كاتب الموضوع :
هدية للقلب
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
شعرت ماريغولد بأنه ليس من الرجال الذين يسمحون بأن تثور طباعهم فى العادة ، وأن ما جرى بينهما نقطة سوداء أخرى ضدها . وعادتتقول وهى ترتجف ... فيما كانت تحاول جاهدة الا تنهار أمام ... أمام هذا الوحش :- حاولت أن اشرح لك الامر ، لكنك رفضت ان تصغى .
استمر بالنظر اليها متأملا لحظة بدت دهرا ، قبل ان يتركها ليسكب لنفسه كوبا من العصير ثم يقول :- أتريدين عصير عنب ، ليمون ، تونيك ...
- ليمون من فضلك شكرا .
وتمنت الا يبدو الارتجاف فى صوتها بمقدار ما هو فى داخلها. وبينما كان فلين يسكب العصير ، اخذت تنظر حولها مرة اخرى . بدا كل شئ رائعا للغاية . فكل ما فى الغرفة ينطق بالثراء والقوة والنفوذ . السجاد ذو اللون التبنى ، الذى تغوص فيه القدم حتى الكاحل، الأرائك الرائعة الجمال ، الستائر الطويلة ذات اللون الغامق خزانة الكتب الخشبية الداكنة والمناضد الصغيرة ... كل شئ بدا جميلا للغاية .
- تفضلى .
وعندما ناولها الشراب لم تستطع أن تقرأ شيئا على ملامحه الجامدة . جلس على كرسى على بعد أقدام منها ، ثم وضع ساقا فوق الاخرى واستند الى الخلف:- أفهم من هذا انك أخذت اذنا لاستعمال الكوخ ؟.
فأجابت ساخطة وقد افزعتها فكرة أن يظن بها السوء :- طبعا ... ايما زميلتى فى العمل .
أومأ ببطء وهو يستمر فى النظر اليها منتظرا منها ، كما يبدو ان تخبره بالمزيد عن نفسها .
حدقت اليه ماريغولد وتمنت لو انه لا يبدو بهذه الضخامة، فياضا بالرجولة، أو واثقا من نفسه الى هذا الحد المزعج. لكنها مدينة له بأيضاح الامر ، فقد أنقذها من مصير بائس، واستضافها فى منزله. تنفست بعمق ثم قالت بثبات :- أنا زميلة ايما فى العمل ، كما قلت لك ، وهى ....
- ماذا تعمل ؟
- ماذا تعنى ؟
- قلت انك تعملين معها. ما هو العمل ؟
- أنا مصممة ديكور .
وترددت قليلا ثم أضافت :- ايما هى سكرتيرة الشركة . انها شركة صغيرة ليس فيها سوى ثمانية موظفين ، بمن فيهم الشريكان باتريسيا وجيف .
- هل تستمتعين بعملك هذا ؟
- نعم ، نعم.
عندما كانت ماريغولد نائمة ، أبدل كنزته الصوفية بقميص حريرى عادى كحلى اللون . وكان زره الاعلى مفتوحا. وبالرغم منها ، وقع نظر ماريغولد على شعر صدره الاسود المتجعد. راحت تتأمل جلسته المليئة بالرجولة الفياضة فبدا وكأن هالة من المستحيل تجاهلها تحيط به .
ابتلعت ريقها مرتين قبل ان تتابع :- عرضت على ايما أن أمضى عطلة العيد فى الكوخ فقبلت عرضها هذا... وقد تقرر الامر بسرعة ، كما أظن .
- لماذا ؟
فحدقت اليه :- ماذا ؟
- لماذا تمضى فتاة جميلة مثلك العيد وحدها؟ لا تقولى لى انه لم يكن لديك خيار اخر .
قال هذا بجمود ، وبدا كلامه مجاملة من نوع خاص، رغم برودة وجهه وصوته . لم تعرف كيف تجيبه. لكنها ما لبثت أن قالت بحذر:- لأسباب شخصية .
كانت ممتنة له حقا وبصدق لما قام به لأجلها. لكن لم تكن مستعدة لأن تخبر هذا الرجل المتغطرس تاريخ حياتها .
- آه ....
أزعجها رده هذا ، فقالت تتحداه على الفور:- آه ؟ وماذا تعنى هذه (الآه)؟
تمطى بكسل قبل ان يقول :- كلمة آه تعنى أنك هاربة من رجل.
كانت ماريغولد تواجه مشكله فى منع عينيها من مراقبة خطوط جسده ... ولكن هذه السخرية ، أو بعبارة أدق، تلك الجرأة من قبله كانت أشبه بماء بارد سكب على أعصابها المتوترة . كيف يجرؤ على قول كهذا؟
وقالت غاضبة :- أنا لست كذلك .
- لا؟
- لا.
- لابد من وجود رجل وراء رغبتك هذه بالعزلة .
بدا قوله من الغطرسة بحيث رغبت فى ضربه، خاصة وأن كلامه صحيح. وشعرت بوجهها يتوهج بحرارة تضاهى حرارة النار المتأججة فى المدفأة ، فاستقام ظهرها بعنف وحملقت فيه وراح ذهنها يبحث بذعر عن جواب يسكته .
وقف فلين من دون أى اهتمام بغضبها وقال :- وجهك معبر للغاية . كان على أن أعرف حينذاك، على الطريق، أنك لست حفيدة ماغى .
لم تشأ أن تتنازل فتسأله عن السبب لكنها لم تستطع منع نفسها :- وكيف يفترض بك أن تعرف؟.
- أخبرنى بيتر أن اقارب ماغى باردو المشاعر بينما أنت نار متقدة ومحمومة المشاعر.
بدا وكأن الكلمتين الاخيرتين ظلتا معلقتين فى الجو . لكن فلين لم يكن واعيا لذلك .
أمن العدل ان يتمتع جراح محترم بكل هذه الجاذبية؟ أخذت تتساءل بغضب. كانت تظن أن الجراحين أشخاص فى منتصف العمر وهم متزوجون ولديهم أولاد وربما احفاد . كما كانت تتخيلهم على شئ من البدانة وجاذبيتهم لا تتعدى جاذبية لوح من الخشب. أما فلين فامكانها ان تتصورما يثير مروره فى انحاء المستشفى من اعجاب ، خاصة مع هذا الجو البارد النائى الساخر نوعا ما الذى يحيط نفسه به. هذا الجو الذى يوحى للناظر اليه بأنه عديم التأثر بكل ما حوله وان لا شئ يمكن أن يدهشه .
|