهون الى مطار جون واين. لسبب ما كانت تعتقد انهم سيطيرون من مطار لاكس . والفريق يعنى انهم بذلك سيوفرون ساعة من الوقت . هذا امر جيد لا تعتقد انها تستطيع البقاء حية وهى قريبة منه هكذا .
منتديات ليلاس
تحولت عيناها باتجاه السماء . ربما لتبحث عن قرار . وبعدها ابتسمت . راقبها تشايس بالرغم عنه , ما ان ظهرت الابتسامة على شفتيها , لم يتغير فيها شئ ., وهذا يشمل تأثره بها , دائما يجد تلك الابتسامة الصغيرة على شفتيها لا تقاوم
تمنى لو يستطيع السيطرة على أفكاره كما سيطر على صوته وهويقول : " على ماذا تبتسمين ؟"
قاطع أفكارها ونسيت مع من تتكلم للحظة . قالت : "انظر الى اشكال الغيوم . ماذا ترى فيها ؟ "
اقترب قليلا ليتمكن من رؤية ذات المنظر مثلها . كانت السيارة تمر من أمام مبنى قيد الانشاء . وكان الرجال يعتمرون خوذات بيضاء ويبدأون بالعمل لم ير شيئا يجعلها تبتسم .
" أين ؟ "
" هناك " ورفعت أصبعها الى أعلى السماء .
نظر, ولم يلاحظ شيئا له دلالة ما قال : "ارى الغيوم "
هزت جينا رأسها وقالت : "هناك سحب , يرقص مع سحب اخر و ألا تستطيع رؤيتهما ؟ "
رفع تشايس حاجبيه مشككا . انها خيالية وطائشة كما هي دايما " انت تدعين مخيلتك تسيطر عليك . ان ما ترينه مجرد غيوم , جينا , ولا شئ آخر , فقط غيوم "
ما الذى كانت تتوقعه ؟ تغيركامل فقط لأنه أعلن عن هدنة . شعرت بالحزن اخترق قلبها , قالت :" تشايس القديم نفسه ولاشئ تغير "
اكتشف لمسة من الشفقة فى صوتها وهذا ما أزعجه كثيرا , واذا كان هناك شئ ما , فهي من بحاجة الى الشفقة " لا لم يتغير شئ . ما زلت أرى الواقع " وليضع حدا لأى نقاش جديد انحنى الى الامام وادار التليفزيون الصغير الموضوع أمامهما .
لم تر جينا ذلك جديدا . وليس هناك شئ من الحلم باق فى شخصيته . انزعجت جدا واطفأت الجهاز لتحصل على انتباهه وهى تقول : " ولا شئ وراءها "
" ليس هناك شئ وراء الواقع " وادار الجهاز ثانية .
انها تكره ان يصبح غير مطواع . وهذاالحس الحسابى فيه . فقط يرى الابيض والاسود . الرصيد والديون . وليس على ما ينطوى بينهما .
" انت مخطئ فى ذلك , تشايس . هناك الكثير وراء الواقع "
وهذه المرة تركت جهاز التليفزيون مضاء .
رفع تشايس يديه فى الهواء وغرق اكثر فى مقعده. واجاب : " ها انت تعودين ثانية . وتقولين لى اننى مخطئ "
ضاقت عيناها وهى تنظر اليه بغضب : " حسنا , انت كذلك "
لقد كانت هى مخطئة , وليس هو . فتابعت : " ربما نحن نرى الاشياء فقط بصورة مختلفة "
مع ان هذه هى الحقيقة لكنها لم تجعل الامر سهل عليه ليتقبله , قال : " نعم ربما نحن كذلك "
قالت غاضبة : "بصورة مختلفة تماما " نظرت جينا الى الخارج ثانية . كانت الغيوم تبدو داكنة , وكأن الريح قد مزقتها بأصابع غاضبة .
منتديات ليلاس
غابت أفكارها بينما كان أحد المذيعين على التليفزيون يثير السأم والملل بمقابلة مع شخص ما امر جيد انها لم تكن تفعل شيئا كهذا مع تشايس
لماذا . بعد كل هذا الوقت , ما زال يعلم كيف يثير غضبها ؟ ولماذا . بعد كل هذا الوقت تسمح له ؟ لما لا تخفى كل امتعاضها او تتخلص منها نهائيا ؟ لن يفعل لها اى شئ ان لم تسمح له , هذا ما أكدته لنفسها , فالحيلة هي, ان تتذكر بأن لا تسمح له . وان تفكر بعقلها وليس بقلبها
حدق تشايس بالشاشة ولم ير شيئا . حسنا لقد مرت الامور بطريقة حسنة هذه المرة . فكر بسخرية . لكن بعد ذلك , انه لا يتوقع ابدا ان تحدث الاموربينهما بطريقة مختلفة ليس عندما يتعلق الامر بجينا . الشجار والنقاش اللاذع هما الصفتان اللتان تختصر علاقتهما .
شجار عاصف وحب عاصف , كما يتذكر .
تذكر , لا لم يكن دائما عاصفا , عندما طافت ذكرى من زوايا مخيلته لتثبت خطأه . لقد كان بعض حبهما لطيف جدا . مثل ذلك الأسبوع عندما استعار كوخ صديقه فى مانموت وتظاهر هو وجينا انهما انحصرا بالثلوج . مع انه لم يكن هناك الا بقع قليلة منتشرة على الارض لقد امضيا الاسبوع باكلمه هناك .
تحرك تشايس فى مقعده بانزعاج , وكأن ذكرى ذلك الاسبوع تسيطر عليه انه يعمل على فقدان عقله , بتذكره ذلك ما عليه ان يتذكره هو وعاء الروستو الذى رمته به جينا . وألحقت به قطع البطاطا الصغيرة التي يحبها , فى لحظة واحدة لقد شعر وكأنه يرجم بالصلصة البيضاء .
كان ذلك فى تلك الليلة عندما عاد الى المنزل ليخبرها عن عرض عمل جديد له . ولقد تأخر لمدة ثلاث ساعات , لكن لم يكن هناك مجال لتسوية الامور . وبعد كل المشاجرات والصراخ وامضاء الليل على ذلك المقعد فى الصالة . انه نظر الى ساعته ورأى التاريخ كان ذكرى زواجهما الاول .
ولم تعد الأمور الى طبيعتها منذ ذلك الوقت .
نظر تشايس ناحية جينا .