أجابتها موروينا بإبتسامة خفيفة , ثم سألت بصوت ضعيف:
" ما الذي حدث لي , أعرف أنني سقطت من فوق الصخور , وأن المد كان يغمرني , ثم فقدت وعيي".
" وماذا كنت تفعلين هناك يا عزيزتي , لماذا نركت بيتك بدون أن تخبري أحدا".
" أوه , لا أريد أن أتذكر شيئا".
" أرتاحي الآن , وتناولي شيئا من هذه الشوربة الدافئة , بعد ذلك سأمشط شعرك , لأن السيد دومنيك ينتظر في الصالة".
" لا أريد رؤية أحد إطلاقا".
" أنه ينتظر هناك منذ الليلة الماضية , لم ينم إطلاقا , ظل ساهرا بالقرب منك , ثم عليك أن تشكريه , فهو الذي عثر عليك على الشاطىء وحملك إلى البيت جثة هامدة".
" أذن ذلك لم يكن حلما؟".
" أي حلم يا عزيزتي , هو االذي خرج باحثا عنك في الليل".
" يخيل لي أنني رأيت الآنسة أنجلس في البيت أيضا".
" أنها هنا , نامت في غرفتك القديمة".
قالت أنيز ثم أضافت وهي تبتسم:
" الأمور رجعت إلى مجراها الطبيعي بينها وبين نيكولا , ويبدو أنهما سيحققان حلمهما بعد كل هذه السنين , كذلك مارك وخطيبته الشابة".
حملت أنيز الصينية من أمام موروينا , وجلبت مشطا , وأخذت تمشط شعرها رغم أحتجاجها:
" أهدأي قليلا , لا يمكن أن يراك وأنت بهذه الحالة".
تركت أنيز الغرفة , بعد أن أنتهت من تسريح شعرها , وهي تطلب منها أن تكف عن البكاء , ظلت موروينا جالسة في فراشها , حتى سمعت طرقا خفيفا عل الباب, ورأت الباب ينفتح بهدوء ويدخل دومنيك , شعرت بقلبها يقفز من صدرها.
" لا حاجة لأي كلام يا موروينا , دعيني أجلس...... وأنظر إليك حتى أتأكد من أنك عدت إلى البيت سالمة".
" ولكن هناك أشياء يجب أن تقال , أنني أشكرك , لأنك أنقذت حياتي".
" لا تدرين كم عانيت أمس حين أختفيت فجأة من البيت".
" آسفة , لأنني سببت لك كل ذلك الأزعاج".
أقترب دومنيك منها , وجلس على حافة الفراش , وأخذ يدها بين يديه قائلا:
" سيأتي الجميع هذا المساء لكي يطمئنوا عليك , أما الآن فأنك لي فقط , قولي لماذا هرب من البيت؟".
" لأنني قد أغضبتك , ولم أتحمل ذلك".
" أتتصورين أنني غضبت منك , لأنك كنت في بيت باربارة ؟ كلا يا عزيزتي , أعرفي الآن أنني لم أكن وحدي في بيت باربارة , كان نيكولا معي أيضا".
" نيكولا؟".
" نعم , لقد طلب مني صباح البارحة , أن آخذه إلى باربارة لمصالحتها , وقد شرح لي القصة كلها , فأخذته إلى هناك , فأصرت كارين على معرفة سبب مجيئنا , لكن نيكولا كان فظا معها جدا , وحين رأتك هناك أفرغت كل غضبها عليك , كنت غاضبا من أجلك لا عليك , بالإضافة إلى أنني خشيت أنك أفسدت على نيكولا خطته".
شعرت موروينا بالرعشة في جسدها من هذه المفاجآت غير المتوقعة , وقالت:
" أنا سعيد لأن نيكولا ذهب إليها بنفسه".
" نعم , ووجدها تنتظره بلهفة".
سكت للحظة ثم أضاف:
" لا أدري ماذا قلت لها أنت , لكن يبدو أن حديثك معها كان مهما جدا , لقد قضيا أكثر من ساعة في الغرفة , وحين نزلا , كانت سيدة جدا ومتعلقة بنيكولا".
ساد الصمت بيهما لبرهة , حين قطعته موروينا قائلة:
" وما هو شعورك أتجاهها يا دومنيك؟ هل تغفر لها ما أرتكبته بحقكم؟ وهل تقبلها زوجة لنيكولا؟".
" نيكولا سيد نفسه , أما بالنسبة إليها , فأظن أنها نالت عقابها , أنهما سيتزوجان قريبا , بعد أن أعلنا خطوبتهما الليلة الماضية".
قالت موروينا بتردد:
" أظن أن كارين قد فرحت أيضا بزواج عمتها".
" بدون شك, وهي تهيء نفسها لرحلة أخرى إلى كاليفورنيا ".
شحب لون موروينا , وقالت بصوت أشبه بالهمس:
" ولكن , كان من المقرر أن تعلن أنت وهي خطوبتكما الليلة الماضية أيضا".
" أعلن خطوبتي لكارين؟".
تساءل دومنيك بدهشة , وأضاف ساخرا:
" من الذي قال هذا لك؟".
" هي التي أخبرتني".
" يبدو أنها كانت تتحدث عن أحلامها".
منتديات ليلاس
سحبت موروينا يدها بلطف من يده , وهي تحدق في وجهه , فقال لها بحنان بالغ:
" أنني أحبك يا موروينا , بل أحببتك منذ تلك الليلة التي ألتقيتك فيها على الطريق , وكان غضبي لأنني أكتشفت من أنت , كنا ما نزال نعيش في ذلك الوهم الخاطىء بأن والدتك قد أساءت إلينا , أوه موروينا لو تعرفين كم أحببتك , لقد جننت حين أختفيت من البيت , شكرا لله لأنك وضعت تلك الرسالة تحت شجرة العيد , آنذاك عرفت أنك ما زلت قريبة من البيت , فأخذت مصباحي وخرجت فلمحت آثار قدميك على الثلج , فتبعتها إلى هناك".
مدّ يده إلى جيبه , وأخرج علبة مجوهرات صغيرة , فيها حلقة ذهبية , ووضعها في أصبع موروينا , ثم رفع يدها وطبع عليها قبلة رقيقة , قائلا:
" يا زوجتي الحبيبة!".
مدت موروينا ذراعيها , وأحاطت بهما عنقه , وهي تحدق في عينيه بسعادة , قائلة:
" سنكون معا إلى الأبد............ ".
تمت