فتحت الباب أمرأة ضخمة ترتدي فستانا أسود مغطى بصدرية بيضاء , نظرت الى سوزان في أرتيب , تذكرت ما قرأته في كتاب ( تعلم اللغة الأسبانية ) وسألتها عما أذا كان في أمكانها التحدث الى السنيور أرفاليز.
صمتت للحظة حين رأت الأستغراب المرتسم على وجه المرأة لكنها فتحت الباب لها لتدخل , ثم قادتها عبر صالة كبيرة الى غرفة الأستقبال حيث طلبت منها الأنتظار.
كانت الغرفة مؤثثة في شكل فاخر ومريح , ألا أنها شعرت بالقلق ولم ترغب بالجلوس بل بقيت واقفة في أنتظار رؤية السنيور , أضافة الى ذلك فأنها شعرت بصداعها يزداد سوءا.
( أنني حمقاء ) قالت لنفسها , كان علي البقاء فترة أطول في الفندق لأتناول شيئا من الطعام ولأتناول قسطا من الراحة , لكن فكرة تناول أي طعام , برغم جوعها , لم تبد مستساغة لها وشعرت بأمتنان غريب حين أنفتح الباب أخيرا.
دخلت الغرفة أمرأة قصيرة القامة , تبعتها شابة تشبهها الى حد أنهما بدتا لسوزان أما وأبنتها , رغم أختلاف الملابس , حيث أختارت الشابة ملابس ثمينة وبسيطة بينما فضلت الأم أظهار غناها بأرتدائها فستانا أسود زاد من بريق العقد الماسي والخواتم التي أرتدتها , تقدمت الفتاة خطوة الى الأمام لتقول في لغة أنكليزية متعثرة:
" والدي غير موجود في البيت الآن لذلك ترجو والدتي أن تكون قادرة على مساعدتك , أنها لا تعرف اللغة الأنكليزية , والآن كيف نستطيع مستعدتك يا سنيورا؟".
" أسمي سوزان كريشتون , كنت آمل العثور على أخي هنا أو ربما تساعدونني في العثور عليه".
توقفت سوزان لتعطي الفتاة فرصة ترجمة ما ذكرته للسبيورا , ثم تقدمت سنيورا أرفاليز نحوها ورجبت بها , لم تفهم سوزان كلمة واحدة مما قالته السنيورا ألا أنها أدركت ترحيبها بوجودها بينهم , وأبتسمت أستجابة لذلك.
تقدمت الفتاة وقالت:
" أنت أذن أخت ماركوز , أنا أيزابيل , ربما ذكر اسمي أمامك من قبل".
" لم ي1كر مارك أي شيء لأنني لم أسمع عنه منذ أشهر , لذلك جئت للبحث عنه لأن جدنا مريض جدا ويود رؤيته".
بدت أيزابيل في حيرة:
" ولكنه ليس هنا , لقد غادرنا منذ ثلاثة أسابيع ليعود الى بريطانيا , ألم يعد بعد؟".
شعرت سوزان بالحزن ينتابها , أذن سفرتها كانت عبثا , ربما عاد مارك فعلا الى بريطانيا في الوقت الذي جاءت فيه الى هنا , ربما عاد لرؤية الجد وهو معه الآن.
" تبدين شاحبة يا سنيوريتا".
ألحّت أيزابيل , وطلبت منها الجلوس , سرت سوزان للدعوة لأنها أحست بأن ساقيها تخذلانها , سألت سوزان:
" لكنه كان معكم!".
" نعم , جاء مع ميغيل لأنه يحب دعوة أصدقائه الى البيت".
" ربما كان ميغيل على معرفة بمكان مارك , هل أستطيع التحدث اليه؟".
" أنه ليس هنا , ذهب الى كارتاغينا للبقاء مع عائلة خطيبته".
تدخلت الأم في حديثهما طالبة من أيزابيل توضيح الموضوع لها , وأثناء قيام أيزابيل بالترجمة , بقيت سوزان صامتة تفكر بما ستفعله فيما بعد.
أفترضت سوزان أن عليها الأتصال بالمصح لتسأل عن صحة جدها وعن وصول مارك , ربما كانت هناك طريقة تستعلم من خلالها أذا كان مارك قد ترك البلاد فعلا , عليها أن تلتقي بارفاليز لتسأله عن أي أقتراح آخر.
رفعت رأسها فأذا بها تشعر بدوار غريب مما دفع الأم للسؤال عما بها وهرعت أيزابيل الى جانبها.
" ماذا جرى ؟".
" أعتقد أنني سأتقيأ".
كانت الساعات التالية كابوسا متواصلا عاشته سوزان , تذكرت كيف نقلت الى غرفة النوم في الطابق العلوي , ثم ساعدتها فتاة أسمها دولوريس على خلع ملابسها ووضعت أناء كبيرا قربها , واصلت سوزان التقيؤ فيه بينما أعدت دولوريس كمادات باردة وضعتها على جبينها.
أرادت سوزان التعبير عن أمتنانها لدولوريس لكنها أيقنت عبث المحاولة , فكلما حاولت رفع رأسها عن الوسادة أنتابتها الحالة نفسها من جديد , الى أن أستسلمت أخيرا لنوم عميق.
حين فتحت سوزان عينيها أخيرا كان الظلام سائدا , تحركت في فراشها بهدوء خوفا من أن تتقيأ , ألا أنها شعرت بتحسن كبير حالما جلست فتحت أيزابيل الباب:
" أستيقظت؟ هل تشعرين بالتحسن وهل تريدين التحدث الى والدي؟".
أومأت سوزان رأسها بالموافقة وقالت :
" آسفة لأنني سببت لكم كل هذه المتاعب".
" لم تسببي أية متاعب لنا , أنه الأرتفاع عن مستوى سطح البحر , غالبا ما يعاني السواح من الظاهرة نفسها ألا أنهم يعتادون الجو بسرعة".
جلبت أيزابيل شالا واسعا ووضعته في عناية على كتفي سوزان وعادت لتفتح الباب لوالدها.
كان السنيور أرفاليز متوسط القامة , له وجه ذكي ومرح , حيّا سوزان ثم جلس على كرسي مجاور لسريرها , ألا أن ما أثار دهشة سوزان هو بقاء أيزابيل في الغرفة برغم عدم ضرورة ذلك .