كاتب الموضوع :
هدية للقلب
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
10- متى يأتى الغد ؟
مد أوليفر يده قائلا : يسرنى أن ألتقى بك أخيرا.
صافح الرجل الاخر يده بحزم وثبات :- أنا ايضا . كنت قد بدأت أظن أن ذلك لن يحدث ابدا .
حدق أحدهما بالاخر بطرف عينيه، كانا رجلين فارعى القامة عريضى المنكبين وسيمى الطلعة، أحدهما أشقر الشعر والاخر أسوده . حدقت آنا بأوليفر، فلم تجد أى أثر للشك فى ملامحه . بدا فى غاية السرور للقاء شقيقها، وعرفت من الدفء المنبعث من ابتسامته أنه يرحب بكريس من دون أى تحفظ .
قالت والحماس يغلب على نبرتها :- يسرنى أنا أيضا أن تلتقيا أخيرا . لقد أمضيت وقتا طويلا جدا وأنت بعيد عن الديار يا كريس .
هز رأسه بمرح :- بامكانك دوما الاتصال بى ، يا أختى يجب أن تعلمى هذا . كان عقدا كبيرا واتفاقا هاما ذاك الذى أجريته فى فرنسا ، لا يمكننى اهمال ذلك .
علق أوليفر قائلا :- بالطبع لا . فالاعمال هى الاعمال ، ماذا تود أن تشرب ؟ عصير طازج أم شاى أم قهوة ؟.
- فنجان من القهوة من فضلك، من دون سكر .
رقت عينا أوليفر وهو يلتفت الى آنا يخاطبها :- وكوب من المياه المعدنية لك ، يا آنا ؟.
- من فضلك .
- هل أخبرت أخاك بالنبأ السعيد ؟
ابتسمت وأومأت برأسها بسعادة ، فقال كريس :- سبق أن قدمت لآنا تهانى الحارة ، وأعربت لها عن سعادتى من أجلكما معا .
أجابه أوليفر :- نحن سعداء أيضا . ان هذا أفضل ما يمكن أن يحدث لنا .
نظر الى آنا وهو يتكلم ، فغمرها فيض من السعادة الخالصة.
- اخبرنى فريق المبيعات فى شركتى أن حملتك الاعلانية واهتمامك بأدق التفاصيل يعكسان سياستك الحكيمة فى العمل ، وها هى أعمالك الان تزدهر نتيجة لذلك، يا كريس . أنت رجل شجاع .
- من دون الكرم الذى غمرتنى به شقيقتى آنا،ما كنت لأتمكن قط من النجاح هكذا ، ومن انقاذ أعمالى .
سحب مغلفا من جيبه وناوله لآنا قائلا :- لدى شئ لك يا آنا انه شك بكامل المبلغ الذى أقرضتنى اياه . كنت سأنتظر حتى المساء لأعطيك اياه . لكن بما اننا نتحدث عن الاعمال أعتقد ان عليك الحصول عليه الان .
قالت آنا بهدوء :- شكرا لك . ما من داع للعجلة .
كانت تفضل الا يفعل أخوها ذلك مام أوليفر لكنها عرفت أنه تعمد ذلك . وشعرت بأن كريس يحاول حمل أوليفر على الاعتذار مجددا .
ونجحت محاولته . فقال أوليفر ضاحكا باقتضاب :- انك تجعلنى أشعر أنى أحقر رجل فى العالم يا كريس . من المؤسف أنى لم ألتق بك عندما تزوجنا أنا وآنا . كنت سأعرف عندها أن ما من شئ يدعونى للقلق لقد ظننتك خطيب آنا السابق .
منتديات ليلاس
رفع كريس حاجبيه :- تونى ؟ لقد رأيته ذلك اليوم هل أخبرتك بذلك يا آنا؟ لقد تزوج أرملة شابة وثرية . كان زوجها يمتلك سلسلة كبيرة من المتاجر . لم يكن لديه أقارب ، فأصبحت هى بوفاته المالكة الثرية الوحيدة لابد أن تونى يعيش حياته الان كما أحب دائما .
شعرت آنا بأن أوليفر يرقب ردة فعلها لكنها ضحكت وهى تقول :- اذن فقد حصل على المال من دون أن يعمل لآجله هذا رائع انه شخص آخر يعلق أهمية كبرى على المال ، لايجب أن يتدخل ذلك فى العلاقات الانسانية . أنا أعرف عندما التقيت ....
ترددت قليلا وهى تنظر الى أوليفر من تحت جفونها فاستدركت قائلة :- انس أنى قلت ذلك ليس الامر مهما .
قطب كريس جبينه وهو ينقل نظراته بينهما وقال :- هل فاتنى شئ ما هنا ؟ ظننت أن الامور أصبحت بأفضل حال بينكما مجددا .
- ليس تماما . فشقيقتك تلعب دور صعبة المراس هذه الايام .
- مع وجود طفل قادم قريبا ؟
ضحكت آنا بخفة واجابت :- هذا يجعل الحياة متجددة ومثيرة هلا ذهبنا الى غرفة الطعام ؟ انا متأكدة من ان السيدة غرين قد جهزت لنا كل شئ .
كان كريس عازما على اصطحاب صديقته الجديدة معه الليلة لكنها لم تتمكن من المجئ فى اللحظة الاخيرة . لذا وجدت آنا نفسها بمفردها مع الرجلين . منذ أسابيع خلت كان تحقيق ذلك مستحيلا لكن آنا شعرت بأنها تتقرب أكثر فأكثر من أوليفر حتى أوشكت على مسامحته .
توشك على ذلك ، لكنها لاتزال غير متأكدة .
فى الاسبوع المقبل سيحل عيد الميلاد . لعل أفضل هدية تقدمها فى مثل هذه المناسبة هى أن تسامحه نهائيا والى الابد.
ابتسمت للفكرة وشعرت بتيار كهربائى يمر عبر أوصالها . هل بامكانها الانتظار حقا؟ ان ما تشعر به الان يجعلها توشك على الارتماء فى حضنه ما ان يغادر أخوها المنزل . أرادت أن تعانقه أن تقبله ... حدجها أوليفر بنظرة متسائلة :- تبدين فى غاية السرور والرضى من نفسك فجأة . هل ستخبرينى بما جعل هذه الابتسامة الماكرة ترتسم على وجهك ؟
لم يفته شيئا كان يراقبها دائما حتى عندما لا تكون متنبهة لذلك .
قالت بخفة وهى تحاول أن تخفى الوهج الدافئ الذى علا وجهها :- أنا أشعر بالسعادة لوجود أخى هنا كما يسرنى أنكما تقابلتما أخيرا .من المؤسف أن لورا لم تتمكن من المجئ . يجب أن نراها فى فرصة أخرى يا كريس .
وظلت السعادة والحماس يغمرانها طيلة الوقت . فقد أنسجم أوليفر وكريس جيدا ، مما جعلها تدرك أن عقبات زواجها ومشاكله كانت لتحل فى وقت مبكر جدا لولا المشاكل المالية التى تعرض لها كريس .
من ناحية أخرى كانا هى وأوليفر قد اكتسبا الان ثقة أحدهما للاخر . فالظروف الجيدة والسيئة التى مرا بها كانت بمثابة دروس قيمة يحفظانها من كتاب الحياة الكبير .
عندما غادر كريس أخيرا جلسا هى وأوليفر فى غرفة الجلوس كانت تلك غرفة آنا المفضلة بأرائكها الوثيرة المريحة وموقدها الجميل حتى أنها تحب الجلوس فيها فى فصل الصيف بسبب المنظر الرائع الذى تطل عليه .
أرجعت رأسها الى الوراء وقالت :- يسرنى أنكما اتفقتما جيدا أنت وكريس .
- انه رجل مسقيم وبالغ الذكاء . لكان من العار أن تسوء أعماله وتنهار .
- هذا ما كنت أفكر فيه .
جعلت تراقبة بعينين نصف مغمضتين . لقد كان خلابا ومثيرا ... لم يتغير فيه أى شئ. كل النفور والامتعاض اللذان سيطرا على مشاعرها لوقت طويل بدا بالتلاشى والزوال سريعا .انها تريده بكل خلية نابضة فى جسدها تريده الى حد التألم . لم الانتظار حتى عيد الميلاد ؟ لم الانتظار لسبعة أيام كاملة ؟ لم الاستمرار فى تعذيب نفسها ؟
من جهة أخرى فأن الامر يستحق الانتظار. ستدخل الى غرفته صباح عيد الميلاد وتندس فى سريره. سيكون ذلك بمثابة هدية سيذكرها لما تبقى من حياته .
- انا فخور بك لانك وفيت بوعدك لأخيك .
حدقت به وعيناها الخضراوان مشدوهتان فى تساؤل :- هل هذا صحيح ؟
- بالطبع. فلم يكن الامر سهلا البتة .
- آه بامكانك التأكيد على ما تقول .
- خاصة أن ذلك الوعد عرض زواجنا لخطر الانهيار.
- كنت فى الواقع سأقول لك لو أنك لم تهنى بالتدقيق فى حسابى المصرفى والتسرع باطلاق الاستنتاجات والاتهامات. كان ذلك بغيضا جدا يا أوليفر
اعترف أوليفر بذلك :- أعلم ذلك لكن والدى كان مقتنعا بأنك تزوجت بى من أجل المال . اردت أن أثبت له مدى خطئه لذلك قمت بالتدقيق فى حسابك المصرفى . فجن جنونى عندما اكتشفت أن المال ولى واختفى .
مرر اصابعه فى شعره وغطى جبينه براحتيه مخفيا وجهه عنها لشعوره بالخجل والنفور من نفسه . واضاف :- لم أر سببا يدفعك لسحب المبلغ بكامله. والحقيقة أنى لم افكر بشكل سوى .
فقالت بثقة :- اذا كان ادوارد مجددا هو من وضع العراقيل أمام زواجنا . كان على أن اخمن ذلك . لابد أنه تجسس على طيلة الوقت فى بحث دؤوب عن أى شئ يحقرنى فى نظرك. وقد نجح فى ذلك بأمتياز .
- أنا اسف حقا.
استطاعت آنا أن ترى فى عينيه الالم والحزن يسطعان بشدة . فقالت :- انا ايضا .
- هل سامحتنى ؟
ابتسمت آنا وهى تفكر بخبث فى عيد الميلاد وقالت :- انى أسير بأتجاه ذلك .
|