كاتب الموضوع :
منى توفيق
المنتدى :
رجل المستحيل
شكراً لردك صديقتي RAYAHEEN وأرجو أن تستمتعي وباقي أصدقائي بباقي القصة
** بسم الله الرحمن الرحيم **
{ نعود لقصتنا }
4 ـ واندلعت النيران ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تأملت ( منى ) ( أدهم ) بإعجاب وهو يزيل تنكره ، وقالت :
ـ يراودني في بعض الأحيان ، أن براعتك المذهلة في فن التنكر ، لها الفضل الأول في نجاحك الدائم يا ( أدهم ).
ابتسم ( أدهم ) ابتسامة ساخرة ، وقال :
ـ عجباً .. لقد نجحت في كثير من المهام ، دون أن أتنكر مرة واحدة يا عزيزتي .
ضحكت بمرح وهي تقول :
ـ حسناً .. إنني أستسلم .. لن أنجو أبداً من سخريتك اللاذعة .
وقبل أن يتهكم على عبارتها دق جرس الهاتف ، فأسرع يتناوله وهو يحوِّل صوته ببراعة مذهلة إلى صوت ( إبراهيم صفوت ) الأجش المبحوح قائلاً :
ـ هنا ( إبراهيم صفوت ) .. من المتحدث ؟
جاءه صوت ( فريدريك أبسن ) مرحاً يقول :
ـ هاللو مستر ( صفوت ) .. لقد بحثت أمرك مع معاونيَّ جيداً ، وقررت أن أوقع معك العقد على الفور ، نظراً لارتباطي بسفر عاجل إلى ( سويسرا ) .. هل لك في الحضور إلى مكتبي في الحال ؟
صمت أدهم لحظة زوى فيها حاجبيه ، ثم افترَّ ثغره عن ابتسامة ساخرة ، لم يظهر أثرها في صوته وهو يقول بهدوء :
ـ بكل سرور يا مستر ( أبسن ) .. إن ذلك يسعدني للغاية .
دلَّت لهجة ( فريدريك ) على الانتصار ، وهو يقول :
ـ رائع .. سأنتظرك بعد نصف ساعة تماماً .
وما أن وضع ( أدهم ) سماعة الهاتف ، حتى أخرج مسدسه من جيب سترته ليتأكد من حشوه ، وهو يقول بسخرية :
ـ يبدو أن هناك لعبة تعدُّ لإيقاعنا أيتها النقيب .
سألته ( منى ) بقلق :
ـ ماذا تعني ؟
أجابها وهو يعيد مسدسه إلى سترته بهدوء :
ـ إن ( فريدريك أبسن ) يريدني في مصنعه بعد نصف ساعة فقط ، ويدعي أنه سيسافر إلى ( سويسرا ) .. وهو لا يدري أو يتظاهر بأننا لا نعلم شيئاً عن أمره ، وأنه مستحيل أن يغادر ( تروندهايم ) ، قبل أن ينتهي من أمر الشحنة .
قالت ( منى ) بقلق :
ـ لن نذهب إذن .. أليس كذلك ؟
ابتسم ( أدهم ) ابتسامة ساخرة ، وقال وهو يضم قبضته أمام وجهه :
ـ بالعكس يا عزيزتي .. إنني أحتاج إلى بعض النشاط .. ثم إنني أميل إلى اللهو هذا المساء .
وازدادت ابتسامته سخرية ، وهو يقول :
ـ ثم إنه لا يصح أن نصيب السيد ( فريدريك ) بخيبة الأمل ، بعد أن وضع خطته على هذا النحو .
* * *
تملك القلق ( منى ) وهي تتطلع إلى جانبي الطريق في أثناء قيادة ( أدهم ) للسيارة ، في الطريق الموصل إلى مصنع ( فريدريك أبسن ) ، حتى سمعت ( أدهم ) يقول بسخرية :
ـ لا داعي للقلق أيتها الزميلة .. إنهم لن يهاجموننا في الطريق العام .
سألته بحدة :
ـ وأين تتصور أن مهاجمتهم لنا إذن ؟
أجابها ببساطة :
ـ عند وصولنا إلى الطريق الفرعي الخاص بالمصنع ، فهو محاط بالجبال الثلجية ، ويمكن لفيل ضخم الاختباء فيه .. أو داخل المصنع نفسه .
ولم يكد ينهي عبارته حتى انحرف إلى الطريق الجانبي ، قائلاً بتهكم :
ـ ارتدي قفازك أيتها النقيب ، فربما تجبرنا الظروف على مغادرة السيارة ، وأنت تعلمين مدى برودة الجو خارجها .
وعلى ربوة قديمة نفث رجل ضخم بخار الثلج من بين شفتيه ، وهو يتطلع من خلال منظار مقرَّب ، وقال لرفيقه الواقف إلى جواره :
ـ لقد اختفت السيارة خلف تل ثلجي متوسط يا ( جورج ) .
أجابه رفيقه ، وهو يضم ياقة معطفه السميك المصنوع من فراء ( المنك ) :
ـ لا عليك يا ( هنريك ) .. سرعان ما تبدو سيارتهما مرة أخرى بعد اجتيازها التل .. إن هذا الموقع مثالي للمراقبة .
قال ( هنريك ) بقلق :
ـ لقد طال الوقت ، والتل أقصر من أن تقضي السيارة كل هذا الوقت للمرور به .
شعر ( جورج ) بالقلق يكتنفه ، وهو يقول :
ـ ناولني هذا المنظار ، ربما عجزت عن تمييز سيارتهما البيضاء وسط الثلوج التي تغطي كل شيء .
تناول ( جورج ) المنظار المقرب ، ووضعه فوق عينيه ، ودار به يفحص المكان بسرعة ، ولم يلبث أن زوى ما بين حاجبيه قائلاً في توتر :
ـ اللعنة !! أتبخرت السيارة ؟ .. أم ذابت وسط الجليد ؟
قال ( هنريك ) بتردد :
ـ هل نلقي نظرة عن قرب يا ( جورج ) ؟
صمت ( جورج ) مفكراً ، ثم أزاح قطرات الثلج التي تجمدت على أطراف شاربه ، وقال :
ـ يبدو أننا سنضطر إلى ذلك يا ( هنريك ) ، فأوامر مستر ( أبسن ) تقضي بالتخلص من الرجل بأية وسيلة .
قبض كل منهما على مقبض مسدسه الضخم بحرص ، وأخذا يهبطان التل الجليدي بحذر ، ثم اقتربا بهدوء من التل ، وأشار ( جورج ) على صاحبه ، قائلاً :
ـ سيدور كل منا حول التل من اتجاه مختلف عن الآخر ، حتى يمكننا مفاجأتهما .
لم يعترض طريق أحدهما شيء ، وسرعان ما تلاقيا بجوار السيارة البيضاء الساكنة والخالية ، فتطلعا إليها بدهشة وحيرة ، وقال ( هنريك ) وهو يلتفت حوله :
ـ أين ذهب العجوز والفتاة بحق الشيطان ؟
هز ( جورج كتفيه بحيرة ، وه يتطلع حوله بدوره ، قائلاً :
ـ فلأذهب إلى الجحيم ، لو كنت أستطيع إجابة تساؤلك .
ثم أشار فجأة إلى ( هنريك ) أن يصمت ، وعاد يشير بسبابته إلى حذاء حريمي صغير ، يظهر طرفه من خلف تل ثلجي قريب ، وهمس :
ـ يالغباء هذه المرأة !! تختفي وسط الثلوج بحذاء أحمر يشبه بقعة من الدم ، فوق صفحة بيضاء ناصعة !!
واقترب كلاهما بحذر ، وقد أعدَّا مسدسيهما للإطلاق ، وما أن أصبحا على قيد خطوات من الحذاء ، حتى قطب ( جورج ) حاجبيه بغضب ، وقال بحنق :
ـ اللعنة !! إن هذا الحذاء خالٍ تماماً .
وانتفض جسده بغتة ، عندما سمع صوتاً هادئاً ساخراً من خلفه يقول بتهكم :
ـ وماذا كنت تنتظر إذن يا ملك الأغبياء ؟
استدار الرجلان بحدة وسرعة تلائم محترفين مثلهما ، وقد استعدت سبابتهما للضغط على الزناد ، ولكن هيهات .. فغريمهما ليس رجلاً عادياً .. إنه ( أدهم صبري ) الملقب بـ ( رجل المستحيل ) .
* * *
لا يمكن الجزم بان أحد الرجلين قد ميز ملامح خصه .. فقبل أن تكتمل استدارتهما ، كانت قدما ( أدهم ) قد أطاحتا بمسدسيهما ، في قفزة رائعة ، ثم توجهت قبضة ( أدهم ) اليمنى كمطرقة فولاذية ، لتهشم أنف ( هنريك ) ، واندفعت يسراه كالقنبلة في معدة ( جورج ) ، أعقبتها يمناه كالصاعقة تحطم فكَّ هذا الأخير بصوت مسموع ، اختلط بآهـة مكتـومـة ، تدلـت مـن شفتي ( جورج ) قبـل أن يهـوي علـى الجليـد فاعد الوعي ، علـى حيـن ترنح ( هنريك ) ، وحاول رفع كفّه إلى وجهه ، لمسح الدماء التي اختلطت بقطرات الثلج حول أنفه المهشم ، ولكن قبضة ( أدهم ) الحديدية ألصقت كفَّ ( هنريك ) بوجهه ، وفتتت عظام فكه ، وأرسلت به إلى عالم اللاوعي .
مسح ( أدهم ) الدماء مع قبضته بهدوء ، وهو يقول ساخراً :
ـ حسناً .. المرء يحتاج إلى بعض النشاط من آن لآخر .
ابتسمت ( منى ) وهي تتطلع إلى الرجلين ، قائلة لـ ( أدهم ) :
ـ لقد ساعدك معطفك الأبيض على التخفي وسط الثلوج يا سيادة المقدم .
ضحك ( أدهم ) بسخرية ، وولج إلى سيارته قائلاً :
ـ دعابة جيدة أيتها النقيب .. أسرعي بركوب السيارة حتى لا نتأخر عن موعدنا مع السيد ( أبسن ) .
سألته ( منى ) بدهشة ) :
ـ هل ستذهب لمقابلته بعد ذلك ؟
هز كتفيه وهو يقول ساخراً :
ـ ولم لا ؟ .. ما دمت قد وعدته ، فلا بد لنا من الذهاب .
ثم أردف بعبث :
ـ إنني أهوى مشاهدة علامات الخيبة على وجوه أعدائي .
* * *
5 ـ رصاصة الموت ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتفض ( فريدريك أبسن ) في مقعده ، وهو يصيح في وجه سكرتيرته بدهشة :
ـ ماذا ؟! .. هل وصل مستر ( صفوت ) إلى هنا حياً ؟ .. أقصد هل وصل في موعده ؟
أجابته السكرتيرة بدهشة مماثلة :
ـ نعم يا سيدي ، وهو ينتظر في غرفتي حتى تسمح له بالدخول ، وبصحبته سكرتيرته .
التفت ( فريدريك ) إلى ( سونيا ) ، وسألها بدهشة :
ـ كيف أمكنك استنتاج ذلك ؟ .. كيف جزمت منذ دقيقة واحدة أنه سيصل سليماً في موعده ؟
ابتسمت ( سونيا ) بدهاء ، وقالت :
ـ لدينا ملف كامل عن هذا الشيطان يا مستر ( أبسن ) .. ومن العسير تصور مهاراته وقدرته ، ما لم يتعامل معه المرء شخصياً .
ثم التفتت إلى سكرتيرة ( فريدريك ) ، وقالت بلهجة آمرة :
ـ دعيه يدخل وسكرتيرته .. وثقي أن رؤيتي ستكون مفاجأة له .. آخر مفاجآت حياته .
* * *
لم يكد ( أدهم ) و( منى ) يخطوان داخل حجرة ( فريدريك أبسن ) ، حتى تراجعت ( منى ) خطوة إلى الوراء ،
واتسعت عيناها دهشة وذعراً ، على حين ابتسم ( أدهم ) بسخرية وضحك ، وهو يقول :
ـ مرحى يا عزيزتي ( سونيا ) .. هل سمحوا لك بالعمل مرة أخري ، بعد هزيمتك الساحقة في ( تكساس ) ؟
اتسعت عينا ( سونيا ) دهشة على الرغم منها ، وهي تصوب إليهما مسدساً ضخماً تدور أصابعها حول مقبضه بصعوبة ، وقالت :
ـ عجباً .. إنك لم تحاول حتى التظاهر بالعكس يا مستر ( صبري ) ، برغم أنك متنكر ببراعة فائقة .
هز ( أدهم ) كتفيه ببساطة وبلا مبالاة ، وهو يقول :
ـ ولم يا عزيزتي ( سونيا ) ؟ .. إنني لا أحب إضاعة الوقت فيما لا يفيد ، وكلانا يعلم جيداً أنك الوحيدة في مخابرات دولتك ، القادرة على تعرُّفي مهما تنكرت ، بسبب شكل أذني .
ثم التفت إلى ( منى ) قائلاً بسخرية :
ـ ذكريني حتى أخفي أذني في المرة القادمة يا زميلتي العزيزة .
رفعت ( سونيا ) حاجبيها إلى أعلى ، وقالت :
ـ أنت متفائل للغاية يا مستر ( أدهم ) .. أؤكد لك أنه لن تكون هناك مرة قادمة .
ابتسم بتهكم ، وقال وهو يعقد ساعديه أمام صدره :
ـ ومن يضمن ذلك يا صغيرتي ؟
صوبت ( سونيا ) مسدسها إلى صدره ، وقالت بعزم :
ـ رصاصات مسدسي تضمن ذلك ، أيها الشيطان المصري .
تكلم ( فريدريك ) لأول مرة منذ دخول ( أدهم ) و( منى ) ، فقال بحنق :
ـ لحظة يا ( سونيا ) .. إنني لا أسمح بقتلهما في مكتبي .
ابتسمت ( سونيا ) بسخرية ، وقالت :
ـ يا للرقة !! أتخشى رؤية الدماء ؟ أم أنك تحبذ لا فكرة القتل ؟
صاح ( فريدريك ) بعصبية :
ـ إنني لا أحب إثارة المتاعب دونما ضرورة ، وأنت تعلمين أنني قد أرسلت ( هنريك ) و( جورج ) للتخلص منهما و ....
قاطعه ( أدهم ) ضاحكاً بسخرية وقائلاً :
ـ هل تقصد السخيفين اللذين اعترضا طريقنا ؟ .. نسيت أن أخبرك أنهما في حالة سيئة وسط الثلوج .
ضغطت ( سونيا ) على أسنانها وهي تقول لـ ( فريدريك ) ، الذي احتقن وجهه غضباً :
ـ هل رأيت نوعية هذا الشيطان المصري ؟ .. صدقني .. الوسيلة الوحيدة للتخلص منه هي قتله دونما تردد ، ما دامت الفرصة سانحة .
رفع ( أدهم ) راحته أمام وجهه ، وهو يقول بسخرية :
ـ لحظة يا عزيزتي ( سونيا ) .. هل تسمحين لي بخلع معطفي ؟
ومد يده إلى معطفه وكأنه يهم بخلعه ، ولكن ( سونيا ) صاحت بلهجة آمرة :
ـ توقف يا مستر ( صبري ) .. كُف عن خداعك هذا .
ابتسم ( أدهم ) بخبث ، وقال :
ـ هل تظنين أنني أعمد إلى خطة ما ، عندما أطلب خلع معطفي ؟
قالت بصرامة وضيق :
ـ بالتأكيد .
ضمَّ (أدهم ) كفيه أمامه ، وقال بهدوء :
ـ حسناً يا عزيزتي ( سونيا ) .. لن أفسد متعتك .. أطلقي النار على قلبي مباشرة .
صاحت ( منى ) فجأة :
ـ كلا .. أنني أفضل الموت عن ....
وبترت عبارتها فجأة ، وتخضب وجهها بحمرة الخجل ، فانطلقت من فم ( سونيا ) ضحكة ساخرة عالية ، وقالت وهي تسدد مسدسها نحو قلب ( أدهم ) بإحكام :
ـ يا للعاطفة الرقيقة !! إنها فرصة نادرة أن أجد نفسي أنا ( سونيا جراهام ) ، وسط كل هذا الفيضان من العواطف الجياشة .
واكتست ملامحها الرقيقة فجأة بشراسة رهيبة ، ألقت الرعب في قلب ( منى ) وهي تقول بقسوة :
ـ وداعاً يا رجل المخابرات المصري .. لا تقلق على زميلتك ، سأرسلها خلفك في الحال .
ابتسم ( أدهم ) بسخرية شديدة ، وهو يقول بهدوء :
ـ هيا يا عزيزتي ( سونيا ) .. لقد مللت الانتظار .
وبغضب عارم وتصميم شديد ، ضغطت على زناد مسدسها المزود بكاتم للصوت .. وشهقت ( منى ) ذعراً عندما صوت انطلاق الرصاصة المكتوم ، وهي تعبر فوهة المسدس ، وصوت ارتطامه بصدر ( أدهم ) .. في موضع القلب تماماً .
* * *
6 ـ وثبة الثعلب ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صرخة ( منى ) صرخة قوية ملتاعة ، وهي تغمض عنينها بقوة ، وقد طفرت من منهما دموع اللوعة والأسى،
ولكنها عادت تفتحهما بدهشة بالغة ، عندما سمعت صرخة تموج بالذهول ، تحمل صوت ( سونيا جراهام ) ..
فتحت عينيها ليطالعها مشهد تدلت لها فكها السفلي بذهول .. فقد كان ( أدهم ) بمعطفه الفرائي الأبيض ، يشبه ثعلباً ضخماً من ثعالب الثلوج ، وهو يثب وثبة رشيقة غاية في المهارة نحو ( سونيا ) و( فريدريك ) ، اللذين ملأتهما الدهشة ، حتى تفجرت بأقصى صورها في ملامحهما ، عندما هبط ( أدهم ) أمامهما تماماً ، وامسك بمعصم ( سونيا ) ، ليرفع مسدسها بعيداً عن مدى إصابته ، ويلكم ( فريدريك ) في الوقت ذاته لكمة قوية ساحقة ، ألقت به فوق مكتبه ، فتناثرت محتوياته في الغرفة ، ثم عاد بكفه ليصفع ( سونيا جراهام ) صفقة قوية ، تردد رنينها في الحجرة ، وسقطت هي على أثرها على الأرض دون أن تنطق بكلمة واحدة ..
أسرعة ( سونيا ) واقفة على قدميها ، وقد انطبعت أصابع كف ( أدهم ) الحمراء على خدها الأبيض ، وامتلأت ملامحها بالحنق والغضب والدهشة ، في حين أطلق ( أدهم ) ضحكة ساخرة عالية ، وهو يصوب مسدسه إلى ( سونيا ) و( فريدريك ) ، ويمسك كف ( منى ) الرقيق في راحته ..
صاحت ( منى ) بدهشة :
ـ كيف أمكنك ... ؟
قاطعتها ( سونيا ) بحنق :
ـ هذا ما أود أن أسأله يا فتاة المخابرات .
ضحك ( أدهم ) بسخرية ، وهو يمسك بطرف معطفه قائلاً :
ـ لا ريب أنك تعرفين هذا النوع من المعاطف الواقية من الرصاص ، يا عزيزتي ( سونيا ) .
اتسعت عينا (سونيا ) وهي تقول بذهول :
ـ مستحيل !! إنني لم أتوقع ..
قاطعها ( أدهم ) بسخرية قائلاً :
ـ عجباً !! لِمَ يصر الجميع على أنهم يفاجئون بم أفعل ؟ .. حتى لو تصرفت بصورة بسيطة طبيعية .
وابتسم بخبث ، وهو ينظر في عيني ( سونيا ) مباشرة ، قائلاً :
ـ ولا تنسي يا عزيزتي ( سونيا ) ، أنني عرضت عليك خلع هذا المعطف الواقي من الرصاص ، ولكنك رفضت بإصرار .
تمتمت ( سونيا ) بحنق :
ـ مغرور ..
ضحك ( أدهم ) وهو يقول لـ ( منى ) :
ـ هيا يا زميلتي العزيزة .. سنقيد هذا الوغد ، وهذه الحية الرقطاء ، حتى نغادر المصنع بأمان .
لم يكد ( أدهم ) و( منى ) يغادران الغرفة ، حتى قفزت ( سونيا ) واقفة على قدميها ، وألقت قيودها بعيداً ، وهي تقول بغضب :
ـ يا لهذا المغرور !! أيظن أنه الوحيد الماهر في التخلص من القيود .
نظر إليها ( فريدريك ) بدهشة وصاح :
أسرعي يا عزيزتي ( سونيا ) .. حلّي قيودي .
ـ لحظة يا مستر ( أبسن ) .. لابد أولاً من إبلاغ حراس المصنع ، حتى يمنعوا هذا الشيطان ورفيقته من مغادرة المكان ، حتى ولو اضطروا لقتلهما .
* * *
كان ( أدهم ) يقود السيارة المرسيدس البيضاء بهدوء نحو بوابة الخروج للمصنع ، وهو يقول لـ ( منى ) :
ـ لقد انكشفت خطتنا هذه المرة أيتها النقيب ، وسنضطر إلى العمل بأسلوب حرب العصابات كالعادة .
هزت كتفيها ببساطة ، وهي تغوص في مقعدها قائلة :
ـ لا عليك يا سيادة المقدم .. لقد اعتدت ذلك .
زوى ( أدهم ) ما بين حاجبيه ، وهو يتمتم بسخرية :
ـ يا للسخافة !!
اعتدلت ( منى ) وسألته بقلق :
ـ ماذا حدث ؟
أجابها ( أدهم ) وهو ينحرف بسيارته في صورة مباغتة ، ويزيد من سرعتها في الوقت ذاته :
ـ يبدو أن صديقتنا ( سونيا ) قد نجحت في التخلص من قيودها بأسرع مما توقعت .. فحراس المصنع ينتظروننا وقد أغلقوا البوابة ، وحملوا أسلحتهم في وضع التأهب للقتال .
لم يتم عبارته ، حتى اخترقت رصاصة من رصاصات الحرس زجاج السيارة الخلفي ، ومرقت من الزجاج الأمامي بقوة .. فصاح ( أدهم ) في مرح وهو يعاد الانحراف بسيارته :
ـ يا إلهي !! إن الأوامر قد صدرت بالتخلص منا تماماً يا ( منى ) .
أسرعت ( منى ) تخرج مسدسها من حقيبتها الصغيرة ، وتصوبه نحو الحراس وهي تقول :
ـ حسناً .. لن أدع أمامهم فرصة للندم .
ضحك ( أدهم ) بسخرية ، وهو يقول :
ـ أعيدي مسدسك إلى حقيبتك يا عزيزتي ، وتشبثي بمقعدك جيداً .
لاحظت ( منى ) أنه قد دار بالسيارة ليواجه البوابة مرة أخرى ، ورأته يضع عصا السرعة في الوضع الرابع .. فسألته بدهشة وقلق :
ـ ماذا تنوي أن تفعل يا سيادة المقدم ؟
اندفعت سيارة ( أدهم ) كالصاروخ ، نحو كومة من الخشب مواجهة للبوابة ، وهو يقول بسخرية :
ـ في نيتي أن أحول هذه المرسيدس إلى طائرة أيتها النقيب .
صاحت ( منى ) في ذعر :
ـ لن تحتمل السيارة يا ( أدهم ) .. لن يمكنك أن ....
وتحولت صيحتها إلى صرخة رعب عالية ، عندما ارتطمت عجلتا المرسيدس الأماميتان بكومة الأخشاب ، فأدت سرعتها البالغة إلى ارتفاعها عن الأرض ، وطارت في الهواء عالياً ، مجتازة رجال الحرس وبوابة المصنع ، التي يبلغ ارتفاعها مترين ونصف المتر ، واندفعت تشق الهواء ، في طريقها إلى الأرض المغطاة بالثلوج ، كطائرة تهوي من ارتفاع شاهق وبسرعة بالغة .
* * *
|