لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


186 - جزيرة الأقدار - مارجري هيلتون - روايات عبير القديمة ( كاملة )

186- جزيرة الأقدار -مارجري هيلتون -روايات عبير القديمة

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-06-11, 12:48 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Newsuae 186 - جزيرة الأقدار - مارجري هيلتون - روايات عبير القديمة ( كاملة )

 

186- جزيرة الأقدار -مارجري هيلتون -روايات عبير القديمة

الملخص




الواجب دائما ً مقدس ... أوهكذا مفروض .لكن ماذا يفعل الانسان اذا أرتطم واجبه بعواطفه ؟ وهل هناك طريقة للتوفيق بين المصلحة العملية وبين هتافات الصدر ؟
منتديات ليلاس
هذه الأسئلة سرعان ما وجهتها لوريل دانوي لدى وصولها الى جزيرة الأقدار حيث عليها أن تقوم بالبحث عن أمكانية أقامة منتجع سياحي لحساب شركتها .الا أن صاحب الجزيرة الكونت رودريغو كان لها بالمرصاد , لا ليرفض عرضها وهي لم تتلفظ بكلمة امامه بل ليأسر قلبها و يأسرها... ثم يكتشف مهمتها فيطردها من جزيرته , لكن الى متى يا ترى ؟

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس

قديم 12-06-11, 12:52 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

- جزيرة ........المدير



وضعت لوريل دانواي رزمة المستندات على مكتب مديرها السيد سيرل , ثم أغلقت الآلة الكاتبة ودولابها بالمفتاح وأطلقت تنهيد عميقة قائلة لنفسها بصوت مرتفع:
" آه , أنتهى أسبوع العمل ! هيا نستعد لعطلة الأسبوع!".
كانت الساعة قد شارفت السابعة مساء وما زالت لوريل في مكتب عملها , هادة ينتهي نهار العمل في الخامسة , لكن هذا اليوم كان غير أعتيادي , خاصة في ما يختص ( بالسياحة الكوكبية ).
غياب مديرها بسبب المشاكل العائلية , مرض الدليل السياحي الأيطالي , تأخر أفتتاح فندق لارينا الجديد بسبب الأضرابات العمالية.. وثلاثمئة سائح حجزوا في هذا الفندق لحضور الأسبوع الأول للتدشين , ماذا سيحل بهم الآن ؟ وماذا يمكن للمؤسسة أن تقترح لهم كبديل ؟ وأسوأ ما في الأمر وتتويجا لكل ما حدث ذلك النهار , الأخبار السيئة الآتية من سارينغا , ففي هذه الجنة السياحية , أندلعت الحرب , منذ أيام الطوفان والسلام يعم تلك المنطقة! كيف بأستطاعة الشركة أن تؤمن سفر السياح الستين كلهم من العجزة أحتجزوا فجأة هناك بسبب الحرب؟
منتديات ليلاس
وأضافة الى كل هذا , هناك مشاكل لوريل الخاصة , جواربها المنسولة , موعدها مع الباص الذي ترك المحطة من دونها وعطلة الأسبوع.. لكن هذه المتاعب الخاصة بدت ضئيلة بالنسبة الى مشاكل العمل الطارئة , هيا أذن ..... أعلان هدنة .. لكن ليس ما حصل اليوم بسبب غياب مديرها...
قطبت جبينها وألقت نظرة أخيرة على مكتبها قبل الرحيل , هل فعلت حسنا في أرسال جانيت الى روما في رحلة المساء ؟ وفي الأتصال هانفيا بريمون , في طنجة , طالبة منه الألتحاق السريع بسياح سارينغو الحانقين والمذعورين ؟....... من النادر أن تأخذ قرارات بهذه الأهمية لكن كان مفروضا عليها أن تفعل ذلك.
وما أن أقفلت الباب وراءها حتى سمعت الهاتف يرن , تنهدت وترددت لحظة ثم أخرجت من خقيبة يدها المفتاح ودخلت الى المكتب , على أستعداد لسماع كارثة جديدة , هل فيليب يتصل بها ليدعوها الى العشاء ؟ كلا , لم يكن فيليب , أنما كان مديرها , لم يلاحظ خيبة أمل الفتاة وسألها:
" هل أنت حرة الآن ؟ هل بأنكانك مقابلتي في مطعم سكالا في الثامنة ؟
نظرت آليا الى الرزنامة المعلقة على الحائط وقالت بتلعثم :
" أوه....... نعم".
" لا ضرورة أن تذهبي الى المنزل وأنا أعرف أنك دائما متأنقة في لباسك , حتى بعد نهار عمل طويل".
أجابت بفرح لأن غوردن سبرل لا يلفظ أبدا مديحا للمجاملة وحسب.
" شكرا".
" أنا آسف لأنني لم أحدد لك موعدا مسبقا , بل أخذتك على بغتة , لكنني بحاجة الى مساعدتك , تعالي بسرعة , خذي سيارة تاكسي , أتفقنا؟".
" طبعا , يا سيدي".
أقفلت السماعة مندهشة ثم طلبت سيارة , وبأنتظار قدوم التاكسي, دخلت الى الحمام وسرحت شعرها الطويل الذهبي ورفعته كعكة أنيقة , ثم زيّنت وجهها الجميل وتساءلت : ماذا جرى؟ لماذا يبدو مديرها متوترا ومهموما ؟ ليس من طبيعته أن يكون مضطربا الى هذا الحد , هل أصيبت زوجته بمرض جديد؟ هل أبنته عادت تعانده؟ أم أن الأمر يتعلق بالمشاكل المهنية؟
أستقبلها غوردن سبرل أمام المطعم بأناقة , لكن بوجه مشدود الملامح , وما أن جلسا أمام طاولة صغيرة منعزلة حتى دخل لتوه في الموضوع وقال:
" كنت أنوي أن أحدثك بالأمر نهار الأثنين , أي بعد عطلة الأسبوع , لكن الأمور تسوء يوما بعد يوم , وأضطررت الى أن أبدل رأيي".
سكت لحظة بينما كانت لوريل تنظر اليه متسائلة , لكنه تابع يقول:
" أعتقد أنك ما زلت تتذكرين المشروع الذي كنت أخطط له منذ وقت قصير : مشروع أفتتاح محطة جديدة على جزيرة ( المصير ) في شمال جزر الكاناري , كنت أنوي أن أذهب الى هناك بنفسي خلال الأسبوع المقبل , للقيام بتحقيق وأستقصاء ".
دخل خادم المطعم حاملا الطعام , فتوقف سيرل عن الكلام لحظة , ثم راح يصف لها , بفرح وحماس , الرحلة التي يمكن أن تخطط لها شركته , خلال العام المقبل , الى هذه الجزيرة , في حال نجح المشروع , ثم أضاف وأبتسامة ساخرة على شفتيه:
" ر بما تتساءلين أذا جئت بك الى هنا من أجل أن أقول لك ذلك.. لا ,وللأسف , لا يمكنني أن أذهب الى جزيرة ( المصير ) بنفسي , وأريدك أن تذهبي اليها مكاني".
بأندهاش كبير , قالت لوريل:
" أنا ؟ والى هذه الجزيرة؟".
" نعم , وأريد تقريرا مفصلا وواضحا".
هتفت تقول :
" لكنني لست سوى سكرتيرتك ".
قاطعها بقوة قائلا:
" ستتدبرين هذه الأمور جيدا , أنه تحقيق أولي : أنظري أذا كانت الشواطىء جميلة والسياحة غير خطرة , تحدثي مع أهل الجزيرة لمعرفة آرائهم عن السياحة , وبطريقة غير مباشرة تأكدي من أكتفاء الجزيرة بالمياه الجارية , لكن وأهم شيء , هو أن تحافظي على التنكر والسرية , المنافسون عديدون ولا يجب أن يعرفوا أننا على هذه الدرب , وخاصة في هذه الجزيرة بالذات".
أجابت بأرتباك:
" أنت تعرف بأنني على أستعداد كامل , أن أفعل ما في وسعي للمساعدة , لكنني أكره القيام بالأخطاء الفادحة أذا كان الأمر لا يتعلق بعملي المباشر".
" كلا , أنا أثق بك كليا , وفيما يتعلق بأمور السكن , آسف أن أقول لك بأن الأمكانيات ضئلة جدا ,في الجزيرة فندق صغير بأمكانه أن يتسع لستة أشخاص , تديره عائلة أنكليزية متقاعدة عاشت هناك لسنوات طويلة , يشعر الأنسان هناك وكأنه في القرون الوسطى , زار المكان أحد أصدقائي في النادي ونصحني به , لكنه متخوف من شح المياه , لذلك أطلب منك التحقيق في ذلك المشروع يرمي في البحر , أذا نشفت المياه منذ بداية الربيع ".
منتديات ليلاس
ظلت لوريل صامتة , هل بأمكان أمرأة غريبة أكتشاف موارد المياه التابعة لهذه الجزيرة ؟ أي لغة يتكلم أهل هذه الجزيرة ؟ أي لغة يتكلم أهل هذه الجزيرة؟ الأسبانية أم البرتغالية ؟ وأية أهمية في ذلك , ما دامت لا تتكلم لا هذه ولا تلك.....
قال ببطء وتردد:
" لقد حجزت لك غرفة لمدة شهر بكامله , لكن علي أن أحذرك بوجود عقبتين مهمتين.......".
أبتسمت بتقلص وقالت:
" قل لي الأسوأ ".
" أريدك أن تصطحبي أبنتي معك ".
تذكرت لوريل هذه الفتاة المدللة العنيدة , في السادسة عشر من عمرها , التي تحمل والدها المشاكل العديدة وقالت مندهشة :
" أيفون! هل ترغب في رؤية الجزيرة؟".
" للأسف لا ! لا أدري ما أفعله بهذه الفتاة الشقية , زوجتي متعبة كثيرا هذه الأيام وما فعلته أيفون من حماقات في الأيام الأخيرة , أثر في زوجتي كصدمة قوية".
بلطف كبير قالت لوريل:
" أنا آسفة جدا , وسأفعل المستحيل لمساعدتك".
" أعرف ذلك تماما وأكن لك بعرفان الجميل , لذا سأبوح لك بشيء مهم ...... وأطلب منك التكتم التام".
هزت لوريل رأسها موافقة , فأضاف يقول:
" تعرفت أيفون أخيرا على شلة من الأصدقاء من الطراز السيء... وتعلقت بشاب مستحيل , حاولنا كل ما بوسعنا ردعها عنه , ولكنها لم تصغ لأقوالنا".
أطلق زفرة عميقة ثم أضاف :
" علمت مؤخرا بأن هذا الشاب له علاقة بتجارة المخدرات ولذلك أردت أن أبعدها عنه , يأي ثمن .... صباح اليوم وضعتها أمام الخيار الآتي : أما أن تصحبك لمساعدتك , أو أقطع عنها المصروف حتى آخر السنة , فرضخت للأمر لأنها تحب الرفاهية , ولم تعتبر ما قلته تهديدا في الهواء بل عرفت بأن الكيل قد طفح , هل ما أطلبه منك الشيء الكثير؟".
قبل عشر دقائق لربما ترددت لوريل , لكن غوردن سبرل تمكن من التأثير فيها , وكرمه الطبيعي دفعها من دون تفكير الى مساعدته فقالت بحماس:
" طبعا لا , لا تقلق علينا , فأنا أكيدة من أن الأمور ستنجلي أمام أيفون , وبعد شهر من العطلة , سترى هذا الرجل بنظرة مختلفة وربما تعود الى رشدها".
تنهد غوردن سبرلوقال:
" الله يسمع منك ! لكن عليّ أن أحذّرك بصراحة بأنها ليست فتاة سهلة المعاملة , أذا رفضت مجاراتك , أرجو أن تعلميني بذلك , فأعيدها الى المنزل , من المستحيل في أيامنا هذه , فرض الطاعة على هذا الجيل من الشباب! وأود أن تذهبا في بداية الشهر المقبل , أذا كان هذا ممكنا , يعني نهار الجمعة المقبل".
فوجئت لوريل لا أراديا , فنظر اليها بقلق وقال:
" هل هذا التاريخ لا يوافقك ؟".
وبتردد ملحوظ أجابت:
" كلا".
رفضت أن تفكر بعطلة الأسبوع المقبلة التي ربما ستقضيها مع فيليب , منذ وقت طويل وهي تكرس وقتها الحر من أجله , تبقى في المنزل بأنتظار أن يتصل بها هاتفيا وتأمل في أن يدعوها الى الخروج.
قال لها غوردن سبرل بعد تردد قصير:
" أعذريني , يا لوريل , أنا أغرقتك كثيرا بمشاكلي الخاصة الى درجة نسيت بأن لديك حياة خاصة , صديقك سيغضب مني لأنني سأبعدك عنه لمدة شهر بكامله , ربما من الأفضل أن أفكر بحل آخر ".
أجابته لوريل بعزم:
" لا , سأذهب بكل سرور , وعلى فكرة , لم أخبرك بعد عما جرى اليوم من أمور تخص العمل.......".
ولما عرضت له سلسلة الكوارث التي أنهمرت عليها , قالت في النهاية :
" لم أكن قادرة أن أتصل بك في أي مكان .... آمل أن يكون ما فعلته حسنا".
أبتسم غودرن سبرل وقال :
" ما فعلته جيد جدا , لقد أرسلت جانيت الى روما وريمون الى سارينغو , كنت سأفعل ذلك لو كنت مكانك".
" كنت أخشى أن تفقد ليندا دابل توازنها في مهمتها الأولى في سارينغو".
هز غوردت سبرل رأسه وقال:
" عندما سمعت الأخبار , كانت لي ردة الفعل نفسها , وأتصلت بطنجة , بعدك , لكن منذ قليل , عرفت من السلطات في سارينغو بأن الثورة قد أحبطت , وكل شيء عاد الى هدوئه في المنطقة الساحلية حيث ستصل فرقتنا الصغيرة اليوم , آمل أن أعرف قريبا بأنها في طريق العودة".

منتديات ليلاس
شعرت لوريل بالأرتياح وراحت تحتسي قهوتها بفرح وأفكارها تدور حول المهمة التي تنتظرها , هل ستبدو بمستوى ذلك؟
من تقريرها المفصل يتقرر مصير السواح , ونجاح الشركة , رفعت نظرها نحو مديرها وقالت:
" لقد نسيت يا سيدي أن تخبرني عن العقبة الثانية التي تواجهني....".
" آه , نعم , العقبة الثانية تتعلق بصاحب القصر المبني في الجزيرة ... ممتلكاته تشكل ثلثي الجزيرة وتقع في أفضل جزء منها , ثروته وتأثيره كبيران , يجب عليك جس النبض ومعرفة ردة فعل هذا الرجل حيال أمكانية أن تصبح جزيرته مركزا سياحيا , في الواقع كل شيء متعلق بأرادته الحسنة".
" هل تريدني أن أزوره؟".
" كلا , ليس في هذه المرة , زيارته الآن ستكون باكرة لأوانها , لا ضرورة لأضاعة وقته ووقتك , قبل أتخاذ أي قرار بهذا الشأن ".
هزت لوريل رأسها وفكرت بأنها لم تلتق من قبل أمرا بتنفيذ مهمة مماثلة , وبدأت تروق لها هذه الفكرة وتتحمس لها , الى درجة أنها نسيت كليا أيفون الشقية وصاحب القصر وأسراره.
سألته بصوت خفيف :
" هل تعتقد بأنه سيعرقل العمل ويقيم العقبات؟".
بعد تردد بسيط , أشار غوردن سبرل برأسه أيجابا فأضافت تقول :
" هل لديك سبب معين يجعلك تعتقد ذلك؟".
" كلا , أنه مجرد حدس , لكنه لا يخطىء معي ألا نادرا".
" وماذا يدعى هذا الرجل... النبيل الأسباني؟".
" الكونت فيشينتيه رودريغو دي رينزي فالديس!".
أوف!.........".
" ربما تكون مشكلته معقدة مثل أبنتي , لكن آمل أن يكون حدسي خاطئا هذه المرة".
" وأنا أيضا".
وفي الأيام التالية لم يتسن للوريل الوقت لكي تتوقف مليا وتفكر فيما ينتظرها , كان عليها أن تنتدب واحدة لتحل مكانها في المؤسسة , مديرها كان مهموما على صحة زوجته أذ طلب منها الطبيب الدخول الى المستشفى لأجراء عملية جراحية صغيرة , لا خطر على حياتها , وبالرغم من كل هذا كان غوردن سبرل ينظر الى كل ما يدور في المؤسسة , جنبا الى جنب مع سكرتيرته , أصر على أن يقدم لها مبلغا محترما من المال لتغطية النفقات غير المنتظرة , أححتجت لوريل لكنه لم ينصع لها وقال:
" ليس واردا أن تتحملي وحدك مصاريف الألبسة الضرورية لهذه الأقامة".
" لكنك دفعت الفندق , أضافة الى معاشي".
" أنا طلبت منك أن تكرسي لهذه المهمة كل وقتك , كما أفرض عليك أبنتي أيفون ..... آه لو ترين ما أشترته من ملابس لهذه الرحلة! ".
قضت لوريل أذن نهارا مرحا , تخلله بعض الأضطراب , بينما كانت تبتاع الملابس الصيفية , من ملابس السباحة الى الفساتين الخفيفة, لقد حّذّرها مديرها بأنها لن تجد شيئا يناسبها داخل الجزيرة وعليها أن تشتري كل ما تحتاجه لقضاء أربعة أسابيع في الجزيرة , أضافة الى الأدوية ومساحيق الزينة والأفلام.
صباح الخميس , وصل السيد سبرل الى مكتبه مصطحبا أيفون معه , ثم دعا الفتاتين الى الغداء , أيفون تصغر لوريل بأربع سنوات , أنما تزيدها طولا بعشر سنتيمترات , أنها فتاة جميلة , سمراء ,وذات شعر أسود طويل , لكنها عابسة كأنها لا تستطيع أخفاء عداوتها أتجاه والدها , خلال الغداء أسترخت أيفون قليلا وراحت تعرض على لوريل لائحة مشترياتها بالتفصيل.
منتديات ليلاس
" لو ترينالتنورة الحمراء القطنية , والقميص الناعم الكريمي , والعقد المتناسق , التي أشتريتها للمساء !".
ثم نظرت الى والدها وقالت:
" يقول أبي أن الجزيرة لا تحتوي على ملاه ليلية وأن الفندق الوحيد الموجود هناك هو الذي سننزل فيه , لكن هذه البزة كانت جميلة الى درجة لم أقدر أن أمتنع عن شرائها!".
قال والدها بهدوء:
" ستطيرين من الجزيرة فورا أذا أرتديت لباسا شفافا".
همست أيفون وقالت:
" أذا عارض أحد ما سأرتديه , سأغادر هذه الجزيرة اللعينة من دون أن أنتظر أن يطردوني منها , يا له من مكان رهيب! ما رأيك يا آنسة بذلك؟".
قالت لوريل مبتسمة :
" لنرى الجزيرة أولا ثم نحكم عليها , لا شك أن الأنجذاب الأساسي في هذه الجزيرة الشمس والطقس الدافىء , ولا شك أننا سنمضي معظم وقتنا في لباس السباحة".
ألقت أيفون نظرة من النافذة , المطر لم يكف طول النهار , لوريل أذن على حق , كل شيء أفضل من هذا الربيع الرطب , العفن .
أفترقت افتاتان بأتفاق , وقضت لوريل فترة بعد الظهر برفقة مديرها , في تسجيل لائحة مفصلة بالمعلومات الضرورية التي يجب أن تحصل عليها خلال أقامتها في الجزيرة , وبعد أن أحتست الشاي في المكتب وأكلت السندويش ,عادت لوريل الى منزلها لتبدأ تحضير حقائبها.
في الثامنة مساء , شعرت بالتعب يحتلها حتى الأرهاق , لقد وضبت حقائبها ونظفت الشقة ودفعت الأيجار وغسلت شعرها , فالسفر سيبدأ باكرا في الصباح التالي وعليها أن تكون حاضرة كليا عندما يصل مديرها مع أبنته لأخذها الى المطار.
منتديات ليلاس

كانت تستعد لأخذ حمام ساخن , عندما سمعت جرس الباب , وضعت مئزرها عليها وأسرعت بأندهاش لتفتح الباب , الرجل الذي كان ينتظرها بفارغ الصبر دخل فجأة وأبتسامة واسعة على شفتيه.
وبين الفرح والرعب صرخت لوريل:
" فيليب! لكن لست.......".
" لا أهمية , يا حبيبتي , سأنتظرك".
وبثقة تامة , مد ذراعيه وتقدم منها وقال:
" في كل حال , ألسنا دائما على موعد؟".
" نعم ,لكن.........".
أبتعدت لوريل عنه بسرعة وقالت :
" لكني لم أكن أنتظرك , لقد قلت لي على الهاتف بأنك مشغول جدا طيلة الأسبوع و.........".
" أعرف , يا حبيبتي".
منذ ستة أشهر دخل فيليب الى حياة لوريل , أنجذبت لسحره وعينيه السوداوين الواسعتين وصوته المداعب , أضاف يقول :
" تمكنت بسرعة من أنهاء هذه القصة المملة مع دافرلي , كما أتصل بي جاك هارفينغ ليعلمني بأن محاضرة الغد ألغيت , وها أنا حر وسأبقى معك حتى صباح الأثنين , يا حبي".
طبع قبلة صغيرة على خدها قبل أن يجتاز الصالون , لوريل صامتة ومسمرة مكانها , ألتفت نحوها مندهشا وقال:
" هيا , يا حبيبتي , لا تتسمري مكانك كالقصبة , الساعة الآن التاسعة , كوني لطيفة وحضري حالك , ألا أذا أردت البقاء هنا والسهر قرب نار المدفأة , أنا لست ضد ذلك ...... تعرفين".
قالت بسرعة:
" هذا ليس واردا على الأطلاق! لا يمكنني الخروج معك , هذا المساء , يا فيليب , كنت أستعد أخذ حمام ثم الأيواء الى الفراش باكرا".
" كيف؟".
تقدم منها بسرعة وقال:
"ما بك , هل أنت غاضبة مني؟".
وضع يديه على كتفيها ونظر اليها بأمعان ثم قال:
" أنا آسف حقا , لكن ليست هذه غلطتي , صدقيني".
" تقول لي ذلك دائما ! الوقت متأخر وعلي النهوض غدا باكرا جدا , لأنني........".
" غدا ؟ غدا يوم آخر , هيا يا لوريل , أذهبي وأرتدي ملابس السهرة وزيني وجهك , سأخذك الى المدينة , الى حيثما تريدين , مت رأيك ب...........".
أبتعدت عنه وقالت:
" كلا , هذا مستحيل , يا فيليب , أنا رحلة غدا ".
" ماذا؟ ترحلين ؟ لكن لم تحدثيني عن ذلك من قبل!".
" لم أعرف ذلك بنفسي ألا منذ أيام معدودة , وكيف أستطيع أن أخبرك ما دمت لم أرك منذ ذلك الحين.......".
زم شفتيه بفكاهة وقال:
" نعم طبعا .......لكن ......الأمر مفاجىء حقا , كم سيطول غيابك؟".
" شهر , وربما أكثر ".
ذعر بالخبر وقال :
" شهر ! آه , يا لوريل , لا يسعك أن تفعلي ذلك معي , يا لها من كارثة!".
أندهشت لوريل ونظرت اليه متسائلة , فقال مسرعا:
" أسمعيني , أننا مدعوان خلال عطلة الأسبوع المقبل عند جاك هارفينغ في منزله الريفي , أنه شرف كبير أن يدعوني الى منزله , آه , لوريل , عليك أن تعودي قبل آخر الأسبوع المقبل".
عضت لوريل على شفتيها وقالت:
" هذا مستحيل , كل شيء منظم , ثم أنا لا أعرف هذا الرجل , لماذا دعاني؟".
" لم تفهمي بعد , بالنسبة الي , أنها مناسبة نادرة وحظ يفلق الصخر , سألتقي في منزله بأشخاص ذوي أهمية كبرى , كما أن هذا يعني أن جاك بدأ يعرف قيمتي , طلب مني أن أصطحب معي فتاة وفكرت بك , لم أكن أتوقع أن....".
" أنا أسفة , يا فيليب , أنا مسافرة في عمل ولا يمكنني أن أنسحب الآن منه , أذا أردت , بأمكاني أن أرسل لمديرك رسالة أسف وأعتذار".
" لكن جاك يريد أن يراك أنت , لقد حدّثته عنك , أنت من نوع النساء الذي يحب , ترتدين بأناقة وتشعرين بأرتياح مع الجميع وتعرفين أن تحفظي مكانك دائما , هذا أمر مهم جدا بنظره ,والآن ترحلين ... هكذا!".
لم يلاحظ فيليب النار الساخطة في عيني لوريل , قالت له:
" أسمع , يا فيليب , لقد قلت لك بأنني آسفة , وهذا يكفي الآن , لن أغيّر مشاريعي في آخر لحظة بسبب دعوة من شخص لا أعرفه , حتى ولو كان مديرك بالذات , ولا أرى لماذا وجودي سيسهل عليك العمل".
" أذن , حان لك الوقت أن تفهمي ذلك , في مؤسستنا , المرأة القديرة ورقة نادرة لنجاح الموظف الصغير , أعتقدت بأنك مصرة على البقاء معي ويهمك أمري , لكنني كنت مخدوعا , على ما أظن".
نظرت اليه لوريل بصمت , لكن غضبها جعلها تقول:
" نعم , كان يهمني أمرك , كما أنني وقعت في حبك أول مرة رأيتك , لكن هذا الأمر لا يهمك , على ما أظن , ما تريده هو أمرأة قادرة على نيل رضى مديرك , أمرأة تسمح لك أن تنجح في مهنتك , أذن , لقد أخطأت الأختيار!".
وببطء أجتازت الغرفة وفتحت الباب وقالت:
" أعتقد أننا قلنا كل شيء , يا فيليب".
نظر اليها فيليب غير مصدق وتقدم منها وقال:
" لوريل , لا... لا تعرفين ما تقولين؟".
" بلى أعرف".
" نحن نعرف بعضنا وتعترفين بذلك بنفسك , وأنا بأستطاعتي أن أبرهن لك عن حبي".
أبتعدت عنه وقالت بلهجة باردة :
" كلا , لم أعد قادرة على أنتظارك وراء آلة الهاتف , وأبتلاع أعذارك وأكون حاضرة كلما واجهت مشكلة في عملك , أنتهى كل شيء!".
" الم تفهمي بأنني كنت أعمل من أجلنا , من أجل مستقبلنا , ومتى وجدت بأن عملي مستقر , سأطلب يدك , ستندمين على ذلك ,يا لوريل......".
هزت رأسها وبدأت ترى الأنانية المخيفة وراء سحر فيليب , صحيح أن الطموح فضيلة , لكن لوريل تريد أكثر من هذا , من رجل حياتها.
قال بلهجة عابسة:
" أضيع وقتي في مناقشتك , لست في مزاج جيد يسمح لك بالأصغاء الي هذا المساء , فكري جيدا , مساء الخير , يا لوريل ".
هذا يعني بأنه مستعد أن يسامحها أذا ما أعتذرت منه , أكتفت بقول ( مساء الخير ) ألقى فيليب نظرة غاضبة ثم أقفل الباب وراءه بقوة , سمعته يهبط السلالم ويصفع باب المدخل العام , تنهدت وتابعت عملها من دون حسرة , أنتهى كل شيء بينهما .
بكن , ما أن وضعت رأسها على الوسادة , حتى راحت تبكي طويلا في العتمة , هذا اللقاء الأخير مع فيليب أقلقها كثيرا , وتذكرت لوريل تحذيرات غوردن سبرل في ما يتعلق بأيفون وصاحب قصر جزيرة ( المصير ) .... هل ستكون على قدر واسع لمجابهة المشاكل التي تنتظرها هناك؟
شعرت بالوحدة والقلق وظلت مضطربة في سريرها مدة طويلة قبل أن تنام........

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 12-06-11, 06:52 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مراقب عام
قارئة مميزة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة

البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 206072
المشاركات: 13,844
الجنس أنثى
معدل التقييم: زهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 66888

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زهرة منسية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

تسلم أيديكى ويعطيكى الف عافيه

 
 

 

عرض البوم صور زهرة منسية   رد مع اقتباس
قديم 14-06-11, 02:44 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

2- الغريقة


" آه , دعيني وشأني!".
صرخت أيفون بهذا الكلام وصعدت الى الأرجوحة , نظرت اليها لوريل بأرتباك عندما لاحظت بزة السباحة الوقحة التي ترتديها الفتاة , آه , بدأت المشاكل فعليا , منذ وصولهما الى الفندق , كانت لوريل تشعر بقدوم العاصفة , لكنها حاولت جهدها أن تتحاشاها , ربما أيفون منزعجة من الطعام أو من كثرة تعرضها للشمس , فقالت لها:
"لا تبدين على ما يرام , يا أيفون.....".
" آه , وهذا له مبرره , أنني أمل هنا حتى الموت! وصلنا منذ ثلاثة أيام وكل ما نفعله هو أن نمشي ونمشي في هذه المنطقة المعزولة , حيث لا شيء يستحق المشاهدة , آه...... ( جزيرة المصير ) هذه التسمية تضحكني , من الأفضل لو أطلق عليها أسم ( جزيرة اللعنة!".
" لا تتكلمي بصوت مرتفع , يا أيفون , لماذا لا تكوني صادقة مع نفسك , قبل مجيئك الى هنا كنت تعرفين بأنه مكان هادىء ولا يؤمه السياح".
أنفجرت أيفون قائلة:
" آه , نعم , أنه مكان هادىء حتى الموت , أنها مقبرة حقيقية! أما في ما يتعلق بالسياح.... في هذا المكان القاحل , ربما أنا وحدي التي ما تزال على قيد الحياة".
قالت لوريل بجفاف:
" شكرا لي".
" عندما أفكر بالكولونيل كارلتون وبزوجته المسكينة ...... هذا العجوزان التعسان ! هو لا يتحدث ألا في السياسة وهي تطعن بجيل اليوم , والسيد بينكلي المقيت الذي يحاول أن يقرصني في فخذي عندما لا ينظر اليه أحد والآنسة جيسويس التي تقضي وقتها تتذمر من غلاء المعيشة ! وتحدثني عن اللهو!".
" الآنسة جيسويس أمرأة مسكينة ,لقد فقدت أخيرا صديقتها الحميمة وتشعر بالوحدة الآن , بأمكاننا أن نكون في رفقتها من وقت الى آخر".
" شكرا , عليها أن تجد صديقة أخرى غيري , مملة وخشنة مثلها ".
شعرت لوريل بالغضب يحتلها , فقالت بقسوة:
" أسمعيني , لا تنسي بأنني جئت الى هنا للقيام بعمل معين وأن والدك يدفع لي معاشا من أجل ذلك".
" لا أحد يمنعك من القيام بعملك , لكن أطلب منك ببساطة ألا تدخليني في شؤونك المهنية".
" وماذا ستفعلين بدورك؟".
" آه , لا تقلقي علي , سأستحم بالبحر أو سأقرأ , لكن ليس واردا أن أمشي بتسكع عبر الجبال والوديان , لقد تورمت قدماي من جراء اللحاق بك".
" لو أنتعلت حذاء متينا لما عانيت من أي ألم".
" لقد أشتريت هذه الصنادل لهذه الرحلة وأصر على أنتعالها ".
أطلقت لوريل زفرة عميقة وعرفت أن الكلمة الأخيرة ستكون لأيفون , وما العمل؟ عليها القيام بالمهمة الموكلة اليها , وأيفون مصرة عل عدم مرافقتها في أستكشاف الجزيرة , حاولت مرة أخرى أقناعها , فقالت:
" أنا أجد متعة في أمتشاف جزيرة مجهولة , أعترفي بأن المنظر رائع وخلاب".
" نعم أنت على حق , لكن أذهبي من دوني , أرجوك".
في هذه اللحظة ظهرت روزيتا , خادمة الفندق , حاملة سلة على ذراعها وأجتازت الحديقة بأتجاه الفتاتين , ثم قالت:
" هذه زوادتكما!".
منتديات ليلاس
أعطت السلة للوريل وأتجهت نحو الحديقة الممتدة وراء البناء الطويل الأبيض , لم تكن لوريل تعرف ما ستفعله , وتبعت بنظراتها الخادمة باللباس الأسود وهي تعبر الباب الحديدي , لمحت وراء السياج رينالدو الخادم الشاب , بشعره الأسود وعينيه المخمليتين والأبتسامة الساحرة ! الكولونيل كارلتون يعتبره شابا دخيلا , أما السيد بينكلي فيستغرب كيف يوظف الأنكليز شخصا لا يتكلم الأنكليزية الصحيحة.
حدثت ضج صغيرة وراء السياج وسمعت الصرخات .... ثم عم الصمت قليلا , وظهرت روزيتا من جديد , حمراء الوجه ومشعثة الشعر , وأختفت داخل الفندق , صفقت الباب , فأبتسمت لوريل وعادت الى وعيها وقالت وهي تدل الى السلة:
" لكن.... وغداؤك , لقد قلت بأننا سنقضي النهار معا خارج الفندق".
تثاءبت أيفون وقالت :
" وماذا بعد! لا تقلقي , لن أدع نفسي أموت جوعا".
" أشك بذلك , من الأفضل أن أعلم السيدة ألين ببقائك هنا".
" سأتكفل بذلك بنفسي , لدي لسان وأعرف أن أتكلم".
" حسنا , لا تنسي الأعتذار ولا تستحمي في البحر مباشرة بعد الغداء , هل فهمت؟".
وضعت ايقون يدها على قلبها وقالت بسخرية:
" أعدك وأقسم لك".
ترددت لوريل لحظة , لماذا تشعر بعدم الأرتياح ؟ ماذا سيحل بأيفون أذا بقيت هنا ؟ هل ستغرق أم تقع عن الصخرة؟ ما دامت أيفون ترفض مرافقتها , فلا داعي للأصرار أذن.
منتديات ليلاس
أجتازت بابا صغيرا محفورا في الجدار المرتفع الذي يحيط بالحديقة وأخذت ممرا نحو منحدر التلة , ثم أنعطفت في ممر آخر بعد أن تبينت خطوطه على الخارطة التي بدأت في تصميمها , هل سيقودها الممر الى طرف الجزيرة المخبأة وراء التلة , أم ستصل الى القصر الذي تراه من كل مكان؟
كيف سيكون منظر صاحبه النبيل؟ بدأت تفكر بأن مديرها وقع أختياره على هذه الجزيرة خطأ , فالجزيرة خاوية من جميع وسائل اللهو , لكنها تناسب تماما السياح الذين ينشدون الهدوء والهواء الطلق , الشمس تسطع بأستمرار , وريح البحر تخفف من حدة الحرارة , على بعد دقائق قليلة من الفندق شاطىء رائع ومحمي يقع على الساحل الشرقي من الجزيرة , بينما في الجانب الآخر , رياح المحيط الأطلسي تجعل السباحة مستحيلة.
داخل الأراضي توجد أمكانيات عديدة للتنزه وسط المناطق المشجرة , والوديان التي تسير فيها الأنهر , ومن التلال يبدو المنظر رائعا , مطلا على الأفق المتلألىء , في هذه القرية الهادئة , النساء أمام عتبة المنزل تعملن على التطريز والحياكة , الفاكهة متوفرة بغزارة , السمك وفاكهة البحر لذيذة الطعم والهواء المعطر منعش ونشط.
يبقى للوريل أن تكتشف أذا كانت موارد المياه كافية وأذا كانت الأرض صالحة للبناء والسكن , حتى الآن لم تر أرضا مناسبة , لكن ربما في الجهة الأخرى من الجزيرة....
الممر يتعرج ببطء على التلة , ومن حين الى آخر تظهر غابة صغيرة , ويصلح بأمكان لوريل أن ترى من بعيد العرائش وأشجار الحمضيات التي تشكل موارد الجزيرة الأساسية.
وحوالي الحادية عشرة أعتقدت لوريل بأنها قطعت نصف الطريق تقريبا , فجلست على صخرة دافئة وأعطت لنفسها عشر دقائق للراحة , أكلت تفاحة وشربت ماء ثم عادت تسير بأتجاه القصر , كانت الساعة قد أصبحت الواحدة عندما وجدت نفسها في مكان متشعب الطرق , الى اليمين , الطريق تضيق بين التلال والى اليسار , تصل الى شاطىء رملي محمي بصخرة عالية , ومن دون تردد أختارت الأتجاه الثاني.
الشاطىء كان فارغا من أي كائن حي , جلست لوريل بأرتياح على الرمل الأصفر وأتكأت الى صخرة وفتحت السلة , وضعت محتوياتها على شرشف خاص , الهدوء تام , تهيأ للوريل أنها الكائن الحي الوحيد على مسافة كيلومترات عديدة , لا عواء كلاب , ولا صراخ أولاد ولا صوت المذياع... أنها الجنة.... ملجأ رائع للعشاق!
شعرت بالنعاس , فتمددت لحظة وأغمضت عينيها وقررت عدم البقاء هنا مطولا , فما زال أمامها عمل كثير , ولما نهضت أخيرا لاحظت أن ساعة بكاملها قد مضت , الطقس حار والتعب أضناها ولم تشعر برغبة في متابعة الطريق , وضعت بقايا الطعام داخل السلة وراحت تتأمل المحيط , كم المياه مغرية!
خلعت حذاءها وأسرعت تبلل قدميها بماء البحر , وشعرت بأنتعاش كبير , أنها ترتدي بزة السباحة تحت ملابسها , نظرت حولها , لا أثر ألأي مخلوق , ولا ترى أمامها سوى القصر , ولا شك أن سكانه يخلدون الى النوم أثناء القيلولة وفي هذا الوقت الحار من النهار.
بعد تردد خعت لوريل فستنها ودخلت في الماء ببزة السباحة وراحت تسبح في المحيط , تتقدم ببطء وكسل , عيناها مغمضتان تتمتع بالمياه المنعشة الصافية , وراحت تقفز كالشقية وتسبح تحت الماء ونسيت الوقت كليا.
منتديات ليلاس
أخيرا شعرت بالتعب , وطافت تحت السماء الزرقاء , لكن فجأة تذكرت هدف نزهاها وألقت نظرة قلقة نحو الشاطىء , السلة والملابس ما زالت مكانها حيث تركتها على الشاطىء القاحل , تذكرت فجأة أنها لا تحمل منشفة , لا أهمية ستجفف حالها نحت الشمس وتلف شعرها بمنديلها القطني , أتجهت نحو الشاطىء وفجأة كاد يغمى عليها من الخوف عندما لاحظت أنها ليست وحدها.
هناك أنسان يسبح ....... بعد ثوان معدودة لاحظت بأنه رجل , فتحت فمها هلعا , فشربت بعض الماء وغطست تحت الأمواج , ثم صعدتالى السطح , لاهثة , أحتلها الخوف وأنحرفت نحو الشاطىء.
" سينيورا ! سينيوريتا !".
ولدى سماعها هذا الصوت اقوي , أسرعت في حركتها , من أين جاء هذا الرجل ؟ لم تره يصل , هل كان يراقبها منذ ترة طويلة؟ هل قرر بأنها فريسته التي يحلم بها؟ ألقت نظرة سريعة خلفها وأرتعبت , أنه يسبح وراءها وكأنه يتبعها.
" توقفي يا سينيوريتا! أنتبهي !".
لا مفر من الأبتعاد عنه , نحرت البحر كالمجنونة تطلب من السماء أن يتعب الرجل قبلها ويتخلى عن متابعتها , وللأسف , سيل من الكلمات الغامضة تعلو صداها في الماء , أصبح قريبا منها , توقفت ثانية , لا هثة وقالت بحسرة:
" أذهب من هنا , أرجوك!".
" يا ألهي! أنت أنكليزية ..... لم أفطن لذلك أبدا!".
هل هذا الرجل مجنون ؟ لقد أجتازت أميالا عديدة, من أين أتتها القوة لعبور كل هذه المسافة ؟ أصبحت الماء باردة وهائجة , قامت بجهد قوي لئلا تستسلم للخوف , أيهما أفضل : أن تموت من التعب أم أن يلتقطها هذا الأسباني الغريب...... فجأة شعرت بألم في الكاحل سرعن ما أمتد الى كل أنجاء جسمها , فجن جنونها ولم تعد تعرف ماذا حل بها , سبحت مكانها لحظة قبل أن تغرق منتحبة , أصابها تشنج قوي .

عادت الى سطح الماء, تحاول أن تجد شيئا تتعلق به , أذناها تطنطنان ورأسها على وشك الأنفجار , تسبمع بغموض صوت الرجل الذي يتبعها , أمسكتها يدان قويتان ودفعتاها فغرقت مرة ثانية , الويل له! هذا الرجل الغريب يحاول أغراقها!..........
صرخ الرجل :
" لا تتخبطي أنني لا أنوي قتلك".
راحت تصرخ:
" النجدةّ! النجدة!".
سمعت قبل أن تختفي من جديد في الأمواج العالية :
" أذا أستمريت على هذا المنوال , سنغرق معا".
أنها تختنق , وشاح أسود مر أمام عينيها , لكن فجأة , وكالأعجوبة , وجدت نفسها تتنفس الهواء , الشمس أعمتها , فوق رأسها بدت السماء نقطة زرقاء لا حدود لها , الرجل وضع يده تحت ذقنها وجرها بعيدا عن الأمواج , فجأة شعرت بأنها دمية وتخلت عن أية مقاومة بدافع البقاء.
سحبها الرجل نحو الشاطىء , رافعا رأسها لئلا تبلع الماء , ولما شعر بالأرض تحت قدميه , وقف وحملها بين ذراعيه وصعد بها الى الشاطىء ومددها فوق منشفة زرقاء , رافعا رأسها قليلا , ثم أنحنى فوقها محاولا القيام بالتنفس الأصطناعي , لكن ما أن وضع يديه على ظهرها حتى شعرت بقشعريرة عنيفة وتقوقعت على نفسها مذعورة تعي ما جرى لها بوضوح.
جلس قربها بوجه قاس وراح ينظر اليها وهي تسعل وقال:
" حسنا , ما دمت تفضلين أن تتدبري أمورك بنفسك...".
تمكنت من القول:
" أذهب عني!".
" كيف تستطيعين المناقشة ورئتاك مليئتان بالماء؟!".
وبحركة قاسية لفها بطرف المنشفة , لم ترد عليه من شدة الخجل , ولما أصبح بأستطاعتها أن تستعيد أنفاسها , شعرت بضعف قوي وراحت تمسح الدموع المتساقطة من عينيها الحمراوين.
" أذن , الظاهر أنك تشعرين بتحسن".
كان يتكلم بجفاف وغضب , وهزت لوريل رأسها , شعرها الأشقر يلتصق بوجهها وعنقها , سمعت الصوت الجليدي يقول بألحاح:
" ربما تشعرين الآن بتحسن لتشرحي لي أسباب تهورك الجنوني؟".
أدارت رأسها نحوه وقالت:
" تهوري؟ لكن.... لكن أنت الذي بدأت ! أنها غلطتك لو...".
ولما ألتقت بنظراته المتعالية , بدأ صوتها يرتجف وأختفى , لأول مرة تراه بوضوح , رأسه مليء بالكبرياء ,ونظرته متعجرفة , يرتدي بزة سباحة حمراء تظهر سمرته الفاقعة , قال بعدما حدق بها مفصلا:
" أذن..... ستتهمنينني بماذا....؟".
" كنت أسبح بهدوء ألى حين رحت تتبعني و......".
" تبعك! لماذا رفضت الأنصياع ألى تحذيراتي ؟ كدنا نغرق معا بسببك!".
حدقت لوريل بأندهاش وقالت:
" أي تحذيرات؟ كيف تجرؤ أن تتهمني , بينماكنت طول الوقت...".
قاطعها بلهجة قاسية:
" كنت أحاول أن أدلك الى الخطر الذي ينتظرك , بدأت أندم الآن لتدخلي في الأمر , نعم , لا أخترع شيئا , الخطر كان محتوما ,,,,, كنت تخالفين...".
قالت وهي ترتجف من البرد:
" قبل مجيئك , لم يكن الخطر واردا أطلاقا".
" صحيح أذن , أسمعيني لحظة من فضلك , هذا الخليج يبدو بنظرك مثاليا ورومنسيا , أليس كذلك؟ البحر أزرق ومغر والرمل ناعم وأشقر , نعم, بأمكان المرء أن ييبح هنا بأمان .. شرط ألا يغامر قرب الأعصار".
أنتفضت لوريل , فأبتسم الرجل بسخرية وقال:
" بدأت تفهمين , أليس كذلك؟".
قالت متلعثمة :
" هل هناك دوامة حيث كنت؟".
" نعم , مباشرة قبل اللسان الجبلي".

تجمد دمها في عروقها وقالت:
" لم أكن أعرف ذلك".
" ولماذا تجاهلت تحذيراتي أذن؟".
" لم أفهم ما كنت تقوله , أعتقدت أن ......".
" ’ه , تصورت بأنني أتبعك لغرض شنيع؟".
" ضع نفسك مكاني!".
نظر اليها بسخرية وقال:
" أعرف بأن الفتيات الأنكليزيات لا تبالين بالأعراف , ووجودك هنا وحدك في هذه المنطقة النائية لا مبرر له , ما هي نواياك؟".
" آه , لا , يا سيدي ,لو كنت أعرف.....".
" دعينا من هذا الحديث , يا آنسة".
كيف ستتخلص منه الآن ؟ هل يجب أن تشكره لأنه نجّاها من موت أكيد ؟ رفعت عينيها نحوه وقالت:
" أنا..... أنا لا أعرف لغتك ولم أفهم ما كنت تقوله".
"لا أريد التحدث بهذا الموضوع بعد الآن".
أضطربت لوريل وأرتفع الدم على خديها الشاحبتين وقالت:
" لكنني مصرة على أن أشكرك ....... لأنك أنقذت حياتي".

قام بحركة ليفرض عليها الصمت وقال:
" هل تشعرين بتحسن الآن؟".
" نعم , ويجب أن أرتدي .. الآن ... ملابسي...".
" نعم , نعم , أنا لست أحمق".
نهضت وقالت بغضب:
" أنت وقح!".
شعرت بالأرض تدور حولها وتمايلت وكادت أن تقع لو لم يلتقطها ويشدها اليه ويقول:
" أنت ما تزالين تحت تأثير الصدمة , أجلسي وقولي أين وضعت ملابسك , سأذهب وأجلبها لك".
ما العمل , غير الطاعة؟ بعد لحظات عاد حاملا السلة والملابس.
ثم قال:
" والآن , سأسبح , وأنت أرتدي ملابسك , لا تقلقي ولا تخافي , لن ألح عليك بلطفي".
نظر الى ملامحها الشاحبة والمشدودة وقال:
" بصراحة , منظرك الآن ليس مثيرا , صدقيني , ولا أرغب في تمثيل دور المتلصلص".
وقبل أن يتسنى لها الوقت أن تقوم بردة فعل حيال هذه الوقاحة الغريبة , كان قد ركض وغطس في الماء , أحتلها الغضب وتبعته بنظراتها كيف يجرؤ على قول مثل هذا الكلام؟ لا ,لم يسبق لها أن رأت رجلا متعجرفا ومقيتا مثله.
منتديات ليلاس
أرتدت ملابسها بعصبية وسرحت شعرها قدر المستطاع , وشيئا فشيئا خف غضبها وراحت تشفق على نفسها , ليست جميلة المنظر , أنه على حق , وكيف بالأحرى عندما تكون بهذه الحالة التي يرثى لها.
راودتها هذه الأفكار القاتمة , وأرتدت حذاءها وطوت المنشفة الزرقاء , وتمنت لو تستطيع الأختفاء قبل عودة الرجل الغريب.
ألقت نظرة سريعة نحو الماء ... فما زال يسبح.... أوف...... أمسكت لوريل السلة وأخذت طريق العودة , خائفة من المسافة الطويلة التي ستجتازها في هذه الحالة من التعب والأرهاق , لكن هذا أفضل من أن تبقى في الجوار.
وبعد بضعة أمتار سمعت صوتا سمّرها مكانها , خرج الرجل من الماء وأقترب منها وقال:
" الى أين ذاهبة , يا آنسة؟".
" الى الفندق!".
" الى فندق آلين؟ هل تعتقدين أن ذلك ممكن ؟ أمامك أكثر من عشرة كيلومترات".
" وماذا تريدني أن أفعل ؟ أن أخيّم على هذا الشاطىء؟".
" لا! نحن على بعد عشر دقائق من منزلي بأمكانك أن تستحمي هناك بالماء الساخنة وتستريحي قليل , هيا , تعالي".
رجعت لوريل الى الوراء وقالت وهي تهز رأسها:
" كلا , شكرا , يا سيدي , شكرا للطفك الحساس لكننيلا أستطيع قبوله".
قال بأستغراب:
" لكن لماذا؟".
" لا أريد, هذا كل ما في الأمر...... الى اللقاء".
" لحظة , أرجوك".
أمسكها بمعصمها وأدارها نحوه وقال:
" لماذا تخافين مني؟".
" أتركني , أنا لست خائفة منك !".
" أذن , لماذا ترفضين ضيافتي؟".
أبتعدت عنه بسرعة وقالت:
" هذا يسهل التكهن به ! تتبعتني حتى درجة أغراقي , ثم تتهمني بالمخالفة , وأخيرا تسخر مني , وتريدني بعد كل ما حصل أن........".
قاطعها قائلا:
" لا تعرفين ما تقولين , يا آنسة , أنا مستعد أن أنسى أتهاماتك المجانية , لكنني ما زلت مصر بأنك لست في حالة تسمح لك بالعودة الى الفندق....".
" لا أحد في العالم يستطيع أن يدعني أبقى هنا لحظة واحدة , رغبتي الوحيدة هي الأبتعاد بسرعة من هنا ونسيان هذه القصة وعدم رؤيتك من جديد!".
وبعينين مغرورقتين أنطلقت لوريل في الممر المرتفع , ولما وصلت الى ظل شجرة توقفت لحظة لاهثة وألقت نظرة حولها , ما زال واقفا مكانه , أستدارت ثم ألتفتت تحوه من جديد , فرأته يلم المنشفة الزرقاء , يضعها على كتفيه ويأخذ الأتجاه المعاكس.
وراح قلبها ينبض بسرعة , وأضطرب عقلها زظلت تتبعه بنظرها مدة طويلة........

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 14-06-11, 02:49 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

3- خاتم وليل وحصان



لدى وصولها الى الفندق كانت لوريل مرهقة كليا , في الطريق توقفت عدة مرات , والآن لا تستطيع أن تقوم بخطوة أضافية من دون أن تقع أرضا.
كان الليل قد حل وشعرت بأرتياح عندما رأت أخيرا المصابيح الحديدية تبث نورا آمنا , وبصعوبة كبيرة أجتازت لوريل الشرفة الفارغة لتضع السلة على باب المطبخ , لا تطلب أكثر من حمان ساخن لتريح ساقيها المتألمتين , ثم النوم الباكر , ولحسن الحظ , الفندق لا يتبع التوقيت الأسباني , والعشاء يقدم في الثامنة بدل العاشرة , كما هو التقليد في أسبانيا.
كانت تجتاز البهو عندما سمعت صوتا يناديها , أنها السيدة آلين , زوجة صاحب الفندق , وعلى مضض توقفت , أشارت لها المرأة بالدخول الى الصالون الخاص , قائلة بصوت منخفض:
" لو سمحت بلحظة , يا آنسة , لدي شيء سأقوله لك".
" طبعا".
تبعتها لوريل الى الشرفة الصغيرة , محاولة أخفاء تعبها وقلقها . هل حصل شيء ما لأيفونفي غيابها؟
سألت بقلق :
" ماذا جرى؟ حادث ما؟".
أشارت السيدة آلين بعلامة النفي , لكن تعبير وجهها لم يكن مطمئنا , وما أن جلستا حتى باشرة السيدة الحديث قائلة:
" لا أريدك أن تعتبري كلامي عن سوء ظن ومن مبادئي ألا أتدخل في شؤون النزلاء.... لكن هذه المرة أعترف بأنني منزعجة جدا.....".
تقلصت يدا لوريل على طرف المقعد وسألتها:
" لماذا أذن؟".
يا ألهي , هل وصل خبر مغامرتها الى الفندق؟ هل هناك شكوى ضدها؟
تلعثمت وهي تضيف:
" ماذا ..... ماذا حدث؟ ماذا فعلت؟".
" آه , يا آنسة , الآمر لا يتعلق بك أنت! لو كان جميع النزلاء لطفاء مثلك, لكانت حياتنا عذبة ! للأسف , المشكلة تتعلق بالآنسة سيرل".
ماذا فعلت هذه الأبنة المدللة ؟
تابعت السيدة كلامها وكأنها تعتذر:
" أعرف جيدا بأنها ما زالت صبية ولا تفعل ألا ما يدور في رأسها , لكنني أعتقد أنه من واجبي أن أحذّرها".
" ضد ماذا؟".
" أنها تتصرف بطريقة تافهة وحمقاء مع أحد العاملين هنا , ألم تلاحظي ميلها الواضح الى رينالدو؟".
تجهم وجه لوريا وقالت:
" لا..... كيف أشك بذلك ؟ لقد وصلنا منذ ثلاثة أيام فقط , وهذه أول مرة أتركها وحدها.....".
قالت السيدة آلين بلهجة قاسية:
" أذن فهي لم تضع وقتها , لقد فاجأتهما في الحديقة , آه , لا تقلقي........ لا شيء يدعو الى القلق..... لكن يتهيأ لي أنهما أمضيا فترة بعد الظهر معا على الشاطىء .... المشكلة تحصل بسرعة ...... رينالدو شاب وسيم , لكن الفتيات الأسبانيات لا يتصرفن عامة بهذه الطريقة , آه , لا أعرف أذا كنت تفهمين ما أقصده , السياحة لم تقتحم الجزيرة بعد , في كل حال الكونت يمنع ذلك , نحن بعيدون جدا عن الوطن الأم وما زلنا نعيش هنا كما في العصر الماضي......".
لوريل تصغي بشرود لشدة تعبها والسيدة آلين تتابع قائلة:
" جزيرة المصير ملكية أسبانية منذ أربعمئة سنة تقريبا , وحاكمها الحقيقي هو الكونت ..... يعيش في القصر االذي يسيطر على الجزيرة كلها , لا يسمح بالتطور والأنماء ألا تدريجا – لدينا مستشفى صغير حديث الطراز , ومدرسة جديدة , الفقر غير وارد عندنا ...... لكن الباقي....
رفعت السيدة آلين كتفيها بأناقة , فهزت لوريل رأسها موافقة بينما كانت تفكر بشيء آخر , تابعت المرأة تقول:
" ولهذا السبب أطلب منك أن تتحدثي مع الآنسة سبرل , حاولي أن تفهميها أن سكان الجزيرة سيعتبرون تصرفها هذا فاسقا , بالنسبة اليهم , تنقص قيمة الفتاة أذا تصرفت بوقاحة مع الرجال , أما الصبيان بدورهم فلا يتذمرون أبدا , بل بالعكس , خاصة أمثال رينالدو الذي قضى مواسم السياحة على شاطىء الكوستا برافا ود ليتباه بأنتصاراته النسائية , لا نريد شيئا كهذا هنا , قضية آل سميث تكفينا......
حبست لوريل أنفاسها وبتهذيب وليس عن فضول , سألتها:
" آل سميت أتوا الى هنا لتمضية بضعة أشهر مع أبنتهما الوحيدة , التي ولدت بعد زواج دام عشرين سنة , ربياها تربية صارمة وجدية , والسيدة سميث جاءت لتقضي فترة النقاهة في هذه الجزيرة بعد مرض طويل , ولم يسبق للأبنة أن رأت من قبل شابا وسيما مثل رينالدو ,وبسرعة وقعت في غرامه , وصل السيد سميث الى هذه الجزيرة مع زوجته وأبنته وبقي معهما أسبوعا واحدا ثم عاد الى لندن لمتابعة أعماله , لكن عندما جاء ليصطحبهما الى بلاده في الوقت المحدد , كانت المصيبة قد حلت!".
" ماذا حصل؟".
" حملت الفتاة!".
" وهل حصل ذلك هنا؟".
" نعم , رينالدو أعترف بمسؤولية ما حدث , لقد أرتمت سارة في أحضانه , ومع أنه طلب يدها , لكن السيد سميث رفض بأصرار , لم يسمح لأبنته الوحيدة أن تعقد زواجا جبريا وهي ما تزال في السادسة عشرة من عمرها , وبسرعة حمل السيد سميث عائلته وعاد بهما الى لندن , بعدئذ لم نسمع بأخبارهم , أتساءل أحيانا ما حل بسارة ..... والأهم أن الكونت كان حانقا جدا........".

وبعد هذا السرد الطويل توقفت السيدة آلين عن الكلام لاهثة , أما لوريل فكانت تفكر بما سمعته , نهضت وقالت:
" أشكرك لتنبيهي لما حصل , سأتحدث في الأمر مع أيفون".
في أعماق تفكيرها تعرف لوريل بأنكلامها مع أيفون لن يجدي نفعا , في كل حال أيفون ليست فتاة بسيطة وساذجة وتعرف ما ينتظر منها في حال قامت بمغامرة عاطفية.
غيّرت السيدة آلين الموضوع وسألتها:
" هل قضيت نهارا جميلا؟".
" نعم , والآن أعذريني , أنا متعبة وأريد أن آخذ حماما ساخنا ".
لكنها أدركت أن الوقت لن يسمح لها بأخذ حمام طويل , بل أكتفت بدوش سريع , التعب يضنيها لكنها قررت توضيح الأمور نهائيا مع أيفون من دون تأخير , فذهبت للتفتيش عنها , لكنها لم تجدها , ومن باب غرفة الطعام رأت رينالدو يضع الصحون على الطاولات , فشعرت بأرتياح وراحت تغيّر ملابسها.
فوجئت لوريل بوجه أيفون وشعرها المشعث عندما وافتها الى صالة الطعام , بالكاد ذاقت وجبة الدجاج وتصف الحلوى , ودفعت فنجان القهوة جانبا .
أنحنت لوريل نحو الفتاة الشاردة وسألتها:
" ماذا جرى , يا أيفون؟ لم تأكلي شيئا".
" لست جائعة".
" هل الأمور سيئة الى هذه الدرجة؟".
أنتفضت أيفون بأنزعاج وقالت:
" نعم , وأذا كنت تريدين معرفة كل شيء , فأنا أعاني من آلام المغص ومن ألم حاد في الرأس , سأتركك وأذهب الى فراشي".
خرجت من الغرفة كالصاعقة , ألتفتت الوجوه اليها , وزوجة الكولونيل عبرت عن أستيائها بحركة من رأسها.
وما أن أنتهت لوريل من أحتساء قهوتها حتى نهضت بدورها , هذا المساء لن تخرج الى الشرفة للقاء بقية نزلاء الفندق , كما هي عادتها بل صعدت الى غرفتها الواسعة التي تتقاسمها مع أيفون , مصممة على أعطاء أيفون حبة أسبرين مع فنجان شاي.
دخلت الغرفة على رؤوس أصابعها.
الغرفة مظلمة , أقتربت لوريل ببطء من سرير أيفون وأنحنت فوقها وسألتها بصوت منخفض:
" هل تريدين شيئا؟".
لا جواب , وجه أيفون تحت الوسادة وتنفسها متناسق , كانت تنام نوما عميقا.
منتديات ليلاس
نظرت لوريل الى ساعة يدها : أنها التاسعة , ترددت , الوقت ما زال باكرا للجوء الى النوم , لكنها متعبة جدا , خرجت الى الشرف , في النهار يبدو المنظر رائعا مطلا على البحر , لكن هذا المساء , القمر هلال والجو غامض , مصابيح الحديقة تبث نورا شحيحا فوق التماثيل والقوارير الفخارية والشجيرات المنثورة فوق العشب الأخضر , الفراشات ترتمي على الزهر وغناء زيزان الحصاد يقطع الصمت الليلي.
وأمام هذا الجو الرومنسي بدأت لوريل تحلم.... حلمت بأن فيليب هنا , قربها ...... بأنها أخطأت أتجاهه..... بأنه يحبحا حقا.... ليلة الكارثة أنمحت وعاد السلام كما من قبل.
أغمضت عينيها وهي تفكر به , لكن لم يكن وجه فيليب ما رأت.... بغضب شديد دخلت الى غرفتها , ألا يكفي أن فاجأها هذا الرجل الغريب وحيدة في الماء وعرّض حياته للخطر , أنه الآن يحتل أفكارها ..... حاولت لوريل أن تطرد صورته من ذهنها , فراحت تخلع ملابسها وتسرح شعرها وتلملم أغراض أيفون المبعثرة على البساط , ثم دخلت الى فراشها , لكن النوم طال: حوادث النهار ظلت تدور في رأسها كشريط سينمائي , ترى الشمس الحارقة والماء الشفافة والرجل الغريب المتعجرف بشعره الأسود وصوته العميق , الشمس والملح وذكرى ذراعي الرجل , كلها تحرقها بنار غريبة....
وبعدما تقلبت في سريرها مرات عدة , تمكنت أخيرا من النوم , لم تعد تسمع الأصوات الآتية من طرف الغرفة.
ألقت أيفون نظرات أرتباك على لوريل النائمة , ورفعت أغطيتها وأرتدت ملابسها بسرعة , نظرت الى ساعتها المعلقة بسلسال في عنقها , ثم حملت صندلها , وعلى رؤوس أصابعها خرجت من الغرفة.
عندما أنغلق الباب وراءها أحدث ضجة صغيرة , فأنزعجت لوريل في نومها , وجلست في سريرها وأضاءت المصباح , ولما لم تر أيفون في سريرها , قفزت بسرعة وفتحت الباب , شاهدت أيفون على السلالم , فأسرعت نحوها وسألتها:
" ما بك؟ هل أنت مريضة؟".
" لا عودي الى فراشك!".
" ألى أين ذاهبة؟".
غضبت أيفون وقالت:
" أخفضي صوتك , ستوقظين الجميع , أنا نازلة الى الطابق ألأرضي فقط".
" ولماذا أذن؟ لماذا لم توقظيني ؟ لجلب لك ما.....".
ولما رأت أيفون تهبط السلالم حافية القدمين , تبعتها وهمست تقول:
" لماذا أرتديت ملابسك؟".
" لأنني خارجة , حاولي أن تمنعيني! فهمت؟".
أمسكت لوريل بمعصم أيفون وقالت:
" أريد تفسيرا مفصى , ماذا جرى؟".
" لا شيء".
في هذه اللحظة أنفتح الباب على الممر وخرج منه السيد بينكلي الذي قال:
" ماذا يجري هنا ؟ آه, آه........ فتاتان جميلتان ! هل أنتما ذاهبتان الى موعد جميل؟".
صرخت أيفون :
" أوف , يا لحظي السيء!".
عادت الى الوراء ومرت قرب الرجل العجوز ثم دخلت الى غرفتها وصفعت الباب , بعد تردد قصير تبعتها لوريل والأحمرار يعلو وجهها........

أرتمت أيفون في سريرها تنتحب باكية فسألتها لوريل بجفاف :
" هل ستشرحين لي سبب كل هذا؟".
ناحت أيفون ورأسها على الوسادة وقالت:
" أنها غلطتك , لقد دمرت كل شيء , أذهبي عني , أنا أكرهك!".
" ماذا تعنين ؟ منذ قليل قلت لي بأنك متعبة والآن تهربين في السر..... أريد أن أعرف لماذا؟".
لم ترد , فأقتربت لوريل من سرير أيفون وقالت:
" هل سمعت ما أقوله؟ الى أين كنت ذاهبة؟".
" لدي موعد".
" موعد؟ في هذه الساعة المتأخرة؟".
" والآن , فات الأوان! لن يسعني الحصول عليه , أه , ماذا سأفعل؟".
أرتبكت لوريل وأنحنت فوق أيفون الباكية وقالت:
" ماذا تعني هذه القصة الغامضة؟ هل ستشرحين لي مفصلا؟".
" أنه خاتمي".
" الخاتم؟".
" خاتم الياقوت , سعره باهظ , أهداني أياه والدي في عيد ميلادي , وسيغضب مني".
" هل أضعت الخاتم".
" نعم , اليوم".
تذكرت لوريل الخاتم الذهبي وحبتي الياقوت على شكل حية , لاحظته في أصبع أيفون عندما دعاهما غوردن سبرل الى الغداء ., لماذا أرتدت أيفون هذا الخاتم الثمين في هذا المكان المنعزل؟
" متى رأيته آخر مرة؟".
" لا أتذكر جيدا.........".
" هل كنت تلبسينه اليوم؟".
" نعم".
" الى أين ذهبت في غيابي؟".
" أوه...... لا أدري.... الى شاطىء البحر.......".
فجأة أنتفضت الفتاة وجلست على السرير وصرخت وهي لا تجرؤ على النظر الى لوريل:
" آه , وماذا بعد؟ سأقول بأنني أضعته وهذا كل ما في الأمر !".
" لا أفهم ما تقولين , أذا لم تجدي هذا الخاتم , سأضطر الى أعلام السيدة آلين بذلك كي تعلن بدورها عنه في مركز الشرطة".
" آه , لا ! لا ! , أرجوك , لا تقولي شيئا!".
" هيا أخبريني كل شيء".
" شرط أن تعديني بالأحتفاظ بالسر".
تنهدت لوريل وقالت:
" لا أريد سوى صالحك , يا أيفون".
" أذن , دعيني أخرج من هنا , وأذا عارضت , ستوقظين جميع نزلاء القصر".
" أسمعي , يا أيفون , لست ساذجة ولا فتاة صغيرة , لن تدعيني أصدق بأنك أضعت هذا الخاتم , مع من كنت على موعد؟".
" مع رينالدو , هو الذي يحمل خاتمي".
" وكيف حصل هذا......".
" كنا على الشاطىء بعد الظهر ونسيت أنني ألبس الخاتم , فلاحظه رينالدو وقال لي بأنني ربما أضعته في الماء , أردت أن أعود الى الفندق لأخبئه في حقيبتي , لكنه أقترح علي أن يعلقه بسلسلة عنقه".
هزت لوريل رأسها , فتابعت أيفون الكلام:
" قبلت عرضه , لكن عندما طلبت منه أن يعيد لي الخاتم , بعد السباحة , قال لي أن آتي لآخذه بنفسي , وحينئذ بدأ يعانقني و....... و.....".
" ورفض أن يعيد لك الخاتم , أليس كذلك؟".
" نعم , وعدني أن يعيده الي هذا المساء , في منتصف الليل , في الخليج الصغير الواقع خلف القرية".
" يا مسكينة ! وصدقت كلامه؟ ألا تعرفين بأنه يسخر منك ؟".
" آه , ثقي بي , أعرف تماما كيف أعامل هذا النوع من الأشخاص".
" حتى الآن فشلت في ذلك , هيا يا أيفون , دعك من هذا من التصرف الطفيلي , رينالدو ليس سوى رجل متهتك يفتخر بمفاته النسائية , لقد حدّثتني عنه اليوم السيدة آلين".
" لكنه لم يخف علي شيئا , هل غلطته أذا كانت النساء ترتمي في أحضانه؟ ومهنته تطلب منه أن يهتم بهن , لكنه لا يذهب أبعد من ذلك , أرجوك لا تعامليه كأي غاو سخيف!".
" هل تعرفين , بأنك تذهبين وراء الكارثة , يا أيفون؟ أنا التي ستستعيد الخاتم منه".
" أنت!".
" نعم , وعدت والدك بأن أسهر عليك وسأفعل ذلك , هيا , يا أيفون , عودي الى فراشك ونامي وألا سأغضب منك".
منتديات ليلاس
أرتدت لوريل ملابسها بسرعة وأقنعت أيفون بالبقاء وخرجت من غرفتها ببطء وصمت كالظل , وبينما كانت تهبط في سرعة عبر الطريق المتعرجة الى اقرية تمنت لو كانت هذه الجزيرة تعج بالسكان , كانت ترى وراء النوافذ المطلة على الشرفات الحديدية , أضواء وأصواتا وصراخ الأولاد وضجة المذياع , وحدها في الخارج , فريسة هلع كبير , حبست صرخة رعب لدى عبور هرة بشكل مفاجىء.
وما أن أجتازت القرية حتى وجدت نفسها في قلب الريف توجهت الى الخليج الصغير حيث موعد اللقاء , ماذا سيحدث أذا تمنع رينالدو عن أعادة الخاتم؟ ليس لديها القوة الكافية لأخذه منه قسرا , وربما لن يأتي الى الموعد بنية مناكدة أيفون , من المستحيل الآن أن ترجع الى الوراء , تقدمت بخطوات حذرة وسط الظلال التي تعكسها أوراق الشجر , وما أن وصلت الى الشاطىء الرملي الفاتر حتى نظرت حولها تصغي : الصمت تام تقريبا , العصافير نائمة , والأمواج الصغيرة تلتقي بهمس بالشاطىء القاحل , سيطرت على خوفها وتقدمت خطوات قليلة قبل أن تتسمر مكانها , هل نصب رينالدو فخا لأيفون؟

" سينيوريتا........".
حبست لوريل صرخة رعب ودارت حول نفسها باحثة عن مصدر الصوت , وخلال ثوان قليلة , لم تر أحدا , ثم ظهر ظل قرب الصخرة وسمعت ضحكة صغيرة.
" ها أنت أخيرا , بدأت أصدق بخيبة الأمل".
ظل وجه لوريل في الظل , فقالت ببرود:
" لكنني سأخيب أملك , يا سيد".
أختفت الأبتسامة عن وجه الرجل الذي أنتفض لدى سماعه صوتا مجهولا , ثم قال :
" لا أفهم , ماذا تفعلين هنا ؟ أين الآنسة سبرل؟".
" في الفندق".
تقدم منها وقال بقسوة :
" لماذا لم تأت الى الموعد؟".
" هذا ليس من شأنك , أين خاتمها؟".
قال بسذاجة متصنعة:
" أي خاتم؟".
سيطرت لوريل على أرتجاف يديها وقالت:
" أنت تعرف جيدا , أعني خاتم الآنسة سبرل الذي وكّلتك به بعد ظهر اليوم....".
وضع يده خلف ظهره وقال:
" أنه ليس لك , يا آنسة , لن أعيده ألا لصاحبته".
" أولا , لا يحق لك الأحتفاظ به!".
" هل هذا تهديد , الآن؟".
" لم أبدأ بعد , أطلب منك ببساطة أن تعطيني الخاتم الآن".
" بأمكانك أن تطلبيه بلطف , في كل حال , أنها مزحة وحسب.....".
" أنا لا أفهم المزاج الأسباني , الوقت متأخر وأنا متعبة , أعطني الآن الخاتم وتنتهي المشكلة!".
نظر اليها مفصلا , من رأسها حتى أخمص قدميها ثم قال:
" آه لا , ليس بهذه السرعة , لا تنسي بأنك سببت لي ضررا كبيرا".
" هيا , لا تكن أحمق!".
" بلى , لقد حرمتني من لقاء جميل مع الآنسة أيفون , هذا اللقاء الذي كنت أتوق اليه بشدة .... لقد حدّثتني عنك كثيرا .... أعرف أن والدها وكلك بها , وبأنك تقيدين حريتها........".
أكتفت بالرد ببرود:
" لا أنوي متابعة هذا النقاش , هل ستعيد الخاتم الي؟ أم تريدني أن أستنجد بالشرطة؟".
" آه , لا , لكنك تقومين بتهديدي على ما أرى!".
بحركة مفاجئة وغير منتظرة , أمسكها من كتفيها وقال متابعا:
" أو ربما هذا التدخل من قبلك يخفي نوايا سرية؟".
أبتعدت عنه وقالت:
" وعن أية نيّة تتحدث؟".
أمسكها من جديد من كتفيها وشد عليهما وقال بصوت لطيف ومتصنع:
" الغيرة مثلا".
" ماذا بعد! يا له من غرور وغطرسة ! لا ينقصك شيء , لا المخيّلة ولا الوقاحة! أبتعد عني!".
" هذا الأمر غير وارد! هذا الكلام يقال دائما ..... في البداية... قولي لي , هل صديقتك خائفة مني؟ هل أرسلتك لتدفعي عنها الرهن؟".
" الرهن! أي رهن! لكنك بدأت تهذي أبتعد عني وألا سأصرخ!".
جذبها اليه وحاول أن يعانقها , راحت تتخبط بكل قواها , لكنه تمكن من وضع ذراعها وراء ظهرها , أعرف جيدا ما تريدينه ! أنتن النساء كلكن شبيهات!".
ضحك وشد عناقه , صرخت لوريل بغضب عندما مد يده الى صدرها , رفست كاحله , فصرخ ألما وقال:
" يا أيتها الشريرة الفاسقة! ستدفعين ثمن فعلتك!".
نجح في رميها على الرمل , فراحت تنتحب وتبكي ( يا ألهي , كيف سأستطيع التخلص من هذا المجنون الغاضب الذي يصمم على الحصول علي ؟ ) راحت تجاهد بكل قواها ضد هذا الحيوان المفترس وتمكنت من تحرير ذراعها والصراخ:
" النجدة ! النجدة! ".
فجأة أنعكس ظل عليهما , وسمع شجار قصير وسقوط , وجدت لوريل نفسها حرة , أنتشلتها يدان قويتان من كتفيها لمساعدتها على النهوض , ثم سمعت صوتا ناعما يقول:
" هل أصبت بأذى , يا آنسة؟".
( آه , لقد نجوت ! حقا نجوت! ) رأت من جديد السماء المنجمة ووجه الرجل الواقف على بعد سنتيمترات من رأسها , لمن هذا الصوت المعروف , لكن..... أليس صاحبه الرجل الغريب؟
وضعت يدها على جبينها لتبعد خصلات شعرها المشعث , بالكاد تعي ما حدث لها , لكن عندما رأت رينالدو ينهض ويستعد للهرب , أرادت أن تلحق به وصرخت:
" أوقفه! لقد أخذ خاتمي!".
خانتها قدماها , فسقطت بثقل على الرمل , وفي هذه الأثناء , كان مخلّصها قد ألتقط رينالدو , فقال الرجل الغريب:
" يا أيها القذر , ألا يكفي أن تتحرش بالنساء , بل تسرقهم أيضا؟".
بعد مناقش عنيفة بالأسبانية , أختفى رينالدو وراء الجدار وعاد الغريب الى لوريل , ويده مفتوحة نحوها وقال:
" هل هذا لك؟".
نظرت لوريل الى الخاتم البرّاق في قعر يده وأكتفت بأشارة من رأسها , مضيفة:
" أنه خاتم صديقتي".
" هل أنت أكيدة بأن هذا الرجل لم يؤذك؟".
أحمرت خجلا وقالت بتلعثم:
" أشعر.....شكرا......لكن.........لو لم تأت.....".
وبينما كانت تتكلم , كانت تحاول النهوض وترتيب ملابسها , لكن يداها خانتاها فراحت ترتجف كورقة غير قادرة على حبس دموعها .
وبعدما تأملها الغريب فترة طويلة , أنحنى فجأة وحملها كأنها طفل صغير وقال:
" لست بحالة جيدة , حادثتان في يوم واحد هل هذا من عادتك؟".
لم تستطع أن ترد بوضوح , فهزت رأسها متعبة , فألتفت الغريب الى حصانه وقال:
" أذا حملتك على ظهر حصاني , هل تستطيعين الجلوس وحدك فترة قصيرة كي أتمكن من الصعود بدوري؟".
" نعم".
حملها الى ظهر الحصان , شعرت كأن الدنيا تدور من حولها , فتمسكت بعنق الفرس وبعد ثانية كان مخلصها وراءها , متمسكا بها لئلا تقع.
" أسندي ظهرك ألي وأسترخي.....".
" أنا..... هذا لطف منك , يا سيد , لكن لا حاجة لأيصالي , فأنا قادرة أن.....".
" في هذه الحالة ؟ لا تستطيعين أجتياز خمسة أمتار!".
بدأ الجواد يهز رأسه , فتقلّصت لوريل عفويا , أمرها بلطف قائلا:
" قلت لك أن تسترخي! أنا متمسك بك ولا خطر عليك من السقوط".
لكز الحصان بلطف , فسار ببطء على طول الشاطىء , غير منزعج من الحمل الثقيل , وشيئا فشيئا , هدأت لوريل وأسترخت على صدر الرجل الغريب , وشعرت بالأمان , لكن عندما لاحظت بعد قليل أنها ليست في طريق العودة الى القرية , شعرت بالخوف وأنتفضت, فقال لها الرجل وهو يشد عليها:
" لا تخافي ,يا آنسة , سآخذك الى منزلي , لست في حالة تسمح لك بالعودة الى الفندق".
" لكن , أنا.....".
" دعيني أهتم بالأمر بنفسي , معي لا خطر عليك أطلاقا , أنا والعاملون لدي أشخاص متمدنون".
" هذا لطف منك , يا سيد وأنا مدينة لك , لكن الوقت ليل والساعة تجاوزت منتصفه....".
" وماذا بعد؟".
ما هو ردّها على هذا السؤال؟ لو لم يصل الى الشاطىء في هذه الساعة المتأخرة من الليل , لحلت بها الكارثة! فضّلت عدم التفكير بالأمر , أذن لماذا المناقشة ؟ لماذا طرح الأسئلة ؟ في هذه الزاوية البعيدة من هذا العالم , تشعر وكأنها وحيدة مع هذا الرجل الصامت الذي تنبع منه حرارة تبعث على الأطمئنان والأضطراب في آن واحد , لا شيء له أهمية بعد ذلك , الكاوبوس أبتعد.
منتديات ليلاس
على بعد بضعة مئات من الأمتار أنعطف الشاطىء نحو لسان الجبل الداخل في البحر , فأخذ الحصان طريقا قاسية تحيط بها الشجيرات النحيلة , وشيئا فشيئا أصبحت النباتات أكثر كثافة وأتسعت الطريق , في الهواء الفاتر , الأزهار غير المرئية تفح عطورها الزاهية , والحشرات الليلية تطير حولهما وتلسمهما بأجنحتها .
فتحت عينيها ورأت سياجا قرب السماء الزرقاء الغامقة , ثم قصرا ضخما مزينا بالأبراج , أظهرت تعجبا لا أراديا , كيف لم تفطن الى ذلك من قبل؟
وصلا الآن الى القصر , هذا الرجل الغريب الذي قفز ثم مد لها ذراعيه , ليس هو أذن .... سوى الكونت.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مارجري هيلتون, جزيرة الاقدار, margery hilton, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, the velvet touch, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:29 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية