5 ـــ احست بذهول وحيره لعجزها عن استيعاب خططه او دوافعه.
استطاعت فقط ان تفترض انه يريد اترجاعها كى يجعلها
تعانى المذله التى عاناعا عندما تركته......
احست مارثا بخواء فى رأسها .لم تأكل ذلك اليوم سوى القليل. الساعه الن جاوزت موعد عشائهم. لكن قله الاكل لسيت سبب الوحيد لهذا الدوار العنيف الذى يتملكها.لاحظ دايون شحوب محياها فأخذته الشفقه عليهما.قال بصوت لا يخلو من اللطف:
ــ هيا, سأتى بجوزى ونعود الى البيت كى اخذ السياره. ثم نتناول العشاء خارج المنزل. يجب ان نتكلم. هناك خطط وترتيبات تحتاج الى بحث...
قالت مارثا بصعوبه:
ــ كلا يا دايون.. لا استطيع... انى ارفض العوده الى اليونان
قست ملامحه فورا واكد بصوت بارد:
ــ لا اعتقد انك صاحبه خيار. الا اذن كنت تعتزمين الهرب ثانيه. لكن تأكدى فى حال اقدمت على ذلك ,انك لن تهربى بسهوله هذه المره. اغمضت عينيها كى لا ترى تعبيره الحاقد. سمعته ينادى ابنتهما فاقبلت جوزى بسرعه. امسكت يده بلهفه ومشت الى جانبه قفزا وهى واثقه تمام الثقه من علاقته الاكيده بوالدتهاو غير شاعره بلوعه امها العاطفيه. بدت الطريق لمارثا دون نهايه . لم سبق ان شعرت بكل هذا الضياع والوحده. اما ثرثره جوزى المنفعله فلم تخفف كربها بل اكدت اتساع الهوه التى استطاع دايون ان يوجدها بينهما. احست بذهول وحيره لعجزها عن استيعاب ططه او دوافعه. استطاعت فقط ان تفترض انه يريد استرجاعها كى يجلعها تعانى مذله نفسها التى عاناها عندما تركته . ان تصرفه تجاهها يعزز هذا الافتراض . ان عدم اكتراثه باحسيسها يحط من كرامتها . كما ان غروره يسحقها!
منتديات ليلاس
فكرت فى الخيارات الاخرى. اذا رفضت العوده معه . سيجد طريقه ما . كى ياخذ جوزى منها, فكما قال لها. ماذا يمكنها ان تقدم للطفله؟ هل ستقر مطلق المحكمه بصلاحيه ظروفهن المعيشيه؟ هل ان اضطرارها الى العمل اليومى خارج البيت سيوثر على قرار المحكمه ضدها؟
ام مهمه اخبار ساره بعرض دايون الاخير تشعرها برهبه يائسه. فساره كرهت زوجها منذ البدايه . وسترفض. على الارجح . ان تغادر لندن . اين ستعيش؟ لم يبحث معها دايون هذه النقطه . فى ميكونوس او فى اثينا؟ ما يهم اين ستقمن؟ المهم انها فى مصيده , صنعتها بيديها.
لما وصلوا الى البيت فى شاره ميريديث . استند الى مقمه السياره وقال:
ــ سأنتظر هنا ريثما تحضرانمعطفيكما او غيرهما من الاشياء وريثما اتطلعين اختك على الخبر السعيد.
قررت مارثا الا تدعه يرغمها على ان تطيعه كليا. لا يتسطيع اكراهها على شاركته العشاء. تجاهلت نظرات جوزى الخائبه وقالت:
ــ لا استيع مرافقتك. على ان اجهز عشاء ساره. لن اتقاعس عن واجباتى. سواء شئت ام ابيت.
استقام دايون فى وقفته وضاقت عيناه القارستان وسط اهدابه الداكنه قرص كتف جوزى مداعبا باحتجاج:
ــ حسنا. سأتناول العشاء هنا. ايسرك ذلك يا صغيرتى؟
زمت جوزى شفتيها وقالت باحتجاج:
ــ وعدت بان تنزهنى بالسياره!
ــ سأفعل ذلك فورا .
ثم التفت الى مارثا ببرود:
ــ اتسمحين؟ خمس دقائق فقط؟
غمغمت بصوت خفيض:
ــ هل استطيع ان امنعك؟
لم تنتظر جوابه , بل مرت به مسرعه, صعدت الدرب ودخلت الى البيت.
وجدت روجر يتحدث مع ساره عندما دخلت الى غرفه الجلوس.ابتسم لها بعطف ونهض عن مقعده قائلا:
ــ سمعت ان لديك زائرا. اعتقد اننى المسؤول عن مجيئه.
ــ كلا . انا المسؤوله.
مررت يدها على شعرها وتابعت تقول:
ـت هناك ضيف سيتناول العشاء معنا. عن ذانكما. سأذهب لارى ما يمكننى ان اقدم له.
هتفت ساره بغضب:
ـت دايونّ دايونيسوس ميكونوس سيتعشى معنا؟
ــ ساره . ارجوك , لا تثيرى المشكلات و لدى منها ما يكفينى.
علق روجر وهو يتجه صوب الباب مرتبكا:
ــ اظن امن الخير لى ان انصرف.
لكن مارثا هتفت بتوسل:
ــ لا , لا تذهب يا روجر. اقصد .. هل لك ان تبقى وتشاركنا الطعام؟ انا.... يارحب بدعمك.
ــ دعمه؟
كررت ساره وهى تجر مقعدها صوبها:
ــ مارثا؟ ماذا جرى؟ لم تطلبين مساعده روجر؟ ماذا اقل لك ذلك الرجل؟
عادت مارثا تناشده:
ــ ارجوك , روجر....
ــ حسنا, ان كنت تريدين بالفعل ان ابقى..
ــ اجل , اريد ذلك.
اختفت ممارثا داخل المطبخ فلحقت بها ساره على مقعدها. وهتفت بها مقطبه الجبين:
ــ مارثا ! ان لم تخبرينى , عما يجرى أذهب الى غرفتى وابقى هناك. قد افعل ذلك فى اى حال , اذ لا ارغب فى مجالسه ذلك الرجل!
ــ انه يريد جوزى. يا ساره. قال لنه سيطالب بحق حضانتها ان لم ...
ــ ان لم؟
ــ ان لم اوافق الى الرجوع اليه.
ــ ماذا؟
ذهلت ساره مثلما انذهلت مارثا من قبل.
ــ اجل قال انه مستع لاخذنا معا, اقصد نحن الثلاثه.... من اجل جوزى. عل ما اظن.
حدقت فيها ساره كأنها لا تصدق ما تسمع:
ــ انت تمزحين ولا شك!
ــ كلا . هذه هى الحقيقه.
اشاحت مارثا عن تحديق اختها القاسى وشرعت تنزع ورق البلاستيك عن شرائح اللحم. اردفت تقول:
ـت اعلم انه واقع صعب التقبل لنه لم يترك لى خيارا.
ــ تقصدين انك وافقت؟
قالت مارثا برأس منحن:
ــ لم اعارضه. اوه, فى البدايه رفضت طبعا , لكن عندما.. عندما اتضحت لى الصوره..
ــ لا يمكنك ان تفعلى ذلك يا مارثا!
ردت متنهده:
ـت ماذا افعلا خلاف ذلك؟
ــ يمكنك ان تحاربه!
ــ انك تخسرين من مجرد عدم المحاوله.
قالت مارثا مدافعه عن نفسها:
ــ انى احاول ان اكون منصفه مع جوزى. كنت بدأت افكر فى ذلك مؤخرا...
ــ ماذا؟ اتودين الرجوع اليه؟ الهذا السبب اخبرته؟
ــ لا, لا, لا!
منتديات ليلاس
غطت اذنيها بكفيها كأنها تريد اسكات الشكوك التى كان تعذبها وتعذب اختها ايضا. قالت متوسله:
ــ ساره , حاولى ان تفهمى. اذا عملت برأيك, اذا ذهبت الى المحكمه و فقد احرم من رؤيه جوزى لى الابد.
ــ هراء ! انهم لا يستطيعون حرمانك من حق الحضانه.
هتفت مارثا محدقه فيها:
ــ الحضانه!الحضانه! اتظنين انى لا اريد شيئا سوى الحضانه؟ساره, ان جوزى ابنتى, الابنه الوحيده, التى قد لا انجب سواها, لا استطيع التخلى عنها. لا استطيع!
قالت ساره بصبر نافذ:
ــ قد تتزوجين ثانيه. انت شابه, فى كامل عافيتك.
ثم اتسم صوتها بالمراره وهى تردف:
ــ لو كنت مقعده , لامكنك الجزم بانك لن تتزوجى مره ثانيه. من الجائز ان تلتقى برجل اخر صباح غد..ز
ــ كلا يا ساره.
استدارتمارثا لتتابع تحضير اللحم لكن ساره قالت بصوت بارد:
ــ اذن. انتما بغنى استشارتى, حسنا, لا تتوقعى منى ان ارافقك. لانى لن افعل.
هتفت مارثا بامتعاض:
ــ ساره!
ــ انى اقصد ما اقول. لا اعترزم ان امنح ذلك ايه سلطه على! اذهلى, ان شئت , اتركينى... سوف اتدبر امورى بشكل ما. لكنى لن اذهب معك فلا تتتوقعى ان اغير رأيى.
ــ ساره!
الا ان المقعد المتحرك قد غادر المطبخ الى غرفه الجلوس. فاضطرت مارثا الى التركيز على الطهو بقلب واجف.
منتديات ليلاس
بالرغم من هبوط عزيمتها. سرعان ما حمرت شرائح الللحم بطريقه متقنه كما ان السلطه التى هيأتها كانت ناضره وخفيفه . الا ان الطعام كان ابسط مشكلاتها لان غياب دايون وجوزى امتد الى ثلث ساعه حيث شعرت بخوف جعلها تتساءل ان كان سيهرب بها.
الا انها استمدت قوه من روجر الذى تجاهل صمت ساره الممتعض وبدأ يتحدث عن فيلم شاهده معا على شاشه التلفزيون فى الليله السابقه. سألأ مارثا رأيها فى الفيلم وعما اذا كانت توافق على ان الحبكه قد بسطت جيدا كى تستقطب عددا اكبر من المشاهدين.
حاولت مارثا ان تجيبه لكن ذهنها عجز عن تكوين رأى معين . اكنت تفكر فى اعتذار مناسب عندما سمعت حفيف دواليب على الطريق ثم صوت محرك يتوقع.
علق روحجر بنظره لطيفه ومتفهمه:
ــ لقد رجعا. يمكنك الان ان تنفسى من جديد.
ترددت مارثا لحظه ثم سارعت الى المطبخ كى تطمئن الى سخونه اللحم . نظرت ساره الى روجر ثم جرت مقعدها فى اتجاه الباب , لكن روجر سد طريقها وسمعته يقول لها بسخريه :
:
ــ يجب ان تبقى هنا لترحبى بصهرك.
ضاع جواب اختها الغاضب فو غمره الضجيج الذى احدثته جوزى لدى دخولها الانفعالى. . تقدمت مارثا الى الباب المطبخ بتردد. فاندفعت جوزى نحوها وهتفت محدقه الى امها بعينين متألقتين:
ــ انها رائعه جدا! اقصد سياره عمى دايون. تسير بسرعه هائله!
قالت مارثا ببسمه متوتر:
ــ يسرنى انك استمتعت بالنزه يا حبيبى.
رفعت رأسها حين دخل دايون الى الغرفه . نظر اليها الا ثم روجر واخيرا الى ساره. اغلق الباب خلفه وحيا ساره بانحناءه خفيفه من رأسه.
تطلع بتساءل الى الرجل الاخر فسارعت مارثا الى القوم بتلعثم:
ــ اوه و هذا روجر سكوت يا دايون . روجر, هذا... السيد ميكونوس.
ــ اهلا
صافحه روجر بتهذيب واخذا يرمقان بعضهما بعضا بتقييم صامت . لم تقل ساره شيئا بل نظرت الى يديها المعقوديتين على حضنها. هنا استدارت مارثا وعادت الى المطبخ طلبا لللهرب.
تلفتت حولها بقلق. المطبخ فسيح تماما . على الاقل, يتسع لثلاثه اشخاص ولشخص رابع احيانا . لكن هل يتسع لخمسه اشخاص؟ وماذا سيقول دايون؟ هزت رأسها بشك . يجب ان تفكر فى حل.
ــ جئتك بهذه.
صوت دايون الذى انبعث خلفها جعلها تستدير بعنف:
رأته يقدم لها زجاجه ملفوفه بورق رقيق. قال لها:
ــ هذه سبب تأخرنا. بحثت طويلا حتى وجدت البائع المناسب. انها مساهمه بسيطه ليس الا.
ــ اوه, شكرا.
املت ان يغادر المطبخلكنه سالها متلفتا حوله بفضول:
_هل سناكل هنا؟ لا يوجد متسع كاف,الا اننا سنتدبر امورنا حتما.
غمغمت بارتباك وهى ترمق بدلته الداكنه:
_فكرت ان ناكل فى غرفه الجلوس,اقصد....
-اتظنين انى اترفع عن تناول الطعام فى المطبخ؟ متى اعطيتك ذلك الانطباع؟لقد طهوت لى الطعام فى مناسبات ماضيه على ما اذكر.على سبيل المثال,فى بيتكم القديم فى ماكسويل غروف.
فتحت مارثا درجا واخرجت من غطاء فردته على طاوله المطبخ من دون ان تتفوه بكلمه.اكيد انه ذكر بيت ابويها عمدا كى يذكرها بايام علاقتهما الاولى قبل ان تخنقها قيود الزواج منه. كانا سعيدين كثيرا فى تلك الايام,
منتديات ليلاس
مفعمين بالحب واللهفه. او بالاحرى كانت هى الواقعه فى حبه,صححت لفسها حين تذكرت الغيره التى خنقت سائر العواطف.
قبل ان يتزوجا قضيا اوقاتا طويله فى ماكسوبل غروف. كان مكانا يتيح لهما الاجتماع والانفراد ببعضهما البعض,عندما تخرج ساره من البيت . كانت مارثا انذاك تسعى الى الانفراد بدايون اكثر من سعيها الى اى شئ اخر.
نزع دايون سترته وعلقها حول ظهر احد الكراسى. فك زر قميصه الاعلى مرخيا ربطه عنقه, فتهادت نحوه رائحته الدافئهز قاطعتهما جوزى بصوتها الطفولى فرحبت بدخولها المفاجئ اذ استطاعت ان تقذفبذكرايتها بعيدا.
اعلنت الطفله بمرح :
_اخبرتنى خالتى ساره ان روجر سيبقى لتناول العشاء معنا. لكنها طلبت منى ان اخبرك انها لا تريد شيئا من الطعام.
تقلص فم مارثا وردت بثقه ظاهريه :
ستاكل عندما ترى نوع الطعام. جوزى, هل لك ان تخرجى الاكواب المستطيله من الخزانه؟ ايضا, اخبرى خالتك ساره ان عليها ان تاكل شيئا من الطعام لانى صنعته لها خصيصا.
فعلق دايون بجفاف:
_ اختك لا تنسى الماضى بسهوله. اين المبرام؟ اريد فتح هذه الزجاجه.
اعلنت مارثا بتوتر وهى تبحث فى درج السكاكينك
قالت ساره انها لا تريد مغادره انكلترا . لا يمكننى ان اتركها بمفردها.
_ متى ستدركين انك لست سجانه اختك وانها ليست سجانتك؟ بالطبع ستقول انها لن تغادر انكلترا لانها ستعرف كم ستشعرين بلاذنب من جراء ذلكز اسمعى , قولى لها انك ستغادرين , ثم سننتظر ما ستقرره.
_ انك لا تشعر باى ندم , اليس كذلك يا دايون؟ ان حادثه ساره لا تعنى شئ بالنسبه اليك.
_ اعرف انى لو كنت مكانها لبصقت على. لماذا,اذن, اشفق عليها؟ لقد حاولت دائما ان تفصل بيننا,ولا تزال تحاول.
هتفت مارثا باختناق:
_ لا يوجد شئ بيننا يا دايون! لا تتوهم انى ضعيفه الاراده لمجرد انك تبدو الان سيد الموقف! انا لست دميه. انا لا اقفز عندما اؤمر بذلك. ان كنت تظن, ان ارغامك لى على العوده اليك سيجعلنى اغير رايى فيك,فانت مخطئ اشد الخطا.
منتديات ليلاس
صمت عن الاجابه مظهرا ميله الى اقفال الموضوع,ودخول جوزى بالاكواب حال دون متابعه الجدل. قالت الصغيره وهى تضع الكؤوس على الطاوله:
_قالت خالتى ساره انها ليست جائعه.اعتقد انها صادقه يا ماما, لانها غضبت كثيرا عندما بلغتها رسالتك.
التمعت عينا دايون وربت على راس جوزى قائلا:
_ لا تقلقى على خالتك يا صغيرتى .لا تخافى, فسوف تغير رايها.
سكبت مارثا الطعام فى الصحون قبل ان تضعها على الطاوله. لم يكن هناك متسع لاطباق التقديم ,وبدت الطاوله جذابه بعد سكب الشراب.
سارت الى الباب ودعت روجر الى دول المطبخ .اوما بروح طيبه وهو يسوق مقعد ساره بالرغم من احتجاجها.قرب المقعد من الطاوله واكد لها بسخريه:
_لا يمكنك ان تتغيبى عن هذا التجمع العائلى. الطعام يبدوا شهيا يا مارثا زليت لدى شخصا يطهو لى العشاء كل ليله.
عندما جلسوا الى المائده, رمقه دايون بنظره متفحصه ثم قال :
_هل تعتبر نفسك جزء من هذه العائله يا سكوت؟اخبرتنى مارثا انك... كيف تصف نفسك؟ صديق العائله؟
_هذا صحيح. فوالدى ووالدهما كانوا اصدقاء منذ زمن طويل.
وعندما احتاجت مارثا وساره الى مكان للسكن, اسعدنى ان اقدم لهما هذا المكان.اعلم انه ليس فخما الا انه رخيص.
_كنا سنضيع لولا مساعدتك يا روجر.
اكدت له مارثا غير مباليه برد فعل دايون , لكنها تفاجات عندما ايد زوجها امتنانه بقوله:
_ارى انى مديون لك بامور كثيره.
استقر بصره على جوزى التى كانت تشرح اللحم بصعوبه ثم انتقلت عيناه الى ساره حين تابع قائلا:
_ ليتنا تعرفنا على بعضنا قبل اليوم.
التقت نظرات روجر ومارثا عبر الطاوله لكنه لم يعلق باى شئ وساره من جهتها,اصغت الى الحوار بصمت,فمراى الطعام والشراب طغيا عليها فاستمتعت به,مثل الاخرين,مع ان عينيها كانت على اختها حيث حدقت فيها بمراره وامتعاض.
عاد دايون يقول:
_علمت انك تهتم بالاثار ,يا سكوت.
فرد روجر بموده:
_ صحيح . انها هوايتى .كنت استمتع دوما بنبش الاطلال العتيده.ابتسم للفتاه المقعده الجالسه الى جواره واردف:
_لهذا السبب انسجم مع ساره كثيرا.
حدجته بنظره قاتله واجابت بنزق:
_ان مزاحك الرهيب لا يقل فظاعه عن اداب السلوك!
ابتلعت مارثا ريقها كى تخفى الضحكه الهستيريه التى هددت بالانطلاق من حلقها.من طبع روجر ان يمازح اختها على هذا النحو,لكن مضامين عبارته كانت جديه تماما,الامر الذى اشعرها بانها اقرب الى البكاء منها الى الضحك.
انقذ دايون الموقف حين سال روجر عن ابحاثه المتعلقه بالاثار اليونانيه ثم قال :
_ اعتقد ان لديك اهتماما خاصا بالانفجار البركانى فى ثيرا(استعمل الاسم القديم لجزيره سانتورينى) هل زرتها يوما؟
هز روجر راسه:
_كلا, لسوء الحظ.وانت؟
استغربت مارثا حين رد زوجها بالايجاب:
_مره واحده. انها ليست مكانا جذابا. يبحر المرء داخل خليج محاط باجراف كئيبه,بالرغم من الوانها لايوجد بها اى سحر. بالطبع ,انت تعرف كيف افجر البركان وكيف غار وسط الجزيره. ذلك النوع من الكوارث يخلف ورائه ... جوا معينا. اليس كذلك بالطبع هناك قرى وناس ,والحياه مستمره.
صغى اليه روجر باهتمام,وقاطعه الان ليساله ان كان راى الكتلتين اللتين ظهرتا فى الفوهه حيث كان البركان قائما.
هز دايون راسه وقال:
هل تعنى نيا كامينى وباليا كامينى؟او, الجزيره المحترقه القديمه والجزيره المعدله الجديده؟ اجل رايتهما طبعا. هل سمعتهما توصفان بانهما تذكران بسطح القمر؟ انهما مثل حارسين للزلزال ,وعندما يلاحظ المرء خيط دخان الذى يصدر منهما لا يسعه الا ان يشعر بفنائيه الانسان.
قال روجر وهو لا يدرى , هل يخاطب دايون باسمه مجردا اوام بلقب السيد :
_لم اعلم بانك تهتم بعلم الاثار. هل قمت بايه دراسات حول ميكوس بالذات؟
ابتسم دايون , وتسالت مارثا ان كان روجر يعى كم تخدع الابتسامه احيانا. اجابه زوجها بدماثه:
_ لا يحتاج المرء الى دراسه علم الاثار كى يطلع على اسطوره ثيرا. لا تنس ان اليونان وطنى وان الجزر جزء مكمل لحياتى. انا ايضا, اجد تاريخها ممتعا وخلابا.
هتف روجر بحماسه:
-لكن سانتورينى تحير المؤرخين منذ سنوات طويله ان نظريه سولون حول اتلانتيس لا تزال موضع اخذ ورد , كما زعم البروفيسور ماريناتوس ان خلط سولون للتواريخ لا يعتبر اكثر من غلطه كتابيهز
علق دايون بجفاف:
_ارى انك منجذب بدورك الى تاريخنا . تعلم بالطبع , ان عدم وجود ايه بقايا بقايا بشريه يدل على وجهه النظر الموحيه بان السكان قد وجدوا الوقت كى يهربوا قبل حدوث الحادثه,مع وجود الشك بعدم استطاعه اى مركب او سفينه ان يصمد امام الموجه المديه التى اعقبت ثوره البركان .
اراح روجر مرفقيه على الطاوله وقال شارحا بحماسه:
_هذه هى نظريتى بكاملها . ل كان هناك اى ناجين من الفيضان, لكانت جزيره ميكوس الجاتهم اليها على الارجح .
فاحتجت ساره بعصبيه:
_ اوه , هل علينا ان نقضى الامسيه فى الحديث عن تلك الحضاره المندثره! كلنا نعلم مدى انغماسك فى الماضى ,يا روجر,الا اننى شخصيا ,افضل ان اطلع على ما سيحدث فى الوقت الحاضر.
رمقت اختها بنظره متحديهو سالتها:
_هل ستغادرين يا مارثا ؟ اظن انه من حقى ان اعرف ,ام تريديننى ان اعرف من افواه الاخرين؟
_ستغادرين يا ماما؟
التقطت جوزى كلمه خالتها فتابعت السؤال وتقاسيمها البريئه تعكس خيره ملهوفه:
-اين ستذهبين يا ماما ؟لم تخبرينى...
رمقت مارثا اختها بحنق ثم اجابت ابنتها تطمئنها بحزم :
_ لم نقرر شيئا حتى الان يا حبيبتى. خالتك ساره تتكلم عن شئ قد يحصل هذا كل شئ.
قال دايون:
_ما تقصده امك يا جوزى, هو انى اقترحت عليها ان تاتين كلكن معى لتسكن فى بلدى.
_فى بلدك؟
_ رد دايون بهدوء:
_ اليونان بلد .... والدك.
استوضحته ساره بتهكم :
_لم لا تخبرها يا دايون؟ انك تريد ذلك فلم لا تفعلظ ان انك لست مستعدا للتورط الى هذا الحد؟
_ ساره...
انبها روجر بدهشه مستاءه لكن دايون سارع الى نصحها بتحذير واضح:
- لا تحاولى مقارعتى يا ساره . اننا نعرف بعضنا تمام المعرفه فلا حاجه للدخول فى هذا النوع من الحماقه .خيير لك ان تلجمى لسانك عندما لا يطلب رايك , الا اذا اردتنى ان اشرح لزوجتى ... كيف اقول ذلك ؟ تنافرات معينه فى مسلكك؟
لدى هذا الاعتراف . نظرت مارثا تلقائيا الى ابنتها. لكن الصغيره لم تلاحظ هفوه دايون, او لاحظتها. انها لم تقرنها بامها. جلست مفكره, فادركت مارثا انها لا تزال تحلل عباره دايون.
لكمات دايون اسكتت ساره على الاقل. فحدقت فى صحنها متكدره . تكثف الجو بالتوتر . وع ان مارثا ادركت ان ساره هى المسؤوله عما حصل , الا انها اقرت فى الوقت ذاته انه لولا وجود دايون, لما تأزم الموقف هكذا.
قالت جوزى بفضول:
ــ اين تسكن يا عمى دايون؟ اليدك بيت مثل روجر ؟ او مجرد شقه مثلنا؟
لانت تقاسيم دايون فاندهشت مارثا على قدرنه على النكيف تبعا لمصالحه. كما لاحظت ان جوزى كانت تستمتع بشعبيتها غير المتوقعه.
اجابها والدها بعد قليل:
ــ لدى عده بيوت.. وشقه , لكن البيوت تعن الكثير. ما يهم هو الناس الذين يسكنون فيها.
تقلصت اصابع مارثا حول شوكتها. واضطرت الى عض لسانها كى لا ترد على ذلك الجزء المعين من الدعايه . هذه العباره نفسها . حول اهميه الناس. قالتها مره لدايون اثناء احدى مشاجراتهما الساخنه. وها هو االن يستعملها ض
ها عن تعمد.
كررت جوزى والعجب يملا عينيها:
ــ عده بيوت.. يعنى اكثر من بيت واحد؟ هل تعيش فيها كلها؟
شعرت مارثا بامتعاض من تأثيره على الطفله فتدخلت قائله لها:
ــ عمك دايون رجل ثرىى يا جوزى . انه يسطيع شراء اى شئ يريد.
علقت ساره بخفوت وهى تجر مقعدها بعيدا عن الطاوله:
ــ بما فى ذلك الناس . عن اذنكم..
ــ كلا لن نأذن لك.
هب دايون واقفا. فاستدارت ساره ترمقه بامتعاض وهى تحس , مثل مارثا . بغروره الطاغى, اردف قائلا:
ــ قبل ان تتركينا يا ساره , اريدك ان تعلمى بانى اعتزم تنفيذ رأيى فى هذا الموضوع.
اجابته بمراره:
ــ الا تفعل ذلك دائما؟
انحنى لها بتهذيب ورد قائلا على سخريتها :
ــ صحيح ما تقولين . لكنى اريدك ايضا ان توافقى على ترتيباتى.
تحركت شفتاها من دون كلام ثم اقتل:
ــ لا استطيع ارغامى على الذهاب معك يا دايون. مهما استعملت من انواع التهديد.
رد بنظره قاسيه :
ــ لا اعتزم تهديدك . يا ساره . اريد فقط ان اوضح بأن مارثا تدين بولائها لى اولا.. وثانيا لك. اتفهمين؟
هتفت بازدراء:
ــ اجد فى كلامك تهديدا واضحا.
ــ ساره!
هتفت روجر محذرا لكنها ابتعدت بعنف عن يده المهدئه . هز دايون كتفيه باعياء وقال ازاء تحديقه مارثا المغتاظ:
ــ القرار يعود اليك طبعا.
ثم اردف كأنما استطعت اقناع والدى بأن يسمح لسكوت بالتنقيب فى الجزيره. اذا ذهب بمفرده . فلا اجد ما يمنع ترتيب االمر.
تجاهل استحسان روجر المنفعل وتابع يقول:
ــ قد يكون من المناسب لنا جميعا ان نقضى بعض الوقت فى الفيللا.
سحبت مارثا بصرها بعيدا عنه وخفقات قلبها تطن فى اذنيها. اوه, انه بارع, فكرت فى نفسها , بارع جدا! لقد دعا روجر الى زياره كى يحطم فرصه ساه الوحيده فى البقاء بمفردها فى لندن . فهى لن تستطيع الاعتناء بنفسها من دون مساعده روجر. كان دايون يذيب بالتدريج ايه معارضه قد تصدر عن اختها.
رأت ساره تنظر اليها عبر الطاوله فادركت ان الفكره نفسها قد خطرت لها. لكن ساره لليست زوجته , وبالتالىو لا تزال تحتفظ بخيط من الاستقلاليه .
اعلنت ساره بارتجاف وعصبيه :
ــ اردك ما تحاول ان تفعله يا دايون . انك تظن ان مغادره روجر سترغمنى على الحذو حذوه!
سألها دايون بهودء:
ــ الم تفعلى ذلك؟
كانت جوزى تنقل بصرها بينهم غير مدركه لمعظم ما يقال.
ــ كلا . انا.... هناك امرأ تعتنى بجوزى . السيه بينيت. سأجعلها تأتى الى هنا.. عندما احتاجها.
ــ اوه, ساره...
بدأت مارثا تحتج بعجز لكن جوزى لم تراع لياقه امها فهتفت ببراءتها المعهوده:
ــ لكن السيد بينيت سترفض المجئ فى غياب الماما. تعلمين ما قالته حول..
ــ كفى يا جوزى.
حاولت مارثا ان تسكتها الا ان دايون قال كلمته االخيره:
ــ ساره, ما رأيك لو قلت.. ان الاذن للسيد سكوت بزياره الجزيره , يتوقف على قبولك لهذا الترتيبات؟
تأوه روجر لكن دايون تابع يقول:
ــ هل تطاوعك نفسك على ان تحرميه من هذه الفرصه. بعد كل ما فعله من اجلك.
وهنا ادركت مارثا ان ساره لن تحرم ورجر من فرصته .