المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
ملكة جمال ليلاس وملكة سحر الخواطر |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
بياض الصبح
المنتدى :
القصص المكتمله
&< ~^(( الجزء الأخير))^~ >&
~[(غاب الألــم وأشرقت شمس الأمـــل )]~
صرخت أمل بذعر : لااااا طااااارق لا تقولهااااا تأكد أول لا تظلمني الله يخليك ..وأجهشت ببكاك مـــؤلم ..
نظر لها بألم وقال بمراره : أمل خلاااص روحي أوعدك أفكر بســ ..صمت وترك كلامه معلق وأبعد نظره عنها
فشعرت بمدى رفضه لها هذه اللحظة فقالت بألم وهي تنزل من السيارة : مع السلامة .
ونزلت وهي تجر أذيال الخيبة والذل وهي تدلف لمنزل والدها .
******
: السلام عليكم
: ألووو .. عليكم السلام
: طارق ؟
طارق : نعم أخوي بإيش أخدمك
: ممكن أقابلك عندي موضوع مهم لازم أقوله لك .
طارق : طيب مين أنت كيف أقابلك وأنا ما أعرفك ؟
: معك سعود تعال قابلني إذا تبي تعرف حقيقة زوجتك إللي هي طليقتي .
تكلم طارق بهدوء : ليش إيش سوت ؟
سعود بخبث وهو ينظر لرفاقه : أنت قابلني وأقولك السالفه كلها .
طارق :طيب وين أقابلك ؟
سعود وهو يشير لأصحابه بعلامة النصر : كوفي الـ.... إللي بشارع الـ..... تعرفه .
طارق : أممممم إيه أعرفه ربع ساعه وأنا عندك .
***
على طاولة مستديرة جلس طارق بجبين مقطب يخفي به غضبه ويقابله ثلاثة شبان إثنان يظهر الخبث من قسمات
وجهيهما أما الآخر فيظهر الحزن والحنق المصطنع بإتقان عليه وبعد أن مضى بعض الوقت بصمت وأصبح كل
فرد أمامه كوب زجاجي به عصير ، بدأ الحديث طارق الذي سأم من الصمت بسؤال وجهه لسعود : نعم يا أخ سعود
إيش الموضوع بس لحظه ..وأشار لأصحاب سعود بمعنى أنه يستفسر عن سبب تواجدهما ..
سعود بتجاهل لإستفساره قال بنبرة حزينة مصطنعة : الموضوع أن أمل لما كنت متزوجها كانت لما تتأكد إني نمت
تخرج لأصحابي اللي يسهرون عندي و تلزق فيهم وهم ما يبون يقربون منها بس هي ما تتركهم وعلى هذا الحال
كل يوم وأنا ما كنت أدري بسواتها بس شكيت عشان كذا أتهمتها لما قالت لي إنها حامل ولما أثبت التحليل أن
إبراهيم ولدي حسيت أني ظلمتها وقلت برجعها بس هي خدعتني أتفقت معها ترجع لي بس تزوجتك عرفت أنها
ماهي سهله وأنها ما تغيرت ولما حكيت لأصحابي عن سواتها ..وهو يمرر عينيه لرفاقه..حكولي إيش كانت تسوي
قبل .
لم يظهر على طارق سوى البرود المناقض لنيران الغضب المتقدة بداخله والتي تظهر من عينيه التي تطلق حماماً
وبعد صمت قصير قال ببرود : طيب إيش اللي يثبت كلامك ؟
نظر سعود لطارق ثم لصاحبيه وقال بهدوء : هذولا أصحابي إسألهم إذا ما تصدق .
نظر طارق لهما مستفسراً فقال أحدهما بكذب : صحيح هذا الكلام أنا دايماً كنت أشوفها تجي بملابس فاضحه
وتحاول تغوي الرجال وسعود يكون نايم ولا يدري بشيء كنا نلمح له عنها بس هو كان ما يصدق فيها .
وتكلم الآخر مكملاً مسيرة الكذب : هددناها إنها بنعلم سعود عليها كانت تضحك علينا وتقول سعود واثق فيني .
أكمل سعود بحزن كاذب ككلامه : عشان كذا لما عرفت قلت أحذرك منها يمكن تعيد إللي صار قبل , بعد ما كنت
أبيها إلحين لو تنهد السما على الأرض ما أخذتها بعد ما عرفت سواتها .
بعد أن تأكد طارق من إكمال كلامهم قال بهدوء بارد وساخر : خلاص قلتم إللي عندكم جزاكم الله خير على
المعلومات اللي أعطيتوني إياها ..ونهض ببرود وسار خارجاً من الكوفي تتبعه نظرات الإستغراب التي تطل من
الجالسين ولو نظروا لعينيه لما شكوا في مدى الغضب المتقد به ..
***
استوى سعود بجلسته وهو يبتسم بخبث وانتصار من خطته التي آتت ثمارها رغم الإحباط الذي أصابه من ردت
فعل طارق ولكن مكالمة سلمى التي وصلته قبل دقائق أعلمته بمدى نجاح خطته وقال منتشياً بفرح : أخيراً إنتقمت
منك يا أمل أنا محد يخدعني ..وضحك بملء فيه .. ههههههههههاااي
دخل صاحبيه وهم ينظران له بغرابه فسألوه عن سبب ضحكه فرد عليهم : أبشركم خطتنا نجحت وبقوه بعد .
سأل أحدهم :
كيف عرفت وباين أمس طارق ما صدقنا ؟
سعود : كلمتني سلمى وعلمتني أن أمل جابها طارق عندهم مع أغراضها أكيد طلقها لأنها تبكي من أول ما جات
عندهم .
*******
دخل والدها غرفتها للمرة العاشرة منذ أتت وجلس بجوارها وهو يسألها بألم على حالها : أمل حبيبتي قولي إيش
سوى لك طارق قولي والله لأروح له بس تكلمي ،
هزت أمل رأسها بمعنى لا شيء وهي مستمرة في البكاء وقد انتفخت عينيها وأصبحت بلون الدم القاني وتكلمت
بصوت أبح ومختفي من كثرة البكاء وهي تبرر بوهن وألم : لا يبه طارق ما سوى شيء كل الموضوع حصلت
مشكلة بيننا وأختلفنا بســ
نظر لها والدها بشك وقال بهدوء : خلاص تفاهمي معه وإن شاء الله تحلون الإشكالية إللي بينكم ..ونهض مغادراً
وهو يقول .. الله يوفق بينكم ويهدي سركم ..وخرج..
سرحت أمل و راحت تحدث نفسها "ما أظنها يبه تنحل هذي المشكله ماااا أظن لكن الله كريم آآآآهـ يارب تنصرني
على من ظلمني" ..أغمضت عينيها تحاول أن تريح عينيها من البكاء ولكن هيهات فما أن أغمضت عينيها حتى
رُسم أمامها وجه طارق الغاضب عندما نعتها بــ (الخائنة) فزاد ألمها أضعافاً وأنسابت دموعها مرة أخرى ..
وأخذ قلبها ينبض بعنف عندما تذكرت معاملة طارق لها الليلة الماضية ولم تشعر بدخول سلمى والتي رأت حالها
ودموعها المنسابة على خديها كالشلال فضحكت بشماته عليها فنظرت لها أمل وتكلمت الأخرى بصوت تملأه
السخرية والشماته وهي مازالت تضحك : هه مسكينة يا أمل تركك زوجك بعد ما عرف حقيقتك يــــا ..توقفت عن
الكلام بمغزى ثم أطلقت ضحكة عالية..هههههههههه .
نظرت لها أمل بنظرة غاضبة كادت تقتلها وشكت كيف عرفت .
خافت سلمى من نظرت أمل فانسحبت بسرعة من الغرفة وهي تغطي خوفها بضحكة شامتة طـــــويلة وما إن
خرجت حتى أخذت الأفكار تدور ببال أمل وقالت تحدث نفسها "إيش عرفها سلمى وأنا ما تكلمت ولا حتى قلت لأحد
أن طارق تركني ما أدري أحس أن ورا كلامها شيء وشيء كبير كمان "
**********
**********
مرت أيام طويلة رجعت أمل لطبيعتها ولكن بتحفظ لم تنقطع إتصالاتها بأهل طارق الذين ما زالوا يسألون عن سبب
فراقها عن طارق ولكنـــ لا جواب هي نفسها لا تعلم سبب إنقلابه عليها ولم تسمع عنه أي أخبار في المقابل رجعت
علاقتها بنهى أكثر إرتباطاً وتبادلتا الزيارات وكانت تلازمها نهى في الجلسات النفسية عند الدكتورة ريم بعد أن
عادت حالتها كالسابق عقب ما حدث تلك الليلة فقد أنتكست حالتها من جديد وكانت عندما تذهب للمستشفى تحاول
أن تبتعد عن أماكن تواجد طارق فقد كانت تذهب للعيادة وتعود أدراجها بسرعة دون أن تلتقي به ، عادت للمدرسة
بعد إنقطاع أسبوع وأجتهدت بدراستها وكانت تلتقي بشادن كل يوم والتي كانت تلح عليها بالسؤال فتجيبها بأن
تسأل طارق فترد الأخرى بأنها تسأله ويكون جوابه الصمت ..
أما عن سلمى ..
علاقتها بها شبه منقطعة إلا من لحظات تعبر فيها عن كرهها لها ببث سمومها وتستفزها بضحكاتها الشامتة .
********
بعد مضي شهر ونصف ...
أستقلت أمل سيارة والدها وحيته بهدوء فرد عليها وصمتا إلى أن قالت له أن يذهب لمنزل نهى فسار في المنعطف
المؤدي له فقال لها والدها بهدوء : أمل يابنتي لين متى وأنتى على هالحال ليش ما تكلمين زوجك وتتفاهمين معه
؟؟
نظرت لوالدها بحزن وقالت بصوت مليء بالمرارة : موب يدي الشيء هذا يبه وما أقدر أدق عليه ما أقدر ..ونزلت
دموعها وهي تقول بصوت متحشجرج من البكاء ..صعب إني أرمي نفسي عليه وهو إللي تركني .
رد عليها والدها بحزن على حالها : يابنتي أنتي ما ترمين نفسك هذي حياتك ولازم تسعين لنجاحها ..صمت لحظات
ولم يجد رداً على كلامه فقال بتصميم .. أجل خلاص أنا راح أتفاهم معه .
أمل بفزع : لا يبه لا تروح له الله يخليك .
رد بجدية وبحدة : لا بروح وأشوف إيش إللي صار هذا الحال ما ينسكت عليه .
لم تستطع أمل أن ترد عليه بسبب دخول نهى السيارة وإبتلعت إعتراضاتها وسارت السيارة بصمت حتى نزلتا
للمستشفى وأنطلق والدها مبتعداً بسيارته , تحدثت مع نهى بهدوء وهما تسيران ذاهبتان إلى عيادة الدكتورة ريم
وكانت تخبرها عن قرار والدها فردت نهى تطمئنها وتشجعها أن هذا أفضل من الصمت والإنتظار بلا فائدة فسهت
أمل تفكر في الأيام السابقة والتي قضتها في بيت والدها حيث لازمها الألم من نبذ طارق لها بالإضافة إلى معاملة
سلمى لها وكذلك عودة الآلام والأحلام السابقة لها وهذا ما جعلها تعود لعيادة الدكتورة ريم منذ ما يقارب الشهر
والتي أوضحت لها أنها لا تتجاوب مع العلاج كالسابق وحفزتها على أن تتخطى محنتها وأن تساعد نفسها ولكنها
كانت محطمة كلياً وتذكرت وقوف نهى ووالدها معها وتشجيعهما الدائم لها وهي شاكرة لهما جهدهما والذي أثمر
بتحسن نفسيتها مؤخراً حتى قررت الدكتورة بأنها ستحتاج لجلستين فقط لتنتهي من العلاج .. إنتبهت لحظتها
عندما توقفتا أما باب العيادة جلست نهى بالخارج بينما دخلت أمل للدكتورة والتي رحبت بها بحفاوة في المقابل
أبتهجت أمل لشعورها بمدى الحب الذي تكنه هذه المرأة لها بدأت جلست العلاج وحالما إنتهت قالت د/ريم بابتسامة
: ما شاء الله اليوم أشوفك متجاوبة ، ياترى إيش السبب ؟؟ ..سألتها بمكر..
ابتسمت لها أمل بهدوء : لا ما في شيء بسـ ..أخفضت رأسها وتكلمت بخجل.. أبوي راح يكلم طارق اليوم ويتفاهم
معه .
إبتسمت الأخرى بمكر : أها السالفة فيها طارق قولي من الأول ..صمتت لحظة تفكر ثم سألتها بهدوء.. أمل من يوم
تركك ما شفتية ؟؟
نفت أمل بهزة من رأسها وارتسم الحزن على ملامحها عندما جالت ذكريات ذلك اليوم ..قاطعت ريم إسترسالها في
الذكريات وقالت لها سائلة.. تتوقعين لما تشوفينه راح يأثر عليك هالشيء ؟
أمل بحزن : ما أدري يمكن ما أتأثر لأنـــ لأنيـــ ..أكملت بغصة.. أحبـــة ومشتـــــاقة له ..وانسابت دموعها ثم
مسحتها وأكملت.. أنا ما أدري إيش الذنب اللي يعاقبني عليه وأنا واثقة من نفسي لكن مصير اللي متخبي يظهر .
تكلمت ريم بهدوء وجدية : أمل لا تصير شخصيتك ضعيفة وتبكين على أي شيء وكل شوي ، دمعتك غالية و لازم
ما تنزل إلا فلحظات صعبة حاولي أنك تعرفين إللي لك وإللي عليك بدون ضعف وتهاون ، ربي خلقك حره ما
تتركين الناس يستعبدون هالحرية إللي أعطاك إياها ويسيرونك على هواهم ولا تتركين مشاكلك بدون حل ,لا,
دوري عن سبب المشكلة أول شيء بعدين شوفي إيش الحلول المناسبة لها وإبعدي كل البعد التسيب وترك مشاكلك
للغير يحلونها لك لأنهم يمكن إذاحلوا مشكلة راح يوقعونك بمشكلة أكبر وهم غافلين ، أمل أتمنى توعين لكلامي
وتفهميه وحطيه حلق بإذنك فهمتي ؟؟
أمل بتفكير وكأنها تسجل كل ما قالته الدكتورة و تحاول أن تعيه ، هزت رأسها بإيجاب وهمست : فـــهــــمـــت ..
*******
خرجت لنهى بروح مرتفة وإبتسامة ومتفائلة للقادم تقدمت منها نهى ونظرت في عينيها ووجدتها تلمع بتفاؤل
وقالت لها بفرحة : ما شاء الله أشوف النفسيه اليوم عال العال .
ردت أمل برضى : الحمد لله ..كررت الأخرى ذات العبارة وأكملت أمل .. يلا مشينا .
شادن : بس موب كأنه بدري على موعد جيت أبوك .
نظرت أمل لساعتها للحظة وأكملت : لا بس تقريباً نص ساعة تعالي نروح إستراحة النساء لما يجي .
وافقتها الأخرى وسارتا باتجاه اللوبي ومنه إلى الإستراحة ولكنــــ
رأتــــــــــــه
توقفت عن السير
نظرت له مليا
التفتت لها نهى تستحثها على السير ولكنها لم تستجب لها فانتبهت لما تنظر له فرأت رجل طويل يلبس ثوب أبيض
وفوقه اللاب كوت ويضع على رأسه شماغ أحمر ولم يظهر من شكله شيء لأنه مولياً إياهما ظهره لم تتعرف نهى
عليه ولكن صاحبتها عرفته وارتجف قلبها لرؤيته وعرفت نهى هويته فلم يكن سوى طـــــــارق أحست نهى بها
ومدى شوقها للماثل أمامهما والذي لم ينتبه لهما ولكنــــــ
شعر بأحد ينظر إليه فالتفت
ورأهــــــا
عرف عينيها
والتصقت نظراتهما للحظات ثم تمالكت نفسها أبعدت عينيها ودخلت مع نهى للإستراحة جلستا بصمت لدقائق ثم
حاولت أن تدمجها نهى معها بمواضيع شتى ونجحت بذلك إلى أن إنشغلتا بتراسل المقاطع الصوتية بينهما وفيما
هي تبحث عن جهاز نهى وجدت أسمه (طــــارق) تأكدت أنه هو من خاصية الإقتران بين جهازيهما رفعت رأسها
لنهى المنشغلة بهاتفها وأخبرتها : نهووو تخيلي حصلت طارق من الأجهزه الموجودة .
نهى بحماس : جــــد يالله إرسلي له أي شيء .
أمل بحيرة : مثل إيش ؟
نهى بتفكير : أممممم ما أدري ..صمتت لحظة وأكملت.. أرسلي ملاحظة إسأليه عن سبب سواته فيك .
أمل تفكر وتحدث نفسها "ما تعرفين إلا الظاهر يا نهى وما تدرين إيش إللي مستور" فردت بهدوء : لا ما راح
أسأله راح أرسله أنشوده معبرة ..ضربت عدت ضربات على الأزرار أمام نظرات نهى المستغربة والتي تسائلت
بغرابة .. أنشودة !! إيش إسمها .
تأكدت أمل من تمام الإرسال وأجابت : إسمها عروق الوفاء .
********
في المقابل تفاجأ طارق برنة الرسالة في هاتفه المحمول فرأى أنها رسالة بلوتوث إستغرب فهو لم يقبل إستلام
رسالة تفحصها فوجدها مقطع صوتي وضع السماعة بأذنيه وضغط زر التشغيل وأنطلقت الكلمات المؤثرة كثقل
الرصاص على أذنيه وقلبه فانطلق لمكتبه مسرعاً ليخفي تأثره من الكلمات أمام نظرات الإستغراب من الطاقم
الطبي الواقف معه .
أستقل المصعد وأعادها من جديد ..
مأجور ياللي من فراقك تعلمت
ان الزمن يومين طيب... وخيب
فاجأتني بمفارقك ما تولــمت
كذا بدون أسباب عني تــغيب؟؟
ما مت من فرقاك لكن تألــمت
وشيبتبي ياصاحبي قبل اشـيب!
ولولا السحا من عاذلي ما تلعثمت
طاولته اللي في يدي من قريـــب
أضحك وأسولف وإن لحقني سهر نمت
لكن قسم بالله ماني بطيـــــــب
المنشد/ معيض القحطاني
للشاعر / محمد بن فطيس المري
********
********
أستقلتا السيارة بصمت سألها والدها بهدوء عن موعدها الذي لا يعلم عنه سوى أنه مراجعة روتينية فأجابته أنه
على خير ما يرام وسارت بهم السيارة لا يسمع إلا صوت هدير المحرك الرتيب فأخذت تفكر كيف ستكون ردت فعل
طارق عندما يستمع لكلمات النشيد وتذكرت كيف نظر لها وعرفها بسرعة وحدثت نفسها "معقول يدري إني أجي
للمستشفى , أكييييييد يدري لأنه هو المدير طيب نفسي أعرف إيش موقفه لما عرف إني رجعت للعيادة النفسية هل
ندم ولا لا بس أنا إللي شفته بعيونه شيء غريب بس ما أدري إيش هو" إنتبهت لتوقف السيارة وخروج نهى من
السيارة بعد أن ودعتها وردت عليها بهمس .
سألها والدها : أمول إيش فيك ساكته و دايم سرحانة قولي يابنتي إيش إللي مكدرك ؟ وبصراحة مو مريحني الحال
إللي أنتي فيها .
إبتسمت له أمل إبتسامة لم تصل لعينيها بل إستدل عليها من نبرة صوتها وهي تقول : لا يالغالي ما فيني شيء كل
الموضوع أني أفكر فالمشكلة اللي بيني وبين طارق وإلا أنا الحمد لله ما فيني إلا العافية وبما أنك بتروح له عشان
تحلون المشكلة خلاص راح أريح بالي من التفكير ..وأكملت بصوت مرح مصطنع .. ها كذا يرحيك .
إبتسم لها والدها بحنان : موب مهمة راحتي أهم شيء عندي أنك تكونين مرتاحة ومتهنية تري التفكير والهموم
تتعب القلب وتجيب الأمراض .
هزت أمل رأسها بإقتناع : أممم طيب ما راح أفكر كثير إن شاء الله .
في هذه الأثناء توقفت السيارة و أنزلها والدها عند باب المنزل وأنطلق هو بسيارته ليكمل أعماله .
*********
بعد العشاء...
صلت العشاء وجلست لتذاكر وتنجز واجباتها المدرسية وبينما هي غارقة في عملها سمعت طرقات على الباب
ودخل والدها وهو يسلم فردت عليه بحب وهي تزيح كتبها من حضنها وتجلس موازية له بعد أن جلس على إحدى
الكراسي وبادرها قائلاً : ها يا بنتي كيف المدرسة معك ؟
ردت عليه بهدوء : الحمد لله تمام .
همس والدها بالحمد لله وأكمل يقول بجدية : يا بنتي رحت لعمك وتكلمت معه بموضوعكم وأتناقشنا فيه وشفنا أن
أفضل شيء أنكم تتقابلون وتحلون مشكلتكم وإذا ما وصلتم لحل راح نتدخل فحل المشكلة ، إيش رايك ؟
نبض قلبها بقوة لفكرة إلتقائها بطارق وإرتبكت وتلعثمت الحروف وتزاحمت في الخروج وبقيت صامته للحظات
تفكر ماذا ستقول وأخيراً ردت بتوتر : أأ أممممم ماا أدري ..صمتت لحظة وقالت تستجدي الهدوء لتغطي على
توترها .. إللي تبونه بســ ..صمتت لحظة أخرى وقالت مستفهمة .. بس طارق كلمتوه ؟
هز والدها بإيجاب وهو ينظر لها بغرابة من توترها وتلعثمها في الكلام وقال بهدوء : إيه كلمناه وقال ما عنده
إعتراض كلميه واتفقي معه تقابلية .
أومأت أمل بإيجاب وهي غارقة بالتفكير وردت بشرود : طيب راح أكلمه إن شاء الله ..وصمتت وهي ما تزال تفكر..
عندما رأها والدها تفكر لم يقاطعها بل خرج بصمت و هدوء حتى أنها لم تشعر به ولم تنتبه من شرودها إلا عندما
سمعة رنة هاتفها وأنتفضت عندما ميزتها فهي النغمة المخصصة لطارق أمسكت الهاتف بيدين ترتجف وقلبها
ينبض بخوف وتوتر ومشاعر كثيرة إختلطت عليها ولم تعد تميزها توقف الهاتف من الرنين في ذات اللحظة التي
همت بالرد ففلتت منها تنهيدة إرتياح حبستها منذ شاهدت أسمه ينير الشاشة وما لبث أن عاد الإتصال و أصبحت
الشاشة تنير من جديد بجملة (حــ عــمــري ــب يتصل بك ...) وردت بسرعة حتى لا تتقاذفها الأفكار وتضيع في
دوامتها وقالت بهدوء يشوبه التوتر : ألـــو .
سمعت من الطرف الثاني صوت طارق وهو يلقي التحية ببرود فردت عليه بذات الهدوء ..صمت الطرفان للحظات
ثم بدأ طارق بالحديث ..
طارق ببرود : كيفك ؟
ردت عليه بتوتر : الحمد لله أنت كيفك ؟
أكمل ببروده المعتاد : الحمد لله بخير ..ثم بدأ يحدثها عن مشكلتهما بذات البرود وكأنه أمر لا علاقة له به .. كلمني
أبوي وأبوك اليوم عن المشكلة إللي بيننا وشافوا أن أفضل حل إن إحنا نحلها أكيد كلمك أبوك .
ردت بهمس : إيه كلمني .
فقال بإستفهام : وإيش رايك ..وأكمل بسخرية لاذعة شاركتها مرارة إلتمستها أذناها .. ولا أقول بلاش نتفاهم على
شيء واضح ومفروغ منه .
آلمتها بشدة نبرة السخرية في صوته ولكنها ردت بقوة وحزم : لا موب واضح أنت اتهمتني بدون ما تقولي إيش
مبرراتك حتى ما قلت لي إيش إللي يخليك واثق من إتهامي بالخيانة وأنا الله العالم ما عمري خنتك وأحلـفـــ
قاطعها بغضب حارق وبنبرة مشمئزة : لااااا تحلفين الله أكرم من أنك تحلفين به ..وأكمل بصوت جليدي .. خلاص
متى أقابلك عشان نتفاهم وأقولك ..بإستهزاء.. مبرراتي على قولك ؟ ..صمت الطرفان للحظة ولم يجد منها الجواب
فأكمل مستفهماً .. إيش رايك نتقابل بعد جلستك يوم الأربعاء عند بوابة المستشفى ؟
جرحتها الإتهامات في صوته والتي أكدت لها مدى أقتناعة من كلامة لدرجة شككتها بنفسها تجاهلت ألمها وردت
بهدوء : o.k .
طارق ببرود : وإلحين يلا مع السلامة ..وأغلق السماعة قبل أن يسمع ردها..
أماهي فإغلاق الخط فتح عليها بحر أمواجه من التفكير والألم والحزن وأصبحت تتقاذفها يمنة ويسرة بلا حول ولا
قوة .
************
يوم الأربعاء
خرجت من عيادة الدكتورة ريم مرتاحة البال وأكثر ثقة بنفسها بعد النصائح التي وجهتها لها د/ ريم والتي جعلتها
تدرك مدى ضعفها وتجاهلها لقدراتها وفتحت عقلها لتستطيع أن تواجه مشاكلها وتحلها بثقة وأول أمر لها أن
تواجهه (طـــــــــــــــارق) وإتهاماته لها للحظة توترت من الفكرة ولكن وازنت نفسها وتماسكت وهتفت لنفسها
"لا تضعفين يا أمل وراح تحلين المشكلة بأمر الله" سارت عدة خطوات حتى وصلت للوبي المستشفى فرفعت
رأسها ووجدت طارق ينتظرها أمام الباب إرتجف قلبها لرؤيته وتقدمت منه وهي لا تسمع سوى صوت نبضات
قلبها وخافت أن تفضحها , توقفت أمامه فأحس هو بأن أحد يقف بجواره فرفع رأسه ووجدها فأسرعت هي بإلقاء
التحية فرد عليها ثم قال يسألها ببرود : خلصتي ؟
هزت رأسها بإيجاب وأجابت بهدوء : إيه .
قال يستحثها على المسير : يلا مشينا ..فسار للخارج وتبعته هي بدورها ..
***
جلسا متقابلين في مكان هادئ بمقابل البحر وقد كان الوقت عصراً وبعد أن طلبا كوبا من العصير المثلج واستقر
طلبهما على الطاولة أمامهما تكلم طارق لينهي الهدوء المتوتر بينهما قائلاً ببرود : يلا أمل تكلمي .
نظرت له أمل بحاجب واحد مرتفع وهي مستغربة منه وقالت مستفهمه : مين إللي مفروض يتكلم ؟ أنت إللي
إتهمتني وما قلت لي أي دليل على كلامك ..ونظرت له بمعنى إبدأ بالكلام ..
نظر لها طارق ولكنها نظرات ساهمة وكأنه لا يرى أمامه أحد وبقي للحظات بهذا الحال حتى ظنت أنه لن يتكلم
ولكنه إنتبه من سرحانه وقال بصوت غلب عليه البرود الجليدي : إتصل مرة سعود وقال لي ..وأخذي يحكي لها ما
جرى وما قيل وهو يتفرس بوجهها ويراقب تصرفاتها بعينين ثاقبة كالصقر..
أما هي فبمجرد سماعها لإسم سعود علمت أن كل ما قاله إفتراءات لينتقم منها وأخفضت رأسها لتخفي نظرة
الرعب والصدمة من الكلام المفترى عنها والذي طعن بشرفها وهي البريئة وعندما أحست بالصمت يلف المكان
علمت أن طارق أكمل كلامه وهو ينتظر منها الرد ولكن لا لن تعطيه أي رد بل ستثبت كل شيء دون أن تتفوه بكلمة
بل قالت له بكل ألم وخذلان منه لأنه صدق هذا الكلام : وأنت أكيد صدقت كلامه ..نظر لها بحده واكملت دون أن
تهتم لنظراته .. ما راح أقول أني بريئة وأبكي لك وأترجى أنك تسامحني ..قالت بقوة حق المظلوم .. لاااا بما أنك
صدقت هالكلام فيني معناته حياتنا مع بعض المدة اللي فاتت كانت مبنية على سراب وأنهارت مع أول هزه أنا لما
حكيت لك حكايتي قلت لك بتصدقني قلت إيه ولو كنت أدري أنك ما راح تصدقني ما تكلمت وبكذا أقولك أنت بعدم
ثقتك فيني حكمت على زواجنا بالفشل والنهاية وأنا من إلحين أقول لك لو بيوم ظهرت برائتي وطلبت رجوعي لك
مستحيل أرجع لك ..أهتز صوتها من ألم خنق العبرات فيه ولكنها تكلمت بقوة .. طلــــقــــنـــــي يا طارق .
إبتسم طارق إبتسامة بااااااردة وقال ببرود وكأنه لم يهتم لكلامها : أكيد ما عندك رد ولا عندك أي تبرير وثقي إني
ما راح أترجاك وأرجعك وأنا أعرف حقيقتك القذرة يا خاينة والطلاق أمر لا بد منه ولكنه مأجل لحاجة فنفسي ..
وأستقام واقفاً ثم تبعته أمل بعد أن أسدلت غطائها على وجهها الذي ما أن غطته حتى بللته الدموع المنهمرة
والصامته فكلامه جرحها وأوغل جراحها وأصبحت روحها مذبوحة موجوعة حــــــتى النخاع ..
***
نزلت من السيارة ودخلت لمنزل والدها بهدوء بعكس البراكين الثائرة بها وما إن دخلت حتى بادرها أبوها بعد أن
ألقت عليه التحية وقال بترقب : ها بشري عسى تصالحتو .. ولكنه توقف عن الكلام عندما رفعت غطائها ورأى
وجهها العابس وعينيها الحزينتين فعرف الجواب بأن الأمور لم تسر بخير فقال لها بهدوء يشوبه الحزن .. خلاص
يا بنتي روحي إرتاحي وأنا راح أتفاهم معه .
هتفت أمل برعب : لا يبه الله يخليك لا تتفاهم معه ولا شيء الموضوع معقد أكثر من إللي تتوقعونه عشان كذا
خلاص بننفصل أنا وطارق وأنا مستحيل أرجع له .
هب والدها كالمقروص وقال بإنفعال : لا يا بنتي إلا الطلاق تراه موب زين بالذات إنتي ,سامحيني لازم تعرفين إني
أبي مصلحتك حتى لو كلامي جرحك ..صمت لحظة وأكمل .. يابنتي لو تطلقتي هذي المرة الناس راح يشكون أنك
أنتي فيك العيب وأنا ما أبي أحد يتكلم فيك ..تقدم منها وأمسك بيدها وأجلسها على إحدى الكراسي وجلس بجوارها
وهي في حالة جمود من كلام والدها وكذلك كلام طارق قبل قليل أكمل والدها كلامه بحنان .. قولي يا بنتي إيش
المشكلة اللي بينك وبين زوجك وراح نساعدك بحلها أنا وعمك وخالتك بس أنتي قولي .
هزت رأسها وهي ساهمة تفكر في هذه المعمعة حولها وقالت بهدوء : لا مشكلتنا وصلت لطريق مسدود وبعدين
كلام الناس ما يهمني أبد .
رد عليها والدها بمحاولة لإقناعها : حتى أنا يا بنتي ما يهمني كلام الناس لكن الناس تكلموا عليك مرة وقطعوك
من كلامهم وما أبي اللي صار يتكرر موب عشاني لا عشانك أنتي وعشان عيالك بعدين يابنتي ما أبي تعيشين بعدي
وأنتي منبوذة من الناس .
دمعت عين أمل ومسحت عينها وقالت متأثرة من كلام والدها : الله يطول بعمرك يبه لا تقول هالكلام مرة ثانية
..صمتت لحظة وأكملت .. أما المشكلة مصيرها يوم وتنكشف أوراقها والطلاق بيني وبين طارق مأجل لوقت الله
يعلم فيه ..وقالت برجاء وهي تمسك يدي والدها بين يديها .. الله يخليك يبه ريح بالك ولا تتعب نفسك وبإذن الله
راح أجيك يوم وأقول لك المشكلة إنحلت عشاني يبة أنا إلحين مشغولة بدراستي إذا تفرغت شفت لها حل ..ونظرت
لوالدها بجدية وقالت .. بس إنتبه يبه من سلمى أحس وراها مصايب أنا ما أبي أظلمها بس أحس بها الشيء .
هز والدها رأسه بهدوء وقال : إن شاء الله بس يالله إنتي روحي إرتاحي وريحي بالك ووكلي أمرك لله .
نهضت أمل بتثاقل من الهم الذي سكن صدرها وقالت وهي مغادرة : إن شاء الله .
دلفت غرفتها وخلعت عباءتها وما إن وضعت رأسها حتى أنفجرت مدامعها بدموع كالمطر وأصبح لروحها أنين
كأنين المرضى فثقل الكلام الذي قيل عنها كالجبل يجثم على صدرها كتمت آهاتها في وسادتها ولكن أنى لها أن
تكتم .
*********
مضى يومي الخميس و الجمعة عسرة على أمل من ثقل الهم الذي أصابها تلبستها حمى كادت تودي بحياتها
وأصبحت تهذي من شدة ما أصابها وأصبح والدها ملازماً لها ولا يبرح مكانه سوى للصلاة كان هاتفها لا يتوقف
عن الرنين تارة شادن وتارة نهى وأخرى أم طارق حتى أبو طارق جميعهم يتصلون ليطمئنوا عليها ولكنها لم تكن
تشعر بهم أبداً بل كان والدها يرد أحياناً على مكالماتهم .
أنقضى يوم الجمعة وأتى يوم السبت وهي ما زالت طريحة الفراش فطلب والدها من أبو طارق بأن تأتي أم طارق
لترافقها فهو لديه أعمال متوقفة فرحبت بذلك أم طارق على الفور و أتت إليها وغادر والدها لأعماله بقلب قلق
على صغيرته .
***
جلست أم طارق بجانب أمل الممدة والتي لا تشعر بمن حولها تحسست خديها المتوهجين من الحرارة فوجدت
حرارتها مرتفة فهمست لأبو طارق الذي ينظر لها بحزن وقلق : عبدالله حرارتها مرره مرتفعة يا قلبي عليها ..
ودمعت عينيها ومسحتها وقالت بحزن .. ما أدري إيش إللي قلب حالها هي وطارق اللي طول الوقت سرحان ولا
هو معنا .
رد أبو طارق يوسيها : شده وتزول إن شاء الله بنشوف أنا وإبراهيم حل لمشكلتهم ما يصير نسكت وننتظر .
أومأت أم طارق بإيجاب وقالت : خلاص أنت إلحين روح عملك وأنا بجلس عندها لين يجي أبوها .
أبو طارق وهو يهم بالمغادرة : يلا أجل فأمان الله .
ردت الأخرى : مع السلامة ..ونظرت لأمل بحزن وأمسكت بقطعة قماش وغمرتها بالماء البارد ووضعتها على
جبينها فشهقت من برودته فسمت عليها ثم سمعتها تهذي بإسم (طارق) وتردد كلمة (ظلم) و (أنا موب خاينة)
فشهقت أم طارق مرعوبة وقالت تحدث نفسها "معقول طارق إتهمها بالخيانه لا ما أصدق ما توصل لهذا الشيء
ياربي محتارة إيش اللي يخليه يشكك فيها ..هزت رأسها بنفي وقالت تقنع نفسها..لا ما أظن إتهمها يمكن هذي من
تراكمات من حياتها مع سعود , إيش يخلي طارق يتهمها أصلاً " وقالت تبعد وساويس الشيطان عنها .. أعوذ بالله
من الشيطان الرجيم ..وأكملت ما بدأته..
***
مضت ساعة تلتها ساعتان ولم تنخفض حرارتها فخافت أم طارق أن تسبب لها الحرارة مضاعفات أخرى فأتصلت
وهي قلقة على طارق والذي أجابها بسرعة وهو يرد التحية فأسرعت أمه تقول : طارق ياولدي لازم تجي إلحين
عند بيت عمك إبراهيم .
رد بخوف : خير يمه عسى ما شر أمل فيها شيء ؟
قاطعته أمه بعجلة : لا تخاف بس تعبت شوي تعال شوف إيش فيها .
فرد عليها بعجلة وخوف يتصاعد : طيب إلحين جاي بس خليك عندها يمه لا تتركينها .
أم طارق : طيب طيب بس لا تسرع .
طارق بسرعة : إن شاء الله , مع السلامة ..وأغلق بعد أن سمع ردها وخرج من المستشفى بإتجاه بيت عمه ..
لم تمضي سوى ربع ساعة حتى سمعت أم طارق صوت طرقات متتالية للباب فنهضت وفتحته ووجدت طارق الذي
ألقى التحية بعجل ويظهر عليه الخوف والقلق وكان يحمل بإحدى يديه حقيبة الطبيب فقال لأمه : وينها فيه ؟
أشارت أمه لغرفتها فأسرع بإتجاهها ودخل غرفتها الدافئة فوجدها مستلقية كالقماش البالي مغمضة عينيها
النجلاوين وعلا خديها وأنفها حمرة من التعب مناقض لإصفرار وجهها الواضح تقدم منها تحت نظرات أمه التي
تبعته أمسك بمعصمها ليقيس النبض فهالته حرارتها فأسرع بعمله فقاس لها الضغط والحرارة وأخرج من حقيبته
حقنة خافضة للحرارة فهتفت أمه تنبهه : إنتظر طارق يمكن حامل وأخاف تضرها .
نظر طارق لأمه بصمت ثم إلتفت ينظر لأمل التي لا تشعر بمن حولها وضع يده على بطنها النحيل تحسسه بيديه
ولم يتفوه بحرف بل إستبدل الحقنه بأخرى وحقنها بيد ماهره و أخرج أنبوبة المصل الوريدي وشبكها بظهر يدها
وعلقها بحافة السرير ثم جلس جوارها يراقبها بصمت تحت نظرات والدته التي وقفت تراقبهما قليلا ثم ذهبت لتعد
لولدها كأس من الشاي ولتعد حساء مغذي لأمل .
***
مضت ساعتين ونصف الساعة ...
أحست أمل بيدين دافئة تمسك بيديها وكأنها تبث لأوصالها الدفئ بعد البرد الذي سكنها لمدة لا تعلمها تعرف هذه
اليد الحانية وتحبها ولكن لا تستطيع أن تميز صاحبها فحاولت فتح عينيها حتى تعرف هويته ولكن أحست بوخز
بعينيها وصداع تشبث برأسها قاومت الألم وحاولت مرة أخرى ففتحتها فرأت وجهه نعم هو من تحب يديه الحانية
بل تحب كل شيء فيه فالتفت ووقعت عينيه بعينيها فمرت الأحداث السابقة كحلم بشع مخيف عليها وعندما نظرت
لوجهه تأكدت أن ما حدث لم يكن حلم بل واقع فسحبت يديها بهدوء وهي تقول بصوت مبحوح مستفهم : طـــارق
ليش جيت هنا ؟
تجاهل طارق سؤالها وسألها بلهفة أخفاها بالبرود: أنتي طيبة إلحين ؟
هزت رأسها بإيجاب وقالت مستفهمة : ليش جيت وبعدين أنا إيش فيني ؟
أجاب طارق بهدوء : تعبتي شوي كلهم قلقوا عليك أبوك وأمي وأبوي وأخواتي ..وأمسك عن الكلام ..
أبعدت أمل عينيها عنه وحدثت نفسها "وأنت ما قلقت علي ما هميتك بس هم قلقوا وأنت لا آآآآآهـ " فردت عليه :
خلاص أنا إلحين طيبة تقدر تروح شغلك ..كملت بنفسها "أنا موب مهمة عندك" وحاولت أن تنهض وعندما وقفت
أحست بأن الأرض تدور حولها فكادت تسقط ولكن يدين قويتين حنونتين أمسكتها وأجلستها ..
بعد أن تأكد من جلوسها قال لها طارق بطريقة الطبيب الذي يلقي النصح لمريضه : لا تحاولين توقفين وأنتي كذا
تعبانة وما فيك طاقة راح تطيحين وتتأذين .
هزت أمل رأسها بإيجاب وقالت : طيب ..وأبعدت يديه التي ما زالت ممسكة بها وأكملت ببرود .. خلاص تقدر تروح
بكلم أبوي يجي عندي ..مدت يديها حتى تأخذ هاتفها من الكمدينو فاستوقفها طارق ..
قال لها ببرود : لا تدقين عليه أمي هنا راحت تسوي لك شوربة دافية ..ونهض مغادراً يحمل حقيبته وهو يقول ..
بروح أناديها يلاا مع السلامة .
لو إلتفت ونظر لعينيها لوجد عينيها تستجديه أن يبقى عندها حتى لو كان لا يحبها وينعتها بالخائنة فهي تحبه بل
تعشقة وتتمنى قربه وتصرخ بداخلها "تكفـــــــــى حبيبي لا تــــــــرووووح " استمرت تنظر له حتى لم تعد تراه بل
ظهرت أم طارق والتي وجدتها سارحة تنظر للباب وكأنها ترقب أحد يظهر من خلاله فعرفت مابها تقدمت منها
فانتبهت أمل ونظرت لها بملامحها المتعبة وقالت بصوت مبحوح : يمه .
ردت أم طارق بحب وحنان وهي تقبل جبينها : عيونها .
سألتها أمل : من متى أنتي هنا ؟
ردت عليها بذات الحنان : من الصباح أبوك كان مشغول وأتصل على عمك وجيت .
أمل بامتنان : تسلمين يمه تعبتك معي .
قالت لها أم طارق بعتب : كذا تزعليني منك أمول أنا أمك وما بينا هالرسميات ..تقدمت ووضعت الحساء على
الكمودينو وقالت بأمر .. يلا أشوف أبيك تخلصين هذا كله .
ردت أمل معترضة : لا أول بقوم أصلي الفروض إللي فاتتني ..وحاولت النهوض فأمسكتها أم طارق وأجلستها..
قالت لها بحزم : لا أول كلي لأن جسمك ما فيه طاقة وماراح تقدرين توقفين بالصلاة يلا أمسكي ..مدت لها بالملعقة
فأطاعتها وبدأت أمل بالأكل أمام نظرات أم طارق الحنونة ..
سألتها أمل : يمه كم لي وأنا نايمة ؟
ردت أم طارق وهي منشغلة بترتيب الغرفة : ها نمتي يومين واليوم الثالـ...
قاطعتها أمل بذهول : إييييش ؟؟ ثلاث أيام وأنا ما حسيت بنفسي والصلوات كلها فاتتني ياارب كيف ما حسيت ..
وأخفضت رأسها بحزن ..
قالت أم طارق بحنان : أمل حبيبتي كنتي تعبانة و ما حسيتي عشان كذا كملي صحنك وقومي توضي وصلي عشان
ما يجي الظهر إلا إنتي مخلصة أبي أساعدك قبل ما يجي أبوك يلا حبيبتي .
هزت أمل رأسها بإذعان وحاولت أن تسرع في الأكل لتصلي ما فاتها .
********
********
بعد العِشاء ...
صلت العشاء وجلست في مجلس النساء وهي مسترخية وهي تنتظر حضور شهد وشادن وكذلك نهى فبعد أن علم
الجميع بشفاءها أنهالت المكالمات منهن ووعدنها بزيارتها للإطمئنان عليها وهي الآن تنتظرهن ..
أتت أولاً نهى والتي ظهرت اللهفة عليها دعتها للجلوس و جلست و بعد التحايا والترحيب سألتها : أمول حياتي
إيش إللي صار لك والله قلقت عليك مررره .
ابتسمت أمل تطمئنها بحب : لا الحمد لله إلحين أحسن أنا طيبة ريحي حبيبتي .
نهى براحه : الحمد لله والله فرحت إنك قمتي بالسلامة ..نظرت لها بإمعان وقالت ..أمل إيش إللي صار بينك وبين
طارق وصرتي بالتعب هذا ؟؟
حاولت أمل التملص من الإجابة وقالت بإرتباك : ها ما.. ماقال شيء ..قالت ذلك وهي تحرك عينيها يمنة ويسرة
لألا ترى نهى عينيها ونظرات الحزن والأسى التي سكنتها..
أمسكت نهى بوجهها وواجهتها وصبت نظراتها المستفسرة في عينيها وقالت لها نهى بجدية : أمل لا تضيعين
الموضوع باين أنه حصل شيء كبير بينكم وأنا ماراح أتركك إلا لما تقولين لي .
فاضت عيني أمل بالدموع ولكنها لم تسقط منها وقالت بحزن : راح أقولك كل شيء بس إلحين البنات جايين إلحين
لما يروحون أقول لك .
هزت نهى رأسها بإقتناع وهي تنظر لأمل بنظرات مخلوطة بين الحنان والترقب والتساؤل وقالت لها : o.k بس لا
تنسين .
أومأت لها أمل بإيجاب وهي تبرم زاوية المنديل بإصبعيها وتضعه في طرف عينها لتجفف بحر الدموع منها .
وأنخرطت الفتاتان في حديث عام وودي حتى وصلتا شادن وشهد التي تركت أبنائها عند أمها , وبعد السلام
والتحايا والإطمئنان على الأحوال بالتبادل بين الفتيات الأربع ساد على المجلس نقاشات رسمية بعض الشيء حتى
تسائلت شهد لتبعد عن الجو الرسمي الممل وقالت : نهى إنتي تدرسين ؟؟
ردت لها وهي تبتسم بهدوء ورقة : أيوه أنا سنه أولى فالجامعة قسم علم نفس .
شهد : ما شاء الله ..وتسائلت .. طيب كيف ماشية فيه ولا صعب ؟؟
نهى بذات الهدوء : الحمد لله ما شي الحال وعشان أحب هالقسم ما أشوفه صعب بالعكس مستمتعة فيه .
قالت أمل بهدوء : تصدقين توقعتك تدخلين علمي زي ما أتفقنا بس خونتي فيني ..قالت الأخيرة مبتسمة بمرح..
إبتسمت نهى بمرح : أنا كنت راح أنفذ الإتفاق بس بآخر لحظة غيرت بصراحة خفت من المواد العلمية
والرياضيات بالذات .
شادن تسائلت : طيب ليش إخترتي علم النفس ؟؟
نهى بمرح : حبيته مره وكمان ...صمتت لحظة وأكملت .. وكمان أحب أستكشف عن خبايا الشخصيات أحس
هالشيء يجذبني أتعلمه .
فقالت شادن بمرح : كل هذا فضول ؟
فقالت هي الأخرى بمرح وهي تضحك : هههههه إيه وكمان أول شخصية راح أحللها إنتي يلا إستعدي ..ونظرت
لها بجدية هازلة وكأنها تتعمق بنظراتها فيها فصرخت الأخرى وهي تضحك وغطت على وجهها حتى تحجب عنها
عينيها ..
وقالت شادن وهي تصرخ : لا مشكوووره ما أبي تحللين شخصيتي إبدي بأمل .
إنفجر الضحك في المجلس لحركة شادن العفوية
قالت لها نهى وهي تضحك : هههههه لا تخافين أصلاً ما وصلت لها المرحلة لساتني بأول سنه .
تنهدت شادن بهزل وهي تضع يدها على صدرها وقالت : أوووهــ كنت أحسبك راح تدربين علي .
ضحكن عليها ثم تغيرت الموضوعات و الأحاديث و تفرقت لاتجاهات شتى حتى أنقضى الوقت وعادت شادن وشهد
لمنزل والدهما وبقيت نهى التي ما إن خلا بهما المكان حتى بادرتها قائلة : يلا قولي كل شيء من طق طق للسلام
عليكم , بس قبل بسألك وين سلمى ما أشوفها ؟؟
ضحكت أمل بهزل وقالت بقهر : هه سلمى من يوم الثلاثاء قالت لأبوي أنها تبي تروح لأمها أسبوع ولا رجعت
للحين وأنا بصراحة أشك إنها عند أمها .
*********
مر يومان كانت تتفق فيهما أمل مع نهى لعمل خطة لكشف خطة سعود القذرة ضدها وفكرتا بكل الطرق
والإحتمالات لتجنب الخطأ وأول خطوة عليهما معرفة مكان سعود وشلته القذرة .
طلبت نهى من أمل إحدى كراساتها فأعطتها ثم فتحتها من الجهة الأخرى وكتبت تساؤلاتهما وبدأءت في كتابة حل
لها ثم قالت لأمل سائلة : أمول وين تتوقعين يتجمعون ؟؟
سرحت أمل قليلاً ببؤس وقالت بعد ثوانٍ : أظنهم ببيت سعود .
قالت نهى بتأييد : أكيييد ..ودونت الإجابة ثم إنتقلت للذي يليه وقالته لأمل .. إيش أسماء اللي شهدوا مع سعود ؟؟
وكمان لازم نعرف أرقامهم .
أومأت أمل بإيجاب وقالت بيأس : أكيد لازم نعرف بس كيف لازم يكون معنا رجال يساعدنا .
تمددت نهى على السرير وقالت بملل : أوووف جد إيششش نسسوي .
تمددت أمل جوارها بملل هي الأخرى ولكنها سرحت تفكر في حل وماهي إلا لحظات حتى صرخت هاتفة وأفزعت
نهى بصرختها وهي تقول : لقيتها لقيتها .
قالت الأخرى متحمسة : إيش هي إللي لقيتيها .
قالت أمل وهي تمسك بهاتفها وهي تضرب ضربات خفيفة عليه : الخـــــــــــطــــــــــــة .
********
********
دخل شاب في الخامسة والثلاثين من عمره ذو طول متوسط وبنية قوية إلى مكان تجمع سعود ورفاقة بعد أن ألقى
التحية رحبوا به بأصوات مختلفة فهو قد إنظم لهم منذ ما يقارب الأسبوع والنصف حتى أصبحوا يثقون فيه
ويتحدثون معه بكل أريحية عن خططهم القذرة وهو يوافقهم ويضحك معهم وهو يضمر في نفسه قمة الإشمئزاز
وبعد أحاديث متفرقة في المجلس صدح هاتف سعود فرفعة ببرود وهو يقول : ألووو ... هلا سلمى إيش عندك ...
/ووقف وهو يقول بصوت مرتفع وفرح / .. صددددق ... متأكده ... /فرح وكاد يطير لدرجة إسترساله بالضحك
وعندما تمالك نفسه قال لها / ... على هالبشارة الحلوة أطلبي إللي تبين ويجيك ... من عيوني , يلا بقفل ببشر
الشباب .. مع السلامة ..ثم أغلق الخط وإلتفت لرفاقه وقال بفرح عارم وهو يصرخ .. شبااااب خلاااص طلقهااااا
..وأنطلق يضحك وضحك معه البقية حتى أصبحواا لمن يراهم وكأنهم سكارى إلا رفقيقهم الجديد فقد بقي كما هو
يدعي الجهل ولما توقفوا من ضحكهم المجنون سألهم بفضول مصطنع : مين هي إللي طلقها ؟؟ ..وأدخل يده بجيبة
بقصد ..
رد عليه سعود بفرح : أمـــل زوجها طارق طلقها ..وأشار لنفسه بفخر .. وأنا إللي خليته يطلقها ..فضحك وتبعه
رفاقه الإمعه وأخفى رفيقهم الإشمئزاز وإبتسم له بفرح وقال : كيف خليته يطلقها ؟؟
قال سعود بفخر : رحت له أنا ووليد و سلمان وقلنا له .. وسرد له ماجرى بينه وبين طارق ..
تمنى رفيقهم أن ينهال عليه بالضرب من شدة وقاحته وظلمه للغير ولكنه إبتسم له بصمت .
قال سعود له بحيره : خالد ليش أحس كلامي ماعجبك ..ونظر له بشك .. لا يكون تروح تفضح سرنا .
فزع خالد من كلامه وخاف أن يكشف ولكنه تماسك وقال بإبتسامة مزيفة : لا أبد بالعكس هي تستاهل لأنها خدعتك
وراحت لغيرك وأنا معك وما راح أخونك فسرك ولا تشك أني ما عجبني كلامك بالعكس بس أنا تعبان وودي أروح
أرتاح فالبيت .
سعود باطمئنان وراحة : هذا العشم فيك وسلامتك بس ماودك تسهر معنا الليلة راح تكون غيير .
خالد بتهرب : لا معليش مرة ثانية .
سعود بحماس : خلاص أجل نهاية الأسبوع راح نروح رحلة لإمريكا على حسابي بمناسبة نجاح مخططنا وتراك
معزوم معنا يا خالد .
خالد بمحاولة أخرى للتهرب : إذا قدرت بروح معكم عاد تعرف إني متزوج وعندي مسئوليات إذا فضيت بلحقكم .
سعود بذات الحماس : خلاص على راحتك , يلاااا شباب الشراااب بدت الحفلة .
توزعت الكؤوس وإنتشرت القوارير بينهم بينما إنسحب خالد بهدوء من بينهم حتى أنهم لم يشعروا به أبداً وعندما
تأكد من الخروج بأمان وجلس بسيارته تنفس الصعداء وأمسك بهاتفه وضغط على الرقم وقال بفرح : ألوووو
حبيبتي أبشرك الخطة نجحت .
*******
كاد القلق يقضي عليها وهي تترقب المكالمة وتنظر للهاتف في اللحظة الواحدة أكثر من مرة تنتظر أن تنير شاشته
ولكن الأمر تأخر كثيراً فخافت أن تفشل وعندما كاد اليأس يدخل لعقلها وقلبها إذا بالهاتف يصدح وشاشته تنير
فأصبح قلبها يهتز بعنف وجسدها إضطرب فأمسكت هاتفها بيدين ترتجف وضغطت على الرد فسمعت الطرف الآخر
صوت فرح مبتهج يلقي التحية ردت عليها أمل بهمس مرتجف ثم ما لبثت أن قالت لها بذات الصوت المرتعش : ها
بشريني إيش صار ؟؟
قالت التي فالطرف الآخر بصوت فرح : مبرووووك أمووووووول نجحت الخطة وبكرة بإذن الله تكتمل البقية .
تنفست أمل الصعداء وإبتسمت بفرح بالرغم من تزايد دقات قلبها فقالت مبتهجه : الله يبارك فيك ياعمري ما أدري
إيش كنت راح أسوي لو ما ساعدتوني جــــــد مشكووووووووره ياعمري .
ردت الطرف الآخر بعتب : أمل إنتي لو طلبتي عيوننا ما بخلنا بها عليك تعرفين معزتك عندي ولا بينا شكر ولو ما
أنتي غالية لو كان زعلت عليك على هالكلام
ردت أمل بامتنان : تسلمييين حبيبتي ..وقالت متسائلة .. إيش صار معه ؟؟
فأجابت عليها : لما دقت سلمى وشافه كيف فرحان سأله إيش صاير وقاله كل السالفة وعاد تعرفين أنتي الباقي
..ثم قالت لها بجدية .. يلا إلحين روحي نامي عشان ترتاحين بعد الخوف والترقب لأسبوع ونص وما أذكرك أن
بكرة الجزء الأهم من الخطة ريحي بالك اليوم وبكرة يحلها ربك .
أمل بهدوء : إن شاء الله بحاول يلا حبيبتي طولت عليك مع السلامة وأشكري لزوجك بالنيابة عني.
قالت الأخرى مودعة : إن شاء الله مع السلامة .
أغلقت أمل الخط وهي تبتسم فرحة و أمسكت هاتفها من جديد لتخبر نهى بالخبر السعيد وبعد أن بشرتها وسألتها
سؤال تردد صداه في قلبها وعقلها ولم ترد عليها إلا بعد أن أعادته نهى مرة ثانية : أمل إذا نجحت الخطة وعرف
طارق ببرائتك إيش راح تسوين ؟؟ بترجعين له ؟؟
فردت عليها بغموض : راح تشوفين كل شيء بس أصبري .. وعندما أغلقت الهاتف غاصت أفكارها فيما سيجري
بعد الخطة التي نفذتها قبل سويعات ..
***
كانت تحدث نهى بالهاتف عن سير الخطة وأخبرتها أمل عن توثق علاقة خالد بسعود وشلته فنصحتها نهى بأن
تبدأ في تنفيذ الجزء الثاني من الخطة ولكن عليها أن تتأكد من تواجد سلمى بقربها وعدم وجود والدها فأخبرتها
ان والدها منع سلمى من الخروج وذهب هو لينام منذ ساعة فقالت لها نهى : كذا تمام إلحين روحي لمكان قريب
من سلمى وسوي نفسك كأنك تكلميني وأنتي تبكين وقولي الكلام إللي إتفقنا عليه بس أول تأكدي من ليلى أن
زوجها عندهم .
قالت أمل بهدوء : إلحين أدق عليها وأتأكد وأرد عليك بعد ما أنفذ الخطة .
نهى بموافقه : o.k الله يوفقك .
أقفلت منها وكلمت ليلى التي ردت عليها وبعد الترحيب والتحايا سألتها أمل : ليلى زوجك راح لهم ولا لسى .
أجابت عليها بهدوء : قبل شوي دق علي وقال إنه عند الباب يعني إلحين أكيد جالس معهم .
أمل بحماس : أجل بكمل الجزء الثاني يلا حبيبتي بروح عشان قبل ما تنام سلمى .
ليلى بتشجيع : روحي والله يوفقك .
عندما أغلقت أمل الهاتف نهضت وسارت باتجاه الصالة حيث تجلس سلمى وهي تتحدث على الهاتف الذي بيدها
تارة وتشاهد التلفاز تارة أخرى .
رفعت من صوت رنين الهاتف حتى تنتبه لها وكأنه صوت مكالمة واردة ردت عليها بصوت باكي متصنع وهي
تنظر من مكان ضيق لسلمى التي أرهفت لها السمع فقالت : ألووو، هلا نهى.. فشهقت ببكاء متصنع وأكمت .. نهى
تخيلي إلحين دق طارق علي ..وأطلقت شهقات متتالية بتصنع .. إيش يبي ؟؟ ..قالتها باستغراب وكأنها ترد على
الطرف الآخر المتاسائل وأكملت .. أكيد يبي يطلقني يقول ما أستحمل أرجع لك وعشان كذا طلقني ..وشهقت ولكن
هذه المرة ظهرت حقيقة فهي لم ولن تتخيل أبداً أن تفترق عن طارق فلو حدث ذلك لا تعلم ما سيحدث لها ثم أكملت
كلامها بصوت باكي حقيقي .. خلااااص يا نهى ما يبيني ..فتمالكة نفسها وهي تقول .. مع السلامه أكلمك بعدين
إلحين ما أقدر أكلمك .
سارت عدة خطوات متفرقة وهي تريد أن تتمالك نفسها وتوهم سلمى بمغادرتها للمكان وتمكنت من ذلك ثم إختبأت
في مكان تسمع صوت سلمى منه التي ما إن تأكدت من خلو المكان حتى أمسكت هاتفها وما لبثت أن بدأت بالتكلم
للطرف الآخر بفرح وهي تقول : ألوووو هلاا سعوود ... أبشرك أمل طلقها طارق ... أكيد أنا سمعتها بإذني وهي
تكلم صديقتها .../ فصمتت للحظاات وهي تبتسم تارة وتضحك أخرى ثم أكملت بعد مدة / أمممم أبي أبو سالم
وتعرف الباقي /وهي تضحك بخبث وحقارة/ ... تسلم عيونك ...يلا بشرهم مع السلامة ..وأغلقت الهاتف وهي فرحة
ثم دخلت لغرفتها التي خصصها لها أبو أمل ..
أما أمل فتساقطت دمعاتها من الظلم والقهر من هذه المرأة الظالمة ودعت في سرها قائلة "يارب أنصرني عليها
هي سعود ياااااااارب وأوقعهم فشر أعمالهم " وهي تخفي في نفسها إشمئزازاً من هذه المرأة القذرة ونهضت
تتوضأ وتصلي ليبعد الله عنها همها وبعد أن أكملت صلاتها جلست تنتظر النتيجة لخطتها والتي جاءت النتيجة كما
تمنت .
***
: الدكتور طارق ينتظرك فالمكتب تفضل .
: شكراً .
السكرتير برسمية : العفو .
تقدم الرجل إلى الباب وطرقه ثم دخل بهدوء بمشيته الواثقة وألقى التحية ووقف له طارق وصافحة ثم جلس
بمقابله وبعد السؤال عن الأحوال وتقديم الضيافة له سأله طارق برسمية : بإيش أقدر أخدمك ؟؟
رد الرجل المقابل له : أنا بصراحة جاي بموضوع شخصي ..وعندما رأى الإستغراب على وجهه قال يبرر.. أنت
صحيح ما تعرفني لكن راح أوضح لك كل شيء بس أتمنى تسمعني للآخر وما تقاطعني وبإذن الله ما راح آخذ من
وقتك كثير .
هز طارق رأسه بإحترام وقال بهدوء : إن شاء الله تفضل قول إللي عند يا أخ ..
قال الرجل بتوضيح : خالد معك خالد الـ.....
طارق بترحيب : والنعم .
رد خالد : ما عليك زود ..صمت لحظة وأكمل بتوضيح وبهدوء حتى لا يثير أعصاب طارق المتحفزة .. زوجتك .
نهض طارق من مقعده بعنف وجحضت عيناه بغضب وحينما بدأ بالتكلم قاطعه خالد وهو يقول بمحاولة خاسرة
لتهدأت مستضيفه ذو الأعصاب الثائرة : طارق لو سمحت أجلس ممكن تسمعني وبعدين أحكم أرجوك .
جلس طارق وقال بغضب ومرارة جلية : إيش تبيني أسمع عن خيــــ ..
قاطعه خالد بصرامة : لا إلا هالشيء مستحيل زوجتك تسويه وخذها مني زوجتك بريئة براءة الذيب من دم يوسف
..وأكمل بهدوء ليجيب على نظرات الشك التي يرمقه بها .. أسمع القصة وأنت الحكم .
أومأ طارق بالإيجاب على مضض .
وقال خالد بهدوء يحكي له ما جرى : أتصلت زوجتك على زوجتي تطلب منها تساعدها بخطة تكشف خطة سعود
وتظهر برائتها لك وحكت لها إللي قاله سعود لك وكانت محتاجة رجال يساعدها للخطة فلجأت لنا ولأني بصراحة
أكن لأمل إحترام وتقدير فحبيت أساعدها لما حكت لي زوجتي القصة وطريقة الخطة ..نظر له فوجد تساؤل في
عيني طارق فقال خالد مكملاً .. أكيد بتسأل كيف أعرفها صح ؟؟ ..هز له طارق رأسه بإيجاب فرد الآخر .. لما كانت
زوجتك تشتغل في المشغل كانت زوجتي المشرفة عليها وكمان أهتمت بولدها لما كانت تنشغل وكنا جيران فنفس
عمارة المشغل وأأكد لك أني في السنتين اللي عاشتها عندنا عمري ما شفت عليها أي غلط بالعكس كانت محترمة
ولا تكلم الرجال إلا للظرورة القصوى ..إبتسم وأكمل .. خرجت عن الموضوع الأساسي ..تنهد واستغفر بهمس ثم
أكمل .. المهم نفذنا الخطة اللي قالتها لنا والحمد لله نجحت أسمع وأحكم ..أخرج من جيب ثوبه جهاز تسجيل عالي
الدقة وفتح المقطع المطلوب وأنطلقت الأصوات التي ميزها طارق بسهولة والتي كانت زوجته هي محور الحديث
فيها تصاعد الغضب في طارق وأحمرت عيناه من الغضب وأشتدت قبضته حتى ابيضت سلاميات أصابعة
ووتواصل الحديث حتى توقف عند كلام خالد الذي قال فيه.. "لا أبد بالعكس هي تستاهل لأنها خدعتك وراحت
لغيرك وأنا معك وما راح أخونك فسرك ولا تشك أني ما عجبني كلامك بالعكس بس أنا تعبان وودي أروح أرتاح
فالبيت " ..أحرج لحظتها خالد وقال مبرراً بأسف .. آسف على هالكلام بس لازم ما أوضح له شيء حتى ما تنكشف
خطتنا .
قال طارق بهدوء مناقض للغضب المشتعل به ومخلوط بندم على ما فعل : لا ما عليك معذور ومشكور على خدمتك
اللي سويتها لنا ..أخفض رأسه وتكلم بما يعتمر صدره من ندم .. بس إللي سويته بأمل ما ينغفر أتمنى إنها
تسامحني .
رد عليه الآخر بهدوء : تأسف منها وبين لها موقفك وهي طيبة بإذن الله راح تسامحك ..في ذات اللحظة إنطلق
صوت هاتف طارق معلن عن وصول رسالة فتحها بعجل فنظر مشدوهاً مما قرأ بها وبقي جامداً للحظات لولا أن
نبهه خالد وهو يقول : طارق إيش فيك عسى ما شر .
مد طارق هاتفه لخالد بجمود ووضع يديه على وجهه بينما الآخر قرأ محتوى الرسالة بصوت منخفض وواضح :
"أكيد الحين عرفت إني بريئة من كل اللي قاله سعود عني وقلتها لك راح أثبت لك هالشيء بدون ما أتكلم وبعدها
إيش قلت لك مستحيل أرجع لك عشان كذا طلقـــــــــــني يا طـــــــارق بهدوء وبدون مشاكل أنتظر ورقتي" ..وبعد
أن أكمل قراءة محتوى الرسالة نظر لطارق بشفقة وأكمل بهدوء ينبهه .. طارق ..أنزل يديه ولكنه ما زال مخفض
النظر أكمل الآخر .. لا تيأس حاول فيها لما تقتنع ..ونهض وهو يقول .. وإلحين أستأذن ..مد يده مصافحاً فمد
الآخر يده وبابتسامة ميته لا روح فيها وأكمل خالد .. نتقابل على خير إن شاء الله مع السلامة .
همس الأخر مودعاً : مع السلامة .
********
منذ أن نهضت في الصباح وهي تشعر بإرهاق ودوار بالإضافة شعورها بموجات من الإستفراغ فعزت ذلك للحالة
النفسية التي تمر بها فقررت ألا تذهب للمدرسة اليوم وقد قررت ذلك سلفاً وزاد أمر هذا التعب المفاجئ بإصرارها
وأخبرت والدها عن رغبتها بالتغيب فعذرها عندما شاهد إصفرار وجهها وبعد أن أفطر والدها وذهب لعمله ذهبت
لغرفتها وتمددت وهي تشعر وكأنها تتقلب على الجمر من التوتر والتعب النفسي والجسمي ولم تستطع النوم بل
بقيت تفكر فيما سيحدث بعد الخطة .
وعندما أصبحت الساعة العاشرة و النصف إتصلت ليلى لتخبرها أن خالد متواجد عند طارق فشكرتها أمل بجزل
ودعت لها بالذرية الصالحة وودعتها .. أنتظرت لنصف ساعة ثم أمسكت بهاتفها وكتبت الرسالة وأرسلتها قبل أن
تتردد .
بعد مدة إتصلت بها نهى لتسألها عن ما جرى وأخبرتها عن خالد وتنفيذه لما طلب منه سألتها نهى : طيب طارق
ما أتصل عليك .
أجابتها أمل ببرود : لا ما اتصل أنا أرسلت له رسالة قلت فيها إللي أبيه منه .
نهى باستغراب : رسالة إيش كتبتي فيها ؟؟
أمل بذات البرود : لما أقفل منك برسلها لك .
نهى وهي مستغربة من برود أمل فقالت متسائلة : أمل إيش فيك أحسك مو طبيعية ؟؟
قالت أمل بهدوء : لا ما فيه شيء بس شوي تعبانه إذا حسيت أني أحسن راح أكلمك .
نهى : خلاص روحي إرتاحي ,لا تنسين الرسالة ..قالت الأخيرة مذكرة .. مع السلامة .
أمل بهدوء : إن شاء الله , مع السلامة ..وأغلقت السماعة ثم أرسلت الرسالة لنهى وجعلت الهاتف في وضع
صامت وتمددت في محاولة للنوم وهي ترى هاتفها تتوالى عليه المكالمات مرة من نهى ومرة من ليلى وهي لن
ترد عليهم حتى لا تسمع كلمات التأنيب فيكفيها وجع قلبها الذي توسل باستماته لألا ترسل تلك الكلمات لطارق
ولكنها لم تسمع له بل سمعت لصوت عقلها المتمرد .
**********
**********
مرت عدت أيام إنهالت عليها الإتصالات والرسائل من طارق ولكنها لم تجب عليه وكذلك تكررت الزيارات من
شادن وشهد اللاتي أرسلهما طارق حتى تعود معهما ولكنها كانت ترد عليهما بغموض بأنها ستفكر في الأمر ثم
ترد عليهما وتتجاهل الأمر عمداً أما نهى وليلى فبررت لهما فعلتها باقتضاب بأنه أمر غير قابل للنقاش وهما
احترمتا خصوصيتها .
من جانب آخر ..
غادر سعود ورفقته إلى امريكا بعد أن نفذ لسلمى مطلبها والتي ستتم هذه الليله حيث استأذنت من أبو أمل بالذهاب
لوالدتها فأذن لها بحسن نية فذهبت لمنزل سعود واستعدت للقاء أبو سالم الرجل الخمسيني الثري والتي كانت
دائما تحاول جذب إنتباهه حتى تجني منه أموالاً طائلة ولكنها لم تفلح ولكن بواسطة سعود تم لها هذا الأمر بعد أن
أهبت نفسها لمجيئه ولما وصل قابلته بفرح وأخذت تتقرب منه حتى وقعا في المحظور وكأنهما مراهقين وليسا
راشدين تعديا مرحلة إكتمال العقل بمراحل ..
أحست سلمى بأصوات وربكة في الخارج فشكت بالأمر جمعت ملابسها بسرعة وفرت هاربة وأختبأت في مكان
بعيد عن العيون بينما كان أبو سالم بالحمام "كُرمتم" وعندما خرج تفاجأ برجال الهيئة المتحلقين به فأمسكوه
وهو يصرخ : فكوني فكوني أنا أبوسالم ما أحد يمسكني كذا .
لم يبالوا بكلامه وجروه كالنعاج بكل ذل وإهانة لأنه يستحق هذه المعاملة .
وعندما غادروا من المكان بعد أن فتشوه فلم يجدوا أحداً أنطلقت السيارة ووصلوا للمركز وبعد التحقيق أخبرهم
بأن سلمى هي شريكته وعندما أخبرهم بكافة المعلومات عنها أرسلوا من يأتي بها من منزل زوجها أما أبو سالم
فبسبب نفوذه وللأسف خرج من القضية كما تخرج الشعرة من العجين .
وصل أفراد الهيئة الموكلون بإحضار سلمى إلى منزل أبو أمل فطرقوا الباب وبسبب تأخر الوقت فقد ذهب أبو أمل
للنوم ولم تزل أمل مستيقضة سألت من خلف الباب عن هوية الطارق فأجابوها بأنهم الهيئة ففزعت وتملكها
الخوف وذهبت لوالدها وأوقضته وأخبرته بمن عند الباب فلبس لباسه على عجل وأمرها أن تذهب لغرفتها وعندما
خرج لهم وبعد التحية سألهم بوجل : إيش السالفة ؟؟
أجاب أحدهم : إحنا موكلين من الهيئة نبحث عن زوجتك سلمى .
استغرب ورد عليهم : بس هي موب هنا ..وسألهم بتردد ..إيش سوت ؟؟
أجاب ذات الشخص : راح تعرف كل شيء فالمركز بس لازم نفتش البيت يمكن تخبت فيه .
قال لهم أبو أمل بجدية : طيب لحظة ..دخل المنزل وأمر أمل أن تلبس عباءتها وتلحق به فأطاعتها وذهبت له
وألتصقت به من الخلف لتحتمي به وقال لهم أن يبدأو التفتيش ولما رأو أمل سألوها من أنتِ ..
أجابت بصوت خائف ومتوتر وهي تلتصق أكثر بوالدها : أنا أمل إبراهيم الـ.....
نظر الرجال لوالدها فهز رأسه موافقاً : هذي بنتي .
ففتشوا المنزل بدقة ولم يجدوا سلمى فامروا أبو أمل أن يحضر معهم ليكمل الإجراءات اللازمة فذهب بعد أن تأكد
من إغلاق المنزل جيداً .
***
في مكتب الهيئة بعد أن حكوا له ما حدث من سلمى إكتسى وجهه الجمود والخذلان معاً فهو يعلم عن حالها وأكثر
من مرة عاقبها ولكنها لا تُردع فوقع تعهداً خطياً بأنه إذا وجدها يأتي بها إلى هنا حتى ينفذ لها حكم الرجم .
وعاد للمنزل وهو يحمل هماً آخر غير هم إبنته التي مازالت غاضبة من زوجها لسبب يجهله , دخل المنزل ووجد
إبنته تترقبه بخوف وعندما سألته عن الأمر أجابها بقصه لها عن القصة فأحست بمدى هم والدها وغضبه فقالت
تسأله : يبه وإيش راح تسوي معها ؟؟
فأجابها بغموض وهو يقف ليذهب لغرفة نومه : إن شاء الله بكرة تشوفين إيش أسوي ..وغاب داخل غرفته..
أما أمل فنهضت وهي حيرى من والدها وحانقة من فعل سلمى التي لم تحترم سنها وتتوقف عن أعمالها المشينة ,
دلفت لحجرة نومها وتمددت على فراشها وهي تفكر بكل ما جرى وكان كل تفكيرها منصب لطارق الذي لم يكلف
نفسه عناء ترضيتها والإعتذار بل أرسل من يتوسطون عنه وهذا لا يدل إلا على أمر واحد وهو أنه لا يهتم لأمرها
ولا يحبهــــــــــــــااا .
**********
في الصباح
ذهب والدها لعمله وذهبت هي لمدرستها رغم ما ألم بها من تعب وإرهاق لا تعلم مصدره وعندما التقيا في الظهيرة
وعلى الغداء ساد الصمت للحظات حتى قطعه والدها وهو يقول بلامبالاة : طلقـــت سلمى من المحكمة اليوم .
نظرت أمل لوالدها مذهولة وهي تكاد ترقص فرحاً بسبب تخلص والدها من سلمى فلم تعلم بماذا ترد عليه فأجاب
عنها الصمت وأطبق على المكان للحظات حتى قال والدها بجدية : أفتكيت من سلمى وهمها بقي إلحين أعرف إيش
المشكلة بينك وبين طارق إحترمت صمتك وما حبيت أتدخل لكنكم زودتوها وصراحة أنا موب راضي على هذا
الوضع .
نظرت لوالدها وهي صامته لم تستطع الرد وعندما لم تجيب قال لها بتبرير:أفهميني يا بنتي ترا ما قلت هذا الكلام
لاني تثاقلت وجودك بالعكس أنا أشوف فيك أمك اللي فقدتها بس كمان ما أبي تطول المشكلة بينك وبين زوجك و
تجفى القلوب ترا يا بنتي إللي بعيد عن العين بعيد عن القلب .
ضحكت هازلة في نفسها وهي تحدث نفسها "هه يعني هو حبني أصلاً عمره ما حبني ولو بس حمل لي أي شعور
طيب ما كان سوا إللي سواه بس يا يبه خل الطابق مستور" ولم تترك والدها بدون إجابة بل قالت بهدوء يشوبه
الحزن : يا يبه هو من يوم جيت هنا ما زارني ولا حاول يراضيني يعني أنا أروح أرمي نفسي عليه , ترضاها لي
يبه ..قالت الأخيرة بعتب..
رد والدها بحب : لا والله حاشاك يا بنتي بس أنتي ما وضحتي لي المشكلة عشان أساعدك نحلها .
قالت له بتملص : المشكلة إنحلت بيننا بس هو ما جاء لي بس يرسل أخواته أو يدق ويرسل رسايل بس ..وقالت
وهي تنهض من السفرة وتبعها والدها في النهوض وهو يتمتم بالحمد لله وأكملت تقول .. إذا فكر يجي لي راح
نتفاهم بإذن الله بس لا تصعب الأمر علي يا يبه .
رد والدها يدعو لها : الله يوفقك يابنتي ويصلح ما بينكم .
تمتمت بهمس وهي تغادر الصالة : آمين .
*******
في نفس الوقت ولكنه ليلاً في أمريكا ..
دخل سعود ورفاقة لأحد دور الرذيلة في تلك البلاد المتحرر من كل القيم السامية وفي مدينة لاس فيغاس المشهورة
بإسم "مدينة الرذيلة" دخلو وهم مشدوهين مما يروا ,النساء بكل الأصناف والشراب بشتى الألوان والرجال
والنساء السكارى متقاذفون بكل الجهات , فغروا أفواههم مدهوشين مما يروا فلم يلبثوا أن إنظموا إليهم يرقصون
ويشربون حتى ثملوا وكل واحد إنشغل , فمنهم من يرقص بتمايل وهو في قمة السكر وآخر يراقص فتاة أما سعود
فالتصقت به إحدى الغواني ولازمته وأغوته حتى سلبته ماله وعقله وجرته لأذيال الخطيئة بعد أن حرر لها شيكاً به
مبلغاً كبيراً من المال وأدخلته إحدى أوكار ذلك الدار وبعد إنغماسهم في الخطايا وودعته وهو نائم بعد أن كتبت له
رسالة ووضعتها في محفظته وغادرت , أما أصحابه فثملوا وناموا أماكنهم كالبهائم , وفي الصباح أستيقضوا
وتجمعوا ليذهبوا لشقتهم وبينما هم سائرون إذ أخرج سعود محفظته ليشتري علبة من السجائر فوجد بها رسالة
مكتوبة بالإنجليزية قرأها ولكن لم يفهم معناها فطلب من رفاقه أن يوضحوها له فقرأها أحدهم بصوت واضح قائلا
: "welcome to the world of AIDS" ..نظر له برعب وقال له بتلعثم وارتباك .. معناها "أهلاً وسهلاً بك
في عالم الإيدز"
تطلعوا له برعب وقد تجمدوا بوقفتهم أما سعود فأصابه الهلع ووقف كالتمثال الشمع لا يتنفس ولايتكلم وينظر
للفراغ بعينين ملؤها الدموع المتجمدة مثله تماماً بقي على هذا الحال حتى أحس بالفراغ من حوله فتلفت فلم يجد
أحداً من أصحابه بل هربوا جميعاً فذابت الدموع المتجمدة في عينيه وأصبحت أنهاراً .
********
بعد صلاة العصر ..
إستقبلت أمل مكالمة من أم طارق تخبرها بزيارتها لها ولم تمضي سوى نصف ساعة إلا حضرت فرحبت بها أمل
وضيفتها وعندما سألتها أم طارق عن سلمى أخبرتها أن والدها قد طلقها فلم تأسف عليها لأنها ليست أهلاً لذلك
ومضت الجلسة بهدوء تتخللها مواضيع متنوعة وعندما أستأذنت في الخروج أتاها والدها يخبرها أن طارق يريد
رؤيتها فقالت لوالدها بعتاب محب : يبه أنت قلت له يجي ؟؟
قال أبوها مدفعاً : لا والله يابنتي هو جاء مع أمه وأبوه عشان يعتذرون روحوا أهله وهو جلس قال يبي يكلمك
تعالي يابنتي تفاهمي معه الله يرضى عليك ..وقال وهو يغادر .. أنا رايح مشوار وأبي أسمع الأخبار الزينة ..وابتسم
لها وقال .. مع السلامة .
تمتمت بــ "مع السلامة " ونظرت لهندامها فوجدت أنه مقبول نوعاً ما دخلت غرفتها وأمسكت بعطرها فلم
تستسيغ رائحته رغم أنه عطرها المفضل فأمسكت بآخر فقبلت رائحته تعطرت منه وهي تحاول أن تهديء ضربات
قلبها الذي يوشك على النفور من سجنة أخذت تتنفس ببطئ لعلها تهدأ وكان لها ذلك فظهرت بمظهر واثق وعيناها
تلمعان بتصميم وثقة , دخلت وألقت عليه التحية فرد عليها وجلست في مكان مواجه له وبعيداً عنه حتى لا يسمع
ضربات قلبها التي أعلنت الهيجان من جديد وعندما وقعت عينيها على جسده الشامخ توقف الكلام في حنجرتها
معلناً الرفض والإستسلام فغرق المجلس في صمت لدقائق حسبتها ساعات وهي تنظر لكل شيء إلا عينيه ولما
طال الصمت قطعه طارق قائلاً بهدوء : أمل كيف حالك ؟؟
أجابت أمل بجمود وهي لا تنظر إليه : الحمد لله , كيفك أنت ؟؟
أجابها بذات الهدوء : الحمد لله بخير ..صمت للحظة وأكمل يسأل بجدية .. ليش ماكنت تردين على مكالماتي
ورسايلي ؟؟
حانت اللحظة التي تنظرت أمل لعينيه وقالت بهدوء وتصميم ترد على سؤاله بسؤال آخر : وليش أرد عليك ؟؟ ..
وأكملت بلا مبالاة وهي تبعد عينيها للجهة الأخرى .. أظن كلامي واضح فالرسالة إللي أرسلتها لك ..وسألته .. ولا
لا ؟
أحست بحرارة نظراته التي أطلقها عليها دون أن تراها بل شعرت بها وبعد ثوانٍ أجاب بحدة : لا موب واضحة أبد
أنتي قررتي من نفسك أنك تبين الطلاق لكن أنا لاااا ..قال الأخيرة بحدة أكثر..
نظرت أمل لعينيه بغضب وهي تتكلم من بين أسنانها : إيش بقي تسويه شككت بشرفي و ... صمتت ليفهم مغزاها
ثم أكملت .. وجبتني لبيت أبوي ولا فكرت تسأل عني وتجي لي إلا لما مرضت وكنت راح أموت وياليته حصــ ..
أطبقت يد حنونه على فمها لتمنعها من مواصلة كلامها والتقت عينيها الدامعتين بعينيه القريبتين منها فصمتت ..
قال بصوت حنون بعد أن أبعد يده وجلس بقربها : لا أمل الله يعطيك طولة العمر لا تتمنين الموت .
إبتعدت قليلاً عنه وهي تقول بهدوء وتساؤل : ومين راح يهتم؟؟ ..وهي تقصده بكلامها ففهم قصدها وإلتمعت
عينيه ..
أجابها بحنان وهو يعدد : ليش نسيتي أبوك وأبوي وأمي وأخواتي ..سألها وهو يتفحص وجهها .. ليش ذول موب
مهمين عندك .
صرخت بداخلها "ما أحد مهم لي مثلك ليش أنا موب مهمة عندك ليش ؟؟" ولكنها أجابت وهي تنظر لأي شيء
سوى عينيه : كلهم مهمين عندي ويسوون عيوني إللي أشوف بها .
قال بهدوء : طيب .
نظرت له مستغربة وتساءلت : ويش هو إللي طيب ؟؟
قال بنظرات ثابتة ومصممة : نروح بيتنا .
نظرت له باستغراب وقالت بجفاء : مين كذب عليك وقال لك إني مسامحتك أو حتى إني بروح معك هه ..ضحكت
بهزل وأكملت .. لا ما برجع معك وأنت حتى ما كلفت نفسك تعتذر أو تبين موقفك وياليت وقفت على كذا لا أرسلت
أخواتك يقولون لي أرجع لك ..ونظرت له وكبريائها تلح عليها أن ترفض العودة له أماقلبها وآهـ من قلبها الذي
تمرد عليها وأصر أن تسامحه ولكن عقلها وكبريائها أبت إلا الصمود في وجهه فقالت له وهي مسترسلة في
النزاعات الداخلية التي شتتها .. لها الدرجة مالي قيمة عندك بعد أسبوع جاي تقول لي ببرود نروح بيتنا ..قالت
بحدة .. لا يا طارق ماراح أرجع لك بعد الذل اللي شفته منك عشان كذا لا تتعب نفسك وتتعبني معك الطريق مسدود
بيننا ولا تنسى أنك أنت قلت لي قبل هالكلمة وجا دوري أقولها لك ..ونظرت له بقوة ظاهرة وهي تخفي جروحها
المثخنة بالألم والدموع ..
صدم طارق لقوتها الهشة التي ظهرت له وكأنها قوة ثابتة وبعد صمت طويل قال بمحاولة أخيرة لإرضائها : طــيب
لو قلت لك ..وهو ينظر لعينيها بغموض أكمل .. إذا الرجال اللي ساعدك يوم ولادتك بولدك إبراهيم هو ..صمت
لحظة وهي تتقلب بين الخوف الذي هجم عليها عندما نطق حرف طــ فخافت أن يقول كلمة الطلاق فهدأ خوفها
عندما أكمل كلامه وهجم الحنين لذكرى إبنها ولم يلبث أن ثار الترقب لمعرفة الشخص الذي تكن له العرفان لإنقاذ
حياتها وولدها وحينما طال الصمت منه وزاد الترقب رفعت بصرها له ورأت عينيه تتأجج بلمعان غريب وعندما
إلتقت نظراتهما أكمل طارق كلامه .. الشخص هو أنــــا .
تفاجأت واضطربت لدرجة أنها فتحت عينيها وهي تنظر له بذهول إستمرت لدقائق ثم تحول الذهول لعدم تصديق
وقالت له مشككة : وتتوقع إني بصدقك هه ..ضحكت بهزل وأكملت بجدية .. يمكن إستغليت كلامي إللي قلته لك
وقلت أضحك عليها وهي وش يدريها به ما شافته ولا حتى تقدر تميزه .
صدم لأنها لم تصدقة وهو الذي يثق به الرجال ويُعتمد عليه بشتى الصعاب فقال لها بجدية بعد أن تمالك من
صدمته : أأكد لك إني ما أكذب عليك وإذا تبيني أثبت لك هالشي أنا مستعد ..مازال الشك يعتمر في نفسها وعينيها
تفضحه فهزت رأسها إيجاباً تريد ما يثبت كلامه فأمسك بهاتفه وضرب بخفة وسرعة عليه ثم وضعه على أذنيه
وبدأ يتحدث للطرف الآخر والذي سمعت بأن أسمه أبو نايف فبعد التحية والترحيب وضع الهاتف على المايكروفون
وسأل الطرف الآخر .. يا أبو نايف تذكر المرأة اللي جات المستشفى قبل أكثر من سنتين وكانت راح تولد ورفضت
تدخلها ؟؟
أجاب أبو نايف الذي تذكرت أمل صوته بسبب كثرة ترجيها له آن ذاك ورفضه لطلبها وسمعته يقول : إيه تذكرتها
أنا شكيت بأمرها لأنها صغيرة وخفت تسبب مشكلة للمستشفى و ..آلم كلامه أمل وجرحها بالصميم فكلامه تشكيك
علني بها وظهر الألم على قسماتها ولاحظها طارق فقاطع إسترسال الرجل بالكلام ..
وقال له طارق بارتباك : لحظة , مين إللي دخلها للمستشفى وخرجها منه ؟؟
فأجاب أبو نايف باستغراب : ليش تسأل يادكتور ؟؟
قال له طارق بنفاذ صبر : أنت قول وبعدين أفهمك .
قال الآخر بذات الإستغراب : أنت يادكتور إللي دخلتها وخرجتها وخفـــ ..قاطعه طارق للمرة الثانية وهو يشكره ثم
ودعه بعجل ونظر لأمل التي مازال يرى نظرات الشك تنفذ من عينيها ..
قال وهو غير متأكد من تصديقها له : صدقتي ولا لسى تبين إثبات ثاني ؟؟
قالت له وهي متشكك من كلامه :طيب يمكن إتفقت معه على هالكلام .
هز رأسه وقد نفذ صبره منها وقال بمحاولة أخيرة وهو يدافع موجة غضب تكاد تظهر فتحرق كل ما أمامه وقال :
طيب وإذا قلت لك إنك قلتي لي لما دخلتك "الله يخلي لك أهلك وزوجتك وعيالك ويدخلك الجنه بغير حساب "
تذكرينها ولا لا .
كانت شبه مصدقة لكلامه وحين قال لها عن دعوتها التي لم تحدثه عنها صدقت وأعتمر الفرح قلبها لأنها تمكنت
من معرفة من له جميل عليها والتي عاهدت نفسها بأن تنفذ له أي رغبة يرغب ولكن توترت عندما نظرت لطارق
الذي ينظر لها بعينين متفحصة وقالت له بتلعثم : طــ .. طيب خلا .. خلاص صدقتك بس ..صمتت تحيك في نفسها
صيغة الكلمات التي ستقولها له وبعد لحظات قالت وهي تتمالك من توترها .. أنا قبل قلت إذا عرفت إللي ساعدني
وطلب أي شيء مني ما راح أتردد بخدمته وعشان كذا ..نظرت له بهدوء وجدية .. أطلب يا طارق إللي تبي وما راح أردك بإذن الله .
********
********
بعد شهر ..
*عادت الحياة بين أمل وطارق كما كانت ولكن يغلفها البرود من طارق والصد من أمل التي لم تنسى جراحها منه
رغم فرحتها بحملها الذي تبينته بعد أسبوع من عودتها لطارق والذي عبر عن فرحته بهذا الخبر بابتسامة باردة
وصمت , وهي الآن تستعد للإختبارات النهائية بعد أن إجتازت الفصل الاول بنسبة عالية ..
*أما عائلة عمها أبو طارق فلم يحدث أي حدث خلال الشهر سوى الحفلة التي أعدتها أم طارق بمناسبة عودة أمل
لإبنها ..
*أما شادن وشهد فكل واحدة منشغلة بعائلتها مع إستمرار زيارتهما لمنزل والديهما .
*نهى منشغلة بدراستها فقط .
*والد أمل يستعد اليوم لحفل ملكة وزواج بسيط على ريم والتي جمعت بينهما أمل بعد أن أحست بوحدة والدها
فعرضت عليه ريم فوافق عليها بعد لائحة طويلة من المدائح ثم أخبرت ريم برغبة والدها فوافقت بعد إستخارة
واستشارة .
*سلمى لا أحد يعلم أين هي .
*سعود بعد أن عاد مع رفاقة الذين يتهربون منه كأنه مجروب أثر ذلك في نفسيته فحبس نفسه في منزله البارد
بعد أن كانت تقام به الليالي الحُمر والرذائل أصبح مأوى لمريض لا يرجى شفاؤه إلا بإذن الله واكتشف أن شركته
تعرضت للإفلاس بعد المبلغ الذي دفعه للغانية وبعد أسبوعين زاراه وليد وسلمان وأعربا له عن رغبتهما في
الإعتذار لطارق عن كذبتهما الشنيعة في حقه وحق زوجته فبكى سعود ندماً على ما فعل وقال لهما أن يقولا له عن
مدى ندمه لفعلته وأنه يعتذر منه وعندما ذهبا له واعترفا بفعلتهما غضب وهاج عليهما وسألهما عن سبب
إعترافهما الآن بالذات أخبراه عن سعود وما أصابه وعن حالته وعن ندمه على ما فعل فأضمر طارق نفسه أنها
ربما تكون"دعوة مظلوم أصابت ظالم" وأخبرهما أن يعجلا به للحجر الصحي فتم ذلك رغم رفض سعود لذلك
وعصيانه ولكن كيف سيقاومهم .
*********
بعد أن أكملت هي ونهى وشادن مساعدة والدة ريم جلسن مع ريم المتوترة والتي كانت تحت يدين المزينة وكن
يسلينها قليلا وبعد نصف ساعة ذهبتا شادن ونهى لمنزلهما حتى تستعدا أما أمل فجلست معها وهي تنظر لها
بصمت فرضته المزينه عليهما ولما طال الصمت سرحت وهي تبتسم بحالمية وتتذكر توصيات طارق لها قبل أن
تأتي لريم ربما كان يغلف كلماته البرود لكن يظهر الإهتمام من عينيه وهو يوصيها قائلاً "أمل لا تتحركين كثير
وتجهدين نفسك إبعدي عن أي شيء يضرك و لا تشيلين شيء ثقيل طيب " ثم ردت عليه حينها وهي تبتسم وتتدلع
"ليش كل هالتوصيات هذا خوف علي ولا على إللي ببطني ؟؟" نظر لها لحظتها بنظرة لا تنساها وقال وهو يغادر
المكان "كلكم".
تنبهت من سرحانها على صوت ضحكات شادن وريم اللاتي ينظرن لها بمكر إحمر وجهها من نظراتهم وزاد عندما
قالت شادن اللتي لم تشعر أمل بحضورها : إللي ما خذ عقلك هههههه أكييييد أخوي صح .
وضحكن عليها أكثر وهي تأخذ المخدات الصغيرة وترميها عليهن وهي تشعر بالخجل منهن .
إنقضت مراسم العقد ثم الحفل البسيط وبعد ذهاب الضيوف دخل والد أمل بهيبته وهو يلبس البشت الأسود وتزين
لحيته شعرات بيضاء زادته وقاراً وهيبة , تقدم للمجلس الذي تجلس به ريم بفستانها الفيروزي المخصر على
جسدها الصغير والتي بدت فيه رائعة وقف أمامها وحياها ثم مد يده لها وهي بدورها مدت يدها وصافحها ثم قبل
جبينها ثم جلس جوارها وهو يبتسم لإبنته التي تبدو في غاية الفرح وبعد مضي دقائق ألبسها طقم ناعم من الذهب
وجلسا قليلا ثم قال لها بأن تستعد ليغادرا لمنزلهم الذي أعيد ترميمه وصباغته وتأثيثه بمساعدة أمل وعندما ركبا
السيارة أنطلقت بهما السيارة ولم تمضي سوى دقائق حتى رن هاتفها وإذا به طارق يستحثها هي وأمه على
الخروج حتى يغادروا .
******
عند العريسان ..
بعد أن دخلا لمنزلهما أدخلها للصالة وجلست ثم جلس بجوارها وهو يبتسم بطيبة لها وهي بدورها أحست بمودة
ناحيته تقدم منها ووضع يده على رأسها ودعا "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها
وشر ما جبلتها عليه" ثم قال لها آمراً بلطف : قومي غيري عشان نصلي .
هزت رأسها بإيجاب وهي خجلى من لطفه ونهضت وغيرت لباسها وخففت من مكياجها الناعم وخرجت إليه وهي
تحمل جلال الصلاة وهو بدوره فرش سجادتين لهما , بعد أن صليا إستأذنته بأنها ستتصل على والدتها لتطمأن
على إبنيها وعندما أنتهت من مكالمتها جلست مقابلة له تفصل بينهما طاولة عليها عشاء خفيف وبعد لحظات من
الصمت قال أبو أمل بلطف : ريم ..رفعت رأسها لتنتبه لكلامه وأكمل.. إن شاء الله ما تندمين إنك وافقتي علي وبإذن
الله راح أكون الأب لعيالك وكل إللي أبيه منك الإحترام والمودة وبإذن الله ما راح أقصر بشيء عليك ..وأكمل يسألها
.. إيش تبيني أسويه لك ؟؟ نبي نتفق من بداية حياتنا عشان بإذن الله ما نختلف .
قالت ريم بهدوء يشوبه الخجل : سلامتك ما أبي إلا تكون لعيالي الأب وأنا بإذن الله ما راح أقصر ناحيتك بشيء .
إبتسم لها وبدأ يأكل بعد أن أمرها بلطف وود أن تأكل .
******
في ذات الوقت ...
عندما صعدت أمل للجناح وقد سبقت طارق الذي كان يتحدث مع والدته جلست على كنب الصالة لترتاح قليلاً فهي
بعد المجهود الذي بذلته رغم قلته في حفلة زواج والدها إلا أنها مرهقة وذلك ربما بسبب إستيقاضها المبكر ,
أغمضت عينيها وهي تفكر أنها ستذهب بعد الراحة لتغير فستانها الناعم ذو اللون التفاحي الفاتح والذي أظهرها
في الحفل بإطلالة رائعة مع مكياجها الذي دمج به اللون التفاحي باللون الفوشي بطريقة رائعة وقد رفعت شعرها
كاشينون ناعمة بلفافات رقيقة أبرزت طول عنقها الدقيق , لم تشعر بنفسها وهي تغفوا إلا عندما أحست بحركة
قريبة منها وأنفاس حارة تلفح وجهها ففتحت عينيها ورأت عينيه أمامها تتألق بلمعان غريب ورائع وهو يبتسم
نصف إبتسامة تبدوا ساخرة أو باردة ولكنها تشعرها بالحرارة من أثرها وارتفاع في نبضات قلبها , طالت النظرات
بينهما وهم صامتون وأخيراً نطق بصوت أجش : أحد قال لك أنك اليوم مثل البدر يوم التمام .
تلونت خديها بالحمرة وهي تطرف بحياء وصمتت فأكمل هو بعد لحظات قائلا بهدوء بااارد وهو يبتعد : يلا ننام .
إستغربت تغيره , في لحظة يبدوا لها كالعاشق المتيم بها ولحظة أخرى ينقلب تماما , نهضت وتبعته بذات الصمت
الذي لازمها منذ دخول جناحهما .
******
في صباح اليوم التالي ..
أيقضها طارق لتستعد وتذهب معه للمستشفى وعندما نهضت سارت باتجاه الحمام "كُرمتم" ونظرت لعينيها في
المرآه فهي في الليلة السابقة وهي تزيل المكياج من وجهها دخل المنظف لعينها اليمنى من شدة إرتباكها من
نظرات طارق المسلطة عليها , احمرت عينها وعندما إستيقضت للفجر كانت مغلقة وملتهبة فأصر طارق على
إصطحابها لطبيب عيون فوافقت بعد إلحاح منه وهي الآن تستعد لذلك ..
نزلا من السيارة ودلفا المستشفى وسارا باتجاه قسم العيون واخذ لها موعد عند طبيب العيون وجلست في
استراحة النساء حتى وقت حضور الدكتور التي قيل أنه في جولته الصباحية على مرضاه وبعد مدة أتى الطبيب
دخلت عنده وكشف عليها ثم صرف لها الدواء اللازم بعد أن علم بحملها وعند خروجها سارت برفقة طارق قليلاً
واستوقفها ما رأت وومض عقلها بذكريات قريبة ولكنها تبدوا بعيدة ((عندما خرجت من المشغل مشت قليلا باتجاه
الشارع العام مرت بجانبها سيارة فخمة عرفت صاحبها و رأت أن السيارة عادت متوجهة إليها وابتعدت عن طرف
الرصيف وما هي إلا لحظات حتى أوقف سيارته بمحاذاتها وأنزل زجاج السيارة ..
: أمل تعالي إركبي .
تفاجأت بأنه عرفها وردت عليه بصوت قوي : بأي صفه أركب معك .
أعجب بردها وكبرت في عينه : اعتبريني تاكسي واركبي .
أمل باعتراض : ومن قال لك إني باركب تاكسي , يلا توكل , الله يستر عليك .. أسرعت
في مشيها وهو مازال يلاحقها .. تأففت منه ووقفت ..
أمل بعصبية : نعم مالك نيه تبعد عني ياخي استح على شيبتك عيالك قدهم كبري وأنت
تلاحقني ما تخاف ربي يردها لبناتك .
صدم من قولها فهو ليس بذلك الكبر أما أبنائه ليسو كبار مثلها : أنا ما في نيتي أي شر
وأنتي أكيد عمرك فوق العشرين يعني يناسب أتزوجك وبعدين عيالي أكبر واحد عمره تسعطش سنه .
ذهلت أمل من عرضه من جهة ومن كلامه من جهة أخرى وتكلمت بضعف: إبعد عني الله يخليك
إيش تبي بمطلقه ومعاها ولد ولساتها مادخلت الثمن طعش وأهلها ما يبونها .. وإبتعدت عنه ))
إنتبهت ليد طارق التي تشد عيها وصوته وهو يهمس لها بين أسنانه بغضب : أمل ليش تطالعين فالرجال ؟
نظرت له أمل بغضب لتشكيكة مرة أخرى بها وقالت بغضب مكتوم : ما كنت أناظر بأحد بس كنت سرحانه ..تسائلت
بحنق .. حتى السرحان حرام ؟؟ ..وهي كانت صادقة بكلمتها أنها لم تنظر له إلا لمحة وعرفته ثم سرحت وكأنها لا
ترى أمامها شيء ..
نظر لها بغضب ودفعها بخفة وهو يقول ببرود : روحي إجلسي لما أصرف الدواء وراح أدق على السايق يجي لك.
هزت رأسها بإيجاب وذهبت للإستراحة والتي وجدت بها عدة من النساء بعد أن كانت فارغة عرفت إحداهن
وجلست بجوارها بعد أن ألقت عليهن التحية وبعد صمت بسيط قالت أمل بهدوء : كيفك العنود ؟
إلتفتت العنود باتجاه أمل التي مازالت محتفظة بغطائها على وجهها وقالت بتساؤل : مين إنتي بس لحظة ..وكأنها
تذكرت صاحبة الصوت وقالت بعبرات مخنوقة .. إنتي أمل صح ؟؟
ردت أمل بهدوء يشوبه الحنين : إيه أنا أمل ..وفتحت غطاء وجهها ونظرت لها ولكن العنود لم يتغير من وضعها
شيء بل بكت بحرقة وألم وهي تقول لها ..
العنود ببكاء : أمل الله يخليك سامحيني أمل ..وأخذت تبحث عن يدي أمل حتى وجدتها وأمسكتها بيديها وقالت
برجاء .. أمل الله يسعدك سامحيني ..وشهقت عدت شهقات متتالية وأكملت .. ربي عاقبني على ظلمي لك وإبتلاني
آآآآهـ يا أمل دورت عليك عشان أستسمح منك ماحصلتك ..ورفعت يديها لتقبلها فسحبتها أمل وعيناها تدمع وكأنها
ضربت على رأسها بمطرقة حديدية من شدة الصدمة وهي تصرخ بداخلها "العنود عميت يااا الله"..
قالت أمل بتأثر وهي تحتضنها : خلاص العنود لا تتعبين نفسك أنا مسامحتك وأصلاً عمري ما زعلت عليك أو
دعيت عليك والله يشهد عليّ .
زاد بكاء المرأة وهي تقول بتأثر بالغ : تغلبين الكل بطيبة قلبك يا أمل الله يحفظك ويخليك للي يحبونك .
مسحت أمل عينيها وقالت وهي تحاول التماسك من الصدمة التي أصابتها : تسلمين ..ومدت لها بمنديل ومسحت
الأخرى عينيها وهدأت قليلاً ثم قالت أمل تسألها .. العنود إيش صار لعيونك ؟؟
تنهدت الأخرى بهم وقالت تحكي : آآآآآهــ يا أمل سالفتي غريبة , من مدة صرت أحس عيوني بدا يضعف نظرها
وبديت أحس بصداع قوي رحت لدكاترة كثير وكل واحد يعطيني تشخيص غير إستغربت كانت عيني طيبة إيش إلي
قلب حالها ما عرفت إيش إللي صار إلا لما جيت هنا كشف علي هذا الدكتور وبعد أشعة وتحاليل إكتشف إن
الأعصاب حولين العين أتلفها نمص الحواجب وعرفت لحظتها إنها عقوبة من ربي أنا لما كنت أحف حواجبي أدري
إنه حرام وأسمع نصايحك و أصم أذني ناحيتها وإلحين ندمت إني ما سمعت كلامك لكن إذا فات الفوت ما ينفع
الصوت .
ردت أمل وهي متأثرة بقصتها قائلة : أذكري الله ..تمتمت الأخرى بــ لا إبه إلا الله محمد رسول الله , وأكملت أمل
تدعو لها .. أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيك , وما إبتلاك ربي إلا ليطهرك من ذنبك عشان كذا أصبر
وأحتسبي .
العنود بهدوء : آآآمين , إن شاء الله ربي يصبرني على ما أبتلاني ..صمتت لحظة وقالت تغير الموضوع ..بنات
المشغل كلهم إشتاقوا لك .
ابتسمت أمل لها بحب : حتى أنا اشتقت لهم ودايم توصلني أخبارهم مع ليلى .
العنود متفاجأه : ليلى تكلمك ؟؟
أمل بهدوء : إيه يمكن ما كانت تقولك عشان ما تضايقك .
العنود ردت : لا بالعس كنت راح أفرح وأنا من زمان أبيك بس ما كنت أقول لهم .
أمل : أها طــيـــ ..توقفت عندما سمعت طارق يناديها حتى تأتي فنهضت وهي تستأذن من العنود وخرجت له ..
وعندما عادت وهي تحمل كيس به أدويتها جلست بجوار العنود مرة أخرى فقالت العنود تسألها : مين إللي ناداك؟؟
ردت أمل بخجل : طارق زوجي .
قالت الأخرى متفاجأة بفرح : صدق مبروووك ألف مبرووك يا عمري ..وأكملت تسألها .. من متى تزوجتي ؟؟
ردت أمل بذات الخجل : لنا مدة وإحنا متزوجين ..وأكملت بعد صمت .. وأنا إلحين حامل وداخلة الشهر الرابع .
العنود بفرح : ما شاء الله ربي يتمم لك ويرزقك بره يارب .
ردت أمل : آآآمين .
وإفترقتا عندما حضرت سيارة أمل بعد أن تبادلتا الأرقام .
******
في المساء
عندما دخل طارق الجناح كانت أمل ترتبه قبل أن تذهب للنوم فجلس أمام التلفاز بالصالة وناداها وامرها بالجلوس
فأطاعته وجلست وعم الصمت للحظات ثم قالت تستحثة : طارق فيه شيء بروح أنا مشغولة .
نظر لها للحظة ثم قال بهدوء يشوبه توتر ظهر بطريقة شده على يديه : ممكن تفسرين لي إللي حصل اليوم ؟؟
أخفضت أمل رأسها تفكر ثم رفعته وهي تقول بثقة : ما صار شيء ..وقالت بتملق.. إنت شفت شيء صار؟؟
نظر لها بنظره حارقة كادت تحرقها فتكلمت قائلة بنبرة متماسكة بعد أن أثارت نظرته الرعب في قلبها : كل
الموضوع إني شفت رجال وتذكرت موقف حصلي وأتذكر قلته لك .
طارق باستغراب سألها : أي موقف ومين هو الرجال ؟؟
أمل بهدوء : الرجال زوج صاحبة المشغل أما الموقف لما لحقني يوم طردتني زوجته من المشغل .
هز طارق رأسه بإيجاب ونظر لها بنظرة مبهمة أثارت الكثير فيها وقالت بحزم متجاهلة مشاعرها : أظنك عرفت
موقفي منه ومن كل الرجال وما كان له داعي نظرة الشك هذي وأبيك تعرف إني موب أنا إللي أخون زوجي مهما
حصل ..ونهضت وهي لم تعطه مجال للرد ودخلت غرفة النوم وأغلقت الباب خلفها ..
******
مرت ثلاثة أسابيع إنشغلت بها أمل وشادن وكذلك نهى بالإختبارات وقد بذلت كل واحدة ما بوسعها .
منذ أربعة أيام أنهت نهى إختباراتها أما أمل وشادن هذا اليوم هو آخر يوم بالإختبارات .
عادتا من المدرسة بعد وداع مثقل بالدموع مع زميلاتهن ودخلتا وهما تجرا أرجلهما جراً وأعينهما مثقلة بالنوم
بعد تعب ثلاثة أسابع فدخلت كل منهما جناحها وتمددت بلباس المدرسة وغطتا في نوم عمييييق .
***
في المساء
عادت شادن لمنزل زوجها بعد أن استأذنته لأسبوعين لتذاكر بمنزل والدها فوافق على طلبها أما أمل أستعدت
وذهبت لمنزل والدها الذي إشتاقت له فهي لم تكن تراه هذه المدة بل كانت تتواصل معه عن طريق الهاتف .
***
دخلت لمنزل والدها وهي تحمل سلال الحلوى الفاخرة فهذه أول زيارة لمنزل والدها بعد زواجه , ابتسمت بفرح
عندما سمعت صوت والدها يلعب مع الصغار عندما فتحت لها ريم التي رحبت بها بحفاوة وجزل وأدخلتها على
والدها الذي تفاجأ بها وهب واقفاً يرحب بها ويحتصنها بفرح أما هي فقد تفاجأت كثيراً يبدوا والدها سعيداً وبصحة
جيدة حتى أنه يظهر أنه أكتسب عدة كيلوا جرامات أكسبته المزيد من الهيبة , عندما جلس الجميع حول طاولة
القهوة فرح الأطفال بالحلوى والهدايا التي أحضرتها لهما وقبلنها فقال لهما والدها : عمّار , لمار ..رفعوا رأسهم
له منتبهين فأكمل بمرح .. مين هذي ؟؟
قالا الصغار معاً : هذي خاله أمل .
ضحك أبو أمل وقال نافياً : لا يا حلوين هذي أمل أختكم لأنها بنتي وأنا بابا إبراهيم طيب ياحلوين .
رد الأطفال بفرح : طيب ..قالت لمار تسأل ببراءة ..أختي أمل إنتي ماما جابتك مثلنا ؟؟
ضحك الجميع على برائتها وقالت أمل ترد عليها بحب : لا حبيبتي أنا أمي راحت بعيييد لكن بابتنا واحد فهمتي
حبيبتي .
إبتسمت الصغيرة ببراءة لا مثيل لها قالت : فهمت .
قالت ريم بأمر : يلا كفاية حلاوة كل واحد يروح ينضف أسنانه ويجي .
هز الطفلان رأسيهما بطاعة ونهضا يلبيان أمر أمهما .
وأكملت ريم تسأل أمل بحب : ها أموله كيف الحمل معك ؟؟
ردت أمل بخجل : الحمد لله ماشي الحال موعدي يوم السبت يعني بعد ثلاثة أيام .
ريم بهدوء ومحبة : الله يوفقك وييسر لك .
فقالت أمل وهي تنظر لوالدها وريم معاً : آآآميين وعقبالكم إن شاء الله .
********
مر اليومين التاليين بهدوء وأتى يوم السبت وبعد صلاة العصر إستعدت أمل للذهاب مع طارق لموعدها عند طبيبة
النساء وعندما دخلت عندها وبعد كشوفات روتينية كالضغط ونسبة الدم طلبت منها الدكتورة أن تستلقي لتعمل لها
الأشعة التلفزيونية (السونار) وعندما تمددت كشفت الدكتورة بمساعدت الممرضة عن بطنها وبعدها وضعت الجل
ثم بدأت بتمرير الجهاز إقترب طارق ليرى الشاشة ويتكلم مع الدكتورة بلهجة رسمية لم تخفي فرحته التي إنتقلت
إلى أمل عندما إستمعت لنبض الجنين فدمعت عينها من الفرحة إقترب طارق منها وقال يهمس بخوف إلتمسته من
نبرة صوته وهو يقول : أمل إيش فيك تعبانه ولا شيء ؟؟
إلتقطت أمل يده التي كانت موضوعة على السرير قربها وضمتها بين يديها ثم قالت هامسة له وعينيها تلمع
بدموع كأنها النجوم : طارق سمعت هذا صوت نبض قلبه سمعت ..تنهدت بفرح وسعادة وأكملت بذات الهمس ..
الحمد لله إللي عوضني بعد إبراهيم الحمد لله ما كنت أتصور إني بعد الضياع والشتات إللي عشته راح تستقر
حياتي .. نظرت له بإمتنان وقالت .. شكراً طارق رغم كل شيء صار بينا شكراً ..وقالت لنفسها "أحبك" وودت لو
تصرخ بها وهي لم تعلم أن عينيا نطقتها قبل شفاتها وربما فهمها طارق ووعاها , تأكدت من ذهاب الدكتورة
والممرضة قبلت يده التي مازالت ممسكة بها ثم أنزلتها بهدوء ونهضت بذات الهدوء وطارق مازال متجمد في
مكانه ..
********
في الأيام التالية كانت بين أمل وطارق مودة ظاهرة وكان كل يوم يذهبان معاً إما لمطعم أو منتزه وأكثرها البحر
فقضوا أوقات ممتعة قربت بينهما كثيراً حتى أتى يوم الأربعاء وهو اليوم المحدد لإظهار النتائج ..
لم تنم أمل جيداً ليلاً وبقيت مسيقظة وهي متوترة حتى أن طارق أنبها على ذلك وأخبرها أنه يضر بصحتها وصحة
الجنين فأخبرته أنها قلقة من النتيجة فطمأنها أنها قدمت جيداً وليس عليها أن تخاف ..
وعند الساعة الثامنة والنصف إستقلت السيارة السائق وزوجته وذهبت باتجاه بيت شادن حتى يذهبا معاً لاستلام
النتيجة ..
بعد لحظات قلقة ومترقبه في السيارة خرجن منها ودخلا للمدرسة واتجها لمكان تسليم النتائج وما هي إلا لحظات
حتى تعالت هتافات شادن و ضمت أمل بشدة والتي كانت هي أيضاً فرحة بنتيجتها ونتيجة شادن المشرفة ..
عادا للمنزل وقد ذهبت معها شادن لتفرح أهلها بعد أن بشرت زوجها عن طريق الهاتف أما أمل فلم تتجرأ أن تكلمه
رغم التقارب الكبير بينهما في الفترة الماضية إلا أن هناك حاجز بينهما يأبى أن يهد , أرسلت له رسالة كتبت بها
"طارق أبشرك جبت نسبة حلوه ما بقولها لك إلا لما أشوفك ؛-)" .
عندما وصلن للمنزل أخبرا الجميع بنسبتهما ثم جلسن يتحدثن بفرح ظاهر وماهي إلا لحظات حتى سمعن صوت
إنطلاق رسالة من جوال أمل غمزت لها شادن بمكر : أكيد رسالة من عند الحبيب يهني .
إحمر وجه أمل خجلاً وأشارت لشادن بتهديد حتى لا تنتبه لها أم طارق ولكنها رأتها فانطلقت الضحكات على
وجهها المنحرج فنهضت هاربة وبررت لهن : عن إذنكم عندي شغلة بالجناح ..وذهبت قبل أن تسمع ردهن ولكن
سمعت صوت شادن تقول بصوت عالي تبعها .. (معك شغلة ولا تبين تشوفين رسالة الحبيب)
توعدتها بنفسها قائلة "والله لوريك ياشادن زفت طييب " وفتحت الرسالة وهي متلهفة لرده الذي كان "ألف
مبروك أمولتي وتستاهلين أحلى هدية تجهزي الليلة عشان أوريك هديتي لك على النسبة اللي ما أعرفها ؛-( بعد
العصر تكونين جاهزة ولابسه عبايتك لا تنسين " هتفت أمل بفرحة وهي تكاد تقفز : قال لي أمولتي أنا أمولته
أحبك أحبـــــــــــــــــــك مووووت يا طاااارق ..وهبطت همتها قليلاً وهي تهمس لنفسها .."بس ياليت تحبني
ياطارق مثل ما أحبك" ..صمتت لحظة وقالت تحدث نفسها "أقوم أجهز لباسي وأنام لي شوي قبل الظهر".
حضرت لباسها ولوازمه ثم تمددت على سريرها وهي تفكر في طارق حتى غلبها النعاس ونااامت .
*******
*******
في العصر..
جلست في الصالة السفلية مع أم طارق وهي ترتدي عباءتها ولفت الحجاب على رأسها ولم يظهر منها سوى
وجهها المزين بمكياج ناعم باللون الزهري فأكسب وجهها نعومة وبراءة , أخذت تتحدث مع أم طارق بأحاديث
مختلفة وعقلها يدور بفكرة واحدة أو بالأحرى بشخص واحد وهو طارق وهي تستغرب عدم حضوره وقت الغداء
وتعذره بعمل طارئ أتاه وفي منتصف الأحاديث إنطلق صوت رنين هاتف أمل وإرتفع نبضها عندما علمت من
صاحب الإتصال فقط من صوت النغمة المخصصة له رفعته وهي خجلى من نظرات أم طارق المحبة والمتسائلة
فقالت لها أمل وهي ترفع السماعة : هذا طارق الظاهر جاء ..وفتحت الإتصال وردت على تحيته ثم قوله لها
باستعجال أن تخرج فقالت وهي تنهض .. طيب إلحين جايه .
قالت أم طارق : خلاص رايحين ؟
ردت أمل وهي تربط نقابها : إيه طارق برا ينتظرني .
فقالت الأخرى بحب تدعوا لهما : الله ييسر دربكم ويحفظكم .
همست أمل بــ"آآمين" وقالت مودعة : مع السلامة يمه.
ردت الأخرى : مع السلامة ..وأضافت.. أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .
خرجت أمل من المنزل وهي مستبشرة بدعوة أم طارق لهما وكذلك فرحه بلقاء طارق .
دخلت السيارة بهدوء وألقت التحية على طارق ورد عليها بذات هدوئها وفور إغلاقها للباب إنطلقت السيارة
مضت الدقائق الأولى بصمت قطعه طارق سأل بحماس : يلا قولي نسبتك ؟؟ ..وأضاف .. شوفي أنا مقابلك ..
وابتسم لها..
خجلت من إبتسامته ولكنها تجرأت قليلاً قائلة بفرح : نسبتي 99.58 .
رد عليها طارق بحماس وهو فرح لأجلها : ألــــــف مبرووووك والله تستاهلين أحلى هدية عليها وعقبال السنة
الجاية تجيبي نسبة مثلها وأحسن كمان .
ردت أمل بخجل : الله يبارك فيك ومشكووور وما تقصر .
صمت الطرفان للحظة وسألها طارق بعدها : أمول شادن كم نسبتها ؟؟
ردت عليه بحماس : يلا توقع .
قال بتفكير : أممممم ما أدري بس أضن إما 96 أو 97 .
فقالت له له بذات الحماس : صح نسبتها 96.90 ..وسألته بعد صمت لحظة .. لسا مطولين ؟
فرد عليها مستفهماً : تعبتي ؟
ردت : لا بس الطريق طال .
قال طارق بتجهم مصطنع : أفا مليتي مني .
قالت تنفي بفزع : لا لا والله موب قصدي كذا .
أنفجر ضاحكا وهو يقول : إيش فيك خفتي ترا أمزح معك بس ..وأوقف السيارة بعد مدة بسيطة أمام البحر ويحاذيه
مبنى رائع التصميم وقال لها .. يلا أنزلي وصلنا .
ترجلا من السيارة وسار ثم تبعته باتجاه المبنى وعندما دخلا وأغلق طارق الباب قال لها أن تخلع عباءتها فخلعتها
ونظرت للمكان مبهورة من جمالة وروعة تنسيقة رتبت عباءتها ووضعتها جانباً وسارت في المكان تستكشفه أمام
نظرا طارق المبهوره من جمالها بلباس الحمل الزهري والذي أبرز بطنها الصغير بنعومة وجمال إلتفتت له فرحة
وهي تقول بحماس : المكان يجنن مرره .
رد عليها بغموض : ولسا ما شفتي شيء .
قالت بفرحة : فيه أحلى من كذا ؟؟
هز رأسه إيجاباً بذات الغموض وتقدم منها وأمسك يدها وجرها معه لغرفة في الركن وقفا أمام الباب وقال لها :
الهدية ورا الباب إن شاء الله تعجبك .. ثم قال لها أمراً بلطف.. يلا أفتحي الباب .
ترددت لحظة وهي تنظر له ثم تشجعت وفتحت الباب ووقفت مذهـــــــــــولة ..
كانت الغرفة جميــــــــــلة جداً ومنمقة بطريقة رائعة تجمع بين الورود الحمراء والزهرية تلفها أقمشة من الشيفون
الزهري وتلتف حولها شرائط حريرية حمراء ولا يضيئ الغرفة سوى الشموع فكست المكان جو من الشاعرية
الحالمة ويتوسطها طاولة بها قالب من الحلوى بشكل قلب وعلب مرصوصة حوله بتناسق بها هدايا مختلفة واحدة
عقد ماسي رائع وزوجان من حلق الأذن وساعة ذهبية مذهله وعلبة صغيرة بها خاتم ناعم تقدمت وهي مذهولة
ومأخوذة من الجمال حولها وتوقفت أمام قالب الحلوى المغطى بالشوكلا والمكسرات ويتوسطه قلب أحمر كتب
عليه بالشوكلا البيضاء "ألف مبروووك (أمولتي) وعقبال الدكتوراه" خالجها في تلك اللحظات شعور يفوق الخيال
غامت عينيها بالدموع والتفتت لطارق الذي وقف بجوارها وقالت وهي فرحة وبصوت مخنوق من الدموع وهي
تشير بيديها للغرفة : طارق كل هذا سويته عشاني أنا ..وهي تشير بسبابتها إلى صدرها..
نظر لها بعينين تلمعان وإبتسامة رقيقة : أنتي تستاهلين كل هذا وأكثر بعد .
نزلت الدموع المتجمدة وقالت بحب : لا هذا كثير كثثثثير علي .
تقدم منها أكثر ومسح الدموع برقة وقال وهو ينظر لعينيها : لا موب كثير وبعد ما أبي هالعيون الحلوة تدمع ما
أبي أشوف إلا ضحكتك وبس .
تمعنت في عينيه وهمست "أحبك" فلتت منها بلا شعور فهي ما يختلج صدرها منذ شهور ولا تعلم هل سمع أم لا
بسبب تجمده أمامها كالتمثال فقالت له تنبهه : طارق .
إنتبه لها وقال بلهفه ظهرت جلية على صوته : إيش قلتي ؟؟
قالت أمل بغرابة : إيش قلت !! ما قلت شيء .
قال طارق بذات اللهفة : بلى قلتي أنك تحبيني ..وأكمل راجياً .. قوليها أمل من جديد .
قالت أمل بحب وهي تهمس وخديها يحترقان من الخجل : أحبــــــك .
إقترب منها كثيراً وأمسك بيديها ونظر بعينيها بنظراته المتأججه بلمعان مذهل وهمس بصوت أجش وبذوبان: إذا
إنتي تحبيني أنا ..صمت لحظة وهي تترقب لما سيقول ..أنا أعشقك أموووووت عليك أهووووس بك وأهييييييييم
بعيونك إللي ذبحتني ونظرتك البريئة اللي صرت مجنونها ..صمت وأجلسها ومازال ممسك بيديها وهي جاء دورها
لتتجمد وأكمل بذات الذوبان والحب المتدفق من نظرة عينيه .. من أول يوم شفتك , شفت لحظتها طفلة تترجى
ينقذونها وجنينها كنت مار لحظتها وسمعت الصراخ المكتوم والترجي للحارس إنكسر قلبي عليها قلت لهم
يدخلونها وما أهتميت بأي مشاكل راح تواجهني أهم شيء إني أنقذ هذي الطفلة ولما سمعت دعوتك حسيتها طالعة
من قلبك أمنت عليها وطلبت من الدكتورة تهتم فيها ما أدري إيش السبب بس حسيت تجاهها بالمسؤلية حتى عند
الخروج سهلت الموضوع وبعد ما راحت تركت صداها بقلبي رغم إني كنت هذيك الفترة مازلت مجروح من سالفة
زوجتي وبعد سنتين لما جابوها بالنقالة وولدها ميت حزنت عليها وخفت منها ..صمت عندما نظرات الإستغراب
من أمل فقال يرد على نظراتها .. لا تستغربين إيه خفت منك على مشاعري الحية لك وإللي ما ماتت لسى , كنت
أحاول أبرر لنفسي وأقول أخاف أمي تتعلق فيها وما تتركها وأنا إللي كنت خايف إني أتعلق بك ولما جيتي لمكتبي
كنت أتصرف بطريقة عشان تنفرك وتبعدك عنا ولما طلبتي طلباتك حسيت بحزن على طلبك إنك تشوفين ولدك
وإنقهرت من طلبك للتحليل موب منك لا والله إللي يشوفك يوم تجين تولدين ويشوف إحتشامك وكمان إللي يسمع
صوتك القوي لما تتكلمين مع الرجال يشك بنفسه ولا يشك فيك , أنا إنقهرت عليك وأكثر قهري كان من زوجك إللي
ما اعترف بولده وما حافظ عليك وزاد قهري لأنك قدمتي كل إللي عندك عشان هالتحليل و بكل لحظة يزيد إعجابي
بك لكن بالمقابل أزيد من تحقيري لك عشان أبعد عنك وتبعدي عني ولما شفتي ولدك حسيت بحزن عليك وأنتي
تتكلمين معه ..توقف ومسح دمعتين سقطتا من عينيها وأكمل بلطف .. إيش قلت أنا ما أبي دموع ..ردت بابتسامة
وأكمل بدورة .. كنت أرمي كلمات جارحة أستغرب أنا نفسي منها عمري ماكلمت أحد بهالطريقة ليش أنتي بالذات
ولما سكنتي عندنا أهلي تعلقوا فيك حتى الصغار وأنا كنت أقول لنفسي هذا كله كذب وخداع وأنا متأكد إني أزيف
الحقيقة وبعدها لما بلغتي على سعود وشفته قدامي كان ودي أكسر راسه على نكرانه العلني وثقته لدرجة تشكك
أي أحد إلا أنا ما شكيت فيك لحظة ولما إتفقتي معي عشان الخطة وإني أتزوجك فهذي اللحظة إنرسمت قدام عيوني
صورة زوجتي الأولى وهي تتفق مع ولد عمها ضدي عشان تعطيني المخدر حسيت بلحظتها كل الإعجاب تحول
لكره وقررت إني أتزوجك عشان أربيك وتثاقلت المهمة هذي وحسيتها صعبه بالحيييل كل ما أتذكر إنك أمل إللي
ماشفت مثلها بالاحترام لكن ترجع همتي وفكرت تربيتك لما أتذكر خطتك وخداعك وزاد قهري أكثر لما قلت لك أبي
عيال ورفضتي قررت إني ماراح أتركك تنفذي كلامك بس تهديدي وكرهي كله رااح لما شفت كتلة البراءة والجمال
إللي جالسة قدامي حسيت بالإعجاب كله رجع لك وحدك لكن مادام غير لحظات ونفرتي مني وصرتي تستفرغين
خفت عليك لحظتها لكن نفورك مني بعدني عنك قلت الظاهر البنت أجبرت نفسها على الزواج مني وهي ما تبيني
وأنا كمان ما راح ألتفت لها وإللي ما يبيني مرة ما أبيه ألف مرة لكن ما ساعدتيني أنفذ كلامي كل يوم أشوفك أجمل
أسمع ضحكتك وبحتك فكلامك تلتمسها أذني وأنتبه لها وبعد هذا , كل ما أشوفك أجمل أجرحك أكثر, وفماليزيا لما
تكلمتي عن ولد جيرانك حسيت بغيرة راح تحرقني هذا وهو ميت كيف لوكان حي وصرتي قريبة مني وحسيت أني
ما أقدر أبعد أكثر عنك خلاص صرت ذايب لين صارت سالفة الأصنصير فهذي اللحظة الغيرة إللي بقلبي طلعت
وحرقتك شفت فيك وفاء تصرفت بطريقة عنيفة لدرجة حسيت أن الخوف إللي خف منك رجع من أول وجديد ندمت
على حركتي إللي سويتها وخليتك تبعدين عني أميااال , صرت أتجاهلك عشان ما أشوف نظرة الخوف إللي تشوه
عيونك وتجرح قلبي وفرمضان لما حصلتك بغرفتي حسيت بشوق لك حاولت أتقرب منك لكن خوفك منعني بعدت
ولما حصلت الملابس إللي جهزتيها مبخرة ومرتبه جذبتني ريحة العطر شميته وفرحت لأنك سويتي لي هذا لكن
إنفجرت الغيرة لما تذكرت إنك يمكن كنتي تسوين لسعود كذا ..
قاطعته أمل بحب : لا والله ما عمري سويتها لأحد سعود سنه ونص كنت عنده فالنادر أشوفه .
تنهد بهزل وحب : آآآهـ ريحتيني ..وأكمل بحب .. تذكرين لما رحنا بأبوك للشيخ ..هزت رأسها بإيجاب فأكمل .. لما
رجعت ودقيت على الباب وكان مقفول وما تردين كنت راح أنجن من خوفي عليك ولما فتحتي وشفت عيونك
الحمراء كرهت الحواجز وخوفك اللي بعدني عنك لحظتها تمنيت أضمك وأهديك لكني سويت العكس وجلست أهزئك
وبعدها هربت منك وعليك ولما رحتي لبيت أبوك وقلتي إنك راح تجلسين عنده فترة علاجه كبرتي بعيني كثيييير
واشتقت لك أكثثثر ولما قابلتك بعد أسبوع حسيت إش كثر كنت أحبك وكان ودي آخذك معي وأبعدك عن كل الناس
..تنهد واستغفر بتمتمة وأكمل .. أذكر كل مرة أطلب منك عيال كنتي تنفعلين وتبكين ويزيد خوفك إستغربت منك أنا
درست وعارف هالحالات لكن عندك عقلي يوقف عن التفكير والمنطق كنت ألح عشان العيال خايف أنك تصيرين
مثل وفاء إللي أكتشفت بعد موتها إنها تاخذ حبوب منع الحمل وحرمتني من هالنعمة بطيشها وما أبي المأساة
تتكرر من جديد بس بعد مدة حسيت إن إللي يصير معك ما له إلا سبب واحد كل مرة أبي أسألك أخاف تثبتين
هالكلام وأوقف لكن لما تجرأت وسألتك أثبتي لي صحة تفكيري وقلتي لي قصتك حسيت إني أناني ما فكرت إلا
بنفسي وأنتي تتعذبن عندي لحظتها فكرت أحل مشكتلك بسرعه موب عشاني لا والله ما فكرت هذيك اللحظة إلا فيك.
توقف وسألها : تتذكرين يوم عيد الفطر ..أجاب بعد أن أومأت بإيجاب.. كنت مقهور أنهم كلهم قريبين منك وما
تخافين منهم إلا أنا لدرجة إني غرت منهم حتى شادن ..ضحكت وتبعها بضحكة رطبت الأجواء ثم أكمل بعد توقفهما
.. باستمرارك فالعلاج حسيت أنك تقربين مني أكثر و ثقتك بنفسك تزيد وزاد لك حبي ولما إنتهى علاجك خلاااص
ما قدرت أصبر على بعدك وتعلقت فيك أكثر ولحظتها خفت ما أدري من إيش خفت لكن أكثر شي خوفني إن بعد
هالتعلق أفقدك ما قدرت إستحمل هالفكرة وجات مشكلة سعود مثل الشعرة إللي قصمت ظهر البعير حسيت إن
خوفي تحقق وما فكرت فيك كأمل إللي حبيتها لا فكرت أنك وفاء إللي خانتني وراحت مع ولد عمها وتصرفت بذاك
الشكل وأنا أحسن أني مغيب عن العالم وأنا موب أنا وأنتي موب أمل أنتي وفاء وتركتك عن أبوك وأنا لساتها
الفكرة ما دخلت بالي ومرت كل المدة إللي بعدها وأنا أحس إني غايب عن الواقع كانو يسألوني عنك ويلوموني
على تركك وأنا أصرخ بداخلي إنهم ما يسألوني عنك لا يسألوني عن وفاء الخاينة إللي كسرت كل ثقة فيني ناحية
الأنثى كنت أشوفك تجين المستشفى و أشوفك من بعيد كنت مشتاق لك لكن كلام سعود إللي قاله عنك هدم كل الثقة
إللي بنيتها لك وزاد ألمي وهمي لما أرسلتي النشيد لي يومها حسيت أفكار كثير تتصارع فيني منها إللي تقول
ظلمتك ومنها تقول لا أثق فيك مرة ثانية ومنها تقول ليش تعاتبني وأنا ما غلطت هي إللي غلطت وكثييير غيرها
أتعبتني وزادت همي ولما قابلتك سألتيني عن سبب سواتي فيك لحظتها بس فقت أن إللي سويته موب فوفاء لا بك
إنتي ولما تركتيني بدون ما تبررين حسيت إني أنحرق بداخلي وتمنيت كلمة تبرير وحدة لوكان سامحتك , لحظتها
قلتي إنك مستحيل ترجعين لي وطلبتي الطلاق , بكذا قطعتي الخيط الرفييع لي من أمل رجوعك وجرحتك بدل ما
أترجاك وباليوم إللي بعده سمعت عن مرضك لحظتها أنا إللي مرضت موب إنتي صرت أتجنب أسمع كلامهم عن
مرضك الغريب أكثر من مرة أوصل لبيتكم أبي أنزل عندك لكن أرجع بعد صرااع مع نفسي ولما دقت أمي علي جيت
وأنا أحس إني طاير من خوفي خلاص ما قدرت أستحمل فكرة فقدانك وآآآه ياقلبي لما شفتك كنت راح أجن كنتي
بدون أي حركة حاولت بكل جهدي أعالجك والحمد لله بعد ساعتين قمتي ما تدرين قد إيش فرحت وقلت أنهم كلهم
قلقوا عليك ما تدرين إني أكثر قلق وخوف عليك ولما جيت أروح كنت أتمنى تناديني عشان أرجع البعد عنك عذبني
.
قاطعته وهي توضح بعتاب : أنت لو إلتفت لي لو شفت قد إيش كنت أبيك ترجع ..رفع يديها وقبلها بحب وقال
بحنان .. يمكن هربت لأني خايف تنفضح مشاعري عندك .
نظر بعينيها وقال بجدية : ويوم كنت بالمكتب دخل عندي رجال وقال لي عن موضوعه الخاص فيني ولما قال
زوجتك وقفت وأنا من الغيرة ودي أكسر عظامة وقلت خلاص تحقق إللي خفت منه أنك صرتي مثل وفاء لكن لما
كمل حسيت براحة من جهه وذنب أكلني وحرق قلبي من جهه ثانية وزاد الألم لما أرسلتي الرسالة وقررت إني
مستحيييل أتركك لو أترجاك بس لا الترجي ما ينفع وأخواتي لما جو عندك يتروجونك موب أنا ارسلتهم لا أنا كنت
تعبان نفسياً وجسدياً حنوا علي وجو عندك يطلبون منك الرجوع لي وكنت ادق عليك أبي أي شيء يشجعني أجي
لك لكن ما حصلت غير التطنيش قلت مالي إلا أني أستفيد من الحل الأخير إللي سلمتيني إياه وهو رد الدين على
مساعدتي لكن صدمتيني لما شكيتي بصدقي عرفت لحظتها إن كما تدين تدان وأنا قبل ما صدقتك وجا دورك إنك ما
تصدقيني بررت لك ولما صدقتيني ونفذتي طلبي فرحت وكنت راح أطير لكن تصرفت معك بجمود لأن لو ظهر لك
حبي وفرحتي بتقولين هذا مجنون .
قالت له بحب : ما تصدق لو قلت لك إني حسيت أنك هو من يوم قلت لك قصتي ولما قلت لي موب ماني مصدقة لا
ما ني مستوعبة أن الإنسان إللي أنقذني وأحمل له جميل ما راح أنساه هو نفسه حبيبي .
رفع يديها وقبلها من جديد وضم كتفيها ووضعت رأسها على كتفه وقال بحب : أنتي حبيبتي وعمري وروحي كمان
..لفها له وواجهها وهو يقول بحب عميق .. أمولتي ما تدرين قد إيش فرحت لما طلعتي حامل رغم إني ما وضحت
وسويت نفسي ثقيل .
قالت بمزاح : أمووووت أنا يالثقييل .
ضحك عليها وشاركته هي بالضحك وعندما توقفا قالت له بحب : تدري طارق متى حبيتك ؟؟
أومأ بالنفي وهو ينظر لها بترقب فقالت بحب : من أول ما تزوجنا حسيت ناحيتك بمودة فطرية عمري ما حسيتها
ناحية سعود ويوم بعد يوم وأحس بمشاعري تكبر ناحيتك ولما نتكلم مع بعض أحس إني منجذبه لك لكن خوفي
خرب علي و لما تعالجت خلاص حبيتك وكنت بالقوة أمسك نفسي إني أقول أحبك كنت أقول لنفسي الرجال ما يحبك
ليش ترمين نفسك عليه رغم إنك دايم تشكك فيني وتقولي عني خاينة لكن كل هذا ما هز من حبي لك شيء لكن لما
رجعت لك بديت أتعلق بحبك أكثر لكن قهرتني لما شكيت فيني يوم شفت بدر زوج العنود بالمستشفى .
قاطعها طارق يبرر : لا ما شكيت كنت غيرااان وبمووت من الغيرة ما أبي عيونك تشوف أحد غيري أبد .
قالت له بثقة يخالطها خجل : ثق إني عيني ما تشوف أحد غيرك وما تتأملك إلا أنت .
رد عليها بذوبااان وهو ينظر لعينيها : فدييت عيونك يا حبي .
**********
: أمل حبيبتي يلا أوديك المستشفى .
نظرت له أمه وهي متوترة عليها وقالت : أتركها شوي أحسن تاخذ الألم هنا وما تروح إلا إذا قربت ولادتها .
صمت ونظر لزوجته التي تمشي بالصالة السفلية الكبيرة وهي تحمل قنينة ماء تشرب منها كل مدة وعينيها تدمع
من الألم وتضغط على شفتها السفلية لتمنع صوتها أن يخرج ولكن تظهر تنهدات الألم كل لحظة منها ويتألمان
الجالسان معها وفي قمة ألمها تذهب جرياً بما تستطيع من قوة للحمام "كُرمتم" وتتبعها أم طارق بخوف ولكنها
تعود لتمشي بمسارات وخطوات غير منتظمة .
تكلم بعد مدة : لا خلاص تروح أحسن يعطونها مسكن وترتاح من الألم .
قالت أمه وهي تلتفت مرة له ومرة أخرى لأمل : خلاص شوي وبعدها نروح .
طارق بتوتر: بس قرب الفجر وهي تتولد من الساعة وحده خلينا نـــ ..قاطعته صرخة أمل التي هتفت بصوت باكي
وهي تقول "يمه طااارق إلحقونيييي بولد " هب الجالسان بسرعة والتقطاها ألبساها عبائتها وهي تصرخ بضعف
ووهن وسارا بها للمستشفى بأقصى سرعة ..
دخلوا من باب الطوارئ وتلقفنها الممرضات بسرعة ولم تمضي سوى نصف ساعة عسرة على الجميع حتى
خرجت ممرضة بطفل صغييير جداً زهري اللون وعيناه مغمضتان أقبلت به لوالده وهي تهتف : دكتور تارك هزا
بيبي انتَ ولد .
كسى السرور ملامحة وأنتشل إبنه برفق من الممرضة وهو يقول : الحمد لله الحمد لله ..وسأل الممرضة.. كيف
زوجتي ؟؟
ردت المرضة : الهمد لله كويس بس هي نوم عسان تعبان سوي ..ومدت يدها لأخذ الرضيع ..يلا دكتور هات بيبي
ودي حزانه .
قال لها بهدوء : إنتظري ..والتفت لأمه الصامتة بفرح .. يمة شوفي ولدي .
ردت أمه بصوت باكي بعد أن مدت يدها لأخذه وضمت الطفل وهي تقول : الحمد لله "بارك الله لك في الموهوب لك
،وشكرت الواهب، وبلغ أشده، ورزقت بره"
فرد عليها : "بارك الله لك وبارك عليك ، وجزاك الله خيرًا ، وأجزل ثوابك" ..ثم سألها لها بحنان وحب .. يمه ليش
تبكين ؟؟
ردت بعد أن أعادت الصغير للممرضة التي ذهبت مباشرة : من فرحتي الحمد لله أخيراً شفت عيالك الحمد لله ..
وأجهشت بالبكاء ..
اقترب منها طارق وقبل رأسها واحتضنها ثم قال : بإذن الله راح تشوفينه هو وأخوانه وأخواته يتزوجون وتزفينهم
بنفسك .
*******
في المساء ..
تجمع الكل في غرفتها وبدت أمل في غاية الفرح رغم التعب البادي عليها ولكن ما إن تنظر لولدها حتى تبتسم
ويضيء وجهها , قاطع تأملاتها سؤال شادن ..
شادن : أمول تعبتي كثير فالولادة ؟؟
نظرت لها أمل وقالت بمكر : إذا جربتي راح تشوفين ..ضحك الجميع فأكملت تسأل .. ليش تسألين ؟؟ ..ونظرت بها
بتفحص وأكملت .. ليكوووون ؟؟
فهمت الأخرى وهزت رأسها إيجاباً وهي خجلى فهتفت أمل : ياخاينة تحملين ولا تقولين لي خلاص زعلت .
أنتبه الجميع لكلامهما وتعالت التبريكات وهي ترد عليهم وردت على سؤالهم الموحد "متى حللتي ؟؟" فقالت :
اليوم بس دريت ؟؟
قالت شهد تخوفها : الله يعينك على التعب .
ففزعت شادن وقالت : للدرجه هذي متعب ؟؟
ضحكن على خوفها وتركنها بلا إجابة فالتجربة هي من ستجيب عليها .
*******
تسللت في القصر الخالي من الحياة نهاراً وفي الليل قمة الصخب والمياعة وهو الجو الذي ألفته كثيراً في حياتها
ولكنها الآن كرهته لإقترانه بالذل والحقد سارت وهي تتلفت لألا ينتبه لها أحد الخدم ودخلت إلى المطبخ وحملت
سكين تبدوا حادة من لمعان نصلها سارت بذات الحذر حتى وصلت لأبعد مكان في القصر وكان مخازن تكثر بها
الصناديق والأثاث القديم وأيضاً الحشرات جلست فلم يعد يهمها شيء لا تريد حياتها ملت من تكرار الأحداث بها
وتذكرت كيف يمثلون الإنتحار في مشاهد التلفاز فسارت على النهج فوضعت نصل السكين يدها اليسرى فقطت
أوردتها آلمها الجرح ولكن لم تعد تبالي وفعلت كما السابق في الأخرى ولم تلبث أن تحول المخزن أو تحت جسدها
الملقى بتعب إلى بركة دماء تزداد كل لحظة حينها أحست بألم تمسك بجسدها , ألم مبرح كضرب السياط بل كلهيب
النيران لا تعلم ولكنه ألم موجع حتى النخاع من قال أن الإنتحار أسهل طريقة للموت فهو مخطئ من يموت
بالإنتحار يتألم أكثر بملايين المرت من الموت الطبيعي , زاد الألم وأصبح لا يطاق ثم أحست وكأن يد كالفولاذ
اشتدت حول عنقها فتمنع التنفس عنها ولا يصل لأذنها إلا صوت قرعقة كالقراطيس من حنجرتها وفي تلك اللحظة
مر شريط حياتها كومضت بل أسرع ظهرلها تباعا "فتاه صغيرة أمها تحاول تربيتها على حسن الأخلاق ولكنها
تتمرد" ثم "ذات الفتاه تسرق مقتنيات قريناتها في العمر وتحقد عليهن بلا مبرر" ثم "الفتاة كبرت تزوجت مرة
واخلاقها في تدهور وإنحطاط ثم تطلقت وتزوجت أخرى فلم يتغير الحال "ثم "حقدها على كل النساء لأنهن نجحن
في حياتهن وأنجبن الأبناء وهي لا وأكثر من حقدت عليها بنت عمها سارة " ثم "توعدها بأن تدمر حياة سارة
وطفلتها الصغير "ثم "ذهابها بقطعة ملابس إلتقطتها من بيت إبراهيم مع قصاصات من شعر إبنته إلى الساحر
لتفريقهما " ثم "لحاق إبراهيم لها من مكان لأخر وهو يترجاها أن توافق عليه وهي تضحك لانتصارها أخيراً
تزوجته " ثم"تعذيبها لأمل ونشب الخلاف بينها وبين والدها ليزيد من تعذيبها " ثم "محاولة تزويج أمل لسعود
حتى يتسنى لها الذهاب لمنزل سعود أنى شاءت " ثم "طردها لأمل وتشريدها "ثم "لحاقها بزوج أمل لإغوائه
وإفترائها على أمل " ثم "تهديد إبراهيم لها بأن تترك طريقها الخاطئ عندما أكتشفها بمنزل سعود وسحب البيت
منها وتمردها من جديد " ثم "القبض على أبو سالم وهربها " ثم "تشردها لثلاثة أشهر بلا مال ولا طعام ولا
مأوى مثل ما حصل لأمل" ثم "سماعها لرجلين يجلسان أمام إحدى المنازل بأن إبراهيم قد طلقها وتزوج من
طبيبة طيبة الأخلاق وهي حامل وزاد حقدها " ثم "ظهور أبو سالم في حياتها من جديد حين وجدها في إحدى
الشوارع تمشى فأخذها لهذا القصر المعمور بلياليه الحمراء والمجون فأذاقها فيه من الذل والحقد لأنها هربت
وتركته وحده عندما وجدته الهيئة " ثم آخرها ليلة البارحة "كان آخر مشهد للذل عند أبو سالم حين أمرها أمام
الناس أن تمسح حذائه بلسانها ففعلت بعد دفعه لها لتسقط عند قدميه فتلعقها ثم خلعها وهو مشمئز وهو يقول (
لوثتيها بعد ما كانت نظيفة ) فنهضت وهي تجر أذيال الذل الخيبة " كل هذا وأكثر مرت في لحظــــــة او أقل من
لحظة ناهزت منتصف الأربعين ولكن كل حياتها مضت أمامها كلحظة فقط هذا هو عمر الإنسان مهما طال يبقى
لحظة أو ومضة فقط , فشهقت بألم متجذر في روحها تبعتها شهقات حتى فاضت روحها وهي بقمة
الألــــــــــــــــــــــــــــم .
*********
بعد شهور ...
قالت بفروغ صبر تغطيه ببسمة غاضبة لصغيرها : عبوي حبيبي يلا نوم ماما .
هزت الطفل رأسه بحماس وهو يقول : أأأ بابا "لا بابا" ..وهو يشير لوالدها الجالس على الحاسوب وينقر على
مفاتيحه فالتفت الوالد لإبنه بابتسامة وأشار له بأن يأتي فهم الطفل وهم بالحبو حتى وصل لوالده فضحك بفرح
وشاركه والداه بابتسامة محبة ..
فقالت أمل بتوتر : طارق هاتيه وشوف متى تظهر هالنتيجة مليت من الإنتظار ..ومدت يدها لتحمل طفلها ولكنه
رفض بل يريد مشاهدة الشاشة المضائة أمامه والتي جعلت عيناه تلتمعان ..
قال طارق بهدوء وحب : أتركيه عندي وأنتي ريحي نفسك بإذن الله راح تجيبين نسبة حلوه .
تنهدت وجلست بالكرسي المجاور له وقالت : الله يسمع منك صراحة تعبت من التوتر والإنتظار كل يوم .
صمت الطرفان للحظات ثم قال طارق بحماس بعد نقرات قليلة : أمول طلعت النتايج .
تصلبت امل من التوتر والترقب وركزت نظرها على طارق المندمج في عمله وماهي إلا ثواني وأنطلق هاتفاً وهو
يقول : مبرووووووك أمولتي مبروووووك جبتي 98.5 وأقترب منها بعد أن وضع طفله على الأرض وهي جامدة
في مكانها من الفرحة فأمسك بيدها ينبهها فانتبهت لحظتها وقفزت من الفرحة وتعلقت برقبته وهي تضحك بفرح
عارم .
********
لمحات مما مضى ...
* دخلت أمل كلية الطب وتخصصت في طب العيون كما كانت تحلم .
* ولدت شادن ولم تمر بفترة المخاض بسبب التقرير المبكر لها بولادة قيصرية فلم تتعب إلا من العملية .
* تزوجت نهى من أحد أقربائها وهي الآن حامل في شهرها الأول .
* حياة شهد مستقرة بين أبنائها وزوجها .
* وصلت ريم لأشهرها الأخيرة وهي في غاية الراحة مع والد أمل الذي هو الآخر بصحة جيدة وراحة تامة .
* أبو طارق وأم طارق حياتهما عنوانها المودة والحب الطويل .
* أما سلمى لم تكتشف جثتها إلا بعد أسبوع عندما نفّرت رائحة الجثة رواد القصر فبحثوا عنها ووجدوها متحللة
ومتعفنة.
* سعود بعد شهر من وفاة سلمى مات متأثراً من المرض بعد أن تاب وقد أرسل لطارق رسالة فحواها "طارق
أرجووك سامحني وقول لأمل تسامحني أسألك بالله تبلغها طلبي ".
*********
بعد ثمان سنوات ..
: عبد الله روح جيب أخوك إبراهيم من عند الجيران .
عبدالله : طيب ماما إلحين أجيبة .
رفعت طفلتها النائمة على الأرض بين الألعاب ووضعتها في سريرها وقبلتها ثم خرجت .
عند الباب التقت بطارق المبتسم بحب لها وبعد التحية سألها : وين العيال البيت أشوفه هادي ؟؟
ردت له الإبتسام بحب مماثل وهي تقول : عبدالله راح يجيب إبراهيم من عند الجيران و وجد نامت ووديتها
سريرها ..تقدمت وأمسكت يده وأجلسته على إحدى الكنبات وقالت .. إنتظر هنا شوي سويت لك عصير بجيبه لك
..ثم ذهبت قبل أن تسمع رده ولكن تابعتها نظراته المحبة ..
دخل الولدان وألقيا التحية وقبلا والدهما فقال لهما بأمر أبوي محب : يلا أشوف كل واحد يروح يتسبح وينام .
أطاعا الولدان الأمر ودخلا غرفتهما في اللحظة التي حضرت أمل بأكواب العصير فسألت عن أبنائها فأخبرها أنهم
قد أتوا للتو فدخلا .
شربا العصير وهما يتحدثان بأحاديث عن المستشفى والمرضى الذين تعاينهم أمل في عيادتها المتخصصة بالعيون
وكذلك عن أمور المنزل وفي منتصف الحديث نهض طارق ثم جلس بقرب أمل وقال بجدية : أمل ما قلت لك ؟؟
فزعت من نبرته الجدية فقالت بخوف : إيش صاير لا ما قلت لي .
نظر بها ملياً ثم أكمل : يعني ما قلت لك .
زاد الخوف عندها ولكنه قطعه وهو يقول بصوت أجش وهامس : ما قلت لك إني أحبـــــــــــــــك ..فأتبعها بضحكة
على وجهها الحانق ولكن قطعتها صرخة ألم صدرت منه ونظر لأمل باستفهام وقال.. ليش عضيتيني .
قالت وهي مبتسمة بمكر ودلال : لأني أحبـــــــــــــــــــــــك .
النهـــــــــــــــــــــــــــــــايه
تمت بحمد الله
يوم الأربعاء الموافق 22 من جمادي الثاني من عام 1432 هـ
الساعة 13: 11 صباحاً
أختكم ومحبتكم / بســ أمــ(G)ــل ــمة
..
..
..
|