لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-07-11, 05:08 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

أثناء تناولها الأفطار أمتد رأس كلب من خلال ساتر الأزهار المجاور , نظر اليها الحيوان , ثم دنا كي يتفحص وجهها الغريب , لم تشعر بأي خوف أذ كان بيت ساندل يعج بالكلاب , فقالت:
" مرحبا , أرجو أن تكون أكثر ودا من بقية الحاشية".
جلس كلب الصيد الألزاسي على مقدمتيه وتشمم نعليها التوريرو وأسند رأسه ورقبته ذات الطوق والميدالية عند قدميها , فقالت مداعبة : " ما أسمك ". وأنحنت الى الأمام وألقت نظرة على الميدالية التي تحمل أسمه ثم قالت : " كارلوس , تعال نتمشى معا".
وسمع الكلب ذلك , ولكنه هز المائدة وتطلع الى بقايا الطعام في الصحون فقالت:
" أعتدت على الرشوة , أليس كذلك؟".
نظر الكلب اليها راضيا بعد أن ألتهم قطعة فطير بالعسل, وبعد ذلك قادها خلال مسلك مقنطر الى الجزء الرئيسي من أرض القلعة , وكانت هناك درجات سفلي من الحجر , تزينها على الجانبين تماثيل وأصص , وأشجار اللبلاب تتدلى فوق التماثيل بظلها الأخضر , وفي أسفلها يمتد ممشى مائي يزخر بأشجار وأزهار تنعكس عليها أشعة الشمس.
هذه الحديقة الشاسعة الرائعة لأجل رجل واحد فقط.... أنها مكان يمكن للصغار أن يمرحوا فيه وأن يتسلقوا أشجار المنغوليا .
وتبعت الكلب الذي مشى في ممر أشجاره ذات أوراق مخملية غريبة , وكان في آخر الممر مستنبت زجاجي على مدخله مصباح معلق في سلسلة , وخطت أيفين خطوة الى الداخل ورأت أغصان نخيل مدلاة ورقعة ظليلة بها أثاث من الأغصان المجدولة , وبركة بحرية صغيرة يلهو بها سمك ذهبي , وكانت الأعشاب السحلية المعمرة وأشجار اللوتس تفوح برائحة مخدرة , وأشعة الشمس تتسلل من خلال قبعة المستنبت الزجاجي.
أدخل الكلب كارلوس أنفه في بركة السمك , ثم تمدد عند حافتها فوق بلاطها الملون , وتأملت أيفين ما حولها بسرور , ومدت يدها الى رؤوس الأزهار الأستوائية الملونة وأنحنت لتفتح أحداها , ترى هل يأتي دون خوان الى هنا لتدخين سيكار من ورق هذه الأزهار التي تتفتح ليلا , وهل يرافقه الكلب ويقبع عند قدميه ؟ في وسع أيفين أن تتخيله , وهو غائب وسط دخان سيكاره وفي هذا المكان الغامض , ووهج سيكاره ينعكس على وجهه النحيل.
جلست في مقعد من الأغصان المجدولة , وأدار الكلب رأسه كي ينظر اليها : " يا لك من حمل في جلد ذئب , أليس كذلك يا كارلوس؟".ثم ربتت بيدها على ظهر الكلب وراحت تفكر , ترى الى متى يتوقع دون خوان أن تمكث في القلعة ؟ وماذا يحدث لو أن أيدا ساندل سالمة لم تغرق وتريدها؟
تنشقت أيفين رائحة الزهور المثيرة التي تجمعت مزهرة من حولها وشعرت بالسكينة والراحة لأنها لا تعمل الآن عند أمرأة مثل أيدا ساندل كثيرة المتطلبات , الآن يمكنها أن تبتعد عن الهموم ..... ولكن لا يمكنها أن تتوقف عن التفكير فيما يكمن وراء دعوة الماركيز , أنه يتّسم بالبرودة والروح العملية , وهذا لا يجعله متعاطفا مع فتاة أنكليزية شرّدها البحر , لماذا سلها بسخرية : " تظنين أنك أثرت مشاهري؟".
عضت أيفين شفتيها , وأقبل الكلب وأراح رأسه على حجرها كأنما شعر بقلقها , فدفنت أصابعها في رقبته وقالت :
" كارلوس , ليتك تستطيع التحدث وتخبرني بحقيقة سيدك , أنه يخيفني قليلا , فهو ليس كأحد ممن ألتقيت بهم من قبل , أن عائلة ساندل تظن نفسها أرستقراطية , ولكن المركيز نبيل حقا , ولا أدري ماذا يريد مني".
مضى الصباح , وعادت الى باحة القلعة لتتناول الغداء وحدها , وبعد كان كل شيء هادئا , وفهمت من آلما أن المركيز سيغيب بقية النهار .
" أنصح الآنسة أن تنام القيلولة , وألا فستجد النهار طويلا , أن دون خوان سيتعشى بلا شك مع صديقه السيد فونسكا وأبنته الجليلة دونا راكيل في دارهما بالبلدة , ثم يذهبون الى المسرح , وسيكون الوقت متأخرا حين يعود الى القلعة".
قالت أيفين بشيء من الفضول :
" أن دونا راكيل أسم جميل".
وألقت مدبرة المنزل نظرة على قوام أيفين وقالت :
" يمكنني أن أؤكد لك يا آنسة أن دونا راكيل آية من الجمال الأسباني , وأذا تزوج دون خوان فلن يختار عروسا أفضل منها , الأسباني النبيل عليه أن يتزوج فتاة كريمة الأصل , وقد تعلم درسا من الزواج الكارثة الذي مني به والده عندما تزوج بواحدة ليست من مستواه".
ألتقطت أيفين أنفاسها وكانت تريد أن تطرح مزيدا من الأسئلة , ولكن آلما تركتها تفكر مليا في كلماتها الأليمة.
في ساعة متأخرة من الليل بينما هي مستلقية في الفراش سمعت عودة سيارته وهي تزمر كي يفتح الحارس البوابة , وتصورت سيارة الليموزين تعبر البوابة , وراكبها في المقعد الخلفي وعلى شفتيه نصف أبتسامة أثناء تفكيره في دونا راكيل.
هناك الكثير الذي ينبغي معرفته عن سيد القلعة , ولهذا تأمل أيفين أن تمتد أقامتها حتى تتبين أي رجل يخفي وراء قناعه المتحفظ الذي يتعذّر فهمه!
مرت عدة أيام قبل أن تراه أيفين ثانية , وكانت القلعة مكانا ممتعا فأخذت تتجول في أرضها خلال النهار , وتستكشف غرفها ذات الصدى , وكان دون خوان أذا أتى المساء يركب سيارته للعشاء مع الأصدقاء أو يتناول عشاءه بمفرده بدون أن يدعو ضيفته الشابة لمشاركته , ووجدت أيفين في الكلب رفيقا مؤنسا فلم تكترث لتجاهله لها, كان ذلك تغييرا مريحا بعد أن ضاقت ذرعا بحياتها مع أيدا ساندل.
علمت من مدبرة المنزل أن أمريتو عاد من أسبانيا فظلت طوال ذلك اليوم تنتظر الأخبار , ولهذا لم تفاجأ لأن المركيز ترك لها رسالة تقول أنه سيتناول العشاء معها الساعة التاسعة!
لم يكن في خزانة الثياب ثوبا للعشاء , لذلك رأت أن ترتدي الثوب الحريري المزركش , كان مقاسه كبيرا لا يناسبها , ولكن بفضل تدربها على أستعمال الأبرة أستطاعت تعديله , كانت رسوم الثوب عبارة عن زهرات قرمزية تنسج مع اون شعرها الداكن الأحمرار , ولكنها حدثت نفسها بأن دون جوان لن يلاحظ على الأرجح كيف تبدو في الثوب.
وحانت لحظة ملاقاته , وبعد نظرة أخيرة في المرآة , هبطت سلم البرج ببطء , وكان السلم الدائري خلفية زادت من رشاقة قوامها وشبابها وشكوكها , ووصلت القعة الحافلة بظلال الألواح الخشية والعديدة من الصور والدروع , وعبرت القاعة بنعليها التوريرو الى غرفة مكتب دون جوان الخاص , وأرتعشت أصابعها وهي تقرع الباب.
كانت ساعة القاعة تدق التاسعة وهي تقرع الباب , فأستجمعت قواها ودخلت الغرفة , وجدته واقفا أمام خزانة كتب مرتديا سترة مخملية سوداء للعشاء , وقد أستند على عصاه وبدا عظيما الى حد أن أيفين أحمرت خجلا.
وقال بلهجة رسمية وهو ينظر اليها بدون أن تغير في تعبير عينيه السوداوين :
" مساء الخير يا آنسة بلغريم , سنذهب للعشاء في الغرفة المجاورة الملحقة بهذه الغرفة".
أستعان بعصاه وهو يمشي نحو باب من شقين وفتحهما , وتقدمته أيفين الى غرفة الطعام , ولم تبدد فخامتها حياءها , كانت المائدة الطويلة معدّة بالشمعدانات والبلور , وأزدانت قمة كل من المقعدين الموجودين في طرفي المائدة بأكليل مذهّب , وهرع الخادم وسحب المقعد الموجود في نهاية المائدة فجلست أيفين وأمتلأت عيناها بضوء الشموع وهي تمد بصرها ناحية مضيفها , وكان الأكليل يعلو رأس أيفين وشعرها الأحمر وبدت كتائهة لا تشعر بأمان وتخاف من الرجل الجالس قبالتها.
" لا بد من الحصول على ثياب من مقاسك , ولن يكون بينها بالتأكيد ما هو قرمزي اللون".
هذه هي الكلمات التي خرجت من بين شفتيه الجامدتين , وبعد نفس عميق قالت أيفين:
" ولكن ربما لن أمكث هنا طويلا".
" عندي اليوم أخبار قد تطيل في بقائك كضيفتي".
" أخبار عن السيدة ساندل؟".
لم تلحظ جيدا وقفته قبل أن تفوه بالكلمة الأخيرة , ولكنها كانت قلقة عن المرأة التي كانت في أكثر من مناسبة غير طيبة معها , فعادت تسأل :
" أخبار حسنة يا سيدي؟".
داعبت أصابعه كوب عصير الفاكهة الذي ملأه لويس , ثم قال :
" علمت من الشرطة في أسبانيا أن سيدة تدعى ساندل كانت بين الركاب الذين تم أنتشالهم ونقلهم بالباخرة الى طنجة , ومن هناك علمت أنها ركبت الطائرة عائدة الى وطنها أنكلترا , مفترضة ولا شك أن مرافقتها قد غرقت , وكان من السهل أن تعلم بنجاتك لو أنها أتصلت بالسلطات الأسبانية , ولكن يبدو أنها لم تكترث , أذ بعد نجاتها لم تهتم ألا بنفسها فقط".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 30-07-11, 09:05 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

كانت كل كلمة محدودة وباردة كالصقيع على الزجاج , وأصبحت النتيجة واضحة للغاية , أنها الآن في حمى هذا الرجل وحده.
وعندما تطلعت اليه , أنعكس لهب الشموع فوق الخشب الوردي والفضة , وحاولت أن تقرأ ما يجول في عينيه , وأدركت أن عليها أطاعة ما يقرره بشأنها.
طلب من الخادم السلطة , ثم قال :
" لم تعودي بعد الآن في خدمة أمرأة مدللة أنانية".
كان الطعام لذيذا وممتعا , ورغم جلوسها بعيدة في طرف المائدة فقد شعرت أن دون جوان أصبح يستحوذ عليها.
بعد العشاء لم يعودا الى الغرفة الملحقة بغرفة الطعام :
" هناك صالون صغير غير مستعمل كثيرا هذه الأيام , أريد أن تشاهديه ".
قال دون جوان ذلك بينما عصاه الأبنوسية تضرب بلاط القاعة وهو يتجه الى باب يحرسه درعان , وكان الباب بيضاويا عميقا , وأخرج سلسلة مفاتيح من جيبه وأنحنى وفتح قفل الباب , ثم قال وهو يدير زر الكهرباء ويضيء الغرفة:
" أننا نسميها الغرفة الذهبية ".
كانت أشبه بصندوق حلي يكشف عن روائعه.
منتديات ليلاس
أومأ اليها بالدخول : ( تفضلي ) , وأطاعته كأنها في حلم , وتأملت ستائر النافذة الذهبية التي تنساب من تيجان عالية الى سجاد الأرض الثمين , ورأت أثاث الغرفة الرائع , والمزهريات الذهبية واللوحات المذهبة التي تغطي الجدران والسقف.
كانت غرفة جميلة لها ذكريات بالنسبة الى المركيز الحزين , وراحت أيفين تلمس بعض تحف الغرفة الخلابة مثل سلة أندلسية وشال مطرز ملقى على بيانو عاجي اللون مذهب , وفوق غطائه وردة حمراء , كانت الغرفة تفوح بجو رومانسي حزين , ولا بد أنها كانت تخص سيدة تستعملها كثيرا , من كان يعزف على البيانو ؟ من كان يحب الورد الأحمر والموسيقى ؟
وقعت عيناها عندما دارت لتنظر الى دون جوان على صورة علق فوقها صناجتان للرقص على شكل صدفة , وتأملت أيفين صاحبة الصورة : الشعر أسود فاحم والثوب أحمر ياقوتي , والوجه في اون القشدة , والعينان سوداوان , كانت صورة فتاة في وقفة راقصة , ذراعها اليسرى تعلو الى الوراء , والصناجة ( الكاستانيت ) على أصابعها , والزهور في شعرها مليئة بالحيوية كعينيها.
" هذه صورة لأمي روزالينا , الراقصة الغجرية التي تزوجها أبي".
قال دون جوان العبارة الأخيرة بعدما أصبح وراءها بقامته المديدة وأستدارت أيفين لتنظر اليه بعد المفاجأة وهي مبهورة الأنفاس , وألتقت عيناها بعينيه..
" نعم كانت أمي فتاة غجرية , ولم تغفر له العائلة أبدا زواجه منها , ولقد جاء بها لتعيش هنا , وأعد لها هذه الغرفة التي كانت تلوذ بها في فترة حملها لكي تعزف على البيانو موسيقى الفلامنغو التي كانت تحبها , كانت شعلة من المرح والسعادة , ثم أصبحت زهرة ذبلت ببطء في الجو الخانق الذي أحاطتها به عائلة أبي".
أمتلأت عينا دون جوان بذكريات أثارتها صورة أمه فقال هامسا:
" أتذكر كيف كانت تدفىء الصناجات قبيل الرقص بين شلالات شعرها الأسود كالليل".
وتقدّم الى الجدار وأخذ الصناجتين من المسمار الذي تتدليان منه , فأذا برنينهما كصدى صرخة أنقطعت , ثم أعادهما , وقال :
" سنتناول القهوة هنا".
وأمسك بمشد الجرس وقرعه , بينما راحت أيفين تمعن النظر اليه , وقد لاحظت أن عينيه شبيهتان بعيني أمه , وأن تحت عظام وجهه شعلة تخفيها برودة الوجه , سألها وهو يشير الى البيانو:
" أتعزفين؟".
أجابته في رزانة :
" أعمال المرافقة لم تكن تتضمن هوايات كهذه يا سيدي".
منتديات ليلاس
كانت تجلس فوق كرسي كسوته حريرية , وقد تشابكت يداها في حجرها , أنها تريد سماع المزيد عن أمه , أتتجاسر على الطلب؟ رأت أن تمتنع عن الطلب , في الوقت الذي كان ينحني على عصاه أمامها ويقارن ولا شك بفكره بينها وبين فتيات بلاده , وعاد يسألها:
" كم سنة أشتغلت عند تلك المرأة ؟".
" منذ كنت في الخامسة عشرة يا سيدي , بعدما قتل أبي من جراء رفسة جواد ".
وفي الحال لمعت عيناه السوداوان وسألها :
" أكان يمتطي صهوة جواد؟".
" كان في بيت ساندل ضيوف للصيد , وكان يقدم يد المساعدة في أصطبلات الخيل".
وأطبقت يداها في ألم وهي تتذكر موته ثم ثم تابعت:
" وقع الحادث وهو يهييء ركاب الجواد , كان يحب الحيوانات , وهكذا مات ".
" وأمك؟".
" لا أتذكرها يا سيدي , لم يكن لي غير أبي , وبعد ذلك أشتغلت في بيت ساندل".
" ألم تكوني راضية؟".
" أحيانا كنت أفكر في الهرب".
" ولماذا بقيت؟".
" لأن المدن مملوءة بالضجيج , وعندما كنت أستطيع الأفلات من البيت الريفي ساعة , كنت أجد في غابات وبراري سومرست مجالا للتجول , كنت قريبة من الأماكن التي أحبها أبي دائما , الطيور وجماعات روماني الغجرية التي كانت تخيّم في المرج .....".
" هل كنت تحبين هذه الجماعات ؟".
" كانوا يضجون بالحيوية , ولهذا....".
ضحك دون جوان , كانت المرة الأولى التي تسمعه يضحك فيها , وقد عكست عيناها دهشتها , قال:
" صحيح , هناك عرق يتعذّر ترويضه عند الغجر وهم يحبون الفقير والغني على السواء".
دخل الخادم لويس بصينية القهوة , فطلب منه وضعها على الطاولة القريبة من أيفين , ولمحت الأنتفاضة الخفية في عيني لويس وعرفت في الحال ما يدور برأسه , لم يكن عاديا أن تجلس فتاة خادمة في الغرفة الذهبية , والقهوة الى جانبها لكي تصب للمركيز قهوته.
ولكونها كانت خادمة فأنها تعرف ثرثرة الخدم في المطبخ , ولذلك شعرت بالحرج.
وأنغلق الباب وراء لويس فقال دون جوان : " أرجو أن تصبي القهوة ". ثم أخذ مقعدا ومدد عليه ساقه التي تؤلمه , وأحتاطت أيفين لئلا تنسكب القهوة منها وهي تصبها من الأبريق وأرتعشت يدها قليلا وهي تناول دون جوان قهوته الخالية من السكر بناء على طلبه سألها:
"هل أنت مضطربة بسببي؟".
" وهل تستغرب يا سيدي ؟ أنا لست معتادة على كل هذا".
" مع الممارسة سيكون كل شيء على أكمل وجه ".
رفعت بصرها اليه , وكأن سلكا كهربائيا قد نبّه ألتفاتها , لقد رفع حاجبه الأسود وهو يشرب قهوته , وقال:
" سنكون معا هكذا مرات أخرى يا آنسة بلغريم وأرجو مع الزمن ألا تنظري اليّ كما لو كنت غول القلعة".
" لم أفعل".
" عيناك واسعتان , وفي وسع المرء أن ينظر في أعماق العيون كما ينظر من نوافذ البيت , أنه نوع من المتطفل أشبه بنظرة مختلة الى روح شخص أخر".
ألتقت نظراتهما وشعرت أنها قد سلّمت هذا الساحر الأسمر شيئا من دخيلة نفسها.
" تناولي قهوتك قبل أن تبرد ". ثم تابع: " لقاؤنا هنا في هذه الغرفة هو أحتفال بنجاتك ووصولك سالمة الى جزيرة دي ليون ,يا له من عالم صغير , أن الحظ يا آنسة بلغريم سيد على الجميع".
أطمأنت أيفين بعد أن أنتهت من تناول القهوة , وزال توتر أعصابها , وأحست بالراحة في هذه الغرفة , وأستطاعت أن تتخيّل روزاليتا وهي تعزف البيانو وفي شعرها الفاحم وردة قرمزية.
منتديات ليلاس
لمحت دون جوان يتطلّع الى صورة أمه وهو غارق في أفكاره , ووجدت أن في أستطاعتها دراسة صورة وجهه الجانبية , فقد أمتزجت القوة والعاطفة في ملامحه أمتزاج البياض والسواد في شعره , أن الألم ترك خطوطا بجانب شفتيه وبياضا في شعره , وعرفت بغريزتها لا بعينيها أنه أصغر سنا من مظهره .
" هل شاهدت رقصة الفلامنغو؟".
" كلا يا سيدي , سمعت أنها مثيرة جدا".
" رقصة الفلامنغو هي مبارزة بين ردل وأمرأة".
وعند إبتعاد عينيه عن صورة أمه لاحظ نظراتها إليه , ولكنع تابع قائلا:
" لا بد أن أتيح لك فرصة مشاهدة الفلامنغو , أن الناس يعتبرونها نوعا من تعليم بناتهم , وأعتقد أن هناك الشيء الكثير الذي يتوجب عليك تعلّمه".
" أنا في التاسعة عشرة!".
" أنها سن المعرفة , والعتبة إلى العشرينات عندما يكون المرء عاطفيا غير متمكن من السيطرة على عواطفه".
وبينما كان يرفع سيكاره الى شفتيه , كانت لعينيه قوة جاذبة تشدّها إليه , وكانت أزرار قميصه الصدفية السوداء تلمع لمعان عينيه , قال:
" أنت تعتقدين أنني متغطرس وسيد العارفين؟".
وبشيء من الجرأة قالت له:
" أعتقد أنك تعتبر الناس قطع شطرنج بين يديك ".
" وأية قطعة شطرنج أنت يا آنسة؟".
" بيدق ضعيف من بيادق الملك".
" وأية نقلة سأعتزم نقلك؟".
" لا أدري".
" ولكنني أراك واسعة الخيال".
وأستقرت نظرته على شعرها الداكن ثم على عينيها العسليتين الذهبيتين , وراح يقيّمها وهي بثوبها الذي لا يناسبها ولا يجمّلها , وظنت أنه سيبتسم ولكنه ظل متحفظا ومتسترا بقناع الوسامة الشيطانية.
هزّتها الكلمة عندما ألمّت بفكرها , أن المرء لا يستعملها بالنسبة الى الرجل , ولكنها كلمة سبق أن أستعملت بالنسبة الى دانتي وبايرون , وإلى الشهيد سباستيان , وسيد الجزيرة الأسمر الخطر شبيه بهم , هذا الشيطان الطويل الأعرج!
قرأ عينيها وأخفى عينيه وراء سحابة دخان سيكاره وقال :
" أن خيالك يعمل حاليا , أن مستوى أستجابتنا للحياة أما عميق وأما ضحل , وعذاباتنا المترتبة على ذلك سبّبها هذا المستوى , ولا أظن أنك ضحلة يا آنسة بلغريم , وإلا لطلبت من أمريتو ترحيلك من الجزيرة الى أسبانيا".
" ربما آثرت الذهاب إلى هناك , أذ لا أستطيع البقاء هنا إلى ما لا نهاية يجب عليّ أن أجد عملا ... فليس معي نقود".
" لديّ الكثير , لقد لاحظت على المائدة أنك تأكلين كالعصافير , ولعل الحياة علّمتك القناعة بأقل مما ترغبين , ما هي أمنيتك يا آنسة؟ فقد أكون قادرا على تحقيقها لك"
قالت بلهجة جادة:
" أنا في حاجة الى عمل".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 30-07-11, 09:07 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

إبتسم على الفور وقال :
" يا لك من مخلوقة صغيرة قنوعة , أي نوع من العمل تريدين ؟ مرة أخرى خادمة تقوم بكل الأعمال عند إمرأة لا قلب لها".
" هذا كل ما تدرّبت عليه يا سيدي , أتعرف واحدة؟".
" نعم , عدة سيدات يسرّهن أن تعملي لديهن".
" أذن؟".
" لن أوضي بك عند أية واحدة منهن".
" أوه!".
" لا تذرفي دموعك !".
قالت بعزة نفس:
" أنا....... أنا لا أبكي أبدا أمام الآخرين".
" صفة ممتازة".
" قد تكون كذلك في حضرة شخص مثلك".
" مثلي أنا؟".
" أنت أسباني أرستقراطي لست في حاجة للأعتماد على الآخرين للعيش".
" أننا جميعا يا آنسة تعتمد على الآخرين بشكل أو بآخر , عليك أن تكوني طموحة لما هو أكثر من خادمة أو مرافقة , قولي , ماذا تودين تحقيقه في حياتك؟".
كان لأظهاره الأهتمام بها والأستعداد للأستماع إليها أثر عكسي عليها , أذ أضطرها هذا للسكوت حياء , أنها في أية حال لم تفكر أبدا تفكيرا جادا بشأن عمل آخر , فذلك يتطلب دراسة خاصة وهي قد أخرجت من المدرسة وألحقت بالعمل في البيت الريفي يوم كانت في ربيعها الخامس عشر , بالطبع , وكأي فتاة أخرى , كانت تظن أن العمل كمضيفة جوية شيء ممتع يتيح لها السفر إلى بلاد أخرى , وأحيانا كانت تحلم من أعماق قلبها أن العمل معاونة لشخص لامع في تجارة التحف والروائع الفنية.
كانت أيفين مولعة بالأشياء القديمة الرائعة , وإستجابتها لهذا المكان مرده إلى الروائع التي يزخر بها.
سألها دون جوان بصوت ودود:
" هل أمنيتك متعذّرة إلى حد لا تتجاسرين على ذكرها؟".
طأطأت رأسها خشية أن تلتقي عيناها بعينيه , ثم فوجئت به يتقدم اليها متّكئا على عصاه , ويرفع ذقنها بيده لتنظر إليه , وإرتعشت رعشة خفيفة لم تقو على السيطرة عليها , وقالت:
" أذا عرفت فقد تبتسم".
" أنا شخص لا يحب أخفاء الأمور عنه , تعالي وأذكري أمنيتك وسنرى أذا كان في مقدوري تحقيقها".
" لا تستطيع أن......".
فقاطعها قائلا:
" على الأقل دعيني أسمع هذا الذي لا أستطيع فعله".
رفع رأسها فلم تستطع الأفلات من نظراته وهو يتفحص وجهها القروي وبشرتها الشابة وفمها الذي الذي يفيض بالحساسية وعينيها العسليتين , أن وجهها ليس ساحرا بالمعنى التقليدي , ولكن أذا هي أعطيت الثياب المناسبة , والفرصة التي تضيء الملامح عندئذ تكون لها جاذبية حلوة.
ولكن أيفين غير مدركة لذلك , وهي تعتقد أنها فتاة عادية بالصورة التي أظهرتها فيها أيدا ساندل.
كرّر الطلب لأنتزاع أمنيتها وفي عينيه جاذبية قوية:
" هيا أخبريني".
" قد يكون رائعا أن أعمل معاونة لبائع تحف فنية ناجح ". ثم ضحكت قائلة:" أليست أمنية مستحيلة لفتاة مثلي لا تعرف غير العناية بالكلاب الأليفة تبحث عنها وتحملها وتمشي معها نيابة عن ربة البيت".
" شيء غريب , عادة تطمح الفتيات الصغيرات للعمل في مجالات الجمال , عارضات أزياء أو موديلات".
" عارضة أزياء ؟". وضحكت ضحكة زادت من حلاوة عينيها :" لا أعتقد أنني أصلح لهذا النوع من العمل أطلاقا".
أدار دون جوان وجهها من اليسار إلى اليمين كما لو كان يدرس قطعة فنية وقال:
" تكوين عظام الوجه حسن , أذن أنت تودين العمل في التحف النادرة الثمينة , أولا عليك معرفة الأمور التي تجعلها نادرة".
" هذا هو العائق". أتسمت عيناها بمسحة جذابة وأضافت:" لم أحصل على قسط وافر من التعليم أذ تركت المدرسة يوم كنت في الخامسة عشرة".
بدت نشوة الحياة في عينيه:
" أيتها الصغيرة لقد كنت أقطع البراري في أميركا الجنوبية في صباي , كنت راعيا أي مجرد جوشو كما يسمون رعاة الأغنام هنا".
وأسرعت تقول:
" ولكنك المركيز دي ليون!".
" كنت مجرد راع لما كنت في الخامسة عشرة".
وإبتعدت أصابعه عن وجهها , تاركة دفئا أحست به , وتحولت نظرته عنها إلى صورة أمه فقال:
" لقد مات أبي في الحرب الأهلية , وهربت أمي من عائلته وأخذتني معها إلى الأرجنتين في زورق لاجئين , وهناك أشتغلت راقصة فلامنغو , وصرت أنا راعيا للبقر الى أن دفعني طموحي للعمل في إستخراج الفضة من الأراضي النائية , وحالفني الحظ وعثرت على منجم فضة , فأشتريت لأمي بيتا في ليما ( عاصمة البيرة) ولم تعد في حاجة للعمل".
ثم تابع حديثه قائلا:
" ماتت أمي من شدة حزنها على أبي , لم أعد لجزيرة دي ليون إلا بعد أن مات جدي , أنني لم أغفر لأهلي أبدا تجاهلهم لأمي , كانت أسرة أبي تريدني وحدي , لقد أضطرتني الأحداث للعودة الى الجزيرة , ولكنني خلّفت ورائي محبة لمدينة ليما بتاريخها الوحشي وجمالها الغريب".
ولمعت عيناه وألتقت بعيني أيفين , فقال:
" أن راعي البقر يعيش على سرج الجواد , لم أكن دائما كما تجدينني الآن".
" هل تعرضت لحادث...... يا سيدي؟".
" أجل , حادث".
كان يبدو أنه لا يريد أن يتحدث عن هذا الجانب من حياته في ليما , وفي لحظة أتسمت ملامحه بذكريات أليمة , ولهذا قال:
" أذن أنت تتمنين العمل وسط تحف قديمة جميلة؟".
أجابت بنصف إبتسامة:
" أليس جميلا أن نحلم؟".
" لا حاجة أن يظل حلما , أنت لست فتاة سطحية , أرى من ناحيتي أنك تقدرين هذه الغرفة بتحفها التي جئت بها من ليما وبأثاثها الجيد الحفر , بالطبع أنت في حاجة لتعلم أشياء كثيرة , ومعرفة لغة أجنبية شيء ضروي , لي صديق يقيم في الجزيرة ويعرف الكثير عن كبار الرسامين والنحاتين , وكان يتولى التدريس في مستهل حياته , أنه السيد فوتسكا , أتعرفينه؟".
تذكّرت قول مدبرة المنزل بأن للسيد فونسكا إبنة بارعة الجمال يحتمل أن تصبح زوجة دون خوان , فأجابت:
" نعم يا سيدي".
" حسنا عما قريب سآخذك إليه ونبحث أمكانية أن تكوني تلميذته بضع ساعات يوميا , أن عينيك تتسعان من الدهشة , أليست أمنيتك هي تحصيل العلم من رجل قدير؟".
" أنا........ أنا أفكر في المصاريف يا سيدي".
" كفي عن هذا التفكير فورا , قد يأتي اليوم الذي يمكنك فيه تسديد ذلك , وفي الوقت ذاته , سأستمتع بأن أكون وصيا على فتاة أنكليزية".
" وصيّا؟".
" ألم نتفق في أن أكون مسؤولا عنك أثناء أقامتك في الجزيرة؟ وأذا وافق السيد فونسكا على قبولك طالبة , فسيتطلب ذلك فترة قبل أن تتمكني من مغادرة الجزيرة إلى عالم الفن والتحف , وستحتاجين إلى بيت ولهذا ستقيمين هنا , عندي قريبة في أسبانيا هي السيدة أوغستا يمكنها الحضور للجزيرة لتظل في رفقتك حرصا على اللياقة الأجتماعية , أيرضيك هذا؟".
علتها حمرة الحياء وأرتبكت لقدرته على قراءة ما يجول بخاطرها , وقالت :
" أنا...... لا أعرف كيف أشكرك يا دون جوان".
" ستكون أكبر مكافأة لي أن أدخل يوما إلى محل للتحف وأجدك المسؤولة عنه".
كان يتفحّصها حتى أثناء حديثه.
" غدا أطلبي من مدبرة المنزل أخذ مقاساتك , كي نرسلها إلى بيت أزياء أخنازيو في مدريد , مع تفاصيل عن ألوانك , سنطلب لك نصف دزينة من كل شيء بما في ذلك الثياب النهارية والمسائية من أجل نمط الحياة التي ستعيشينها وأنت تحت وصايتي ". ثم مدّ يده ليمنعها عن شكرن :" لا تقولي كلمة شكر أخرى , أنا أفعل ذلك لصالحي , أن الورود الحمراء على هذا الثوب لا تتناسب مع لون شعرك يا آنسة".
كان يمكن أن تشعر بحنان نحوه في هذه اللحظة , لأنها كانت في غاية الأمتنان له من أجل هذه الفرصة التي أتاحها لها , ولكنه أسرع متكئا على عصاه كي يفتح الباب , وقال:
" عليك أن تأوي الى فراشك الآن ".
وودعته في القاعة:
" تصبح على خير يا سيدي".
" وأنت بخير يا آنسة بلغريم".
وأنحنى للأنصراف وأسرعت هي في القاعة وسمعت أنغلاق باب الغرفة الذهبية من ورائه.
هكذا أذن قد تغيرت الحياة بالنسبة لها , فوصيّها الأسمر منحها أمنيتها وستبدأ في التدرب للعمل.
لم يكن في القاعة أحد , فوقفت أمام مرآة على الحائط وأنحنت بإحترام لصورتها في المرآة , وأبتسمت وقالت ( ستصبحين سيدة مجتمع يا أيفين , هل خطر لك أن شيئا كهذا يمكن أن يحدث؟).
وأثناء صعودها السلم الدائري في البرج , فكرت في أيدا ساندل التي لم تهتم بالأستفسار عنها ومعرفة ما أذا كان قد جرى أنقاذها من الغرق , لعله من الخير أن أيدا لم تسأل عنها وإلا كان من الممكن أن تطالب بعودتها للعمل خادمة لكل شيء , وما كان دون جوان يقول أنها من الآن فصاعدا ستكون تحت وصايته.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 30-07-11, 09:08 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

3- أنا مشدود اليك




من المستحيل النوم في القلعة إلى وقت متأخر فالشمس تغزو الغرفة مبكرا , وتملأ غرفتها في البرج دفئا ونورا , لهذا كانت تسرع في أخذ حمامها وأرتداء ثيابها والخروج إلى الشاطىء , مؤجلة الأفطار تفاديا للأنفراد مع دون جوان , أما هو فكان يذهب للعمل في برجه البحري بعد تناول القهوة والفاكهة , أو يأمر بمجيء السائق لنقله من أجل حضور اجتماع عمل في البلدة.
كان ينهمك كثيرا في كل شؤون الجزيرة , فهو رئيس مجلس أدارة في عدة شركات تتولى تأمين التعليم والرعاية الصحية لسكان الجزيرة , ولكن لم يكن لدى أيفين أية فكرة عن أشغاله في البرج البحري , وهو المكان الذي فتنها ولكنها لم تجرؤ على أكتشافه رغم أنه سمح لها بأستعمال المكتبة.
كان في وسعها أن تسأل آلما مدبرة المنزل , ولكنها منذ الصباح الذي أخذت فيه مقاسها لأرسالها الى بيت الأزياء في مدريد وهي تلتزم الصمت والجمود معها , كأنها تظن أن أيفين تستغل أنوثتها لأنتزاع أموال دون جوان.
منتديات ليلاس
قطفت أيفين زهرة برية , قبل أن تشق طريقها الى الشاطىء , كان يمكن أن تظل مسرورة بالثياب القليلة البسيطة التي وجدتها في الخزانة غير أن دون جوان كان رجلا دقيقا بالنسبة الى الثياب , وقد قرر أن يرعاها ما دامت تحت وصايته , أنه لا يقبل أن تعكر عينه الناقدة فتاة غير أنيقة.
وضعت الزهرة في ضفيرتها , ووقفت تتأمل رغوة البحر البيضاء وهي تلتقي مع الرمال الذهبية , من يصدّق أن كل هذه المياه الزرقاء الجميلة المتلألئة كادت أن تجرها في ليلة معتمة الى الأعماق وتخنقها , ومع أن الخوف قد أبتعد عنها , ومع أنها تلهو على الشاطىء بجمع الأصداف وممارسة لعبة البط والمراكب بواسطة قطع من الأخشاب , فأنها لم تجرؤ على الخوض في الماء لأكثر من قدميها , ولم تكن لها أية رغبة في تعلم السباحة منذ ليلة غرق الباخرة.
سمعت نباح الكلب كارلوس الذي جاء الى الشاطىء لمشاركتها في لهوها , كانت تلقي بقطع صغيرة من الخشب الناعم ليركض وراءها , وسرعان ما أقتربا من الطريق المؤدي الى كوخ أمريتو في الغابة , قررت أن تزور ماري لويز وطفلها , وقبلت البقاء على الأفطار ثم مجالسة الطفل بينما تذهب ماري لويز على ظهر حمار كي تتسوق من قرية الصيد الصغيرة التي تبعد نحو ميل بمحاذاة الشاطىء.
منتديات ليلاس
كانت أيفين معتادة على تسلية الأطفال الصغار أذ أشتغلت نحو سنة في حضانة الأطفال لدى آل ساندل , كان كل شيء على ما يرام الى أن ألتقط الطفل حصاة بقبضته وحشرها بقبضته وحشرها في فمه , ولم تضيّع أيفين أي وقت في أنتزاعها من فمه وهذا ما جعله يصرخ , وشاركه الكلب كارلوس بنباحه , وأخذت أيفين تتمشى على الرمال حاملة الطفل لتهدئته , وأذا بشخص يظهر على الشاطىء ويتأمل ما يحدث.
وفجأة ترامى الى سمع أيفين صوت موسيقى غيتار , ونظرت حولها فوجدت شابا يتقدم نحوها , وعندما أقتربت منه بدأ يغني أغنية أسبانية بصوت مخملي كعينيه , يرتدي بنطلون الميتادور وقميصا حريريا ويلف رقبته بمنديل أحمر , كان شابا أسود الشعر أستند الى شجرة وراح يغني سرنادة ( أغنية عاشق تحت نافذة المحبوبة ) للفتاة والطفل , كان صوته ساحرا حتى أن الطفل توقف عن الصراخ وأخذ يمص أصبعه راضيا.
وظل الشاب يغني ويعزف حتى نام الطفل ثم تقدّم بهدوء ليلقي نظرة اليه بين ذراعي أيفين , قالت بالأسبانية في حياء:
" ألف شكر لك يا سيد".
وأجابها بالأسبانية , ولكنها لم تفهم كلمة مما قاله , وأوضحت بالأنكليزية :
" آسفة , أنا لا أتحدث الأسبانية".
ولمع بريق عينيه وقال:
" طفلك له رئة قوية يا سيدتي , وسيكون مغنيا مثلي".
وأبتسمت للخطأ الطبيعي الذي وقع فيه وقالت:
" ليس هذا طفلي يا سيدي أنني أرعاه الآن فقط حتى تعود أمه بعد التسوّق من القرية".
وزاد التألق في عينيه وقال:
" فهمت , عندما رأيتك قلت لنفسي : ريك من سوء حظك أنك وصلت متأخرا جدا ! في كل حال كان خطأ سارا , فأنت أذن لست أما يا آنسة , ولست لرجل آخر؟".
" كلا".
قالتها بسرعة وأرادت أن تتجنب نظرة عينيه المثيرتين , ووضعت الطفل على قماشته السميكة , وبعدما نظرت ثانية الى عازف الغيتار الشاب أنحنى أمامها وقدّم نفسه معلنا أسمه ( مانريك كورتيز أيستبان ) , ويقيم في الجزيرة لمدة ستة أسابيع يغني خلالها في نادي هيدالغو بميناء بورتو دي ليون.
" هل تسمحين لي لي بالجلوس الى جانبك؟".
وتطلع الى الرمل وفي لحظة جلس بحرية ثم تطلع اليها بأبتسامة وقال في النهاية:
" ألا تقول الآنسة أسمها؟ ربما نتحدث ساعة ثم نفترق , فأذا عرفت أسمك سأتمكن من العثور عليك ثانية".
" أتريد هذا حقا؟".
لم يسبق أن تحدث اليها شاب بمثل هذه الحرية.
" بعض الناس يرون أن ساعة تكفي لمعرفة كل شيء , في حين أن الأمر مع آخرين قد يستغرق العمر كله".
وأستقرت نظرته على شعرها الذي جمعته في ضفيرة واحدة أنسابت على كتفها النحيل , وتابع:
" لا بد أن لك أسما فريدا , فهناك شيء غير عادي بالنسبة اليك , أنت تختلفين عن شابات الرحلات المرحات اللواتي ألتقيت وتحدثت اليهن في أسبانيا".
" أنت تتحدث الأنكليزية بطلاقة يا سيد".
" هل أنت أنكليزية يا آنسة؟".
" طبعا".
" في الواقع , هناك شيء مختلف في صوتك".
وأبتسم وقال :
" أنا مشدود اليك ".
كانت عبارة ثناء جعلتها تتساءل ماذا كان يمكن أن يفعل هذا الشاب لو ألتقاها بثوبها وشعرها المرفوع فوق رأسها والنظارة على عينيها مثلما كانت في الأيام السابقة.
مال الى الأمام قليلا ليمعن النظر في الأبتسامة التي تعلو شفتيها , ولم تشعر بأي خوف , ولا بأي حافز للتراجع كما فعلت مع دون جوان , وأضاف:
" وضحكتك أيضا غامضة , هل جئت من مكان ساحر من بين تلك الغابات الصنوبرية؟".
فأجابته بدلال :
" ربما من القلعة , ومعي كلبي لحراستي".
ونظر الى الكلب كارلوس الذي أقترب رأسه من كتف أيفين الجالسة , وقال :
" أنه يدعو للمشاجرة , ألا تخافين منه؟".
ربتت بيدها على الكلب وقال :
" كلا أطلاقا , أنه حمل وديع".
" يبدو كالذئب".
" أفترض أنني أقول الشيء نفسه عنك؟".
ضحك للملاحظة البارعة بدون أن يتخلى عن التقرب منها وقال:
" أن الأسبان هم سلالة جنس من ذوي الدم الدافىء يا آنسة , ويحبون التحدث عن الجمال , ما من أسباني يتسم بالبرود كما تعلمين , فالله وهبه نعمة النظر والحواس , وسواء كان صغيرا أم كبيرا فأنه يحسن أستخدام بصره وحواسه ".
قالت:
" أليس هذا صعبا , مع وجود القضبان الحديدية على النوافذ الأسبانية؟".
ثم أبتسمت ابتسامة رزينة خادعة.
جاب في خبث:
" لا حاجز بيننا".
“ هناك كارلوس , وكذلك كوني لا أكاد أعرفك يا سيد....".
" هذه ملاحظة واعدة من الآنسة الغامضة , هل آمل أن تسمحي لي بأن نكون أصدقاء؟".
" جميل دائما أن يكون للمرء صدقاء".
" فتاة بمثل هذه الجاذبية لا بد أن لها عدة أصدقاء".
داعبت أيفين بأصابعها رأس الكلب وقالت:
" على العكس , هناك فقط أمريتو وزوجته .. ولست متأكدة من ناحية المركيز دي ليون".
رفع عازف الغيتار الشاب حاجبيه وسأل:
" أتعرفين المركيز؟".
" ومن الذي يمكنه أن يقول أنه يعرفه؟". قالت ذلك وهي تمد بصرها الى البحر المحيط بالجزيرة وأضافت:
" أنا أعيش معه .....يا ألهي , هذا يبدو مستهجنا ! أقصد , أنا تحت وصايته يا سيدي".
" تحت وصايته؟ تعنين أنك الفتاة التي أنقذوها من السفينة الغارقة ؟ أن الجميع في ميناء بورتو دي ليون يتحدثون عنك , ولكن المركيز رجل لا يجرؤ على سؤاله أحد , أذن فهو يقول أنك تحت وصايته".
" نعم!".
وقفت فجأة فذعر الكلب , وكاد طفل ماري لويز يستيقظ , وسألته:
" بماذا يتحدث الجميع يا سيد كورتيز , هل يقولون أنني أنتزع ماله ؟".
" أنت؟".
وقبل أن يتابع كلامه نهض بقامته التي تعلو عنها بكتفيه ورأسه , وكان قميصه الحريري يلتصق بجسمه الشاب بينما هبّت نسمة لطيفة , وأضاف:
" كيف يمكن لأحد أن يراك وتساوره هذه الظنون؟كما أن المركيز ليس بالأبله , وهو معروف بالكرم , ولكن لم تحرّك أمرأة فؤاده".
علّقت على قوله:
" أنه أسباني حتى العظم , أليس الأسبان من ذوي الدم الدافىء كما قلت قبل قليل؟".
" كنت أتحدث عن الأشخاص العاديين".
" أعتقد ذلك".
وتلاقت عيونهما تحت نور الشمس , فتابعت :
" أن أمريتو الذي يعمل عنده وجدني في البحر وجاء بي الى الجزيرة , وقال المركيز أن عليّ البقاء في القلعة الى أن يتم الأستفسار عن مخدمتي ومعرفة ما أذا كانت بين الذين تم أنقاذهم , وقد نجت وسلمت ولكنها تركتني شريدة.... وليس لي من أحد إلا دون جوان , أنه يعطف عليّ بطريقته الخاصة".
" ألم تفكري بأن له أسما مشهورا يا آنسة؟".
" ألم تقل بأن له أسما مشهورا يا آنسة؟".
" كان دون جوان الآخر يحطم القلوب وظل قلبه سليما".
" أتظن أن قلبي في خطر؟".
" أن المركيز شخصية مرموقة".
" وأنا لم أكن قبل أسبوعين غير خادمة يا سيد كورتيز".
" ألا تتكرمين وتنادينني بأسم ريك".
" أتصر على أن نكون أصدقاء؟".
" أكثر من قبل , وأذا لم تقولي لي أسمك , فسأدعوك سوليداد".
" أسم حزين!".
" معناه فتاة الوحدة , وهي حالة أرى أن أغيّرها".
" أنت واثق من نفسك؟".
" ألا تريدين الخروج من صدفتك؟".
" يبدو أنها عملية مؤلمة....".
" أعدك بأنها لن تكون مؤلمة أطلاقا....... ". وأخذ بيده الزهرة التي وضعتها في شعرها وقال:
" الحياة كهذه الزهرة , مزيج من الحلاوة والمرارة , الى اللقاء يا سوليداد".
ذهب مثلما جاء بهدوء وسط الأشجار , ولكن بعد لحظات سمعت أيفين صوت محرك سيارة سريعة , وتخيلت السيارة تشق طريقها في الريح , والشال الأحمر الذي يلف عنق الشاب يتطاير في الهواء حتى غابت السيارة عن الأبصار.
وضعت أيفين الطفل في قماشته وأتجهت به الى الكوخ , كانت ماري بويز قد عادت حاملة معها شماما كبيرا ذهبيا , تناولت معها فنجان قهوة , ولما حان موعد عودتها الى القلعة أصرت ماري لويز على أعطائها شمامة , كانت كبيرة ناضجة حتى أن أيفين لم تمانع في أخذها , لهذا وصلت القلعة وهي حاملة الشمامة على ذراعها والأبتسامة على شفتيها.
دخلت من حاجز حديد مشغول في الباحة , وأنتابها الذعر على الفور أذ وجدت دون جوان مشغولا وفي رفقة حسناء جميلة ذات ثوب من الشيفون الأرجواني وعلى رأسها قبعة عريضة تكشف عن وجه أبيض وعينين واسعتين سوداوين.
منتديات ليلاس
وقفت أيفين عند الحاجز حاملة الشمامة وتمنت لو أنها من الضخامة بحيث تخفي ساقيها المتسختين برمال الشاطىء ووجهها الملوح بالشمس , بعيدا عن الجالسين تحت الشجرة المزهرة بلون ثوب الحسناء.
وببطء رفع دون جوان رأسه ,وفي لحظة لا نهائية بدت عيناه كأنما تركز على أيفين بكل شبابها وعدم أناقتها , كان يرتدي بدلة بيضاء زاد من نصوعها شعره الغزير الذي يلمع كجناح غراب.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 30-07-11, 09:10 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

في تأديب جم متعال , وقف مستعينا بعصاه الأبنوسية وحيّا أيفين وقال :
" الرجاء المجيء والتعرف على دونا راكيل فونسكا , كنت أحدثها عن تتلمذك على يد أبيها".
تقدّمت أأيفين بكل طاعة , وهي لا تزال تحمل الشمامة , وشعرت بعينين فاتنتين تفحصانها هي وثوبها القطني , فقالت راكيل بصوت دافىء مغناج وبلهجة حلوة:
" كم يسرني التعرف عليك يا آنسة بلغريم ".
ثم ضحكت مبهورة وحولت نظرها الى المركيز.
" جوان , أنك لم تقل لي أن الفتاة التي تشملها بوصايتك هكذا أبنة للطبيعة! ما أروعها بالشمامة وكل شيء الآن أفهم لماذا ترغب في وضعها تحت جناحك الرحيم".
هزّ دون جوان رأسه كما لو كان موافقا على كل كلمة خرجت من بين شفتيها الحريريتين الورديتين , كلمات تحط من أيفين بسخرية مبطنة , الشمامة وكل شيء ! كانت أيفين تريد أن تلقي بالشمامة بين الشجرة ولكنها عندما تذكرت ماري لويز وسرورها في أهدائها أياها , خجلت من نفسها بما قالته تلك الفتاة التي في غنى عنها وعن شمامتها , قالت أيفين:
" أتطلع الى مقابلة السيد فونسكا , عرفت من السيد المركيز أن أباك رجل علم وثقافة قدير".
كانت محاولة متعمدة من أيفين للعودة , وقد شعرت الى جانبها بصلابة دون جوان وصفائه , وهو يقول لها:
" دونا راكيل باقية للغداء معنا في القلعة , لديك نصف ساعة يا أيفين كي تستعدي لمشاركتنا".
" أترغب في مشاركتي لكما؟".
قالت أيفين ذلك وكانت تأمل أن تعفى من عذاب الجلوس الى المائدة مع الفتاة الأسبانية ذات الثوب الأنيق والماكياج الكامل , والشعر الذي لم يحركه هواء البحر المالح في الشاطىء.
أجاب دون جوان:
" هذه رغبتي".
ولمحت أيفين أبتسامة تنفرج على شفتي دونا راكيل.
وعلّقت راكيل:
" رغبتك أمر مطاع ما دمت الوصي , أليس كذلك يا جوان ؟ ونطقت أسمه بعذوبة كأنما تعانقه.
" سأذهب وأستعد , أرجو أن تأذنا لي".
وكادت أيفين أن تركض بعيدا عن وصيّها وضيفته , وكانت أظافرها تخدش الشمامة التي ألقت بها على الفراش عندما وصلت الى غرفتها .
وتطلعت الى صورتها في مرآة خزانة الثياب فأذا بها تبدو كمتشردة صغيرة تعيش على الأحسان , فهل من الغرابة أن تتخذها راكيل فونسكا هدفا للتسلية وبعض العبارات المبطنة؟
فتحت الخزانة وأخرجت التنورة الخضراء والبلوزة ذات الكشكشة , وبينما كانت تغتسل وترتدي ثيابها تساءلت متى تصل ثيابها الجديدة من مدريد , كانت في البداية تتمنع في الموافقة على طلبها , أما الآن فهي مسرورة لأنه تم طلبها , وبما أن دون جوان وصي عليها فستضطر الى مقابلة أصدقائه وهو لا يرغب أن يحرج بسببها , ولا هي تريد أن تهينها فتيات لم يعرفن أبدا ما معنى أن تكون الفتاة يتيمة ثم خادمة تعمل من الفجر الى أن تأوي الى فراشها.
كان غداء بهيجا بالنسبة الى راكيل التي كانت خبيرة بكل الأساليب التي تفتن الأسباني , فيها دلال وغنج وتظاهر بالرزانة , وخيل لأيفين أن وصيها المترفع مسحور براكيل , كان يصغي اليها والأبتسامة على شفتيه , كما ضحك عندما وصفت الحفل الذي حضرته على ظهر يخت يملكه ميتادور مشهور.
" كانت أزرار قميصه ماسية , يا جوان , وقال أنه في المرة القادمة التي يزور فيها أشبيلية علي أن أراه وهو يصارع الثيران في الحلبة وقال سيقدم أليّ أذن الثور".
" يا للفظاعة!".
نطقت أيفين بالعبارة قبل أن تتمكن من حبسها , ثم تابعت:
" أقصد بالنسبة الى الثور , لا الأزرار الماسية".
نظرت اليها راكيل ببرود , وتركت شوكتها فوق طبقها المملوء بالحلوى , وقالت:
" من السخرية أن تظن البريطانية أننا قساة بسبب مصارعة الثيران , أليس صحيحا أن مواطنيك يذهبون للصيد بستراتهم الحمراء , وأعتقد أنهم يطاردون الثعلب أو الأيل؟".
" أنا أكره الصيد كذلك".
قالت أيفين ذلك وقد شحب وجهها , لأنها تذكرت صوت الأبواق في صباح ضبابي , وتذكرت موت أبيها في أصطبلات بيت ساندل الريفي , وتابعت:
" الذين يعتقدون أن الرياضة هي مهاجمة الطرائد وتمزيقها لا يشعرون بأي شيء سوى الأثارة من وراء قسوتهم , وأتمنى أن تحظر بلادي الصيد".
وتحدث دون جوان بهدوء مع شيء من الصرامة في صوته:
" أن مصارعة الثيران شيء مزر , لقد كنت أكره دائما حجب عيون أحصنة البيكادور ( الفارس الذي يهيّج الثور ويغرز الرماح في عنقه)".
" أنت تقول ذلك يا جوان لأن الحصان ..........".
وحسم جوان الموضوع قائلا:
" لن نناقش المسألة يا راكيل".
ولاحظت أيفين أنه أبتسم ولكن عينيه كانتا ساكنتين كالبحيرات التي قد تخفي أعماقها أشياء كثيرة غامضة , ثم غيّر الموضوع قائلا:
" ستكون هناك حفلة موسيقية في نادي هيدالغو , وأظن أن أيفين قد تستمتع بها".
ونظرت راكيل عبر المائدة الى أيفين وهي بثوبها الريفي وشعرها المضفر ورقبتها النحيلة العارية من الحلي , وأبرزت الفتاة الأسبانية حليها وقالت برزانة:
" أمتأكد يا جوان أن موسيقانا ستعجب الآنسة بلغريم؟ أنها تختلف عن موسيقى الغيتار الشعبية التي تسمعها في بلادها"
ونظر الى أيفين وسألها:
" هل أنت من عشاق الموسيقى الشعبية؟".
" في الواقع يا سيدي لم يكن لدي الوقت لأعرف , بين حين وآخر كانت هناك حفلات رقص في البيت وكان يتم أستئجار فرقة موسيقية للمناسبة , غير أن أصدقاء مخدومي لم يكونوا من أفراد المجتمعات الدولية".
وأبتسم , وفي لحظة محيرة بدا كما لو أنها نفدت الى عينيه السوداوين ووجدت فيهما وعدا بالعطف والملاطفة.
" أعتقد أننا نستطيع الأطمئنان يا راكيل أن أيفين لم تفقد بعد قيمها البريئة , وموسيقى عازف الغيتار مانريك كورتيز لن تشيع سدى".
وبدا وكأن قلب أيفين تخطى أحدى دقاته , أنها ستكون برفقة دون جوان عندما ترى ثانية الشاب الذي سمّاها فتاة الواحدة ( سوليداد ) , هذه الحفلة المتوعة ستكون مثيرة!

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تناديه سيدي, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, pilgrim castle, عبير, violet winspear, فيوليت وينسبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 09:24 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية