عندما خطر لها ان تتساءل عن السبب فى اهتمامها الشديد فى تغيير عقيده بول تللك عنها. وجعله يعتقد انها ليست تلك الفتاه الوحيده. دون عمل تقوم به, انقبض قلبها بنفس الطريقه التى شعرت بها عندها رماها بنعت الغيره التى لم تمر فى ذهنها قط قبل الان. كلا... مل نا فى الامر, انها كانت حمقاء, لان كل ما فى الامر ان كرامتها جرحت, وهذا هو كل شئ.
قالت بحده:
" لسنا جميعا فى حاجه الى شخص من الجنس الاخر للمرافقه لكى نثبت جدارتنا الشخصيه" قالت ذلك وقد نسيت ان بول امضى ثلاثه اسابيع قانعا بالبقاء فى المنزل كل لسله غير مهتم بالنساء, ليقرأ كتبا او يتفرج على عروض التلفزيون. وفى الواقع انه كان يمضى اكثر اوقاته مع عمته فى المستشفى. وما بقى من وقته كل يمضيه فى المنزل النهرى يجرى الاصلاحات التى يجدها ضروريه مما جعل حضوره فى منزله خفيفه الوطأه على نفسها عكس ما توقعت ان يكون.
وسألها بهدوء:
" وهل قلت انا شيئا مخالفا لقولك هذا؟ اظن ان انيت ستشعر بالاستياء اذا سمعتك تسبغين على الموعد معها, هذا السبب, وصدقينى اننى لست فى حاجه الى مثل هذه الطريقه لكى اثبت شخصيتى"
وفكرت تشارلى ان ما يقوله صحيح. وان شعورها هذا لا ضروره له, وان بول ليس فى حاجه الى ان يبحث عما يثبت شخصيته ويدعمها, ذلك ان شخصيته قويه ثابته الدعائم كما كانت... ولكن الظاهر انها منذ وصوله الى هذه البلده بارفورد فقدت توازنها النفى.
وتمتمت:
" حسنا, ليس لك ان تلق بشأنى على كل حال" كانت تعرف تمام انه لم يكن ليهتم بها مثقال ذره. وتابعت:
" يمكننى ان اكون سعيده تمام بمفردى" ولسوء الحظ. لم تكن لهجتها من التأكيد واللامبالاه كما تنمت هى ان تكون. وتابعت تقول:
" هل ستتوجه رأسا من المستشفى الى هنالك؟"
اجاب:
" كلا سأعود لكى اغير ثيابى, وسأقابل انيت فى المقهى العام الساعه الثامنه والنصف"
فقالت:
" ولكن ليس فى مقدورك ان تذهب الى هناك دون ان تكون اكلت شيئا منذ وقت الغداء" كانت تعلم ان منطفها الرقيق هذا يبدو سخيفا. ولكن هذا يمنحها سببا للتدخل لمعرفه ما صمم عليه والا, فسيكون لسؤالها معنى التطفل او ما هو اسوأ ا الغيره. وقالت:
" سأجهز لك شيئا خفيفا تأكلد حوالى الساعه الخامسه قبل ذهابك الى زياره عمتك فى المستشفى"
قال:
" هذا سيكن لطفا منك هل انت متؤكده من انه لن يسبب لك اى ازعاج؟"
كان يتحدث بادب مفرط. واحست هى بالغضب فى داخلها. يجب ان يعلم انها لا تصدق اخلاصه فى جوابه المؤدب هذا. وقالت له بحده:
" ليس شمه ازعاجو ثم ان الاتفاق بيننا هو تقديم الطعام والمنامه لك يوميا. وبما انك لن تتعشى هنا لليله. فان لك الحق فى وجبه خفيفه بدلا من ذلك"
وعاد بهما ذلك الى اعلاقه الرسميه العمليه التى بينهما. بهذا حدثت نفسها, راضيه, وهو يترك الغرفه قاصدا غرفته. ذلك ان دور المؤجره والمستأجر كان افضل لها من تقرب الاطراء المبطن بالسخريه الذى اعتاده مؤخزا ولا بد لها من تجنب ذلك فى المستقبل.
وفى الساعه الثامنه الربع من ذلك المساء. كانت تشارلى قد غسلت وكوت قميص النو والمنشفتين التى احضرها بول معه من المستشفى, ثم جلست لى الطاوله تكتب رساله الى والديها اللين سبق ووصلها منهما بطاقه تفيض بالغطبه, ذلك الصباح فقط. مما جعلها تستسيغ ايه تضحيه قد تكون قامت بها نحوهما. وكانت تعلم ان امها, على الاخص. ستدهش اذ تستلم اى شئ منها, ولكنا كانت مصممه على ان يجدها بول, حين رجوعه من زيارته لعمته, مشغوله تمام.
عند الساعه الثامنه والثلث, نزل بول من غرفته بعد ان غير ثيابه ليجدها ننحدث فى الهاتف بمرح, فى القاعه وبالكاد اشارت بيدها بالتحيه ردا على تحيته وهو يسرع خاجرا الى موعده مع انيت المتألقه. وعجنما سمعت صوت سيارته تتحرك مبتعده, توقفت عن ثرثرتها الزاخره بالحيويه والمرح وهى تلوى ملامحها غيظا, ورفعت سماعه الهاتف التى كانت هى المتسمعه الوحيده لثرثرتها عما فعلته فى الايام الماضيه, ثم صفقتها بقوه فى مكانها وهى تهز رأسها يائسه. ما الذى جعلها تهبط الى هذا المستوى, لتقوم بهذه التمثيليه البائسه لا لشئ الا لاجل رجل لم تمنحه اى اهتمام من قبل, فلماذا تهتم به الان؟
وعند الساعه الثامنه والنصف. كانت قد تنقلت بين كل المحطات التلفزيونيه حيث لم تثر اى منها اهتمامها اكثر من نصف دقيقه. وجدت نفسها تجوب انحاء غرفه الجلوس بضيق. وهى تحاول ان لا تفكر فى ذلك اللقاء الجارى الان فى ذلك المقهى شالمورت هاوس ام انهما سيتناولان سرابا فى المقهى اولا؟ ان هذا اكثر احتمالا ذلك ان ذلك المقهى يحتوى على مكان للجلسات الشاعريه. وهفت تؤنب نفسها بصوت مرتفع. هذا يكفى, وذلك بعد ان شعرت بطعنه مؤلمه فى قلبها تشبه الغيره. ما الذى جعلها تتدخل فى شؤون بول؟ ان ما يفعله ليس من شأنها اطلاقا.
كان عليها ان تشغل نفسها بشئ يلهيها عن التفكير فى مواضيع ممنوعه مثل تصور بول وانيت معا و الاثنان ممشوقا القامه طويلان. ولا بد انها, اى انيت, مرتديه ثوبا رائعا.
حين وصلت بتفكيرها الى هذا الحد. خطرت فى بالها فكره. لا يمكن ان تجلس هكذا لتفكر فى هذا وهى لم تفتح خزانه ثيابهاو لتتفحص محتوياتها, منذ مده طويله وهذه فرصه ممتازه الان لعم مثل هذا. وهكذا, رغبه منها فى تركيز افكارها فى عمل ما, ركضت صصاعده الدرج الى غرفه نومها حيث فتحت خزانه ثيابها على مصرعيها.
وتغير مزاجها فى الحال وهى ترى كيف تغيرت حياتها فى التسعه اشهر الاخيره. ذلك ان فى امكانها ان تقسم خزانتها الى قمسين, جهه منها تحتوى على سراويل الجينز والقمصان والتنانير القطنيه وهى التى تناسب حياه الريف والعمل فى المنزل النهرى, بينما الجهه الاخرى تحتوى على ثيابها الانيقه الخاصه بالمدينه من بزات انيقه مع القمصان الحريريه عندما كانت تعمل سكرتيره فى مدينه ليدز وكذلك ثياب السهره التى كانت ترتديها عند خروجها مع تيرى.
وببطء مدت تشارلى يدها تتناول ثياب السهره تلك ربما لاول مره منذ علقتها هنا. وهى فى امكانها ان تتذكر كل مناسبه ارتدتها فيها. ولكنها لم تعد تشعر باى الم لهذه الذكرى. ولم تشعر باى شوق لتلك الحياه. وبالتالى لم تعد تشعر بذلك نحو تيرى... ولكن..
ولمست اصابعها ثوبا منها بشكل خاص من الحرير الزاهى اللون, لقد كان ثوبا غاليا حقا, ولكنه لم يلبس مطلقا. لقد كانت ابتاعته لترتديه ف حفله لم تحضرها قط. وفى الحقيقه. كان لا يزال فى العلبه التى احضرته فيها من السوق بيدها فى نفس الوقت الذى وجدت فيه تيرى ولويزا معا.
انتابت تشارلى نزوه طارئه جعلتها تسحب ذلك الثوب من مكانه. ثم تمسك به اما جسدها. وما لبثت ان خطرت لها فكره. فوضعت الثوب جانبا, ثم تناولت الحقيبه التى تحتوى زينه وجهها.
كانت الساعه تدق. فى القاعه, التاسعه تمام, عندما اخذت تشارلى تنظر الى صورتها فى المراّه بشئ من الرضى, لقد مضى وقت طويلا على اخر مره تبرجت فيها. لقد جعل حكل والظلال التى وضعتهما حول عنيها بطريقه بارعه. عينيها تبدوان بالغتى الاتساع. وقد لوت اهدابها بعد طبقات من" المساكارا" كما وضعت لونا خفيفا على وجهها ابرز وجنتيها لتصبحا بالشكل الذى كانت تحسد دوما عارضات الازياء عليه فى صورهن الفوتو غرافيه. كذلك اجرت تجارب على شعرها. فعقدت تجاعيده عاليا فوق رأسها فى طراز متكلف. تاركه خصلات منه تتدلى حول وجهها. وابرزت طراز شعرها هذا جمال عنقها وبشرتها الرقيقه. وفى الحقيقه, وجدت ان هذا الثوب الاحمر قد لاءمها الان اكثر مما كان عندما اشترته. ذلك ان تسعه اشهر من الغذاء اللذيذ الذى تصنعه امها, قد اكسبها اكتنازا بعد ذلك النحول المفزع الذى كانت عليه فى مدينه ليدز. مضيفه استدارت ساحره لجسدها الغض ابرزها ذلك الثوب الحريرى الرقيق بشكل جذاب اذهل تشارلى رؤيته فى المراّه . لم تعد تبدو الان بذلك المظهر الصبيانى الذى كانت عليه سابقا. ولمنا كانت الان امراه ناضجه كامله الانوثه.
وتمتمت بحسره:
" كل هذه الزينه والتأنق وليس ثمه مكان اذهب اليه"
وتذكرت, لاول مره, ما دفعها الى هذا العمل, لا بد ان بول وانيت الن جالسات فى ذلك المطعم. انهما....
توقف مجرى افكارها, وتوترت اعصابها وهى تسمع حركه خفيفه فى الحديقه. وتجمد فى مكانها. وقد ارهفت سمعها, كان ثمه صوت مؤكد للباب الامامى وهو يفتح, وكانت قد غفلت عن اقفاله, لتسمع بعد ذلك وقع خطوات هادئه فى القاعه. اهو لص؟ ودون ان تفكر, امسكت باقرب شئ صلب وجدته ثد اندفعت تهبط السلم.
" شارلوت" وصل الصوت الذى يهتف باسمها الى سمعها حالما وصلت الى القاعه الغارقه قى الظلام, لتقف فجأه وهى ترى الشبح القاتم يدير مفتاح النور لتطرف بعينيها هى فى الضوء الساطع وقد سادهاا الارتباك لمرأى بول واقفا فى الباب, وسألته وقد توقفت انفاسها وغمر ذهنها المشوش الخوف:
" ما الذى تفعله هنا؟ ظننتك تتعشى الان مع تلك الجميله انيت؟"
فابتسم بحسره وقو يقول:
" وكذلك كنت اظن نفسى"
وكان فى لهجته شئ من السخريه بالنفس وهو يتابع:
" لم اكن اظن ان الامرو ستنتهى بهذا الشكل"
فسألته:
" ماذا حدث؟"
سرت تشارلى فى نفسها اذ ان اندفاعها فى هبوط السلم بهذا الشكل. جعل لها عذرا صعوبه تنفسها وهى تراه فى النور لاول مره متفحصه منظره الذى لم تكلف نفسها, متعمده. عناء النظر اليه وهى تتصنع الانشغال عنه, عند خروجه, بتلك المكالمه الهاتفيه الزائفه.
لقد اعتادت رؤيته فى سروال الجينز المريح والقميص المقفول, اغلب الاوقات, لا يغير سوى قميصه باخر افضل بقليل عند ذهابه لزيارته عمته فى المستشفى وهكذا وقفت مصعوقه اما هذا الرجل الانيق الرشيق الذى يكاد يبدو غريبا. والواقف امامها متألقا فى بذله رماديه انيقه وقميص بلون الثلج تدلت فوقه ربطه عنق متناسبه الالوان. اذن, فقد كانت انيت ستستمتع بمرافقه بول ساريزن اللندنى الانيق. وشعرت بوخزه ضضيق مفاجئ فى اعماقها لهذه الكفهر, بينما حاولت ان تركز على ما يقول, بدلا من التأمل فى ما ابرزته بذلته الرائعه التفصيل من عرض كتفيه ونحافه جسمه, وتناسب لون بذلته مع لون عينيه. وشعرت بحلقها يجف فجأه. واخذت تزدرد ريقها بصعوبه.
قال:
" انها لم تأت. وعندما اتصلت بها. بعد ان انتظرتها ثلث ساعه, قالت انها مرهقه جدا, وتريد ان تذهب الىفراشها باكرا" ولم يلحظ ضحكه اختنقت فى حلق تشارلى, وقالت بلهجه مرحه منغمه:
" لقد عدت اذن خاوى الوفاض"
اجاب باسما:
" هكذا يبدو"
لم تستطع ان تقاوم فضولها فسألته:
" اهو الموعد الاول معها؟"
واوما هو برأسه بالاجياب و قد اتسعت ابتسامته, بطريقه دخلت قلبها.ز وقال هو بلهجه تمثيليه ساخره:
" كل هذا التأنق ولا مكان اذهب اليه"
ما ان كبتت تشارلى صيحه كادت تفل منها وهى تسمع منه نفس لكلمات التى حدثت بها نفسها منذ دقائق , حتى تبدلت ملامحه, وتلاشت ابتسامته وتكدرت عيناه بشكل ملحوظ وهو يقول متمتا بصوت اجش منخفض ارسل الرعشه فى جسد تشارلى:
" نفس الشئ بالنسبه لك. اننى لم ارك على هذا الشكل كن قبل, ان ثوبك هذا صاعق بجمالهو من هو الرجل المحظوظ الذى سيحظى بكل هذا؟"
اجابت دون تفكير:
" اوه... لا احد"
تشتم نفسها حالما انتهت من كلامها لعدم تفكيرها فى اختراع شخصيهمرافق لها. ونظر هو اليها فشعرت وكانها منومه مغناطيسيا. وشعرت بجفاف فى حلقا وبللت شفتيها بلسانها. ورأت عينيه تراقبان كل حركه منها.
ولكن, سرعان ما تلاشت افكارها هذه وهو يقول هازا رأسه ببطء:
" هذا يدعو للاسف الشديد. يجب ان يرى احد اناقتك وجمالك هذين"
قالت:
" احقا؟ لقد كنت فى الحقيقه اجرب... بعض الملابس القديمه و...."
وتوقف لسانها فى حلقها الجاف وهى ترى الطريقه التى اخذ ينظر بها اليها. والنظره المفاجئه التى تألقت فى عينيه وهو يجيب:
" لا اظن ذلك, بعض الملابس القديمه؟ هذه الصفه لا تنطبق على ثوبك هذا. ان عندى فكره"
نظر فى ساعته. وبان على ملامحه الرضى وهو يقول:
" مازالت مائدتى محجوزه, واذا نحن اسرعنا, سيمكننا الوصول الى مطعم شالمورت هاوس فى حدود التاسعه والنصف. فهل تشرفيننى بتناول العشاء معى هذه الليله؟"
وتملكتها المشاعر المتضاربه. وثارت كرامتها وهى تشعر بانها ستكون بديله للمدوعه الاصليه, لم يدعها الا لان انيت خذلته. ولكن, لا يبدو عيه الاهتمام حقا يها, وسارع شعورها بان انيت لم تكن لتهمه كثيرا, فى خفقات قلبها.
تلاشت كل هذه الافكار وهذا التردد, لتبقى هناك فكره واحده, تذكرت كل الضيق ووخزات الالم التى شعرت بها قبل غتره, خاصه وهى ترى ثوبها الاحمر الذى لم تلسبه قط من قبل, وادراكها انها لم تخرج ليله واحده منذ جاءت الى بلدتها هذه بارفورد. كل هذا ادركت معه انها لا تريد ان تقول نعم, هذا مع ان عقلها كان يقول لها انها لا تود بول ولا تحب الخروج معه او مرافقته اكثر من الازم, ولكنها عادت تفكر فى الاستمتاع بوجبه طيبه, والغزل البرئ مع رجل وسيد, وهى لا تنكر ان بول وسيم حقا بشكله الاخاذ ورجولته الباديه, نظرت فى عينيه الرماديتين الصافيتين لتدهش وهى ترى اهتماما بها لم تكن تتوقعه ولم يكن بول. فى الواقع, متأكدا من قبولها دعوته وفى الوقت الذى كانت هى تشعر فيه بالتردد, غير واثقهمما استقر عليه رأيها, رفع هو يده يلغى بها دعوته لها قائلا:
" حسنا, انسى اننى..."
فى هذه اللحظه ادركت انها تريد حقا ان تخرج معه فقاطعته تقول:
" اظنها فكره جميله, نعم, شكرا, احب جدا ان اتعشى معك, احب ذلك كثيرا"