الفصل الاول
كان سوق بايك ستريت في سياتل يعج بالمتسوقين الذين يشترون الهدايا بمناسبة العيد, السوق المفتوح على خليج أليوت يزدحم بالزبائن الذين يفتشون عن الهدية المثالية لقريب لهم.
الموسيقيون يعزفون, الممثلون الهزليون يمثلون, والمتسولون يستعطون, سوق السمك مليء بجميع انواع ثمار البحر الطازجة التي ترضي الحشود.
توقفت لورن ويلز لتتفحص زوجا من الاقراط الفضية بالواجهة, وتنهدت تنهيدة شخص مكسور القلب عندما ادركت ان هذا العيد سيذكرها باتعس لحظات حياتها, ومع انها كانت تقف وسط حشود مبتسمة لم تشعر بالوحدة والغضب كما كانت تشعر لحظتها.
منتديات ليلاس
كانت تجر قدميها بثقل بين الحشود المتزاحمة, وقررت ان كل ما تريده هو فنجان من القهوة الساخنة التي ربما قد تغير مزاجها. دخلت المقهى وجلست الى طاولة بقرب الشباك الذي يطل على خليج اليوت المغطى بالضباب, وسمعت صوت النورس المفعم بالحماس واحست انها تريد ان تصرخ, تصرخ على جو, لماذا اختارت هذا الوقت بالذات لتمر بازمة منتصف العمر؟ "لعبة كين المغرور والمتعجرف" تمتمت وهي تنظر حولها لترى ان سمعها احد تتكلم لوحدها, كيف استطاع ان يفعل هذا بها؟ وخصوصا بهذا الوقت قبل الحفلة الخاصة بالعيد وبدون رفيق للسهرة, كم هذا مهين!
قدمت النادلة القهوة لها متسائلة بفضول: "هل اتيت الى هنا قبلا يا انسة؟"
"لا, لا اعتقد ذلك." احابت لورن بذلك محاولة الابتسام.
"اعتقدت اني اعرفك من قبل, اتمنى لك وقتا طيبا."
قالت لورن: "شكرا." وحركت ر اسها وهي تعلم ان المراة ربما تكون قد راتها اثناء تقديمها نشرة الاخبار على التلفاز. هذا يحدث دائما وكانت تحس بالابتهاج من تعرف المشاهدين عليها, ولكنها اليوم غير سعيدة, فهي المذيعة المخذولة, كانت تفكر بجو والحفل اثناء تحريكها للقهوة وتذكرت المرة الاولى التي رات فيها جو قبل ثلاث سنوات.
كانت تغطي في عيد ميلادها السادس والعشرون قصة عن مصمم ازياء للنشرة التي تقدمها, وجو كان عارض الازياء للثياب الرجالية ببشرته الملوحة باشعة الشمس وشعره الاشقر.
وضعت ثمن القهوة على الطاولة وخرجت فالكافيين لم يغير من مزاجها, مشت باجهاد نحو شقتها متوقفة لتلتقط انفاسها وربط وشاحها على شعرها لتتجنب تتطاير الثلج في الجو.
معا شكلا زوجا ملفتا للنظر, لورن بطولها وجمالها الاسمر وجو بلونه الاشقر وطباعه الهادئة المحببة والبسيطة, لم يرد علاقة جدية وهذا ما كانت تريده لورن, فقد كانت بطريقها الى ان تكون مذيعة اساسية وهو عارض على اغلفة المجلات.
منتديات ليلاس
كانت تعتمد على وجوده عند احتياجها الى رفيق, مرت ثلاث سنوات على معرفتها به حتى ظهور تانيا.
"جيد جو, ولكن لا تعود الي باكيا." صرختلورن حينذاك بغضب لانه اراد الابتعاد عنها.
رد جو بتعجرف: "لا تقلقي من اجلي لورن, بل اقلقي على نفسك فانت لا تفكرين الا بعملك, العمر يمر بك وانت غير ابهة, لا تقدرين على العيش من دوني وما اخشاه انك لن تخرجي مع اي شخص اخر."
كلما زاد غضبها كلما اسرعت بخطواتها حتى كادت ان تصل الى شقتها راكضة.
"لا اقدر ان اعيش من دونه؟ الحقير." وتابعت طريقها مستاءة, ستبرهن انها ستعيش من دونه ولكن ما تريده الان هو الثار وستجد رفيق سهرة لها, عندها الوقت لتجد الشخص المناسب ولكن من؟ من المزعج حقا انها لا تقدر ان تفوت الحفل الراقص لان المحطة تريد حضورها للحفاظ على المظهر, كل زملائها مخطوبون او متزوجون الا واحدا لا يزال في الجامعة, فرفضت فكرة مرافقته لها فعلى الاقل يجب ان يناسبها. كان العمل ياخذ كل وقتها, فليس لديها اصدقاء سوى والدها واخوها ومن ثم جو... الخائن.
"الخائن, الخائن, الخائن."
"المعذرة انسة ويلز؟" نظر اليها حارس العمارة, لم تدرك لورن انها كانت تتكلم بصوت عال.
"ليس انت غوردون كنت افكر بصوت عال."
"اهنئك على عملك انسة ويلز." قال غوردون ذلك باسما, فشكرته لورن وتوجهت نحو المصعد. كل هذا بسبب ذلك المعتوه الاناني جو. وقررت التكلم مع بولي, أليس لهذا وجد الاصدقاء الحميمون؟ لتساعدها على ايجاد رفيق عندما تكون في حالة ضيق مع ان بولي معلمة اطفال ولن تساعد كثيرا.
وضعت حقيبتها على الارض وجثت لتبحث في داخلها عن مفاتيحها, وبدات تتمتم: "ساجد حلا جميلا وسيكون... اوف.." فجاة وجدت نفسها مستلقية على الارض غير قادرة على التنفس.
"انا متاسف لم ارك." حاولت لورن ان تتكلم ولم تقدر الا على اصدار بعض الاصوات.
"هل انت بخير؟ انا متاسف لم ارك لكن سمعت احدهم يتكلم وكان يجب ان..."
رفعت راسها لترى اجمل عينين راتهما في حياتها, عينان خضراوان بلون الزمرد محاطة باطول رموش سوداء.
لكنها استطاعت ان تقول: "انا بخير.. حقيقة... انا بخير." حاولت اخفاء ارتباكها بابتسامة وهي تحاول الجلوس.
"كنت اتكلم مع... كنت اتمرن على مسرحية... مسرحية غريبة... دوري بالمسرحية." احمرت خجلا لانها تكذب على هذا الرجل الغريب.
"شيء ممتع." ابتسم وساعدها على الوقوف.
"دافيد باركلي جارك الجديد, انا متاسف لم ارك كنت غارقا في التفكير ولم ألاحظك, كنت خارجا غندما سمعتك تتمرنين." وابتسم مجددا ابتسامته الرائعة.
"لورن ويلز." صافحته وتجمدت عند ملامسة يده.
كان طويل القامة شعره اسود ناعم, وفكرت اذا كان هذا الشخص اعزب ويمكنه الرقص فهو الدواء الذي اوصى به الدكتور.
"يدي؟"
"انا متاسفة." سحبت يدها وضحكت بعصبية: "يجب ان اذهب للتمرين." كانت خائفة ان لم تدخل شقتها ستكذب كذبة اخرى. ولماذا تتوقف عند كونها ممثلة فقط.
"اعرف ان سؤالي قد يكون تافها, لكن ألم نلتق من قبل؟"
"بالمبنى ممكن؟"
"قد يكون كذلك؟" وكان واضح انه لم يكن متاكدا وتابع: "يجب ان اذهب, جدتي بانتظاري, وقد بدات ساعة الزيارة في المستشفى."
نظرت اليه بتعاطف: "اتمنى الا تكون حالتها خطرة."
"ليس الان, لكنها مرت بمرحلة خطرة." ورات مسحة من الحزن على وجهه, كان واضحا انه كان يهتم بجدته: "عانت من مشاكل القلب."
"انا متأسفة."
"انها احسن الان, انها جدة محبة وقد كنت مشغول البال في المدة الاخيرة ولهذا لم ارك.""انا سعيدة انها بحالة جيدة الان." ارتبكت لانها لا تعرف ماذا تقول بهكذا وضع.
"شكرا, كانت مناسبة سعيدة ان اتعرف بك."
صافحته ثانية واحست بنفس الشعور بالانجذاب, شد على يدها ومرت علامة الاستغراب على وجهه, اذا كانت لمسة يده تجعلها تشعر بهذا الاحساس ماذا ستكون ردة فعلها اذا رقصا معا؟
"اعتقد اننا سنلتقي مجددا." ابتسم ودخل المصعد.
راقبته لورن يبتعد, سترته الجلدية السوداء اظهرت عرض كتفيه وجاذبيته, فتحت باب شقتها وهي تفكر مستغربة, انفصل عني صديقي وفجاة وباقل من يوم انجذب لشخص اخر! اقفلت الباب بقوة.