وهو يقول:
" اريد ان اقوم ببعض الاشياء اثناء وجودى هنا. اولا, حشائش الححديقه فى حاجه الى قص. هل اله قص الحشائش مازالت فى مكانها فى الحديقه؟"
اجابت:
"نعم. وهذا هو المفتاح"
وتناولته تشارلى من حيث كان معلقا بجانب الباب الخلفى, ثم القت به الى بول الذى تلقاه بيد واحده. وعندما ترط المبطخ متوجها الى الحديقه, فكرت هى فى قوله( هل اله قص الحشائش ما زالت فى مكانها فى الحديق) ان هذا يعنى انه يعرف المنزل النهرى. لقد تحدثت الانسه اميلى عن انجازاته فى السنوات العشر الاخيره. منذ ترك الجامعه وابتأ يعمل فى الصحافه, ولكنها لم تتحدث عنه قبل ذلك. وفى تلك الاثناء. كان يعيش فى لندن وفى بيدها. وخرجت من المنزل الى حديقه الخلفيه حيث كان بول وقد ابتدأ بقطع الحشائش.
قالت له بصوت طغى على صوت الاله:
" ما الذى عنيته حين قلت ولو لم يكن متوقعا؟"
وبدا انه سمع صوتها دون كلماتهاو فاوووقف الاله وهو يقول عابسا:
" هل قلت شيئا؟"
اجابت:
" نعم. اريد ان اعرف ما الذى عنيته بكلامك انه لم يكن متوقعا ان اكون مخلصه للاسه اميلى؟"
قال:
" اه.."
ووضع بول اصابعه القويه السمراء على الاله وقد بان عليه التفكير لحظه. وتألقت خصل شعره البنيه المائله للحمره فى اشعه الشمس فبدت بلون النحاس مما منحها نظهرا جذابا. وغضبت تشارلى من نفسها اذ وجدت افكارها تدور حول هذه النقطه, ثم ارغمت نفسها على اعاده انتباهها الى المسأله التى جاءت لاجلها.
وقالت بنبره متجهمه:
" اذا ؟"
وما لبثت ان ندمت على لهجتها هذه عندما رفع رأسه ليحدق فى عينيها نتوغلا فى اعماقها. وهو يقول ببرو:
" كيف يبدوو ذلك لك؟ تصورى انها عمتك انت. وانك كنت بعيده مسافه الوف الاميال. ثم اذا بك تسمعين ان امره شابه لا تعرفينها قد شقت طريقها الى حياتها. طالبه عملا. ثم..."
قاطعته بصوت مرتفع ثاقب لشده الغضب:
" اننى لم اشق طريقى كما اننى لم اطلب منها عملا. ان الانسه..."
قاطعها قائلا ببرود:
" ربما لم تطلبى بصراحه. ولكنك افمهتها انك فى حاجه الى عمل"
قالت:
" اننى..."
ولم تجد ما تقوله. فقد كان كلامه صحيحا اذ انها اخبرت الانسه اميلى انها فقدت وظيفتها وتحبث عن وظيفه اخرى. حتى انها اخبرتها بشده لهفتها لذلك اذ ان والديها ليس فى امكانهما اعالتها. ولكنه كان يعنى انها كانت تلمح بطلب زظيفه. وفى الحقيقه. كان يقول لانها لا بد اخذت تفتش عن السيده العجوز لهذا السبب.
قالت:
" اتريد ان تقول اننى تملقت النسه اميلى لكى توظفنى؟"
اجاب:
" لا اقول بالضبط انك تملقتها. ولكنها سيده عجوز بالغه الثراء. وهى لم تطلب مرافقه فى حياتها قط من قبل.... كما انها لم تعرفك قبلا..."
قاطعته تشارلى وقد فقدت تمالكها لاعصابها تماما الان:
" هذا يكفى. ربما لم اكن انا اسكن فى بارفورد منذ مده طويله. ولكن ولدى عاشا هنا ما يقرب السنتين. امك جعلتنى ابدو بمظهر امرأه طماعه رأت الفرصه سانحه فاسرعت تنتهزها. وتبتزها لاهدافها الخاصه."
قال بخشونه وقد بدت القسوه والبروده فى عينيه:
" هذا يبدو جليا"
قالت:
" كلا. ليس الامر بهذا الشكل. لقد طلبت منى الانسه اميلى العمل عندها منذ اول لقاء. انها هى التى اصرت على هذا. وفى الحقيقه. لم البها انا..."
قاطعها بحقد:
" وكانت النتيجه انها شكت فى قيمه المبلغ التى عرضته عليك"
لم تستطع هى ان اتنكر ذلك. فقالت:
" نعم. حسنا... ولكن, فى النهايه, لم يكن المال هو المهم. لقد ادركت انها كانت حقا تريدنى ان اعمل لديه.. وانها كانت تريد احدا, كمرافق لها"
قال:
" غريب ان تطلب الان شيئا يبق ورفضته من قبل"
قالت:
" ربما اتعبتها الوحده , والامال, وهجر ابن بنت اخيها. المفضل عندها, لها! ما الذى كنته تعنيه؟"
قال وقد استحال هدوؤه الى ثوره عنيفه:
" اننى لا اعنى شيئا"
وصرت هى بأسنانها وقد شعرت بالنار تحرقها وهو يتابع قائلا:
" الموضوع الظاهر هو هكذا. سيده عجوز, بالغه الغنى"
وشدد على هذه الجمله الاخيره.
" نقابل فتاه لا تعرفها تبحث عن حظها. وتخبرها هذه بقصه محزنه عن فقدانها لوظيفتها وعن والديها اللذين ليس فى امكانهما اعالتها....."
جفلت تشارلى وهى تسمع كلماته تعكس بشكل غريب افكارها الخاصه منذ لحظات قليله. وشتمت فى نفسها رده فعلها الغريزيه هذه عندما رأت عينيه الرماديتين تضيقان, لتعلم انه اساء تفسير سلوكها بنه تعبير عن الشعور بالذنب.
وعاد يقول بسخري لاذعه:
" وهذا لمراه الشابه تجد عملا صوريا تتقاضى لقاءه مرتبا فاحشا.. انه عمل لا يتعدى كتابع عده رسائل. ومسح غبار عن التحف... حتى فى اثناء وجود العمه اميلى فى المنزل"
قالت:
" هذا غير صحيح. ان عقلا ممسوسا مثل عقلك هو فقد يحول وعا بريئا الى تمثيليه رديئه مثل هذه! ليس لك الحق فى اتهامى..."
وخطر لها فجأه, خاطر لها فجأه, خاطر شحب له وجهها واتسعت له عيناها بتأثير الصده. وقالت:
" لقد تساءلت لماذا لا افتش عن الحقائق, قبل الادانه, وهذا بالضبط ما تفلعه انت, اليس كذلك. انك تظن حقا اننى استغل الانسه اميلىو..."
انحدرت الامور الى اسوأ عندما انفجر البركان الذى كان يعتمل فى داخلها. بوحشيه, بعدما ادركت كل شئ, وقالت:
" وهذا هو السبب, اذا, فى مكوثك معنا فى البيت؟ انك تتفحص امورنا جميعا. بما فى ذلك والدى؟"
ولك يتكبد هو عناء انكار ذلك, وبقى يراقبها بتلك الملامح البليده المتحجره مما زاد فى ثورتها. قالت بعنف:
" هل تتجسس علينا جميعا؟ حتى انك عرفت بكل مشكلاتنا الماديه. بما فيها استبدال الاسلاك... انك تنتهك حرمتنا...."
لقد كان , اذا, يتخذ معوماته هذه كشواهد ضدهم. فر عليها قائلا بصرامه لا رحمه فيها:
" لقد اخبرتك انت عمتى بهذا"
قالت:
" ولعلك ظننت اننى كنت احاول بهذا اقناعها باعطائها ما نحتاجه للتصليحات فى منزلنا, لديك الجرأه بان تتهمنا باى شئ بينما انت لست سوى منافق انانى, على الاقل كنت انا موجوده عندما اصابت نوبه المرض عمتك..."
واصابت بذلك نفطه حساسه, اذ شحب وجهه وتوترت ملامحه من الغضب وهو يقول بعنف:
" لقد سبق واوضحت هذا"
ردت عليه:
" كلا. انك لم تفعل"
كانت قد نبذت كل جهد لضبط نفسها الان وهى تتابع قائله:
" لم تقل الحقيقه كامله عن عدم وصول الرسائل وكنت انا من الحماقه بحيث صدقت ذلك. حتى اننى اعتذرت اليك"
اهتز وجهها شمئزازا من نفسها لوقوعها فى الشرك بينما كل قصده كان كسب ثقتها املا فى ان يجعلها تكتشف عما فى نفسها بسرعه.
قالت:
" ليس لك الحق فى اتهامى بشئ. انك شخص يأتى ل هنا ويترك المكان فقد فى الوقت الذى يناسبهو ليحصل على ما يستطيع"
وتذكرت نظره المال المتسلط الى المبطخ منذ فتره وكمته المتغطرسه وهو يقول:
" اننى المسؤول هنا"
وذلك فى اول يوم قابلته فيه, وجعلتها هذه الذكرى ترى الاشياء امامها بلوم الدم. لقد قال برايان مره ان ابن خالته هو وحش. ولكنها لم تتوقع ان يكون بهذا السوء.
وعادت تقول:
" على كل حال, كما سبق وقلت, الانسه ماكنزى هى امرأه غنيه جدا وبما ان قريبها الوحيد الحى هو حفيد اخيها, فيجب ان يتصرف بشكل يؤهله للاستفاده من وصيتها"
عندما توقفت عن الكلام لتلتقط انفاسها. قال مصححا كلامها:
" حفيد اخيها, لا تنسى ابن الخاله العزيز برايان"
وقالت:
" ان برايان على الاقل يستحق لن يرث قسما, او كل املاك الانسه ماكنزى لانه ابدى نحوها بعض العواطف"
فقال:
"ارى ان ليس لك الجرأه فى ان تسمى ما ابداه نحوها برايان, حبا, ان برايان ليس منزها..."
قالت:
" انه يتصرف بشكل افضل مما تفعل انت"
وضحكت بازدراء عميق وهى تتابع قائله:
" يمكننى ان اتصور شعوره بعد ثلاثه اشهر من العنايه والاهتمام بعمته, ليسمع فى النهايه ان تقدم صحتها مؤخرا وهو بسبب وصولك . ان هذا لابد ان يضايقه حقا"
قال:
" ان هذا ليس اسوأ مما يفعل فى نفسى صدى وقع اسمى من بين شفتيك واسترسالك فى سرد فضائله"
قالت ساخره:
" ربما هو ضميرك يزعجك. مع اننى اشك فى ان عندك ضمير! لا يمكن هذا. والا لما امكنك ان تعيش فى بيتنا, وتأكل من الطعام الذى تطبخه امى, وتنام فى السري...."
كان عليها هنا ان تسكت وفد طغى عليها الاشمئزاز اذ تذكرت كيف انه هذا الصباح.كان يتجاذب مع امها اطراف الحديث. فيضحكها بنوادره. ويسرها باطرائه, بينما هو, طيله الوقت. يخفى فى نفسه تلك الشكوك الرهيبه. ان التكفير فى ان يعتقد احد ان والديها اللطيفين غير العمليين, واللذين ينقصهما الحزم, قى مقدورهما ان يخدعا سيده مسنه ليستغلاها ماديا, هذا التفكير كان مخيفا بعيدا عن التصديق, ولكن والديها قد اشتركا فى هذه القضيه لانها كانت تعيش بينهما فقط. فقط كانت هى الشخصيه الرئيسيه المشكوك فيها. الشخصيه التى يظن هو حقا انها مذنبه. وسرعان ما عادت اليها مخاوفها السابقه عن احتمال نوع رد الفعل عند بول عندما يعلمم بخطبتها لابن خالته, يجب ان تتحدث الى برايان فى اسرع وقت ممكن غدا, والقت نظره عليه مليئه بالكراهيه وهى تقول:
" انك احمق وبغيض وانا اكرهك"
هز بول كتفيه دون اكتراث قائلا:
"اننى , شخصيا, لا اهتم مثقال ذره بنوع شعورك نحوى.. ورأيى الخاص فيك ليس بالحسن, والان لو سمحت, فانا عندى ما اعمله..."
كان على وشك ان يشغل الاله مره اخرى, عندما قالت تشارلى:
" بقى شئ واحد, بعد كل هذا, لا يمكن ابدا ان تفكر بالبقاء فى بيتنا. عليك ان تفكر فى مكان اخر"
تلاقت انظاره بانظارها, رماديه متألقه كالثلج فى شكله وبرودته ايضا واقشعر جسدها. وكأن نظرته هذه قد سحبت كل الذفء من اشعه الشمس.
قال ساخرا:
" ولماذا على ان ارحل؟ اننى مرتاح حيث انا, لقد كانت عمتى على حق, فالطعام لذيذ.. انه يستجق ما يدفع فيه من نقود. فانا اطون احمق لو تركت المكان"
قالت:
" ولكنك ى تستطيع..."
قاطعها فى تلك اللهجه الدقيقه المحكمه التى تكرهها:
" يا انسه هارينغتون . اننى استطيع ان افعل ما يسرنى... وليس ثمه طريقه تمنعيننى بها من ذلك. ولهذا انصحك بان لا تحاولى هذا. والا فانك تضيعين وقتك"