4- الحب بعد صفعة!
حين أستيقظت موروينا من نومها , كان ضوء ضعيف وشاحب يتسرب من خلال ستارة منفرجة جزئيا , ظلت متمددة في فراشها بعض الوقت , مضطربة , مشوشة الفكر , لا تعرف أين هي , حتى عادت إلى نفسها , ورغم أنها نامت جيدا في الليل , إلا أنها ما زالت لا تعرف الهدوء وراحة البال , لأنها ستقابل نيكولا تريفينون.
تركت فراشها وذهبت إل الحمام , ودخلت في حوض الماء الدافىء وهي تفكر لماذا طلب نيكولا تريفينون رؤيتها , وأيقنت من حديث مارك في الليلة الماضية , أنها آخر شخص على وجه الأرض يود السيد تريفينون رؤيته , وتساءلت بقلق:
" ترى ما الذي سيقوله لي حين نتقابل بعد برهة؟).
منتديات ليلاس
لكنها صممت على أن لا تسمح له بأن يطعن بوالديها أمامها , لقد سمعت ما يكفي من الأهانات توجه إليهما , ربما جرحت لاورا وزوجها مشاعرهم , بيد أن هذه ليست جريمة تستحق كل هذا التجريح والطعن.
أرتدت ثيابها ومشطت شعرها وتركته ينساب على كتفيها , كانت الساعة العاشرة حين نزلت إل الطابق الأرضي , وكانت الأبواب كلها مغلقة بأستثناء باب مكتب دومنيك , لكنها لم تشعر بأية رغبة في رؤيته.
وقفت عند نهاية السلم وهي تتلفت فيما حواليها بإرتباك , ولم يطل أنتظارها كثيرا , أذ سرعان ما أنفتح الباب الرئيسي وهجمت موجة هواء بارد ألى الصالة , ثم دخل كلبان كبيران أخذا ينبحان بصوت عال حينما أنتبها إليها , جمدت موروينا في مكانها , لكنها هدأت بعض الشيء حين دخلت فتاة طويلة ورشيقة ذات شعر أسود مسرّح بعناية , وثياب أنيقة منسجمة مع تقاطيعها , وتوقفت في مكانها أذ رأت موروينا وأخذت تحدق فيها بدهشة , ثم سألتها :
" من أنت؟".
همت موروينا أن ترد عليها بأن هذا ليس من شأنها , لكنها تمالكت نفسها وهي تفكر في مخاطر مثل هذا الجواب خاصة وقد بدت الفتاة واثقة من نفسها ومن مكانتها في البيت .
" إسمي موروينا".
أجابتها بأيجاز وهدوء , وحين طال الصمت والفتاة ما تزال تحدق فيها , سألتها موروينا :
" أهي كلاب شرسة؟".
" لا تخافي فهي لن تؤذيك , لكنها أستفزت حين رأتك غربة عن هذا البيت".
" هل تدليني إلى غرفة السيد تريفينون , من فضلك؟".
" السيد تريفينون؟".
سألت الفتاة بإستغراب , وأضافت:
" أنني في الحقيقة.....".
" حسنا كارين , سأهتم أنا بأمرها".
قاطعها دومنيك وقد ظهر من غرفته وأقترب منهما , حدقت فيه موروينا جيدا , كانت هذه هي المرة الأولى التي تشاهده في وضح النهار , كان يرتدي بدلة أنيقة وبدا وجهه هادئا وودودا.
وقال بصوت عطوف:
" صباح الخير , آنسة كيرسلاك , أتمنى أن تكوني نمت جيدا , هل تناولت فطورك؟".
" كلا ...... أظن أنني تأخرت على الفطور".
" بالعكس , هل تظنين أننا تركناك بلا فطور , أنيز في غرفة الطعام وقد أعدت كل شيء".
وفتح أحد الأبواب مؤشرا إلى مورينا بالدخول , تبعته قائلة بدون أن تنظر في وجهه:
" شكرا لك........".
" حين تنتهين من فطورك , ستأخذك أنيز إلى عمي".
" حسنا , وكيف حاله هذا الصباح؟".
" أنه في حالة جيدة , فقد سأل عنك حالما أستيقظ من نومه , يبدو أنه كان قلقا من أنني لن أقدر على أقناعك بالعودة إلى البيت".
" يبدو أنه لا يدرك قدرتك على الأقناع".
" شيء آخر أرجوه منك , حاولي جعل مقابلتك معه قصيرة قدر الأمكان".
" لا تقلق , فرغبتي في ترك هذا المكان بأسرع وقت , لا تقل عن رغبتك".
دخلت موروينا , وسمعت باب الغرفة وهو يغلق , ثم سمعت صوت الفتاة الأخرى وهي تسأل:
" يا حبيبي من هي هذه الفتاة ؟".
أذن هذه الفتاة حبيبته , وربما خطيبته , ترى هل هناك أمرأة على وجه الأرض يمكن أن تعجب به , فكرت موروينا , ثم حاولت أن تتذكر فيما أذا كانت الفتاة تلبس خاتم خطبة , لكنها فشلت .
دخلت أنيز وهي تحمل صينية كبيرة , وهتفت حالما شاهدتها :
" ها أنت أذن يا عزيزتي , تعالي قبل أن يبرد فطورك".
وبينما هي تتناول فطورها , قالت لأنيز :
" أظن أنه كان من الأفضل لو لم تأخذي تلك الرسوم إلى السيد تريفينون".
نظرت أنيز إليها وقالت متسائلة:
" ولماذا لا ؟ هناك أشياء كثيرة خافية في هذا البيت , يجب أن تنكشف".
" هل يحق لي أن أسأل ما هي هذه الأشياء؟".
" أشياء عديد ما تزال بدون إيضاح , السيد نيكولا مثلا قابع في غرفته , حزين على فقدان شيء لم يكن له أبدا".
" يبدو أنك كنت تحبين أمي".
" ولم لا ؟ بالطبع كنت أحبها".
أنتهت من فطورها , فصبت لها أنيز قهوتها , رفعت الكوب وذهبت نحو النافذة , وأخذت تتأمل الحديقة الخضراء والزهور المتناثرة فيها , ثم وضعت الكوب على المائدة وهي تفكر في العثور على جهاز تلفون حتى يمكنها أستدعاء سيارة تاكسي لتأخذها من هنا حالما تنتهي مقابلتها للسيد تريفينون , مشت إلى الخارج , كان البيت غارقا في صمت غريب , وكأن الجميع قد غادروه وتركوها وحدها فيه , وكانت الغرفة مغلقة بأستثناء أحداها فأتجهت إليها ووقفت أمامها , ثم أخذت شهيقا عميقا وهي تسمع دقات قلبها من شدة أضطرابها , وطرقت الباب