كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
ربما ستعثر على عمل مختلف ، ولا يتوجب عليها العثور على منزل جديد ، لكنها لم تستطع التفكير بوضوح ولم تشعر بالراحة لقرارها بالمغادرة ، رغم إدراكها بانها الطريقة الوحيدة للتخلص من رؤية جوردان بلاك الى البد ، كان وجوده مثل جرح في داخلها ، مثل شوكة إنغرزت عميقا في جلدها ولا تجرؤ على إنتزاعها للتخلص من المها ، كيف تستطيع نسيانه ونسيان عواطفها اليائسة؟
وانتابتها فكرة حمقاء أخيرة:
ترى هل كانت ستتخلص من مشاعرها المحتدة وعواطفها ونزاعها المستمر معه لو أنها إستسلمت كليا لأرادته ؟ هل في إمكان العلاقة الجسدية بين الإثنين إنهاء خلافاتهما الأخرى ؟هل كانت ستتحرر منه عن طريق الخضوع اليه ولو مرة واحدة؟
وتملّكها خوف شديد طوال الأسبوع وهو أن تراه يظهر فجأة في المكتب ، وخشيت حتى الإجابة على نداءات الهاتف لئلا تسمع صوته ، غلا أن السبوع مر بهدوء ولم يظهر جوردان في المكتب وإستلم ميرك كل مخابراته الهاتفية فبدأت تشعر بالإسترخاء قليلا وإفترضت صحة نظرية ميرك ، وما كان عليها الإستعجال بإتخاذ قرار بصدد تركها العمل ، وإذا كانوا على وشك مغادرة المكتب يوم الجمعة ، ظهر جوردان بلاك فجاة ، لم يضيّع وقته في توجيه التحيات المهذبة ، وطلب من ميرك مرافقته في زيارة سريعة لجيرنغفوردز.
وأحست جيردا بالراحة لأنه لم يطلب منها مرافقته بل رافقته سكرتيرة أخرى مع السيد تيلور من قسم الحسابات ، وعادت السكرتيرة حاملة معها كومة من الأوراق المكتوبة وآملة أن تكون الزيارة القادمة من نصيب سكرتيرة أخرى بينما حمل جوردان مسجله الصغير ليسجل تقريره الشامل .
اسرعت أليزابيث بجلب صينية الشاي واجبرت جيردا على القيام بدور المضيفة ، غذ أسرعت أليزابيث للرد على الهاتف ، وتمنت في داخلها عدم حدوث شيء طارىء يتطلّب إستدعاء ميرك وتيلور وبالتالي تركها وحدها مع جوردان.
ولم يكن امامها خيار غير صب الشاي وتوزيعه على الثلاثة أحست بالرعشة تسري في جسدها إذ قدّمت له الكوب ، غلا أنها لم تنس حرصها على ترتيب كل شيء في مكانه مثلما كانت تفعل عند زيارة أحد المدراء لهوارد، حين تضع المنفضة وعلبة السجائر والولاعة في مكان يسهل الوصول اليه.
جلس جوردان بهدوء في بدلة غامقة اللون كالعادة وبدا كعادته ايضا كما لو أنه خرج لتوه من الحمام ، حليق الوجه والعطر الرجالي يحيط بجو خاص ، دمدم بصوت خافت دون ان يتحرك من مكانه:
" شكرا".
وبدا كانه على وشك الإبتسام لها.
وتصرّف معها كأنها غريبة لكنها لمحت في نظراته ما ذكّرها بما حدث بينهما في منزله ، فإستدارت بسرعة متحاشية النظر مباشرة اليه وغير قادرة على التصرف بشكل طبيعي ، وأحست بإحمرار خديها وقاومت رغبتها في الضغط عليهما بيديها الباردتين لإطفاء اللهيب الساخن وأرادت التسلل بهدوء خارج الغرفة لكن صوت ميرك أعادها الى مكانها ، إذ طلب منها إخراج نسختين من العقد مما ذكّرها من جديد بمأساتها واضاف:
" لم لا تشربين شايك؟".
وسحبت نسختين من العقد من درج المكتب ، وناولت الأولى لميرك ووضعت الثانية على المكتب أمام جوردان بلاك ، ولم يهمها إذا كان سيوقّع أو لا يوقّع العقد .
رفع راسه وقال :
" لدي نسخة ، اتذكرين؟".
وفتح حقيبته وسحب نسخته الخاصة فاجبرها بذلك على الألتفاف حول المكتب واخذ النسخة الثانية لعادتها الى مكانها ، وفكّرت بأنه تعمّد إبداء الملاحظة ليهينها مرة جديدة ، صبت لنفسها قدح الشاي وأخذته الى مكتبها في زاوية الغرفة وجلست في وضع يبعدها عن مدى رؤيته.
فتحت ملفا موضوعا على المكتب متظاهرة بآداء بعض العمل ولاحظت جوردان بلاك وهو يوقع العقد بلا إهتمام ، وصل الى حد السخرية ثم سمعت ميرك يهمس بشيء ثم ضحكا سوية ، فأحست بالإكتئاب ، نعم ممن حقه أن يضحك غذ أنه يقوم الان بإستلام ضحيته الثانية : فان لوران اولا وجيرنغفوردز ثانيا ، وأستلسلام هوارد بلا آسف ، كما توقع جوردان تماما ، وكان جوردان على معرفة أكيدة بكل خطواته التالية ومع ذلك واصل التلاعب بها واختبار اخلاصها رغم اتهامه لها بعدم الخلاص.
حسنا إنه درس مفيد لها وستحاول من الان فصاعدا اختيار العمل مع غرباء عنها وان تحتفظ بمشاعرها لنفسها دون خلطها بمسائل العمل ، ستحاول بالتأكيد العمل بكل جد وإخلاص ولكن بشكل غير شخصي......
وستكون ذات يوم، قادرة على النسيان.....
" هل تعملين هنا عادة؟".
أجابت دون أن ترفع رأسها:
" نعم".
" يجب أن تعملي دائما بحيث يكون الضوء مسلطا على كتفيك ولا يواجهك".
وتحرّك خلفها ليقف عند الجانب الآخر واراح يديه على صفحة المكتب .
|