قالك
" هذا حسن. ادخلى فانا اريد ان ان اتحدق اليك"
قالت:
" كيف تجرؤ على ان تملى على اوامرك؟"
اجاب:
" اننى افعل ما يعجبنى . ويمكنك ارجاء التظاهر بالبراءة الى المناسبات التى تستلزم ذلك. ايتها الانسه, ان عندى ما اقوله لك وعليك ان تستعمى اليه جيدا, والخيار الوحيد الذى لك فى هذه المساله هو, اما ان تفعل ذلك فى الداخل, واما هنا حيث فى امكان الجيران ان يسمعونا"
رفعت تشارلى رأسها بمراره وهى ترى ان لا خيار امامها فعلا, ثم اندفعت الى الداخل وهى تدفعه من امامها, متمنيه ان يرى انفعالها وتصاعد خفقات قلبها بين ضلوعها, انها لم تعرف ما الذى اراد ان يقوله لها, ولكنها لم تشك فى انه امر لا يبعث عل السرور. وفى غرفه الجلوس, استدار اليه تواجهه وهى تقول:
" حسنا؟"
وارتجف صوتها وهى تشاهد لمعان عينيه شعرت معه بقلبها يقفز هلعا. لقد سبق وراته غاضبا من قبل, ولكنها لم تعرف غضبا كهذا الذى يبدو لها الان, كان شخطه بالغ العنف, تكاد تشتمه فى الجو كما يشتم الحيوان القبائل المغيره, وشعرت بخوف عميق يائس.
سألها:
" اين برايان؟"
كان هذا اخر شئ توقعته, وحلقت فيه لحظه تحاول ان تجد الجواب لهذا. ثم قالت متلعثمه:
" بـ .... برايان؟"
قال:
" هيا. ى تتصنعى الغباء يا شارلوت, تلكمى"
انحدرت انظاره الملتهبه الى يديها. ثم صدت الى وجهها مره اخرى:
" وقال:
" انك لا تلبسين خاتم خطروبه"
وذهلت ههى لسرعه انتقاله الى محادثه عاديه تقريبا ولكنه, فى اللحظه التاله, عاد اليه غضبه مره اخرى, ليقذفها بكلماته بوحشيه:
" والان, اخبرينى.. اين هو خطيبك الغالى؟"
لقد كانت تعرف ما يريد ان يقول منذ سؤاله الاوله عن برايان, ولكنها تمنت ان تكون مخطئه, الى ان تفوه بكلمه خطيبك, لتنهار امالها فى ان بكون سبب غضبه شئ اخر, لا بد ان الانسه اميلى قد اخبرته بما دار بينهما من حديث هذا النهار, وتمنت لو انها تمكنت من اقناع برايان بان يدعها تشرح الامر لعمته بنفسها وقبل اخر الاسبوع, ولكن, اليست الحقيقه هى ان ذلك لن يشكل اى فرق؟ ذلك ان بول سيعلم بالامر حالاو لقد كانت دوما تعرف ان ما سيكتشفه لن يعجبه. ولكنها لم تتوقع منه مثلهذا.
قالت بضعف:
" انك تعلم اذا؟"
اجاب يقلدها ساخرا:
" انك تعلم اذا؟ هل هذا كل مافى امكانه قوله حقا؟ يا عزيزتى شارلوت؟
ولفظ اسمها بطريقه مهينه وهو يتابع:
" لقد خيبت املى, كنت اظن انك ستندفعين فى سرد محاسن ابن خالتى وفضائله. بينمت تتجسد فى شخصيى ان كل الرذائل. وكيف تعشقين الارض التى يسير عليها وانك لا تستطيعين الانتظار لكى تتزوجيه, ولاول مره منذ شاء سوء حظى ان اقابلك, ارى لسانك مربوطا هكذا فجأه لا يجد ما يقول... وهذا يؤكد شكوكى"
سالته مبلده الذهن:
" ايه شكوك؟"
ما الذى يمكن ان يكون أسوأ مما سبق واخذ به فكره عنها؟
اجابها متهكما بمراره:
" اليس هذا واضحا؟"
وانتفضت تشارلى وكان كلماته كانت تحرقها, وتابع هو," انك بطيئه الفهم, اليوم. حسنا, جربى نفسك فى هذا الان, هل تتذكرين ما سبق وتحدثنا فيه اس عن تكل المرأه الشابه التى قابلت عمتى وحديثها بقصه محزنه عن حاجتها الى العمل كيف...؟
قالت تشارلى بحده نافذه الصبر:
" نعم, نعم لقد تحدثنا عن كل ذلك"
فقال بابتسامه كريهه هى ابتسامه قاطع الطريق اما فريسته العاجزخ:
" لقد تحدثنا اذا, ولكن يبد الان ان ثمه فصلا اخر من هذه القصه وهى ان نفس تلك المرأه الشابه, وانا اتردد فاى ان ادعوها بالسيده, تلك المرأه الشابه, وانا اتردد فى ان ادعوها بالسيده, تلك المرأه لم تقتنعه بما تسلبه من تلك المراه العجوز من راتب ضخم لاجل وظيفه سخيفه, بل يبدو انها وجدت طريقه لمكاسب اكثر, فى وضعها هذا, مما حلمت بها فى البدايه. ربما فى البدايه, لم تكن تعلم مبلغ ثراء تلك السيده, ولكنها عندما عملتو ادركت ان افضل طريقه لو ضع يدها على مقدار اكبر من ذلك المال, هى الواج من احد ورثه تلك السيده"
لم تستطع تشارلى تصديق اذنيها, لا يمكن ابدا ان يعتقد حقا بانها بمثل هذا االحتيال.
قالت:
" هل قد اصبحت مضحكا تثير للسخريه"
قال بمراره:
" انا؟ هل انا كذلك حقا؟ هل تريدين الادعاء بانك مغرمه ببرايان؟ اخشى ان تكونى قدد تاخرت فى هذا"
قالت بذعر:
" كلا, كلا... اننى لااحبه. ولكن فهمك للامر هو خطأ.. اننى..."
قاطعها بول دون ان يدع لها مجالا للشرح:
" هل تريدين ان تنكرى انها مكيده اتفقتما , انت وهو, عليها؟"
حدقت هى فيه بتبلد وقد ذهنها عن التفكير بشكل واضح بسبب هجومه الحاقد هذا ليهاو انه يعرف الان الحقيقه ولكن, كيف عرفها؟ هل اخبره برايان بذلك؟ واذا كان هذا, فلماذا اذا يستجوبها؟
قالت:
" كلا, اعنى نعم... لقد خططنا للامر معا"
واختفى صوتها امام الغضب الاسود فى وجهه.
وتمتم:
" كان يجب ان اعرف هذا من قبل, لان الفائده من مثل هذه المكيده واضحه جدا"
لم تفهم تشارلى ما يعنيه . يبدو ان بول لا يعرف الحقيقه تمام. وسألته:
" الفائده؟ اسمع. اننى لا ادرى لمذا كل هذا الغضب والاهتمام. اذا كنت قد علمت انها لم تكن خطبه حقيقيه, اذا..."
جفت الكامت فى حلقها مره اخرى, انه لم يعلم ان الخطبخ لم تكن الحقيقه. اذا انها لم تظن ان بول سيزيد غضبه. ولكن وجهه الان قد زاد توتر ملامحه. وفجأه شعرت بالبروده وكان الدم قد استحال فى عروقها ثلجا.
وقال من بين اسنانه:
" ام تكن خطبه حقيقيه؟ يتها الحقيره. انك اسوأ مما ظننت"
قلت:
" لا تنعتنى بصفات لا استحقها... لقد كان ذلك لغرض مفيد جدا"
قال بسخريه كحد السكين:
" اه, اننى متاكده من هذا, لمن فائده هذا الغرض يا ترى؟ ابن الخاله برايان. وانت طبعا. انكما لن تدعيا ان ذلك كان لمصلحه العمه اميلى"
قالت:
" طبعا كان ذلك لمصلحتها, لقد اردنا اسعادها"
" اسعادها؟"
وانفجر بول بضحكه خشنه ساخره وهو يتابع:
" ان عندك فكره غريبه جدا عما يمكن ان يوصف بالغرض المفيد جدا . كيف تقولين انك اردت ان تسعديها بينما تخدعينها متعمده.. بينما تكذبين عليها....على امرأه مريضه ميؤوس منها؟
قالت:
"كان هذا فقط لاننها ظننا ان هذا سيسرها. لقد كانت تواقه لان ترى احدكما متزوجا قبل ان تموت. وقد وافقت انا على ذلك لانها كانت مريضه جدا. وعندما انظر الان الى تلك الفكره. ربما لااراها حسنه. ولكن, فى ذلك الحين. لم نكن نعلم انها ستتحسن. لقد اردت ان اجعل ايامها القليله الاخيره كأسعد ما يمكن"
ردد بول كلمها مهكما:
" اردت ان اجعل ايامها الاخيره كأسعد ما يمكن. يبدو عليك الاخلاص حقا.ولو ام اكن اعرفك جيدا لاوشكت ان اصدقك ولكن هذا لا يبدو حقيقيا. يا حبيبتى , عندما اعلك بالضبط كم ستربحين من هذه اللعبه الصغيره الرقيقه... من هذه المحاوله لجعل عمتى سعيده اخبرينى اذا. ما هى الفائده التى قدمها لك برايان... كم بالمئه سيرث بعد ان تموت عمتى؟"
ها هى ذى ومره اخرى , تلك اللكمه" الفائده"
اجابت:
" اننى ادرى ما الذى تتتكلم عنه"
مره اخرى. انفجرت ضحكه الساخره تبدد سكون الغرفه, ليقول:
" كلا بالطيع, هل تحاولين حقا ان تخبرينى انك لا تعرفين؟ وان برايان لم يخبرك ان العمه اميلى وعدت بان تترك المنزل النهارى لمن يتزج اولا؟ ولم يستطع؟ برايان ان يتدبر امر عروس يحضرها ال جانب سرير عمته, ليتأكد من وراثته للمنزل, ولنه حصل على افضل ما يستطيعه , وهو خطيبه حاضره"
قالت:
" اننى لا اصدقك"
لا يمكن ان يكون هذا صحيحا, لا يمكن ان ستعملها برايان بهذا الشكل. ولكن, الم تكن الانسه اميلى تردد على الدوام, انها حلمت مره ان المنزل النهارى قد عاد منزلا لاسره. مره اخرى, يركض فى انحائه الاطفال كما كانوا يفعلون عندما كانت هى فتاه صغيره؟
قالت:
" انك تكذب, ما الذى سيفعه برايان بالمنزل النهرى؟ لن له بيته الخاص فى نورويش. وهو كذلك لا يحب منطقه يوركشاير فهو, بالتأكيد لا يحب ان يسكن هنا"
قال بخشونه:
" تمام, ولكنه يعرف مجموعه تدير فنادق ريفيه صغيره خاصه, وهم دوما يبحثون عن تجاريه . لا تخبرينى بانك لم تسمعى بمجموعه التنقيب"
قالت:
" اوه..."
مجموعه التنقيب.. تلك الاتصالات الهاتفيه لبرايان.. رده الفعل الغريبه التى ازعجتها منذ حين.. وشعرت تشارلى بوجهها يشحب. لا شك ان قلب مخدومتها سينكسر عندما تعلم ان المنزل الذى عاشت فيه اسرتها اكثر من مئه وخمسين سن, قد بيع ليتحول الى فندق.
قالت:
" كلا.. لا يمكننى ان اقول ذلك"
وادركت, متأخره, ان شحوبها, ومظاهر الصدمه عليها, من الممكن ان يفسر بطريقه اخرى, وبالنسبه الى شخص متحيز ضدها مثل بول, قد يبدو ذلك شعورا غير ارادى بالذنب. او ادركها ان امرها قد نكشف, ولنه يعرف اكثر مما تظن, وجاءت ابتسامه بول البطييئه الظافره لتؤكد مخاوفها.
وسألته:
" هل تظن حقا اننى يمكن ان افعل ذلك لاجل المال؟"
هز كتفيه قائلا:
" فى الواقع, لقد تساءلت امس عما اذا كنت انا قد ظلمتك بظنونى. فقد بدوت حقا مهتمه يعمتى اميلى. ويدوت حقا غاضبا لدى ظنى بأنك تستغلنيها. ولكن, هذا الصباح, عندما ادركت مؤمراتك مع برايان لتخدعى امرأه تموت, فقط لكى يرث هو المنزل النهرى..."
فجأه, اشرقت الحقيقه فى ذهن تشارلى, لقد فضحت بول لهجته, ان شئ الذى همه حقا, هو ظنخ بان برايان قد ييرث المنزل النهرى بينما هو يريده لنفسه. ولك يكن هذا لاجل الانسه اميلى او سعادتها ابدا, ولكن ابنى الخاله الطماعين يتقاتلا على الميراث كما تتقاتل الكلاب على عظمه.. وهذا كله اثناء حياه عمتهما. وشعرت بالغثيان وبالمراره فى حلقها.
وقذفت بوجه بول هذه الكلمات وعيناها العسليتان تقدحان شرارا:
" انتما الاثنان. شخصان منافقان. اننى مشمئزه منكما"
رد عليها قائلا:
"انه شعور متبادل"
فثار غضبها حتى اعماها عن التعقل, فرفعت يدها تهوى بها عل وجنته.
صرخ بعا:
" لمذا؟ انك..."
وقبض على معصمها, بقبضه القويه المؤلمه. يجرها نحوه. وحاولت هى التملص منه بهياج بالغ, ولكن جهادها كان عبثا ازاء قوته البالغه.
قال ينذرها:
" هيا اهداى , ايتها السيده"
ولكنها لم تبالى به. ورفسته على كاحليه بعنفو وشعرت بشئ من الارتياح عندما سمعت يتأوه من االم.
قالت:
" اتركنى او اصرخ ليسمعنى الجيران جميعا"
قال باختصار:
" اذا صرخت, فسأسكتك حاا"
قالت:
" كيف؟"
ومات السؤال على شفتيها وهى تقرأ الجواب على وجهه.
لم تستطع تشارلى قط ان تفسر ما الذى اعتمل فى نفسها عند ذلك, لقد ختفت بها كل ذره منطق تملكها. وكل ما يتعلق بصيانه الذات. ان تبقى صامته فلا تستثيره. ولكنها اصرت على تجاهل هذا التحذير, فمالت برأسها الى الخلف فتحت فاها لتجد راحه بول تسده بينما جذبها الى احضانه باليد الاخرى.
لم يكن اها ان تلوم سوى نفسها. فقد توقعت شيئا كهذا. وتصلب جسدها. فى محاوله للمقاومه مالبثت ان انهارت وقد سرت فيها الرغبه كما سرت الحراره فى اياها بين ذراعيه بينما رفعت هى ذراعيها الان تحيطان بعنقه وهى تهمس:
" بول"
وكأن صدى صوتها كان ماء بارد سكب فوقه فأعاده الى واعه. مشتتا الغربه الى شملتهما معا, فانتزع نفسه منها مبتعدا, بينمت صرخت هى بيأس وهى تتراجع الى اخر الغرفه. صرخ فى وجهها:
" تبا لك, ماذا فعلت بى؟ط
ردت عليه هى:
" ماذا؟ هل... انا...؟"
ولم تعرف ماذا تقول. فقد كان عقلها مضطرربا بالخيبه والان شاره بنفسها تتمز اشلاء.
ولكنها لم تبال قال لها وقد تمالك نفسه نوعا ما:
" ما هذا يا شارلوت؟ هل وصل بكل الامر الى هذا الحد؟"
كانت لهجته الشرسه تكشف عن مدى الجهد الذى يبذله ليضبط لنفعاله.
ما ان اخذت تشارلى تحدق فيه مبلده لا تفهم شيئاوو غير قادره على ان تسأله كما يعنيه بقوله هذا. حتى دس اصابعه فى شعره المشعث وقد بدا عليه الاشمئزز وهو يقول:
" الا يكفيك اين خاله واحد؟ ام انك من اللهفه الى اموال العمه اميلى بحيث لا يهمك ايا من ورثتها ستخرجين معه؟"
شعرت تشارى وكان كل المشاعر المره التى انتابتها منذ دخل هذا الرجل حياتها. قد كونت كله فى حلقها لم تكد معها تستطيع الكلام, واخيرا, استطاعت ان تقول:
" اننى ى اقبل ان اخرج معك ولو كنت اخر رجل على وجه الارض"
قال:
" هذا, مره اخرى, شعور متبادل. والان, اخبرينى, كم ترتدين لكى تتركى العمه الاميلى؟"
ونظرت اليه تحاول ان تفهم ما يعنيه. ثم ما لبث الادراك ان اشرق فى ذهنها. انه يعتقد ان فى امكانها شراءها. وقالت متصنعه قسوه لا تشعر بها حقيقه:
" ليس فى امكانك ان ترضينى. حتى ولو امكنك ذلك, فاننى لن امس قرشا من اموالك"
وتلاشت ابتسامه بول. وامتزج فى عنيه التهديد والانتصار البارد وهو يقول:
" اذا , على ان اجد طريقه اخرى للتخلص منك لاننى, صدقينى يا شارلوت العزيزه..."
وبدا السم فى لهجته وهو يستبدل جمله عمته هذه الرقيقه بتعبير الكراهيه وهو يتاعب:
" اريدك ان تخرجى من حياه عمتى ولا يهمنى ما افعل فى سبيل تحقيق ذلك"