7-من طبع دايون ان يتصرف بمثل هذا الكرم,
لكنها رفضت الاقرار بذلك.
لم يمانع مره ان يشاركه الاخرون فى ممتلكاته...
باستثنائها هى !
ايقظت مارثا اشعه الشمس المتسربه من شقوق الستائر المعدنيه. لا يزال الوقت مبكرا جدا, لكنها فقدت رغبتها فى النوم. ولا يسعها ان تستلقى هكذا ,تحت رحمه القلق والحيره المستبدين بها.
نور الصباح يشيع فى الغرفع شفافيه عنبريه,وستائر النوافذ الزرقاء تبدو ذائبه فىالظلال.خزانه الادراج وطاوله الزينه تعكسان اشعه الشمس فيشوبهما لون ذهبى,كمان مربعات البلاط مصقوله ترسل ذرات من الغبار الشفاف.
سارت الى حيث النوافذ ,ثم التفتت خلفها صوب السرير كانها تتوقع وجود احد هناك.لقد امضت الليله بمفردها,والترقب الذى سهدها حتى الفجر لم ينجم عنه سوى السهر وقلق البال.
فتحت الستائر المعدنيه وحدقت بوجوم الى الحديقه المغموره بالالوان. احست بشئ من الغثيان والصداع. اين قضى دايون ليلته؟ هل استطاع النوم؟اذا فعل ,فعما كان يتحدث ليله امس؟
من الحماقه ان تشعر بالخيبه,لكنها مشوشه,وعقلها المتعب يرفض ان يجد اسبابا لتغيبه.
استعرضت احداث الامس الفائته فلم تجد فيها ما يدعو الى الشك فى نواياه. لكنها لم تقض معه وقتا طويلا لانهماكها فى رعايه جوزى التى توعكت قليلا.
لا ريب الحر وكثره الرياضه كانا السبب فى اضطرابها الصحى حيث امضت مارثا معظم الوقتفى تلبيه متطالباتها.اقترح دايون ان تتولى احدى الخادمات رعايه الطفله لكن مارثا عارضت اقتراحه بشده.اما ساره, فهبت الى مناصره اختها,كعادتها كلما اختلف دايون ومارثا حول راى ما :
_ ان الطفله تحتاج الى امها فى ظروف كهذه.
وتابعت ساره تخاطب دايون ك _ لا تتوقع من مارثا ان تترك جوزى فى عهده ناس غرباء فهى تعتنى بها منذ زمن طويل, وترطهما صله وثيقه جدا.
اجابها دايون بصوت بارد:
_معك حق , ان صلتهما وثيقه اكثر مما يجب. لكننى اعتزم تغيير ذلك فى المستقبل القريبز
سمعت مارثا عبارته وهى تبتعد عن المائده فاحست بذعر.الهذا السبب اصر على ان ترافقه الى اثينا ؟هل يعتزم فصلها عن ابنتها بطريقه تدريجيه, ولذا كان قصده من استخدام مربيه انكليزيه ان تحل محل مارثا فى نهايه المطاف؟هل ان خطه استرجاعها هى مجرد ترتيب مؤقت كى لا تصاب جوزى باضطراب عميق عندما يحصل الانفصال النهائى؟ شغلتها هذه الافكار المقلقه فلم تقدر ان تتصرف بموضوعيه, الامر الذى جعل جوزى تتجاوب مع تدليل امها المفرط بشراهه طفوليه,حيث استغلت لهفه مارثا وضاعفت شكاواها.
عندما جاء اندروس ليخبر مارثا ان جوزى تطلب حضورها للمره الرابعهوفطن روجر الى دلع الطفله .كان يحدث اليكس عن الحفريات القائمه فى اكروتيرى,فقطع الحديث ليقبض على ذراع مارثا المهروله,وهتف بها :
_الا ترين انها تتلاعب بعواطفك من باب الانانيه؟ انها تعرف ان زوجك هنا , وبالتالى تريد الاستئثار باهتمامك.كفى عن الرضوخ لها.
سمعه دايون ,فنهض عن كرسيه وقال :
_الحق معك. ساذهب واكلمها.مارثا,عودى الى المائده.اتركى لى هذه المهمه.
_كلا ....
لكن روجر ظل ممسكا بذراعها فعجزت عن ايقاف دايون الذى سارع الى دخول البيت .قال لها روجر بحزم وعيناه تحذرانها:
_استرخى .دعى دايون يكلمها. انها تحتاج الى هيبه رجل.اليس كذلك؟
قالت ساره بغضب:
_تقصد هيبه والد؟مارثا,الا ترين ما يفعله دايون؟انه يحاول سلب مكانتك فى حياه جوزى...
هنا,تدخل اليكس فقال مستنكرا:
_هراء! الا يحق لاخى ان يتكلم مع ابنته؟انها ابنته,حتى انا استطعت رؤيه هذه الحقيقه!
اجابته ساره باستنكارمماثل:
_خساره انك لم لم تر هذه الحقيقه قبل اليوم,فمنذ عده سنوات طويله ومارثا ترعى جوزى من دون مساعد ال ميكونوس.لما تفترض انها اصبحت الان بحاجه الى هذه المساعده؟
قالت مارثا باعياء:
_ساره ,ارجوك...
لكن اعتراضها ذهب سدى,اذا نهض اليكس واقفا وقال بخشونه:
_ان اختك هى التى تركت اخى وليس العكس.اتعلمين ان الصدمه اوشكت ان تقتله؟اتعلمين ايضا,انه خالف كل وصايا العائله حين جاء بك الى هنا؟
منتديات ليلاس
تخلصت مارثا من قبضه روجر وعادت الى مقعدها. لكن الجو تكهرب وما عاد قابلا للاحاديث العاديه. رحبت مارثا بانتهاء العشاء حيث تمكنت من الهرب.كان دايون قد رجع وابلغهم ان جوزى تحسنت بشكل ملحوظ, عندما تسللت الى غرفتها لتطمئن على حالها وجدتها مستغرقه فى النوم . بدا واضحا ان الطفله استجابت الى كلام دايون. احست مارثا بانخفاض فى معنوياتها حين دخلت الى غرفتها التى فقدت حصانتها السابقه.
لكن هذه الحصانه استمرت طوال الليل,ونعمت بها مارثا مع ان خواطرها لم تعلم الهدوء. ان تحذير اليكس الشاجب,اضافه الى موقف زوجها المذل ,اشعراه بياس طاغ.تبين لها خطا ان اليكس قد سامحها.كان يجاملها من اجل جوزى ,الضحيه البريئه فى لعبه القدر هذه.
الان اطل الصباح,واليوم ستصل المربيه الانكليزيه,فيما تشعر بعجزها الكلى عن معالجه الموقف. انها لا تعرف شيئا عن هذه المربيه . اهى شابه ام كهله؟ودوده ام متسلطه؟مجربه ام ساذجه,على غرارها هى؟
ليست لديه اى وسيله لاثبات ظنونها, اذن لا جدوى من هذا القلق العقيم.ثم,حين وعت انها فى حاجه الى شئ ينشظ ذهنها وارتدت المايوه الازرق الذى ابتاعته فى السنه الماضيه ,ودثرت جسمها باحدى مناشف الحمام الكبيره ثم غادرت غرفتها .رات شخصا يسبح فى الحوض,فخطر لها ان تتراجع قبل ان يراها ذلك السابح,كائنا من يكون,الا انها تذكرت تصميمها الجديد على عدم الاستسلام للمخاوف .تشجعت بالرغم من ارتجاف ركبتيها ,وعبرت الممر المزدان بالعرائش,الذى يؤدى الى حوض السباحه.
تبين لها فورا ان السابح ليس زوجها بل سلفها اليكس الذى كان يعوم متمددا على بطنه . وحالما انقلب على ظهره و بدا يسبح بتكاسل فى اتجاه الحافه .نادهها مبتسما باسترخاء:
_صباح الخير مارثا .هل ستنضمين الى ؟
ترددت للحظه العابره ثم ازاحت منشفتها وتركتها تسقط على بلاط الموازييك المحيط بالبركه .سالته وهى تتقدم الى الحافه:
_اتريد رفيقا؟
_رفقتك انت؟بالطبع اريدها.
_بالرغم مما قلته مساء امس ؟
صعد الى احافه ووقف الى جانبها .استوضحها قائلا وجسمه يقطر بالماء المالح الذى يضخ من البحر :
_مساء امس ؟ماذا قلت مساء امس؟
قالت وهى تغطس اصابعها فى الماء البارد :
_انت تعرف .بخصوص ... وجودى هنا .
_وجودك انت ؟لا افهم ما تقصدين.انا سعيد بوجودك.هذا كان مكان انتمائك. كان دائما هكذا.
_لكن عندما كنت تكلم ساره ...
_اه ساره .
تقلص فمه فورا ,وعادت ترى تعبير الاستنكار الذى راته امس.اردف قائلا :
_عندما تتكلمين عن نفسك لا تقرنى اختك بك.هى التى لا يجب ان تكون هنا .هى التى تمقتها عائلتى وتنقم عليها.
لم تقد ان تصدر رعده القلق التى هزت كيانها. من الواضح ان اّل ميكونوس جعلوا ساره كبشا لمحرقتهم. بم يصدقون ابدا بانها هجرت زوجها بمحض ارادتها. لم يصدقوا بانها فضلت الحريه على معاشره رجل ارتاب فى اخلاصها الى حد انكر معه ابوته لطفلته! لقد احتاجوا الى شخص يحملونه المسؤوليه . فوضعوا اللوم على ساره.
قال اليكس بعد قليل:
ــ كفى. دعينا من التفكير فى الماضى كى لا نفسد نهارنا. لقد اوصانا دايون بأن ننسى الماضى وهذا ما سأفعله.
يستيطع اليكس . احيانا . ان يكوم غايه فى الجديه . وها هو يتطلع اليها بتركيز ملهوف. ذكرها بدايون عندما ينظر اليها بتوسل يحرك اواتر قلبها. لم تشأ ان تطيل انتظاره فاجابته بصوت خفيض:
ــ حسنا.
قال ملامسا خدها باصابعه المبلله:
ــ تبدين قلقله كثريا. لا تخافى, كل شئ سينتهى على خير. سترين. ودت مارثا لو تصدقه. لكنها استطاعت على الاقل, ان تنسى مشاكلها فى غمره استمتاعها بالسباحه, خلال ربع الساعه التاليه. كانت المياه غايه فى الصفاء والخفه. حيث لا يحتاج المرء الى تحريك ساقيه. يجب على ساره ان تجرب السباحه فيها . احتفظت بهذه الفكره لنفسها خشيه ان تستفز اليكس من جديد.
خرجا من الماء واستلقيا على جانب الحوض. كانا يناقشان التى جعلت اليكس يتخلى عن التدريس الجامعى عندما اطل دايون.
منتديات ليلاس
خطر لمارثا انه سيجد فى مشهدهما ما يبعث على ارتيابه. وهى مستلقيه على ظهرها كى تجفف الشمس جسمها الرطب. واليكس مضطجع قربها وهو يشرح الاسباب التى جلعته يطيع اباه. لكن زوجها لم يظهر ما يدل على تضايقه , بل وقف فوقها حيث بدا كامل الرجوله فى بنطلونه كتانى فاتح وقميص قطنيه ضيقه.
لم ينهض اليكس من مكانه وحياه قائلا:
ــ اهلا. دايون , حسبنا انك ستنام طيله النهار. اليس كذلك يا مارثا؟ انظر. ان زوجتك سبحت مسافه تفوق مسافه قطع مضيق الدردنيل.
ــ اليكس..
رمقت دايون ينظره متكدره وهى تنهض جالسه. لكن وجه دايون لم يكشف شيئا مما يدور فى رأسه. جلس على البلاط الى جانبها وعلق بقوله:
أا ارى انها تبدو مجهده قليلا. لكنها ستجد الحياه اسهل بعد وصول الانسه باو.
رفضت مارثا ان تواجه التحدى الملتمع فى حدقتيه السوداوين. لكنها سمعت اليكس يسأله عن موعد وصول المربيه وانتظرت جواب دايون بتوتر. قال اخيرا:
ــ عند الظهر . على ما اظن. انت تعرفها بالطبع.
اتجه بصرها الى اليكس فاوما برأسه قائل:
ــ هذا صحيح. تعرفت على السيده . انها جذابه الشخصيه. انا اكيد انك ستحبينها.
كانت لديها ثقه مماثله بانها لن تحبها. لكنها لم تستطيع الجهر بذلك. نهضت واقفه من دون مساعده. ثم قصدت مكان المنشفه لتلف بها جسمها.
نهض اليكس بدوره واحست بنظراتهما تتسلط عليها وهى تلف المنشفه حولها. تساءلت عن تصورات ليكس. هل ظن انهما قضيا الليله معا. وان تصرفهما الحالى هو نتيجه لسوء تفاهم حثل بينهما؟ مهما يكن االمر, فهى الان بحاجه الى رفقه جوزى السلسه. او رفقه روجر . او حتى رؤيه ساره , كى تستعيد شعورها بالتوازن . ابتسمت لهما ابتسامه خفيفه وغادرت المكان.
جاء دايون الى غرفه النوم وهى تسرح شعرها بالفرشاه استعدادا لتجديله. ساءها ان يدخل عليها دون دعوه او استئذان. غير انها نجحت فى اخفاء امتعاضها واستمرت فى مهمتها متجاهله وجوده . لن تعطيه مجالا للسخريه منها بسؤاله عن اسباب تغيبه غى الليله افائته.
راقب حركاتها المضطربه لبضع دقائق ثم امرها بقوله:
ــ دعيه كما هو. افضل ان ترخيه على كتفيك . افعى هذا ارضاء لى. عبارته هذه. زادتها اصرارا على تجديله. تجاهلاه وحاولت من جديد ان تجزئ تلك الغلال الحريريه الى ثلاث خصل متساويه . ثم تجمدت بلا حراك عندما وقف خلفها مبارشره.
ردد بصوت هادئ :
ــ قلت لك ان تتركيه
ابعد الفرشاه عنها. ثم ازاح يديها جانبا فانسدل شعرها ناعما بلونه الذهبى والعسلى. تابع يقول:
ــ ان كنت تصرين على ربطه بسبب الحر فاستعملى سريطه او قطعه من المطاط. يعجبنى كثيرا مظهرك الفتى. لكنى لا احب ان تسرحى شعرك لعى هذا النحو الصارم.
ــ لا يهمنى رأيك
أا حقا؟ لكننى احب ان امرر اصابعى فيه.. وان ادفن وجهى فى نعومته...
قرب رأسه من عنقها. شعرت بأنه ينوى التلاعب بعواطفها من جديد فأشعل الذع اعصابها. اطلقت صرخه قصيره وابتعدت عنه بعنف. رأت نظرته المتسليه منعكسه امامها فى المرأه.
تألمها بسخريه وسأل
::
ــ ا بك؟ انك لا تمانعين فى ان المسك. اليس كذلك؟ ام انك مستاءه, ربما, لانى لا استغل حقوقى الزوجيه؟
صفعته بتلقائيه محضه. المها اصابعها لشده الصفعه فاخذت تفركها لتزيل الامل. ماذا سيفعل الان؟ تساءلت وبصرها يقفز فى ارجاء الغرفه ثم يعود الى خده المصفوع بندم متردد.
لمس اثار اصابعها التى احدثت علامات بيضاء وبارده على جلده الساخن. قال اخيرا :
ــ هل تشعرين الان بتحسن؟ هل لطفت الصفعه المراراه التى تحسينها عندما اثبت لك انك لا تمليم مناعه ضدى , بغض النظر عما قد ترغبين فيه؟
ضاقت انفاسها ثم قالت بصعوبه:
ــ تظن انك غايه فى المهاره. لمجرد انك تستطيع... اثارتى . حسنا, انا امره حره ولست طفله. انا, مثلك لدى احتياجاتى ورغباتى.
انتظرت جوابه برهبه اكنه احجم عن المجادله. انحرفت شفتاه لازدراء وسار الى الباب بتمهل ثم غادر الغرفه صامته.
بعد انصرافه شعرت بخواء وارهاقو لقد امضيا ليله منهكه. احتاجت بعدها الى المحبه والتعاطف لا الى هذه المعارك الحسيه المتواصله. مع انها قد تنكر انجذابها اليه, الا انه من الغباء ان تتظاهر بعكس ذلك فى حين يستطيع ان يفرض عليها سلطه هائله كهذه .
هكذا كانت الحال منذ البدايه . فكرت بانهزام وبعجب من معانده القدر. ااثناء الاجازه التى قضتها وساره فى جزيره رودس . تعمدتا الابتعاد عن اى رتباط عاطفى . لكن فى الليله الاخيره . , عندما اقعنعتها ساره بأن تقبلا دعوه نالدين فى الفندق. لم يكن بوسعها ان تتكهن بما حدث لاحقا. قال النادلان انه يوجد ناد ليلى. فى احدى القرى الصغيره. غفوجدتا فى الذهاب فرصه للاستمتاع . لكن النتيجه جاءت عكس ذلك تماما. لانه خيل للشابين اليونانيين ان الفتاتين ستجاريانهما فى كل ما يطلبان. وحالما اكتشفا انهما لن تفعلا ذلك. غادرا النادى فورا. تاركين لمارثا وساره مهمه البحث عن وسيله نقل تعيدهما الى الفندق.
لم يكن الامر سهلا لعدم وجود سيارات اجره. كما ان جهلهما باللغه اليونانيه انذاك حال دون فهم الاخرين لكلامهما.
منتديات ليلاس
قررتا اخيرا ان تعودا سيرا على الاقدام . لكن عندما وقعت ساره والتوى كاحلها. وعندما اتضح لمارثا انهما تسيران فى الاتجاه الخطأ. بدأ يتملكهما ذعر كالذى يستبد بالمرء حين يواجه كابوسا.
تابعتا السير حتى وصلتا الى فيللا تقع فى واد مشجر يبعد قليلا عن الطريق الساحلى العام. نباح الكلاب نبه صاحب الفيللا الى وجود غرباء على اراضيه . كما شاءت الصدفه المحضه ان يكون دايون مدعوا الى العشاء هناك, فى تلك الليله . ساءت حال ساره فعجزت عن متابعه السير. الامر الذى شجع مارثا على ان تواجه اهل البيت وتستأذن فى استعمال التلفون كى تستدعى سياره تاكسى.
تذكرت كيف هب دايون لمساعدتها فشعرت بارتخاء فى اطرافها. لم يكف. انذاك. انه اشعرها بالراحه كونه استطاع التكلم معها بالانكليزيه . بل اصر ايضا على ارجاعهماالى الفندق بسيارته. لقد رفع ساره بين ذراعيه القويتين وحملها الى داخل الفيللا فيما سارع اهل البيت الى غسل كاحلها بالماء البارد قبل ان يضمدوه.
قطبت مارثا حين فكرت مليا وتذكرت ان ساره اقنعت نفسها وقتئذ بان دايون قد انجذب اليها. لم يخطر لها انه لم يقدم على مساعدتها الا من باب اللياقه. وانه كان سيساعد مطلق شخص مصاب بعجز مماثل. لقد افتتنت بقوه ذراعيه الرشيقتين.
وبكفاءته الههادئه التى حققت الكثير باقل قدر من الجهد.
مارثا . من جهتها , اعتبرت الحادثه نوعا من المغامره المسليه, قصه شيقه تتحدثان عنها بعد رجوعهما الى النكلترا . وليس شيئا يستحق ان يؤخذ على محمل الجد. اثناء العوده الى الفندق. جلست على المقعد الخلفى فى سياره دايون الفارهه. وتحاشت التفكير فر الفارق الواوضح بين هذا الغريب الجذاب وبين الشابين الاخرين. كى تحصن نفسها ضد وسامته الداكنه وكى لا تعرف اسمه.
عندما جاء فى الصباح التلى ليستعلم عن صحه ساره وليتأكد من انهما تخطتا تلك المحنه بسلام , صعب عليها التهرب من تحديقه المتفحص. تلكم معظم الوقت مع ساره لكنه خصها بنظراته. ام مجرد تذكرها لتلك النظرات الناعسه يعرق كفيها المرتعشتين.
بالطبع. لم ينته الامر عند ذاك الحد و مع ان مارثا اكدت لنفسها بانهما لن ترياه ثانيه, حين عادتا الى انكلترا عصر ذلك اليوم. بعد اسبوع واحد, جاء دايون الى لندن مزودا بعنوانهما. وصار يتردد على بيتهما فى ماكسويل غروف ويتصرف بعفويه كأنه عاش طيله حياته فى تلك الاجواء المتواضعه. ابتهجت ساره فى بادئ الامر لاعتقادها بانه ياتى من اجلها. وكانت تعتنى عنايه خاصه بشعرها ولباسها . اما مارثا فابتعدت عن الطريق قدر المستطاع. اذ بعد اطلاعها على اسمه ومكانته. اصبحت ليدها قناعه بأنه يلهو بهما ليس الا. ولم يخطر لها اطلاقا حقيقه ان يكون جادا فى عواطفه نحوها.
الى ان جاء فى احدى الامسيات ليجد ان ساره خارج البيت تحضر اجتماعا. كانت ساره انذاك عضوا نشيطا فى جمعيه الابحاث التاريخيه المحليه. تشارك روجر اهتمامه فى هذه الموضوعات . كما انها كانت اخبرت مارثا ان دايون قد اضطر للعوده الى اثينا ذلك العصر وانه وعد يمخابرتها لدى عوته.
عندما فتحت له الباب, ادرك كلاهما سبب حضوره . لم يكن هناك مجال للخطأ . اذ قرأت السبب فى تعبير وجهه وفى نظراته المتأججه.
هذه الذكريات المتها فى الصميم فقضمت شفتها السفلى بقوه... كانا مفعمين باللهفه والشوق الى بعضهما. شعرت بالعجز وكانت مستعده لان تمنحه اى شئ يطلبه منها.
لم يكن سهلا عليها ان تخبر ساره التى ترواح رد فعلها بين اللامبالاه الفوريه والاستنكار الكامل. وعندما حاولت مارثا ان تدافع عن نفسها. فى وقت لاحك . انكرت ساره اعجابها السابق والجدى بدايون.
ارصات على انه لا يعتزم الزواج من فتاه انكليزيه . بل انه يلهو بمارثا فحسب. وعليها ان تدرك بأن اليونانيين اصحاب الملايين لا يتورطون جديا مع فتاه تعمل موظفه استقبال.
بالطبع, اثبت الزم انها كانت مخطئ, لكن مارثا تساءلت الان عن المجازفات التى اقدمت عليها.
افترضت. بطبيعه الحال, ان ال ميكونوس واجهوا الموقف برعب واستهجان . فهى تختلف كثيرا عن الزوجه التى كانوا سيختارونا لابنهم الاكبر. تعرضت انذاك لاستجوابات صارمه جدا. وبالرغم من كل شئ لو توضع عقبات فى طريقهما.
وفى الواقع. تم زواجهما اخيرا برعايه عائلته التى جهت الدعوه الى عدد كبير من الناس. ومع ان مارثا ارعبتها فكره ذلك الاحتفال الضخم الا ان وجود دايون الى جانبها خفف الكثير من خوفها. كان يوما رائعت وزفافا مجيدا. حيث احتشد المدعوون فى الرادق الذى نصب فى حدائق الفيللا فى اثينا. تبع ذلك عسل رائع. قضياه فى جزيره بالى الاستوائيه الهادئه.
تنهدت الان وتأملت صورتها المنعكسه فى الرأه المتععده الوجوه. تساءلت بكدر : هل كانت ستعيش بعيدا عن دايون لولا وجود ساره؟ هل كانت ستحتفظ باستقلاليتها من دون مساعده اختها؟ مهما يكن الامر. لا شئ يغير حقيقه ان دايون قد عاش بعيدا عنهابعدما تقبل رحيلها كفراق نهائى . وانه لم يسترجعها الان الا ليستحوذ على جوزى وليرضى نزعه قسوه تسيطر عليه.
انفتح الباب من جديد. لكن نظراتها المرتعبه ذهبت سدى. لان الزائر المتطفل لم يكن سوى جوزى التى دخلت الى الغرفه وهى تبدو مشعثه الشعر ومحببه الشكل فى بيجامه مخططه.
قالت وهى تفرك عينيها وتنظر حولها فى ارجاء الغرفه:
ــ تاخرت فى النوم.
ثم تابعت مقطبه الجبين:
ــ قالت صوفيا انه يجب على ارتداء ثيابى لان هناك سيده ستاتى اليوم كى تعتنى بى وبخالتى ساره اثناء غيابك مع عمى دايون. هل حقا ستسافرين يا مامم وتتركيننى هنا!هبطت معنويات مارثا فورا. لقد املت ببان تطلع جوزى على هذا الخبرباسلوبها الخاص . لكنها نسيت كم يثرثر الخدم! ان الثرثره جزء من طبيع البشر. وصوفيا , احدى الخادمات الشابات من القريه ,لا تعتبر كلماتها مخالفه للعادات الساريه.
كانت جوزى تتطلع اليها بلق فسارعت مارثا الى القول:
ــ فى الواقع . قد اغادر ليوم او يومين مع.ز مع عمك دايون. كما قالت لك صوفيا. لكنى لن اغيب طويلا , كما ان خالتك ساره ستبقى هنا طبعا.
ــ اذن. هناك سيده ستأتى للعنايه بنا . من هى؟ هل ستكون مثل السيده بينيت؟
ــ اعتقد انها مثلها يا حبيبتى. انا واثق من انها ستكون لطيفه معك. عمك دايون هو الذى اختارها. وانت تعلمين انه لن يختار سوى امراه تحسن معاملتك.
ـ ما اسمها؟
ضغطت مارثا على كتفيها النحلتين كى تطمئنها:
ــ لا اعرفه . لكننل سنكتشفه فى القريب العاجل. اعدك بذلك.
استمر القلق يخيم على وجه جوزى. فقالت مارثا وهى تغمر وجنتيها الشاحبتين بيديها:
ـت لا تقلقى يا حلوتى. ههناك احتمال بان ابقى هنا الان الامر لا يزال معلقا. اذهبى الان واغسلى وجهك واسنانك. سنتناول الفطور معا.
كعادتهم عند العشاء . كانوا يتناولون الفطور حول المائده المستديره فى باحه العرائش. فى هذه الساعه م الصباح كان الهواءدافئا وعابقا بعطر الزهور المزروعه على الشرفات تحتهم. فيما الضباب الخفيف عند الافق يبشر بيوم مشمس اخر. انه مشهد غايه فى الروعه. ولطالما استمتعت مارثا بالجلوس هنا. وهى تشرب عصير الربقال. وزيزان الحصاد تغرق اذنيها بالطنين.
حين خرجت مارثا من الفيللا نهض اليكس من مكانه وقدم لها ورده. قال وهو يمرر البتلات الناعمه على ذفنها:
ــ الى افروديت, رمز الجمال.
فتساءلت مارثا. اتراه يحاول متعمدا ان يستفز اخاه؟؟ كان دايون قد وقف بدوره لدى وصولها. لكنه سرعان ما عاد الى مقعده والى قراءه الصفحه الاقتصاديه فى الجريده.