الكل يدري إنه طاريها بالشينه يزْعجه , لكن ماني قادره امسك نفسي عشان اوضْح لهم حقارتها
ناصر بهمس عوّر قلبي : طرفه . . أمانه قولي لهـا
بلعت ريقي وقلت بكِره وانا اناظر وجه أمي وابوي : طيب , لا تتعب نفسك بالتفكير , راح اقول لها
ابتسم ابوي وقال : يالله إحنا الحين ماشيين , وقت الزياره خلْص
ناصر بحزن واضح : يبا عجّل عليهم يبدون العلاج فيني
ماني جالس هِنا وقت طويل
ابوي بإبتسامه حنونه : إن شاء الله وانا ابوك , وبما إنه عطله انا وامك واخوانك وعمتك كل يوم بنجيك ونطيْب خاطرك على ما يستقر علاجك وترجع نفس أول .
ابتسم نـآصر إبتسامته الهاديه , وسلْم علينا لما طلعنا وبقى لحاله .
* * * *
الصرآحه كـان شكله يكسر الخاطر , وباين عليه ملامح الكئابه والضيق الشدييد , لكن هالشي كِلنا عارفين انه مو بإرادته وما يقدر يتحكم فيه للأسف
يعني لولا الله ثم علاجه اللي ياخذه , كـان جلس طول حياته كئيب وحالات الصرع تتناوبْ عليه !
" هذآ هو اخوي الوحيد اللي يتعذْب بمرضه كِل دقيقه يعيشها . .
بعض التصرفات تكون خارج عن سيطرته , ومرآت يبدأ يقول أشياء ما تنفهم ومالها دآعي !
ابوي اكتشف هالمرض فيه بفترة مراهقته , لأنه كـان يعصّب كثير وما يخلي احد يأمره بشي ودايم يصارخ علينا
صحيح إنه طبعـَه هادي لكن تحسه حزين وشايل هموم الدنيا مع إنه ماعنده شي !
واحياناً تجيه بعض حالات الصرع اللي يكون فيها متنرفز والضغط عنده عـآلي
فينفجر على أي شخص بأي سالفه كانت
يعني يمكن يقول سالفة قديمه مالها دآعي بالحـَدث , ويبدأ يصارخ ويضرب بهالشخص ويمكن يأذي نفسسه بعد
الصرآحه من جد تعبنا معاه لمْا كان صغير , اتذكر انه ابوي كان يالله يحاول يهديه
ويالله يعرف يتصرف معاه ويعامله غير عن معاملته لِنا !
لكْن بعد ما كبر , أستقر على الليثيوم اللي جاب معه نتيجه حلوه وصار أنسان طبيعي
بس شكْله كِل ما يتقدم معاه العمر , يحتاج دوا له مفعول أكبر ويتأقلم مع طبيعة جسمه ويخليه مُستقر "
* * * *
ركبنـآ السياره بعد ما طلعنا من جو المستشفـَى الموحش
يعني كِفايه أداوم فيه طول الاسبوع , صار حتْى بالويك إند بعد خخخخـ
جلست على جوآلي وانا اسمع امي وابوي يتكلمون
امي بضيق : بعد عمري يا ناصر , وجهه اسود من كثر ماهو مهموم
ابوي يتنهْد : وش نسوي بعد , خليها على الله
امي تناظر ابوي برجاء : طيب خلْنا نكلم اخوك يقنع ورد تتزوْجه , المسكين راح يفرح إذا رضت فيه
ابوي يبتسم بإستهزاء : من جدك انتي , البنت مو مجبوره تعيش معاه
هي تحتاج لأحد يشيلها , مو هي اللي تشيل أحد !
أما عن الفرح , فهو بيفرح اسبوع , بعدين بينتكس
امي بضيق : ليش كلكم تعتبرونـَه مجنون او مو بعقله , المرض اللي فيه شي عادي , وما احس إنه بيضره لو تزوّج !!
ابوي بعصبيه مُفاجئه خوفتنا : لا تقعدين تتفلسفين على راسي , يكفي اللي فيني
امي بنزفره : وراك تصارخ عليّ انا ماقلت شي غلط !!
ولدك إنسان طبيعي ويقدر يتزوج ورد ويعيش معها بكل سعاده
ابوي يتأفف ويذكر الله : يا ام ناصر , لا طاح ولدك عليها مين بيشيله وهي حرمه لحالها , واذا جابت عيال وش راح يكون ردّة فعلهم لا شافوا ابوهم طايح او منصرع قدامهم !!
انتي ناويه تعذبين ورد وهي تقدر تختار احسن من الاختيار هذا
انا بهدوء : قصدك عبد المحسن ؟!
ابوي يناظرني من المرآيه : تكلمت الدكتوره
قلّبت عيوني وقلت : انا الصرآحه أتفق مع أمي , ناصر يحبها وماراح تلقى احسن منْه
ابوي يحاول يسكر الموضوع : خلاص خلاص بلا كلام ماله داعي , الولد يحتاج من يرعـآه وهي ماتبيه من زمـآن ومو مستعده تتحمْل شخص فيه كئآبه وما تحس معاه بالأمان .
امي بغصْه : يعني قصدك ولدي مو إنسان ؟!
يعني مو من حقه يتزوْج ويستانس بحياته ؟!
ابوي بتنهْد : يا حبيبتي انا ماقلت كذا , حرام علينا نظلم بنات خـَلق الله معاه
" وابتسم بإنكسار " اخبْرك صابره مو جازعه , وهذا إبتلاء من ربي واللي صبْرنا عليه طول هالسنين يصبْرنا عليه العمر كِله . .
سكتت امي وجلست تتأمل ابوي بهدوء وكأنها متطمنَه من كلامه .
" مدري ليه أحس نفسي مستانسه لأنه في أمل مع إنه بسيط "
يمكن ورد توافق على ناصر بعد ما يضغطون عليها عمي وامها
وبهالشكل ماراح تتزوْج عبد المحسسن !
الصرآحه أنا غيرانه منها وبموت من الغيْره بعد , واحس انه مو لايق عليها تاخذ واحد مثل عبد المحسسن
وعشان لا اطير بخيالي , هم أكيد ماراح يجون لي بعد مـا ترفضهم لأن شي طبيعي يدورون بنت من عائله ثانيه. .
يعني لو بتكلْم جد أنا ما ابغاه ليْ , مطوّع وبيحكرني
بالبدآيه كان عاجبني شكله وكان ودْي اكون انا اختياره , لكْن السالفه الحين صارت عناد بعناد !
ما ابغاه يأخذها , وان شاء الله هي بتاخذ ناصر .
ابتسمت وقلت : يبا وقْف مـاك خلْنا نشتري غدا منه
ابوي : يووه , عمتك اكيد مجهزه الغدا ليش هالتبذير
انا مبوّزه : بابا بليييز
امي تتنهْد : وقف يا ابو ناصر وش بيفكنا منهم لا راحت وشهْت الصـغار !
ابتسم ابوي بعفويه وانصـآع للأمر الواقع ووافق .
* * * *
1 الا ربع الظهر | شركـة التحرير
كـان جالس على مكتبه ويوقْع على بعض الاخبار اللي راح تنطرح بالجريده اللي يشتْغل فيها – هو رئيس التحرير –
عبد المحسن يعطي زميلـَه الاخبار اللي بالملف : تفضْل , كلهم ارسلهم للمطبـَعه
- شيْكت على المقالات الادبيه للرسايل اللي جتنا عالبريد ؟
عبد المحسن : في بعضهم مُملات , لكنْي رشْحت بعض اللي اعجبوني
" وابتسم " ولا تنسى ان الرأي الاول والاخير للجنـَه , ويالله ودّهم عشان لا نتأخر
ناظره زميله وقال وهو يرجع على ورى برجوله ويأشر لعبد المحسن : اليوم المباراة بالاستراحه لا تنسـَى !
عبد المحسن يتكتْف : اتمنى اشوفك مره وحده جدّي بوقت العمل " وغمز له " مو أكيد أجي لكن برد لكم خبر .
ابتسم له زميله وطلع من مـَكتبه . .
* * * *
ناظر ساعته وفرد جسسْمه على كرسيّه وهو مُرهـَق
" اليوم مرا تعبت , غير عن العاده "
وابتسم بعفويه : المفروض ما أقبل الترقيه لرئيس التحرير , يخب عليّ قسم الطباعه ههه . . .
وذكْر الله وقام يرتب بعض الاوراق اللي كـانت متزاحمه ومتراكمه قدامه !
دق جوآلي بهاللحظه " كانت أمي "
عبد المحسن بحنان : هلا بالحبيبه
امي بعصبيه : لا تقولي هلا ولا مسهلا !! وين ذاك ابو الحديقه ؟!!
" ياويلي لا يكون عرفَت , بس مين قال لها افف " : يمـآا انا كنت بقولك إنه . .
وقاطعتني وقالت : رح قِل له يجيب لنا طماط , وش ناكل عالغدا اليوم , شغالة دانه ماسوّت إيدااام ودوينه مدري عنها طالعه من الصبح وما رجعت للحين تسأل عن أمها وش بتتغدى , وانا مصاريني تأكلني !!!
تنهْد عبد المحسن ورمى نفسسه عالكرسي وقال بإبتسامه متطمنه : اليوم قالي إنه بيروح يحوّل راتبه , انا بجيب لك لمّا ارجع , وبتصل على دانه اشوف وينها فيه
ردت عليه بكِره : وانت وش هالطيب الزايد اللي فيك , حرّكه خله يشتغل مو هو ينام وانت تتعب
" الله يعيني عليك لو دريتي انه سافر إجازته " : إن شاء الله , على هالخششم
أمي مبوّزه : لا تنسى الطماط
أنا بإبتسامه : على هالخششم , موب راجع الا وكيسة الطماط فوق رآسي . .
امي : يالله سكْر , عوّر اذني هالجوال الله يعوّر اذن اللي سوآه
ضحكت بخفْه وقلت لها : فمان الله .
" ياحليلها أمي هي وذا المُزارع "
مع إنه عجوز وامي جايبته عسـآس سواق , لكنْ والله ما يسوي شي غير إنه يسقْي حديقتنا لأن امي ماهي راعية طلعات واجد , فمشت عليه أسم المزارع !
ابتسمت بلطافه على أمي وسوالفها اللي مالها نهايه
وكمْلت تجميع الاوراق , ورتبت اغراضي وطـَلعت من الشركـَه لأن دوامي أنتهى . .
وبالشارع
ركْبت سيـآرتي – همر بنيه – ومشيت أجيب لأمي طماط عشان لا تفضحنْـآ بهالظهريه !
" بالبدآيه , أنا عبد المحسسْن
عمري 32 سنـَه , اشتغل رئيس تحرير بجريدة الـ ( اكتفي بعدم ذكر اسامي هع )
مع إنه دوري مو كبير بالشغل , عباره عن إشراف وتوقيعات ومتابعه عن الاخبار اللي بتنزل بالجريده يومياً لكْني اتعب صراحةً
شغلي بالفتره الصباحيه وبعدها يمسك مكاني رئيس تحرير ثاني مسائي .
أما صفـآتي فهي مثل أي شاب عادي | متواضع , حنون , مُحترم , تصرفاتي لـازم أدرسها بتخطيط كامل , مُنظم , وهادي !
واهم صفة فيني هي الجديه بحياتي وإني مطوّع .
مع إني ما تشددت الا قريب لأني كنت داشر بمراهقتي < هههه
لكْن سبحـآن الله تغْيرت من 5 سنوات لأن بالبدايه ابوي توفى وبعدها تعرفت على اصحاب ماشاء الله محافظين ومحتـَرمين وقررت اصير مثْلهم لأنهم شكلوا لي مثل القدوه اللي فقْدتها .
مـآني مرا ملتزم , لكنْ ماني راخي الحـَبل
والحمْد لله , باب الخير مفتوح ليْ من أول ما صحيت من غفوتي بعد ما كنْت رايح فيها < ههههه تـَكفى لا تفضح نفسسك !
والصرآحه أهم شي عني بالحياه هيْ أمي
صحيح إنها تتذمْر كثير ولها شخصيات مُتقلبه زي ما تعرفونها
لكنْي اتحسْف على كِل شي كنت ازعْلها عليه قبل لا يتوفـَى ابوي
لأن بعد وفاته صرت أنا رجـال البيت بحكم إنه اخوي الكبير متزوّج وعايش ببيت ثاني
والحمد لله كِلنا فينا الخير والبركـَه , دانه انتقلت للدور اللي فوق عشان تكون قريبه منها بحكم انه ماعندها عيـآل يزعجون
وأنا جالس معهـا وألبي كِل طلبـآتها , وابو عامر ما يقصْر هو وصباح يزورونها ويسألون عنها ويطلعونها وتستانس معهم "
* * * *
بعد ربع سـآعه | قدام فلتنا
نزْلت وانا شايل كيس الطماط وامسح جبهتي بالمنديل
" يا ويلي على ذا الحرْ , يبغى لنا نرجع مصْر ناخذ دوره ثانيه "
ابتسمت على أفكـآري الغريبه
ودخـَلت من باب البيت ومريت من جنْب الصاله المفتوحه وشفت أمي ودانه جالسين فيها
حطيت الكيس عالارض وقلت بإبتسامه : السلام عليكم " وناظرت أمي " جبت الطماط يالغاليه
أمي بإبتسامه غريبه : ماعلينا من طماطك , قول لأختك مبروك !!
انا بإستغراب : على وشو ؟