كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
كان تيد جالسا أمام المدفأة فى أنتظار جودى وكانت تعتريه مشاعر غضب وخوف لا يستطيع السيطرة عليها
كان يعلم جيدا أنه إذا لم يجد حلاً لهذه المشكلة فسترحل جودى ولكن ماذا بأمكانه أن يفعل؟إذا أعترف لها بحبه فلن تصدقه.كان أمله الوحيد هو أن يصرح لها بالحقيقة فإذا استطاع أن يصورلها مشاعره بهدوء وعقل فربما تغير رأيها كان الذى يتمناه شبيها بمعجزة ولكن لم يكن لديه خيار أخر
وهى فى طريقا لمقابلة تيد فكرت جودى فى الآلم الذى ستسببه للخادم بارتون عندما تبلغه برحيلها من يدرى ربما كان يتمنى أن تتحسن العلاقات بينها وبين تيد
شعرت جودى بأضطراب وتوتر ولكن كان عليها أن تحسم هذا الأمر وتبلغ الجميع بأمر رحيلها
لقد صدق بارتون فتيد ينتظرفى الصالون ويقف أمام المدفأة وقد أدركت من طريقة أشعاله للنار أنه غاضب,كان الكلب دوجلاس ينام فى هدوء عند قدميه فتمنت لو كانت هادئة وساكنة مثل هذا الصديق الوفى ولكنها كانت مضطربة للغاية وكانت تنوى الأفصاح لتيد عن رغبتها فى الرحيل ثم ترحل سريعا بعيدا عنه ولكن قبل ذلك عليها أن تتخلص من التوتر الذى ساد بينهما فسألته :
-هل تعتقد أن دوجلاس ينام كثيرا,أرى أنه أصبح كسلان هذه الأيام و....
قاطعها تيد وسألها :
-كيف قضيت وقتك ؟
-سعدت بملاقاة صديقتى التى لم أرها منذ أن تزوجت وتحدثنا كثيراً
-هل قلت لها أنك كنت مريضة؟
-لا
-لماذا؟
حركت جودى كتفيها فهى لم تكن تتوقع هذه الأسئلة بل لم تفكر فى أنه سيسألها عن اليوم الذى قضته مع صديقتها فأجابته :
-لم أجد هناك داعياً لأسبب لها قلقاً
-هل نسيت أنها صديقتك وأنها تحبك وأن مرضك وأقترابك من الموت يعنيان لها الكثير
-كل ما فى الأمر أنها تزوجت ولم أشأ أن أضايقها
فقال فى سخرية :
-لقد نسيت فأنت تفضلين أن تموتى وحيدة كيلا تزعجى الأخرين
نظرت إلى وجهه فى غضب وقالت :
-لقد تحدثنا فى هذا الأمر من قبل لماذا تتحدث عنه الأن ؟
منتديات ليلاس
أجابها فى حزن:
-ربما لم أقل لك هذا الكلام من قبل فصحتك مازالت تسبب لى قلقا
على الرغم من الجهد الذى بذله كان صوته متأثرا بمشاعر لا يستطيع السيطرة عليها كان الخوف يعتريه خوف من أن يفقد جودى مرة أخرى ثم هدأ قليلاً عندما تذكر القرارات التى أتخذها وهى أن يحدثها بهدوء وعقل ورقة.
-كيف حالك اليوم؟ فالليلة الماضية تطلبت جهداً كبيراً
لا لقد أستمتعت بها حقا
ثم أدركت أن إجابتها ساذجة وندمت عليها ثم قالت :
-كنت أود أن أخبرك أنى سأتوجه إلى مسكنى الخاص لأقيم به
بعد سماعه لهذه الكلمات شعر تيد بحنق شدى وعنيف لدرجة أنسته كل مظهر من مظاهر التحضر,ففكرة أنه سيفقدها تبدو كحلم مزعج فأجابها فى عنف :
-لا لن تفعلى ذلك سوف أمنعك
-ماذا تقول؟
-لن تذهبى إلى مسكنك وستكفين عن السفر نهائياً بمفردك والأهم من ذلك أنك ستعيشين هنا.
لاحظ ذهول جودى فهو لم يتصرف بهدوء ورقة كما أنتوى ولكنه فعل عكس ذلك تماماً.وقال لها وكأنه ينذرها :
-ويجب أن تعلمى شئ أخر وهو أنك لن تحصلى على الطلاق.
أصابت الدهشة جودى وقالت :
-أنتظر لحظة يا تيد؟أعد عليا هذه الأوامر مرتبة,بل أبدأمن بأخرملاحظة ماذا تقصد بأنى لن أحصل على الطلاق؟
لقد أضاع كل شئ بسبب خوفه من أن ترحل ثانية,فلق أرتكب نفس الخطأ منذ عشر سنوات عندما كان خائفا ولم يكن واثقا بنفسه وذهب إلى جودى وأبلغها بما يجب أن تفعل,وكانت نتيجة هذا التصرف الخاطئ الذى سيعانى نتيجته ليس فقط مدة السنوات العشرالسابقة ولكن طوال حياته
كان الخوف مستحوذاً عليه ولم يكن قادراً على التفكير بطريقة سليمة عندما لم تجد منه أجابة أعادت جودى السؤال مرة أخرى :
-تيد أنا لا أفهم شيئا,هل تريد أن تطلب أنت الطلاق؟هل هذا ما تتمناه؟وماذا تعنى بأننى سأبقى هنا ولن أسافر؟
كان تيد مضطرباًفنطق بأول فكرة جالت بخاطره لأنه كان يبدو كالمجنون فقال بصوت عال :
-عندما أعدت التفكير فى الأمر أدركت أنه ربما نكون على حق إذا تم الطلاق,سيتيح لنا ذلك الفرصة لنبدأ مرحلة جديدة هذا كل ما نحتاجه.
كانت أبتسامة جودى تخفى وراءها توتراً عميقاً فقالت :
-إذا لم يكن هذا يضايقك,توجد بعضالأشياء التى لا أفضل أحياءها
تأثر تيد بشدة عند سماعه هذه الكلمات فهولم يشعرمطلقاً أنه قلق وبائس فلقد نجح فى أقناع عشرين مساهماً بالعمل معه ولكنه فشل مع جودى سألها :
-هل تريدين الرحيل بسبب الليلة الماضية ؟
تنهدت جودى بعمق فهى لم تكن تتوقع أن يتحدث تيد فى هذا الأمر,فلقد كانت تشعر بآلم وهى تخبره نبأ رحيلها والأن يريد هو أن يتحدث عن هذه الليلة التى تؤلمها أكثر فكان عليها أن تكذب لكيلا تشعره بالندم فسألته :
-لماذا نجد أنه من الصعب علينا أن نتحدث؟فلقد نجحنا فى العمل معا مدة أسبوع,أما الأن فنسينا كل شئ.إذن أستمع إلى جيداً فأنا أرفض العلاقة التى بيننا
كان عليها أن تتوقف عن الكلام لأنها شعرت أنها فقدت قوتها وأنها قاربت على البكاء,فأمرها تيد بالجلوس
قررت أن تطيع هذا الأمر لأنها أحست بتعب شديد فنظر إليها تيد وقال :
-منذ عشر سنوات كنا صغيرين أما الأن فأنا أشعر بذنب أو بندم
كان يحاول تهدئتها,فأشاحت بوجهها عنه لأنها خافت أن يفهم تعبيرات وجهها وقالت :
-لست بحاجة أن تقول لى ذلك.
-بل كان يجب أن أقول لك ذلك من فترة طويلة.
-لا أفضل الحديث عن ذلك لأنه ماضى.
-أعلم أنه ماضى لكنه لازال يصيبنا بالتوتر,كنت أود الأحتفاظ بك لذلك عجلت بالزواج وتألمت كثيرا عندما رفضت أن تتركى المنزل وتأتى معى
لم تصدق جودى ما سمعت ولكنها بكل جيدا نظر إلى وجهها فى قلق كانت تنظر إليه كما لوكان يتكلم بلغة غريبة .
فقال :
-أن لا أتحدث بطريقة مفهومة.أليس كذلك؟بالأضافة إلى ذلك أتصرف بنفس الطريقة التى تصرفت بها منذ عشرسنوات بمعنى أننى أعمل عكس ما أريد,أحاول أن أقنعك وبدلاً من ذلك أخيفك وضيع كل شئ
لم تكن لدى جودى أدنى فكرة عما ينويه تيد ولكنها أدركت أن رغبتها فى ترك المنزل بدأت تقل وإذا أستمر فى التحدث معها بهذه الطريقة فسوف تنسى تماما قرارها وقالت :
-أرجو منك يا تيد ألا تستمر فى الشرح والأعتذارات ,فأنا لا أحياج إلى ذلك,أبلغنى ببساطة ما الذى تريدنى أن أفعله بخصوص الطلاق وسأفعل
كانت كلما نطقت كلمة الطلاق يشعر وكأن شيئا يموت بداخله ولكن شدة حبه لها جعلته يستمر فى الحديث معها :
-عليكى أن تتحملى ما سوف أقوله فى الدقائق التالية
-لكن...
-أرجوك يا جودى أستمعى إلى
أنتبهت إليه ورأت نظرته المتوسلة ونبرة صوته الخاضعة لم تكن تتخيل أنه يتوسل إلى أى أنسان ثم بدأ يتحدث :
-منذ عشر سنوات كنت صغيرا وعنيدا وأنانيا لذلك لم تستمر العلاقة طويلاً بيننا ولكن اليوم تغير كل شئ وأصبحت الفرصة متاحة لنا بشرط ألا أتصرف بحماقة أنى لا أريد أن افقدك لا تطلبى الطلاق يا جودى
كانت تنظر إليه وهى ممزقة بين الأمل والريبة ففهم تيد ترددها وقال :
-هذا صحيح إذا فقدتك مرة أخرى فلن يكون لأنتصارى على المساهمين أهمية بالنسبة لى
ثم أمسك بيده وقال :
-وافقى على أن نستأنف زواجنا بطريقة جديدة هذه المرة نقيمه فى الكنيسة وحولنا الزهور والموسيقى وسترتدين ثوبا أبيض جميل أرجوك أتوسل إليك الا تتركينى
كان قلب جودى ينبض بعنف فلقد أستمعت جيداً إلى عبارات تيد ولكن كان يملؤها الشك فالسنوات الطويلة التى عاشتها بمفردها جعلتها تبدو حذرة من كل شئ فلقد تكلم كثيراً ولكنه لم يجب عن سؤال مهم وهو :
-لماذا يا تيد كل هذا التغييرالمفاجئ ؟
-يوجد بيننا وفاق لقد عرفت الحب يا جودى منذ عشر سنوات ثم أفتقدته فترة طويله وأصبحت مستحوذة على كل كيانى ولم أفكر يوما أنى سأرتبط بامرأة أخرى وأتزوجها وأعيش معها لذلك أنغمست فى العمل الذى كان سبب وجودى فى الحياة ولكنك عدت وعرفت أنك ستقيمين هنا فترة وعندما رأيتك من جديد بدأت أفكر ولمن زاد آلمى فى اليوم الذى علمت فيه بحقيقة مرضك وعلمت أنك كنت على وشك الموت فأصبحت كالمجنون
ثم أنخفض صوته وبدأ متألماً وهو ينطق بالكلمات :
-لأنى فهمت أنك لو أختفيت من حياتى لما أستطعت مواصلة الحياة
كانت عيناه غارقتين بالدموع وكان متأثراً باللحظة وبوجود جودى كان على وشك أن يعترف لها بالأسرار العميقة الكامنة فى قلبه وهو الشئ الذى لم يحدث من قبل.ثم أمسك بيدها وقال :
-أنا أمامك الأن,لا أستطيع عمل شئ للماضى أما الحاضر فأتمنى أن تشاركينى فيه فأنا أحبك .
لقد نطق بما تتمنى :
-تحبينى!
-أحبك بجنون أرجوك يا جودى وافقى على مواصلة الزواج والعيش معى إلى النهاية
ضحكت جودى ضحكات مختلطة بالبكاء لتعبر عن سعادتها لأنها شعرت أخيراً أنها تحررت من الآلم والحزن وسألته :
-هل ترغب فى استئناف زواجنا؟
عند سماعه لجودى وهى تضحك أنتفض دوجلاس فجأة ونظر إلى تيد وأتجه نحوه وجلس عند قدميه وأخذ ينظر إليهما
-لسنا بحاجة إقامة حفل زواج فأنا أعلم لا تحبينى بقدر كبيرولكن....
-ما الذى تقوله ؟لقد أحببتك منذ كنت فى الثالثة عشر من عمرى وعلى الرغم من كل العقبات زاد حبى لك فهو الذى جعلنى أعود مرة أخرى إلى هنا
أندهش تيد عندما سمع ذلك
-لا أكاد أصدق ما أسمع,وأكاد أصاب بالجنون من فرط سعادتى
أبتسمت وقالت :
-أرحب بفكرة إقامة حفل زواج أخر لأنى لم أكن رأضية عن الأول
أنسابت الدموع بغزارة من عينى تيد ولم يخجل من ذلك بل كان فخوراً وسعيداً
-أنا أيضاً كنت مضطرباً للغاية وكان الخوف مستحوذاً على ولم أستطيع التركيز فى العبارات التى كان يقولها القاضى
تأثرت جودى عندما رأت عينى تيد مملؤتين بالدموع فقالت :
-نعم هذا صحيح ولكن علينا ألا نفكر فى ذلك مرة أخرى وألا نندم على كل شئ لأنك لو كنت تحدثت معى فى هذه اللحظة أو إذا كنت أنا أفصحت لك عما فى قلبى لما أستمر ما بيننا من خلاف .فعلينا أن نتعلم أشياء كثيرة وهذه السنوات أتاحت لنا ذلك فأصبحنا أكثر نضجاً وأكثر هدوءاً
-الفرصة أمامنا لنبدأ من جديد وسيكون ذلك أفضل
أبتسمت جودى فى خجل :
-أعتقد أنى سأشترى الثوب المزين بالخرز بدلاً من الثوب الأبيض
-أنت كل حياتى ياجودى
ثم أحتضنها وهو فى غاية السعادة...فى نفس اللحظة دخل الخادم بارتون إلى الغرفة ورأهما.فأبتسم وقال :
-أتفقا أخيراًًً
تــــــــــــمــــــــــت
|