لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-05-11, 02:10 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو في ذمة الله

البيانات
التسجيل: Apr 2011
العضوية: 223596
المشاركات: 271
الجنس أنثى
معدل التقييم: وجع الكلمات عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 28

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وجع الكلمات غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وجع الكلمات المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

قبل أن أنزل الجزء .. يجب أن أضع قائمة كعادتي .. أصدع بها رأسكم :)

أولا ... حابة أن أعتذر وبشدة ومن صميم قلبي على تأخر بإنزال الجزء.. وأشكركم على تحملكم لتأخري وتقصيري


ثانيا ... حابة أشكر صديقتي ( ل . ج ) لا تلخبوط مو شكرة الأكترونيات :) هذا هي الداعم الرسم لي .. ولي ساعدة بشكل كبير لك يرى هذا الجزء النور فشكرا لكِ صديقة دبي.. ويا رب ما تحرميني من كرمك الطائي هذا

وأخيرا وليس آخرا ... حاب أهدي أم الأكشنات هالجزء.. وهي بتعرف نفسها يوم بتقرأ الجزء...

وبتعرف السبب بعد


يلا أستلموا الجزء .. ويا رب يعجبكم .. وعذرا سلفا للأخطاء الإملائية .. فأنا للأسف من النوع إلي ما يحب يقرأ بعد أن يخلص كتابة .. ما أعرف متى بتخلص من هالمشكلة :(





*( القيد العاشر )*





بعد أن أطفئ نار الحياء الملتهمة لجسده الهزيل .. وعى على حمقه .. وسذاجته.. لقد نسي ثيابه في معمعة شروده ...لم يعرف كيف يتصرف..
( هل يناديها ؟! ) اقتراح طرحه له عقله .. لكن سرعانما نفض رأسه عن هذه الفكرة الغبية .. بصوت أخر أخترق فكره ( وش بتقول عني ؟ لا ما بناديها .. بحاول أروح للكبت بدون ما تحس )
فتح الباب ببطء.. لحد يتسع لمجهر عينه لك تمسح المكان ..
لحسن خظه وجدها في الشرفة منهمكة في الحديث في الهاتف..
فتنفس الصعداء.. ولف بسرعة الفوطة لتستر عورته ... وهرع بخطوات صامته نجو دولابه الذي لا يبعد سوى قرابة عشر خطوات عن الحمام..
خلال ممشاه هذا ..كان قلبه يقرع كطبل من شدة خوفه على أن تلتفت فتراه شبه عاري..
أخيرا لامست أنامله مقبض الدولاب.. فشعر بشيء من الهدوء يغلف قلبه..
حين فجئ بشهقة تأته من خلفه.. ليلتفت من فوره جهة صاحبة الصوت.. فيفجع بشمسه .. التي تحدق به والصدمة تشل مياها .. أبتلع ريقه بصعوبة .. وهو عاجز تماما عن فعل شيء.. فعقله قد أستسلم هو الآخر لوطأ المفاجأة الغير السارة ..
هربت ببصرها نحو الأرض
وهي تتصبب عرقا غزيرا ..
في حين أنه هو أخيرا وعى لنفسه
ودس يده داخل دولابه
وانتشل بدون أن يرى ما أختار قميصا وبنطالا ..
ارتداهما بلمح البصر..
ليقول وشفتاه ترتعشان من الحمرة التي ألهبت وجنتيه:-
- أنا آسف.. نسيت ملابسي.
ثم أزدرد المزيد من لعابه الذي بدأ بالنفاذ
لم ترد عليه ضلت منكسة الرأس .. خانقت لثوبها الطويل المنسدل كقطعة واحدة على جسدها بأناملها المغروسة به من حيث ركبتيها ...

خلل أصابعه خلال خصلات شعره القصيرة .. محاولا أن يتشرب هذا الخجل الكاوي لكل ركن من جسده.. وقال .. وقد دفع بالكلمات مجبرتا من حنجرته الجافة بلهيب ريح الحياء:-
- تقدرين ترفعين راسك .. أنا لبست ملابسي .
غرس أسنانها في شفتها السفلى.. وهي تجاهد لأجل أن تعيد نفسها الذائبة في بؤرة الخجل.. ومن ثم رفعت رأسها ببطء.. في حين أن رموشها ضلت ترفرف بلا توقف .. لتقع عيناها أخيرا عليه فتفلت ضحكت من فمها بدون وعي منها فتضع كلتا يديها على فاه الضاحك .. كاتمة بذلك قهقهاتها الهاربة منها...
لينظر لها وعلامة استفهام كبيرة ترسم على وجهه..
فيسألها قائلا بنبرة لم تسلم من التعجب الذي يعيشه:-
- ليش تضحكين ؟!!
دفعت برأسها إلى ميمنتها .. وهي تقاوم ضحكاته الثائرة في فمها ... ورفعت سبابتها مشيرة إلى قميصه ..
ليتبع هو ببصره أصبعها
فينتبه إلى قميصه المقلوب ..
فيجد نفسه هو الأخر يستسلم لموجة الضحك ..



__

أخذت ترمش بأهدابها من شدة التوتر.. وهي تريد أن تقول ما في قلبها .. لكي تستكين ...
أخيرا بعد أن لمحت المستشفى من على الأفق .. جمعت قواها .. ودفعت بها نحو حنجرتها .. لتنظر له من تحت غطاء رموشها وتقول لها .. وهو المنهمك برؤية مناظر واشنطن من وراء شباك سيارة الأجرة..:
- حميد ... شكرا ..
دار برأسه حيث تجلس بقربه من جهة اليسار.. وعيناه يعكسان التعجب..
وقد ترجمه بسؤاله:
- على أيش؟!!
تحنحنت قبل أن تجيبه :
- على كل شيء عملته معايه.. ولأنكِ.. ولأنكِ .. ( وتبسمت ضاحكة وهي تسترجع ذكرى الصباح في خلدها ) ضحكتني من قلب.
وضع يده على وجهه يخفي حمرت خديه .. وهو يقول بصوت خفة نبرة:
- ما أتفقنا بأنكِ بتنسين ها الشيء؟
ابتعلت شفتيها محاولة منع قهقهاتها من الخروج .. ومن ثم قالت:
- أنا آسفة ..
ليبتر جملتها بقوله..وقد حرر وجهه من حمرة الخجل:
- لااااااا .. ترانكِ ترتكبين جريمة في حقي..
حدقت به باستغراب .. لم يخلو من الخوف..
حين أسعفها بالتوضيح بقوله .. وهو يخط ابتسامة طمأنينة على شفاهه:
- هناك شيئين ممنوعين في العائلة عندنا.. بأن نقول كلمة شكرا و آسف.. هذيلا الكلمتان تقدرين تقولين محرمتين عندنا تماما.. وبما إنك فرد من العائلة الآن فهذا القرار ساري عليك بعد.
وخصها بغمزه
أذابت حواسها ..
لكن لم تمنع تلك الضحكة التي انفلت من فمها ...

__


في تمام الساعة 4 عصرا بتوقيت العين أحد زهرات دولة الإمارات ..

على غير عادتها قامت فاطمة بتبخير البيت وتنظيف المجلس وتجهيز ( الفواله ) لزوج المرتقب ..

وللعلم فقط ذهبت تعطي إخطارا لحدها وجددها بقرارها الذي لا رجعت فيه, وبأن صالح وأبنه في الطريق لإتمام شعائر الزواج ...
بوجه تحجرت معالمه قالت بجرأة تستفز سامعيها:
- يدي أنا خلاص بعرس اليوم وبآخذ ولد صالح أحمد,
والحين بيوون ومعاهم المطوع والشهود.

أنفض أبومحمد من مقعده متكأ على عصاه .. وزأر في وجهها قائلا.. وشياطين العالم تقفز أمامه:
- ينيتي أنتي ولا شوو؟

لترد عليه بهدوء زاد من ثورانه.. وهي تبعث له بعينيها رسالة تحدي واضحة :
- نعم, وإذا ما عرستني بأحمدوه بقتل عمري تراني, والله لموت ما أريد ها البيت يوم أمي تخلت عنا وعرست بغريب بدون موافقتنا, أنا نوب بعرس ما لي خص فيكم ولا في أحد.

لتجحظ عيناه من هول ما سمع ... ويعم الصمت الملتهب ثنايا المكان .. ومن ثم يعود أبومحمد يلملم شتات نفسه المحطمة من ضربة الصدمة المؤلمة.. ويرد عليها بنظرة تحدي تفوق نظرتها.. وبصوت علت طبقته عن سابقتها: - والله يا فطوم إني بأتبرا منج يالخايسة إن خذيتي ولد صالح هذا البخيل, يالغبية هذولا يبونك خدامة لهم,وولده صغير وفاشل شوو تبيبه ؟!!

لتشمخ بأنفها إلى الأعلى وهي ترد على جدها بصوت أعلى من صوته :
- ما لك خص فيه وفيني, أنا أريده خلاص, والله بأنتحر تراني وبيكون موتي بسبتك.

شعر ساعتها أبو محمد بأن الدنيا تدور من حوله .. وقلبه يقرصه بقوة .. وهو يبذل قصار جهده لكي يتمالك نفسه من أن يهشم عصاه على رأسها ...
انتبهت أم محمد لزوجها الذي يصرخ وجهه المتغضن من الألم.. فأسرعت نحوه وأمسكته .. وقد رمت سهام عيناها المقطبتان الحاجبين:
- وش فيك فطوم .. أنت ياهل .. وهذا يريد يضحك عليك صالحوه ... بتركين أهلك عشان ولد صويلح الخديه ...

بصعوبة بالغة رفع يده المرتعشة والتي برزت عروقها النافرة .. آمرا أم محمد بصمت .. وقال بصوت قد خفت حدته بسبب الوهن الذي أجتاح بدنه: - خلاص سوي اللي تبينه, أنا وأمج ما لنا شور عليج, وأنسى هالبيت, وأهل هالبيت, ومحرم عليك هالبيت إلى يوم الدين.

لتبتسم ابتسامة نصر وتقول بكل وقاحة :
- فكه, المهم أعرس.
لتتسع عيني أم محمد من الدهشة التي احتلت كل خلية في جسدها .. وقد خصت نفسها بقولها:- ( من هذه البنت ؟!! )


وفي المغرب, بدأت مراسم الرحيل في جو قاتم اللون, فاطمة أعطت حقائبها وجميع ممتلكاتها الشخصية لصالح المتبسم بمكر والذي بات حماها بعد أن عقد قرانه بأحمد .. في مراسم حزينة.. لم يتخللها لا غناء ولا أهازيج .. بل قلوب مثقلة بالوجع والحزن ...

لم يخرج رابح من هذه الزيجة إلا أبو صالح الذي لم يكلفه مهرها سوى ألف درهم والذي أيضا تحجج بأنه لا يستطيع دفعه الآن بسبب ديون متراكمة على ظهره .. وبأنه بأقرب وقت سوف يسدده ... حين ينفرج الحال.. هي لم تجادله في هذا الأمر ولا أبو محمد .. الذي أصبحت بنسبة له من عداد الموتى منذ تجرأت وتحدته ..
رحلت فاطمة من البيت الذي قضت كل حياتها فيه وكل من جدها وجدتها غاضبون عليها .. وحتى أنهم لم يودعوها .... ومنعوا أخويها حمدان وحامد حتى من موادعتها .. وهم غير مدركي لسبب رحيلها المفاجأ ولا حتى غضب جديهما على فاطمة ....

__


على بعد شارعين .. وبتحديد في بيت تداعت أعمدته .. واهترأت جدرانه .. وتقشرت صبغته ... ليبدو لناظرين له بأنه سكن لبهائم .. وليس لبشر...
فحالته البنيانية لا تشجع على العيش فيه..
نظرت باشمئزاز إلى هذه الخرابة المسماة بمنزل.. وقالت بتقزز:
- هذا أهو البيت إلي بعيش فيه؟!
نظر إليها صالح بطرف عينه .. ورسم ابتسامة ساخرة على شفاهه وقال:
- نعم يا شيخة .. هذا البيت إلي بتعشين فيه... وإذا مو عاجبك .. بيت يدك ينتظرك ..
وأطلق تلك الضحكة المصمت للآذان
والتي هزت وتر حساس في داخلها
فاختارت الصمت
والخنوع للأمر الواقع ...
أخذت تنظر إلى زوايا المنزل .. لتجد أن منظره الخارجي أفضل بكثير مما في جوفه ... فقالت وهي تكتم أنفاسها عن الرائحة الكريهة التي خنقت خلاياها الشمية:
- وين غرفتي ؟
ليقول صالح وهو يرمي بجسده المترهل على أقرب فرشة .. فيمد عليها جسده.. :
- أحمد قوم شلها غرفتكم.

ليرد أحمد بصوت يميل إلى الهمس وهو منكس الرأس :
- أنا بطلع صوب ربعي, مواعدنهم, الغرفة على إيدج اليسار أول وحدة وهي مفتوحة, صح مب مرتبه نظفيها, لا ما عندنا خدامة باي.

ألقى بجملته .. وهرول راكضا إلى الخارج .. قبل أن يردعه أحد عن فعله..

لتسكن زوايا عيناها المنغمستان بلون العسل الدهشة ...
وقبل أن تستوعب الذي جرى ...
جاءها صوته الخامل .. يزيدها من جرعات الدهشة في أوردتها:
- روحي يا بنتي غرفتج رتبي أغراضك, وعقب روحي المطبخ سوي لنا عشاء, هناك غداء الظهر, عيش ودياي سخنيه لنا يكفينا, لا تزيدن عليه شيء, وصح بندي الليت عقب ما تطلعين من غرفتك والمطبخ يوم ما تكونين موجوده فيهم, و كل مكان لازم تبندي الليت ما أريد ادفع كهرباء على الفاظي .

لقد غمسها كلام صالح أكثر في عالم الذهول فهي عروس جديدة .. يجب أن

تقضي شهر العسل الآن في فندق .. أو منتجع .. وزوجها يجب أن يكون

بجانبها في هذه اللحظة .. لكن لا شيء من هذا القبيل صار.. كل صور

العروس السعيدة تحطمت أمام قبضة الصدمة التي هشمت أحلامها الوردية.


__


في بيت فقد حب الأهل ... ومسكت به يد شيطانية بقبضة من حديد...

برزت عروق جبينها وهي تنادي بدون مجيب:
- ميري وينج يا الحمارة يا البقرة, قومي حطي العشاء لا بارك الله فيج ولا في اليوم اللي دخلتي هالبيت صدق نصاب راعي المكتب وحدة بقرة يايب لنا ويقول زينه وتعرف كل شيء.

لترد عليها الخادمة بنكسار ورهبة من عصفها الثائر الذي يلوح بالأفق:
- نعم مدام, خلاص أنا حطى عشاء من زمان.
لتضع أصابعها على أنفها, وقد عصرت قسمات وجهها بتقزز جلي :
- أففففففففففف, قومي عن ويهي يا الحمارة, تفووووووووو عليج من وحدة خايسة, وش ها الريحة أف روحي عني بعيد.
لترد والجزع يراقص جسدها الهزيل:
-هذا ريحة مطبخ, أنا يبطخ أكل بس, ما في يرووح مكان ثاني.

لتشب حصة نار وهي تقذفها بكرات اللهب من حنجرتها:
- وترددن عليه يالبقرة.

وتقوم حصة وتضرب الخدامة ضرب قوي وبنعالها على وجه الخدامة المسكينة, دون أن تأخذها رأفة عليها وعلى بكاءها الذي يهد جبالا.

بصوت طغت عليه موجة البكاء المرير, أخذت تقول ميري:
- حرام عليك مدام, أنا مسكينة في بيبي صغير مال أنا يريد فلووس مشان مدرسة.
لتنهرها حصة بعد أن أثخنتها بالضرب المبرح:
- قومي عني يا البقرة, ما أريد أشوفج يلاه رووحي من قدامي, لا بارك الله فيك ولا في الساعة إلي يبتها فيك, لسان ها الطول ولا فايدة منكِ.

__


بعيناها الصغيرتان التين ترسمان الرجاء.. قالت مريم :
- ماما أريد أروح البيت, ملل هني .
كان قلبها يبكي دما لرؤية أبنتها بهذه الحال, لكن لم تظهر وجعها لأبنتها لكي لا تتضايق أكثر, فقالت بروح مرحة نقيظة تماما لما يخالجها, وهي تلف يدها تحت رأس صغيرتها:
- حبيبتي لازم تتعالجين مشان نرجع للبلاد.
مت شفتيها بضيق, قبل أن تقول بقلة حيله:
- طيب أريد أكلم فطوم وحمدان وحامد ويدي ويدووه.
قبلت رأسها الذي بدأت خصلات شعرها اللاتي تزينه تفقد رونقها, ومن ثم قالت وهي تغتصب ابتسامة صفراء:
- أزين, فالك طيب حبيبتي.
وشرعت شمسة بضغط أزرار الهاتف بخفة, ليرد عليها بعد طول صياح, صوت أبيها الذي وهنت طبقته:
- ألو..
لترد شمسة بترحيب بالغ:
- ألو هلا ابووي شحالك وشحال امي وعيالي؟
قالتها بلهفة تنبض في كل خلية بجسدها.
جعل نبرته أكثر صلابة بجهد جهيد.. حتى لا تحس شمسة بشيء:
- الحمد لله كلنا بخير, وأنتِ بشرينا عنكم وعن مريم, عسى الأمور كلها طيبة؟
نظرت إلى مريم الممتدة بجوارها على السرير, والمتطلعة بعيناها المشرعتان لسماع صوت أخوتها وجديها, فمسحت شعرها, وزينت شفتيا بابتسامة باهتة, وهي تقول:
- الحمد لله, الدكتور يقول أنها تقدر تتعالج, وخير إن شاء الله, دعواتكم.
ليجئها صوته المتضرع عبر أسلاك الهاتف:
الله يساعدها ويشفها.

هجد أبو محمد لدقائق, وهو يشاور نفسه..
أيلقي القنبلة عليها, أم يؤخر انفجاره؟
لكن في كلى الحالتين سوف تعلم, ولم يكن التأخير سوى مخدر, سوف يزول تأثيره مع القوت, الأفضل بأن تقول لها, قبل أن تسمع من الغريب, فتشتد صدمتها حينها...
هكذا شار عليه عقله...
فعزم قراره.. وفي داخله بركان يكوي نفسه التي لم تخمد ولو لثانية منذ أطلقت عليه فاطمة رصاصة الغدر.. ليقول وقد انقلبت نبرة صوته 180 درجة:
- بنتي شمسه.. أنا عندي سالفة.. بتعصبين منها بس...
وصمت .. وهو يبحث عن طريقة يوصل فيها الخبر بأسلوب يكون رحيما على أبنته التي تنهال عليها المصائب من كل صوب.. فما عادت تقوى على تحملها...
وضعت يدها على قلبها المقبوض.. والذي كما يبدو هذه علامة منه على القادم المشئوم الذي سوف يفجعها به أباها..
ابتلعت ريقها الذي بات كسكاكين تقطع حنجرتها .. وهي تقول بصوت راجف:
- خير أبوي.. وش هناك؟
أستشف من صوتها الخوف.. لكن لا مرد من أكمال ما بدأه.. فألقى الخبر دفعة واحدة.. فهذا برأيه أفضل حل:
- بنتج فطووم عنيدة, وما ارتاحت, إلا لما سوت إلي برأسها, ولله يا بنتي غصب عني وافقتها, أخاف تقتل عمرها.
أشدت انقباض قلبها, الذي شدت قبضتها عليه, وهي تقول بروح الخوف التي سكنت جسدها المثخن بالوجيعة:
- وش سوت بويه؟
أخذ أبو محمد نفسا عميقا .. زفره دفعة واحدة .. تابع أياه بكلماته:
- هددتني إنها تقتل عمرها إذا ما عرستها بأحمد ولد صالح, ولا قدرت عليها خفت تسويها هالمينونه.

خرجت عينها من محجريهما وهي تقول بذهول يغلف حروفها الناطقة:

- شوووووووووووووووووووووووووو, مستحيل يابوي بنتي ما تسويها وتفضحني جي, شوو...
ليهُز رأسه بأسى, وهو يقول بخيبة أمل تقطر مع كل كلمة ينبس بها:
- أيوه, والله سوتها وعرست, وقالت عادي تقتل عمرها, خفت تخرب سمعتنا وملجت عليها بولد صالح العصر, والحين هي عندهم, انا من صوبي تبريت منها, وبيتي ما تدخله حتى لو طلقها ولد صالح, أما من ناحيتك, فأنتِ حرة, أنتِ وبنتج مالي خص بينج وبينها.

أطلقت تنهيدة طويلة.. مشبعة بالوجع الخيانة والغدر.. قبل أن تقول بوهن تسلل في نفسها المثخنة بجراح الزمن, والدمع يتقافز من مقلتيها:
- حرام عليها, أنا في وين وهي وين, لو كنت عندها ما خليتها تسويها, هي صغيرة ولا تعرف للعرس ولا للمسؤولية, وصالح يريدها خدامة له وولده.

ليرد بحرقة, لم تسمل من طبقة عدم التصديق:
- شووو نسوي, خليها تعرف النعمة اللي كانت فيها, البنت مينونه خلاص تفكر بس تنتقم منج.
باستسلام روح تعبت من القتال, ابتلعت دموعها, لما لاحظت الخوف ينعكس على وجه مريم القابعة بجوارها, وقالت بقلة حيله:
- الله يسامحها, ...و... و يوفقها.

كره عجزه عن مواساة ابنته الوحيدة.. لكن ما بيده حيله .. فما كان منه إلا أن يغير الموضوع لعله يريحها من الجحيم الذي ألقته بها أبنتها ولو لدقائق:
- ها أخبار مريم يا بنتي؟ أعطيني إياها إذا قربك, اشتقت لسوالفها.

كأنها لم تسمع ولا حرفا مما قالها والدها.. حيث أنها كانت في كينونة الخيانة التي كمذاق الحنظل.. لتقول:
- سلم على أمي, وقولها لا تسوي بعمرها, شيء, فطوم اخترت حياتها بعيد عنا, وهي تتحمل مسؤولية اختيارها, خلاص انسوا فطوم بنتي ... ( كم أوجعها.. دمرها.. ألهب جوفها ما سوف ترميه على مسمع أبيها... لهذا أرادة دقيقة تشحذ فيها قوتها الهاربة منها.. لتمد بها كلماتها التي سوف تكون بمثابة سكين تنحر روحها قبل جسدها ) ماتت خلاص.

__


دخل عليهما مبتهج الوجه.. محمل بالخيرات بين يديه..

لينشر بدخوله بهجته النابعة من ألم يفتك بجسده المريض...

- حميد : مريم , كيف حالكِ يا حلوة؟
لترسم تكشيرة وهي تقول:
- أريد البيت وخواني, هني ملل.

لتنظر إليها شمسة مقوسة الحاجبين إلى أعلى:
- الحين كلمتيهم كلهم, ليش تقولين هالكلام؟!!
لتجيبها والضيق يشوه وجهها الملائكي :
- لا مو كلهم, فطووم ما كلمتني, يدووه تقول راقدة.
لتتغير خطوط وجهها مرة واحدة.. إلى حزن يغمها.. وهي تقول بانكسار واضح.. لم يغفل عنه رادار عيناه:
- خلاص, بعدين بتكلمج.
لتناشد حميد, الذي هجمت عليه بنظراتها الطفولية, التي يشع منها الرجاء: - عمي حميد أريد أرووح الحديقة وألعب.

ليقول لها .. وابتسامه واسعة تحتل أكبر حيز من وجهه:
- إن شاء الله , عقب ما تصحين ويقول الدكتور انج تقدرين, بنروح كل مكان تردينه... لكن الحين وش رأيك نأكل أس كريم ..
وأخرج من الكيس الأيس كريم... لتنفجر أسارير مريم .. وترد بحماس غير عادي:
- هييييييييي.. أيس كريم ...


فتنسى آلامها ووجعها.. وتقفز صوب حميد.. وتأخذ منه الأيس كريم... ومن ثم تباغته بضمها له وهو المنحني لها لكي يعطيها الأيس سكريم... وتقبله على خده.. فيشعر بدفء السعادة الصافية تتلاعب بروحه..
كانت تتابعهما .. وابتسامة تشق طريقها على شفتيها المغتمتان بدون علم منها...
كان كل من حميد ومريم يلتهمان الأيس كريم بشره غير عادي ... وهما يتحدثان بلا كلل ولا ملل.. وتعلو ضحكاتهما بين الفنية والأخرى ... ليبعثا جو العائلة الذي افتقدته شمسة منذ زمن.. شمسة التي فضلت بأن تصبح متفجرة فقط .. فهي قلما ما ترى صغيرتها متحمسة وسعيدة لهذه الدرجة ...عز عليها بأن تقاطعهما لكن موعد الزيارة يوشك على الانتهاء... فقالت مجبرة بالكاد يلامس طبلت أذنه:
- حميد ممكن طلب؟

ليرد عليها بوجه بشوش:
- أنتِ تأمرين يا أم حمدان.



طأطأت رأسها بخجل, وهي تقول:
- ما يأمر عليك عدو..بس أريد أنام عند بنتي الليلة, لو تقول لهم يخلوني أرقد عندها هي صغيرة وتخاف لوحدها.


انتقع وجهه بالحزن, حين قال:
- أنا كلمت الدكتور, بس .. رفض قال ممنوع للأسف, يقول هي تحتاج تبات لوحدها ... عشان تعتمد على نفسها .. تعرفين عشان الياي.

لتهب مريم وهي نافخة صدرها بكل ثقة:
ماما أنا كبيرة ما أ خاف عادي.
ليلف يده على رأسها ويطبع قبله عليه, ويضعه على صدره, وهو مفرج صراح ابتسامة على محياه:
- فديت الشاطرة أنا, إلي ما تخاف من أحد, يا بطلة بيب لج باجر الصبح ألعاب وووووووووايد.

لتبتسم لكن باقتضاب.. وقد خدر وجهها الخوف :
- الله يعيني بس, أنا إلي أخاف من دونها أنام, مو هي ما أتحمل بعدها عني.

__

في بيت صالح الساعة 1 ليلا..

دخل أحمد البيت وهو يركض كعادته.. خوف من أن يلتقطه رادار أبيه لتأخره برجوع...
هرع من فوره نحو حجرته, وفتح الباب, ليصدم برؤية النظافة تشع في أركان غرفته على غير العادة, وتهجم على أنفه رائحة البخور التي لا تمت صلة أبدا بغرفته التي تكيفت خلاياه الشمية على رائحتها العفنة ...
وفكر بأنه أخطأ في الغرفة..
ولكن اتضحت له الرؤية لما سمع صوت حانق من خلفه .. ليلتفت ليجد فاطمة تشيط غضبا :
- وين كنت ؟
أحمد ببرود أستفز عنجهيتها:
- جب جب, ما ناقص غير ياهل تسألني وين كنت.
وأنها جملته بضحكة استخفاف.
اتسعت عيناها وهي ترد عليه بضيق يغضن وجهها:
- شوو؟ لا يكون نسيت من أنا.
لينفجر أحمد ضاحكا, ويرد عليها من بين ضحكاته بالغصب:
- ههههه.. لا ما نسيت, أنتِ فطوم بنت الجيران .
لتجتمع الدماء في وجهها , وهي تقول ومن خلف أسنانها:
- لا والله, أنا حرمتك.
ليعود لهجة الخاملة:
- أدري, لسوء حظي.
لتبرز عروقها في جبينها, وهي تصر على أسنانها قائلة:
- ليش لسوء حظك؟!! وش قصدك؟ مب أنت و أبوك إلي راكضتوا ورايه وتبوني بأي طريقة أوافق, أنتِ لازم تحمد ربك مليون مرة في اليوم لأني وافقت.
قالتها وهي ترفع أنفها فوق السحاب..
ليرد عليها بعدم أكتراث.. وهو يشير لها برحيل قائلا:
- روحي عني وشلي قشك, وأطلعي من حجرتي.
لتنظر إليه كالبلهاء وهي تقول:
- شوو؟ أنت من صدقج تتكلم؟!!
ليجيبها بتهكم وهو يمد جسده الهزيل على السرير الضيق المتهالك:
- لا ألعب, قومي يلاه فارجي, أنا تعبان وأريد أنامممممممم.
كانت غارقة لقمة رأسها في بئر الصدمة حين قالت بتوهان يخنق نبرتها:
- وين أروح؟ ما شي مكان, أنت رووح, أنا هذي غرفتي من اليوم, إذا مو عايبنك, لا ترقد عندي, رووح الصالة, ونام هناك.
ليرسم وجهه المستهتر لأول مرة الضيق.. وهو يتأففففففففف قائلا.. وقد قام من على السرير:
- أبرك الصالة عن مقابل ويهج يا البقرة, وإن عرفت أنج خبرتي بويه بقتلج, وأنتي مالج خص بي طووول تسمعين, أنا لو أموت ما أخذك يا أم لسان, لكن وش أسوي أبوي غصبني أدبس بك عشان تغادين خدامه لنا.

وخرج عنها بعد أن رمى عليها بقنبلته

لتصهر عيناها دموع القهر

وتنكسر عنجهيتها المزيفة ...

__

كانت تدس الطعام في فمها مجبرة .. وعيناها تسبحان في عوالم أخرى .. لاحظ هو شرودها الذي صاحبها منذ خرجا من المستشفى.. فسألها لعله يفك هذا الغم المقطب لوجهها:
- شمسة, ممكن أعرف وش فيك...؟ من طلعنا من المستشفى وأنت شاردة .. ومو معي.. هل أنتِ خائفة على مريم؟
ازدردت اللقمة ببطء... وهي تلملم شتات أفكارها التائهة .. قبل أن ترد عليه .. بصوت دنت نبرته:
- تقدر تقول كذيه.
تسلح بالابتسامة .. الذي يعتقد بأنه أحس دواء لداء الحزن.. وقال:
- لا تخافين يا شمسه .. الدكتور أملنا خير.. بس أنتِ لا توسوسين بس.

رفعت رأسها المنكس.. وردت عليه ببسمة صفراء..
قبل أن تقول خاتمة الطعام..
- الحمد لله, شبعت.
ليليها هو .. وقد أطلق تنهيدة قبل..:
- وأنا بعد... خلينا نروح لغرفتنا نرتاح.. فاليوم كان طويل.
هزت رأسها بمعنى نعم .. وقامت ليتبعها هو .. ويضع الحساب على الطاولة ...
ويهمان برحيل..
وعندما باتا في المصعد الخاوي إلا منهما .. قال بعد كر وفر دام طويلا في حرب بينه وبين نفسه الآمرة له بالحديث.. قال بصوت هامس:
- شمسه.. ممكن أطلب منكِ طلب؟
رفعت بصرها جهة بتوجس.. فأجابته بهز رأسها بالإيجاب .. فلسانها قد تجمد في فمها..
أنزل رأسه لثواني إلى الأرض.. قبل أن يدخل فوج من الأكسجين في صدره .. ويزفره آخذا معها كلماته:
- أرجوكِ .. إذا كان شيء مضايقك قول لي.. فحن .. فنحن .. ( لا يعلم لما تراجعت تلك الكلمة عن الخروج للعلن.. لكن إصراره على خروجها .. أجبرها على الرحيل إلى أذني شمسة مجيرة ) أخوه .
زادت من انحناء رأسها للأسف.. وهي تكتفي بلغة الإشارة للجواب عليه بنعم...
ليكملا ما تبقى من الطريق بصمت رهيب...

__

ما إن دخلا الغرفة .. حتى عادت شحنات الخجل تجثم على صدريهما ...

فقال وهو يريد بأن يكسر هذا الصمت .. ويخفف من حدة الجو المشحون السائد في المكان:
- شمسة أنا أريد أنام اليوم على الأرض, متعود على نومتها, أكثر من الكنبة, ممكن ترتبين لي الفراش.
ليشتعل وجهها بحمرة .. وهي تشعر بالخجل ينخر جميع أعضائها .. وقد تصورت في خلدها بأنه تعب من نومت الكنبة البارحة.. فقالت بصوت علا لأول مرة :
- حميد أنا إلي بأنام على الكنبة, حلفت, ها المرة دوري.
ليرد من فوره برفض قاطع:
- لا والله, أنا أصلا أحب الراقد على الأرض في البيت دوم أرقد على الأرض, ( وأفلت ضحكة ليرطب الجو .. ويقنعها بكلامه أيضا ) السرير ما أقربه إلا يوم أكون مريض, وأرتاح أكثر على الأرض مثل أبوي الله يرحمه, فهو إلي عودني على ها العادة, لا تستحين مني أنا أخوج شوو ها الكلام مرة ثاني ما أريد أسمعه.
لينهي جملته كالعادة بختم البسمة الذي يرصع شفتيه.. لتنظر إليه بنصف عينيها .. فهي لا تزال تشعر بحياء من جمائله التي تهل عليها .. وهي لا تفعل جزائها شيئا بالمقابل..
فلم تجد في مقدورها في هذه اللحظة إلا نسج كلمة واحدة .. للأسف لا تملك سواها:
- حميد .. ش...
ليصلب يده أمام وجهها تماما .. وهو يقول :
- وش قلنا الصبح.
فتدغدغ شفتيها ابتسامة ..
وهي تضع أناملها على شفتيها .. وهي تقول:
- والله نسيت.
ليعاود لينحني صوبها.. فهي تقصره بعدة أمتار.. ويضع عيناه على نفس الخط الذي تقع عيناها عليه ...ويقول وسحر ابتسامة يلقى عليها:
- ها المرة سماحة.. لكن في المرة القادمة عقاب شديد.. ويا ويلك من عقابي.
وأخذ يحرك أصبعه السبابة متوعدا..
لتطلق صراح تلك الابتسامة التي ضلت تدغدغ شفاهها ..
وتهز رأسها للأعلى والأسفل..
ومن ثم نصب جسده .. ليكمل طوله الفارع.. ويقول.. والبسمة ترافقه:
- يلا أنا بروح أبدل ملابسي.
وذهب من فوره جهة الحمام .. وفي الحقيقة .. هو يرغب بالهرب .. فهذا المرض الجديد الذي يسمى الحياء يحرق خلايا بدنه ..

شمسة فكرت بأنه سوف يتأخر عليها, فقامت بسرعة تلبس ثيابها في الحجرة التي عم فيها الهدوء النسبي من أي أنسي, فشرعت بسرعة الصاروخ .. تبدل ثيابها بملابس النوم .. إلا أن حظها العاثر لم يحالفها.. فقد خرج حميد المتضايق من حالت النسيان التي لا تريد بأن تعتقه.. فقد نسى بجامته .... كان يمشي بخطى واسعة نحو الدولاب .. سادل نصف جفنيه نحو الأرض من شدة خجله على غباءه... لهذا لم ينتبه على شمسة التي شلت أطرافها تماما .. وصام عقلها عن العمل في تلك اللحظة التي صبت حمم الصدمة على رأسها ... عكست عيناه الشبه منكستان على شبكيته أقدام أنثوية ... لا يعلم من أين جاءته تلك الجرأة .. التي دفعت ببصره ليعلو رويدا رويدا ... ليفتن بساقين مشدودين .. نقعتا في لبن صافي.. والمندثرتان دوما تحت لباس طويل يحجب روعة نحت الخالق فيهما.. فيكمل مسيره راضخا للشهوة التي تدفقت في بدنه لينهش بعيناه بالمزيد من هذا الحسن .. لتحط عيناه على ذلك الخصر ذو التموج الرشيق .. الذي للأسف دفن في تلك الملابس الفضفاضة .. لينهي رحلت الاكتشاف على ذلك الوجه البيضاوي الذي تناثرت عليه بعبث مغري خصلات سوداء طويلة .. تنافس الحرير في ملمسه ... وتلمع فيما بينها بريق رمادي ... يزيد من أبهار لبه ... وهو لأول مرة يرى عينيها التي كعيون الغزال بدون قيود الخجل الثقيلة .. باتت الرؤية واضحة له الآن .. بدون سلاسل تمنعه من تعين ذلك الوجه .. الذي تزين بأنف مدبب .. يحرسه من الأسفل .. شفتين أتنز أسفلهما بفخر ليخضع له الأخر بخنوع ذابح للناظر لهما ..
طوال تلك الرحلة .. ضل نفسه محبوسا في صدره .. وهو يتصور نفسه .. في دنيا غير هذه الدنيا ..
وفي زمن غير هذا الزمن ..
مع امرأة غير تلك المرأة التي تزوجها لأجل أن ينقذها ..
( إنها أنثى .. )
صرخ شيطانه بداخله ..
وذلل بفحيحه كل الحواجز التي بناها حميد بينه وبين شمسة بثانية ...
شمسة كانت في حالة لا تحسد عليها فقد وقعت عليها أطنان من أكوام حرج الدنيا كلها في تلك الدقائق الملتهبة وهي تراه كيف فاتح عيناه عليها وكأنه لم يرى امرأة من قبل, لتنزل رأسها هربا من جمرات عيونه .. وقد أستجدت بعد القوى.. لكي تشد الخناق على الفوطة التي كست بها جسدها على عجالة.. رغم أنها تكشف أكثر مما تستر ..
آلاف الصفعات من الأفكار المتضاربة .. عصفت بعقلها لحظتها...
فجاءت بيد تنسل تحت ذقنها لترفع رأسها بدون طوع منها ..
لتقع عينها فريسة لعيناه الملتهمة لها ... أمسك بثوب نومها الممسكة بها يدها الأخرى ... ويقذف به بعيدا.. ليدوي صوت الإنذار في داخلها مما سوف يحصل.. لكن.. أخترق هذا الصوت الصام لروحها زجرة هزت كيانها
( أهي انتقمت منكِ .. وأنتِ بعد انتقمي منها ...)
هذا الصوت الذي لا تعلم من أين أتاها .. أدخلها في غيبوبة .. نست فيها نفسها تماما ... وسلمتها لحميد .. الذي أقتادها نحو السرير...ويغلق الأنوار.. لينغمسان في عالم خاص بهما.... محرم عليه صوت العقل.. ويتربع على عرشه سنفونية الغريزة ...





### يتبع ###




توقعتكم في جزء القادم؟














 
 

 

عرض البوم صور وجع الكلمات  
قديم 06-06-11, 10:21 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو في ذمة الله

البيانات
التسجيل: Apr 2011
العضوية: 223596
المشاركات: 271
الجنس أنثى
معدل التقييم: وجع الكلمات عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 28

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وجع الكلمات غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وجع الكلمات المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

السلام عليكم جميعا

عذرا على تأخري وتقصيري في حقكم

ها هو الجزء أرجو بأن يعجبكم

وإن شاء الله خلال هالأسبوع بيكون فيه قيد آخر أضافي :)

بس قولوا يا رب


قراءة ممتعة


وعذرا على قصر القيد :(






* ( القيد الحادي عشر) *




كانت تنهال على خديها الذين باتا كصفيح ساخن بالصفعات ..

وهي تقول والعبرات تسابق كلماتها المؤنبة لنفسها:
- وش سويت ؟!! وش ها الغباء الذي عملته ؟!! أعشان أنتقم من فطوم بنتي أعمل ها العملة الس...

لتبتر جملتها بعض شفتيها وتعصر عيناها التين باتتا مجمرتان

ولا تكل من عقاب وجنتيها بوابل من الصفعات المتسلسلة ..

كانت سوف تكمل عقاب النفس اللائمة بدون توقف

لولا أن أخترق مسمعها صوت سعال يفزع القلب

والذي بعث برعشة في عامودها الفقري

الذي جعلها تنتفض وتقوم من على السرير

وتهب مسرعة بدون وعي فالجزع أعمى بصيرتها نحو الحمام حيث يصدر السعال القوي

الذي لا ينبأ بالخير أبدا

صرخت ما إن باتت أمام باب الحمام قائلة .. وقلبها مقبوض:

- حميد .. وش فيك ؟!! .. وش صار؟!!

كأنها في هذه اللحظة نست كل أحداث لليلة البارحة ..

والنقطة السوداء التي تشوه صفحة حياتها حسب ضنها ...

لم يجئها جواب يشفي ظمأ روحها القلقة ...

بل عادت سكاكين السعال الذي يصم أذنيها تقطع طبلتيها..

فوجهت الضربات الصارخة على الباب

وهي تناديه بجزع ينحت وجهها فيشوهه:

- حميد الله يخليك جاوبني وش فيك ؟!!


ما هي إلا دقائق مضت كانت كالدهر في صفحات حياتها

حين بدأ ذلك الباب الشامخ بصمت ياهتز ...

فيعلن عن نهاية جمرات الخوف في قلبها

ليخرج حميد

وابتسامة مهزوزة تكبل شفتيه

ويقول كأن شيئا لم يحدث.. بصوت جاهد لأجل أن يكون طبيعيا:
- لا تخافين مجرد كحه بسيطة ... وراحة ..

أخذت تتفحصه بنظرات غير مصدقة لكلامه

فذلك الصوت الذي هز الغرفة .. مستحيل بأن يكون موجة عابرة ...

لكن مع استمرار تلك الابتسامة الباهتة على شفاهه ...

بدأت تشعر ببعض الطمأنينة الزائفة في داخلها ...

لتنقلب تعابير وجهه بجزء من ثانية إلى استغراب .. تسلل إليه بعض خيوط القلق ..وهو يقول:

- وش فيه ويهك أحمر ..

وبدون أن يعي العقل ما أقدم الجسد على فعله .. رفع يده .. لكي يلامس وجهها المتورم والمشتعل بالحمرة

فلمحت شمسة على أطراف أنامله حمرة دامية .. جعلت حدقت عيناها تتسع

وهي تقول:

- وش هذا إلي في صبوعك ... دم !!!

ليوقف يده الممتدة ..ويمنعها عن إكمال طريقها المخطط له ... فتنكمش قبضة يده ..

وتتراجع إلى الخلف بسرعة البرق ...

لتختبئ وراء ظهره ..

وهو يهرب بوجهه بعيدا عن مرآها .. قائلا بتلعثم واضح:

- لا دم .. مو دم ... هو ... هو صبغة .. نعم صبغة ..
لكن ما لبثت تلك الكحة الفاتكة برئتيه تنسف بحنجرتها ..

فيجهر بها فمه ..

فتتطاير تلك القطارة الدامية

فتكشف سره الدفين

لكنه لآخر رمق جاهد بأن يحمي سره

بوضع حفه على فمه

وهو يندس في الحمام مبتعدا عن عيناها المشرعتان بصدمة تجمد محياها

مد يده لكي يغلق الباب

حين استوقفت يدها طريق الباب المنذر بالانغلاق ..

وهي تسأل بنبرة علت طبقتها.. والصدمة تمدد مقلتيها:
- وش هذا يا حميد ..؟!! أنت وش فيك ؟!!

أراد بأن يبعث الطمأنينة في أنفاسها المرتاعة

لكن تلك الكحة اللعينة سدت الطريق أمام الكلمات لكي ترى نور الحياة

ولشدة نوبة السعال التي تملكته .. بدأ جسده ينهار

ويفقد توازنه

والرؤية باتت له ضبابية

بسبب تكدس الدمع في عيناه

لاحظت ترنحه غير الطبيعي

فهرعت صوبه بدون تفكير مسبق

وانتشلته من السقوط المحتوم
لتتناثر خصلات شعرها الطويلة على وجهه الذي بات شاحب اللون

لضعف بنيتها مقارنة بجسده الفارع

لحقت به نحو الأرض

لكن تمكنت من أن تقع وهي جالسة

وهي تبذل قصار جهدها لكي تنقذ رأسه من الالتطام بأرضية الحمام الباردة

بضمه إلى صدرها بدون أدنا وعي منها

وهي مغمضة العينان

وأنفاسها تتقافز بعيدا عن صدرها

المضطرب الحركة

فتحت عيناها على وقع أنفاسه الخاملة

والتي طمستها في مستنقع الخوف من أن يكون قد أصابه مكروه

أخذت تحدق بها بنظرات هسترية تتقافز على وجهه الخاوي من الحياة

لتجد رموشه قد أسدلت الستار

فينبض قلبها بطبول الروع

فتخرج من حنجرتها نداء ينبع من نفسها المنتفضة من الجزع:

- حميدددددددددد .. قوم يا حميددددددددددددد ...



___







لقد باتت آلة مسيرة من أثر تلك الصدمة التي هزت كيانها

وجعلت كبرياءها المريض

يضوي

أمام سياط الفاجعة

بما آلت لها حالها الكسيفة

لقد دخل عليها كالإعصار في صباحية زواجها المشئوم

وألقى عليها أوامره

بالتنظيف وتحضير الطعام

كأنها خادمة في بيته

وليست فرد من أفراد العائلة

حتى أنه لم يجل لها مجالا للرد عليه

فقد خرج إلى الصالة

جاعلا إياها تنغمس أكثر في دوامة الصدمة

وتربع كالملك على السجادة التي بهت لونها من كثرة السنون التي مرت عليها

وشمخ وهو منفوخ الصدر

على الصيدة الثمينة التي حصل عليها وبأبخس الأثمان...

لقد دخلت المطبخ بجسدها لا بروحها الهائمة في بحر الندم

وهمت بطبخ

رغم أنها لم تقلي بيضة من قبل

فقد كانت تعيش كالملكة في بيتها

لقد تجرعت طعم المذلة لأول مرة في حياتها

وكذلك حنظل الندم المر


وضعت له الطعام أمام سيدها الذي ربع نفسه بدون أرادتها

وهي كسيرة الجسد

خاضعة لجبروته

فلقد قطعت روابط أهلها بسكين كبرياءها العنيد

ما إن رأى الطبق الذي أستقر أمامه

حتى زمجر وقد جحظت عيناه:
- بل بل بل .. وش هذا كله .. تشوفينا شيوخ عشان تحطين بيضتين .. ولا بعد محروقتين ؟!!

ما قلت لك البارحة إياك وتبذير

حن ناس على قد حالا

وبعدين البارحة يوم سخنتي العيش وأحترق نصه ما قلت شيء

قلت وحليلها عروس تعبانه

لكن اليوم ما عندك عذر, راقد ومنخمده علين الساعة ست الفير

وريلك وحليله من النيمه رايح الدكان يفتحه

يلا أباك تكون حرمه أزينه ولا تلعبين بفلوسنا
فهذا فلوس مو ماي.

وأمسك بأحد البيضتان المقليتان والتي أسود لونها من لهيب النار

ومده صوبها وقال آمرا:
- خذي وديه للمطبخ, روحي صبي ماي في طاسه, ودخليها هذه في كوب, ودخلي الكوب في الماي إلي بالطاسة, ما نبا نخسر فلوس على الفاظي على الثلاجة, يوم جونا والحمد للها بارد.

حدق به غير مصدقة لما وصل أذنها.. وقالت بينها وبين نفسها :
( لهدرجة أنت بخيل؟!! كيف عايش ؟!! )

ما لبث أن على صوته وهو مقطب حاجبيه الكثيفين:
- وش قاعدة واقفة علين الحين, خذي البيض للمطبخ بسرعة.

لترد عليه قائلة:
- مو مشكله أنا بآكله, ما بيظيع.

أخذ ينظر بها , كأن صاعقة وقعت على رأسه, ومن ثم قال:
- وش قلتِ؟ بتأكلينه! ليش عاد .. شوفي عمرك كيف متينه.. قللي أكل أحسن لك .. ترانه الريايل ما يحبون الحرمة المتينه.

و لوى شفته بابتسامة طرفية تدل على السخرية...

أما هي فعملت حملت استطلاع على جسدها

الذي يتزين بتموج رشيق تتمناه كل أنثى في سنها

لتطلق تنهيدة طويلة .. تتبعها بحديث النفس:
( لا حول ولا قوة إلا بالله .. بخيل .. )

ولم تكمل حديثها حتى شعرت بعيناها تلهبان جفنيها

منذرتان بقدوم العبرات ..

___

بدأ يفتح جفنيه الثقيلين

لتحتشد جموع الضوء

فتعمي بصره لثواني

حيث أنه استعان بيده الواهنة

وغطى بها على عيناه

ومن ثم أخذ يدعكهما بنفس اليد

ليعاود الكرة بفتح عيناه

لتنج هذه المحاولة

وتعاود عيناه إلى عملهما الطبيعي

وما إن حدث هذا

حتى سقطت بصره

على شخص يكتسي بالسواد

من قمة رأسه إلى أخمص قدميه

يقف أمام الشباك

وموليه ظهره

أستنتج بأنها شمسه

فهذا الجسد الهزيل

لا يصلح إلا لامرأة

أراد بأن يناديها

لكن صوته الذابل

لم يسعفه

بعد جهد جهيد

خرج أخيرا من فمه

باهت النبرة.. ضعيف الطبقة:

- شمسه .. وين أنا؟!

التقطت أذناه صوت نفس قوي يسحب .. ومن ثم يخرج بزفرة أقوى من سابقتها

صادرا منها

قبل أن تلتفت صوبه

وتصهره بنظرتها المشعة بغضب غير عادي... وقد تشكلت تعابير الضيق على صفحة وجهها:
- ليش .. ليش ما قلت لي أنه فيك السرطان .. ليش ؟؟!!

لتعلو مع كل كلمة تنطق بها طبقة صوتها ...

شل فكره قبل جسده

فلا يجد الكلمات التي تتماشى مع هذا الموقف الصعب

فرضخ لصمت أستفز نفسها الثائرة

فتقدمت جهته بخطى متسارعة

وكررت سؤالها بحدة أكثر من قبل:

- ليش ما قلت لي بأنه فيك السرطان من يوم كنا في الإمارات ؟!!

فهوت بقبضة كلتا يديها على طرف الفراش المتزين بلون البياض الناصع .. والذي سكنه جسده الجامد
وهي تردف قائلة بنفس الحدة الغاضبة:
- ليش أنت ساكت تكلم قل شيء؟!! أنت قاعد تضحك علينا وألا وش قصتك ؟!!

هنا أستطاع أن يذب الصمت الذي غلف لسانه.. وقال.. بصوت مهزوز من هول الصدمة:
- من قال لك ؟!!

صرت أسنانها قبل أن تجيبه قائلة:
- وش همك من قال لي.. بس على العموم بقولك.. يوم أغمى عليك في الحمام .. ارتبكت ما عرفت وش أسوي .. فأنا ما أعرف أتكلم انجليزي .. وما أعرف أتواصل مع العاملين إلي في الفندق... فما لقيت حل إلا إن أتصل بالدكتور خالد ... وإلي خبرني على كل شيء ..
قطعت جملتها وهي تلتقط أنفاسها الفارة منها .. وتضع كفها على رأسها الذي يكاد ينفجر من الصداع الذي باغته فجأة ...

حين قال وهو يطلق تنهيده نابعة من داخله :
- كان لازم ما يقول لك ...
لتثور هائجتا من جديد وهي تزأر في وجهه من جديد:
- ليش ما تريده يخبرني؟ .. أنت قاعد تضحك عليه أنا وبنت .. أنا الغلطانة يوم وافقت على ها الزواج بسرعة .. الغلط غلطي يوم سلمت نفسي وبنتي في يد رجل غريب ...

وأخذت تضرب صدرها بهسترية..

أغلق عيناه وهو يجاهد من أجل أن يكبت ذلك الوجع المتراكم في صدره ..

حين أنفجر بها قائلا:

- توقفي .. توقفي.. أنا ما أريد لك ولمريم إلا كل خير...

لترد عليها بصوت أعلى من صرخته.. وقد تمدد جفنيها:

- أي خير تتكلم عنه؟!! أنت حتى ما تريد تعالج نفسك.. كأنه بفعل هذا تقول بأنه مريم بتموت.. أنت في داخلك مقتنع بأن بأن ..

وغصت بدموعها التي تكدست في عيناها...

قبل أن تكمل قائلة.. برنة حزن تقطع فؤاد سامعيها:
- بأنها بتموت ...

ووضعت يدها المرتعشة على فاها المنتفض هو الآخر ببرودة الدمع ..

هنا خرجت مقلتيه من محجريهما .. وهو يحدق بها وقد نسفت به سكين الذهول من

قولها...

مشت أنفها بظهر يدها .. وهي تستنشق نشيجها .. والذي قطع كلماتها النابسة بها:
- أنا .. أنا ما أريد .. أريد شخص ... في داخله مقتنع .. مقتنع بأن كل مرضى السرطان محكوم عليهم بال بال ( كم صعبت عليها هذه الكلمة .. لم تقوى بقاي قواها على دفعها إلي طبلة أذنيه ..إلا بعد مجهود جبار منها ) بالموت ..
ودفعت ببدنها المهتز بصفعات الألم نحو باب الغرفة التي توحد لون زواياها .. وقد

شكلت دموعها خيوطا تلاحقها في الهواء...

وليلجم هو لسانه بالصمت مجبرا ..





### يتبع ###

 
 

 

عرض البوم صور وجع الكلمات  
قديم 09-06-11, 10:15 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو في ذمة الله

البيانات
التسجيل: Apr 2011
العضوية: 223596
المشاركات: 271
الجنس أنثى
معدل التقييم: وجع الكلمات عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 28

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وجع الكلمات غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وجع الكلمات المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 



*((القيد 12))*





دخل مثل الطوفان لغرفة
التي تسلحت بالصمت
ما إن تصيدت عيناه إياها
أخذ يلتهم المسافة بخطواته الواسعة
وهي واقفة فوق رأس صغيرتها المتلذذة بطعم النوم..و تحدق به بعدم اكتراث
فجر الكلمات من حنجرته بدون تفكير.. وقد شوهت وجهه الباسم تقطيبة :
- ليش تطلعين بدون ما تسمعين ردي ؟!! أنتِ تظنين بأن ها الموضوع لعبة؟ .. أنتِ ومريم أمانة في رقبتي.

بكل برود أعصاب ردت عليه.. والجليد يجمد قسماتها:
- اولا قصر صوتك.. مريم نايمة .. ثانيا ....أحسب ان هالموضوع لعبة .. أنت إلي قاعد تلعب فينا أنا وبنتي .. وتضحك علينا بعد ..
هنا بتر جملتها بصوت علت نبرته :-
- أنا ..
ثم ما لبث أن تدارك الأمر .. فقصر من درجة صوته:
- أنا أضحك عليكم ؟!! أنا ما أخفيت موضوع مرضي إلا لأني أريد أساعدكم .. وما أريد أعور راسك بمرضي..

هذه المرة هي التي تصدت بقطع جملته وقد تكسر الجليد بشبك حاجبيها للأسفل:
- لا تحاول تبرر ... إذا هذي القصة بدأت بكذب .. فالله أعلم وين بتوصل .. أنا الصراحة ما آمن بنتي ونفسي مع شخص خدعنا ..
حدق بها بذهول يصفع وجهه.. ومن ثم ترجمته كلماته.. وهو يصوب سهم سبابته على صدره:-
- أنا خدعتك.. شمسة أرجوك لا تتهميني بشيء أنا ما سويته .. أنا كانت نيتي طيبة .. وأعتقد بأنه علين الحين ما طلعت منيي الشينة صوبك..
لتكشر اللبوة عن أنيابها الحادة وهي تزأر قائلة:
- وش قلت ؟!! ما طلعت منك الشينة ؟ أنت بإخفائك موضوع مرضك .. ورفضك للعلاج .. كأنك تقول إنه كل من صابه السرطان محكوم عليه بالموت .. كأنك تقول أن .. أن ( فتقافزت تلك الدموع المتراكمة في نفسها المثخنة بالألم من عيناها المنفرجتان ) مريم بتموت .. ( لترضخ لسكاكين الصمت لثواني .. وسيول الدمع تنساب برشاقة على وجنتيها المتوهجتان بحمرة الغضب .. ومن ثم تعود لتغدق عليه بحروفها الحادة كحد السيف ) لو سمحت أنا ما أريد إنسان مثلك في حياتي .. متشائم يريد يقتل ها الأمل الصغير إلي في قلبي ( وأسكنت يدها اليسرى على قلبها الثائر بالنبضات )
أحس بنفظة تسري في سائر جسده وهي يلتهمها بعينيه المشتتان ..ويقول بدون وجهة معينة يقصدها :
- أنت ليش مو راضية تفهمين مريم غير وأنا غير ..

لترجع من جديد تقاطعه بجدران كلماتها الناهرة.. وقد تناست تغليف كلماته بطبقة دانية:

- وش الاختلاف .. فهمني .. مو أهي من لحم ودم .. وأنت من لحم ودم .... قول لي وش إلي يخليك غير عنها ..فهمني ؟!!
لهذا أفسد نومها العميق صوت أمها الصارخ .. فعادت لعالم الصحوة .. فتفتح عيناها ببطء.. قبل أن تقول وهي تتثائب:
- أمي .. أنتِ هني ؟
فتهرع شمسة بربت على رأس صغيرتها .. وهي تقول بصوت يقطر حنانا:
- نعم حبيبتي أنا هني... .
وتكلل رأس مريم بقبلة حانية
قبل أن تصوب رماح عيناها صوبه .. وهي تزجره آمرة:
- لو سمحت انتهى الكلام بينا ... فاطلع .. وبأقرب وقت أرسل لي ورقة طلاقي.
فتك أسنانه باحتكاكهما ببعضهما
وبعد ذلك قال:
- وش صار؟ ليش تعامليني بهذه الطريقة؟! .. هل لأني بسس ما قلت لك عن مرضي.. أم بسبب إلي صار البارحة؟! أسمعي يا بنت الحلال إلي صار البارحة غلطة وأنا ندمان عليها .. وما بتتكرر أبدا ..أوعدك..
طمست أصابعها المشدودة في طرف السرير .. وهي تحاول أن تتمالك حبل الندامة الذي يطوق عنقها فيخنقها..
لتقول بعد ذلك بصوت حرصت بأن يكون طبيعيا حتى لا تخيف صغيرتها التي لازالت محاصرة بين النوم والصحوة.. بسبب الأدوية التي تخدر جسدها الضئيل:
- حميد .. أنا أعرف زين بأنها غلطة .. غلطة بأظل طول عمري أندم عليها .. وبعدين ها الشيء مو هو إلي خلاني أعصب عليك .. تصرفك المتشائم هو إلي خلاني أكلمك بهذي الطريقة .. وبعد لأنك ما قلت لي عن مرضك .. وإلي عندي قلته لك قبل.. وما عندي غيرة .. فأرجوك أطلع قبل لا أتصرف معك تصرف ثاني لا يليق بي .. ولا بك.

تمددت عيناه بقبضة الذهول

لما نحر مسمعه

ولم يلبث هذا الذهول بأن تحول للغضب جارف يهيج في صدره

لا يعلم كيف كضمه

وخرج من الغرفة بصمت يناقض الضوضاء الفاتكة بداخلة ..

___



قدمت له الفنجان الذي فاحت منه ريحة الهيل التي ترفع الرأس ..وهي تتلوى كأنها على جمر متقد تجلس .. فهناك موال في رأسها تريد بأن تشارك زوجها به.. لكن تخشى من ردت فعله ..
تناول الفنجان من يدها.. واسترخى في جلسته .. وشرع قدميه أمامه على الأرض ..
حين حزمت قرارها
وألقت قنبلتها بتروي:
- ياربي أنا حاسة بنتي شمسه شي فيها, مستحيل تنسى ظناها وبجرها فطوم,
مهما قالت مستحيل تنسى بنتها وتتبرا منها, يا بومحمد الله يخليك شوف حل لهذي البنت ما يصير نتبرا منها هذي ياهل وبتعرف غلتطتها.
نظر إليها بطرف عينه وهو يملؤ جوفه بقهوة العصر .. وقال بهدوء أعصاب:
- ومن قال بتنساها, أنا يدها وحلفت وما بتدخل بيتي زود خلاص, اللي يريد يزورها يروح لها. أما أنا مالي خص فيها بعد اللي صار, ولا أريد حتى أسمع اسمها حتى, مفهوم.
وضربها بسياط عيناه الآمرة..
لتزدرد ريقها .. وهي تدرك مغزى نظرته الزاجرة..وتقول:
- الله يهديها, بروح أقوم العيال يدرون عندهم امتحانات وشمسة مسكينة تتصل علي توصيني عليهم, هذي الامتحانات النهائية, ولازم يهتمون ويدرسون زين, الله يوفقهم.

__

لقد كادت قدماه اللتين لم تتعبان من الذهاب جيئة وذهابا اختراق أرضية الممر الضيق والذي لم يخلو من المارة بمختلف أهدافهم وأعمالهم وأجناسهم وألوانهم, والذين لم يبخلوا عليه بنظرات الاستغراب
والذي لم يلاحظ تلك النظرات
فعقله مثقل بهموم جديدة
تنظم لأكوام الهم التي تكبس على صدره
فتثقله
وضع يده على رأسه الذي يكاد ينفجر من شدة الصداع الذي عصف به
وهو يقول في سره :
( أنا الغبي ... ليش ورطت نفسي في هالزيجة ..)
لينحر جملته بابتسامة ساخرة
وهو يردف قائلا:
( عشان الأجر.. بدل ما أحصل الأجر .. حصلت مشاكل يديدة أنا في غنى عنها )
هوى بتلك اليد العاصرة على رأسه الذي يرفض الاستكانة عن الألم
على وجهه الذي طالت لحيته وشنبه
وقال وهو يدرك لفداحة قوله:
( أستغفر الله .. وش قاعد أقول ؟)
شرع عيناه
وقد لمعت في رأسه خاطرة
وبدأ تنفيذها في الفور
أخذ هاتفه المحمول من جيب بنطاله
وبسرعة البرق بحث عن اسم الشخص الذي يريد الاتصال به
وما إن وجده
ضغط من فوره على زر الإرسال
وبعد بضع رنات
سمع صوت ينادي من على الخط الآخر
والذي لم يكد يكمل كلمة ألو..
حتى إنهال عليه
بالجمر الذي يشوي صدره:
- ليش يا خالد قلت لها .. ليش؟!!
ليرد عليه صديقة بنبرة عاقلة.. بعد أن أطلق تنهيدة:
- حميد .. هي في الأول والأخير بتعرف .
ليقول بطبقة علت:
- بس مو الحين .. مو الحين .
ليأتيه صوت خالد الرزين.. والذي يناقض ردود حميد المنفعلة:
- بالعكس كان لازم تعرف من زمان.. لكن للأسف أنت ما قلت لها... حميد أسمعني شوي.. إلي صار لك يدل على أن حالتك تطورت.. لازم تلحق نفسك.. إذا موعشانك.. عشان زوجتك وبنتك.
تسلل إلى أذنه من سماعة الهاتف ضحكة تميل إلى السخرية.. تبعها قائلا:
- شكلك يا صديقي نسيت السبب إلى عشانه تزوجت شمسة.
سمع من على الطرف الآخر .. صوت نفس عميق يأخذ تلاه زفرة قوية .. قبل أن تلتقط طبلة أذنه صوت صاحبه الذي لا زال هادئا:
- لا .. أنا عارف السبب زين وذاكرنه .. أنت الحين أمام الشرع زوجها .. مهما كانت الأسباب.. فهذا زواج ورابط مقدس.. وهي ومريم صاروا جزء منك.. إذا صار لهم شيء بيصير لك .. وما بتسامح نفسك أبدا...
حميد بقول لك شيء.. أنت ما فكرة إذا تعبت وألا لا سمح الله مت .. وهنه في الغربة .. وش بيصيير لهن.. بدل لا تساعدهن .. بتورطهن بمشاكل هنه مو ناقصتنهن ... وبعدين أمك وأخواتك المسكينات.. حالتهن لا تسر لا عدو ولا صديق .. حميد أصحى .. إذا مو عشانك .. عشان أمك وخواتك .. وعايلتك اليديدة... أسمح لي حميد .. أنا لازم أسكر التلفون .. عندي الحين موعد مع مريض.. فكر بكلامي زين أرجوك .. يلا مع السلامة.. وسلم لي على شمسة.
ليغلق الخط .. وهو لم يسمع حرفا ينطق به حميد
الذي شعر بنفسه بأنه يغرق في بئر الضياع
فجميع أفكاره السابقة بدأت ياهتز إطار الصحة المحيط حولها

__

دخل محمد منزله بعد منتصف الليل كعادته اليومية
ولكن لاحظ شيء غير مألوف..
بأن الباب الرئيسي لمنزله مشرع الأبواب ..
دخل وقد ثنى حاجبيه إلى أعلى
وهو يعمل مسح ضوئي بعيناه للمنزل
وينادي في نفس الوقت:
- حصوووووه ..
حووو من اللي ناسي الباب مفتوح
وانصدم حين وجد حصة ممدة على بطنها في كبد الصالة بدون حراك .. و حطام طبق بجوارها قد تناثر ما في جوفه ..
اتسعت عيناه .. وهو يهرع صوبها كالمجنون.. فوضع يده على ظهرها وأخذ يهزها بهستيرية.. وهو يناديها صارخا:
- حصووووه قومي شووو فيج وين ميري عنج
ولكن لا جواب من حصة يبل ريقه المستجدي لجواب يريح قلبه المقبوض..
أخذ يتلفت من حوله باحثا عن المدعوة ميري .. لعلها تسعفه بالجواب..وهو ينادها بأعلى صوته..:
- ميري .. وينك ..؟ يا ميري...
عندما لم يرد عليه سوى صدى صوته.. شعر بالعجز يمد أنامله على عقله
فوضع يده على رأسه العاري
بقلة حيلة..
فيمد يده المرتعشة صوب رأس حصة المستكين عن الحركة
وقد أصمه صوت قلبه المفزوع
فحرك رأسها أخيرا بعد تردد دام دقائق ملتهبة بحطب الخوف
فيفجع بالزبد الذي المنسكب من فاها ..

### يتبع ###

 
 

 

عرض البوم صور وجع الكلمات  
قديم 16-06-11, 03:32 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو في ذمة الله

البيانات
التسجيل: Apr 2011
العضوية: 223596
المشاركات: 271
الجنس أنثى
معدل التقييم: وجع الكلمات عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 28

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وجع الكلمات غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وجع الكلمات المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

* إهداء *


قبل أن أضع الجزء ( القيد ) الجديد أحب بأن أهدي هذا الجزء لكل من:

* الوزيرة أول متابعة لروايتي المتواضعة ومحفزتي الدائمة للأستمرار وتطعيم الأجزاء بالأكشنات

* روضة علي على متابعتها المستمرة لروايتي المتواضعة وتحفيزي دوما للمتابعة بلا كلل أو ملل

* آسيل على قلبها الحنون وردودها التي تبعث الطمأنية في قلبي

* فاقدة أنفاسها والتي منذ أن دخلت لروايتي المتواضعة وقد أضافت طعم خاص وللذيذ بكلامها الذي يفجر أساريري دوما وأيضا بمناسبة انتهائها من الامتحانات .. فمبروك الأفراج

* ولأختي نوفا5 التي أفتقدتها بصدق في الأجزاء الماضية .. أرجو بأن يكون المانع خيرا :)


والآن مع الجزء الذي أرجو بأن ينال استحسانكم :)





*(( القيد 13 ))*





شعر بجبل يجثم على صدره

فيقتل أنفاسه الباحثة على أكسجين يعيد الحياة لرئتيه الهائجتان

وأطنان من الكآبة

تثقل محياه

فتزيد عمره سنوات

فأمواج الأيام

لا تفتأ تنهال عليه بضرباتها الموجعة

التي تغمسه أكثر في بؤرة الحزن المريرة

كان قد رمى بجسده المتهالك القوى تحت ظل شجرة كبيرة

تتربع بشموخ في كبد الحديقة الغناء المحيطة بالمستشفى

حتى أن ذاكرته لم ترحمه

فقد أخذت تكويه بصور الماضي

التي تحرق جوفه بنيران الألم

فقد جادت له بشريط طعن الحبيب

لتمر به ليوم أن تبرأت منه أمه

وتختم رحلتها بكلمات شمسة التي فتكت بالسكينة النفس المزيفة التي حصن نفسه بها

طمس وجهه بين كفيه المرتعشان

وأطلق العنان لتنهيدة طويلة

توجع من يسمعها
وقال والحرقة تخنق كلماته:
- ليش ما أحد راضي يفهمني ؟! ليش أنا إلي في عينهم غلطان ؟!! ..

ليرفع رأسه إلى السماء التي بدأت تكتسي بثوب الليل بعد أن حرر وجهه المتغضن بالأسى من غطاء كفيه

وقال برجاء قطر من فمه المنكمش:

- يا رب صبرني .. صبرني ...
وابتلع ريقه وهو يهوي برأسه بوهن
فتسقط عيناه النصف مفتوحتان على شمسة التي كانت تتمشى وهي مطأطئة الرأس في ربوع الحديقة

ليشعر بالدماء تتدفق إلى وجهه

فيقوم من على مقعده

بدون وعي منه

ويمشي بخطى متسارعة نحوها

فيباغتها

بكتم أنفاسها بيده الضخمة

وقد أجبر جسدها المشدود من المفاجأة

لكي يستند على أحد الأشجار المنتشرة في أرجاء المكان

ويدنو بوجهه صوبها

ويلفح وجهها بأنفاسه الثائرة

والتي بالكاد يقوى على التقاطها

لتشرع عيناها بجزع ينحت ثنايا وجهه

ويقول في غمرة هيجانه المباغت لنفسه التي عميت عن البصيرة:
- تريدن تعرفين وش الفرق بيني وبين مريم.. أنا بقول لك .. أنا شفت العذاب إلي عاشه أبويه مع هالمرض.. وكنت أموت ألف مرة وأنا أشوفه ورحه تفارق جسمه الضعيف .. أنا شفت أمي وأخواتي كم بكن وتألمن على شوفت أبوي وهو يصارع هالمرض الكريه ... وكيف بكن دم يوم مات أبويه .. والأهم من كل هذا بأنه مريم غير .. مريم لازم تعيش .. لازم هالروح الطيبة والمرحة لازم تعيش .. هي بعدها صغيرة .. بعدها صغيرة... فلا تقولي أرجوك بأني أنا .. أنا حكمت عليها بالموت ... هذه مريم هذه مريوم الحبوبة .. ما با تموت .. بتعيش .. بتعيش ..( ليشرع بذرف الدمع كطفل صغير وهو يلفظ جملته الأخيرة )
لترتخي يده المطبقة على فاها

فتستغل الفرصة

لتحرير فمها من هذا الحاجز الذي سد طريق الكلمات رغما عنها

فتمسك بيده

وترمها بكل قوتها بعيدا عن شفتيها

وتبرز نظرة متحجرة على عيناها

وتهوي بكفها على خده الأيمن ..

وتتبعها بصفعات لسانها الحادة:
- أتريدني أشفق عليك بهالكلام ؟ أصدقك ... لا.. كلامك هذا أكد الصورة الجديدة إلي طبعتها في رأسي عنك .. بأنك إنسان مريض .. مو بالسرطان .. أنت مريض بالغباء... وأنا الصراحة ما عندي وقت أضيعه مع شخص مثلك .. فأنا عندي موضوع مهم ... وهو علاج بنتي ... فإذا تريد تبكي وتنوح فروح أبكي مع شخص غيري .. يصدق هالأكاذيب إلي قاعد تضحك عليها على نفسك قبل لا تضحك بها علينا .. مثل ما قلت لك قبل طلقني .. ولا تخاف ما أحد بيعرف بهذا الشيء علين نرجع ... وأنا ما بتعبك معايه أنا وبنتي ... فأنا أقدر أدبر أموري ..
ومرت من جنبه

بدون أن تلتفت نحوه

أو تدع له مجال لكي يرد عليها

وهي لا تعلم من أين جاءتها هذه القوى

فهي في حياتها لم يعلو صوتها على أحد

فكيف بهى تصفع شخص

رفعت يدها المنتفضة أمام مرآها

وهي لازالت تحث الخطى إلى اللا مكان

وقد أتسع محجري عيناها

بالذهول الذي فرض نفسه ضيف ثقيل الدم على تعابير وجهها

أما هو فتربط لسانه من أشواك كلماتها التي تحيط بقلبه الدامي

وقد أحس بضياع

أكثر من قبل

وهو يتعمق في تلك المتاهة من الحيرة التي لا تلبث تصدمه بحواجزها الصلبة

__


كان جاثيا على ركبتيه

على تلك الأرضية الرخامية الباردة

لا يعي ما يدور من حوله

فالضربة القاضية التي وجهة نحوه

كانت كفيلة بإفقاده لكل حواسه

جثت أمه التي تقطع قلبها لأشلاء لرؤية وحيدها بهذه الحال التي لا تسر لا صاحب ولا عدو.. وقالت بصوت نابع من قلب الأم الحنون... وهي تربت على ظهره:
- يا ولدي لا تسوي بعمرك كذيه .. هذه مو نهاية الدنيا ... الله يرحمها .. الله كتب لها نهايتها .. فلا تعترض على أمر ربك.
أطل من تحت جفنيه شبه المنغلقين بعينيه صوب الطبيب المقابل له.. وقال بباقي صوت خاوي الروح:
- متأكد .. متأكد دكتور بأنها .. بأنها ماتت ؟
أدخل الطبيب نفسا عميقا لصدره .. وما هي إلا أجزاء من الثانية حين أخرجه ببطء وقال بعد ذلك:
- للأسف أيوه .. السم كان قد أنتشر في جسمها .. فما قدرنا نسوي شيء..الله يرحمها .. ويغمد روحها الجنة.
بدأ ذقنه يرتعش على وقع سنفونية الحزن التي تصدح في داخله
ما لبثت أن شرعت الأبواب لدمع لكي تتراقص في مقلتيه
وتتخذ من صفحتي خديه مرقصا لها
فتضمه أمه بكل ما تملكه من قوه
وهي تمسح على شعره الأجعد
وتهل عليه بقبلاتها الحانية على رأسه
وهي تقول بصوت قطعه الحزن على مرأى ضناها بهذه الوضع:
- بس يا ولدي لا تسوي بنفسك كذيه .. لا تبكي .. والله قلبي يعورني لما أشوف دموعك ... هذا مصيرنا كلنا .. ما بيبقى إلا وجهه سبحانه ..
ليعلو أينه الذي يحاول كتمه بالعض على كلتا شفتيه التين سكنتا فمه..

__

أخذت تسحب قدميها المتكاسلتان بسبب مخدر النعاس الذي يداعب جفنيها

لقد كانت وجهتها نحو المطبخ المنفصل عن المنزل الرئيسي

لكي تطفأ الظمأ الذي باغتها وأفسد عليها نومها

ساعتها كانت الظلمة قد نثرت جلبابها على أرجاء المكان الباحث عن بصيص الضوء

ما إن غدت على مقربة من باب المطبخ لمست طبلتي أذنيها صوت أنين مكتوم

جزعت في البدء

وأخذت تلتفت من خولها والتوجس يشد أطرافها

حين لمحت ساق ممدودة من وراء شجرة النخل الوحيدة الصامدة في ذلك الحوش المتداعي

رغم خوفها إلا أن فضولها كان أقوى

فسمعته ...وبخطى صغيرة دنت من صاحب الصوت.. والذي كان أنينه المخنوق يزداد كلما اقتربت منه


وصلت بعد طول مسير كان الخوف سلطان لقلبها خلاله

أطلت برأسها من وراء النخلة

لتصعق بما رأت

فتفلت شهقة من فمها لم تستطع منعنها

فينفض هو من جلستي الأرضية

ولكل جسده يرتعش

وهو يقول بارتباك وسيول الدمع شكلت أودية على ورقتي خديه:

- وش يابك أنت ؟

لينهال على دمعه ينهي حياته براحة كفيه بسرعة الصاروخ

لكن الدمع أبا الاستسلام

ضل ينهمر من مقلتيه المحاطتان بالون الدامي

ابتلعت ريقها وهي تصف الكلام في حنجرتها

قبل أن تسمعه صوتها المهزوز:

- أحمد ليش تبكي؟ .. وليش قاعد هني مندس عن أحد يشوفك ؟

أدار جسده الذي لازال ياهتز كغصن ضعيف هجمت عليه ريح هوجاء
وقال بصوت تصنع فيه القوة:

- أنتِ مالك دخل.. روحي أنخمدي ..

أحسست بتردد كبير وهي تمد تلك اليد التي تتراقص أناملها على موسيقى التراجع..

إلا أنها رغم ذلك

وصلت إلى وجهتها ألا وهي كتفه

وقالت بصوت أتخذ الهمس مقام له:

- أحمد قول لي لا تستحي ..

زارهما لحظتها ضيف ثقيل الدم والمسمى بالصمت

والذي دامت زيارته حوالي دقيقتان

والذي أنها زيارته أحمد

بضرب يدها الساكنة على كتفه

وجعلها مجبرة تطير بعيدا عنه

وهو ينهرها قائلا.. ولم يلتفت صوبها:

- روحت أنت ونامي.. مالك دخل بي... وأسمعي إياني وإياك أحد يسمع شيء عن إلي شفتيه .. ترانك بتندمين .

وأطلق العنان لقدماه

وخرج من المنزل

وهي تحدق به مذهولة

لكن الحيرة لم ترح بالها

ضلت تنخر في عقلها

خاصة أنا منظره الباكي أصاب وترا حساسا في داخلها





__





كانت تنظر إلى ذلك القادم

الذي دخل الغرفة بدون استئذان

والانكسار يحني رأسه

بعينان ينطقان بلغة الغضب

أما طفلتها

فقد كانت ردت فعلها معاكسة تماما لأمها

فقد انفجرت أساريرها

وهي تقول والفرحة تنتشر في حروفها الناطقة بها :

- يت عمي حميد.. كنت أحرسك ..

بدون أن يعي لنفسه

انفرجت ابتسامة على محياه

رغم الهم الذي يعصر قلبه

هرع جهتها

وضمها بكل ما يملك من قوة

أحس هذه المرة

بأن عبقا آخر يتنشقه من هذه الصغيرة المرحة

ليقطع لحظته المميزة

صوت شمسه الآمر:

- الحين بيجي الدختور يكشف عليها... لهذا لو سمحت أطلع ..

رفع جفنيه ومن ثم تبعتهما مقلتيه صوب شمسة الواقفة بكل كبرياء .. وطعم من الحرقة يلسع لسانه ..

رضخ لأمرها مجبرا

فخص خد مريم الذي بهت لونه من جرعات العلاج التي لا ترحم بقبلة عميقة


وقال وهو يواجه وجهها الملائكي.. ويضعه بين كفيه:

- يلا حبيبتي أنا لازم أروح .. وآسف لأني ما جبت لك شيء اليوم .. إن شاء الله باكر بعوضها .. وبيبلك بدل شيء واحد .. شيئين .. وش رايك .




لتهز رأسها للأعلى والأسفل بقوة تدفعها الحماسة إليها


وقالت بصوتها الذي أغتصبه الوهن:

- الزين .. بس لا تنسى .. تراني بزعل وما بكلمك ..

تبسم ضاحكا وهو يهوي بجبينه على جبينها

ويقول:

- والله ما بنسى .. فأنا ما أقدر على زعلك ..

وطبع على جبينها ابتسامة حانية ...

والذي ما إن فرغ منها

حتى دخل الطبيب ومعه الممرضة

فطلب منهم بأن يخلو المكان حتى يتمكنوا من أتمام عملهم

خرج كل من شمسة وحميد

لتتخذ شمسة المترقبة أمام الباب سكنا لها

وهو سند ظهره على الجدار المقابل للغرفة

يتابع شمسة التي يلعب بها الخوف


طأطأ رأسه لدقائق


ومن ثم رفعه


وقد قذف كلماته دون تردد:

- بتعالج .. لأني أنا متأكد بأن مريم بتعيش ..


ألتفت إلى ورائها حيث يقبع هو


وكتفت بنظر له بعينان متسعتان


ليقترب منها هو


ويقف مقابلا لها مباشرة

ويقول والعزم يشع من عيناه :

- مريم بتعيش .. بتعيش .. أنا مؤمن بهشيء...

لتخترق الدموع الحواجز التي بنتها لكي تتصدى لها

فترسم خيوطا على وجنتيها

وتنهي حياتها على ذقنها المنكمش

لتخور حينها طل قواها الزائفة

فتهوي قدماها

ساحبتا معها جسدها


والذي تلقفه حميد

قبل أن يصل إلى الأرض

وجعله يغير وجهته نحو صدره


جعلها تيلل قميصه بدمعها

فهي كانت تخشى أن تكون لوحدها أمام هذه المحنة العويصة

فكم هي تحتاج من يخفف عليها ألمها

ويعزز في داخلها روح الأمل

لهذا خضعت لحضنه

وتشبثت به

فهو طوق الذي سوف يقودها إلى بر الأمل من جديد



__




دخلت إلى غرفتها

وهي ساندة رأسها يديها

فقال زوجها الممدد جسده على السرير:
- بعده ما هدأ ؟


هزت رأسها بمعنى لا والأسى يثني تجاعيد وجهها

ليتبعها هو الآخر بهز رأسه وهو يقول:

- لا حول ولا قوة إلا بالله .. وش صار للولد ؟

لتشرع جفنيها وهي تقول:

- محمد حرمته ماتت .. وبعدك تسأل وش صار له؟!!

ليرد عليها بهدوء:

- يا حرمة ..أعرف أنه حرمته ماتت .. بس الريال ما ينوح مثل الحريم... وولدك من كنا في المستشفى يبكي ... تشوفين هذا شيء طبيعي..

جلست بجنبه على السرير .. وقالت وهي تعاود هز رأسها يمنتا ويسارا وقد غمضت عيناها:

- الصراحة مو طبيعي .. بس ذيك حصوه ما أعرف وش مهببه بالولد ...

لتتدارك زلتها فتعظ على شفتها السفلى .. قبل أن تكمل قائلة:

- أستغفر الله .. يا رب أغفر لي ... والله ما أعرف وش أقول أو أسوي ... ها الموضوع ما كان لا على البال ولا على الخاطر ..


صوبت عيناها المفتوحتان صوب زوجها .. وأردفت قائلة والجزع يلتهم وجهها:

- يا ريال .. وش نسوي بالولد .. بيروح من بين يدينا ... لو تشوفه عيون غادا دم ومنتفخات ... الله يستر بس الله يستر...

ليرد عليها قائلا بقلة حيلة:

- وش نسوي ؟ ما بيدنا حيله ... خليه هالكمن يوم .. وإن شاء الله مع الوقت بيهدأ ... صحيح .. وش أخبار أمها ؟

رفعت كتفيها وهي تقول:

- والله علمي علمك... بعد أن اغترفت علينا في المستشفى .. ما أعرف وش صار لها ...




وبعدين وين حن وين أنت.. أقولك ولدك تعبان وتسألني عن صالحه ... خلنا في المشكلة إلي عندنا ..


نظر إليها بطرف عينيه

ومن ثم أنسل تحت الغطاء وقال:

- الأبرك أرقد ... وأنت فكري لروحك ..




__





لم يهنأ لها جفن من شدت التفكير بالذي جرى

وبما رأته وراء تلك النخلة

والذي أشعل الحيرة والاستغراب في داخلها

والذي زاد تأجج حيرتها هو ردت فعله

قبل صلاة الفجر بدقائق

جاء الفرج أخيرا

حيث سمعت صوت باب الصالة وهو يفتح

فركض إلى هناك

لتجده هو

وقد أحمرت وجنتيه

والحزن يكبل محياه

أشاح بوجهه بعيدا عن مجهر عيناها

وقال صارخا :

- وش مخلينك واعية علين الحين ؟

لترد عليه من فورها:

- أنت إلي ما خليتني أنام .. أحمد وش فيك قولي؟

حك أسنانه ببعضهما البعض .. وهو يحاول أن يمسك أعصابه من أن تفلت منه .. وقال :

- وأنتِ وش دخلك ؟

لتصبح أمامه مباشرة بعد أن مشت خطوتان وقالت وهي تسلط بصرها نحوه:

- مو أنت زوجي..

لتبدر منه ضحكات هستيرية

مناقضة لجو المشحون الذي يهيم حولهما

وهي تنظر له بتعجب ينضح من عيناها

قال:

- والله ضحكتيني وأنا ما أريد أضحك .. قلت زوجك ... حلوه هذه بس لا تعيدينها ..


لتحني حاجبيها إلى الأسفل.. وقد ثارت ثائرتها:


- أنت ما تفهم ؟ أنا زوجتك مهما قلت أو عملت .. أنا زوجتك ...

لهجم فجأة على شعرها الطويل المنسدل بعشوائية على كتفيها


ويضيق الخناق على خصلاته

ويجذبهما بقوة

جعلتها تتأوه ألما

وهو يتحول إلى شيطان رجيم :

- أنتِ إلي ما تريدين تفهمين بأني أكرهك .. ما طيقك .. بسببك كل حياتي تدمرت ... بسببك خسرتها ...

لتقفز دمعه من عيناه

بدون إذن منه

ليهرب من جديد


تاركا أياها في حالت ذهول جعلت كل أطرافها تنشل


و جمدت لسانها






### يتبع ###

 
 

 

عرض البوم صور وجع الكلمات  
قديم 15-07-11, 12:31 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو في ذمة الله

البيانات
التسجيل: Apr 2011
العضوية: 223596
المشاركات: 271
الجنس أنثى
معدل التقييم: وجع الكلمات عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 28

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وجع الكلمات غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وجع الكلمات المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 



شكرا من القلب لكي أختي أسيل, وأختي سمرو وأختي زوزو على تفهمكن وحرصكن على الرواية


عذرا عذرا عذرا على التأخير

هذا الجزء إهداء لسمرو

ولكل وردة فاح عبقها في صفحتي المتواضعة التي بدونكم لما تفتحت أوراقها


*(( القيد 14 ))*


ناولها كوبا مملوءا بعصير الليمون الطازج..وقال:
- شربي هالعصير بيهديك.
رفعت جفنيها لتتبعهما قرصي عيناها اللتين غرقتا في بحر الدمع.. وقالت بصوت مبحوح من كثر ما نزف من دمعات:
- شكرا..
فأخذت الكأس.. وأخذت ترشف منه .. في حين أنه جلس مقابلا لها على الطاولة المستديرة وهو لم يبعد ناظريه عنها.. ومن ثم انسدلت رموشه بحياء يلهب خديه اللتين تدثرتا بلحيته الكثيفة.. وقال بهمس السكون:
- أنا آسف للي سببته لك..
توقفت عن بل ريقها الذي جف من نشيج البكاء الحارق.. وقالت وقد جحظت عيناها:
- أنت إيش عملت حتى تعتذر؟!!
ليحني رأسه إلى الأسفل قبل أن يرد عليها بنبرة خافتة الدرجة:
- إخفائي لمرضي.. عصبيتي وردي عليك.. كل شيء..
زفرت قبل أن تضع الكأس على الطاولة شبه الخاوية .. وقالت وهي لم تزحزح عيناها الحادتين عنه:
- أنا نسيت كل إلي صار.. بمجرد أنك وعيت للغلط الكبير إلي كنت رايح في طريقه... حميد صدقني هناك أمل.. ولازم نتمسك فيه إلى آخر لحظة.. الاستسلام في الحياة عمره ما كان حل.
رفع رأسه وقيد عيناه بتلك العينان حادتي الزوايا لبضع ثواني.. ليقول بعد ذلك وقد بدأت الحياة تدب في كلماته:
- أنتِ صادقه .. صادقه.. أوعدك ما استسلم مرة ثانيه .. فأنا تعبت .. والله تعبت ..بسبب استسلامي خسرت الكثير .. كثير
كانت يداه تنامان بهدوء على الطاولة .. حين ثناهما لعله يتمالك تلك الدموع المتربصة لضعف في داخله فتزور مقلتيه ...

لتأتيه المساندة من يد بعثت بدفء إلى عروقه الناضبة بحرارة السكينة

فيحدق بتلك اليد الأنثوية التي غلفت أحد كفيه

فيرفعهما بعد ذلك نحو صاحبتها

وكل تعابير الدهشة سكنت محياه

وقبل أن ينبس بحرف قالت وابتسامة هزيلة تعلو شفاهها:
- القطار ما فات يا حميد .. كل إلي خسرته تقدر تسترجعه ... ومثل ما وقفت معي .. أنا بوقف معك عشان ترجع كل إلي خسرته.

شعر ساعتها بأنه فقد القدرة على الكلام
فظل يحدق بتلك العينان اللتين تشعران الذي يزرهما بهدوء داخلي وراحة بال

وتشكلت ابتسامة طمأنينة بدون علم منه على محياه...

لتنفض تلك الابتسامة ذلك الجسد الركيد

فتشعرها بفعلها الغير الصائب

بتلك اليد التي تغلف يده

فتنتشلها من فوق يده النائمة باسترخاء

وينتقع وجهها في حمرة الخجل

__

صحت على صوت صراخ زاد صداعها الذي نحرها لليلة البارحة وأرداها كالقتيلة على فراشها الذي تشرب

دموعها المالحة

فتحت عيناها ببطء لعل فعلها هذا يخفف هذا النخير الذي يأكل رأسها

كانت الشمس قد بسطت سيطرتها على الغرفة التي لا يقيها من حشود الشمس إلا ستارة خفيفة تسمح بجحافل الشمس

بالمرور خلالها أكثر من أن تمنع

قامت من على السرير وقلبها يقرع كالطبول بعد أن اشتدت حدة الحوار الملتهب الذي كما يبدو يدور بين أحمد

ووالده صالح

ابتلعت ريقها وهي تضع يدها على صدرها الذي لم يركد

بخطى مترددة تقدمت نحو الباب

توقفت أمام الباب .. وأخذت ترهف السمع

لتتلقى طبلة أذنها ضربات من موجات صوت صالح الثائر المائج :

- وين كنت يالي مالك فايدة ؟.. طول الصبح كنت أدورك ..لازم كنت تضيع وقتك مع أصدقائك إلي ما فيهم فايدة.. أنا زوجتك عشان تعقل وتفهم .. وتصير ريال.. أشوفك بعدك على حالك ...

التقطت أذنها ضحكة قوية بدرت من أحمد .. والذي بدوره قطعها بقوله المتهكم:

- وأنت الصادق .. أنت زوجتني عشان يصير لك خادمة ببلاش ... وأستغليت ظروفها الصعبة عشان ما تخسر فلس أحمر في العرس والمهر .. يعني كل هالزواج عملته عشان مصلحتك .. وما فكرت ولا للحظة بي .. وما سألت عن رأي .. فكرت وطبقت مباشرة بدون حتى لا تستشريني .. وشوف النهاية .. ( قالها بصوت يهز الجبال من رعيده )
لتمرد صالح عن صمته
وينفجر كقنبلة عليه قائلا:
- أشوفك طلع لك لسان يا قليل الأدب.. كيف تتكلم عندي بهالطريقة.. شكلك ما تفهم إلا بالضرب ...
بهدوء لم يكون يعرفه أحمد .. قال:
- يلا أضرب من اليوم لين باكر.. ما عاد يهمني... خلاص راح أهم وأغلى شيء عندي بسبب بخلك وتفكيرك بنفسك .. حتى أمي هجت منك ما تحملتك ولا تحملت عمايلك..

ليقطعه بصوته كسكين حاد:
- جب .. ولا كلمة يا قليل الأدب .. يلا برى .. ما أريد أشوف ويهك .. برى
فلتت من فم فاطمة شهقة .. وقد رأت النار قد تأججت
حين لامس سمعها صوت أحمد الخاوي من أي أحاسيس وهو يقول:
- الحمد لله بأنها جت منك مو مني.. الحين إذا طلعت من هذا الباب والله العظيم ما أرجع له.. لأنه خلاص ما عدت أتحمل ذلك لي ومعاملتك لي كأني ياهل ما لي شخصية ..

ليعود ذلك الصوت البغيض سمم مسمعها:
- يلا روح .. أبركها من ساعة .. فراقك عيد مثل أمك .. برى .. برى يالي مالك فايدة ... برى ..

ما هي إلا ثواني .. وإذا بصوت الباب يعلن الرحيل ..

__

في لحظة التي قيد الذهول جسدها مما سمعت

دخل عليها كإعصار ضارب

وانهال عليها بصفعات لسانه الحاد كالنصل:
- وش سويتي بالولد؟!! كان عاقل وعين الله عليه.. من تزوجك وتغير.. وش قلتي له ؟!! تكلمي ..

لم يجبه إلا الصمت

الذي أستفز روحه الثائرة

وألهب وجهه المكتنز

فقذف بيده بين شلالات شعرها الأسود الليلي

وجذبها نحو فمه بكل قوته

غير آبه لآهات الوجع الصارخة بها

وعاد يصم أذنها بصوته الكريه:
- تكلمي بنت شمسوه.. وألا يبت العصا ووريتك الشغل الصح..
لتجبر لسانها الذي يريد الصراخ فقط بكلمات الألم على الإجابة :
- والله ما قلت ولا سويت له شيء.. والله..
يدفع بها بكل طاقته نحو الأرض الجرداء الباردة
ويجلدها بسياط الكلمات النارية:
- كذابه .. أنتِ سبب المشاكل.. يا ويه النحس... ما بتطلعين من هالحجرة علين تقول لي بوش غسلتي مخ أحمد.. ولا بتذوقين ولا لقمة بعد..
ليغلق الباب فور نفاذه من الكلام.... ويعلو صوت قفل الباب معلنا بدأ حكم السجن الأبدي عليها..
فتقوم هي بعد أن أندفع الأدريلين في جسدها .. فخدر آلامها التي نتجت من سقوطها على الأرض وتهرول كالمجنونة جهة الباب المؤصد
ونهات عليه بضرباته الخاوية القوة
وتصرخ مستنجدة بعطفه المعدوم الوجود
دون جدوا
فيستسلم ذلك الجسد المضرج بأوجاع الروح قبل البدن
وتنهار على الأرض
وقد سبقتها دموعها
__
هزت رأسها بقلة حيلة..وعيناها تنحتان علامات الأسى .. وهي تقول برجاء ينسكب على حنجرتها المرتعشة برياح البكاء الشمالية:
- يا ولد بسك صياح.. شوف ويهك.. شوف عيونك كيف صايرات.. هذا أمر الله .. فلا تكفر .. حرام ..قوم توضئ وصلي لك ركعتين وأستغفر ربك ..
جاءتها طبقة صوته العالية .. تنحر قلبها الخائف عليه:
- روحي أتركيني بروحي.. ما أريد أشوف أحد .. خلوني بروحي ..

لتقطع عبراته سلسلة صرخاته

وترضخ قسمات وجهه لصهير اللوعة الملتهب
لتهب بغريزة الأم التي تجذبها نحو فلذت كبدها كالمغناطيس جهته

وتحيطه بحنانها

وتغرسه في حضنها النابض بمشاعر الحب المذبوح في جوف الحزن

وتنسكب عبراتها مع تناغم رهيب مع ضربات قلبها المتوجع لمرآه

فيمسك بكل ما تبقى من هشاشة القوة بذراعها وهي ينهل من عبرات الحرقة ما جادة به عيناه

وبصوت انحاز لنغمة الرجاء قال:
- أمي أريد أرجع لبيتنا .. خلوني أروح هناك.. خلون أرجع للبيت .. خلوني

ليجيبه الجواب من عوالم الألم الذي أكتم أنفاس العقل:
- إن شاء الله بنوديك لبيتك .. بس أنت لا تبكي ولا تتعب نفسك .. الله يخليك يا محمد .. إهداء ترى والله قلبي يعورني لما أشوفك بهذه الحال.

__

أخذت تنظر إليه بنظرات عابرة

لا تدم

لأنها تشعر بأرطال من الخجل

تحطم صدرها

وتخنق أنفاسها

الأمور تغيرت مجراها

وبات الجو مشحون بالألغام

بعد تلك الليلة المشئومة

التي استسلمت فيها لوساوس الشيطان

كان بنسبة لها مجرد بطاقة عبور لضفة الأمان

لكن الآن

الآن الأمور تبدلت

حتى لو حاولت بأن تنكر أو تكذب هذا الشيء

إلا أنه حصل

ولا مهرب منه

حتى هي باتت تشعر بأنه هو قد تبدل

كل نظره يلقيها عليها بدأت تفسرها بألف معنى ومعنى

لقد انكسرت صورة الأخوة في عيناه

وكله بسبب ضعفها

وسذاجتها

وانجرافها في تيار الانتقام الذي لا معنى له

أخرجها من بئر كينونتها اللائمة

صوته المفعم بعبق الحياة :

- شمسة .. وش فيك ما تردين عليه؟!!
لتجيئه تلك الحروف التائهة من بين شفتيها المتغضنة بمرارة الحسرة:
- هاااااااا .. وش هناك؟!!
حدق بها والاستغراب يشكل تعابيره على عيناه:
- يلا ندخل للدكتور... مثل ما اتفقنا .. عشان موضوعي
طأطأت رأسها .. وهي تهرب من تلك العينان التي بدأت تشعر بأنهما ينهشان بجسدها.. وقالت بصوت بهت نبته:
- لازم أروح أشوف مريم .. أنت تعرف تتفاهم مع الدكتور.. أصلا أنا ما بفهم شيء من إلي تقولونه .. يلا موفق..
وأطلقت العنان لقدماها دون أن تسمع رده
ليلحق بها بعيناه والتعجب يصبغ قسمات صفحات وجهه

__

كالتائه بلا عنوان أخذ يجوب شوارع المدينة التي بدأ الليل يلتهم زواياها
كان الوهن قد أنتشر في جسده الذي يصدر صرخات الجوع من معدته الخاوية
والبرد المرافق لليل يجمد أطراف أنامله الهزيلة
أخذ يفرك يديه لعله يبعث الدفء فيهما دون جدوى
لتأتي عبرات السماء لتكمل مأساته
وتنفض بدنه بلسعاتها الجليدية
فيركض هربا منها تحت أسعف شجرة نخيل شاخصة على طرف الشارع الشبه الخاوي
إلا أنها لم تقيه من تلك القطرات العنيدة .. والتي تمكنت من اختراق تلك الدروع الورقية
وهوت عليه
مسح وجهه بكفيه من تلك الدمعات
إلا أنها ابت أن تهجر وجهه
ليكتشف بعد ذلك
بأنها ليست دموع السماء
بل عبراته الدافئة التي أشعلت الحزن في مقلتيه
والآتي تسربن بدون وعي منه
رفع رأسه إلى أعلى .. وخشع قلبه لبارئه .. وهو يقول:
- يا رب ساعدني .. صبرني ... ساعدني .. والله ما أقدر أتحمل أكثر من كذيه ..صارت البنت إلي أحبها لغيري .. وتركت بيتي ..ساعدني أرجوك .. ودلني لطريق الصحيح يا رب يا رب..
ليخنق جفنيه الذين أسدلهما والمرارة تلتهم وجهه
__
خارت قواها التي أستنفذها الصراخ والضرب على الباب الخشبي الذي أبا أن يتزحزح من مكانه
تهالكت نحو الأرض الجرداء التي تبحث بالبردة في أوصال لامسيها
وخيبات الأمل تضرج وجهها النازف بسلاسل الدمع
أسندت ظهرها ومن ثم تبعته برأسها على الباب الحابس لحريتها
وحضنت ساقيها التي ارتجفت أطرافها من صقيع بلاط الغرفة
وصوتها الذي بح من كثرة الصراخ لازال يهمس برجاء:
- الله يخليك أفتح .. والله .. والله العظيم ما قلت له شيء ولا سويت به شيء..أفتح .. أفتح..
وبقلت حيلة بدأت تهوي برأسها على الباب المتربع على عرشه والرافض عن التخلي عنه
لكن من غير مجيب
يلبي رجائها
ويفك أسرها الذي حكم عليها بدون وجه حق
تجرعت مُر العلقم ساعتها
وهي تتلقى صفعات العالم الحقيقي
عالم الكبار
الذي دخلته بعنادها وغريزة الانتقام
تقلص حجم ذقنيها
وهي تتذكر والدتها
وكم كانت معارضة لهذا الزواج لأنها كانت تعلم بأنه لا يناسبها وبأنها لازالت صغيرة
وضعت يدها على خدها
وهي تحس صفعت أمها الذي تذوقتها لأول مرة
لكن هذه المرة أدركت المغزى وراء تلك الصفعة
أنها نابعة من حب وحنان وحرص
وليس حقد وكره وأنانية
أخذت هي تنهال على نفسها بصفع
تريد أن تعاقب نفسها على غبائها
وتزجر نفسها التي انقادت وراء دافع الكراهية
الذي زينه وسواسها :
- أنا السبب .. أنا الغبية . أستاهل إلي يصير لي أستاهل .. أستاهل أستاهل ...
وتزخ المزيد من أمطار غيمة الحزن التي تكسي عيناها

__

قامت من على المقعد .. وهي تنظر إليه بصدمة شلت مقلتيها المحاطتان بالحمرة:
- وش فيك يا ريال؟!! أقولك الولد بيروح من بين يديننا .. وأنت تفكر بناس إلي بيون العزاء..الولد مب صاحي أقولك.. لو تشوفه بيتقطع قلبك ..
زفر ما في صدره بقوة .. ومن ثم قال:
- ولدك يدلع..
صفقت كفيها ببعضهما البعض .. ومن ثم قالت وبحت البكاء تخنق حروفها:
- لا حول ولا قوة إلا بالله.. يا بو محمد .. والله الولد ما يدلع .. أدخل شوفه .. ميت من البكي.. ويريد يروح لبيته .. لازم نلقى له بصرة.
هز رأسه بضيق.. ومن ثم أردف قائلا:
- وش نسوي له يعني؟
لترد أم محمد من فورها:
- نوديه لمستشفى..
هنا أبو محمد هو من قام من مجلسه.. وقال وقد جحظت عيناه:
- مستشفى!!!! أنت صاحية؟ الولد ما يشكي من شيء..
تغضن وجهها بالأسى وهي تقول بقلة حيلة:
- عيل شو الحل ؟
ملء رئتيه بالأكسجين .. ومن ثم تلاه بزفرة من صدره.. فلانت طبقة صوته:
- خلاص.. خلينا نوديه لبيته .. يمكن يهدأ شويه..
نظرت له لثانية .. ومن ثم قالت والمرارة تتصدى لنبرة صوتها:
- أنزين .. بخلي الخدامة تشيل أغراضها وكل شيء يذكره بها .. ما نريد تزيد حالته بعد ما يشوف أغراضها هناك.
ليهز مؤيدا لكلامها ويعززه بكلماته:
- هذا عين العقل..
__


كانت تحتضن ابنتها مريم بقوة
لعلها تستمد الطاقة منها
لكي تتسلح من عيناه اللتين باتتا كلهيب الجمر تشويانها
تغيرت الأحرف والصور
واختلفت الأهداف بعد لليلة التي جمعت جسديهما
فبات التعامل معه ليس سهلا كسابق
حتى ردت فعلها على إخفائه لأمر مرضه
كانت مبنية أيضا على أساس الدفاع عن روحها التي سلمته إياه بكل يسر
كم كان التعامل معه أسهل عندما كانت غاضبة منه
أما الآن فالأوراق قد تغيرت
وبات حتى النظر إليه محرم بنسبة لها
وهو كذلك أي نظرة أو ابتسامة أو حتى كلمة
تفجر معاني ودلالات بين السطور في عقلها
صوت ابنتها المتوجع .. أيقضها من مستنقع الخجل:
- ماما ..تعوريني ..
صحت ليدينها التين تقيدان جسد ضناها الضئيل
فكت سلاسلها من فورها
وهي تنظر إلى مريم بحزن باكي .. وتقول بكلمات متعثرة على بساط لسانها المضطرب:
- أنا آسفة ... آسفة حبيبتي .. كنت .. أنا .. هو ..
لتبتر جملتها بعد أن أدركت بأن ارتباكها قد تجلى لكل من في الغرفة
وقف من على الكرسي المقابل للسرير
وهو لم يرحها من شعاع عيناه المسلطتان عليها
وقال والحيرة تطبع على محياه:
- شمسة .. وش صار .. هناك شيء.. بعدك متضايقة مني لأني ما قلت لك عن إلي فيه؟!!
بللت ريقها وهي تبحث عن منفذ آمن يقيها من الأفكار المتزاحمة في عقلها
لهذا لم يجه منها إلا الصمت الذي تخلله ارتباك تجلى على لغة جسدها
أنزل رأسه لجزء من الثانية
ومن ثم قال وقد نصب رأسه:
- شمسه ممكن أكلمك بره شوي؟
رغم تخوفه من هذا الحديث
إلا أنها في نفسها متيقنة بأنها باتت كالكتاب المفتوح بنسبة له
فهي دوما تفشل في أخفاء ما يخالجها من مشاعر
فلهذا هزت رأسها بالإيجاب
ليخرج هو
وتتبعه هي بخطى خجولة مضطربة الرتم
كان معطيها ظهره .. وهو ينفث ما في رئتيه من هواء
ومن ثم قال:
- وش هناك شمسه .. قول لي الصدق.. أنت شيء صار لك .. حتى إنك ما سألتني وش قال لي الدكتور لما زرته ..ضنيت بأنك مهتم بالموضوع .. مو أنت إلي خليتني أوافق .. وش صار ؟!!
قالها وهو يهجم عليها ببصره
لتنكس رأسها وقد تجمرت ورقتي خديها
وقالت بدرجة صوت منخفضة:
- إلي صار إنه تغير كل شيء.. ما عدت أخوي وما عدت أختك ..
ليحس بحمم تندلق عليه لحظتها وهو يسمع كلامها
وتنشد أطرافه
لا يعلم لما
لكن برغم من لخبطة الأحاسيس التي تتدفق في داخله
إلا أنه تسلح بقوة لا يدري من أين أتى بها
فمد يده
وأسكنها تحت ذقنها المهتز
ورفع رأسها بدون أذنها
وقال
وقد تقنع بالسكينة:
- أنا آسف إلي صار خطأ .. وما بيتكرر .. وأحلف لك بأنه ما بيصير مرة ثانية يا أختي.. بس عندي طلب صغير.. إذا أمكن..لا تخليني لوحدي .. ورايا رحلة طويلة وأنا محتاج لك .. فأرجوك لا تتركيني ..
غاصت في عيناه المرتديتان عباءة الظلمة لدقيقة رضخت لحاجز الصمت
لنكس بعد ذلك جفنيها
وتلحق بهما كلمتها الراجفة:
- بحاول..
ليكشف عن ابتسامة منكمشة
تلها بقوله:
- هذا كل إلي أباه منك.. وبكون شاكر لك ..
لتثني أصابعها على عباءتها
وتشد الخناق عليها
راجيتا منهما الصمود



### يتبع ###

 
 

 

عرض البوم صور وجع الكلمات  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:36 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية