كان ضوء القمر قد ذهب بلون عينيه الرماديتين ليظهرهما بشكل مرعب. واحست كما لو كانت كلمه " هل انت خائف" التى سبق وسألعا اياها, معلقه فى الهواء باحرف مضيئه.
واخيرا قالت:
" اننى غير متاكده من اننى اريد ان اذهب حقا الى البيت"
ورأـ شفتيه تلتيان سخريه لتناقضها, وشعرت بانها حشرت نفسها فى الزاويه, فاذا هى بقيت, فسيظن انها انما تريد البقاء معه, ولكن, اذا هما ذهبا الى البيت... ولم تستطع ان تفكر فى ما يمكن ان يتبع وجودها مع بول بمفردهما فى المنزل,وبعد, انه الشخص الذى كسر انف ابن خالته اثناء شجارهما . ومره اخرى, شعرت بقشعريره الخوف تتملك جسدها النحيف.
وقال لها بصوت منخفض اجش:
" لا حاجه بك الى الخوف. اننى لم اؤذ امراه فى حياتى قط. وانا لا انوى ان افعل ذلك الان"
هل استطاع قراءه افكارها فى عينيها؟ كيف امكنه ذلك بمثل هذه الدقه المحيره؟
كان ثمه شئ فى لهجته مش مشاعر تشارلى ودفعتها الغريزه الى تصديق فى الوقت الذى حذرها فيه عقلها من التسرع فى هذا.قالت:
" اننى.."
وشكتت لا تدرى ماذا تقول, لقد كف عقلها عن التفكير عندما تقدم بول خطوه نحوها وهو يقول:
" شارلوت.."
ومد يده يلامس وجنتها براحته التى اخشوشنت من العمل فى المنزل النهرى بينما عيناه بعمق وقتامه البحيره فى ضوء القمر.
وهمس وهو يحيط خصرها بذراعه الاخرى ويجذبها اليه برقه لا تقاوم:
" صدقينى , لا يمكن ان اؤذيك ابدا"
وتمتمت تشارلى:
" بول.."
واكنها لم تعرف اا كانت تحتج فعلا, ام تشجعه, لانه فى اللحظه التاليه, كان يحتضنها بين ذراعيه. لقد شعرت وكأن راسها يسبح فى الهواء , والعالم يدور من حولها, فتمسكت بذراعيه تحتمى بهما, لتشعر بان مل ذره من الخوف شعرت بها, قد تلاشت وامحت.
ولم تعرف تشارلى كم بقيا على هذه الحال, غير واعيين للعال حولهما, ولكن, فى النهايه, فتح باب المطعم خلفهما ليتدقف النور منه منتشرا على اسفل موقف السيارات, ويخترق خليط الاصوات والضحكات الضباب الذى يغشى ذهنها, وتمصلت من بين ذراعيه وهى تشهق مصدومه, ثم رفعت يدها المرتجفتين تسويان شعرها وملابسها, وتقوفت فجاه حركاتها المضطربه بعد اذ انتبهت الى ان بول قد وقف ساكنا لا ينبس , يراقبها.
وقالت بصوت مرتجغ:
" من الافضل ان نذهب"
وشكتت فجأه وقد عقد لسانها بعدد ما ادركت انها لم تعد فى استطاعتها ان تقرر ما اذا كان عليها ان تذهب او تبقى ما اذا كان وجودها معه الان فى المنزل بمفردها سيكون مصدر رعب ام سرور.
وبينما كانت تقلب الامر فى ذهنها, لا تدرى ماذا تقول, انتزل بول منها القرار ليقول:
" سنقوم بجوله فى السياره"
وامسك بيدها يجرها منه متجها نحو السياره.
وتساءلت الان عن الاسوأ, اهو ان تكون معه بمفردها فى المنزل ام البقاء هنا فى السياره معرضه للاغراء بجانبه؟
انها, فى المنزل, يمكنها على لاقل ان تبقى فسحه بينهما. ولكنها حالا, ساءلت نفسها عما اذا كانت هى حقا تريد تلك الفسحه لم لا, وارهقت احاسيسها والسياره تنطلق بهما بقياده بول الماهره.
وقال:
" انها اميه رائعه"
اهتزت عندما اخرجها صوته من خضم افكارها, من عالم الاحلام. الى عالم الواقع, وشعرت بذهول يقرب من الاهانه لدى سماعها صوته العادى المتزم الذى كانت تنقصه المشاعر مما انعكس على قيادته ضبطا واتزانا . كان صوته وقيادته يشيران الى السرعه التى استعاد بها توزنه الذهنى ولم يكن عندها هى شئ من طاقته تلك, ولم تشاعدها مشاعرها لمضطربه, والانفعال الذى يعصف بكيانها على ان ترد على تعليقه البارد ذاك سوى همهمه غير مفهومه.
ما الذى يجرى لها؟ لقد شعرت مره اخرى وكان مشاعرها تفلت من عقالها بصوره خطره. فترتفع حينا, لتنخفض اخرى فى اللحظه التاليه. كيف حدث ان تغير مشاعرها من الكراهيه لبول, الى الاستمتاع بصحبته, رغم الخوف الذى تملكها منه؟
ونبهتها الحقيقه القاسيه الى ان مشاعرها هذه نحو بول, لا تلقى تجاوبا منه وذلك من السرعه التى تخلص فيها من مشاعره هو, هذا اذا كان قد احس فى الواقع, بايه مشاعر, وكونها وقعت فى خضم مشاعر كهذه, فهذا لا يعنى ان مثل هذه المشاعر قد انتابته هو ايضا, واذا كان لها ان تواجه الحقيقه, فان سرعه تمالكه لنفسه اثبتت انه لم يشعر بشئ وكررت تشارلى لنفسها بمراره, لا شئ اطلاقا, وهى ستكون حمقاء لو انها اعتقد العكس.