لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-06-11, 04:04 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64726
المشاركات: 961
الجنس أنثى
معدل التقييم: الجبل الاخضر عضو له عدد لاباس به من النقاطالجبل الاخضر عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 127

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الجبل الاخضر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

تسلمين ونتظر على النار

 
 

 

عرض البوم صور الجبل الاخضر   رد مع اقتباس
قديم 24-06-11, 11:41 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

شهقة من فم جولي , ثم تناولت وسادة , والغضب يهز كيانها , ورمته بها , وأتبعتها بكتاب , وهي تصرخ فيه:
" كيف تجرؤ على التفوه بأشياء كهذه؟".
" وماذا يفترض في أن أفكر والحال هذه ؟ ( رماها بنظرة قاتمة وهو يضيف ) لماذا بحق السماء , لماذا , خرجت معه ثانية ؟ ما الذي تحاولين أن تفعلي بي؟".
تلاحقت أنفاسها بسرعة , وسألته مشدوهة:
" لك أنت".
" نعم , لي أنا , جولي , ألا تدركين أن مجرد وجودك مع رجل آخر .... ( وأختنق صوته ) هل أنت مغرمة به؟".
وضعت راحتيها على خديها , تستغرب سؤاله:
" كلا , طبعا".
" ليس أكثر مما أحببت مايكل ( غمغم بصوت قاس) يا ألهي , جولي , لقد فعلت حسنا بسفرك ومايكل الى مالايا قبل عودتي من فنزويللا , وألا لكنت قتلتكما! ( ضغط على مقدم رأسه متألما ( آه , هل لديك أي شيء يخفف من صداعي هذا ؟ أحس كأنه يكاد ينشطر نصفين!".
عندما عادت ثانية الى الغرفة , وفي يدها علبه الأسبرين وفي الأخرى كوب ماء , وجدت روبرت مستلقيا ثانية على الكنبة , وضعت ما في يديها على طاولة قريبة وجلست قربه تتفحصه بنظراتها , ثم سألته:
" منذ متى لم تنم ملء جفنيك ؟".
" لا أذكر ...... يومين ... ربما ثلاثة أيام".
" لكن , لماذا ؟ ألم يكن في أستطاعتك أن تنظّم أوقاتك في شكل أفضل يسمح لك بالراحة؟".
سألها بصوت أجش ومتهدج في آن :
" ما الفائدة في الذهاب الى السرير والبقاء فيه قلقا , أتقلّب يمنة فيسرى وبالعكس لساعات طوال فلا أستطيع الأغفاء؟".
" لا معنى لكلامك هذا ! فأنت تكاد تنهار".
قال لها بصوت لا يخلو من تهكم:
" آسف أن أكون مصدر لك , هذه الليلة ".
" لست مصدر أزعاج أطلاقا! لكن , ما الذي دفعك أن تأتي الى هنا , روبرت؟".
أغمض عينيه , وأجاب:
" أردت رؤيتك , لقد قال لي هالبيرد أنك أتصلت هذا الصباح بغية التحدث الى والدتي ولم تكن موجودة , قلت لنفسي لا بد أن يكون هناك أمر عاجل دفعك للأتصال بها ".
" آه فهمت الدافع الآن ".
" هل كان أتصالك لأمر مهم؟".
" كلا , أردت التحدث معها في شأن ساندرا لوسن , أفترض أنك على علم بوجودها هنا".
أومأ أيجابا من دون أن يعلق على المسألة أول الأمر , أما هي فوضعت يدا على فمها , وقد تنبّهت لما يمكن أن تشكّله معرفة ساندرا بخروجها , وقالت متسائلة:
" أظن أنها علمت هي الأخرى بخروجي مع فرنسيس".
أشاح روبرت بوجهه وأغمض عينيه ثانية:
" كلا , لم تعلم بالأمر , وصلت نحو التاسعة والنصف وكان هناك متسع من الوقت لأتحدث مع السيدة هادسون قبل أن تعود ساندرا".
سألته جولي , عابسة:
" وباميلا؟".
" وماذا عن باميلا؟".
أستوضحها من دون أكتراث لذكر أسمها.
" كانت ساندرا تتناول طعام العشاء عند باميلا , ألم ترها مع ساندرا لدى عودة هذه".
" كلا".
بدت جولي في حركات يديها كمن غلب على أمره , وقد أستعصى عليها فهم الحقيقة , وسألته:
" لكن , ألا تظن أن ساندرا يمكن أن تفسر وجودك هنا على غير حقيقته؟".
أجابها غير مكترث لملاحظتها:
" غالب الظن , نعم , ألا أنها أذكى من أن تعترض بأي شكل من الأشكال".
تنهدت جولي تسأله ثانية :
" وماذا قالت ساندرا حين رأتك هنا؟".
" مرحبا".
" أنك تتعمد الظهور مظهر الجاهل!".
أرادت أن تبتعد , ألا أنه أمسك بيدها , وشبك أصابع يده بأصابعها , فبقيت حيث هي مترددة.
" كلا , لست أتعمد ذلك , كل ما في الأمر أنني لا أريد التحدث عن باميلا الآن".
" هل قلت لساندرا أين كنت؟".
" كلا , لم أذكر لها شيئا عن هذا , ألا أن السيدة هادسون أوضحت لها أنك خرجت لفترة من الوقت , هذا , الى أن ساندرا فوجئت لرؤيتي هنا , فسها عن بالها كل حضور آخر".
" لا ألومها أن هي كانت مندهشة الى هذه الدرجة ( تنفست ملء رئتيها , ثم أستطردت تقول بلهجة جازمة ) أنك الآن في حال لا تسمح لك بالعودة الى شقتك , فأنت لا تستطيع قيادة السيارة , وما عليك ألا أن تبيت الليلة هنا".
" أين ؟ في غرفتك؟".
" نعم , في غرفتي... هل تقوى على الصعود بمفردك الى الطبقة العلوية؟".
حدّجها بنظرة غريبة مبهمة قائلا:
" لست عاجزا , كما يتبادر الى ذهنك".
" أعرف ذلك".
ومشت في أتجاه الباب , ثم ألتفتت نحوه , ورأته ينهض متثاقلا عن الكنبة , ثم يتمطى قليلا , تركت الغرفة وصعدت درجات السلم من دون أن تلتفت وراءها ثانية.

دخلت غرفتها , نزعت غطاء السرير وطوته , ثم سحبت ثوب النوم من تحت وسادتها , في هذه اللحظة , ظهر روبرت عند عتبة الغرفة أسند ظهره الى الباب , وبدا أصفر الوجه منهكا على رغم مظهر قوته.
سألته , وهي تبتعد عن السرير :
" أتعرف أين غرفة الحمام ؟ هل تحتاج الى شيء آخر؟".
غمغم بصوت أجش:
" أنت فقط , تعالي الى هنا".
" لا وقت لهذا الآن ( وتحاشت جولي يده الممدودة نحوها , وأستطاعت الوصول الى الباب , ألتفتت نحوه قبل أن تخرج ) والآن , أصعد الى السرير ونم هنيئا".
شرع يفك أزرار قميصه بكسل , وخرجت هي بسرعة وأغلقت الباب خلفها , تنفست عميقا وسارت في أتجاه غرفة أيما.
كانت الطفلة تغط في نوم عميق , أنسلت جولي الى الغرفة في هدوء , لبست ثوب النوم وأزاحت طفلتها قليلا ليتسنى لها أن تندس الى جانبها.
" أمي؟".
تمتمت أيما وهي في شبه أغفاءة , ويداها تتلمسان وجه والدتها .
أمسكت جولي بيدي أبنتها وشدت عليهما تطمئنها في هدوء:
" هذه أنا , عودي الى نومك!".
أستغرقت جولي في نومها حتى ساعة متأخرة من صباح اليوم التالي , كذلك فعلت أيما , أذ بدا أن هذه نعمت بوهج من الدفء لوجود جولي الى جانبها , فنامت قريرة.
أفاقت جولي على حركة أبنتها تضجنشاطا وحيوية , أبتسمت لها وهي لا تزال مغمضة العينين , ووجه الطفلة تغمره الدهشة والتساؤل.
" لماذا أنت نائمة معي , أمي؟".
تمطت حولي وهي لا تزال ممددة وسألتها :
" هل من مانع لديك؟".
" كلا , لكن لماذا أنت هنا؟".
نهضت جولي من السرير , تتطلع بعجب الى ساعة يدها , وكانت تخطت العاشرة , وأجابت :
" لأن هناك شخصا آخر ينام في سريري".
" من هو؟".
بدا الأنفعال في سؤال أيما.
أجابت جولي وهي تتثاءب:
" عمك روبرت".
ثم توجهت نحو غرفة الحمام , وعندما خرجت منه كانت أيما قد أختفت.
تنهدت جولي وهي تضع عليها رداء المنزل , لم يكن لديها أدنى شك في المكان الذي يمكن أن تكون أيما ذهبت اليه , وتمنت لو تستطيع اللحاق بها لمنعها من أيقاظ روبرت في ما لو كان لا يزال نائما.
كان منظره , ممددا في هدوء وأرتياح , مبعث ألم في نفسها , وراودتها نفسها في الدخول الى الغرفة , لكنها أذ تذكرت أحداث اليوم الفائت , عادت أدراجها , وأوصدت الباب بهدوء.
كانت أيما في المطبخ مع السيدة هادسون , وبدت هذه متكدرة , تتمتم همسا بكلمات مبهمة وهي تحضر صينية أفطار.
قطبت جولي , وبادرتها:
" ماذا في الأمر؟".
ألتفتت السيدة هادسون نحوها وفي عينيها أستسلام , وأجابت:
" أنها الآنسة لوسن , نزلت فجأة الى هنا , منذ نصف ساعة تطلب أيضاحا عن سبب التأخر في تحضير الترويقة , أجبتها أنك لم تستيقظي بعد , نظرا الى تأخرك الليلة الفائتة .... ( وتنهدت قبل أن تضيف) مختصر القول أنها تريد أفطارا جيدا , وعليّ بالتالي أن آخذ لها طبقا من الرقائق , وبيضا مقليا , خبزا وقهوة!".
" أذن , هذا ما يضايقك ( ورمقت أبنتها بنظرة سائلة , ثم قالت تستوضحها ) هل دخلت غرفة عمك؟".
أطرقت أيما هنيهة , ثم أجابت:
" نعم , لكنه كان لا يزال نائما , فعدت الى الخارج , هل أيقظته بدخولي الغرفة؟".
" كلا , لحسن الحظ".
ثم أنتبهت جولي الى أن السيدة هادسون كانت تحدق فيها بدهشة لا تحفّظ فيها.
وسألتها الخادمة:
" هل بات السيد روبرت ليلته هنا؟".
تلوّن وجه جولي:
" نعم , لقد كان مرهقا , وكان نائما عندما عدت الى المنزل".
هزّت السيدة هادسون برأسها , وقالت:
" نعم , أعرف هذا , لقد عاد الى لندن نحو السابعة والنصف مساء, وبعد أن عرج على شقته حضر الى هنا".
قالت جولي وهي تحكم رباط ردائها الأزرق حول خصرها.
" أظن أنك فوجئت برؤيته".
" نعم , سيدتي , كما أنني سررت لوجوده , أذ كان رفيق سهرتي , أذا صح القول , قال لي , بعد أن أوت الآنسة لوسن الى فراشها , أنه سينتظر عودتك ( وتفحصت وجه جولي ) أرجو ألا تكوني تضايقت كوني ذهبت الى النوم وتركته هنا وحيدا ؟".
" كلا , طبعا".
أبتسمت للخادمة , وأحست هذه بالأطمئنان .
بعد أن أنهت السيدة هادسون وضع طبق الأفطار الذي كانت طلبته منها ساندرا , حملت الصينية , قائلة :
" سآخذها الى غرفتها".
قطبت جولي , معترضة:
" تقصدين أنها عادت ثانية الى سريرها؟".
" لست أدري أن هي هكذا فعلت , سيدتي , لكنها قالت أنها ستكون في غرفتها".
" هات الصينية , سأناولها أياها وأنا في طريقي الى غرفتي لأرتدي ثيابي".
حبذت أيما الفكرة فأومأت برأسها مؤيدة , وأخذت جولي الصينية بعزم من يي الخادمة , فتحت الباب , وعادت الى الطبقة العلوية.

وكما توقعت , كانت ساندرا لوسن في ثيابها , تجلس الى طاولة تكتب رسالة , وفوجئت هذه لدى رؤيتها جولي تدخل الغرفة.
بادرت بالقول , وهي تفسح مكانا على الطاولة لتضع جولي الصينية :
" شكرا جزيلا كان في أمكان السيدة هادسون أن تحضرها".
ردت عليها جولي بنبرة جافة:
" ليس من عادة السيدة هادسون أو من ضمن عملها أن تؤمن الخدمة الى الغرف , وصادف أنني كنت آتية الى هنا....".
" في أي حال , شكرا , سيدة بمبرتون".
بدت أبتسامتها خلوا من أي تعبير صادق.
قبل أن تخطو جولي خارج الغرفة , بادرتها ساندرا بالسؤال:
"في المناسبة , هل كنت تعلمين أن السيد بمبرتون قادم الى هنا الليلة الفائتة؟".
" روبرت؟ ( دست جولي يديها في جيبي ردائها ), كلا , لم أكن على علم بذلك ؟".
" لم أسمع صوت سيارته ساعة غادر , هل كان لا يزال هنا لدى عودتك؟".
أمسكت جولي مقبض الباب , وأجابت:
" نعم ( وأضافت ) في الواقع , بات ليلته هنا!".
ثم خرجت توصد الباب بأحكام , تاركة لسندرا أن تستنتج من جوابها ما تشاء.
عندما خرج روبرت من غرفة جولي , كانت ساندراذهبت تتنزه في البلدة , بينما فضّلت أيما اللعب في الحديقة حيث بصمات الصقيع كانت لا تزال عالقة , أما جولي فكانت في المطبخ تساعد السيدة هادسون في تنقية الخضار تحضيرا لوجبة الغداء , كانت الساعة تقارب الثانية عشرة ظهرا , فتح الباب ودخل , بدا من قسماته أنه نام جيدا , وأختفت علامات الأرق والتعب التي رسمت وجهه الليلة المنصرمة , بادر جولي بنظرة قاسية لم تكن تتوقعها , ثم ألتفت الى الخادمة يسألها:
" هل فات الأوان لأن أتوسل من أجل فنجان قهوة؟".
جففت السيدة هادسون يديها وهي تجيبه:
" كلا , بالتأكيد.... أراك تبدو أحسن حالا اليوم ".
" نعم , أشعر بذلك ( وعاد ينظر ثانية الى جولي , ثم بادرها محييا ) صباح الخير , جولي".
أجابت متمتمة:
" صباح الخير".
أومأ برأسه شاكرا السيدة هادسون وقفل خارجا من المطبخ , وأحست جولي بأنفاسها تتلاحق بسرعة.
حضّرت السيدة هادسون صينية صغيرة عليها بضعة فناجين , أبريق قهوةحليب وسكر , أضافة الى كعك طازج , وما أن فرغت من أمرها حتى بادرتها جولي:
" هل ستحملينها اليه , أم تفضلين أن أقوم بهذا عنك؟".
" أذهبي أنت , لا لزوم لأن تنكري رغبتك في هذا".
كان روبرت يقف قرب النافذة في الصالون , في بذلته الرمادية , وكانت لحيته غير الحليقة دليلا على أنه لم يبت ليلته في شقته , وعلى رغم هذا بدا لا يدانى في جاذبيته , لدى سماعه وقع أقدامها , ألتفت نحوها قائلا:
" شكرا ( وأضاف) سأغادر حالما أنهي أفطاري".
وضعت جولي الصينية على الطاولة :
" أتريدني أن أسكب لك؟".
لم يبد أعتراضا , وقال:
" أذا أردت".
جلست جولي على حافة الكنب , وبدأت في صب القهوة , ثم ناولته فنجانه , وقربت منه علبة السكر , وضع حبة في فنجانه ورشف قليلا .
" يجدر بي , على ما أعتقد , أن أعتذر لك عن أزعاجي لك".
نهضت جولي من مكانها , وأجابت:
" أي أزعاج هذا ؟ ( ثم أردفت ) أنا التي عرضت عليك أن تبيت هنا ( ورفعت نظرها نحوه تسأله ) هل نمت جيدا؟".
" أنت تعلمين أنني نمت جيدا ".
" هذا جيد".
" أين نمت أنت؟".
" مع أيما".
" علي ألآن أن أذهب , أعتذر ثانية عن الأزعاج الذي سببته لك ".
" لكنك لم تكن مصدر أزعاج!".
في هذه اللحظة دخلت أيما الغرفة عدوا وهي تهتف بأنفعال:
" عمي روبرت! عمي روبرت! ( وقفزت الى ذراعيه ) , ثم سألته عاقدة الحاجبين ) لا أظن أنك مغادرنا؟".
" بلى , علي أن أذهب".
" لكن , لماذا ؟ ( ونظرت الى أمها ) لماذا , أمي ؟ هل عليه أن يذهب , حقا؟".
" نعم , حبيبتي".
وبدا صوت جولي متقطعا.
ضم روبرت الطفلة اليه , وقال لها:
" سأعود قريبا لزيارتك ثانية".
تكوّر فم الطفلة , وقالت بصوت متوسل :
" أوه , عمي , أرجوك أن تبقى , لقد كنت في غرفتك هذا الصباح , ألا أن أمي لم تدعني أوقظك ..... وها أنت الآن ذاهب!".
أجابها بجدّية قائلا:
" أنني متأكد , بوجود الآنسة لوسن هنا , أن.....".
" دعني من الآنسة لوسن , فأنا لا أحبها!".
فجأة , عضّت أيما على شفتها وأنسلت من بين يدي روبرت , وأدركت جولي للحال أن الآنسة لوسن كانت تقف صامتة عند باب الغرفة تراقبهم , وعندما لاحظه روبرت وجودها , تكلّف بالقول:
" عمت صباحا , آنسة لوسن .........".
بدا وجه ساندرا لوسن بارد التعابير , أذ هي سمعت ما كان يدور من حديث , لا سيما ما قالته أيما , ألا أنها , على ما يبدو , صممت على تجاهل الأمر وأجابت:
" صباح الخير , سيد بمبرتون , كنت في نزهة في القرية , وعلى رغم أن الطقس بارد , غير أنه منعش يبعث النشاك".
أبتسم روبرت مجاملا:
" لا شك أنه كذلك".

ردت عليه بأبتسامة وحوّلت نظرها ناحية الطفلة:
" ماذا كنت تفعلين , أيما , في أثناء غيابي؟".
بدت علامات الرفض على وجه أيما وهي تجيب:
" لا شيء".
ولاحظت جولي , لأول مرة , أن أبنتها لم يسبق لها أن كانت في حال ثورة مشابهة, كانت الطفلة تنظر الى روبرت في أستسلام وتوسّل , ولمعت دمعتان عالقتان بين رموشها:
" أرجوك , عمي روبرت , لا تذهب".
تردد روبرت لحظة , وهو يرمق جولي بألم , فبدرت منها حركة عفوية , وسألته:
" أبق , أذا كنت ترغب في ذلك!".
" نعم , لم لا تبقى ؟ ( رددت ساندرا , وأضافت) في الواقع , كنت أتصور بقاءك , لذا أتصلت بباميلا بينما أنا في الخارج , وسألتها أن تأتي ".
بدرت شهقة غيظ من جولي :
" ماذا فعلت !".
" هدّئي من روعك , جولي ! ( علّق روبرت وبدا غير مهتم للخبر , ثم ألتفت الى ساندرا يسألها ) هل أخبرت باميلا أنني هنا؟".
تظاهرت ساندرا بالخجل :
" كلا , ليس هذا ما قصدته , كل ما في الأمر أنني تصورت وجودك هنا سيكون مفاجأة سارة لباميلا".
مسح روبرت دمعة عن وجنة أيما , وأبتسامة غريبة ترتسم على وجهه وقال بنبرة مهذبة:
" أستطيع القول أنك تصورت بعملك هذا يمكن أن تقلقي بالها؟".
أحتقن وجه ساندرا , وقالت تبرر تصرفها:
" باميلا صديقتي , وقد قمت بما أعتقد أنه الأفضل".
" الأفضل لمن ؟ لباميلا؟ أم لك؟".
" ماذا تقصد؟".
حدّق فيها روبرت بعينين ثاقبتين:
" بئس عقل كالذي لك , آنسة لوسن , هل تتصورين فعلا , أن مجيء باميلا , وأنا هنا , سيؤدي الى سوء تفاهم , ولو بسيط , بيني وبينها ؟".
" أنني متأكدة ....".
" كلا , آنسة لوسن , لن يكون خلاف بيننا , فهي ليست كما يتهيأ لك , أنها تبغي الزواج بي لأنني الرجل المناسب تماما لها , أجتماعيا وماديا على حد سواء , علما أنه قد يكون في بعض تصرفاتي , بين حين وآخر , ما يضايقها , ألا أن كل ما حققته بأتصالك بها ودعوتها الى هنا , هو أذلالها , أوتظنين أنها ستكون شاكرة لك صنيعك؟".
هتفت ساندرا بصوت مرتفع تدافع عما أقدمت عليه:
" كيف يمكنك والحال هذه أن تقر بتصرف كهذا؟".
" أنني لا أقر بشيء , أذ لا شيء لدي أعترف به , كذلك الحال بالنسبة الى السيدة بمبرتون".
" ما الأمر , عمي".
سألت أيما , يكاد ينفد صبرها.
" لا شيء , صغيرتي ( نظر اليها بحنان ) أذهبي , وبدّلي ثيابك , سألحق بك بعد خمس دقائق , سنلعب معا لعبة ( الأميرة والمارد)".
" رائع!".
وهرولت الطفلة الى خارج الغرفة وأستدار روبرت ثانية نحو المربية :
" والآن , ما رأيك؟".
بدت ساندرا متضايقة , ورمت جولي بنظرة خبيثة:
" لقد فات الأوان لأن أغيّر مجرى الأمور".
أجابها روبرت بصوت يترجم قساوة تعابير وجهه :
" يجب ألا تعرف باميلا ساعة وصولي الى هنا , فهي لا تنتظر عودتي مبدئيا قبل هذا المساء , وأذا ما تساءلت , أن هي حضرت ورأتني , عن ساعة قدومي فتفسير ذلك ببساطة , أنني عرجت الى هنا منذ فترة وجيزة".
صرخت ساندرا في غضب:
" أانت تدعوني في هذه الحال الى أن أكون شريكة لك في سرك؟".
" بالعكس , المطلوب منك أن تنقذي باميلا من موقف محرج".
" وماذا إن هي لم تعر أهتمامك لكونك بت ليلتك هنا؟".
" لكنك قصدت من وراء أتصالك بها ودعوتها الى هنا أن تجدني في المنزل , وبالتالي أفسحت المحال واسعا لشكوكها , أوتظنين أنها ستغفر لك ما يمكن أن تسببيه لها؟".
" أنك....... حقير فعلا!".
" بل أنا رجل عملي ( وأضاف يسألها ) هل أتفقنا أذن؟".
" حسنا , لن أقول شيئا , لكنني لن أنسى هذا أبدا".
" لن أنساه أنا كذلك".
رد عليها جازما , وخرج يبحث عن أيما".
كانت ساندرا , تلك اللحظة , ترقبها بعينين تتلظيان , ثم بادرتها بالقول:
" أظن أن الذي جرى , جلّه لمصلحتك , أليس كذلك؟".
رفعت جولي عينين متعبتين :
" لماذا؟".
" هذه المسرحية ! هذا الأدعاء بوصوله من الولايات المتحدة , منذ لحظات! أنه ليس مهتما بموقف باميلا من الموضوع أو مكترثا لصداقتي لها!".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 24-06-11, 04:34 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

5- كوة في جدار الزمن



في الأيام القليلة التي تلت , بدأت أيما دروسها مع ساندرا , وكانت هذه أحضرت معها بضعة كتب للتمارين المدرسية وقرطاسية تكفي أيما لمدة أسبوعين تقريبا , وهي كانت أطلعت جولي على عزمها طلب كمية أخرى من لندن , في حال أظهرت أيما تقدما ملموسا.
ألا أن الطفلة بدت متعثرة في دروسها , ولم يكن هذا مستغربا , هذا , ألى أنها تحولت خلال فترة قصيرة من طفلة هادئة , حسنة الطبع الى أخرى عصبية المزاج دائمة البكاء , الى درجة أضطرت جولي معها أحيانا الى توبيخها.
منتديات ليلاس
بعد ظهر ذات يوم , قالت جولي تستطلع رأي السيدة هادسون في سبب تغير طباع أيما:
" لا أستطيع فهم هذا التغير المفاجىء , علما أنها كانت تبدي رغبة أكيدة في الذهاب الى المدرسة ".
" أن تتعلم على يد مربية ليس نفس الشيء كما لو أنها في مدرسة , فهي , هنا , لا أصدقاء لها , كما لم تسنح لها فرصة الأختلاط بأولاد آخرين , وهي بالتالي تشعر بالوحدة , وهي تدرك أنه ما دامت الآنسة لوسن هنا , فهي لا محالة باقية على هذه الحال".
" لكن روبرت يرفض أن يبحث في خيار آخر".
وبدت جولي ساخطة , فهي الآن قلقة على أبنتها فضلا عن همومها الشخصية.
" وما هو رأي السيدة بمبرتون؟".
" أوه , لا يمكن أن توافقني في أمر ما أبدا! الى أن ساندرا صديقة العائلة".
" ماذا ستفعلين أذن , لتدارك الأمر قبل أن يستفحل؟".
" في الحقيقة , لا أدري".
" ماذا عن السيد هيلنغدون ؟ أليس في أمكانه أن يفاتح روبرت في الموضوع , قد يصغي اليه".
أبتسمت جول:
" أشك في أمكان ذلك , كثيرا".
" لست أدري فعلا ما الذي يمكن أن تفعليه حيال هذا الواقع , ألا أن شيئا ما يجب القيام به , فالطفلة في بكاء شبه مستمر".
" أعلم هذا , الذي يزيد من واقع المأساة أن ساندرا لا تكف عن الشكوى من أن أيما تتصرف بقلة تهذيب في أوان الدرس, أنني متأكدة أنها تود لو تصفعها أحيانا لهذا".
علّقت السيدة هادسون بنبرة تنم عن كره حيال ساندرا:
" كما أنني أعتقد أن الشعور متبادل بينهما".
" أنني أكيدة من ذلك ( ردت جولي خصلة من شعرها الى خلف أذنها وأضافت ) حسنا , سأتصل بفرنسيس , لأبحث معه في الموضوع".
أتصلت به هاتفيا في مكتبه , وبدا فرنسيس مغتبطا , على عادته , لسماعها , وبادرها:
" متى أراك ثانية؟".
" في الواقع , أنني في حاجة الى مساعدتك , فرنسيس".
" مساعدتي ؟ في أي موضوع؟".
" أريد منك أن تبحث مع روبرت في مسألة ..... أن تسأله أذا كان ممكنا أن يعيد تقويم قراره في شأن أرسال أيما الى مدرسة , فهي ترغب في الذهاب ال مدرسة البلدة , أنها , ببساطة , لا تريد أن تدرس على يد مدرسة خاصة , علما أن ساندرا تظهر قدرا كبيرا من الصبر والأناة حيالها".
" هذه هي المشكلة , أذن , أتريدينني أن أحضر شخصيا وأبحث مع أيما في المسألة؟".
" لا أعتقد أن هذا سيغير من الواقع في شيء , طبعا , ستسر برؤيتك , لكن , ما أن تتركها وتغادرنا.....".
أجاب فرنسيس ,وقد أدرك عمق المسألة:
" حق ما تقولين , ألا يجدر بي أن ألفتك الى أنني وبروبرت لسنا على أتم وفاق هذه الأيام , لقد ألمح لي ببعض الملاحظات القاسية , لدى زيارته لنا الأحد الماضي".
" عم كانت ملاحظاته؟".
" عنك, طبعا , لقد طلب مني أن أدعك وشأنك.... وأنه لا يجد علاقتي معك مبررة , وأنه لن يقف مكتوفا حيال هذا , ويتركك تهدمين حياتك, ألخ......".
" أوه , أنني آسفة , إن كنت سببا في ما حصل بينك وبينه".
" لا أخفي عليك , أنني كنت ساخطا بادىء الأمر لملاحظاته هذه , ألا أنني أدركت في ما بعد أنه كان يبغي مصلحتك, وبدا لي أنه يحس بمسؤولية كبرى حيالك ملقاة على عاتقه.... أنتما الأثنتين , لا أدري كيف سيصمد زواجه وباميلا بأزاء هذه الحقيقة".
" ماذا تقصد؟".
" الحقيقة , أنني لو لم أكن أعرفه جيدا , لقلت أن ألتزامه حيالك هو إندفاع إلى أبعد من مجرد واجب أخلاقي , لكن هذا من السخافة بمكان , أليس كذلك؟".
" نعم ( ومع هذا وجدت صعوبة في التركيز على الموضوع الذي من أجله أتصلت به ) لكن ...... قل لي , هل ستبحث معه في موضوع أيما؟".
" تردد فرنسيس لحظة قبل أن يجيب :
" أذا كان هذا ما تريدين........".
" بالطبع , هذا ما أريده".
" حسنا , أنه قادم غدا الى الغداء عندما سأحاول أن أكلمه في الموضوع ".
" شكرا لك فرنسيس , شكرا".
" لا تشكريني الآن , فأنا لم أحقق شيئا بعد".
منتديات ليلاس
بدت السيدة هادسون راضية عندما أخبرتها جولي بما دار بينها وبين فرنسيس , وعلّقت قائلة:
" أذا كنت لا تدرين , فأن للسيد هيلينغدون طرقا في الأقناع".
أبتسمت جولي وهي تقول:
" نعم , لكن يبدو أن روبرت أخذ عليه دعوته أياي الى العشاء خارجا في نهاية الأسبوع الفائت , وهما لهذا ليسا على وفاق تام".
رفعت الخادمة حاجبيها:
" أحقا ما تقولين؟ ( ثم أبتسمت وهي تتمتم ) لا بأس , لا بأس".
هزت الخادمة رأسها وهي تزن كمية من الطحين تحضيرا لصنع قالب من الحلوى , وقالت:
" ليس هذا من شأني , سيدة بمبرتون".
" كيف يمكنك أن تقولي هذا , وقد علّقت منذ لحظة على الموضوع؟ ( أعتلت جولي كرسيا , ثم أردفت ) آه , لو يقبل روبرت , فقط , بأن تذهب أيما الى المدرسة , فتكوّن صداقات مع أطفال آخرين.......".
" والمربية التي أستقدمها ستصير خارج المنزل!".
" هذا بديهي , لا أستطيع أن أفهم سلوك أيما هذا , من عادتها أن تكون حسنة الطبع والسلوك".
أفرغت السيدة هادسون الطحين في وعاء صغير , قبل أن تقول :
" أعتقد أن الأهتمام الزائد بها والدلال من قبل جدتها والسيدين روبرت وهيلينغدون جعلاها تركب رأسها , ثم أنها طفلة في الخامسة من عمرها فقط , تصوري المتغيّرات التي كان عليها أن تتكيّف معها خلال هذه الأشهر القليلة الأخيرة!".
" هل تعتقدين , أذن , أنها مدللة كثيرا؟".
" رعاك الله , ليست الحقيقة شيئا من هذا , من حقها أن تكون مدللة إلى حد ما , هذا إذا ما سئلت في الموضوع , , أنها تحاول أن تجد لنفسها موطىء قدم في عالم يكثر فيه الناس حولها ".
" هل تعتقدين أن هذا هو السبب الذي يجعلها فرحة في كل مرة يأتي روبرت إلى هنا ؟".
" لا أعتقد أن هذا هو كل ما في الأمر , أنها طبعا ترى في روبرت الأمان , لكن المسألة أبعد من هذا , على ما أعتقد , أذ أن الطفلة متعلقة به كثيرا , فهي تتحدث عنه في شكل مستمر , كذلك نتحدث عن السيد هيلينغدون , إلا أن السيد روبرت هو الإنسان المصطفى لديها".\وضعت جولي راحتيها على خديها وقد أحست بدمعتين حارقتين في مقلتيها .
أردفت السيدة هادسون قائلة:
" أنه أهل لأن يكون كذلك ".
كان صوتها خافتا إلى درجة لم تسمعه جولي بوضوح :
" وسألتها:
" ماذا قلت؟".
تخصّب وجه السيدة هادسون :
" قلت.. أنه المفضل لديها , ألا تعتقدين ذلك؟".
" لماذا؟".
" حسنا , كونه أخ السيد مايكل , ويشبهه كثيرا".
" آه , فهمت ما ترمين إليه".
" ماذا ظننت أنني قصدت بقولي غير هذا؟".
رفعت جولي كتفيها تفتش عن جواب :
" لماذا؟ ........ لا شيء".
مسحت السيدة هادسون الطحين عن يديها بطرف مرولتها , وقالت:
" لو أنك كنت تزوجت السيد روبرت , سيدتي , لكان هو والد أيما ".
حدّقت فيها جولي وأجابتها في إقتضاب:
" لم يكن هذا ممكنا".
" صحيح , لأنك رفضت الزواج به قبل سفره إلى فنزويلا , أليس كذلك؟".
" وكيف عرفت هذا؟".
" السيد روبرت نفسه أخبرني , كنت نتحدث , تلك الليلة التي بات فيها هنا , عن تلك الأيام التي كان يكثر فيها من أسفاره".
" وماذا أخبرك أيضا غير ذلك؟".
" لا شيء يذكر , سوى أنك كنت ثائرة يومها على قراره في السفر ".
" كان ذلك أمرا بديهيا ".
" كان في إمكانك أن تسافري معه , بعد زواجكما".
أحست جولي بالصقيع يغلّف قلبها :
" أعرف ذلك , إلا أننا تجادلنا تلك الليلة......".
" والسبب إضطراره إلى السفر قبل أسبوع من موعد زفافكما؟".
" نعم , أوه , أنني أدرك أن الأمر يبدو الآن سخيفا , غير أنه في ذلك الوقت كانت مسألة مبدأ كنت في التاسعة عشرة من عمري".
أضاف السيدة هادسون كمية من السكر غلى الطحين في الوعاء , وسألتها تستزيد:
" وماذا حدث بعد ذلك؟".
" ما نفع أستذكار هذا كله الآن ؟ فليس في الإمكان تبديل ما كان ".
" أخبريني كيف تعرفت إليه؟".
" كنت أعمل في الشركة خاصتهم .... في الواقع , مديري هو الذي عرّفني إليه , كنت قد سمعت عنه قبل ذلك , ذلك أن شهرته كانت في كل مكتب من الشركة".
" أكملي".
" أوه , كان روبرت شخصا ينال أي شيء يسعى وراءه , وبالتالي أخذ يوجه الأعذار ليأتي إلى مكتب السيد هارفي حيث كان عملي , كان يعرض عليّ أن يوصلني بسيارته , أو أن يدعوني إلى غداء , وكانت الفتيات الأخريات يحذرنني منه , غير أن ذلك لم يكن ضروريا بالنسبة لي , أذ كنت أدرك تماما أي نوع من الشباب هو , كان معتادا على أن يصل إلى مبتغاه إل أنه لم يحاول شيئا من هذا معي بعد خروجنا معا للمرة الأولى , ظننت أن علاقتنا لن تتعدى هذا الحد , غير أنني كنت مخطئة , أذ هو سألني ذات يوم إن كنت أقبل الزواج به! ( هزّت رأسها في أسى ) لم أصدق آنئذ عرضه , ظننت أن الأمر لا يعدو كونه مناورة كي يستطيع أن يحصل مني على ما يريد , إلا أن الحقيقة كانت غير ذلك , لقد كان يحبني فعلا".


" وماذا حدث بعد ذلك؟".
" ما يحصل عادة في مسائل كهذه أصطحبني ليقدمني إلى والدته , وكانت هذه آنذاك تملك منزلا في منطقة ريتشموند ... أوه , طبعا , أنت تعرفين هذا , حسنا , في أي حال , لم تشغف والدته بي , لكنها أدركت يومئذ كم كان روبرت جادا , وكان عليها بالتالي أن تسلم بالأمر بطريقة تحفظ ماء الوجه , ثم وضعت كل الترتيبات تحضيرا لحفلة الزواج , ولم يكن هناك من يساعدني على تحضير نفسي , ذلك أنني , بعد مقتل والدي في حادث سيارة , أرسلت إلى ميتم حيث ترعرعت , فأخذت السيدة بمبرتون على عاتقها أمر مساعدتي في التحضير لحفلة الزواج , ثم طرأت فجأة حادثة فنزويلا التي فجّرت المسألة برمتها".
" وألغيت حفلة الزواج؟".
" نعم".
منتديات ليلاس
أستدارت جولي مبتعدة , لم يعد في إستطاعتها أن تسترسل أكثر في الحديث , وأدركت السيدة هادسون معاناة جولي فغيّرت موضوع الحديث , وبدت جولي مقدّرة لها ما فعلت.
عاودتها ذكرى تلك الليلة التي كان على روبرت أن يخبرها أنه مضطر إلى السفر إلى فنزويلا .
في بدء سهرتهما , لم يخبرها شيئا , وكانا ألتقيا , عل عادتهما , في وسط المدينة , ثم تناولا طعام العشاء في أحد المطاعم كانا يكثران من أرتياده , تلك الأمسية , بدا روبرت قليل الكلام مكتئبا قليلا , إلا أن جولي لم تلاحظ ذلك , كونها كانت تحس بسعادة عارمة لعلمها أن أسبوعا واحدا يفصلها عن زواجهما , تصير بعده السيدة روبرت بمبرتون.
لكنها أضطرت إلى أن تعترف لنفسها , وقد فرغا من عشائهما, أن شيئا ما ليس على أحسن حال , وملكت قلبها رعشة من الخوف , وعندما أقترح روبرت أن يعرجا على منزل والدته في ؤيشتموند , لم تمانع , غير أنها تساءلت , على رغم أن كل شيء أصبح جاهزا في شأن حفلة الزواج , عما أذا كانت هذه هي اللحظة التي سينهار فيها كل شيء بينهما.
عندما توقفت السيارة في الباحة , لاحظت جولي أن المنزل غارق في ظلام دامس , وتطلعت نحو روبرت مستفسرة .بادر هو يوضح لها:
" والدتي تقضي نهاية الأسبوع هذه خارج المنزل".
وخرج من السيارة ليأتي ناحيتها ويفتح لها الباب .
خرجت من السيارة مترددة :
" لماذا أتيت بي إلى هنا , روبرت؟".
أغلق الباب , قبل أن يجيب :
" تعالي إلى الداخل , أنا في حاجة إلى فنجان قهوة".
في الرواق المترف الأثاث , أغلق الباب خلفه , وقادها إلى الصالون , وفيما هما في طريقهما إذا بالسيدة هيوز , خادمة السيدة بمبرتون , تطل من باب المطبخ وفي عينيها إستغراب.
بادرت تسأله :
" ظننتك , سيدي , ستمضي سهرتك في المدينة؟".
أجابها بنبرة لا تخلو من حدة:
" كنت أعتزم هذا , لا تزعجي نفسك , سيدة هيوز , لن نكون في حاجة إلى شيء , يمكنك الذهاب".
" كما يشاء سيدي".
وقفت جولي خلف الكنبة , تراقب روبرت يسكب لنفسه فنجان شاي مثلج , فجأة , إستدار في حركة عصبية , وقال لها:
" إنزعي عنك معطفك وإجلسي , لن أضايقك في شيء فلا تجزعي".
إلا أنها لم تستطع أخفاء قلقها , فسألته:
" لماذا أتيت بي إلى هنا؟".
" لا سبب لقلقك هذا , جولي , أردت أن أحدثك عن أمر في مكان حيث نستطيع ذلك في هدوء , هذا كل ما في الأمر , إجلسي , أرجوك ".
فكّت جولي أزرار معطفها , نزعته ثم ألقته على مقعد قريب منها , أقتربت لتأخذ لنفسها مكانا على كنبة وثيرة .
" ألا ترغبين في فنجان شاي؟".
" كلا , شكرا".
" لدي نبأ غير سار , جولي".
أحست كأن يدا باردة أخذت تعصر قلبها :
" نبأ غير سار ! أي نبأ هذا؟ ليس.... في شأن مايكل؟".
كان مايكل في ذلك الوقت في رحلة على متن سفينته , وظنت أنه قد يكون وقع له حادث.
هز روبرت رأسه نفيا , يحررها من قلق ليأسرها من جديد:
" كلا , ليس مايكل , بل موران الذي قتل في فنزويلا , البارحة ".
وضعت يدا على عنقها , وفي عينيها حيرة وتساؤل , ورددت :
" موران ؟ تقصد دنيس موران؟".
كان دنيس موران مهندسا أستشاريا يعمل لشركة بمبرتون.
" نعم , هو بالذات , كان يعمل في مشروع وادي نهر غوابا ( صمت لحظة , ثم سألها ) هل سمعت بهذا المشروع؟".
" بالكاد ( حاولت جولي أن تتذكر ) أليس هو المشروع الذي بدأته أنت شخصيا؟".
" نعم ".
أجاب روبرت يومىء برأسه .
وأردفت قائلة:
" طبيعي أن أشعر بأسى لفقدان أي إنسان , إلا أنني لا أرى , عدا هذا , ما الذي........".
" لست ترين أي علاقة بين مقتله وبيننا نتيجة هذه الحادثة , أهذا ما أردت قوله؟".
" نعم , أهذا كل ما في الأمر؟".

" أخشى أن يكون غير هذا , كان مفترضا أن نكمل هذا المشروع منذ وقت طويل , لكن حدث تأخر في التنفيذ , وعلينا أن ننتهي من بناء السد قبل موسم الشتاء الذي أخذ يقترب".
حبست جولي أنفاسها:
" وماذا يعني هذا؟".
صرخ فيها روبرت وقد عيل بصره .
" أنت لا تسهلين الأمر علي لأشرح لك الموضوع".
قالت وهي تحدّق فيه:
" ماذا تريدني أن أقول؟ لست أرى كيف أن مقتل هذا الرجل يمكن أن ينعكس علينا".
" ألا ترين العلاقة ؟ أم أنك لا تريدين ذلك؟".
أراح يده على الجدار وأحنى رأسه يسنده إل ذراعه , وأضاف:
" أن الأمر واضح ( صمت قليلا ثم أكمل بصوت ضعيف) علي أن أسافر إلى هناك لأحل محل موران في الإشراف على تنفيذ المشروع".
أنتصبت جولي كمن لدغ , وهتفت بصوت عال وبغضب:
" عليك أن تسافر إلى فنزويلا؟".
" نعم ".
" لماذا أنت؟".
في هذه اللحظة نسيت جولي كل ما يتعلق بحفلة الزفاف التي لا يفصلهما عنها سوى أيام معدودة.
" لأنه..... وكما ذكرت أنت بنفسك للحظات , أنا الذي بدأ هذا المشروع , وقد تسلّم موران إدارته مني".
هزت رأسها بعنف غير مقتنعة:
" وإن يكن هذا , فهناك مهندسون آخرون في الشركة ....... ( وإنهارت فجأة ) ماذا يعني كل هذا؟ ماذا تحاول أن تخبرني ؟ متى ستسافر؟".
إستدار نحوها وبدا وجهه مكفهرا:
" علي أن أغادر في مهلة .... يومين أو ثلاثة".
تملّكها الخوف , وهتفت:
" لكنك لا تستطيع أن تفعل هذا ! هل نسيت , روبرت؟".
غمغم بصوت حمّله كل ما في داخله من مرارة:
" بحق السماء , كيف أستطيع أن أنسى ؟ ولهذا جئت بك إلى هنا لأخبرك الحقيقة من دون مواربة , كل ما أطلبه منك أن تحاولي تفهّم وضعي......".
صرخت به قائلة:
" وضعك أنت! وماذا عني؟ لا يمكنك أن تقدم على عمل كهذا ؟ لم لا يذهب أحد غيرك ؟ لماذا يجب أن تكون أنت بالضرورة البديل؟".
أشار إليها بيده أن تهدىء من ثورتها وإنفعالها , وقال بصوت أجش :
" حاولي أن تنظري إلى المسألة بعين المنطق , هل تظنين أنني راغب في السفر إلى فنزويلا؟".
" لست متأكدة , حقيقة , ما الذي ترغب فيه".
تنهد روبرت , وقال بصوت متهدج:
" بالطبع تعرفين ماذا أريد , أريد أن أبقى هنا , معك , أريد أن أتزوجك! أردت هذا وأنتظرته لفترة طويلة , كيف تتصورين أحساسي , والحال هذه؟".
أجابته , وهي تكاد لا تصدق ما يقوله:
" لست أدري شيئا , لم تعطني بعد عذرا مقبولا يوجب ذهابك".
قاطعها بأنفعال , قائلا:
" أنني لا أقدم أعذارا , إسمعي , سأحاول أن أوضح لك المسألة بالتفصيل , المشروع هذا من تصميمي , أنا الذي رعاه وأشرف عليه في بداياته , وعندما بدا أن كل شيء يسير بحسب ما هو مرسوم , وقع أنفجار في السد , قتل بنتيجته موران , فكيف , بالله , أستطيع أن أرسل شخصا آخر لينجز ما بدأته أنا؟".
كانت جولي في حال عصبية ظاهرة , تشبك أصابعها وتباعدها في حركة مستمرة , وعلّقت قائلة:
" لكن الوقت ليس عاديا , روبرت , أذ أن كل الترتيبات وضعت تحضيرا لزواجنا الأسبوع المقبل , ولا يمكننا أن نلغي كل شيء".
أجابها روبرت غاضبا:
" أنني لا أقترح ألغاء كل شيء , كل ما أطلبه منك أن توافقي على تأجيل الموعد المقرر".
" أن نؤجله ! ترى , في رأيك , كيف سيقبل الناس هذا الأمر؟".
" ماذا تقصدين ؟".
" تماما ما أقوله ( كانت حركات رأسها تواكب حدة كلماتها ) ألا ترى كيف سيفسرون هذه الخطوة ؟ هل فقدت بصيرتك أيضا؟ مجرد ذهابك في هذه المهمة دلالة على أن العلاقة بيننا قد قطعت ..... أنتهت! وأن تأجيل موعد الزواج ما هو إلا إلغاء تدريجي لعلاقتنا برمتها".
" ما تقولين هراء بهراء , ( بدأ صبر روبرت ينفد , وأعصابه تزداد توترا إذ فاجأته كل هذه العقبات غير المنتظرة لخططه ) لن نؤجل موعد زواجنا فترة طويلة.... شهر أو شهران على الأكثر".
" شهران ! ( أشاحت بنظرها بعيدا عنه ) دع شخصا آخر يسافر بدلا منك".
أجابها معاندا وقد عقد الرأي على المضي في ما رآه .
" لا أستطيع ذلك , إسمعي , جولي , لقد حاولت أن أشرح لك المشكلة , وأذا كنت لا تصدقينني , فلست أدري سبيلا آخر لأقناعك ".
أحنت جولي رأسها في إنكسار:
" كيف لي أن أصدقك ؟ هل والدتك على دراية بالأمر؟".
" نعم , أنها تعرف".

" غالب الظن أنها هللت للحدث ( قالت بصوت ضعيف , ثم أضافت وفي نبرتها مرارة اليأس ) على كل , أنها فرصة توفر لها أسبوعا أو أسبوعين تستطيع خلالها أن تقنعك بأنك تقترف بزواجك أعظم خطأ في حياتك , أليس كذلك؟".
بدا روبرت في حال من المعاناة الشديدة , فصرخ فيها :
" جولي! ".
وأقترب منها يضع يديه على كتفيها محاولا أن يجعلها تلتفت إليه ثانية , إلا أنها تخلصت منه وإبتعدت.
وهتفت بصوت عال :
" لا تلمسني ".
تمالك روبرت غضبه .
" أنك سخيفة , تتصرفين كما لو أنني أحاول أن أنكث بعهدي لك ".
" أوليس هذا ما تفعله ؟".
" كلا!".
أبى أن يعترف بكل ما أوتي من قوته , كذلك , فإن جولي بدت في حال يرثى لها , لا تستطيع أن تتبصر بفكر سليم.
قالت بصوت لا حياة فيه:
" أريد أن أعود إلى منزلي".
" جولي! ( هتف فيها والغضب يتملكه ) لا يمكنك أن تذهبي هكذا ببساطة , نحن لم ننه حديثنا بعد , هناك ترتيبات علينا القيام بها في شأن إرسال إشعار بتأجيل موعد الزواج....".
قالت تكرر طلبها:
" أريد أن أعود إلى منزلي ! ( ثم إستدارت نحوه ) قم بالترتيبات التي تراها ملائمة فهذا شأنك , خصوصا أن والدتك هي التي خطّطت لكل هذا ".
" لن أدعك تذهبين وأنت في هذه الحال....... كوني عاقلة , جولي! أنني أحبك , ألا يعني لك هذا شيئا؟".
" لو كنت تحبني , لما سمحت لنفسك أن تفعل بي هذا . بل بنا نحن الأثنين ( حدقت فيه , ونداء رجاء أخير في عينيها ) أرجوك روبرت , دع أحدا آخر يذهب , بيتر مثلا أو ليونل غرانت".
" كلا ( قالها بحزم ) علي أن أذهب بنفسي , أرجوك أن تتقبلي الأمر ".
تلفت روبرت حوله بحركات يائسة , كما لو كان يفتش عن كلمات يثبت بها صدقه في ما قاله :
" جولي , لا يمكنك أن تفعلي بي هذا..... ...أنا في حاجة إليك !".
" أريد العودة إلى بيتي , هلا أوصلتني ؟ أم أن عليّ أن أسير إلى المحطة لأستقل قطارا؟".
نهض روبرت من مقعده وهو يحدّق فيها بكآبة يخالطها الحقد , وقال غاضبا:
" لن تذهبي الآن , وكما قلت لك قبل قليل , هناك ترتيبات علينا أن نقوم بها".
أجابته جولي بحدة , أذ لم تعد تحتمل المكوث:
" ليس في ما يخصني شخصيا".
وتناولت معطفها تبغي الخروج.
عندئذ , تحرك روبرت نحوها بغضب عارم , وقبض على ذراعيها , وأنفاسه تحرق بشرتها الرقيقة , وصرخ بها:
" أحبك ! أريد أن أتزوجك !".
حدقت فيه جولي , والألم يعتصرها , الحقيقة أنها كانت مستعدة أن تنتظره مهما طال غيابه , إلا أنها أبت تلك اللحظة أن تستسلم للواقع , وأجابته:
" لكنني أكرهك ! ولن يكون هناك زواج !".
إكفهر وجهه , وشدّها إليه يحاول , كمجنون , أن يعانقها , أما هي , ومع علمها أن رد فعله هذا طبيعي , فقد قاومته بشراسة .
إلا أن معركتها معه كانت معركة خاسرة.
كان البرد قارسا في الخارج , على عكس الجو الدافىء الذي لفّها وهي قرب الموقد , وتراءت لها الحياة في غياب ساندرا راحة مطلقة , في أي حال , كانت هناك مشاكل أخرى تقلقها بمقدار ما كانت تعذبها , وأحست بحاجة ماسة إلى رفقة أيما فقصدت غرفتها تتفقدها , إلا أنها , ما أن وصلت إلى باب الغرفة , حتى وجدتها خالية , دخلت إلى الحمام , عاقدة الجبين , فلم تجد لها أثرا , وخالجها إحساس رهيب بأن أيما ربما ذهبت إلى غرفة ساندرا بغية تحطيم بعض أغراضها إنتقاما لما فعلته بها وبإرجوحتها , فأسرعت جولي في الرواق المؤدي إلى غرفة المربية , لكنها وجدتها خالية , هزّت رأسها مستغربة أختفاء طفلتها , ونزلت ثانية إلى الطبقة الأرضية , وفكرت أن إبنتها لا بد أن تكون مع السيدة هادسون , كانت السيدة هادسون وحيدة في غرفتها , وقالت لجولي أنها لم تشاهد الطفلة , فبدأ القلق يداخلها شيئا فشيئا , ترى أين هي؟
قالت السيدة هادسون:
" ربما خرجت إلى الحديقة".
" آه , طبعا , كيف لم يخطر هذا ببالي , خصوصا أنها لم تصعد إلى غرفتها بعد الغداء".
" سآتي معك".
الطقس الضبابي ألقى ظلالا على الحديقة , وغشاوة رقيقة حجبت رؤوس الأشجار , وبدأ الغسق يهجم , والبرد قارس إلى درجة جعلت جولي تحبس أنفاسها , وسرت قشعريرة في جسمها , كان السكون يخيّم على المكان , وبدا لهما أنه من غير الممكن أن تكون أيما خرجت إل الحديقة , هذا , إلى أنهما لم تسمعا لها صوتا ولا لاحظتا لها أثرا , نادت جولي بصوت عالي:
" أيما ! أين أنت يا حبيبتي؟".
لم يلق نداؤها جوابا , وإلتفتت الى السيدة هادسون التي لحقت بها , بدت هذه قلقة وهزت رأسها في حيرة:
" أليست في الحديقة؟".
" كلا , هل..... يا ربي , هل هذه أيما هناك؟
".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 24-06-11, 04:36 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

ولم تنتظر جولي جوابا , بل إطلقت تركض هلعة إلى حيث لمحت جسما يتحرك ببطء بين حطام الأرجوحة , هناك على الأرض , تحت الخيوط المنسلة من حبل الأرجوحة كان جسم الطفلة الصغير مطروحا بلا حراك تقريبا , والدماء تسيل غزيرة من جرح في رأسها.
صرخت جولي وهي تنشج :
" يا إلهي ! أيما ! أيما!".
وجثت على ركبتيها تلقي برأسها على جبين الطفلة , ثم مرّرت يدها على صدر الطفلة تتحسس النبض الخفيض الصادر من قلبها الصغير .
بالكاد أحست بوجود السيدة هادسون إلى جانبها , فرفعت إليها عينين معذبتين وتمتمت:
" هل هي...... هل هي ميتة؟".
هزت السيدة هادسون رأسها نفيا , غير أنها , مثل جولي , بدت ممتقعة , وقالت بعد جهد , بصوت مشدود:
" كلا يا عزيزتي , لم تمت , لكن يبدو أنها نزفت كثيرا , خصوصا بعد مضي وقت عليها هنا في هذه الحال وفي هذه الحال وفي هذا الجو الشديد البرودة , هيا , أسرعي إلى المنزل وأطلبي سيارة إسعاف!".
ترددت جولي أولا , وقد أبت أن تترك أبنتها , إلا أنها أدركت أن بقاءها إلى جانبها لن يفيد الطفلة في شيء , فإنتصبت وخفت برشاقة ألى المنزل , فعبرت الرواق , لتطلب سيارة أسعاف , أخطأت في طلب رقم قسم الطوارىء مرتين , قبل أن تسمع صوت محرك سيارة في باحة المنزل , فأندفعت تهرول إلى النافذة تستطلع الأمر , رأت روبرت يترجل من سيارته وهرولت ثانية عبر الرواق ودفعت الباب قبيل أن يهم بالدخول , نظرة واحدة إلى وجهها كانت كافية ليستنتج أن أمرا رهيبا قد حدث وبكلمات متقطّعة , أستطاعت جولي أن تخبره بما حدث , أبعدها من طريقه وراح يعدو عبر المنزل في أتجاه الحديقة إلى حيث الطفلة ممدّدة , نظر بعبوس إلى الأرجوحة المحطمة , وخيّل إلى جولي أنه سيسألها عنها , لكنه أنحنى يجلس القرفصاء إلى جانب الطفلة المغمى عليها ثم أخذ يتفحص الجرح في رأسها , وسأل بصوت متهدج تخنقه العاطفة:
" بالله , كيف حدث لها هذا؟".
أجابت السيدة هادسون:
" يبدو , سيدي , من ثيابها الممزقة , أنها تسلّقت الشجرة وسقطت ...... ويبدو أن رأسها أصطدم بحافة الممر لدى سقوطها .... أنظر".
أومأ روبرت وهو ينتصب ثانية:
أسرعي إلى المنزل وأحضري بطانية لألفها بها , سأنقلها بنفسي ألى المستشفى ".
نظرت السيدة هادسون إلى جولي بتساؤل , فأومأت لها هذه أن تفعل ما طلبه منها روبرت , وأسرعت الخادمة نحو المنزل , بينما جثت جولي ثانية على ركبتيها إلى جانب أيما وأخذت يد الطفلة بين راحتيها , كانت الصدمة قوية , غير أن دموعها لم تعرف إلى مقلتيها سبيلا , وأحست بجفاف في حلقها , وشعور رهيب بالخوف.
وضع روبرت يده بثبات على كتفيها وشدّها إليه , وقال:
" لا تخافي , ليس هناك شيء نستطيعه حيالها , كل ما تفعلينه بتصرفك هذا أنك تزيدين الأمور تعقيدا , هل تريدين الذهاب معي إلى المستشفى؟".
" طبعا".
خرجت الكلمة من فمها بصعوبة بالغة , أرتعشت , فخلع معطفه وألقاه على كتفيها , وهو يتفقد المكان حوله بقلق , ينتظر عودة السيدة هادسون , حاولت جولي أن تجد وسيلة لمساعدة أيما , فسألت بصوت تفاوتت قوة نبرته:
" أليس من الخطر أن نحركها من مكانها؟".
ألقى روبرت نظرة على الجسم الصغير الجامد , وقال:
" لا أعتقد أن هناك كسورا في جسدها , ويجب أن تنقل من هنا بسرعة فالضباب والرطوبة يؤذيانها ".
" هل تعتقد.......هل تعتقد أنها ستكون بخير؟".
" طبعا , طبعا ستكون بألف خير".
عادت السيدة هادسون ببطانية , تناولها روبرت ولف بها الطفلة بعناية , وحاول ما أستطاع أن يرفع رأسها بكلأ أناة , لحظة بان مصدر النزيف , أشاحت جولي نظرها , وطغى عليها هاجس رهيب أن الطفلة ستموت لا محالة , من دون أن يدري روبرت أنها........ إبنته.
في الطريق ألى المستشفى , كانت جولي , بين الفينة والأخرى , ترفع ضمادة من القطن عن الجرح النازف وتبدلها بأخرى , والأفكار تتقاذف ذهنها وعقد الذنب تكبلها , ولاحظت في الوقت نفسه أن روبرت كان يعاني الأمرين هو الآخر , العاملون في قسم الطوارىء كانوا في إنتظارهم , ذلك أن السيدة هادسون أتصلت بالمستشفى سلفا , وفور وصولهم نقلت أيما على حمالة نقالة على جناح السرعة , كان الطبيب لطيفا جدا , قاد جولي وروبرت إلى غرفة الأنتظار وطلب إليهما البقاء حتى يفحص أيما ويأخذ صورة أشعة لرأسها.
مرّت بضع دقائق , خالتها جولي دهرا , وأذا بممرضة تدخل الغرفة , ونظرت نحو جولي والأضطراب باد على محياها , نهضت هذه من مكانها وكادت أن تخونها قواها , أشارت أليها الممرضة .
" سيدة بمبرتون , هلا تفضّلت بالمجيء معي؟".
منتديات ليلاس
ألتفتت جولي نحو روبرت فأومأ لها بإشارة يشد من عزيمتها , خرجت الممرضة وسارتا في الرواق المؤدي إلى غرفة صغيرة مخصصة بالفحوصات الأولية حيث كانت أيما لا تزال ممدّدة على السرير بلا حراك.
أقترب منها الطبيب لحظة دخولها , وقال:
" هناك شيء عليّ أن أصارحك به , سيدة بمبرتون ".
" ما الأمر؟".
" هدّئي من روعك , سيدة بمبرتون , فليس هناك ما يخص وضع أيما لا نستطيع التغلب عليه , ستكون أنشالله على ما يرام , لكنها تحتاج إلى كمية من الدم أثر النزيف الذي أفقدها الكثير منه , والواقع أن فئة دم أيما , لسوء الحظ , نادرة , أنها الفئة أ-ب سلبي , وهي ليست متوافرة حاليا في المستشفى".
هتفت جولي تلقائيا , تقاطعه :
" دم روبرت من الفئة ذاتها!".
" روبرت ؟ ومن يكون؟".
شدّت بقبضتها على حقيبة يدها , لكثرة أرتباكها , وقالت :
" نعم ...... أنه السيد روبرت بمبرتون ..... صهري".
" أتعتقدين أنه مستعد للتبرع؟".
" أوه , لست أدري ..... أنه .... ربما".
كانت كلماتها الأخيرة تعكس ترددها , أذ هي ندمت على أطلاعهم على هذا الأمر , لكنها أدركت في ما بعد أنها فعلت هذا لأنقاذ أيما , فحياة الطفلة عندها كانت أهم من أي شيء آخر , أومأ الطبيب إلى الممرض التي أحضرت جولي قبلا , وقال لها:
" أذهبي وأسألي السيد روبرت أن يأتي ألى هنا".
أما جولي فدنت من سرير أيما تنظر بحنان ألى وجهها المبيض والدم المتخثر بقعا على جبهتها , مسكينة هذه الصغيرة , كل ما حدث لها سببه تلك الأرجوحة.
دخل روبرت الغرفة , تتقدمه الممرضة , نظر ألى أيما أولا ثم ألى جولي , وتقدم منه الطبيب وهو يراجع بعضا من الملاحظات كان قد دوّنها على ورقة صغيرة , رفع نظره نحو روبرت وبادره بالقول:
" آه , سيد بمبرتون , كنت أخبر جولي أن أيما في حاجة إلى كمية كبيرة من الدم , ولسوء الحظ الفئة التي تحتاج أليها ليست متوافرة عندنا في الوق الحاضر , وعلينا أن نطلبها من مستشفى آخر".
" وهل أرسلتم في طلبها؟".
" كنت على وشك أن أفعل , لحظة أنبأتنا السيدة بمبرتون بأن فئة دمك هي ذاتها التي نحتاج أليها".
بدا روبرت كمن أخذ على حين غرّة , وحدّج جولي بنظرة خاطفة ثم ألتفت ألى الطفلة , تعابيره الحائرة تكشف عما كان يدور في ذهنه , محاولا أستيعاب ما قاله له الطبيب.
" أتعني أنني أستطيع أعطاء ما تحتاج أليه الطفلة من دم؟".
" نعم , سيد بمبرتون , أذا كنت موافقا؟".
" بالطبع أنا موافق".
بدا نافذ الصبر وهو يفك أزرار معطفه ويرخي كم قميصه , ثم أردف قائلا :
" أرني فقط ما الذي يجب فعله".
أحست جولي , تلك اللحظة , أنه يكاد يغمى عليها , أذ لم تعد تستطيع أن تتحمل المزيد , ترنحت قليلا , وحاولت الأمساك بذراع كرسي قربها كي تتفادى السقوط , ولما لاحظ الطبيب حال المرأة أوعز ألى الممرضة أن تخرج السيدة بمبرتون من الغرفة حيث تستطيع أن تستريح لبضع دقائق , تستعيد خلالها أنفاسها.
" لكنني أريد البقاء هنا".
" ليس ما تستطيعين عمله , تعالي معي , لا أظنك تريدين أن تكوني غائبة عن الوعي عندما تفيق أيما من غيبوبتها".
عادت جولي ألى غرفة الأنتظار تجلس وحيدة , وخيل أليها أن ساعات عدة مرت وهي تنتظر , لكن لا يعقل أن يكون مضى عليها وقت طويل وهي في هذه الحال من الترقب , وما أن عادت ألى وعيها كاملا حتى نهضت تذرع الغرفة جيئة وذهابا بخطى لا أتزان فيها , تتوق ألى معرفة ما حدث أثناء غيابها , وتتساءل أذا كان روبرت أنتهى من التبرع بكمية الدم المطلوبة , لا بد أنه فعل ذلك منذ بعض الوق , لكن أين هو ؟ وهل تمت عملية نقل الدم؟
منتديات ليلاس
فتحت الباب وألقت نظرة متفقدة على الرواق , فلم تجد أحدا يمكن أن يطالعها بخبر , عدا بعض الخدم والممرضات الذين كان كل واحد منهم منكبا على عمله , أخيرا , جاءتها الممرض بالخبر اليقين:
" تفضلي معي , سيدة بمبرتون فإبنتك صحت من غيبوبتها , هل ترغبين في رؤيتها؟
خانت الكلمات جولي , فأومأت برأسها إيجابا , وتبعت الممرضة عبر الرواق , كانت الطفلة في غرفة جانبية وقد بدلت ملابسها وغسل رأسها ثم قمط بضمادة بيضاء زادت من أبيضاض بشرتها , لكنها , على رغم كل هذا , بدت أفضل حالا , جثت جولي إلى جانب سريرها , وأخذت يد الطفلة تضغط بها على خدها ثم قرّبته ألى فمها ولثمتها , هتفت , لحظة فتحت الطفلة عينيها الرماديتين وأرتسمت على ثغرها إبتسامة تعبة :
" أوه , أيمل!".
غمغمت الطفلة بصوت ضعيف:
" مرحبا يا أمي.... رأسي يؤلمني".
" نعم يا حبيبتي , لقد سقطت سقطة قوية , لكنك ستتعافين قريبا بأذن الله , أنت الآن في المستشفى , والجميع هنا رهن أشارتك".

أغمضت الطفلة عينيها ثم فتحتهما ثانية:
" أعرف ما حصل لي , عمي روبرت أخبرني كل شيء".
نظرت جولي حولها , كانت مستغرقة في أقناع نفسها أن أيما ستتعافى , فلم تنتبه ألى الآخرين معها في الغرفة , وقع نظرها على الطبيب يراجع ملاحظاته , واقفا عند مقدم السرير , وألى جانبه وقفت الأخت المسؤولة عن القسم , لكنها لم تر أثرا لروبرت.
بادرتالأخت تقول أذ لاحظت تساؤل جولي:
" الممرضة تحضر فنجان شاي للسيد روبرت , لقد خرج ليتسنى لك الأختلاء بأيما على حد قوله".
" حسنا ( وعادت تسأل إبنتها ) في ما خلا جرح في رأسك , كيف تشعرين يا حبيبتي؟".
" أنني بخير , سوى أن ذراعي تؤلمني , فضلا عن جرح في ساقي".
قالت الأخت معقبة وهي تقترب منهما :
" أنها رضوض سطحية , ليس هناك من أصابات بالغة , وأذا ما تم الأعتناء بجرح رأسها كما يجب فأنني لا أرى سببا لبقائها هنا أكثر من أيام قليلة".
هتفت أيما:
" أيام معدودة! كنني لا أريد البقاء وحدي هنا؟".
تدخلت جولي تطمئنها :
" لن تكوني وحدك يا حبيبتي ( ورفعت نظرها نحو الأخت تسألها ) هل يمكني البقاء معها؟".
ترددت الأخت قليلا , وبلهجة مسؤولة قالت :
" ربما لهذه الليلة , نعم , يمكننا أن نتدبر هذه المسألة , هل ترغبين , أيما , في أن تبقى والدتك , الليلة , معك؟".
" أوه , نعم".
" حسنا , سأذهب لأرتب مسألة بقائك".
وأبتعدت الأخت فيما أقترب الطبيب من السرير .
وبادر بالقول موجها كلامه ألى أيما:
" حسنا يا سيدتي الصغيرة , آمل أن يلقنك هذا الحادث درسا بعدم تسلق الأشجار ثانية ".
خرجت جولي ثانية تبحث ن روبرت.
" أين ذهب السيد روبرت؟".
أجابها الطبيب:
" أظن أنه عاد ثانية إلى غرفة الأنتظار".
أسرعت في أتجاه غرفة الأنتظار , دفعت الباب ودخلت , كان روبرت جالسا في أحد المقاعد , وذراعاه تستريحان على ركبتيه , بطالع مجلة وجدها على طاولة قريبة منه , رفع نظره مستطلعا , لحظة دخول جولي , أغلقت الباب وراءها وأسندت ظهرها إليه , وقالت:
" لقد أعطوها منوما , وستنام بعد قليل".
أعاد روبرت المجلة إلى مكانها ونهض من مقعده , وعلّق قائلا:
" حسنا".
ولاحظت جولي أن سلوكه لم يكن مشجعا , فترددت قليلا , ثم خاطبته قائلة :
" يرى الطبيب أن لا مانع في بقائي هنا الليلة , وقد وافقت على ذلك , هل في أمكانك أن تعود إلى الكنزل وترسل ألينا بعض الملابس؟ السيد هادسون ستوضبها لك".
" حسنا".
" أمها أفضل الآن , أليس كذلك؟ ".
" أنها أفضل بكثير".
" والفضل في هذا .......يعود أليك , فبوجودك أستطاعت أن تحصل على ما أحتاجته من دم , أنني .... شاكرة لك صنيعك".
" لا شكر على واجب , ألا أن هناك ما أود معرفته , كيف عرفت أن فئة دمي هي من فئة دم أيما؟".
" مايكل أخبرني".
" بحق السماء يا جولي , كيف صادف أن فئة دم أيما هي ذاتها فئة دمي وليست من فئة دم مايكل ؟ واحد منا فقط دمه من هذه الفئة النادرة ".
" وكيف لي أن أعرف ؟ هذه الأمور تحدث....".
أمسكها من كتفها وأدارها في مواجهته مرغما أياها على النظر إليه:
" جولي , أريد معرفة الحقيقة , هل أيما أبنتي؟".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 25-06-11, 09:08 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

6- حاولي أن تفهميني





حدّقت فيه جولي طويلا قبل أن تجيبه , كانت تتوقع هذه اللحظة منذ أن أطلعت الطبيب , عن غير قصد , على نوع فئة دم روبرت , ومع هذا لم تكن مستعدة لمواجهته , أخيرا , قالت له:
" لا يحق لك أبدا أن تطرح علي سؤالا كهذا".
" ليس لي حق السؤال ؟ ( بدا ثائرا يتآمله الغيظ ) بالطبع لي الحق , أذا كانت أيما أبنتي , فمن حقي أن أعرف".
" كيف تسمح بأن تدّعي هذا , وأنت الذي غادر إلى فنزويلا من دون أن تلتفت أليّ ؟".
" هذا ليس صحيحا ! ( وأشدت أصابعه على كتفها ) أفكاري وأحاسيس كانت لها معك! لكنك , في المقابل تزوجت مايكل ! لم تنتظري عودتي , بل أرغمتني على أن أحتقرك! وعندما عدت من فنزويلا وأدركت ما فعلته , تمنيت لك الموت , صدقيني!".
أرتعشت جولي لوقع كلماته , ألا أنها حاولت أن تظل هادئة , لكن الأمر لم يكن سهلا عليها وقبضته تبعث الأضطراب والأثارة في أعماق أحساسها وعواطفها , وقالت ترد عنها التهمة:
" لقد بعثت إليك برسالة , سألتك فيها أن تعود , قلت لك أنني أرغب في الأجتماع بك......".
سارع يقاطعها بصوت يكتم فيه غيظه:
" من دون أن تفصحي عن أي سبب , قصاصة ورق صغيرة تطلبين فيها أن أعود ألى أنكلترا , كيف يمكن أن أجيب عن رسالة كهذه ؟ وكيف يكون مطلوبا مني أن أدرك الغاية منها ؟ خصوصا أن موقفك لم يتبدل حيالي , كان علي أن أذهب إلى غوابا , وأن أعرف سبب الأنفجار الذي وقع , فكيق بالله , تريديني أن أترك كل شيء على ما هو وأعود إلى أنكلترا , وأنت في المقابل ترمينني بإتهامات شتى وترسلين أليّ أنذارات قاطعة ؟ ( كان روبرت يتكلم وهو في حال غليان , وجهه كالح وصوته يشوبه التوتر ) , لن تدركي أبدا كيف كان شعوري تلك الليل , يوم تركتني وخرجت من منزل والدتي! ".
لم تستطع جولي , وقد أحست من خلال عينيه المعبرتين بصدق أحساسه , أن تطلق العنان لأحاسيسها , فقالت:
" كان هذا من زمن طويل".
" ليس بالنسبة ألي, أتذكر هذه الأمور وكأنها حدثت البارحة , هل تظنين أنني لم أوجه اللوم إلى نفسي لما أقدمت عليه تلك اليلة؟".
" كيف أستطيع تصديق كلامك؟".
أجابها وصوته أقرب الى الحشرجة :
" يا ألهي.........! أنها الحقيقة يا جولي".
سألته ثاني وصوتها يكاد يختنق:
" كيف لي أن أعرف أن ما تدّعيه ليس سوى وسيلة دهاء لتدفعني ألى الأقرار يحقك في أبوّة أيما , بعدها يمكنك قانونا أن تأخذ إبنتي مني؟".
" جولي! ( أمتدت أصابعه تحكم الطوق حول عنقها ) جولي..... لقد عهد ألي مايكل بمسؤولية رعاي الطفلة وتنشئتها , بهذا وحده أستطيع أن أوجّه حياتها كيفما أشاء , لماذا فعل ذلك , في رأيك؟".
دفعته جولي عنها مشيحة بنظرها , ومن دون أن تلتفت إليه قالت بصوت خافت:
" لست أدري شببا لذلك".
تمتم بكلمات لم تفهمها قبل أن يقول:
" بالطبع تعليمين يا جولي , من تراه أحق مني في رعاية الطفلة ؟ يا ألهي , قوليها أنطقي بالحقيقة !".
أستدارت أليه , وصرخت , والأضطراب يشحن نبرات صوتها:
" حسنا , يا روبرت , أيما هي طفلتك , لكنك لن تستطيع أثبات هذا أبدا!".
تنفس بعمق وقال أذ فوجىء بأعترافها:
" أذن , أنها الحقيقة , يا ألهي لماذا علي أن أثبت حقيقة ساطعة ؟".
رفعت كتفيها أستسلاما وقد أسقط في يدها وقالت:
" لا تحاول أن تجرني الى ألاعيبك , فأنا لست طفلة , وأعرف تماما ما يعنيه الأمر بالنسبة أليك , لقد كرهتني قبلا , ولا يمكن أن يزداد كرهك حيالي أكثر من ذلك , ولا أتصور أنك ترى فيّ الأم الصالحة لتربية طفلتك! لهذا كله ستسعى ألى...".
وأختنق صوتها فأستدارت مبتعدة تخبىء ملامح الذل في قسماتها.
حاول روبرت الأقتراب منها , لكنه عدل فجأة وأستدار على عقبيه خارجا من الغرفة , تاركا أياها وحيدة وسط الغرفة , يبعث منظرها على الأسى والشفقة , مساء ذلك اليوم , أحضر أحد العاملين حقيبة إلى غرفة أيما , وأوضح لجولي أن أحدهم سلّمها ألى حارس المستشفى فأدركت أنها الحقيبة التي كانت أوصت روبرت على طلبها من السيدة هادسون.
منتديات ليلاس
صباح اليوم التالي , حضرت السيدة هادسون لتعود أيما وقد أحضرت معها بعض ألعاب التسلية , وكانت جولي تجلس على السرير قرب أبنتها بعد ليلة نالت فيها قسطا قليلا من النوم , وأضفى حضور الخادمة ولطفها المتميز وقعا طيبا في نفس جولي وأيما على حد سواء , وبدت الطفلة مرحة مفهمة حركاتها بالحيوي , وهي منشغلة في تفحص بعض الدمى , وعلى رغم أنها كانت لا تزال تحس وهنا جسديا , لكن شحوبها خف كثيرا وبدت في حال أفضل , بادرت السيدة هادسون بالقول تسأل جولي:
" ما الذي حدث لك البارحة؟ تبدين في أسوأ حال! عيناك غائرتان , كفي عن خوفك , فليس من سبب الآن في ألا تتعافى الطفلة قريبا!".

تنهدت جولي:
" لم أنم جيدا الليلة الفائتة".
" لكن هذا ليس سببا كافيا؟ وهل تظنين أنني غبية ألى هذه الدرجة فلا أدرك أن أمرا آخر يقلق بالك ؟ وأن حادث أيما ما هو ألا جزء بسيط من المشكلة ؟ ( طوت قفازيها , وأردفت ) أما في ما يتعلق بروبرت , فلا تسألي أي طبع سيء كان لدى عودته الليلة الفائتة , كان غاضبا ألى درجة أحسست معها بالشفقة حيال الآنسة لوسن".
عقدت جولي حاجبيها وسألت تستوضحها:
" الآنسة..... لوسن؟".
" نعم , الآنسة ساندرا لوسن , لقد غادرت المنزل هذا الصباح".
بدت الدهشة على جولي.
" ماذا فعلت؟ .......لماذا؟".
" لأسباب عدة , على ما أعتقد والسبب الأبرز , كون أيما ستذهب ألى مدرسة القرية".
شهقت جولي وقد أخذها النبأ , ورفعت أيما عينيها والدهشة على وجهها , وهتفت بأنفعال:
" هل حقا ما تقولين ؟ هل هذا صحيح يا أمي؟".
هزت جولي رأسها بأستسلام.
" أذا .... أذا قالت السيدة هادسون ذلك فهو صحيح لا لبس فيه ( وألتفتت الى الخادمة تسألها وهي تشع بدوار ) لكن....... لماذا ؟ هل أخبرك الغاية من ذلك ؟".
أجابتها السيد هادسون وقد بدت تتمتع بههذه اللحظات المهمة والسعيد في آن :
" هو بالكاد كلّمني , إلا أنني سمعت جدلهما وهما في الصالون , ثم أخبرتني الآنسة لوسن خلاصة ما دار بينهما من حديث".
تنفست أيما بأنشراح , وقالت معقبة:
" وأنا سأذهب إلى المدرسة؟".
أجابتها جولي:
" يبدو الأمر كذلك ( وأضافت تسأل السيدة هادسون ) هل أتى روبرت على ذكر السيد هيلينغدون؟".
" لم يذكر شيئا من هذا القبيل يا سيدتي وكما سبق وقلت , لم يكن في حال مرضية لدى عودته إلى المنزل , ولم تكن حاله أفضل عندما شاهدته يغادر المنزل وينطلق بسيارته في سرعة جنونية".
تنهدت جولي وعلّقت قائلة:
" حسنا , لقد حققنا أخيرا مكسبا ما".
أومأت الخادمة برأسها أيجابا.
" هذا ما أعتقده , لم أصدق حقيقة أنه إرتاح في يوم من الأيام إلى تلك المرأة , فهي ليست من النوع الذي يصلح لتربية طفلة حساسة كأيما وتعليمها".
أخذت أيما ( تنطنط ) على سريرها لشدة أنفعالها وسرورها مما حدا بجولي أن تمسك بها وتهدىء من حركتها , وقالت الطفلة تسأل والدتها:
" متى أستطيع الذهاب إلى المدرسة ؟".
أعادت جولي ترتي غطاء السرير بعناية وهي ترد على أبنتها :
" أهدأي الآن , وإلا عاودك الصداع فتضطرين عندئذ الى البقاء في المستشفى فترة أخرى , في أي حال , ذهابك إلى المدرسة لن يكون قبل نهاية عطلة الميلاد , حين يعاود جميع التلاميذ دراستهم".
أحكمت أيما يديها حول ركبتيها المرفوعتين أمام صدرها , وهتفت:
" كم هو رائع هذا !".
" صحيح , لكن لا تظني أنك تستطيعين نيل ما تشائين , لمجرد أن عمك روبرت......".
وأختنق صوت جولي , ولو لم تكن يقظة وتتمالك نفسها لكادت تنفجر بالبكاء وبدا أن السيدة هادسون نبهت للأمر , فحوّلت أنتباه أيما بأظهار أهتمامها بما كانت الطفلة تفعله , وأستطاعت جولي في هذه الأثناء أن تسيطر على نفسها ثانية , ثم تركت السيدة هادسون بعد أن وعدتها جولي بالإتصال لاحقا لتخبرها بموعد عودتها إلى المنزل , ولم تبد أيما كثير أهتمام لأنها ستترك وحيدة هذا اليوم , وقررت جولي العودة إلى المنزل مساء حالما تغفو أيما.
بعد ظهر اليوم جاءهما زائر غير منتظر : لوسي بمبرتون التي ولجت إلى غرفة أيما كما لو كانت سليل العائلة المالكة , هتفت حين رأت أيما والضمادة تزنر رأسها:
" أوه , يا مهجتي , ما الذي فعلوه بك؟".
لم تكن أيما معتادة عل مثل هذا النوع من ردات الفعل وكادت تدمع خوفا , في الوقت الذي بادرت جولي قائلة:
" أيما في حال أفضل بكثي مما كانت عليه , والمرضون والممرضات يحبونها ويعاملونها معاملة حسنة , أليس كذلك يا حبيبتي؟".
أومأ أيما موافقة , أما لوسي فتفقدت المكان حولها بعينين غير راضيتين ثم علّقت هاتفة:
" لكنه مكان لا يليق بها ! يجب أن تنقل الطفلة إلى مستشفى خصوصي , أكثر تمدنا وتطورا , حيث للغرفة سجاد وورق جدران! ( ثم حوّل أنتباها نحو الطفلة , وقالت لها ) كيف تشعرين , يا حبيبتي؟".
أجابتها أيما ونظرها نحو والدتها:
" أنني بخير".
وبدا أن الطفلة لم تعد تشعر بميل نحو جدتها منذ تلك الليل عندما تقيأت في شقة روبرت.
قالت الجدة:
" روبرت أطلعني على الأمر هذا الصباح ..... هاتفيا..."".
بدت جولي متفكرة , وبدا لها واضحا من كلام لوسي وتصرفاتها , أن روبرت لم يطلع والدته على حقيقة أبوته للطفلة , لكن آلى متى سيبقى هذا الأمر طي كتمانه ؟ ثم أجابت :
" أعتذر عن ذلك , ألا أنني لم أرد أن أشغل بالك في أمر ليس ضروريا ".
ردت لوسي كتفيها دفاعا ترفض تبرير جولي:
" غير ضروري؟! لكنني جدتها! من حقي أخذ العلم حين تصاب حفيدتي بحادث خطير".
رفعت أيما عينيها عن علبة الهدية وقد هلعت أذ أدركت بلاغة جرحها , حاولت جولي أن تخفف من وطأة كلام حماتها , فهتفت مدافعة:
" أنك تتكلمين وكأ الأمر أخطر بكثير مما هو فعلا , نعم , أصيبت أيما في الحادثة بجرح ورضوض , هذا كل ما في الأمر".
" هذا كل ما في الأمر ؟ عملية نقل دم بكمية كبيرة , ليست شيئا بسيطا يا عزيزتي جولي".
تنفست جولي عميقا تكتم غيظها , وأدركت أن روبرت أطلع والدته على مسألة نقل الدم.
أسترسلت لوسي قائلة:
" كان شيئا حسنا أن وجدت كمية كافية من الدم التي أحتاجت أليها أيما , هل يمكن أن تتصوري ماذا كان يمكن أن يحدث لو لم تكن الكمية متوافرة هنا؟".
" أي دم هذا يا أمي؟".
سألت أيما وفي عينيها قلق ظاهر .
" لا شيء يا حبيبتي".
نزعت جولي ما تبقى من غلاف العلب التي أحضرتها لوسي ,وبانت في داخلها دمية في ثوب ثمين.
" آه, أنظري كم هي جميلة".
حاولت جولي أن تحوّل أهتمام أبنتها , وفي ذهنها تضج أفكار مختلفة كون روبرت لم يطلع والدته على أن الدم الذي أعطي لأيما هو نفسه الذي تبرع به.
في هذه اللحظات كان أنتباه لوسي قد تحوّل إلى الطفلة الفرحة بحصولها على الدمية , إلا أنها , وفيما جولي ترافقها في البهو إلى المدخل الرئيسي للمستشفى , عادت تقول:
" سوف أرتبّ الأمر لتنقل أيما إلى مستشفى خاص , كنت نصحت بالذهاب أليه منذ سنوات , لمستواه الراقي وخدمته الجيدة".
" أرجوك! لا أريد أن تنقل من هنا , فالمكان قريب من ثورب هيلم , وأنني أتوقع عودتي إلى المنزل هذه الليلة".
" إذن , سأبحث الأمر مع روبرت ".
" كما تشائين , أنني لا أستطيع منعك ".
" لا تستطيعين ؟ لقد أخبرني روبرت أيضا أنه صرف الآنسة لوسن؟".
" هذا ما أعتقده ".
" هل تعرفين لماذافعل ذلك؟".
" لأن أيما ستذهب آلى مدرسة القرية".
" مدرسة عامة؟!".
" نعم".
" أوه! لكن الأمور تعدت نطاق المعقول , ما الذي يعتقد روبرت أنه فاعل بعمله هذا ؟ طبعا, تلك هي مشيئتك".
لم تهن عزيمة جولي ازاء كلام حماتها القاسي , وقالت لها بصوت هادىء:
" أيما ف حاجة إلى الإختلاط بأولاد آخرين , أنك تدركين هذا الأمر بالطبع".
" أستطيع أن أرى بوضوح جيدا".
أخرجت منديلا من حقيبتها وعالجت أنفها بحدة , ثم عادت تنظر ثانية إلى كنتها , وظهر في عينيها نداء رجاء , وقالت:
" لا أظنك يا جولي , ستقومين بأي عمل قد يؤذي روبرت , أليس كذلك؟".
أرتسمت الدهشة على وجه جولي ورددت:
" أنا؟ أؤذي روبرت؟".
هزت لوسي رأسها وكأنها تخلّت عن ألتماسها لدى جولي ورجائها إياها , وقالت في أقتضاب:
" أنا عجوز غبية .... والآن علي الذهاب , هالبيرد في أنتظاري , هو الذي أتى بي في السيارة , وداعا يا جولي".
منتديات ليلاس
في وقت لاحق من تلك الأمسية , أستقلت جولي سيارة تاكسي عائدة إلى المنزل.
فور عودتها , رحبت بها لسيدة هادسون بحرارة , وساعدتها في نزع معطفها وواكبتها إلى غرفة الجلوس , كان الطقس في الخارج رطبا شديد البرودة , بعكس الداخل حيث الدفء والنور , ورغم كل هذا أحست جولي بالحزن يكتنفها , سألتها السيدة هادسون , وهي تراوح في الغرفة :
" هل أكلت شيئا ؟".
هزت جولي رأسها نفيا.
" كلا , لكنني لست جائعة.....".
ثم فجأة , أنفجرت قائلة , أذ لاحظت أناء كبيرا من الورد الأبيض موضوعا على طاولة في الطرف القصي من الغرفة:
" من أين أتت هذهالورود؟".
أجابت السيدة هادسون وهي تحل رباط مئزرها عن وسطها:
" وصلت بعد ظهر هذا اليوم , ورود جميلة , أليس كذلك؟".
" من أرسلها؟".
رفعت السيدة هادسون كتفيها لا تدري هي الأخرى:
" لم ترفق بها بطاقة , ظننت أنك تعلمين ممن تكون ".
هزت جولي رأسها نفيا وأجابت بعدما أستعصى عليها معرفة المرسل :
" كلا , كلا , لا أدري , هل ...... أتصل السيد .......روبرت , اليوم؟".
" كلا , قد يكون أتصل بالمستشفى ليطمئن ....... لا أدري".
" ألا تعتقدين يا سيدتي أنه هو مرسل الباقة؟".
هزت جولي رأسها تنفي قطعا :
" كلا , أتساءل فقط أذا كنت سمعت منه أي شيء".
عكست قسمات وجه السيدة هادسون إحساسها الداخلي وهي تراقب جولي , ثم سألتها:
" كيف حال الصغيرة؟".
" أنها نائمة الآن سأعود إليها غدا صباحا".
" تبدين تعبة يا سيدتي , لماذا لا تأوين إلى فراشك؟ سأحضر لك كوبا دافئا من الحليب".
" كلا , ليس الآن , أين..... أين ذهبت الآنسة لوسن؟".
" عادت إلى لندن , على ما أعتقد , ويمكن أن تكون عرجت على منزل الآنسة هيلينغدون قبل ذلك".
أومأت جولي برأسها تراجع الأمر وإستراحت على كنبة قربها:
" أوه , نعم , باميلا".
" هل أحضر لك شيئا منعشا ؟ ( سألتها الخادمة وبدت مصرة على ذلك) أذا إستمريت على هذه الحال في إرهاق نفسك , فستمرضين ".
أراحت جولي رأسها على ظهر الكنبة:
" أنا بخير , شكرا , سيدة هادسون".
فجأة , تناهى إلى جولي , مع صفير الريح , صوت محرك سيارة تقترب ثم ضجيج فراملها وهي تتوقف أمام باب المنزل , وفي رمشة عين كانت منتصبة على قدميها ويد رشيقة تسبل شعرها.
خاطبت الخادمة بصوت لا عزم فيه:
" أنا لست هنا , كائنا من كان القادم , لا أستطيع أن أقابل أحدا الآن".
" حسنا يا سيدتي".
توجهت الخادمة تفتح الباب , فيما أغلقت جولي باب الصالون , وأسندت ظهرها إليه , كأنها صممت على رد أي دخيل بالقوة , في أي حال , لم تدم لحظة هنائها طويلا , أذ سمعت وقع أقدام تعبر الرواق , وما هي إلا لحظات حتى دفع الباب وجولي حادت إلى جانبه , بينما ولج روبرت إلى الدار , ترافقه نسمة باردة مشبعة برائحة عطره وعبير معجون الحلاقة الذي يستعمله , لم يلاحظ وجودها , بادىء الأمر , حيث وقفت , وأخذ يجول بنظره حوله بصبر نافد , إلى أن وقع نظره عليها , أوصد الباب وراءه بحزم , وشرع يفك أزرار معطفه , إبتعدت جولي عن الباب وعبرت لتقف في الوسط قرب الموقدة الكهربائية , وتمنت لو يقول شيئا , ولما لم يفعل , بادرت تقول بتأن:
" أذا كنت أتيت لترى أيما , فهي ليست هنا".
" أعرف هذا ذهبت إلى المستشفى , ظانا أنك لا تزالين هناك , بغية إعادتك إلى المنزل , كيف عدت ؟ هل هو فرنسيس هيلينغدون الذي أقلّك بسيارته؟".
" فرنسيس؟ .........كلا , لماذا؟".
" لأنه ذكر أنه ذاهب ألى المستشفى ليعود أيما .... على كل حال , ليس هذا مهما".
" أذن , عرفت أن أيم هي في حال أفضل بكثير؟".
" نعم , لقد سمحوا لي برؤيتها , كانت نائمة بالطبع , لكن بدا واضحا أنها كانت تتنفس بشكل طبيعي , ولون بشرتها أفضل".
" حسنا , حسنا".
إلا أنها كانت مضطربة وبدأت عصبيتها تتضح شيئا فشيئا.
فجأة سألها:
" ألن تسأليني لماذا حضرت إلى هنا؟".
بدت كمن أسقط في يده :
" حسنا..... لماذا أنت هنا؟".
إبتعد روبرت عن الباب قليلا , وعكست ظلال الضوء على وجهه الأرهاق الذي يعانيه هو الآخر , كان لا يزال مشدود الأعصاب , حوّل نظراته إلى أناء الورد الموضوع على طاولة جانبية , وظنت أنه سيعلق بشيء ما . , إلا أنه بدل ذلك قال:
" لقد أتيت لأراك جولي".
" آه , فعلا؟ لست أرى ما يمكن أن يقال بيننا أكثر مما قيل , اللهم إلا أذا كنت في صدد إبلاغي أن علي ألا أفاجأ متى جاءت والدتك لتواجهني بحقيقة معرفتها أن أيما هب طفلتك".
" جولي! ( صرخ فيها وفي صوته ألم عميق) كفي عن التكلم بهذا المنطق , فلن يعلم أحد أبدا بأنني والد أيما!".
حدّقت فيه جولي:
" وكيف أستطيع تصديق ذلك؟".
هز روبرت رأسه بأسى , وقال:
" لا بد أنك تظنينني رجلا بلا مبدأ لتفكّري أنني قد أكشف للجميع أن أخي فضّل أن يكون أبا لأبنتي ! إلى الآن , وكما يعلم الجميع , أيما هي إبنة مايكل وسيبقى الأمر كذلك , لا أستطيع أن أقدم أقل من هذا إلى رجل أحببته وأعجبت به".
أحست جولي بوهج الدمع في مقلتيها :
" أذن , لماذا كان عليك أن تطلب معرفة الحقيقة؟ لماذا دفعتني إلى أن أخبرك؟".
وقف روبرت أمامها , يحدق فيها بثبات :
" لأنني أناني إلى درجة أردت معها أن أتأكد من أن السبب الحقيقي الذي دفعك إلى الزواج به لم يكن مرده أنك وقعت في حبه آنذاك".
أرتعشت جولي لكلامه هذا , وقالت مدافعة:
" كان مايكل لطيفا جدا معي وقد غمرني بحنانه , ولست أدري ما الذي كنت أستطيع فعله من دونه ".
صرخ فيها روبرت بصوت أجش:
" لكن , كان يجب أن تخبريني ! أنا هو الشخص الذي كان مفترضا فيك اللجوء إليه ..... وليس مايكل !".
" كيف كان لي أن أفعل ذلك ؟ فأنت كنت مسافرا , فضلا عن أنني بالكاد كنت أستطيع الكتابة إليك , بعد الذي حدث وقيل بيننا , لأشرح لك بالتفصيل أن عليك أن تعود إلى أنكلترا وتتزوجني لأنني حامل! كم...... كان هذا ليبدو محببا وساحرا ؟".
أنحدرت نظرات روبرت بإضطراب على قوامها الرشيق , وقال بصوت غليظ :
" يبدو أنك لا تدركين الحقيقة , لو أنك كتبت لي توضحين حقيقة وضعك لكان لكلماتك وقع طيب في قلبي".
تدافعت أنفاس جولي في صدرها , وسألته مستغربة:
" كيف تستطيع أن تقول هذا بعد الطريقة التي أجبتني بها عن رسالتي؟
".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أرجوحة المصير, anne mather, آن ميثر, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, take what you want, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:45 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية