أصابعهما ويحملان أحذيتهما في يديهما , وأغلق الباب خلفهما بحذر مبالغ فيه, ثم انطلقا في الممر الموحل الي الشاطئ بأسرع ما يستطيعان.
وبالطبع كان تفكير جوانا الجالسة وسط بحر من المخمل الأزرق الداكن بعيد جدا عن أولاد أخيها, وكانت ايزابيل والتي عبرت عن دهشتها عندما عرفت بتبرع جوانا لخياطة ستائر عزبة الريح, تنوي زيارتها لتستشيرها ببعض أمور الحفلة, وخلال ذلك الوقت ستمرر, وبالتأكيد, بعض الأوامر لها والمهمات الأخري.
ووصلت ايزابيل بفكرة حماسية جديدة, إضافة الي الخطابات, فلقد تبادر الي ذهنها بما أن القاعة كبيرة وأثاثها خفيف, فلماذا لا تملأها بأغصان الصنوبر؟ الأشجار في المزرعة يجب أن تقطع في فترة الميلاد علي كل الأحوال, ف البريغادير معتاد علي إعطاء كل عائلة من موظفيه شجرة ,فلماذا لا تقطعها باكرا قبل عشرة أيام وتزين القاعة بها وتزينها بالألوان والأضواء.
"ألن يكون هذا جميلا؟"
"وكم عددها؟" سألتها جوانا
"دزينة تقريبا فالقاعة كبيرة كفاية"
"دون شك, كم تتوقعين حجم الأشجار؟"
"أوه, حجم لا بأس به, بارتفاع عشرة الي اثني عشر قدما علي الأقل"
"يا الهي, وأين ستضعينها؟"
"أوه, في أوعية زهور, ستجدين لها شيئا, أتعلمين...هذا المخمل رائع, كم ثمنه؟"
"لست أدري , لم أدفع أنا, حتي أنني لم ألاحظ"
"انه جميل, كذلك البطانة...قماش ناعم, ولونها رائع...الرجل له ذوق جميل, أم عاونته علي الانتقاء؟"
"لا, فهذه ستائره وعليه أن يعيش معها ولا علاقة لي بها"
فردت ايزابيل بدهشة" آه لا حاجة لأن تأكلي رأسي, فهذه من الأشياء التي لا أتصور أن يفعلها الرجال, هذا كل شيء"
ردت جوانا من بين أسنانها" انه حر"
"هو كذلك بالفعل, هل تظنين أنه سيبقي في العزبة؟ انه لا يبدو وكأنه يرغب أن يكون من السكان, اذا كنت تفهمين ما أعنيه"
"ألم يعرض المشاركة بالكورس"
فضحكت ايزابيل" لست أدري ما هو حقه في أن يكون متكبرا هكذا, مع ذلك, أراهن أنه سيرتدي ثياب التنكر, فالجميع سيفعل حتي المسكين جاك"
"يا الهي, وماذا سيرتدي؟"
"أوه...لا شيء مريع, فلن يتحمله, سيرتدي ثياب صيد زهرية قديمة"
"هل يعرف بهذا؟"
"ليس تماما, ولكنني سأخبره في الوقت المناسب"
"ألم تبيعي شيئا من التذاكر بعد؟"
"لقد فعلت, مدير المصرف الذي يتعامل جاك معه طلب عدة بطاقات, واضطررت الي كتابتها باليد, فلماذا لا تطبعي بعضا منها, وافتحي حسابا في الدفتر معها, أنت تعرفين ما تفعلين"
"ولكن لا أظن أن لدي الوقت"
"أنت دائما تجدين الوقت لما تريدين فعله" ونظرت ايزابيل شذرا الي الستائر المخملية
فأجابت جوانا" حسنا ايزابيل, سأطبع لك الدعوات بكل سرور, ولكن عليك أن تجدي من يبيعها لك وستحتاجين الي ملصقات"
"لقد فكرت بهذا, أفريل ستجعل الأولاد يرسمون شيئا, ثم نختار ما يناسب, أما بالنسبة للبيع فقد أعطيت رقم الهاتف وأخشي أن يضطر كل من يتواجد بالمكتب الي التعامل مع البيع, ولم أدرك أنك قد لا ترغبين بهذا"
"الأمر ليس هكذا, كنت آمل أن أنهي بعض أعمال المكتب خلال تنفيذك هذا المشروع, ولكنني أري أنني لن أستطيع إنهائها"
"لن يمانع جاك, لقد قلت له أن الأمر لن يستمر أكثر من فترة الميلاد, علي كل الأحوال ستكون راحة لك أن تقومي بأشياء غير تلك الحسابات والأعمال المكتبية طوال اليوم"
"ولكنني لا أعمل في الحسابات طوال اليوم"
"اذن تقومين بدفع الفواتير وقراءة الإعلانات, علي الأقل أفكاري أكثر حيوية"
وسمعتا دقا عنيفا علي الباب فسارعت جوانا لتفتح وتجد برايان يرفع يده علي وشك أن يدق الباب ثانية وبعنف, فجفلت وقالت" نعم؟"
"أنت أكثر امرأة مهملة وغبية التقيتها في حياتي"
"أنا...أنا آسفة؟"
"الأفضل أن تكوني آسفة, وستكوني أكثر أسفا لو حدث هذا مرة أخري"
" حدث ماذا؟"
"أن تتركي هذان الولدان يخرجان وحدهما"
ووقف خلفه جسدان مرتجفان قلقان وكأنهما يقفان علي قمة القطب الشمالي, وكاد قلب جوانا يخرج من مكانه لهما, وركعت علي ركبتيها وأخذتهما بين ذراعيها بينما وقف برايان يراقبها بمرارة.
وفتحت فمها لترد عليه فلاحظت أن مونيكا علي وشك البكاء فوقفت وقالت بغيظ" لم أكن أعرف, وأعتذر اذا كانا قد اقتحما منزلك ثانية"
"اقتحما! هكذا بالفعل, ولكن السلالم الحجرية التي تقود الي البحر, كان يمكن أن يقعا بسهولة ولا يدري بهما أحد"
فشحب وجه جوانا وقال بوب بصوت رفيع متحديا" كان يمكن لأحد أن يعرف, بيت وستان مردوك يعرفان أين نحن, ولا يمكن لنا جميعا أن نقع ونموت"
قال برايان بلهجة معتدلة" ربما...ولكن أكان يمكن لهما أن يجراك من حفرة ما لو وقعت بها؟"
فكر بوب بالأمر وأصابعه تتلوي في يد جوانا" لا...."
فابتسم برايان" جيد, تذكر هذا اذن, ولا تفعل ما فعلت ثانية"
وللحظات حدق ب جوانا دون تعبير علي وجهه, وكان يضع نظاراته السوداء وكان وجهه المقنع بعيدا ومتحفظا, ومات ما كانت ستعتذر به علي شفتيها, وكأنه الديان الذي يلوح في الكوابيس, نظر اليها ببرود واتهام, وأحس الطفلان بادانته لها فاحتضناها
وقال ل جوانا" ولا تفعلي هذا مرة ثانية, أو سأضطر لفعل شيء حول الأمر"
فرفعت رأسها لتهديده, ولكنها لم تقل شيئا, وخرجت ايزابيل من الغرفة غير قادرة علي كبح فضولها أطول, ووقفت خلف جوانا ثم تقدمت محاولة التخفيف من توتر الوضع "هل خالف بوب ومونيكا أوامرك يا جوانا؟"
"لا, لا بالمرة"
تنفس برايان بغضب" وأعتقد أنك ستتركينهما وشأنهما وكأن شيئا لم يكن؟"
فردت عليه بهدوء رهيب وهي ترتجف من الغضب "هذا شأني أنا"
" هذا مجرد اختلاف في الآراء"
وحاولت ايزابيل ثانية أن تنجدها" لا أظن حقا سيد تورنبول أن بامكانك قول هذا, ف جوانا مسئولة عن الولدين علي كل الأحوال"
"هي فعلا كذلك"
وتابعت المسكينة ايزابيل تقول دون أن تعرف الحقيقة" واذا كانا قد أتلفا ممتلكاتك فيمكن أن يعتذرا, ولا يمكن أن تلوم جوانا, فليس من السهل علي امرأة أن تربي ولدين بهذا السن"
فأدار نظارته السوداء اليها وأجاب بأدب" لا؟ ربما اذن هما بحاجة الي أب يعتني بهما"
واستدار علي عقبيه ..... وذهب.