وقالت بكأبه :
" ان بول لن يخبرنى بشئ "
ولماذا يشرح لها الامر فى حين انها لا تعنى له شيئا؟ ثم اليس فى اقتراحه لعمته بأن تبيع المنزل, برهان واضح فى انه لا ينوى العيش فى هذه المنطقه؟ او حتى العوده يةما ما . فى المستقبل؟
وسألتها الانسه ماكنزى بحده ادهشتها:
" وهل سألته؟ هل سبق وسألته مره عن خططه بالنسبه للمستقبل؟"
اجابت:
" لا اظنه كان سيخبرنى, فان الصله بيننا ليست قويه الى هذا الحد"
كانت تجاهد لكى تبقى لهجتها هادئه طبيعيه. ولكن, على كل حال, كان ما قالته صحيحا تمام, فان الصله بينها وبين بول لم تكن قويه وبسرعه اخذت تشارلى تتصنع السعال لتغيير مجرى افكاره هذه. وتقبلت شاكره, كوبا من الماء من مخدومتها لتكسب من الوقت ما تستعيد به صفاء ذهنها مما يمكنها من ان تدير الموضوع الى النواحى العاديه الى ان يحين موعد خروجها.
وعندما عادت تارلى الى البيت. كان اول ما لمحته هى سياره بول امام البيت. وانقبض قلبها حالا لذلك. لقد حانت اللحظه التى كانت تتوقعها بخوف. طيله النهار, ولم يعد لها مناص من مواجهتها.
لقد حاولت جهدها. وتأخير لحظه المواجهه تلك, وذلك بالذهاب الى متجر الاغذيه لتشترى كل الاشياء غير الضروريه. ثم ذهبت الى المنزل النهرى فى الوقت الذى كانت تعرف انه سيكون فيه فى المستشفى, حيث امضت الساعات تعمل, لتجد فى ما بعد, عندما انتبهت الى نفسها, ان اكثر اوقاتها قد امضتها ساهمه تحدق فى الجدار بعينين لا تريان شيئا. ولكن المساء قد حل الان , وعليها ان تعود الى منزلها, حتى ولو لاجل تجهيز العشاء, كما يتطلب واجبها كمؤجره.
وشعرت بقدميها ثقيلتين كالرصاص , وهى تسلك طريق البيت لتدخل المنزل. امله فى ان تتمكن من التسلل خفيه الى المطبخ على الاقل. ولكن, ما ان دخلت القاعه, حتى ناداها بول الذى كان قد سمع خطوتها .
سائلا:
" اين كنت طيله النهار؟"
اجابت:
" هنا وهناك... وشعرت بالراحه وهى تجد صوتها طبيعيا.. فقط كان تنفسها المتسارع قليلا يشى بالتوتر الذى تعانيه. ربما بأمكانها ان تواجهه بشكل عادى فى كل حال. وتذكرت ما اعتادت امها ان تردد على الدوام. من انها اذا كان عليها ان تقوم بشئ غير سار, فالافضل ان تنتهى منه حالا. فجذبت نفسا عميقا, ثم اندفعت صاعده السلم.
كان بول فى غرفته, وترنحت تشارلى برهه. ولكنها ما لبثت ان تابعت صعودها. وقد نصبت قامتها. ان عليها ان واجهه على كل حال. وسألته:
" ماذا تريد ان تاكل؟"
كاتت الكلمات على شفتيها وهى تحدق قى المشهد البادى امامها. كانت حقيبه ثيابها مفتوحه على السرير تكاد تمتلئ بثيابه . وكانت حقيبه اخرى اصغر قد سبق وملئت, ثم اوقفت بجانب الجدار.
وقالت بصوت مبحوح وقد شعرت بقواها تفارقها فجأه:
" ما الذى تفعله؟"
فقال وقد بدت لمحه من التفكه فى عينيه:
" وما الذى يبدو لك؟ اننى احزم امتعتى طبعا"
لم تكن تتوقع قط انه سيرحل بهذه السرعه. او انه سيكون من القسوه بحيث يسخر منها اثناء ذلك.
وسألته:
" لماذا؟"
ورأا سؤالها ذا سخيفا... ولم ان ستطع ان تنطق بغير هذه الكلمه.
اجاب بشئ من نفاد الصبر:
" ظننت الامر واضحا اننى راحل فأنا لن استطيع البقاء بعد, لان ذلك يجلب الحظ السيئ"
حظ سيئ؟ وسرت هذه الكلمه فى اعماق تشارلى مسببه الما مبرحا فى كل خليه من جسدها. (حظ سيئ) واخذ عقلها يردد هذه الكلمه. ومالبثت ان قذفته بها قائله وقلبها يقطر الما:
" حظ سيئ؟"
لم يعد يهمها ان تخفى مشاعرها. لقد كان حظها هو السيئ يول وصل هو الى بارفورد. حظها السيئ الذى اوقعها فى غرامه ... ولكن خروجه من حياتها, هاجرا اياها بمثل هذه السرعه, لم يكن له ايه علاقه بالحظ.
وتابعت:
" كيف تجرؤ على القول فى وجهى( حظ سيئ...) كان يمكن ان يدوم هذا مده اطول لولا ان شيئا افضل قد حدث ليس خظا سيئا بل هى انانيه مجرمه منك... فلمااذا لا تعترف بالحقيقه , وهى ان ما حدث لم يعن لك شيئا ابدا وان كل ما يهمك هو الحريل باسرع وقت ممكن؟"
وصرخ بها:
" ما الذى تتحدثين عنه؟"
وادهشها ان تراه ينظر اليها باضطراب وعدم فهم. وليس كما توقعته من الغضب واللامبالاة... وعاد يهتفبها.
" تشارلى..."
ولكن اسمها المتخصر هذا التى تلفظ به. والذى سمعته منه لاول مره ليله امس اثناء المشاعر المحمومه التى اظهرها نحوها. اسمها هذا ينطلق من بين شفتيه. كان اكثر مما تستطيع احتماله. فصرخت به:
" لا تلفظ اسمى بهذا الشكل, ليس لك الحق بذلك"
فقال:
" اظنك اعطيتنى الحق فى ..."
قاطعته:
" ابدا, ما حدث بيننا ليله امس لا يعنى شيئا, هل تسمع؟ لا شئ على الاطلا"
وكان صوتها قد اصبح عاليا ينم عن اشيئا كثيره. ولكنها لم تهتم.
قال:
" حسنا"وشقت هذه الكلمه البارده القاسيه, الجو كحد الحسام لتطعن قلب تشارلى. وفكرت, وقد تملكتها التعاسه, انه كان عليها ان تتوقع هذا بعد ان رأت, اثناء وجودهما فى تلك المراعى, وقبل ذلك فى موقف السيارات عند المطعم شالمورث هاوس بعد ان رأت ميف استطاع ان يتخلص من كل مشاعره , كما يفعل الان.
وقال:
" فى هذه الحاله, ربما فى امكانك ان تشرحى لى من فضلك السبب الذى احدث هذا التغير فى قلبك"
التغير فى قلبها؟ وغمرت الكابه نفس تشارلى. انها اللحظه التى اعلن هو بها انه سيرحب.
وقال بول وهى يتخلل شعره بيده:
" ليله امس... تشارلى ... شارلوت..."
واخذ يغير من لفظ اسمها بتمهل. وهو يتابع:
" ما الذى تظنين كنا نفعل ليله امس؟"
وهتفت به, فى نفسها, كنت بين ذراعيك... وكان واضحا انما كنت ترضى شهوتك فقط, كا الالم الذى كانت تشعر به. والجهد التى كانت تبذله لكى لا تدعه يشعر بذلك, كان ذلك جعلها ترفع رأسها بتحد, وتجيب بصوت عال حوى كل ما امكنها تكلفه من الرود والتعالى:
" لقد اخبرتك ان لا شئ من هذاعنى لى شيئا. اننا... انك..."
واهتزت الكلمات على شفتيها عندما القت عيناها بعينيه ورأت ما ارتسم فيهما من تعبير.
لقد بدا فى عينيه من الام والشعور بالمهانه. ما جعلها تترنح شاعره بان ساقيها لم تعودا تقويام على حملها. ولكن, كلا... لا يمكن ان يشعر بول لاى الم. اليس هو الذى يحزم امتعته الان لكى يرحل دون اى اهتمام بشعورها؟
وفجأه, وجدت نفسها تقول مردده كلمات سبق ان سمعتها منه فى تلك المحادثه الهاتفيه:
" على فقط ان اسوى بعض الامور البسيطه هنا..."
قالتها بصوت عال تسوده المراراه.
فنظر اليها لتلحظ فى عينيه ذلك الاضطراب قد ازداد عمقا. بينما كان يقول:
" نعم... لقد اخبرتك..."
فقطعته وهى تقذف الكلمات فى وجهه بعد ان لم تعد تستطيع التحمل:
" اننى انا اذا, بعض الامور البسيطه التى يجب ان تسوى قبل ان تتابع حياتك"
قال:
" ولكن هذا ليس ما كنت اعنيه!"
قالت:
" كلا,؟ لماذا تحزم امتعتك اذا؟ لماذا تبدو عليك مثل هذه السرعه للعوده الى لندن؟ انك لم تستطع حتى ان تنتظر الى..."
صرخ فيها مقاطعا بحده اخرستها:
" كفى... من هو الذى تحدث عن لندن؟"
اذا, فقد كان ظنها صحيحا ... اذ انه لم يكن ينوى حتى مجرد البقاء فى انكلترا, بقد قرر السفر الى الخارج مباشره.
وقالت:
" حسنا, اظنك ستذهب الى مكتب الصحيفه؟"
اجاب ببطء وحذر غريبين, وكأنما يخشى ان يوقع نفسه كما بدا لها:
" نعم... ثم بعد ذلك"
فقطاعته:
" ثم بعد ذلك, تنطلق الى اى بلد اجنبى اخترته هذه المره, لكى تشرفه بوجودك فيه"
لاول مره , يرفع بول صوته فيها قائلا:
" كلا"
فقالت:
" كلا؟"
فاجاب:
" اننى غير مسافر الى الخارج... حتى الى لندن وفى ماعدا بعض الزيارات المختصره"
وجالت انظار تشارلى فى انحاء الحجره, محدقه فى الحقيبتين اللتين كانتا البرهان على رحيله وهى تقول:
" ولكنك قلت انك راحل؟"
ولم تستطع ان تتمالك نفسها من ان يحتوى صوتها شيئا من الامل وهى تقول ذلك.
واجاب هو:
" نعم, اننى سأنتقل من هنا الى المنزل النهرى. ان عمتى ستخرج من السمتشفى فى الاسبوع القادم. وانا اريد ان...."
قاطعته:
" اعلم ذلك... ولكنها لن... هل قلت انك ستنتقل الى المنزل النهرى؟"
تمتم هو جيبا وهو يومئ برأسه:
" لقد ابتدأت. على الاقل تستمعين الى"
قالت:
" ولكن الانسه اميلى ستبيع البيت؟"
قال:
" اعرف ذلك..."
وهذه المره, رفع يديه الاثنتين يدسهما بخشونه وهو يقول:
" حديثنت هذا كله غير مفهوم, اتانعين فى ان تبدأ من جديد؟
وفتحت هى فمها لتعلن ان كل هذا الحديث كان واضحا تماما لها... فقد تصرف بغير مراعاه لشعورها. ثم ها هو ذا راحل الان....
ولكن شيئا فى وجه بول منعها من ذلك. ولم تستطع سوى ان تشير اليه بصمت ان يستمر فى الكلام.
وقال:
" اولا, اننى راحل من هنا, ولكن الى المنزل النهرى فقط, ثم نعم..."
ورع يده يسكت تشارلى بعد ان راها تهم بالكلام. وهو يتابع:
" اننى اعلم ان عمتى اميلى ستبيع المنزل... فانا من سيتريه منها"
وهتفت:
" انت الذى...؟"
ولم تستطع اكمال سؤالها.
قال:
" انها لم تخبرك بذلك, ام تراها فعلات؟"
لم تصدق وهى ترى الضحك يمتزج بصوته وهو يتابع:
" اظن ان من الافضل ان نبدأ من البدايه.. اذ يبدو اننا لم نعد نعرف كيف نتفاهم"
وجذب نفسا عميقا, ثم تابع قوله:
" ذهبت الى المستشفى هذا الصباح بعد ان تركتك مباشره اذ ان الزياره اصبحت حره الان بعد ان تحسنت حاله عمتى, وبعد الظهر كنت مشغولا"
حدثت هى نفسها, بمراراه, انه كان مشغول بمقابله, ولم تتمالك نفسها من التساؤل عن نوع هذه القصه الجديده التى سيتابعها الان.
عاد هو يقول:
" على كل حال, عندما تحدثت مع عمتى اميلى كانت مهتمه جدا, والقلق يتملكها وهى تتحدث عن ان ما سمته برغبتها الحمقاء فى ان ترى اسره تسكن فى المنزل النهرى, قد تسبب فى مشكلات اخرى بينى وبين برايان"
قالت تشارلى وهى ترتجف:
" لقد اخبرتنى انها خائفه من ان الشرط الذى وضعته فى وصيتها هو المعلوم" قال بول:
" نعم, حسنا, اننا, انا وبرايان, لن نرى بعضنا البعض مره اخرى, ولكننى لا اريد ان تلوم عمتى نفسها, على اى شئ وهكذا اقتحرت ان حلا لذلك, فالحقيقه ان برايان لم يكن يريد المنزل النهرى ليسكن فيه, بل يريد ثمنه"
عندما راها تقطب جبينها غير فاهمه. قال يشرح لها الامر:
" لقد كان ينظر اليه كطريقه يزيد فيها نصيبه من الميراث... وهذا هو السبب فى طلبه منك الادعاء بانكما خطيبان, عندما كان يظن ان عمتى اميلى ستموت"
بان غضبه هذا لم يكن موجها نحوها.
عاد هو يقول:
" كما نعلم, نحن الاثنين, كان يخطط لبيع البيت حالما يضع يده عليه , وقد وضع خبرا بذلك عند مجموعه التنقيب تلك, وهذا يظهر بجلاء ان ليس للمنزل ايه قيمه عاطفيه عنده. وهكذا, اقترحت انا على عمتى ان اشترى المنزل منها على ان تبقى هى فيه ساكنه بقيه حياتها"
سألته تشارلى وهى مازلت لا تستطيع تصديق ذلك:
"احقا ستشترى المنزل؟"
اوما برأسه بحزم وهو يجيب:
" ولقد وافقت عمتى على هذا الحل"
وارتسمت على شفتيه ابتسامه جافه, هو يتابع:
" ولقد فرضت شرطا صعبا, وهو ان ادفع فيه سعر السوق بكامله اى تخفيض بصفتى من اقاربها, وليكن هذا بعلمك"
ادركت هى من اهجته. انه لم يكن, هو ايضا ليريد البيع بغير هذه الطريقه, وكان هذا ما توقعته هى, اذ ان حبه الشديد لعمته جعله حريصا على ان يكون معها فى منتهى الامانه على مصلحتها.
عاد هو يقول:
" انه مالها هى ولها ان تفعل به ما تريد من استثمار او انفاق بالطريقه التى تحب. ولكن, فى النهايه, سيحصل برايان على كل ما كان يحلم بان يؤول اليه... ولو اننى اتمنى ان يطول امد انتظاره هذا"
فكرت تشارلى فى ان بول سيحصل على المنزل الذى يحب. كان هذا حلا يثير الاعجاب, حلا يخدم الجميع... ولكن, بقى هنالك مشكله واحده, فقد كان مجرد صحافى, وسيكلفه المنزل النهرى مبلغ غير قليل, وسألته:
" اننى لا افهم, كيف يمكنك ان تدفع ثمن..."
قاطعها:
" شارلوت. ان الاختلاف الرئيسى بينى وبين برايان, هو انه يريد مالا, لقد كان دوما يملك المال, وباستطاعته ان يفعل اى شئ لىك يحصل عليه, وربما كان هو يظن ان فى امكانى الاستغناء عن البيت, فهو يرى الدهشه الشديده تتجلى على وجهها, والتى كانت من القوه بحيث لم تستطع اخفاءها , وتابع قائلا:
" اننى صحافى لاننى احب هذا العمل... فانا لست بحاجه الى ان اعمل لاعيش, ولم اكن بحاجه الى ذلك قط. وكذلك كان ابى الذى كان ادب الرحلات عنده مجرد هوايه رغم نجاحه بصوره مدهشه فقد زاد ريع كتبه من ثروته التى ورثها عن والديه, ولما كنت لا اكاد امس شيئا من تلك الثروه التى خلفها لى, منذ ابتدأت اعمل محصلا معيشتى بنفسى, فقد كانت تتزايد باستمرار بالاستثمار. منذ ذلك الحين حتى الان , وهذا ما كنت اخطط له دوما, وهو ان اعيش بما احصله نفسى دون ان امس راس المال حتى اتاكد مما احب فعلا ان افعله به"
تمتمت قائله:
" وهو شراء المنزل النهرى"
اومأ موافقا وهو يقول بصوت عميق اجش:
" المنزل النهرى, وشئ اخر"
تردد فى ذهنها كلمات الانسه ماكنزى,( اسأليه, فانا متاكده من انه سيشرح لك كل شئ) فقالت له:
" ولكننى لا افهم لماذا تريد منزلا كبيرا مذل هذا؟"
ارتسمت على فمه ابتسامه غامضه حذره وهو يقول:
" اننى وعمتى اميلى متشابهان من بعض الوجوه. ولكن, قبل ان اخبرك, اريد ان اسألك شيئا"
فتصلبت تشارلى فى جلستها وهى تقول :
" ماذا؟"
قال:
" اريد ان اعلم ما الذى جعلك تظنين اننى عائد الى لندن؟"
شعرت هى بالارتياح, فهذا, على الاقل, سؤال من السهل الاجابه عليه. واجابت:
" لانك تلقيت مخابره هاتفيه هذا الصباح من رئيسك, واجبته انت بانك ستكون هناك..."
واهتز صوتها من الالم.
قال:
" واستنتجت انت من هنا اننى سأبدأ العمل مره اخرى؟ واقلقك هذا؟"
والقى عليها نظره فاحصه مخترقا بعينيه عينيها وكأنه يريد ان يستل الحقيقه منهما, وهو يتابع:
" لماذا يا شارلوت؟ لماذا ساءت ذلك الى هذا الحد؟ لماذا كنت تبدين كئيبه الى هذا الحد عندما دخلت غرفه؟ هل ظننت اننى كنت سأتركك؟"
اجابت:
" اننى..."
وادارت رأسها فجأه بانفعال ومد هو يده يدير وجهها اليه باصابع قويه ثابته, وهو يقول:
" تشارلى, ارجوك"
ورأت تلك المشاعر التى سبق ورأتها فى عينيه من قبل , تعود اليهما على اقوى ما يكوون, وتابع هو:
" هل يسرك ان اخبرك اننى لا اريد ان اتركك ابدا؟"
هتفت:
" انت..."
كانت الصدمه من القوه بحيث شعرت عها بالدوار, وترنحت فى وقفتها. وفى لحظه واحده كان بول بجانبها يلفها بذراعيه القويتين... ولكنها لن تشأ ان تستسلم الى عناقه هذا.... ليس بعد ... انها ما زالت غير متاكده تماما.
عاد هو يقول:
" اننى لا استطيع تركك, يا تشارلى, ولم افكر قط فى الانفصال عندك. ووكنت اعلم ان هذا ما ترتدينه انت ايضا"
لم تصدق تشارلى ما تسمع. يبدو ان كل احلامها تحقق الان. ولكن هل هذا هو كل شئ؟ مجرد احلام سرعان ما ستتيقظ منها؟
قالت وهى ترتجف :
" بول..."
ولكنها لم تستطع ان تكمل كلامها. قال:
" اننى احبك يا تشارلى"
وبدا وكأن هذه الكلمات انفجرت فى اعماقها كالاف النجوم. بينما كان هو يتابع:
" اننى لست عائد الى لندن او الى اى مكان اخر. الا اذا..."
وتغير التعبير الذى يكسو ملامحه, فجأه وفارقته الثقه التى كانت تكسوها تماما وهو يقول:
" الا اذا انت طردتنى من حياتك"
هتفت تشارلى دون وعى منها:
" اوه, كلا.... ابدا"
وحلا, زال التوتر من وجهه وهو يسألها:
" وماذا قلت اذاعن الليله الماضيه حين..."
ولم تستطع ان تدعه يكمل كلامه,فقالت:
" اظن اننى اقول ما ترتيده انت, بينما كان شعورى مخالفا تماما لكلامى ذلك"
اغمض بول عينيه لخظه وهو يهمس:
" لو كنت انت قصدت حقا ما قلته حينذاك. لكان ما قمت به اليوم, من تغيير حياتى وشراء ذلك المنزل, غطله كبرى"
وسألته . كما اوصتها الانسه اميلى ان تفعل:
" ولماذا اشتريت المنزل النهرى؟"
اجاب:
" لاننى, مثل عمتى اميلى, اريد ان اراه موئلا لاره مره اخرى, ثم اننى كنت دوما اريد ان اعيش فيه"
قالت:
" ولكننى عندما سألتك مره عما اذا كنت تريد ان تعود الى هنا للاستقرار, اجبتنى بان هناك شيئا مفقودا"
ادارها بول لتواجهه, وذراعاه حول خصرها وهو ينظر فى عينيها قائلا:
" لقد قلت ان شيئا مفقودا كان دوما هناك فى ما مضى من حياتى, ولكنه لم يعد مفقودا لانك انت هنا الان. انك انت ما كنت انا دوما اتطلع اليه"
هتفت باسمه مطلقه اهة طويله:
" اه, يا بول, اننى احبك"
قال وهو يشد ذراعيه حولها:
" ظننت انك لن تتلفظى بهذه الكلمه ابدا"
نظرت اليه متسائله لتقول:
" لكن, مهنتك يا بول, ورئيسك رون..."
قاطعها:
" لم يعد رئيسى, كذلك مهنتى لم تعد مهنتى"
ارتسمت على شفتيه ابتسامه عريضع وهو يراها تعبس غير فاهمه. وشابت ابتسامته لمحه من الارباك وهو يقول:
" اسف اننى لم اخبرك الحقيقه كامله بالنسبه لهذا الامر, ان احد اسباب رغبتى فى البقاء هنا , هذا الى رغبتى بان اكون الى جانب عمتى . هو ان افكر فى الامر مليا, كنت قد سبق ومللت من وظشفتى تلك باسفارها التى لا تنتهى دون ان يكون ثمه مكان يمكننى ان اسميه موطنا. وعندما جرى حادث الطائره ذاك. كان لدى من الوقت. وانا فى سريرى فى المستشفى. ما امكننى معه من التفكير مليا. ووجدت اننى اصبحت مثل ابى جوالا على الدوام دون ان يستقر فى مكان واحد. ولم احب هذه الحياه لاى من اولادى"
ابتسم بول مره اخرى فى عينى تشارلى العسليتين المتسعتين. وهو يتابع:
" ترين من هذا. ان حلمى الدائم كان ان اعيش فى المنزل النهرى مه زوجه واطفال. ولكننى لم اصادف المرأه التى تشارلى كنى هذا الحلم. لقد افادنى حقا حادث الطائره ذاك. فى الاستقرار على رأآ. اذ ادركت اننى واجهت الموت دون ان احقق حلمى ذاك. وهكذا حتى قبل ان اعلم بمرض عمتى واترك غواتيمالا, كنت قد صممت على الاستقاله منعملى. ولكننى لم انفذ تلك الاستقاله لانه كان عندى اجازات كثيره ممتراكمه اردت ان امضيها هنا الى جانب عمتى. ولم اضع فى حساى اننى سألقاك لاقع فى الغرام رأسا على عقب"
قالت تغيظه:
" ليس هذا حبا من اول نظره , ذلك لانك لم تكن لتطيق رؤيتى فى البدايه"
هز رأسه بعنف قائلا:
" هذا ليس صحيحا. لقد تعلقت بك منذ الزياره الاولى لمنزلكم لكى اسألأ عن مكان لاقامتى.. ولكننى, عند ذاك, اكتشفت انك شارلوت هارينغتون التى سبق وكتب لى عمتى عنها.وهكذا ضربت رأسى بالخائط وزاد غضبى شعورى بانجذابى اليك وهذا لم اشأ ان يحدث"
قالت تشارلى:
" اننى اتفهم شعورك ذاك, لاننى انا نفسى كنت فى ذلك الوضع"
ضحك بول وهو يهزر رأسه قائلا:
" يا لنا من شخصين ولكننى نسيت شيئا هاما جدا. انه عن تلك المخابره الهاتفيه الى تلقيتها من رون.. لقد كان يقيم لى حفله وداع فى مكاتبهم. وكان من الطبيعى..."قاطعته:
" وقلت انت انك(لاتريد ان تخسر هذه الفرصه) وماذا عن(تسويه بعض الامور)"
تالقت عينا بول بالسرور وهو يجيب:
"ذلك هو المكان الذى كنت فيه بعد الظهر. انه المقابله"
واتسعت الان ابتسامته وقد بان فيها الانتصار وهو يقول:
" لقد اشتريت صحيفه خاصه بى. انك تنظرين الان الى المالك الجديد لصحيفه(ميركورى) ... اننى..."
مهما كان الذى سيقوله , فقد تلاشى ازاء احتضان شارلوت العنيف له تعبر عن سعادتها البالغه. وهى تقول:
"لا استطيع ان اصدق انك ستبقى هنا. ولنك لن ترحل بعد الان"
قال بصوت شبه مختنق:
" طبعا انا باق هنا , هذا اذا لم تخنقينى بعناقك هذا, قبل ذلك"
وعندما تركته هى بسرعه, تابع يقول:
"اتعلمين؟ اننى اتساءل عنا اذا كانت عمتى اميلى قد خططت لهذا الامر فعلا عندما اشارت على بأخذ غرفه فى منزلكم؟ لقد كانت شديده التاكيد على فى ان هذا المكان سيناسبنى جدا. وانا لا اصدق انها لم تكن تعلم من ايه ناحيه سيناسبنى"
قالت تشارلى وهى تفكر فى بعض التلميحات التى كانت مخدومتها تلقيها اليها احيانا اثناء زيارتها لها فى المستشفى. قالت:
" ربما معك حق,ثم اننا نعرف مبلغ رغبتها فى ان ترى اسره فى المنزل النهرى"
قال وقد بدت فى عينيه نظره عميقه:
"اه ,نعم بالنسبه لهذا الامر . ما رأيك فى ان نحقق لها هذه الامنيه فنتزوج؟ ويمكننا, بذلك ان نعيش فى ذلك المنزل معا, ونمنحها اولئك الاطفال الذين تحلم هى برؤيتهم"
اجابت:
"خشيت ان لا تذكر هذا الشئ ابدا, اذ ليس احب الى من ذلك"
وخطر ببالها, فكره مفاجئه فقالت تسأله:
" وعندما قلت منذ فتره (حظ سيئ)...؟"
اجاب:
" قصدت ما قالته لى عمتى من ان سكن العريس فى منزل عروسه التى كانت تعيش فيه قبل الزواج يجلب الحظ السيئ قالت لى ذلك عندما اخبرتها اننى سأعرض عليك الزواج"
وسكت برهة. ثم قال:
" اظن ان العمه اميلى اخترعت هذا الشئ لكى نبقى عاقلين الى ان يجمعنا الزواج برباطه الشرعى"
قالت:
" اذا كانت العمله اميلى تريد ان ترى اولادنا اثناء حياتها, فمن الافضل ان لا نضيع الفرصه"
قال وهو يزيد من احتضانها:
" هذا صحيح. لا بد ان يتم زواجنا باسرع ما يمكن"