كاتب الموضوع :
black star
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
كان تجاوبها معه غامضا نوعا ما, ذلك انها ذهلت لحقيقه انها, لاول مره, منذ صدمت بزيارته, كانت تجلس قريبه منه, فترى التغيير فيه منذ مقابلتها غير الساره له امس الاول.
لم يعد يبدو مشاكسا كما كان عندما كانت لحيته نابته... لقد بدا بوجهه الحليق الان, مختلفا جدا. بدا الطف شكلا بوجه عام. واكثر اناقه. ولكنه اكثر رجوله فى نفس الوقت. بخطوط فكه القويه ووجنتيه العاليتين الضامرتين. وقد تلاشت الغطرسه التى لاحظتها فى ملامحه امس الاول. وتوترت اعصابها لذكرى ذلك الجدال, ثم وقد تتذكر الكلمات التى قالتها له والغضب الذى كان يلتهب فى عينيه.
كان جلده قد لوحته ليصبح برونزيا مما يوحى بانه امشى وقتا طويلا يعمل فى جو مشمس. وليس عباره عن اجازه اسبوعين امضاهما مستلقيا على الشاطئ او بجانب بحيره. وهذا اطهر عينيه الرماديتين لامعتين كالفضه فى وجهه الداكن. ولكنها, هى تراه الان فى ضوء الشمس المنساب من النافذه. دهشت وهى ترى عينيه المتألقيتين تحيط بهما هاله داكنه اسبغت عليهما مظهر الارهاق والاجهاد. وهذا ما لم تلاحظه فى المره السابقه. ربما من تأثير السهر اليلى المستمر. وربما الاسراف فى الشراب. وتذكرت ما بدا عليه من سرور وهو يجلس.
تابعت تقول مجبره نفسها على الحديث خوفا من ان يمنحه سكوتها الفرصه للتفكير وربما الربط بينهما وبين ذلك ( الغلام) الذى قابله امس الاول.
تابعت تقول:
" اننى اجد عصير الليمون هذا اكثر انعاشا من اى عصير ابتاعه من الدكان, خاصه فى مثل هذا الجو. انه حال اليس كذلك؟ انه غير عادى فى الشهر ايارــ مايو"
وقال بابتسامه مفاجئه تعبر عن نوع من خيبه الامل:
" اخشى اننى لا اجده كما تقولين"
هز كتفيه العريضتين تحت قميصه القطنى العاجى اللون الذى كان يرتديه فوق سروال ال جينز اسود اللون. وتابع قائلا:
" ذلك لاننى قادم توا من حيث كنت اقيم قريبا من خط الاستواء. ولهذا, من المفروض ان اجد هذا الجو على شئ من البروده"
قالت:
" حقا؟ اين كنت تعمل؟"
اجاب:
" فى وسط امريكا. فى غواتيمالا اذا شئت الدقه"
هذا اذن يفسر اسمرار بشرته. وبصراحه, فان تشارلى لم تكن لتستطيع تصور هذا الرجل مستلقيا على الشاطئ فى اى مكان. حتى وهو يجلس. كان يبدو انه يكبت طاقه كبرى. ومن قصص عمته عنه, كان يبدو وكانه مولد بشرى للطاقه. ونظرت اليه الان. وهو يجلس متوترا متصلب الجسم مستقيمه. وعيناه اللمعتان مسمرتان على وجهها, هذه النظره انباتها انها لا يمكن ان تتصوره مسترخيا او هادئا فى اى مكان. وارسلت هذه التصورات القشعريره فى جسدها.
كذكلك, من الممكن ان سفسر وجده فى غواتيمالا البطء فى تجاوبه مع الرسائل, على الاقل الرساله الاولى. لقد اعترفت تشارل بهذا. وتساءلت عما اذا كان عليها ان تعدل من حكمها على هذا الرجل. ثم ان اميلى ماكنزى تحبه ججدا, وهذه المرأه العجوز ليست بالحمقاء. ولكن’ كلا, حتى مع عدم انتظار البريد فى بلاد وسط اميركا, فان الرساله الثانيه التى ارسلتها اليه, قد حولت اليه منذ شهرين. وكذلك الرسائل التى كانت قد ارسلت عن طريق رئيس تحرير الصحيفه التى يمل فيها. ومن المؤكد انه, وهو المراسل, على اتصال دائم بالصحيفه. فاخبار مرض عمته لا بد وصلته نذ مده طويله.
واترق مجرى افكارها سؤال منه حاد مفاجئ يقول:
"هل سبق وتقابلنا فى مكان ما؟"
قفز قلبها وصورته الداكنه التى عرفتها امس الاول تعود الى مخيلتها فتشيع الاضطراب فى كيانها.
قالت بحذر:
" لا اظن ذلك محتملا"
ومنعتها نزاهتها من ان تنفى ذلك تماما. مهما بعث ذلك من راحه فى نفسها, وتابعت تقول:
" لقد كنت انت بعيدا عن البلاد فتره طويله, وانا لم التحق بخدمه عمتلك الا منذ تسعه اشهر. كما ان والدى انتقلا الى هذه القريه قبل ذلك بسنه فقط"
وفكرت فى انتقالهما الى هذه القريه على امل الاقلال من النفقات والتمكن من العيش بذلك الدخل غير المنتظم الذى كان يحصله ابوها. فقد كانت النقود دوما قليله فى ايديهما. وعندما جاءت هى الى البيت. اخذت تبحث باستماته. عن عمل تستطيع معه ان تساهم فى استقرار الاسره ماديا. وكان طلب اميلى ماكنزى لها للعمل عندها. فرصه نادره فى هذه المنطقه القرويه التى تنر فيها الوظائف. وتابعت تقول:
" الا اذا كنت. بالطبع, فى " ليدز" فى خلال الارع سنوات الماضيه. فقد كنت اعمل واعيش هناك.."
وتوقفت عن الحديث بسرعه فقد جعل توترها العصبر لسانها ينطلق. واذا هى لن تكن حذره, فستخبره بامور شخصيه كانت تفضل الاحتفاظ بها لنفسها. وعل كل حال, فقد كانت تشك فى اهتمامله بامورها هذه. لكن لم يبد عليه الاستماع. فقد اخذ يفكر فى ملاحظه قالتها هى, اثارت انتباهه.
قال:
" قلت انك تعملين عند عمتى, فهل انت التى كنت تكتبين الى تلك الرسائل موقعه بحرفى(ش ــ هارينغتون)؟"
|