" أعلم هذا , أعلم , لكنني كنت غاضبا آنذاك , أرجوك , حاولي أن تفهميني , كنت قد رفضت الأنصات إلى كل شيء قلته لك وعرضته عليك , رفضت أن تتزوجيني , يوم توسلت إليك أن توافقي , رفضت أن تتفهمي وضعي بالنسبة إلى مشروع غوابا , فكيف كان في أستطاعتي أن أدرك المعنى الحقيقي لرسالتك تلك؟ لقد مزقتها , لم أكن , يومها , أعتزم الرد عليها , إلا أنني عدلت ع رأيي وفعلت".
سألته جولي وأظافرها تنغرز في راحتيها من حدة معاناتها:
" لماذا؟".
هز رأسه لا يدري جوابا:
" في قرارة نفسي أظن أنني فعلت ذلك لأنني لم أكن مقتنعا أن كل شيء أنتهى بيننا , حتى أنني رغبت إلى حد ما في رؤيتك بعد عودتي من فنزويلا , في محاولة لرأب الشرخ الذي في علاقتنا".
سارعت جولي تقول:
" لكن رسالتك آنذاك لم تكن توحي بمثل ما تقول :
" أعرف هذا , أعرف أن جوابي لك دفعك إلى البحث عن وسيلة تؤمن لك عيشك وتربية الطفلة , لكن , هل كان عليك أن تتزوجي أخي مايكل لتؤمني مستقبلك؟".
شمخت جولي برأسها , وقالت:
" لم يكن قرارا سهلا , صدقني , كنت وكان مايكل الأنسان الوحيد الذي أبدى عطفا وتفهما .... وقليلا من الحنان , لقد سألني أن أكتب إليك وأخبرك الحقيقة , كان متأكدا أنك لن تتهرب من مسؤولياتك , لكني.... لم أردك وفق هذه الشروط . ( وأبتعدت مسرعة إلى الطرف الآخر من الغرفة , أذ لم تعد تستطيع إحتمال وجوده قريبا منها من دون أن تفضحها أحاسيسها).
إلا أن روبرت سار في أثرها , وأقترب منها , ثم وضع يده على خصرها محاولا تقريبها منه , إلا أنها لم تمكنه من ذلك , وقالت:
" صحيح أنك والد أيما , لكن لا تنس أنك خطيب باميلا هيلينغدون , وبالتالي لا يحق لك أن تتودد أليّ بهذا الشكل".
" لا يحق لي ! ( كانت أنفاسه تتلاحق , وأخذ يحدّق بثبات في عينيها المغرورقتين بالدموع , وقال بصوت متهدج ضمّنه كل ما يعتمل في قلبه ) بل لي كل الحق في ذلك, لأنني أحبك , جولي , ولم أتوقف يوما عن حبك , حتى حين كرهتك , صدقيني , وعندما علمت بزواجك من مايكل كرهتك وحقدت عليك , أنت أيضا تحبينني , فلا تحاولي أن تنكري ذلك".
أرتعشت جولي لا تدري ماذا تقول , ثم سألته:
" وماذا غير ذلك يمكن أن أفكر فيه؟ وكما سبق لي وقلت , أنت خطيب باميلا.....".
غمغم بوحشية:
" لتذهب باميلا إلى الجحيم , أنني لا أحبها , ولم أحبها قط , لقد أخبرتها هذا صباح اليوم".
طرفت عينا جولي غير مصدقة:
" لقد أخبرتها؟".
| بالطبع أوتعتقدين أنني سأستطيع العيش مع أمرأة أخرى سواك بعد أن عرفت أنك لا تزالين تحبينني ؟ أوه , جولي , لا يمكنك أن تدركي المعاناة التي كنت أعيشها بسببك , وأنا أتذكر الآن..... أتذكّر.......".
حاول أن يعانقها إلا أنها تمكنه من ذلك , وعاودت محاولتها التخلص من قبضته , ألى أن أفلحت أخيرا.
قال لها:
" يجب أن تتزوجينني , جولي ( وتنفس عميقا قبل أن يضيف) قولي لي أنك ستفعلين , وإلا فليكن الله في عوني... لست أدري ما الذي سأفعله في هذه الحال!".
خلعت جولي عن ذاتها كل قناع وتحفظ , ورمت بماضيها وراء النيهات الحالمة , وقالت :
" أوه , روبرت , أنني أقبل الزواج بك متى تشاء , لكن , عليّ أولا أن أعتذر , ذلك أنني كنت مراهقة غبية منذ ستة أعوام , وما حدث أتحمل مسؤوليته بمقدار ما تتحمل أنت ذلك , لا بد أن تعرف هذا , ثم بعد ذلك , يوم كنت حاملا , كانت أيام...... أوه , كيف أستطيع أن أفسر لك ؟ لقد أردت الجنين , هل يمكنك أن تدرك هذا الأمر؟ لقد أردت أن أحمل طفلك ! ".
شدّها روبرت إليه ثانية وعيناه شبه مغمضتين , وهو في حلم يقظة , ثم قال:
" يجب ألا تبوحي لي بأشياء كهذه , الآن , لأنني أرغب فيك إلى درجة أنني لن ألمسك ثانية قبل أن نصير زوجين أمام الله".
إبتسمت جولي بحنان , وقالت بصوت دافىء:
" وهل تعني ما قلته بالفعل في ما خصّ أيما؟".
نظر إليها وأجابها :
" بالطبع , فلن يدري أحد حقيقة موضوع أيما سوانا نحن الأثنين ".
" وأمك؟".
" أذا هي أستنتجت من تلقاء نفسها , هذا , ألى أنني أخبرتها هذا الصباح أن كل شيء أنتهى بيني وبين باميلا , وهي لن تعترض , فهذا ليس من أسلوبها".
" كلا".
أومأت جولي برأسها موافقة , وأدركت تلك اللحظة مغزى سؤال لوسي لها وهي عند باب المستشفى.
فجأة , سألها روبرت:
" قولي الحقيقة , لو..... لو أنني لم أستنتج الحقيقة في موضوع أيما , هل كنت أخبرتني بذلك من تلقاء نفسك في يوم من الأيام".
أحنت جولي رأسها , وقال:
" وهل تعتقد أنني كنت أحاول أن أكون عقبة بينك وبين باميلا؟".
"لكن , كان يجب أن تدركي منذ نهاية الأسبوع المنصرم أن أحساسي حيال باميلا كان شيئا عارضا بالنسبة إلى أحساسي العميق حيالك , شكرا لله أن ساندرا قطعت حبل الأرجوحة , من النافل أن أقول هذا , لكن من دون الحادثة التي وقعت لأيما لكنا أستمرينا في مواجهتنا الحامية للأشهر وأشهر".
رفعت جولي نظرها إليه :
" كنت تزوجت باميلا , والحال هذه في الربيع".
" هل تعتقدين ذلك؟ من اللحظة التي نزلت فيها من الطائرة , بل من اللحظة التي علمت فيها بوفاة مايكل , أدركت أنه عاجلا أو آجلا , كان علي أن أخبرك بحقيقة مشاعري أتجاهك".
لمست جولي خدّه وسألته:
" لكنك غضبت جدا يوم خرجت مع فرنسيس....".
" بل كنت غيورا ! ولو أنك كنت تثقين بي أكثر , لكنت أدركت حقيقة غضبي يومذاك".
" أوه , روبرت ( فجأة بدا عليها التساؤل وأستوضحته قائلة ) لكن , كيف عرفت بقصة الأرجوحة , يومذاك؟".
" أخبرتني بذلك السيدة هادسون".
إبتسمت جولي:
" بالطبع , كان فألا حسنا أنك كنت هناك تلك الساعة , وإلا لكنا وقعنا في مأساة , كيف صدف أن كنت حاضرا؟".
تنهد روبرت قبل أن يجيب :
" كنت في زيارة لآل هيلينغدون وبعد تناولنا الغداء حاول فرنسيس أن يقنعني بأن أيما ستكون أسعد حالا لو ذهبت إلى مدرسة القرية".
أومأت جولي برأسها تقر:
" نعم ...... أنا سألته أن يكلمك في الموضوع".
" أعرف هذا , وكنت في الحقيقة , غاضبا جدا , خصوصا أنني , بعد ما جرى في الأسبوع المنصرم , أخذت أفكر جديا في الموضوع".
" فعلا؟ يا حبيبي كم أنا مسرورة".
" كان واضحا أن أيما لن تستجيب لمعاملة أمرأة كساندرا لوسن , ألى ذلك , لم أكن مرتاحا البتة لمجرد التفكير أنها قد تكون موجودة في هذا المنزل لتراقب تحركاتي هنا ( سوّى شعره بأصراف أصابعه , وأضاف) متى ستتزوجينني ؟ قريبا ؟ يجب أن يتم هذا في القريب العاجل".
فجأة , أتسعت حدقتا جولي وهتفت بعدما أتضحت لها كل الأشياء على حقيقتها:
" الورود البيض! أنت أرسلت الورود البيض !".
" طبعا ( أومأ برأسه ) ومن يكون أرسلها غيري؟".
هزت جولي برأسها:
" لكن , بعد الذي جرى في المستشفى الليلة البارحة , بالكاد تجاسرت على التفكير بك , دعك من تصوري إياك ترسل أليّ وردا!".
داعبتها نظرات روبرت الحالمة , فتوردت وجنتاها , وقال لها:
" لم أرد أن أتركك مساء أمس على حالك تلك , ألا أنه كان علي أن أصارح باميلا بالحقيقة قبل أن أبوح لك بما يعتمل في قلبي , وكما قلت , لم أكن حرا قبلا , وكنت في حاجة إلى أن أكون كذلك , كنت في أمس الحاجة إلى حريتي".
تراجعت جولي قليلا إلى الوراء وهمست قائلة:
" أتعتقد أن السبب الذي حدا بمايكل على أن يعهد إليك بتربية أيما أعتقاده بأن هذا يمكن أن يدث بيننا؟".
" ربما , قد يكون هذا أحتمالا في محله , فهو كان يدرك أنك لن تحاولي الإتصال بي لأسباب كثيرة , وكان عليه أن يتأكد من أحدا سيرعى حياتكما من بعده".
" لكنه لم يكن في أستطاعته أن يعم أنك..... أنني.".
" أتعتقدين ذلك؟ ( وهز روبرت رأسه مشككا ) لا بد أنه أدرك حقيقة أحساسنا واحدنا حيال الآخر , يوم عاد إلى أنكلترا مع أيما وكانت لا تزال طفلة تحبو , يومها أدرك أن أهتمامي بك... أو بحياتكما هناك , لم يكن أمرا عاديا".
تركته جولي يشدها إليه ثانية , وهي تقول:
" كم أنا سعيدة الحظ , روبرت".
خيّمت لحظات من الصمت الدافىء المعبر إلى أن أبعدها روبرت عنه بحزم , وقال:
" علي أن أذهب الآن , وإلا فلن أذهب من هنا أبدا".
دنت منه جولي ثانية , وقالت تقترح عليه:
" يمكنك أن تشغل الآن الغرفة الإضافية وقد رحلت ساندرا لوسن".
إلا أنه هز رأسه نفيا.
" لا أظن أن هذا سيكون ممكنا الآن , جولي , أنني أحبك , لكن علي أن أكون متعقلا , وأستطيع الأنتظار إلى أن نتزوج شرعا".
وزرر سترته ثانية.
سألته جولي وإبتسامة حنونة قابعة على ثغرها:
ط حسنا , متى أراك ثانية؟".
تمتم قائلا:
" سأعود غدا صباحا ثم نذهب معا إلى المستشفى لنخبر أيما , موافقة؟ هل تعتقدين أنها قد تمانع؟".
هزت جولي رأسها نفيا :
" أنها تحبك , وأنت تعرف هذا , ويوما ما , حين تصبح في سن راشدة , سنطلعها على الحقيقة".
مال اليها يعانقها وأضاف بصوت حنون :
" وأعتقد أنها ستكون متفهمة , فهي في أي حال أبنتك".
منتديات ليلاس
تمت