لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > رجل المستحيل
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

رجل المستحيل سلسلة رجل المستحيل


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-08-06, 11:32 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الطائر الحزين


البيانات
التسجيل: Apr 2006
العضوية: 4198
المشاركات: 4,394
الجنس ذكر
معدل التقييم: علاء سيف الدين عضو على طريق الابداععلاء سيف الدين عضو على طريق الابداععلاء سيف الدين عضو على طريق الابداععلاء سيف الدين عضو على طريق الابداععلاء سيف الدين عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 402

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
علاء سيف الدين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : منى توفيق المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي

 

تسلمين أختي الكريمة مني توفيق.

 
 

 

عرض البوم صور علاء سيف الدين   رد مع اقتباس
قديم 19-08-06, 11:02 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5847
المشاركات: 3
الجنس أنثى
معدل التقييم: safaeensat عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safaeensat غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : منى توفيق المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي

 

مشكوووووووووووووووورة اختي القصة رائعة

لو سمحتي البقية


mErCi

 
 

 

عرض البوم صور safaeensat   رد مع اقتباس
قديم 20-08-06, 07:30 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري

ملكة الانيمي


البيانات
التسجيل: Aug 2006
العضوية: 9911
المشاركات: 4,590
الجنس أنثى
معدل التقييم: منى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 590

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
منى توفيق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : منى توفيق المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي تكملة القصة

 

والله أنا مش عارفة ماذا أقول لكم ، لقد شوقتموني أنا على نشر باقي القصة :D
** بسم الله الرحمن الرحيم **
{ نعود لمتابعة أحداث قصتنا }


7ـ صراع مع الزمن ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ارتجف قلب النقيب ( منى توفيق ) برعب ، فقد ذكرها هذا الموقف بما حدث لها في إحدى مغامراتها ، عندما هبطت بسيارتها فوق سيارة ( دونا ماريا ) ، المهربة الأسبانية الشهيرة على أرض ( السويد ) .. ذلك الموقف الذي أدى إلى إصابتها بإصابات بالغة ، اقتضت بقاءها في فراش المرض ستة أشهر كاملة (1) ...
أما ( أدهم ) فقد كان يبتسم بسخرية ، وكأنما يجد لذة في تحدي الخطر ، وأمسكت قبضتاه بعجلة القيادة في قوة وحرص بالغين .
وبعد ربع دقيقة خيّل لـ ( منى ) أنها استغرقت دهراً كاملاً ، لمست عجلات المرسيدس الأرض ، وتناثرت الثلوج حولها خارج المصنع ، ودارت حول نفسها منزلقة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع قصة ( حلفاء الشر ) .. المغامرة رقم ( 12) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فوق الثلوج ، في حين ضغط ( ادهم ) على ( فراملها ) بقوة متوسطة ، وهو يعيد ذراع السرعة إلى وضع الصفر ، ويمسك عجلة القيادة بقوة بالغة ..
ولم تكد السيارة تبطئ في انزلاقها ، حتى وضع ( أدهم ) ذراع السرعة في الوضع الأول ، ورفع قدمه عن دواسة ( الفرامل ) ، ليضغط بها بشدة على دواسة الوقود ، في نفس اللحظة التي انطلقت فيها رصاصات الحرس نحو المرسيدس البيضاء ، التي انطلقت بسرعة تدل على مدى مهارة وجرأة قائدها ، مبتعدة عن المصنع ، وفي داخلها أطلق ( أدهم ) ضحكة عالية ، وهو يقول :
ـ وداعاً أيها الأوغاد .. ليس من السهل القضاء على ( أدهم صبري ) .
تنهدت ( منى ) بعمق ، وابتسمت بصعوبة وهي تقول :
ـ يا للغرور !!
أطلق ( أدهم ) ضحكة أخرى عالية ، وانطلق بالسيارة لا يلوي على شيء .
* * *
تأملت ( منى ) بعصبية ( أدهم ) ، الذي انهمك في تغيير ملامحه مرة أخرى ، ولم تتمالك نفسها ، فسألته بحنق :
ـ ماذا تنوي أن تفعل الآن بعد انكشاف خطتنا يا سيادة المقدم ؟
أجابها بسخرية :
ـ أنوي قضاء إجازة الصيف في ( النرويج ) يا عزيزتي .
صاحت بغيظ :
ـ ليس في استطاعتي تحمل دعاباتك هذا المرة يا سيادة المقدم ، فنحن نحاول منع وصول شحنة خطيرة إلى أشد الدول عداء لنا ، ولا يمكننا التنبؤ بالزمن اللازم لذلك .. إننا هذه المرة في صراع مع الزمن .
هز كتفيه بلا مبالاة ، وقال :
ـ إننا هكذا في كل مرة يا عزيزتي .
صاحت بعصبية :
ـ ولكنك تتصرف وحدك ، وكأنني لست هنا .. لابد لي من معرفة ماذا سنفعل ؟
ابتسم ( أدهم ) وهو يضع اللمسات الأخيرة لتنكره ، وقال بهدوء :
ـ هدئي من روعك يا عزيزتي لقد لاحظت مثلي أن ( فريدريك ) و( سونيا ) غير متفقين في أسلوب العمل .. فهو يميل إلى الخطوات الهادئة البعيدة عن المتاعب ، أما هي فلقد حاربت الكثير من الرجال ، ولم أقابل من هو في نفس شراستها .
استعادت ( منى ) هدوءها وهي تسأله :
ـ وبمَ سيفيدنا ذلك ؟
ابتسم بمكر وهو يرفع سماعة الهاتف قائلاً :
ـ سنتبع المبدأ الاستعماري القديم : ( فرق تسد ) .
* * *
تحسست ( سونيا ) بعصبية في غرفة ( فريدريك ) ، وتحسست آثار صفعة ( أدهم ) على خدها في حنق ، ثم صاحت في غضب :
ـ لابد من الإسراع في إرسال الشحنة إلى دولتي يا مستر ( أبسن ) .. متى ينتهي رجالك من إعدادها ؟
قلَّب ( فريدريك ) كفيه ، وقال :
ـ لابد من بعض الوقت يا عزيزتي ( سونيا ) .. لقد انتهى طلاء العلب الصفيحية بالرصاص ، ولكننا نحتاج إلى ثلاثة أيام لتعبئتها .
قاطعته صائحة :
ـ ثلاثة أيام كاملة ؟ .. وهل تعتقد أن هذا الشيطان المصري سيسمح لنا بكل هذا الوقت ؟
قال بغيظ :
ـ الشحنة ضخمة ، وتحتاج إلى عناية خاصة ، ولن يمكنني تجهيزها في أقل من ذلك ، حتى ولو هبطت شياطين الجحيم جميعاً .
صاحت بغضب وهي تشيح بذراعيها :
ـ فليعمل رجالك ليل نهار .. لابد من إنجاز الشحنة في يوم واحد .. إن المخابرات المصرية قد تدخلت في الأمر وأرسلت أخطر رجالها ، وهذا يهدد العملية بالفشل .
احتقن وجه ( فريدريك ) غضباً ، وهمّ بالاعتراض ، ولكن جرس هاتفه الخاص رن في تلك اللحظة ، فكتم غيظه ورفع السماعة بغضب ، وهو يقول :
ـ هنا ( فريدريك أبسن ) من المتحدث ؟
ظهرت الدهشة على وجهه لحظة واحدة ، عندما سمع صوت محدثه الهادئ يقول :
ـ أرجو ألا تتغير ملامحك إذا كانت ( سونيا ) إلا جوارك .. أنا ( أدهم صبري ) .
ازدرد ( فريدريك ) لعابه ، وتمالك أعصابه ، وقال بهدوء مصطنع :
ـ ماذا تريد يا مستر .... ؟
قاطعه ( أدهم ) قائلاً :
ـ أريدك أنت يا مستر ( أبسن ) ، دون أن تعلم ( سونيا جراهام ) بشيء .. أريد أن أتفاوض معك بشأن الشحنة .
اعتدل ( فريدريك ) في مقعده وقال :
ـ كم تطلب بالضبط ؟
قال ( أدهم ) بهدوء :
ـ ثلاثة ملايين دولار .
قال ( فريدريك ) باختصار :
ـ أين ؟
أجابه ( أدهم ) :
ـ في مدينة الملاهي العاملة ( بأوسلو ) .. في التاسعة من مساء اليوم .
ابتسم ( فريدريك ) ابتسامة باهتة ، وقال :
ـ وما الذي سأحصل عليه بالمقابل ؟
ضحك ( أدهم ) ، وقال :
ـ أنت حقاً رجل أعمال يا مستر ( أبسن ) .. حسناً .. سأبتعد عن طريقك تماماً ، ولن أتدخل في أمر الشحنة .. المهم ألا تخبر ( سونيا ) بما اتفقنا عليه ..
ضحك ( فريدريك ) بجذل ، وقال :
ـ اتفقنا .. سأوافيك في الموعد .
ولم يكد ينهي الاتصال ، حتى سألته ( سونيا ) ببرود :
ـ مع من كنت تتحدث يا مستر ( أبسن ) ؟
لوح بكفه علامة اللامبالاة ، وقال :
ـ لا شيء يهم ، إنه أحد عملاء المصنع .. فلنعد إلى حديثنا الهام حول شحنة اليورانيوم .
* * *
8 ـ صراع الأعداء ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انعكست أضواء الملاهي الضخمة على زجاج سيارة ( أدهم ) ، وهو يوقفها في المكان المخصص للانتظار ، ويهبط منها بهدوء ، ولم تلبث أن تبعته ( منى ) وهي تقول :
ـ قلبي يحدثني أننا نسير بأقدامنا إلى فخ محكم .
ابتسم ( أدهم ) ، وقال :
ـ لهذا اخترت مدينة الملاهي مكاناً للقاء يا ( منى ) ، فمن العسير إطلاق النار علينا وسط هذا الجمع من البشر .
ضحكت بحنق وهي تقول :
ـ هناك وسائل أخرى للقتل بخلاف الرصاص يا سيادة المقدم .
هز كتفيه بلامبالاة ، وقال وهو يعبر إلى داخل مدينة الملاهي :
ـ فلندع أمرنا للقدر ، يصرّفه كما يشاء يا عزيزتي .
أخذ ( أدهم ) يجول ببصره في أرجاء مدينة الملاهي ، حتى توقف عند لعبة تعتمد على دوران بعض العربات المثبتة في أسطوانة ضخمة ، وأشار بسبابته نحوها وهو يقول بسخرية :
ـ ها هو ذا صديقنا ( فريدريك أبسن ) يا عزيزتي .. سنبدأ خطتنا الجديدة في الحال .
اقترب ( أدهم ) و( منى ) بهدوء إلى ( فريدريك ) ، الذي ظهر التوتر واضحاً على ملامحه ، وهو يتطلع بدهشة إلى ( أدهم ) ، الذي ارتدى منظاراً طبياً ، وصبغ شعره بلون أشقر كالذهب ، وحوَّل عينيه إلى لون في زرقة السماء ، وكسا وجهه بشارب ولحية كثيفين من نفس لون شعره .
صافحه ( أدهم ) بهدوء قائلاً :
ـ دعك من التطلع إلى ملامحي يا مستر (أبسن ) ، فهي تتغير بسرعة تفوق سرعتك في استيعابها ، ودَعنا نتحدث في العمل .. هل أحضرت النقود ؟
مد إليه ( فريدريك ) يده بحقيبة صغيرة ، وهو يقول في ارتباك :
ـ ها هي ذي يا مستر ( صبري ) ، ولكنني أريد وعداً منك بعدم التدخل في أموري مرة أخرى .
ابتسم ( أدهم ) بسخرية قائلاً :
ـ لا تعطني النقود هنا يا مستر ( أبسن ) .. دَعنا نركب إحدى هذه العربات الدوارة أولاً ..
سأله ( فريدريك ) بحيرة وقلق :
ـ ولكن لماذا يا مستر ( صبري ) ؟
قال ( أدهم ) وهو يمسك بذراعه ، ويقوده على شباك التذاكر الخاص باللعبة :
ـ هذه هي أصول العمل يا مستر ( أبسن ) .. سرعان ما تعدادها .
ثم التفت إلى ( منى ) ، وقال بحزم :
ـ لا تتحركي من مكانك يا زميلتي العزيزة ، وسأعود إليك بعد انتهاء مهمتي هذه .
* * *
شعرت ( منى ) ببعض القلق ، عندما شاهدت ( أدهم ) يجلس بجوار ( فريدريك أبسن ) داخل عربة الملاهي الصغيرة ، وتضاعف قلقها بلا مبرر عندما بدأت العربة في الدوران حول الأسطوانة الضخمة ، وأخذت تفرك كفيها بعصبية ، وتنفث من فمها الصغير بخار الثلج بتوتر ، في نفس الوقت الذي ازدادت فيه سرعة الدوران العربة ، كما يحدث عادة في ألعاب الملاهي ..
وفجأة لمحت ( منى ) وجهاً مألوفاً أثار الرجفة في أوصالها ، بالإضافة إلى البرد الشديد .. رأت ( سونيا جراهام ) وهي تتحدث مع الرجل المسئول عن إدارة تلك اللعبة التي يركبها ( أدهم ) و( فريدريك ) ، ورأتها وهي تدس في يده مبلغاً كبيراً من المال ، وفهمت في الحال سبب القلق الذي تشعر به منذ البداية ..
لا ريب أن ( سونيا ) تدبر أمراً ما ، للتخلص من ( أدهم ) و( فريدريك ) .
وقبل أن تخطو ( منى ) خطوة واحدة أو حتى تهم بالصياح لتحذير ( أدهم ) ، أحاط بها رجلان ضخما الجثة ، وشعرت بيد تحمل منديلاً تكمم فمها ، برائحة نفاذة تتصاعد من أنفها إلى مخها ، ثم غابت عن الوعي بين ذراعي أضخم الرجلين ، وهي تحتف في أعماقها لتحذير زميلها .. ( رجل المستحيل ) .
* * *
لم تكد عربة الملاهي الصغيرة تصل إلى سرعتها الثابتة ، حتى عاد ( فريدريك ) يسأل ( أدهم ) بقلق :
ـ ما زلت لا أفهم سبب ركوبنا هذه العربة يا مستر ( صبري ) .. ألم يكن من الأسهل تسليمك الملايين الثلاثة في أرض الملاهي ؟
وجفَّ لعابه فجأة ، فلم يستطع إضافة حرف جديد ، وشحب وجهه للغاية عندما رأى فوجئ بمسدس ( أدهم ) في وجهه ، وسمع صوت هذا الأخير الساخر يقول :
ـ ولكن ( سونيا جراهام ) ترى غير ذلك يا مستر ( أبسن ) .
حرك ( فريدريك أبسن ) لسانه الجاف بصعوبة ، وقال بصوت أجش :
ـ وما صلة ( سونيا جراهام ) بذلك ؟
قال ( أدهم ) في برود ، وهو يسحب إبرة الأمان بمسدسه :
ـ أنت كثير الاعتراض والمناقشة يا مستر ( أبسن ) .. والمخابرات التي تتبعها ( سونيا ) ولا تحب هذا الأسلوب .. ولذلك ....
اتسعت عينا ( فريدريك ) ذعراً ، وصاح :
ـ هل تعني أن ( سونيا جراهام ) كلفتك بقتلي ؟
ابتسم ( أدهم ) بسخرية ، وقال :
ـ إذن فأنت ذكي ، بعكس ما يدَّعون يا مستر ( أبسن ) .. نعم هذا صحيح .. لقد كلفتني ( سونيا جراهام ) شخصياً التخلص منك .
وفجأة شعر ( أدهم ) بغثيان شديد ، وبأن عينيه تكادان تغادران محجريهما ، وبدوار شديد .. أما ( فريدريك ) فقد تقيأ بالفعل ، وهو يتمتم بصوت مريض :
ـ اللعنة !! هذه العربة تدور بسرعة تفوق المعتاد .
وفي تلك اللحظة كان العامل المسئول عن إدارة اللعبة يسأل ( سونيا ) بدهشة :
ـ إلام تهدفين يا سيدتي .. إن دوران اللعبة حتى بضعف هذه السرعة لن يقتل أحداً .
ابتسمت ( سونيا ) بشراسة ، قالت :
ـ إنها مجرد دعابة أيها الرجل .. كما سبق أن أخبرتك .
ثم قالت لنفسها بصوت خفيض لا يكاد يُسمع :
ـ صحيح أن ذلك لن يقتل ( أدهم صبري ) ، ولكنه حينما يهبط من اللعبة ، لن يصبح قادراً على تصويب مسدسه إلى فيل ضخم في غرفة مغلقة .
* * *
شعر ( أدهم ) بالضغط يزداد على أذنيه ، ولكن رغبته في القيء تلاشت أو كادت مع ثبات السرعة المرتفعة ،
أما ( فريدريك ) فقد الوعي تماماً ، مما ساعد ( أدهم ) على التفكير في الأمر بهدوء ..
كان يعلم بحكم خبرته في الطيران أن استمرار الدوران بهذه السرعة الشديدة ، سيؤدي بالضرورة على تحطم طبلتي أذنيه ، وأنه من الضروري إيقاف هذه العربة قبل أن يصل الموقف إلى هذه النقطة ..
حلَّ ( أدهم ) حزام الأمان بالعربة الصغيرة ، ثم قاس بنظرة خبيرة المسافة التي تفصله عن الأعمدة الثابتة التي تحيط باللعبة .. واتخذ قراره بسرعة ..
وأمام عيون رواد مدينة الملاهي الذين تملكهم الفزع ، قفز ( أدهم صبري ) من العربة التي تدور بسرعة تزيد على المائتي كيلومتر في الساعة ، وأصابعه مفتوحة ، وذراعاه ممدودتان في رحلة نحو الحياة .. أو الموت .
* * *
9 ـ الشيطان والأفعى ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان أكثر رواد الملاهي ذهولاً هما ( سوني جراهام ) والعامل المسئول عن إدارة اللعبة ، فقد طار ( أدهم ) في الهواء كالصاروخ ، قبل أن تتشبث كفاه في إحدى القوائم الرأسية المحيطة باللعبة ، في قوة يعجز عنها البشر ، ثم يدور بجسده دورة أفقية كمروحة الهليكوبتر ويفتح كفيه ، لينطلق نحو الغرفة الزجاجية التي تحوي آلات قيادة باللعبة ، ويخترقها كالقنبلة محطماً زجاجها في دوي شديد ، وهابطاً فوق العامل المسئول تماماً ..
سقط العامل بفعل الثقل ، وهو يطلق صيحة تجمع ما بين الجزع والدهشة والألم ، وأسرعت ( سونيا ) ترفع مسدسها الصغير في وجه ( أدهم ) ، ولكن ( أدهم ) قفز واقفاً على قدميه ، دون أن يهتم ببقايا الزجاج المتناثرة على سترته ، وأطار مسدس ( سونيا ) بضربة قوية من كفه ، ثم أمسك بوسطها ورفعها في الهواء كدمية صغيرة ، ورفعها لترتطم بالحائط الوحيد في الغرفة ، وهو يقول في سخرية لاذعة :
ـ فشل آخر يا عزيزتي ( سونيا ) .
صرخت ( سونيا ) من الألم والفشل ، عندما ارتطم ظهرها بالحائط ، وبذلت جهداَ شديداً وتحتفظ بتوازنها ، ولكن ( أدهم ) عاد يصفعها صفعة قوية ، ألقت بها أرضاً مرة أخرى ، وتهدلت خصلات شعرها الناعم على وجهها ، فأزاحتها بحنق وهي تحدق في وجه ( ادهم ) بشراسة ، وسمعته يقول بسخرية :
ـ ما رأيك لو أغلقت ملفك الحافل في مخابرات دولتك الآن ؟
نهضت ببطء وهي تقول بقسوة وغضب :
ـ حاول يا مستر ( أدهم ) .. حاول ولن ترى زميلتك مرة أخرى .
كان رواد الملهى قد تجمعوا وتجمهروا حول اللعبة التي أوقفها ( أدهم ) ، ولاحظ هو عدم وجود ( منى ) ، فأمسك بكف ( سونيا ) ، وجذبها خارج غرفة التحكم ، وهو يقول ببرود أدهشها :
ـ هيا يا عزيزتي ( سونيا ) .. سأدعوك إلى كوب من الشراب في كافيتريا الملاهي ، ريثما نتحدث في شأن زميلتي الغائبة .
* * *
تناولت ( سونيا جراهام ) رشفة من مشروبها المنعش في هدوء ، وكأنها تجالس صديقاً عزيزاً ، ثم وضعت الكوب أمامها ، والتقت نظراتها الماكرة بعيني ( أدهم ) ، وهي تقول في برود :
ـ كل ما أطلبه هو أن تبتعد عن العملية ، حتى يتم نقل الشحنة إلى دولتي يا مستر ( أدهم ) .. وزميلتك هي الثمن .
أدار ( أدهم ) كوب الشراب بين راحتيه لحظة ، ثم قال ساخراً :
ـ وهل تصورت أنني سأقبل هذا النوع من المساومة ؟
ابتسمت وهي تشعل سيجارة رفيعة ، وتقول بهدوء :
ـ نعم يا مستر ( أدهم ) .. فنحن نعلم مدى ارتباطك بزميلتك ، ومدى شهامتكم أيها المصريون .
تراجع ( أدهم ) إلى الخلف قليلاً ، وقال بتهكم واضح :
ـ هكذا ؟! .. وهل تتصورون أنه من الشهامة أن أضحي بالتفوق العسكري لدولتي ، من أجل فتاة ، مهما
بلغت محبتها في قلبي ؟
نظرت إليه بدهشة شديدة ، فأردف بهدوء وبصوت يجمد الدم في العروق :
ـ لا أيتها الوقحة المغرورة .. أنا لا أوافق على هذه الصفقة ، ولكنني أحذرك في الوقت نفسه يا ( سونيا جراهام ) .. لو أنكم مسستم شعرة واحدة من جسد ( منى ) ، فإنني أقسم بأن النمل نفسه سيعجز عن العثور على بقاياك ، أو بقايا أي عميل من عملاء دولتك ، يلقيه سوء حظه في طريقي .
وبرغم برود أعصابها الشهير ، وقلبها الذي لا يعرف الخوف ، إلا أنها شعرت برهبة شديدة من لهجة ( أدهم ) ونظراته المخيفة ، فنهضت وهي تقول :
ـ سنرى يا مستر ( صبري ) .. سنرى .
ولكنه أمسك بمعصمها بيد قوية فولاذية ، وقال ببرود :
ـ نصيحة أخيرة قبل أن تنصرفي يا ( سونيا ) .. احرصي على بقاء ( منى ) على قيد الحياة .. وإلا فليس هناك ما يمنعني عن تمزيقك سوى ذلك .
ارتجف صوتها على الرغم منها ، وهي تقول متظاهرة باللامبالاة :
ـ ستبقى يا مستر ( أدهم ) .. ستبقى .
* * *
انهمرت الثلوج بغزارة هذا المساء ، ووقفت ( سونيا ) تتأملها من خلف زجاج نافذة مكتب ( فريدريك أبسن ) ،
وهي صامتة ، على حين كان هذا الأخير يقول بحنق وغضب :
ـ لقد انتهى عملنا معاً يا ( سونيا ) .. وهذا أكرم ما يمكنني أن أجود به ، بعد محاولتك القذرة للتخلص مني بوساطة ( أدهم صبري ) .
استدارت محنقة صائحة :
ـ أنت أغبى من رأيت في عمري بأكمله يا مستر ( أبسن ) .
صاح في غضب عارم :
ـ نعم يا ( سونيا ) .. أنا أغبى مخلوق في الوجود ، لأنني وثقت في دولتك .. لقد كنت أستحق القتل لقاء ذلك.
ضغطت على أعصابها بصعوبة ، وقالت :
ـ لا تساعد هذا الشيطان المصري في مخططه يا مستر ( أبسن ) .. إنه يستعمل أسلوبنا القديم المعروف بمبدأ : ( فرق تسد ) .
ضحك بمرارة وعصبية ، وقال :
ـ هكذا ؟! .. وهل يدفعه هذا الأسلوب إلى قتلي ؟ .. ثم ماذا يفيده إخباري بذلك ، ما دام بسبيله إلى قتلي ، لو لم يكن الأمر حقيقة ؟
تنهدت بعمق ، وقالت :
ـ لا ريب أنه كان يتظاهر بفشل محاولة القتل ، ويترك في نفسك الأثر فحسب .. ولكنني تسرعت بإدارة اللعبة بسرعتها القصوى و ....
قاطعها ( فريدريك ) صائحاً :
ـ ها هو ذا اعترافك يخرج من بين شفتيك تلقائياً أيتها اللعينة .. ما دمت لا تستهدفين قتلي ، فلم أطلقت سرعة اللعبة وأنا في داخلها ؟
ضغطت ( سونيا ) على أسنانها بغيظ ، وقالت :
ـ كنت أعلم أن ذلك لن يقتلك ، ثم إنها كانت فرصة مناسبة لـ ....
قاطعها صارخاً :
ـ لا .. لا تواصلي خداعي هكذا أيتها اللعينة .. إنني لم أعد أثق بدولتك أو مخابراتها .. سألقي الشحنة بأكملها في البحر .
شحب وجه ( سونيا ) ، وقالت :
ـ لا يا مستر ( أبسن .. لا تقدم على عمل تندم عليه فيما بعد .
رفع ( فريدريك ) سماعة الهاتف ، وهو يصرخ بغضب :
ـ بل سأفعل يا ( سونيا ) .. سأطلب من رجالي فعل ذلك في الحال .
سمع ( فريدريك ) صوت ( سونيا ) قاسياً بارداً وهي تقول :
ـ لحظة يا مستر ( أبسن ) .
استدار إليها بحدة .. لم يكد بصره يقع عليها حتى سقطت سماعة الهاتف من يده ، واتسعت عيناه ذعراً ، ومد يده أمامه ، وكأنه يدافع عن نفسه ، فقد كانت ( سونيا ) تصوب نحوه مسدسها الصغير ، وهي تقول ببرود وقسوة :
ـ إنك لم تترك لي الخيار يا مستر ( أبسن ) .
وبهدوء شديد ضغطت أناملها الرقيقة على زناد مسدسها ، لتنطلق من فوهته رصاصة ، استقرت بين عيني ( فريدريك أبسن ) تماماً .
* * *

 
 

 

عرض البوم صور منى توفيق   رد مع اقتباس
قديم 20-08-06, 07:37 AM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري

ملكة الانيمي


البيانات
التسجيل: Aug 2006
العضوية: 9911
المشاركات: 4,590
الجنس أنثى
معدل التقييم: منى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 590

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
منى توفيق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : منى توفيق المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي

 

[frame="2 80"]أرجو أن يكون ما كتبته قد أعجبكم ، وأشكركم على المتابعة
وسأرسل جزءاً آخر إن شاء الله


مع تحيات
منى توفيق
[/frame]

 
 

 

عرض البوم صور منى توفيق   رد مع اقتباس
قديم 21-08-06, 05:02 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري

ملكة الانيمي


البيانات
التسجيل: Aug 2006
العضوية: 9911
المشاركات: 4,590
الجنس أنثى
معدل التقييم: منى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدامنى توفيق عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 590

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
منى توفيق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : منى توفيق المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي تابع أحداث قصة ( ثعلب الثلوج ) العدد رقم 20

 

أرجو أن يكون الجزء السابق قد نال إعجاب أصدقائي
وسأتابع معكم أحداث هذه القصة الشيقة

فلنبدأ
** بسم الله الرحمن الرحيم **
{ نعود لقصتنا }
10 ـ الثعلب والذئاب ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وضع أحد حراس المصنع منظاره المقرِّب فوق عينيه ، ودار ببصره يفحص المنطقة وهو يقول لزميله :
ـ لم أعد أدري أيهما الرئيس !! .. مستر ( أبسن ) ، أم تلك الحسناء ( سونيا جراهام ) ؟
أجابه زميله بضجر :
ـ هذا لا يهم يا زميلي العزيز ، فلقد أمرنا مستر ( أبسن ) بطاعة أوامر ( سونيا جراهام ) منذ قدومها .
عاد الرجل الأول يقول :
ـ قاسية جداً هذه المرأة .. لقد أجبرت الرجال على العمل المتواصل لتجهيز الشحنة ، وأمرتنا بالمراقبة الدائمة ، وكأننا في حرب .
نمَّت لهجة الزميل الآخر عن الإعجاب ، وهو يقول :
ـ لا يمكننا إنكار مدى فاعلية أسلوبها ، فها هي ذي الشحنة قد أصبحت جاهزة ، برغم أنها تستغرق في العادة ثلاثة أيام .
وفجأة صاح الرجل الذي يضع المنظار المقرِّب فوق عينيه :
ـ مهلاً أيها الزميلان .. لقد خيّل إلى أن قطعة من الجليد قد تحركت و ....
قاطعه زميله ضاحكاً :
ـ إنها ظلال الغروب يا صديقي ، فهي تتحرك بسرعة ، قبل أن يستغرق قرص الشمس ساكناً وسط الأفق .
مط الرجل شفتيه ، وقال :
ـ يبدو أنك على حق يا زميلي .. ثم أي أحمق يفكر في اختراق الثلوج لمهاجمة مصنعنا بمفرده .. لابد أن يكون مجنوناً ليفعل ذلك .
* * *
تحرك ( أدهم ) بخفة ومهارة ، وسط الثلوج الكثيفة المحيطة بالمصنع .. كان الجو بارداً ، حتى إنه يقل عن الصفر المئوي بخمس عشرة درجة ، برغم ذلك كان ( أدهم صبري ) يموج بالنشاط والحرارة ، وهو يتسلل بمعطفه الفرائي الأبيض ، كالثعلب القطبي ، وبنفث أبخرة الثلج ، وهو يدرس المصنع بحرص وعناية ، ثم قال لنفسه :
ـ لا شك عندي في أن ( سونيا ) تحتفظ بـ ( منى ) في داخل هذا المصنع ، فهو يعد أكثر الأماكن أمناً بالنسبة لها .
وبهدوء شديد تحرك نحو سور المصنع ، وأخذ يفحصه .. كان السور مصنوعاً من الفولاذ ، بارتفاع مترين ونصف المتر تقريباً ، فابتسم ( أدهم ) بسخرية ، وقال :
ـ أعتقد أن الطول مناسب جداً ، المهم أن أعصر ذاكرتي ، للتوصل إلى أكثر الأماكن مناسب للاقتحام .. وبعد ذلك يأتي دور صديقتنا ( سونيا جراهام ) .
* * *
تنبه أحد حراس المصنع فجأة ، إلى حركة غير طبيعية تحدث خلفه ، فاستدار بحدة شاهراً مدفعه الرشاش وكنه لم يجد سوى كتلة من الأخشاب الساكنة ، وبرغم ذلك لم يطمئن قلبه ، فتحرك بحذر محاولاً الالتفاف حول الكتلة الخشبية ، وهو ينقل قدميه في بطء ، ثم قفز فجأة مصوباً مدفعه إلى ما خلف الأخشاب ، ولم يلبث أن تنهد في ارتياح ، حينما لم يجد ما يستدعي الخوف أو القلق ، ولم يكد يرخي مدفعه حتى شعر
بأصابع قوية تنقر على كتفيه ، وسمع صوتاً هادئاً ساخراً يقول :
ـ هل تبحث عن شيء ما يا صديقي ؟
استدار الرجل بسرعة بالغة معيداً تصويب مدفعه الرشاش ، ولكن استدارته لم تكتمل ، ومدفعه لم يجد الوقت الكافي للانطلاق ، إذ أوقفته قبضة صُبَّت من فولاذ ، هوت على فكه بقوة كافية لتحطيم فك ثور ، فتهشمت فك المسكين بصوت مكتوم ، وجحظت عيناه ألماً ورعباً ، وهو يهوي على الأرض كالصخرة .
تناول ( أدهم ) المدفع الرشاش ، وأسرع يجذب الرجل إلى ركن قصيّ ، وينزع معطفه الأزرق المميز لرجال الحرس بالمصنع ، وهو يقول بسخرية :
ـ لو أن أعمالي كلها تتم بنفس هذا القدر من البساطة ، ما أصابني هذا الإرهاق الذي أشعر به دائماً .
وما هي إلا لحظات ، حتى أصبح من الصعب تمييز ( أدهم صبري ) بين حراس المصنع ، الذين يتحركون بشكل غير منتظم ، يدل على ضعف تدريبهم ، أما هو فقد سار بهدوء ، حاملاً المدفع الرشاش نحو السلم الذي يقود إلى مكتب ( فريدريك أبسن ) .
وفجأة أوقفه أحد الحرس قائلاً :
ـ لحظة أيها الزميل .. ألا تعلم أن المرور في هذا الطريق ممنوع ، حتى تصل الشاحنات .
أخذ عقل ( أدهم ) يفكر في تعليل مقنع ، ولكن صوت بوق سيارة أعفاه من ذلك ، فقد أشاح الرجل بذراع في ضجر ، وتحرك نحو بوابة المصنع فور سماعه له ، فأسرع ( أدهم ) يجتاز المسافة الباقية ، ويصعد سلالم مكتب ( فريدريك ) قفزاً حتى وصل إلى باب مكتبه ، فدفعه بقوة ، وقفز نحو السكرتيرة التي همت بالصياح ، ولكن كف ( أدهم ) كتمت صراخها ، وهو يصوب مدفعه الرشاش إلى رأسها قائلاً :
ـ من بالداخل يا صغيرتي ؟
أجابت السكرتيرة وهي ترتجف من قمة رأسها إلى أخمص قدميها :
ـ السيدة ( سونيا ) والسيد ( فريدريك ) .. ولكن السيدة منعتني من إدخال أي كائن كان .
ابتسم ( أدهم ) بسخرية قائلاً :
ـ فليطمئن قلبك إذن يا سيدتي ، فأنا لست أي كائن كان .
ثم جذب حبلاً من سترته وأخذ يقيدها قائلاً :
ـ معذرة يا سيدتي ، ولكن بقائك حرَّة قد يفسد الخطة بأكملها .
* * *
زمَّت ( سونيا جراهام ) شفتيها بحنق ، عندما دق باب حجرة المكتب التي تجلس في داخلها ، وقالت بغضب:
ـ من بالباب ؟ .. ألم أمنع دخول أي إنسان ؟
وبرغم لهجتها الغاضبة فُتِحَ الباب بهدوء ، ودخل أحد رجال الحرس بمعطفه الأزرق المميز ، ودار ببصره في أرجاء الغرفة بوقاحة ، فصاحت ( سونيا ) في وجهه :
ـ كيف دخلت إلى هنا أيها القذر ؟ .. كيف سمحت لك تلك السكرتيرة المعتوهة بذلك ؟ .. ألم آمرها .. ؟
قاطعها الحارس وهو يسأل ببرود :
ـ أين مستر ( أبسن ) ؟ ..
قطبت حاجبيها وهي تقول بغضب :
ـ هذا لا يعنيك أيها الوقح .. اغرب عن وجهي .
أشار الحارس إلى خارج الغرفة إشارة مبهمة ، وهو يقول بنفس البرود :
ـ وهذه الفتاة المصرية .. ماذا سنفعل بها ؟
صاحت ( سونيا ) في غضب عارم :
ـ سنتركها كما هي في غرفة الحفظ ، حتى أصدر أوامري بشأنها أيها الحارس .
ارتسمت على شفتي الحارس ابتسامة ساخرة ، بعثت شعوراً بعدم الارتياح في نفس ( سونيا ) ، وازداد هذا الشعور عندما قال بلهجة تهكمية :
ـ سؤال أخير يا سيدتي .. هل لاحظت ذلك ؟ .
نطق بهذه العبارة وهو يمسك بأذنيه ويجذبهما إلى الخارج في قوة ..
خيِّلَ لـ ( سونيا ) وهلة أن الحارس قد انتزع أذنيه ، ثم تنبهت إلى الأمر ، فأسرعت يدها إلى مسدسها
الموضوع فوق المكتب ، ولكنها تسمرت بدهشة حينما صوب إليها الحارس فوهة مدفعه الرشاش ، وقال بصوت ساخر مألوف لا يخلو من الصرامة :
ـ شكراً يا عزيزتي ( سونيا ) .. لقد وفرت عليَّ الكثير من الوقت في البحث عن ( منى ) .. لاحظي أنني قد استوعبت الدرس هذه المرة ، وعمدت إلى تغيير معالم أذني .
ضغطت على أسنانها في قهر ، وهي تتمتم :
ـ كيف أمكنك .... ؟
قاطعها ( أدهم ) في سخرية قائلاً :
ـ إنني أجد متعة في أداء ما يظنه الآخرون مستحيلاً يا عزيزتي .
ثم أردف بصوت بارد قاس :
ـ والآن اسمحي لي بتكبيل يديك ، وتكميم فمك يا عزيزتي ( سونيا ) .. فمن الأفضل أن أعمل دونما تدخل منك .
سألته وهي تهز كتفيها ، متظاهرة باللامبالاة :
ـ ماذا تنوي أن تفعل يا مستر 0 صبري ) ؟
أجابها ببرود :
ـ أنوي إشعال النيران في شحنة اليورانيوم أولاً .
ضحكت ( سونيا ) ضحكة ساخرة ، مال على أثرها جسدها الضئيل إلى الخلف ، ثم نظرت في عيني
( أدهم ) مباشرة وهي تقول :
ـ هكذا ؟! .. تُرى ، هل تعلم ماذا يصيب اليورانيوم المشع من جراء الاشتعال ؟
قطب ( أدهم ) حاجبيه في ضيق ، فلم يكن حقاً يعلم نتائج اشتعال اليورانيوم ، ولكنه قال بتحد :
ـ ليكن ما يكون .. المهم ألا تصل الشحنة إلى دولتك .
عادت تضحك في سخرية ، ثم قالت بشماتة :
ـ هل تسمع صوت هذه الناقلات التي تبتعد يا مستر ( صبري ) .. إنها تحمل شحنة اليورانيوم إلى حيث يتم شحنها إلى دولتي .. أما زميلتك العزيزة فسيتم تقطيعها قطع صغيرة ، وتعبئتها في علب الأسماك المحفوظة .
ثم نظرت في ساعتها ، واستطردت بسخرية :
ـ والوقت لا يكفي لإنقاذ الاثنين .. عليك أن تختار يا مستر ( صبري ) .. الشحنة .. أو زميلتك .
* * *
11 ـ بين نارين ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شعر ( أدهم ) بغضب عارم يملأ نفسه ويهز كيانه بأكمله ، ووجد نفسه يطوّح كفه ليصفع ( سونيا ) صفعة ، أودعها كل ما يعتمل في نفسه من غضب ، وهو يقول :
ـ أيتها الحيَّة الم********************************ة .
سقطت ( سونيا ) من أثر الصفعة على الأرض ، وارتطمت رأسها بحافة المكتب ، ففقدت وعيها في الحال .. وقفز ( أدهم ) إلى خارج الغرفة ، ثم حلَّ كمامة السكرتيرة وجذبها مِنْ شعرها في قسوة ، وهو يصيح في وجهها :
ـ أين غرفة الحفظ ؟
ولم تكد السكرتيرة الفزعة تنتهي من وصف المكان ، حتى قفز ( أدهم ) خارجاً ، وهو يحمل مدفعه الرشاش ، وهبط درجات السلم العشرين في قفزة واحدة ، اندفع بعدها وسط الجميع في دهشة الجميع إلى مبنى المصنع .. كان منظره عجيباً إلى درجة دفعت كثيراً من رجال الحرس إلى تتبعه في شك ، برغم أنه يرتدي نفس زيهم المميز ، ولكن خطواته الواثقة وعدم التفافه إليهم ، جعلهم يظنون أنه أحد زملائهم ، في طريقه لأداء أمر عاجل ، فعاد كل منهم يتشاغل بعمله غير ملتفت إلى ( أدهم ) ، الذي قفز درجات سلم المصنع صاعداً ، ثم انحرف في أول ممر إلى اليمين ، وأخذ يعدو حتى الغرفة السابعة ، فتوقف أمامها يلهث ، ثم دق بابها في هدوء ..
سمع ( أدهم ) صوتاً يسأله عمن يكون ، فأجاب بلهجة نرويجية سليمة :
ـ ( سونيا جراهام ) تطلب المصرية في غرفتها حالاً .
فُتح باب الغرفة بهدوء ، وأطل منه وجه رجل ضخم الجثة ، نظر إلى ( أدهم ) بشك ، وهمَّ بالتفوه بكلمة
تساؤل ، ولكن الكلمات احتبست في حلقه ، عندما هوى ( أدهم ) بقبضته الفولاذية على فكه ، فأرسله إلى عالم اللاوعي ..
نظرت ( منى ) بجزع ، إلى الشاب الأشقر الوسيم الذي قفز إلى داخل الغرفة وأسرع نحوها ، ولم تلبث أن تهللت أساريرها عندما تعرَّفت الشاب ، فهتفت بسعادة :
ـ ( أدهم ) ؟! .. كيف نجحت في الوصول إلى هنا ؟
أخذ ( أدهم ) يحل وثاقها بسرعة ، وهو يقول :
ـ لا وقت لشرح الأمور أيتها النقيب ، فالشحنة تكاد تفلت من بين أصابعنا .
قالت ( منى ) بدهشة :
ـ كيف ؟ .. لقد كنت أظن ذلك الصندوق الذي أحضروه ..
توقف ( أهم ) عن حل وثاقها ، وقاطعها قائلاً :
ـ أي صندوق يا (منى ) ؟
أشارت برأسها إلى صندوق متوسط الحجم في طرف غرفة الحفظ ، فأسرع ( أدهم ) يحل الجزء المتبقي من وثاقها ، ثم نهض وسار نحو الصندوق ، وأخذ يعمل عل فتحه ، وتبعته ( منى ) بفضول ..
لم يكد ( أدهم ) يرفع غطاء الصندوق ، حتى أطلقت ( منى ) صرخة رعب مكتومة ، وقطب ( أدهم ) حاجبيه في دهشة وغضب ، فبداخل الصندوق تكومت جثة تجمدت الدماء حول ثقب بين عينيها .. جثة
( فريدريك أبسن ) .
* * *
كان المشهد مرعاً ومثيراً للاشمئزاز ، ولكنه كان الدليل القوي على أن خطة ( أدهم ) ، المبنية على التفرقة بين المخابرات المعادية و( فريدريك أبسن ) ، قد نجحت لم يتصورها هو نفسه .. ولكنه أعاد الغطاء بهدوء ، وأمسك بيد ( منى ) قائلاً في برود يفوق برودة الجو نفسه :
ـ هيا أيتها النقيب .. لقد غامرت بضياع الشحنة من أجل إنقاذك ولم يعد هناك المزيد من الوقت لنضيعه .
أسرعت ( منى ) تتبعه وهو يتقدمها حاملاً مدفعاً الرشاش ، حتى وصلا إلى الباب الذي يقود إلى ساحة المصنع ، فهمس ( أدهم ) في أّنها :
ـ انتظري هنا حتى أحصل على وسيلة انتقال تمكننا من اللحاق بالشحنة .
تحرك ( أدهم ) بهدوء خارجاً ، وهو يرخي غطاء الرأس فوق جبهته ، ويضم ياقة المعطف الأزرق المميز ، وقد خفض فوهة مدفعه الرشاش ، وأخذ يسير بثقة نحو سيارة ( فريدريك ) المرسيدس الزرقاء .. ولم يكد يصل إليها حتى مد يده بهدوء ، ففتح بابها واندس أمام عجلة القيادة ..
أسرع إليه الحارس المكلف بحراستها ، وسأله بحدة :
ـ ماذا تفعل أيها التعس ؟ .. إنها سيارة الرئيس الخاصة .
أجابه ( أدهم ) بصرامة وبلغة سليمة للغاية :
ـ ابتعد أيها الغبي .. لقد أسند إليَّ مستر ( أبسن ) مهمة عاجلة تختص بالشحنة ، وويل لمن يعترض طريقي .. تراجع الحارس بقلق ، حتى أنه لم يلحظ أن ( ادهم ) أدار محرك السيارة عن طرقي سلكي الكهرباء ، وليس عن طريق مفتاحها الأصلي ..
انطلق ( أدهم ) بالسيارة في ثقة تبعد الشكوك في طبيعته تماماً ، حتى توقف أمام الباب الداخلي للمصنع ، وأشار إلى ( منى ) ، فأسرعت تحتل مكانها إلى جواره ، وهو يقول :
ـ من الواضح أن رجل مستر ( أبسن ) من النوع الذي يسهل خداعه .
ولم يكد ( أدهم ) يدير محرك السيارة ، حتى دوَّى في أرجاء المصنع صوت ( سونيا جراهام ) ، وهي تقول في عجلة :
ـ هناك جاسوس في أرض المصنع يحاول إنقاذ الفتاة المصرية .. اقبضوا عليه قبل أن يحاول الهرب .. أريده حياً أو ميتاً .
التفتت الأنظار كلها وفوهات المدافع الرشاشة إلى سيارة ( فريدريك ) التي يستقلها ( أدهم ) ، وإلى جواره
( منى ) ، فقد فهم الجميع من لحظة واحدة أن ذلك الحارس الذي يتصرف بأسلوب مريب منذ البداية ، ما
هو إلا الجاسوس المطلوب .. ويجب قتله في الحال .
* * *
وبرغم صعوبة الموقف الجديدة ، أطلق ( أدهم صبري ) الملقب بـ ( رجل المستحيل ) ضحكة ساخرة عالية ، وقال وهو يضغط دواسة البنزين بقوة :
ـ عجباً !! هذا المشهد يتكرر للمرة الثانية .
ثم انطلق بالسيارة في سرعة جنونية نحو بوابة المصنع ، وهو يقول لـ ( منى ) :
ـ أخفضي رأسك أيتها النقيب ، فسينهمر علينا الرصاص كالمطر ، ولابد لنا من اللحاق بالبوابة قبل إغلاقها ،
فهي لا تزال مفتوحة منذ خروج الناقلات التي تحمل شحنة اليورانيوم المطلوبة .
لم تستجب ( منى ) لأوامره ، بل أسرعت تتناول المدفع الرشاش من المقعد الخلفي ، وأخذت تطلق نيرانه من النافذة في جرأة وإقدام ، على حين انهمرت رصاصات الحرس خلف المرسيدس الزرقاء ..
ضحك ( أدهم ) بسخرية قائلاً :
ـ مرحى يا زميلتي العزيزة .. ها قد أصبحت أخيراً عضواً فعالاً في المخابرات المصرية .
أسرع الحرس يحاولون إغلاق البوابة ، ولكن ( أدهم ) اندفع بسيارته كالسهم ، وهو يقول :
ـ مهلاً أيها الأوغاد .. أنا مصر على العبور .
تحطم زجاج السيارة تماماً من الرصاص المنهمر كالمطر ، وأصيب ذراع ( منى ) برصاصة ، ولكنها لم تنبس ببنت شفة ، واستمرت في إطلاق مدفعها الرشاش ، وهي تضغط على أسنانها من شدة الألم .. وشعر ( أدهم ) برصاصة تحتك بعنقه ، وتستمر في طريقها لتحطيم زجاج السيارة الخلفي ، وبالدم يسيل على رقبته ويلوث المعطف .. وكانت البوابة الحديدية الضخمة قد قاربت الإغلاق ، ولكن ( أدهم ) لم يرفع رجله عن دواسة البنزين ، واستمر في طريقه بجرأة مذهلة ، وإصرار فولاذي ، حتى اقتحم البوابة ، وارتطم بقوة حطمت مقدمة السيارة ، التي أثبتت مرة أخرى تفوق هذا النوع من السيارات ، فقد واصلت طريقها برغم ذلك إلى خارج المصنع ، بعد أن انفتحت البوابة على الرغم منها ، وأصبح ( أدهم ) و( منى ) خارج دائرة الخطر .
* * *
صاحت ( منى ) بفرح :
ـ لقد نجونا يا ( أدهم ) .. لقد نجونا .
غير أنه قال بلهجة غامضة :
ـ ليس بعد يا عزيزتي .. ليس بعد .
وفوجئت به ( منى ) يستدير بالسيارة ، برغم الأرض الثلجية الزلقة ، ليعود مواجهاً بوابة المصنع ، ثم أوقف السيارة فجأة ، فصاحت فيه ( منى ) :
ـ يا إلهي !! إننا ما زلنا في مرمى نيرانهم يا ( أدهم ) .
لم يهتم ( دهم ) بعبارتها ، ولكنه ضم كفيه أمام وجهه كالبوق ، وصاح بملء فيه :
ـ كفى أيها الأغبياء .. إنكم تطيعون أوامر ( سونيا ) التي قتلت زعيمكم ، ووضعته داخل صندوق خشبي في غرفة الحفظ .. اقتصوا منها بدلاً من ذلك .
تسمر الحراس في ذهول ، وانخفضت فوهات مدافعهم الرشاشة ، وهم يتبادلون النظرات فيما بينهم ..
كانت عودة ( أدهم ) متحدياً الخطر لتحذيرهم ، قد أشعرتهم بصدق ما يقول ، فتردد كل منهم في إطلاق النار عدا واحداً صاح بحنق :
ـ أنت كاذب .
وألقى بكرة معدنية نحو السيارة في غضب واضح .. وبدلاً من أن يتفادى ( أدهم ) الكرة ، مد يده خارج الزجاج المهشم والتقطها بمهارة ، ثم دار بالسيارة ، وانطلق في طريقه كالصاروخ ، غير ملتفت إلى الرصاصات التي عادت تنهمر خلفه ..
صاحت ( منى ) بحنق :
ـ ما معنى هذا الأسلوب المسرحي ؟
ابتسم ( أدهم ) وهو يمسح الدم الذي يلوث عنقه ، وقال :
بالعكس يا عزيزتي .. لولا هذه الحركة المسرحية ، لضاعت منا الشحنة إلى الأبد .
سألته ( منى ) باهتمام ، وهي تعقد منديلاً صغيراً حول ذراعها المصاب :
ـ هل تعني أن هذه الكرة المعدنية .... ؟
قاطعها ( أدهم ) قائلاً :
ـ نعم يا عزيزتي ، هذه الكرة المعدنية تحتوي على تقرير من عملينا السري داخل المصنع ، يبين خط سير الشحنة ، حتى يمكننا تعقبها وتدميرها .
صاحت ( منى ) بدهشة :
ـ عميل سري ؟
أجاب ( أدهم ) بابتسامة :
ـ إن أحد رجال ( فريدريك أبسن ) في الواقع ، تمكنت مخابراتنا من شرائه بمبلغ ضخم يحتوي على ستة أصفار ، ووعدناه بمبلغ مماثل ، لو أنه ساعدنا في تعقب وإيقاف خط سير الشحنة .. إنه سحر المال يا عزيزتي ، الذي لا يحرك إلا الأوغاد .
ثم ناولها الكرة المعدنية قائلاً :
ـ هذه الكرة مقسومة إلى نصفين متساويين يا عزيزتي .. افتحيها وأخرجي الورقة التي في داخلها ، وأخبريني أين ستذهب الشحنة .
قالت ( منى ) بضعف :
ـ لا أعتقد أنه سيمكنني هذا يا سيادة المقدم .. فذراعي تنزف بغزارة ، وأشعر وكأنني سأفقد وعيي .
أوقف ( أدهم ) السيارة بصورة مباغتة ، والتفت إليها بجزع قائلاً :
ـ هل أصابتك رصاصة من هؤلاء الأوغاد ؟
أومأت برأسها موافقة ، فدار بالسيارة وهو يقول :
ـ لابد من علاج ذراعك أولاً .
صاحت بضعف :
ـ دعنا نلحق بالشحنة أولاً .
قال ( أدهم ) بصرامة ، وهو ينطلق نحو مدينة ( تروندهايم ) :
ـ ذراعك أولاً أيتها النقيب .. هذا أمر .
أرجعت ( منى ) رأسها ، واستندت بضعف إلى مسند مقعدها ، وهي تشعر بالامتنان البالغ تجاه ( أدهم ) ، أما هو فقد انطلق بالسيارة وعقله يعمل بقوة ، محاولاً التوفيق بين إسعاف ( منى ) واللحاق بالشحنة التي تهدد أمن مصر .
* * *
12 ـ الانتحاري ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رفع الطبيب الرصاصة التي استخرجها من ذراع ( منى ) في وجه ( أدهم ) وابتسم وهو يقول :
ـ ها قد انتهينا يا سيد ( أدهم ) .. ولست أدري إذا كان ما أفعله صحيحاً أم لا ؟!
قال ( أدهم ) وهو يتحسس الضمادات التي تغطي الجرح العميق برقبته :
ـ لك أن تفعل ما تراه صواباً أيها الطبيب ، فأنا لا أملك ما يؤيد أقوالي .
هز كتفيه بلامبالاة ، وقال :
ـ لست أحتاج إلى أدلة يا سيد ( أدهم ) ، فكلانا مصري ، يعمل من أجل مصر في ( النرويج ) سواء كنت على حق أم على خطأ ، فسأغامر على أمل أن يؤدي عملي هذا إلى قطرة خير من أجل مصر .
صافحه ( أدهم ) بإعجاب وامتنان ، وهو يقول :
ـ صدقني يا سدي الطبيب ، أن عملك هذا سيحقق لمصر ما لا يمكنك تصوره .
شملت وجه الطبيب المصري المهاجر ابتسامة واسعة ، وهو يقول :
ـ يكفيني هذا القول يا سيد ( أدهم ) .
عاون ( أدهم ) زميلته على النهوض ، وهو يقول :
ـ معذرة يا سيدي .. سنضطر إلى مغادرتك فوراً ، فعملنا يحتاج إلى السرعة :
قال الطبيب بدهشة :
ـ ولكن هذه الفتاة تحتاج إلى الراحة .
ابتسمت ( منى ) ، وقالت :
ـ لا عليك يا سيدي .. إن من يعمل مع ( أدهم صبري ) لا يجد الراحة مطلقاً .
* * *
سألت ( منى ) ( أدهم ) وهو ينطلق في سرعة جنونية :
ـ ماذا عن خط سير الشحنة ؟
أجابها ( أدهم ) دون أن يرفع عينيه عن الطريق :
ـ خط سير الشحنة يقضي بنقلها عن طريق الشاحنات براً إلى ( أوسلو ) العاصمة ، حيث يتم نقلها بواسطة قطار بضائع إلى ميناء ( ستافنجر ) على بحر الشمال ، ومن هنا تنقل عن طريق البحر إلى ميناء ( كاليه ) الفرنسي ، ثم بالقطار عبر ( فرنسا ) إلى ميناء ( مرسيليا ) ، ومنه عبر البحر المتوسط إلى ( تل أبيب ) .
سألته ( منى ) بقلق :
ـ وهل تعتقد أنه في إمكاننا اللحاق بالشحنة في ( أوسلو ) ؟
زوى ( أدهم ) ما بين حاجبيه ، وهو يقول :
ـ لو أننا فشلنا في ذلك ، فنضطر إلى القيام بخطوة انتحارية ، لا مناص منها أيتها النقيب .
* * *
صرخت عجلات سيارة ( أدهم ) بصرير مزعج ، عندما توقفت السيارة دفعة واحدة أمام محطة القطار في
( أوسلو ) ، وقفز منها ( أدهم ) و( منى ) ، وأسرعا نحو الباب الرئيسي ، وصاح ( أدهم ) يسأل حارس الباب :
ـ هل غادر قطار البضائع المتوجه إلى ( أوسلو ) المحطة ؟
أجاب الرجل في هدوء وبإيماءة من رأسه قبل أن يقول :
ـ نعم يا سيدي .. منذ ساعة تقريباً .
سأله ( أدهم ) متظاهراً باللامبالاة :
ـ وهل حمل شحنة الأسماك المحفوظة ؟
أجاب الرجل مبتسماً :
ـ بالطبع يا سيدي .. لقد أشرفت على شحنها بنفسي .
ظلت ملامح ( أدهم ) جامدة وهو يقدم شكره للرجل ، أما ( منى ) فقد ظهرت على وجهها خيبة الأمل وهما ينصرفان ، ولكن ( أدهم ) قفز إلى السيارة ، وأشار إليها أن تحذو حذوه ، فقفزت بدورها إلى جواره ، وسألته بإحباط :
ـ والآن ماذا سنفعل ؟
قال ( أدهم ) وهو يعاود الانطلاق بالسيارة :
ـ من المستحيل اللحاق بالقطار بواسطة السيارة ، فسرعته تبلغ مائة وستين كيلومتراً في الساعة ، والطرق البرية زلجة مغطاة بالثلوج ، لا تصلح للانطلاق بالسيارة ، بنفس السرعة .
سألته ( منى ) بتوتر :
ـ وماذا بعد ؟
قال ( أدهم ) وهو منطلق بسرعة شديدة :
ـ القطار في طريه الآن إلى ( كريستيانسوند ) ، قبل أن يصل إلى ( ستافنجر ) ، ويمكننا اعتراض طريق الشحنة في هذه المنطقة تقريباً .
سألته ( منى ) بدهشة :
ـ وكيف يمكننا الوصول إلى هناك قبل أن يصل القطار ؟
أجابه ( أدهم ) ، وهو ينحرف إلى طريق جانبي ضيق مغطى بالثلوج :
ـ سنقوم باستئجار طائرة صغيرة يا عزيزتي .
خرجت من فم ( منى ) صرخة تعجب ، وعادت تسأله بدهشة :
ـ ولكن المنطقة هنا شديدة الوعورة ، حسبما أذكر من دروس الجغرافيا ، ولن يمكننا أن نجد شبراً واحداً صالحاً للهبوط .
قال بهدوء وفوق شفتيه ابتسامة ساخرة :
ـ لهذا سنضطر إلى شراء مظلة هبوط أيتها النقيب .
اتسعت عيناها دهشة وهمت بالاعتراض ، ولكنها عادت تضم شفتيها ، وتهز كتفيها ، فقد كانت تعلم جيداً أنه من المستحيل منع عمل قرر أن يقوم به ( أدهم صبري ) .
* * *
انطلق قطار البضائع يشق طريقه إلى ( كريستيانسوند ) بسرعته البالغة مائة وستين كيلومتراً في الساعة ، وهو يطلق صفيراً عالياً ، منبهاً كل من يدفعه سوء حظه إلى اعتراض طريقه ..
وعلى ارتفاع مائتي قدم فوق القطار ، ظهرت طائرة صغيرة ذات محركين .. كان من الواضح أنها تنطلق بسرعة تفوق الحد الأقصى لانطلاقها ، حتى وهي جديدة ، وفي داخلها قال ( أدهم ) لزميلته :
ـ ها قد نجحنا بفضل سرعة الطائرة ، واتخاذ الطرق الجوية المختصرة من اللحاق بالقطار ، ولكن لابد لنا من تخطيه بعد أن نتم مهمتنا هنا .
ثم تخلَّى عن عجلة القيادة وهو يقول :
ـ هيَّا أيتها النقيب .. لنرى مهارتك في القيادة .
أسرعت ( منى ) تحتل مقعد القيادة وهي تقول :
ـ لن أبلغ نصف مهارتك على أية حال يا سيادة المقدم .
فتح ( أدهم ) باب الطائرة ، وشعرت ( منى ) بالبرودة الشديدة ، عندما عبر الهواء المثلج إلى داخل الطائرة ، ولكنها ضمت كتفيها ، وتشبثت بعجلة القيادة ، وسمعت ( أدهم ) يقول :
ـ سأتعلق بالسلم الصغير المصنوع من الحبال ، وأهبط على سطح القطار أيتها النقيب .. حاولي المحافظة على سرعة الطائرة ، بحيث تساوي سرعة القطار تقريباً .
وقبل أن تنطق ( منى ) بما يفيد سماعها للأوامر ، تعلق ( أدهم ) بالسلم الصغير ، وهو يضم إلى صدره حقيبة كبيرة بعض الشيء ، وشعر بالرياح الشديدة المثلجة ترتطم بوجهه وصدره ، وتدفعه إلى الخلف ، ولكنه أحكم قبضته على السلم ، وتدلَّى بنصفه السفلى نحو سطح القطار ..
ولو أن رجلاً آخر في وضع ( أدهم صبري ) لتجمدت أطرافه من شدة البرد والرياح الثلجية .. ولكن جسد ( أدهم ) كان يفيض بنوع عجيب من الحرارة ، حراس التصميم والحماس وحب مصر ..
لم تكد قدما ( أدهم ) تلمسان سطح القطار ، حتى سقط بوجهه على السطح البارد ، وانزلق جسده بشدة ، ولكنه تعلَّق في اللحظة الأخيرة بحافة القطار ، دون أن تفلت قبضته عن الحقيبة التي أمسكها بقوة ، وكأنها تحوي كنزاً بأكمله ، ثم انتظر قليلاً حتى اعتاد جسده على شدة الرياح ، ثم فتح الحقيبة بعناية ، وأخرج منها أسطوانتين من مادة ( ت . ن . ت ) الشديدة التفجير ، وألصقها بواسطة قرص مغناطيسي قوي في سطح العربة التي يقف فوقها ..
تحرك ( أدهم ) بسرعة وخفة برغم البرد والرياح ، وأعاد الكرَّة مع كل عربة من عربات القطار ، حتى تأكد أنه قد وزع متفجراته بشكل سليم ، فأسرع يعدو فوق السطح حتى وصل إلى المنطقة التي تفصل القطار عن قاطرة السحب الرئيسية ، فتسلَّل في الفراغ الضيق ، وأخذ يعالج السلسلة التي تصل القطار بالقاطرة محاولاً فصلهما ، وعندما عجز أخرج مسدسه وصوبه إليها وهو يتمتم بسخرية :
ـ معذرة أيتها السلسلة المسكينة .. ليس أمامي سوى ذلك .
ثم أطلق ست رصاصات متتالية ، تحطمت السلسلة على أثرها ، وانفصل القطار عن المقطورة تماماً ..
ازدادت سرعة القاطرة بعد انفصالها ، على حين بدأت سرعة القطار في الانخفاض تدريجياً وببطء ، فأسع ( أدهم ) يصعد سطح القطار وأشار بذراعيه إلى ( منى ) ، التي هبطت بالطائرة حتى أصبحت على ارتفاع ثلاثة أمتار فقط من سطح القطار ، وتدلَّى السلم الصغير وأخذت الرياح تطوحه بعيداً ، ولكن الوقت لم يكن يسمح بالتردد ، فجمع ( أدهم ) قوته ، وألقى بالحقيبة الفارغة بعيداً ، ثم قفز ليتعلَّق بالسلم ..
ولأول مرة أخطأ تصويب ( أدهم ) ، بسبب الرياح التي تهز السلم بقوة .. فوجد يديه متعلقتين بالهواء ، وجسده يهوي نحو الأرض بسرعة وقوة .
* * *

 
 

 

عرض البوم صور منى توفيق   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ثعلب الثلوج, رجل المستحيل, روايات رجل المستحيل, نبيل فاروق, نبيل فاروق رجل المستحيل
facebook




جديد مواضيع قسم رجل المستحيل
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 05:02 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية