كاتب الموضوع :
هدية للقلب
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
ابتهج تيم لدى سماعه صوتها وأصر فورا على عودتها الى الغداء وحالما جلسا متقابلين قال لها معاتبا :-كان يجب ان تعلمينى بأنك اتية . كنت انتظر يوميا ان أطلع على تفاصيل مغامرتك العظيمة وفجأة أجدك هنا! منذ مدة وأنا احاول الحصول على اجازة اضافية . كان من الممكن ان اذهب انا من طريق وتأتين انت من طريق اخرى . فلا نرى بعضنا !.
لقد اتى بها الى المطعم ذاته الذى تناولا فيه الغداء فى ذلك اليوم الحار قبل ان تقابل محامى امها . انذاك طلب اليها الزواج فرفضت، او بالاحرى حاولت ان تتذكر بصدق موجع انها ما طلت فى الجواب لانها لم تتحمس للفكرة. من الغريب ان تنسى حادثة مهمة كهذه. اما فى هذه اللحظة . فتشعر فقط بالقلق لانه حاول اللحاق بها الى غلينرودن ولذا اجابته قائلة :- لا احبذ ذهابك الى هناك ليس الان على الاقل .
انشغل بطلب الطعام، لكن نظرتها السريعة اليه اخبرتها ان جوابها مس احساسه. لا داعى لان تغوص فى اعماقه كى تقرأ وجهه ككتاب . أجابها وهو يزم شفتيه:- ذهابى أعتقد ضروريا لادرس الامور بنفسى. فالرجل الثرى المريض بالقلب يحتاج الى معاملة دقيقة ، وبالتالى يجب ان يكون الى جوارك شخص يرعى مصالحك .
- لم اقل ابدا انه رجل ثرى يا تيم .
بدأت تقول ردا على عبارته الموحية بميولة المادية لكنها استدركت قائلة :- اقصد .. ربما هو ميسور الى حد الثراء لكنى لا أعرف ايه تفاصيل عن مدى ثرائه .
- انى على حق اذن ! لقد خدعوك بسهولة يا عزيزتى سو . ذلك المدير الذى تتحدثين عنه ، يبدو من النوع الجدير بالمراقبة فى ضوء الظروف التى وصفتها .
- لكنى لم أصف أى شئ يا تيم ! انك تؤلف هذا بنفسك. اطلعتك فقط على الوقائع العارية . ابى رجل مريض وأنا لم أحاول التجسس.
- اذن كان يجب ان تفعلى يا حبيبتى حفاظا على مصالحك. انا ابغى افادتك من خلال خبرتى . لقد اعتدت القراءة ما بين السطور حتى اصبحت جزءا من مهنتى .
- ارجوك .
- تقولين انك ستخلين الشقة وستتركين لندن نهائيا فما عساى افكر أو أفعل ؟.
تأملته فى أسى وأجابت :- قبل ذهابى الى اسكتلندا قلت بنفسك انى قد أجد قريبا مسنا فى حاجة الى الرعاية والاهتمام، وقد صدق كلامك. لكن ابى اصيب بالمرض قبل وصولى بزمن طويل، واعتقد انه فى حاجة كبيرة الى وجودى . انا عازمة على البقاء معه مادام يريدنى هو ان ابقى .
لقد احببت غلينرودن على الرغم منى اما مسألة اخلاء الشقة فالواقعية تفرض على ذلك ، واخلاؤها لا يعنى انى لن اعود الى لندن فى يوم ما .
- استبعد جدا ان تعودى . فهذا المدير ...
فقاطعته بحدة :- ليتك تتوقف عن مهاجمته ! انه يقوم بعمل رائع ولا اعتقد انه يطمع فى املاك ابى . وفى الواقع جاء معى اليوم الى هنا .
- يا ألهى !.
أزاح طبقه وكأنه فقد شهيته فى الطعام واضاف :- أترين انى صادق فى اتهامى ؟ من الواضح انه لا يحتمل ابتعادك عن بصره وربما يعتقد انه سيستولى عليك مع الاملاك عندما يموت الرجل العجوز.
حملقت فيه وكأنه صفعها ثم قالت فى برود:- لايحق لك أن تقول أشياء كهذه . لك ان تفكر فيها اذا شئت انما أرجوك ان تحتفظ بهذه الاراء لنفسك . لقد فسرت لك الوضع بكامله ، واذا كان صعبا عليك ان تتقبله ...
فهز كتفيه وقال :- اعرف ذلك تماما واعرف انى أضيع فرصى بغبائى .
احس بالندم فانحنى صوبها عبر الطاولة اخذا يدها فى يده، وقال بنظرة تتوسل الغفران :- ما فكرت الا فى مصلحتك يا سو فأنت لا تجهلين حبى لك منذ زمن طويل .
خبر جديد بالنسبة اليها الا انها لم تقل شيئا . صحيح انه عرض عليها الزواج لكنها عزت السبب جزئيا الى رغبته فى ان يسكن شقة مريحة، ولطالما ابدى اعجابة ببيتها الجذاب، وربما كان منجذبا ايضا الى زوجة ذات دخل خاص وأهلية ثقافية تتيح لها عملا ذا راتب جيد. اضافة الى ذلك الم يلمح له رئيسه مرارا بأن الزوجة المناسبة تزود الرجل بالثبات المطلوب لترقيته فى عمله ؟
ومرة اخرى شعرت بالخوف حين قال بنعومة :- ا ذا كنت سترثين املاكا جبلية او اى نوع اخر من الاملاك ستحتاجين الى شخص يرعى مصالحك وهذا المدير ...
- ميريك فيندلى لا يهتم بى شخصيا اذا كان هذا مقصدك.
- أتتوقعين منى ان اصدق ذلك ؟.
- لم نأت بمفردنا. جاءت معنا فتاة يعزها ميريك كثيرا .
- أوه . فهمت .
تراخت اعصابه المشدودة ولاحت على شفتيه ابتسامة ذات مغزى وقال :- هذا أفضل فأنت تعرفين مغبة تقارب كهذا يتطلب يقظة شديدة وما كنت ابدا فتاة مجربة فى هذه الامور .
قطع كلامه ونظر الى ساعته وقال :- الوقت داهمنى يا سو يجب ان أذهب فورا. سأمر عليك مساء لنتعشى فى مكان ما . من المؤسف انك لم تعلمينى بعودتك . لقد أحرجت موقفى بالنسبة الى ضيق وقتى.
تجاهلت تأنيبه وقالت:- لابأس يا تيم ,لاتنس انك وعدت بالقاء نظرة على الاثاث.
- سأفعل احب فى الواقع ان اسكن مكانك فى الشقة لانها أكثر راحة من شقتى لكن عقدك لا يسمح لك بتأجيرها بالبدل نفسه، وكمستأجر جديد اخشى ان يطلب المالك بدلا مرتفعا لا اقوى عليه فى الوقت الحاضر .
ذهن تيم يفكر دائريا قالت سو لنفسها وهو يخرج من المطعم انه يحور ويدور ويرجع للتركيز على نفسه. على كل يبقى صديقا تعرفه ، ولاول مرة شعرت بأنها وحيدة فى لندن، وودت لو انهما قضياالعصر معا لكن ما يزال لديها عمل كثير... لقد حزمت معظم الاشياء التى قررت الاحتفاظ بها. وميريك سيرتب مسألة نقلها فى القطار لكن هناك بعض الاغراض الصغيرة كالكتب والاوانى العتيقة التى لن يشتريها احد. ربماتأخذها للرجل العجوز فى كوين ستريت كى يتصرف بها مادام يملك حانوتا لبيع وشراء الاغراض المستعملة . خابرته فوافق على شرائها ووعد ان يذهب بعد ساعة لتسلم الاغراض . شكرته وتابعت سيرها الى الشقة من الضرورى ان تفرغها اليوم لتسلم المفتاح غدا الى المحامى وقد يغطى سعر الاثاث أجرته .
عند احدى الزوايا توقفت مبهورة امام متجر صغير كان يعرض قميص نوم من الشيفون مع روب مماثل لونهما وردى رائع . حدقت اليهما مأخوذة وتخيلتهما ينسجمان فى جمال مع شعرها الاشقر وعينيها الرماديتين. انها لا تملك ثياب نوم كثيرة ، فعدا قميص من النايلون ارتدته طوال الصيف كانت ترتدى عادة بيجامة صبيانية تبتاعها امها رخيصة فى مواسم التصفيات. كان يريح سو ان ترتديها لكن هذا القميص فى الواجهة من نوع خاص ليس عرائسيا تماما انما حلو جدا .
دخلت المتجر تسأل عن سعره وتفاجأت بارتفاعه. سارعت البائعة وانزلته من الواجهه وقالت لسو بحماسة :- انه جميل حقا يا سيدتى انظرى التخريم الفضى الدقيق حول الخصر لقد صنع خصيصا لفتاة جميلة القوام مثلك.
حساباتها أوحت اليها بعدم الشراء لكن ملمس القماش الناعم جعلها توافق على ابتياعه... بعد ان تدفع ثمنه يبقى لديها مبلغ يكفى فقط لشراء سروال.
تناولت الرزمة من البائعة وهرولت خارجة قبل ات تغريها نفسها على شراء شئ اخر. قد لا يكون قميص النوم واقعيا بالنسبة الى الشتاء الاسكتلندى، الا انها فى هذه اللحظة الفرحة لم تأبه لشئ على الاطلاق .
احست بالتعب قبل ان يمر عليها تيم بساعات. عادت واياه الى الفندق وتركته يشرب قهوة فى قاعة الجلوس وصعدت لتستحم وتبدل ثيابها. وعندما اقترح ان يتناولا العشاء فى مطعم الفندق الفخم وافقت فى سرور، لكن دعوته فى ما بعد الى السهرة ازعجتها انما نظرة الخيبة فى عينيه اضطرتها للقبول .
رجعا بعد منتصف الليل، وبرغم تعبها الشديد لم يؤسفها التأخر فالنادى الليلى كان مفعما بالحيوية والمرح مما ازال الكثير من تواتراتها السابقة فضلا عن ان تيم كان رفيقا مبهجا ذكرها بتصرفاته الدمثة القديمة. وحين ودعها خارج الفندق شعرت نحوه بتعاطف لم تشعره طوال ذلك النهار.
كان فى صباح الغد سيذهب مع رئيسه الى ديفون فى مهمة تتعلق بتخمين الضرائب ولذا لن تراه ثانية قبل ان تغادر لندن قال لها وهو يودعها :- لا تنسى ان تكتبى لى وتخابرينى والا قلقت عليك يا سو .
تنهدت بما يشبه الارتياح وصعدت الى غرفتها بعدما اخذت مفتاحها من موظف الاستقبال. وما ان اغلقت على نفسها الباب حتى شعرت بالارهاق يرنحها ولم تشته الا النوم الفورى . كان لابد من الاغتسال فاستحمت بسرعة وانعشها الماء الدافئ قليلا فارتدت قميص نومها الجديد.
صعدت اخيرا الى الفراش ولم تكد تلقى رأسها على الوسادة حتى طرق الباب. خفق قلبها بقلق وانتظرت قليلا لكن الطرقات عادت فنهضت مستاءة، وسارت متعثرة دون ان تشعل النور .
فتحت الباب بعنف وفوجئت برؤية ميريك واقفا فى الممر . لقد تعمدت طوال النهار ان لا تفكر فيه ونجحت. حتى عندما تهجم عليه تيم رفضت ان تركز عليه اكثر من الدقيقة التى استغرقتها لتدافع عنه. تذكرت الان انه وعد بالمرور على الفندق ليتأكد من وجودها هناك وقد نسيت ذلك لسوء الحظ.
|