لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-06-11, 03:05 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

4- موعد فلقاء........ ولكن



" أهلا وسهلا بك الى فالديروزا!".
قال الكونت هذا الكلام بلهجة ساخرة وهو يتقدمها تحت القنطرة الحجرية المؤدية الى داخل القصر.
دخلا بهوا واسعا سقفه ملبّس بخشب السنديان , واللوحات العديدة ذات الأطر المذهبة , بساط رائع يغلف جدارا بكامله , والمكان يعج بالخزائن المحفورة والكراسي العالية والخزف الذي يملأ الرفوف الى جانب الأواني الفضية والتحف الفنية النادرة , المصابيح الجدرانية المذهبة تبعث نورا خرافيا على كل هذه الروعة.
سحرت لوريل بهذا الأكتشاف وألتفتت ببطء حولها وأنتفضت عندما أشتبكت نظراتها بنظرة الرجل الباردة , دخل خادم بصمت وأنحنى أمام الكونت , فأعطاه صاحب الدار تعليمات ملخّصة قبل أن يقول الى لوريل:
" أتبعي جوزيه , سأوافيك بعد لحظة".
لا شك أنه يريد وضع حصانه في الأسطبل , فجأة شعرت بالخجل لرؤية الخادم صاحيا في هذه الساعة المتأخرة , فتبعته في ممر طويل , فتح جوزيه بابا ثقيلا منحوتا , بمصراعيه ثم قال:
" هذه هي قاعة الأستقبال".
ثم أشار لها الى باب آخر وأضاف:
" ومن هنا , تجدين الحمام".
أختفى جوزيه ودخلت لوريل الى الحمام الحديث الطراز والمبلط بالحجارة الزرقاء التوركوازية المتناسقة مع المغسلة والمغطس والمناشف السميكة.
غسلت وجهها مطولا بالماء الباردة , وبفرشاة نظّفت ملابسها الملطخة بالوحل وسوّت هندامها , ثم سرّحت شعرها وعادت الى قاعة الأستقبال , أنها غرفة متوسطة الحجم , داخلها الرفوف تحمل الكتب العديدة , واللوحات الحديثة والبساط السميك الفاتح وأريكة ومقاعد مريحة , على طاولة منخفضة قرب النافذة قيثارة أسبانية أضفت جوا دافئا على المكان.
جلست لوريل بأسترخاء على الأريكة وأحست بتعب بعد هذا النهار الحافل بالحوادث العديدة والأنفعالات المختلفة , آه , لو تملك آلة لأعادة الزمن الى الوراء.... فلسوء حظها ألتقت بالشخص الوحيد , الذي كا عليها أن تؤثر فيه تأثيرا جيدا , ولا شك أن مشروعها قد فسد , لم يخف لها عن نظرته أتجاهها..... بعد سباحة بعد الظهر ومحاولة النيل منها...... آه , لو لم تتصرف أيفون تصرفا أحمق ! .......ز أيفون ....... آه , ستقلق لعدم عودة صديقتها , عليها أن تعود الى الفندق الآن , نهضت من مكانها وفي الحال أنفتح الباب , فواجهتها النظرة النظرة الباردة لصاحب الدار المندهش.
قالت متلعثمة:
" يجب..... نعم, يجب علي أن أعود الى الفندق".
" لكنك وصلت لتوك! أبقي فقط لأحتساء القهوة التي ذهب جوزيه لتحضيرها".
جلست وقالت :
" آه , لا حاجة للأنزعاج من أجلي , الوقت متأخر جدا".
قال بجفاف:
" ليس من المفروض أن تفاجأي من تأخر الوقت , ما دمت قد أعطيت موعدا في منتصف الليل".
" ليس أنا من حدّد هذا الموعد".
" لكنك ذهبت اليه بنفسك... آه , ها هو جوزيه".
وضع جوزيه الصينية وأختفى بصمت كما دخل , رمق الكونت لوريل بنظرة غريبة وقال:
" هل بأمكاني أن أطلب منك خدمة؟ أليس من عادة بلادكم أن تقوم الفتاة بتقديم القهوة مكان ربة المنزل؟".
أحمرت لوريل أمام نظراته الساخرة وتوجهت الى الطاولة وحملت غلاّية القهوة الفضّية وسكبت القهوة السوداء العطرة في فناجين , قدمت فنجانا الى الكونت وقالت:
" يبدو أنك مطّلع بغض الوقت في بلادكم".
حمل الفنجان وأنتظر لوريل كي تجلس وجلس بدوره , قال:
" يخيّل ألي بأنك لا تتقيّدين بعادات بلادك".
كادت أن تختنق , ثم قالت:
" ماذا تقصد؟".
أبتسم قليلا وأجاب:
" ليس لطفا مني أن ألح على ما أقوله , وأخشى أن أوترك أكثر , في مساعدتك على ذتكّر.....".
أحمرت لوريل وأخفضت وجهها ببطء وجرعت قهوتها قبل أن تقول بصوت متقطع:
" أنا أشكرك على أستقبالك لي , يا سيد ,وعلى كل ما فعلته من أجلي اليوم , لكن يجب علي أن أعود الى فندقي".
" لماذا؟".
" لأن الوقت متأخر .... لم نتعرف الى بعضنا بعد....".
ضحك بصوت مرتفع وقال:
" أنت في أجازة وتعيشين في الفندق وليس في الدير ! لا تحبين البقاء هنا, لأننا لم نتعارف بعد على بعضنا , كما هي الأحوال , هل تخافين من الأشاعات؟".
" أوه.... أذن..... نعم , أخاف......".
قال بسخرية:
" لا تقولي بأن الأعراف تخنقك! لن أصدق ذلك منك , خاصة بعد أن رأيتك بعد الظهر اليوم تسبحين وحدك كما أنك أعطيت موعدا في منتصف الليل مع غاو محترف".
قالت بعنف:
" بلى , أصر على مجاراة الأعراف ! لا تتهمني بأشياء لا علاقة لي بها , لا أحب أن يسخر أحد مني".
" معاذ اللله , يا آنسة , سامحيني , أرجوك , كيف بأمكاني أن أعوض عن ذلك؟".
" لا أطلب منك ألا شيئا واحدا , وهو أن تصدقني , أقول لك مرة أخرى بأن موعد منتصف الليل لم يكن مخططا له من قبل".
" أشرحي لي لماذا أنوجد خاتمك في حوزة رينالدو".
" الخاتم ليس لي بل لأيفون , وأردت أن أجلبه مكانها".

ترددت لحظة , ثم قالت:
" لم يكن مناسبا أن تذهب بنفسها الى هذا الموعد...... ومن هنا حصل سوء التفاهم هذا".
" لا أفهم شيئا , يا آنسة , لماذا أعطيت لرينالدو خاتما لا يخصك؟ أم هل سرقه؟".
" آه لا , كلا , أبدا".
قررت أن تكون صريحة معه وتقول الحقيقة , فأضافت:
" في الواقع أنا مسؤولة عن أيفون , والدها أوكلني بها , لأبعادها عن شاب فاسق تعلّقت به , أنك ترى بنفسك , أنني لم أقصد أن أرميها بين ذراعي رجل آخر مثل رينالدو , لذلك قررت أن من واجبي التدخل في الأمور التي تتعلق بها".
أطلقت زفرة سرّية وعمّ الصمت , رفعت لوريل عينيها وألتقت بنظراته المتفهمة سألها:
" ما عمر أيفون؟".
" ستة عشر سنة ".
هز رأسه وقال:
" أفهم جيدا شعورك نحوها , يا آنسة , ذلك لأنني نفسي , أنا أيضا أجابه قصة من النوع نفسه".
" أنت؟".
أبتسم بمرح وقال:
" هل تعتقدين بأن هذه المشكلة لا وجود لها عندنا؟ حتى هنا , حيث التقاليد محترمة وصارمة نجد أنفسنا معرضين لما يرفضه هذا الجيل الشاب لأي شكل من أشكال السيداة والسطوة".
تذكّرت لوريل فجأة عمتها العجوز التي ربّتها بعد وفاة والديها , أي عندما كانت طفلة , التربية الجدية الصارمة التي أعتمدتها العمة أديل أثّرت بالفتاة تأثيرا عميقا , وربما هذه الحشمة الغريزية , هي التي أفسدت علاقتها مع فيليب , الذي لم يكن يفهم معنى تحفّظها القوي , هي الفتاة الحرة والمستقلة.
أنحنى الكونت يراقب بتمعن وجه الفتاة الجميل المعبّر وقال:
" هل تعتقدين. أنت أيضا , بأن التقاليد الصارمة يجب أن تعود؟".
" يتعلق الأمر بنوعية هذه التقاليد والشخص الذي يتعامل معها ".
" في مثل هذه الحال , الأمر يتعلق بفتاة طائشة , ووقحة , أذن؟".
أمام صمت لوريل تابع الكونت يقول:
" أبنة عمتي تكبر صديقتك بقليل , ولقد تعلّقت هي أيضا بشاب رفضته عائلتها قطعيا , أنه عاطل عن العمل, يحوم حول ثروتها , كارلوتا تصبح غنية عندما تبلغ سن الرشد , ولا نريدها أن تنخدع به ونحاول أبعادها عن هذه التجربة الى أن تعود الى رشدها , ستصل في نهاية الأسبوع المقبل".
" الى هنا؟".
" نعم , لست فرحا جدا بهذا المشروع , أنها تحب كثيرا أن تأتي لزيارتنا , لكن في الظروف الحالية.....".
لم يكمل كلامه , سألته بحذر:
" لا شك أن أبنة عمك فتاة تعيسة , ربما هي تؤمن بصدق هذا الرجل؟".
" مهما حدث , فالقضية أقفلت نهائيا , لن تراه بعد الآن وستنساه بسرعة , الفتاة , عندما تكون في السادسة عشر من العمر , لا تعرف ما تريد , أما بالنسبة الى عواطفها.....".
قاطعته لوريل بحدة قائلة:
" ليس كلامك العسلي , الذي سيمنعها من الألم والعذاب".
" تضعين نفسك الى جهتها على ما أرى , لكنك تدخلت في شؤون أيفون , بحجة أنك تفعلين صالحها , أنت فتاة غريبة ومتناقضة وغير منطقية , يا آنسة!".
رفعت الفتاة كتفيها بتعب , هذا الحديث أرهقها , لكنها قالت:
" كيف بأمكاني أن أضع نفسي بجانب الفتاة وليس ضدها , وأنا لا أعرف شيئا عن المشكلة التي تعانيها؟ أما بصفتي غير منطقية ..... فأنت حقا صادق بأتهامي ...... فقط لأنني لست من رأيك".
أبتسم بتقلّص وبرقت عيناه وقال:
" في كل حال , عندما ترين كارلوتا , ستدركين أنها ليست بحاجة لأن يدافع أحد عنها".
هزت لوريل رأسها وقالت:
" في كل حال , الأمر ر يخصني مباشرة".
ثم نهضت وقالت:
" أنا متعبة وأريد العودة الى الفندق".
نهض بدوره وقال:
" آه , أعذريني , سأوصلك الى الفندق , لكن قبل ذلك ....".
تردد فسألته:
" ماذا؟".
" كم من الوقت ستبقين في هذه الجزيرة؟".
" شهر تقريبا".
" وهل وصلت الى هنا منذ وقت طويل؟".
" منذ أقل من أسبوع , لكن..... لماذا هذه الأسئلة؟".
" لأسباب عديدة , من المستحيل أن تبقي , من الآن فصاعدا , في الفندق".
" لكن لماذا؟ لقد حجزنا فيه لمدة شهر بكامله".
" لكن الأمر الآن لم يعد مناسبا , بسبب ما حدث حتى الآن ".
" كيف؟".
" عليك الحذر من الآن فصاعدا , لقد هاجمك أحد مستخدمي الفندق , لا تنسي , طبعا ليست غلطتك ........لقد تصورت أن رينالدو قد فهم بعد الذي حدث في الماضي....".
لم يكمل كلامهوتذكرت لوريل قصة سارة ......... لكن هل سيأمرها بمغادرة الجزيرة؟".
" بالنسبة اليّ شخصيا , أفضل أن أنسى كل ما حدث , ولا أعرف لماذا يجب علينا أن نعاقب , لن نلغي عطلتنا بحجة علاقة عاطفية عابرة , كانت لها نهاية مأساوية".
" هل شعرت بالخوف؟".
" نعم , لكن هذا لا يكفي كي أغادر الفندق الوحيد الموجود في الجزيرة".

" وماذا أذا أستضتكما عندي؟".
" ماذا؟".
" لا تنظري ألي كأنني أنسان مجنون , فكري بالأمر ......".
" لن أسمع شيئا طالما.......".
" دعيني أكمل حديثي , من فضلك".
فضّلت السكوت على رؤيته غاضبا , فتابع يقول ببطء مدروس :
" نحن الأثنان تسرّعنا في أصدار أحكام عامة وأخطأنا , ألا تفهمين بأن التصرف الوقح لدى بعض الفتيات يمكنه أن يسبب ضررا للآخرين؟ ومثال على ذلك , ما كاد أن يحدث لك من جراء غلطة أرتكبتها صديقتك , ونتيجة ذلك تضعيني في فئة الغاوين مثل رينالدو , أنا لم أحاول الحكم عليك , أقسم لك بذلك".
تنهد ولامس خدها بلطف وتابع يقول:
" الفتيات الطائشات لا تحمر خدودهن بسهولة أنما أنت خجلت بعد الظهر وأحمرت وجنتاك , وها أنت الآن تفعلين الشيء نفسه...........".
شعرت بأنزعاج وقالت:
" دعك من هذه القصة الرهيبة , أفضل أن أنسى ما حصل بسرعة !".
" أنا لا أحب نسيان ذلك بشكل خاص".
سكت قليلا ثم أضاف:
" حسنا , لن أفتح هذا الموضوع بعد الآن , لكن بشرط واحد , وهو أن ندفن العدائية بيننا ونقر السلام".
رجع الى الوراء , لكن لوريل ظلت جامدة مكانها لا تعرف أين هي من كل هذا , ترغب في تصديق الرجل والقبول بتفسيراته , وفي الوقت نفسه لا تريد الأستسلام لجاذبيته القوية , ما معنى هذا التغيير الجذري من قبل الكونت؟ توجهت الى الباب وقالت:
" حسنا , ما دمت تريد ذلك".
ترددت ثم نظرت اليه وقالت:
" عادة , أنا لا أغضب بسهولة , لكن هذا النهار كان مختلفا".
" أنا أصدق كلامك وأوافق معك".
" شكرا لكل ما فعلته لأنقاذي , وشكرا على القهوة , والآن أعتقد بأنه من الأفضل أن......".
وقفت لدى رؤية أبتسامته المرحة , فقال:
" آه , يا ألهي لن أفهم أبدا النساء الأنكليزيات .....".
هز رأسه مرتبكا وفتح الباب , ولما أصبحا خارج القصر , كانت الساحة مضاءة وسيارة نحاسية تنتظرهما , بدت الجزيرة , في ضوء القمر , ساحرة وسرية , وبعد دقائق معدودة وصلت الى الفندق , أوقف الكونت السيارة أمام اباب وقال:
" آه, لا شك أنك متعبة , أعذريني أذا حجزتك مطولا".
ترددت لحظة قبل أن تقول:
" آمل في ألا تكون جدّيا في ما يتعلّق بمغادرتنا الجزيرة؟".
" لكن , لم ألمح الى ذلك أبدا , أكتفين بالقول بأنك لا تستطيعين البقاء في الفندق بعد الذي حدث , وما زلت أصر على ذلك".
" هل كنت تقصد بان.........؟".
" نعم , فكرت بأن أبنة عمتي ستكون فرحة لرفقة الفتيت فعمتي التي تعيش معنا , هي الآن خارج البلاد في زيارة أصدقائها , ولا تنوي العودة بهذه السرعة لمراقبة كارلوتا , أما أنا فسأضطر للسفر الى مدريد من أجل القيام بأعمال ملحة ولن يطول غيابي , لكن أبنة عمتي ستجد نفسها وحيدة , وهذا الأمر لا يعجبني , جدتي , أمرأة مسنة , وليست على أستعداد لتحمل مزاج هذه الفتاة العنيدة , ومن يدري , ربما أرى لدى عودتي بأن العصفور قد أختفى!".
" بدأت أفهم ما تقصده , والمشكلة ليست سهلة , لكن هل تعتقد بأن وجود الغرباء سيغيّر الأمر؟".
" آه نعم! أطلب منك أن تفكري مليا بأقتراحي , وأذا قبلت , سنصيب هدفين برمية واحدة , أذا رفضت , سأطرد رينالدو من عمله وستعاني آلين من مشكلة أيجاد من يحل مكانه , وهذا الأمر صعب جدا في هذا الموسم".
" آه صحيح ؟".
" أنت لا تعرفين الجزيرة ومواردها ونوعية ومستوى العمال فيها , دعيني أكون الحاكم الوحيد".
" طبعا , يا سيد , لكن علي أن أفكر أيضا بالوضع المالي لهذه القضية , لا أدري ما أفعله لقد دفعت أجرة الفندق مسبقا".
راح يضحك بطيبة خاطر وقال:
" آه , أنتن الأنكليزيات عنيدات ! لا تقلقي , لا أحد سيخسر , لا أنت ولا السيدة آلين , سأشعر بأمان أذا كنت في حمايتي , لكن أعذريني أن قلت لك بأنك تجلبين الكوارث كالصاعقة , الله وحده يعرف ما يمكن أن يحل بك , في ( جزيرة المصير) حتى نهاية أقامتك !".
منتديات ليلاس
كادت أن ترد عليه لأتهامها بأفتعال الكوارث , لكن تحلت بالوعي الكامل وقالت:
" أنت لطيف حقا , يا سيدي وأنا مدينة لك بالشيء الكثير , لكن لست مضطرا لأن تأخذ تحت حمايتك فتاتين غريبتين , وفي ما يتعلق بأبنة عمتك ..... أوه ..... سأكون فرحة للتعرف اليها , ومرافقتها قدر المستطاع".
" لقد أفهمتك بأن لا دين بيننا , وبالتالي لا وفاء للأحسان....".
لمعت عيناه غضبا وقال :
" كيف سأتوصل الى أقناعك ؟ هل تعتقدين بأنني أتصرف أتجاهك بداعي التهذيب؟".
" كلا , كلا , أبدا , أرجوك لا تفكر أبدا بأنني.......".
" أسمعيني أيضا مرة أخرى , يا آنسة , نحن أيضا لدينا عاداتنا وتقاليدنا , عندما غادرت القصر الآن , كان بأمكاني أن أقول لك ( أنت هنا في منزلك ) لكنني لم أفعل ذلك , لأنك غريبة , قولي بصراحة , هل تعتقدين بأنني أتكلم في الهواء؟".
" لا , أبدا , آه , حاول أن تفهم ! لا أريد أن أستغل كرمك ولطفك , أرى بأنني جرحت شعورك , ليس هذا قصدي , صدقني".
ران صمت قصير , ثم وضع يده في يدها وقال:
" أعرف ذلك , والآن أتركك , سأراك غدا لنضع النقاط على الحروف".
طبع قبلة على يدها , فأعتقدت لوريل بأنها تحلم , أمامها رجل أنيق ولبق يساعدها على الخروج من السيارة ويرافقها حتى عتبة الباب ثم ينحني ويقول قبل أن يبتعد:
" الى اللقاء , لا توقظي النائمين".
توقفت لوريل أمام الباب , تنظر اليه يبتعد في الليل , شعرت وكأنها تحلم في نهاية هذا النهار الحافل , في الصباح , عندما ذهبت لأستكشاف الجزيرة , لم يكن الكونت موجودا , أما الآن فيبدو أنه يملأ عالمها.....
" لوريل ؟ أين ذهبت؟".
ظهرت أيفون في أعلى السلم , قلقة , وتابعت تقول متهمة:
" كدت أجن ! من هو؟ رأيت السيارة...".
وقبل أن يتسنى للوريل أن ترد , مدت أيفون يدها وسألت:
" هل حصلت عليه؟".
حدقت بها لوريل لحظة , فمها مفتوح ونظرتها لا تعبر عن شي , ثم كادت أن تنفجر بالضحك أمام سخافة الوضع , هذا الخاتم اللعين , سبب كل عذاباتها , وما زال في حوزة الكونت
!

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 14-06-11, 03:09 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

5- ضيفتان




" هل قال لك أي ساعة سيأتي الى الفندق؟".
أجابت لوريل:
" كلا , قال بأنه سيمر خلال النهار".
" لكن ماذا أذا لم يأت ؟ وماذا أذا فقدت خاتمي ؟ أنت حقا أنسانة غريبة , يا لوريل , كيف نسيت أن تطلبي الخاتم منه؟".
" لقد نسيت ذلك كليا, ضعي حالك مكاني , تشاجرت معه ..... وبعد الذي حصل , لم أكن أنوي سوى العودة , لا تنسي بأنني أضطررت , في بادىء الأمر , أن أدافع عن نفسي ضد رينالدو".
" قولي بصراحة , يا لوريل , هل حاول فعلا أن.....".
قاطعتها لوريل بجفاف قائلة:
" نعم , كان على وشك أن يفعل ذلك.....".
" أوه! مساء أمس , لم أكن أعرف أذا كنت تقولين الحقيقة كاملة أم تضحكين علي".
" ألم تشجعيه على ذلك؟".
" أبدا".
" ألا تريدين أن تقولي شيئا بهذا الخصوص؟".
" لقد أخبرتك بكل ما حصل , لدى عودتي".
" ليس كل شيء.......".
" أذا كنت تريدين تفاصيل مؤنسة , لا تتكلي عليّ".
" آه! لست لطيفة , لكن , يا لها من مغامرة لا تصدق ! الكونت يأتي لنجدتك في منتصف الليل , على ظهر حصان أسود , ثم يضعك فوق الفرس ويقودك الى قصره ..... آه , بعض الناس محظوظون !".
" أستطيع أن أعيش من دون الذي حدث!".
أدارت لوريل ظهرها وراحت ترتدي ملابسها , حول عينيها شحوب يدل على أنها لم تنم جيدا خلال الليل , بعد كل أنفعالات ومفاجآت الأمس , في وضح النهار بدت كل هذه الحوادث كالحلم , أو كالكابوس وتريد لوريل أن تنساه , لكن أيفون تمتع بحشرية ملحة فراحت تنهمر عليها بالأسئلة خلال فطور الصباح.
" أذن , سنتناول الغداء في القصر".
" لا أعرف".
" لكن ما دام قد دعانا.....".
" أتساءل أذا كان لائقا أن نقبل دعوته؟".
" ولم لا ؟ حسب رأيي أنا , هذه الدعوة رائعة , أخبريني كيف هو ؟ ما عمره؟".
" لم أسأله , لكن ربما يكون في الثلاثين".
" هل هو وسيم؟ وجذاب مثل رينالدو؟".
" من الصعب القول.....".
أنها ترى الكونت رجلا وسيما , لكن أن تقارنه برينالدو هذا مستحيل , كمقارنة الهر بالنمر الملكي.... وخشية أن يظهر التوتر الذي يختلجها , أسرعت في القول لأنهاء الحديث :
" آه , سترينه بنفسك".
" لكن , يا لوريل , قلت لي بالأمس , بأنك تشاجرت مع الكونت , ما سبب ذلك؟".
لا تنوي لوريل أن تخبرها عن الظروف المذلة التي جعلتها تلتقي بصاحب ( جزيرة المصير ) فأجابتها قائلة:
" كنت أبالغ قليلا , مثلك , أعتقد الكونت بأنني شجعت رينالدو على ما فعله , فقلت له بأنه مخطىء وبلهجة قاسية , لا شك أنه غير معتاد على ذلك".
" هذا كل ما في الأمر؟".
" ألا يكفي ؟ هل تشعرين بتحسن اليوم؟".
" أنا؟ نعم , لماذا؟ هل أبدو مريضة؟".
" لا , أبدا , بالعكس تبدين متألقة , وأحسدك على ذلك".
فوجئت أيفون وقالت:
" لكنك رائعة , يا لوريل , مبتهجة ومنتعشة وجميلة أيضا.
" أنت جميلة جدا , يا أيفون , ولا حاجة بك للحسد من أي أنسان".
" صحيح؟".
" أنا أكيدة من ذلك , أما الآن فأريد أن أتمدد على الكرسي ّ الهزاز في الحديقة , وأنت ماذا ستفعلين؟".
" لن أتركك , وأود من كل قلبي أن أرى الكونت حين يصل".
خرجت الفتاتان الى الحديقة وتمددتا تحت الشمس وشرعتا في القراءة , ولم يأت أحد , بعد الظهر بدأت أيفون تقلق على خاتمها , عجّ المكان بالنزلاء العجزة وأزوادهم , فملّت أيفون من هذا الوضع وقالت:
" آه , لا أريد أن أبقى دقيقة واحدة مع هؤلاء العجزة المجانين! هذا فوق ما أستطيع تحمله".
" أين تذهبين؟".
" الى الشاطىء".
وضعت أيفون نظارتيها وقبعتها وغادرت المكان بخطوات متمايلة , أطلقت لوريل زفرة عميقة وتساءلت : ماذا بأمكانها أن تفعل؟ من المستحيل أن تراقب صديقتها من الصبح حتى المساء.
ربما كان الكونت على حق , في القصر ستتمكن لوريل من مراقبة أيفون أكثر , وأذا برهنت كارلوتا عن لطفها وتعقلها , لربما أصيحت رفيقة ثمينة لأيفون , التي ما زالت تجد صعوبة في أخفاء ضجرها , وكيف لالأمكان لومها ؟ الجزيرة لا تحتوي على وسائل اللهو لفتاة من جيلها , والآن تأمل لوريل ألا تكون دعوة الكونت مجرد لياقة سطحية كما تتمنى ألا يطول تأخره.
وبأنتظار ذلك , قررت كتابة بعض الرسائل , فنهضت من مكانها وتوجهت الى غرفتها لجلب قلم وورقة , في البهو ألتقت بالآنسة جيسون , هذه المخلوقة العجوز , القصيرة الناعمة , الوحيدة , توقظ عند لوريل الشفقة , تحدثنا معا ثم سألتها العجوز :
" أنسى داما ألا أحد هنا في هذه الساعة من النهار , ساعة القيلولة , أريد شراء بعض البطاقات البريدية ولا أريد أزعاج السيدة آلين , هل تعتقدين أنه بأمكاني أن آخذ بضعة بطاقات الآن؟".
أبتسمت لها لوريل بلطف ونعومة وقالت:
" ليس في ذلك أي مشكلة , وأنا كذلك سآخذ بعضا منها , عادة أضع المال في هذا الصحن , هناك".
فعلت الآنسة جيسون مثل لوريل , ثم تبعتها الى زاوية مظلمة في الشرفة , وقالت:
" هل تركتك صديقتك؟".
" آه... لوقت قصير , ذهبت الى الشاطىء".
" لا شك , أنها لا تتسلى معنا , هذا أمر طبيعي , لمن في سنها , الصغار يعتقدون دائما بأننا لم نمر بسن الشباب , بينما عندما أفكر بذلك الوقت...... في شبابنا , أقول , بأننا لهونا كثيرا , صديقتي وأنا , أتذكر أيّما عندما وقعت بغرام شاب فرنسي ألتقت به نيس مع أحد أصدقائه , تبعانا لمدة أميال عديدة , في جادة الأنكليز , في تلك الأيام , لم يكن سهلا التعرف على الجنس الآخر , ولو عرفت وادة أيّما بذلك , لجنّ جنونها .... آه , نعم كانت أجازة رائعة , ألتقيت بمارك بعد مدة قليلة , وتواعدنا على الزواج.......".
تنهدت عميقا وبأسف أضافت:
" كان ذلك عام 1940 , ومن ثم أندلعت الحرب ومات مارك! جحيم دانكرك.....".
" آه! هذا مؤسف حقا".
" نعم , بقيت حزينة عليه سنوات عديدة ..... لكن, يجب الأستمرار في الحياة....".
فجأة توفت الآنسة جيسون عن الكلام , قائلة:
" آه , المعذرة , يا عزيزتي الصغيرة , لا شك أنك مللت من كلامي".
" لا , أبدا".
" لكنك تسامحين بسهولة , لن أنطق بكلمة بعد الآن!".
وأنغمست العجوز الأنكليزية في كتابة الرسائل وران الصمت مدة طويلة , وحوالي الرابعة بدأ النزلاء يهبطون الى الحديقة , والسيدة آلين تحضر السندويشات والحلوى لمن يريد, محافظة على التقليد البريطاني".
وفي تلك الأثناء وصلت أيفون وتمددت على المقعد , سألتها الآنسة جيسون:
" هل قضيت وقتا ممتعا على شاطىء البحر؟".
" أنت تمزحين , أليس كذلك؟".
هزت العجوز كتفيها ونهضت لتتوجه نحو زاوية الشرفة حيث الشاي يقدم للجميع , وكالجراد أحاط النزلاء بطاولة الطعام , واحوا يأكلون السندويش وقطع الحلوى الصغيرة.
فسألت أيفون:
" أنظري , أنهم يعيشون فقط في أنتظار موعد الطعام , وفي الحقيقة لا يحبون شيئا آخر ! يا لهؤلاء التعساء! ".
" أخفضي صوتك , بأمكان أحد ما أن يسمعك ".
" وأذا سمعني أحد؟ أليس ما أقوله صحيحا؟".
" في المستقبل , يا آنسة , أنصحك أن تبدي رأيك بطريقة سرّية".
هذا الصوت الجاف والمتعالي جعل الفتاتين تستديران معا دفعة واحدة وحين تعرفت لوريل الى النظرة الساخرة التي كانت تهددها منذ الأمس , رفعت يدها الى عنقها.
منذ متى والكونت هنا وراء مقعدها , كيف بم تسمعه يصل؟
قالت أيفون مذعورة:
" ألا تخجل من التنصت على الحديث , يا سيد!".
أبتسم وقال:
" المعذرة , يا آنسة , أنت على حق , غلطتي أسوأ من غلطتك , أسمحي لي أن أقدم نفسي .. رودريغة دي رينزيه , تحت خدمتك ,وأنت , يا آنسة , من تكونين؟".
أعطته أيفون أسمها ونظرت اليه بعينين مسحورتين وأضافت :
" لمعذرة يا سيدي , لا شك أنك عرفت بأنني لم أكن أريد أن أجرح شعور أحد".
" أنا مقتنع كليا بذلك , يا آنسة".
ثم ألتفت الى لوريل وسأل:
" هل بأمكان الجلوس معكما؟".
" طبعا".
جلس الجميع , لكن لوريل كانت ترتجف أضطرابا وتحسد أيفون على أسترخائها وفرحها في الأستئثار بأنتباه هذا الرجل الجذاب , بدا وكأنه عرف نداء العينين الجميلتين البراقتين , وبسرعة أخرج الخاتم من جيبه ونصحها أن تضعه في مكان أمين , فمدت له يدها النحيلة وقالت :
"أظن أنه من الأفضل أن أضعه في أصبعي".
" هل تسمحين أن أساعدك؟".
شكرته أيفون بحرارة , مضيفة بأن والدها مستعد لقتلها أذا أضاعته , ولم تستطع لوريل من كبت أبتسامتها الساخرة : غوردن سبرل هو آخر من يفعل ذلك!
" لست أنا من يجب أن تشكري , بل صديقتك".
" آه , نعم , لقد فهمت , أنها تعرضت للمشاكل من أجل الحصول عليه ".
" نعم , بالفعل".
نظر الكونت الى لوريل وقال:
" هل شفيت كليا من أنفعالات الأمس المؤلمة , يا لوريل؟".
أضطربت لسماع أسمها على لسان الكونت , وهزت رأسها قبل أن تسأل بخجل:
" ربما تريد بعض الشاي".
" شكرا , لقد طلبت من السيدة آلين أن تحضره لنا , كما حدّثتها عن قضيتنا , لقد شاركتني الرأي ولا يبقى لي ألا الحصول على موافقتكما".
لمعت عينا أيفون فرحا , أما لوريل فما زالت مترددة , هل من الصواب أن تدع الكونت يتدخل في شؤونهما لكن.. ما دامت السيدة آلين موافقة.........
" يا لهذه المراعاة!".
وبأسترخاء مبالغ , راح رودريغو دي رينزي يحتسي الشاي .فأعتبرته لوريل في تلك اللحظة بأنه يشبه الحرباء , يتكيّف مع كل الأوضاع بسهولة غريبة , وبدا على أيفون بأنها أتخذت بسحره وجاذبيته.
منتديات ليلاس
وبعد ذهاب الكونت , أنتشر الخبر كالصاعقة , الجميع فرحوا لدعوة الفتاتين الى منزل صاحب الجزيرة , ولما جاء السائق ليأخذهما الى فالديروزا , تجمّع النزلاء كلهم على الشرفة ليودعوهما.
ولما توقفت السيارة الضخمة أمام مدخل القصر, شعرت لوريل بأبتهاج غريب , راح قلبها ينبض بسرعة جنونية , وما أن هبطتا من السيارة حتى تقدم الكونت لأستقبالهما , ثم قال:
" سنريكما غرفتيكما وسنتناول العشاء في الساعة التاسعة وسيكون بسيطا جدا , لأن العمة كونستانس لم تأت بعد".
ولما أصبحتا في غرفتيهما , سألت أيفون بعدما دخلت الى غرفة لوريل الشاسعة:
" ماذا يعني بالعشاء البسيط هل نرتدي الجينز أو الملابس الأنيقة؟".
" أنا سأرتدي تنورة مخملية وقميصا مطرزة".
" وأنا أرغب في أرتداء بزّتي الجديدة , الحمراء والسوداء ...... الشفافة... على شرف الكونت ! لا شك أن ذلك سيحدث تغييرا جذريا في عادات الكونت , أذ كان هذا الأخير معتادا على ذلك !".
ولما رأت أيفون تعبير لوريل المذعور , راحت تضحك بصوت عال وتقول:
" لا تخافي! أنا أمزح فقط .... أليس هذا رائعا أن يكون لكل واحدة منا غرفتها الخاصة تعالي وأنظري الى غرفتي.. شرفتي تطل على البحر , أنه حلم!".
كانت الغرفتان مفروشتين بالأثاث الفاخر والأنيق , غرفة لوريل مغلفة جدرانها بالورق الوردي المقلّم بالفضي , الستائر وغطاء السرير كلها وردية , الأثاث الأبيض المذهّب , منثور على البساط السميك الرمادي , أما غرفة أيفون , فلونها ليلكي وأصفر.
قالت أيفون:
" لم أكن أتوقع سريرا بهذا الشكل وأثاثا من السنديان الأسود ولوحات تمثل المغامرين الأسبان الذين غزوا أميركا! آه , لو كان أبي هنا , لأعجب بذلك".
أطلقت لوريل زفرة عميقة وجلست على السرير , فسألتها أيفون قلقة:
" ماذا بك؟".
" آه , يا ألهي! كيف نسيت؟".
" نسيت ماذا؟".
" المهمة التي أوكلني والدك بها!".
" آه , لا تقولي بأنك لم تصرّحي للكونت عن سبب أقامتنا في هذه الجزيرة...".
" لا! خلال اليومين الفائتين حدثت أمور كثيرة , جعلتني أنسى كليا هذه المسألة , ماذا سأفعل الآن , يا ألهي كيف سأبوح للكونت بأنني جئت بهدف أستكشاف المكان؟".
" لكن ذلك ليس ضروريا!".
" بل هذا من واجبي , ليس لدي خيار".
قالت أيفون بحماس:
" أنا لست من رأيك , فكري بالأمر مليا , أنها فرصة رائعة لنا , وما دمنا في القصر , فسيقول لنا الكونت كل شيء ويدلنا على كل شيء, وهكذا نربح الوقت".
" كلا , لا أريد ذلك , هذا غش وتضليل".
" آه لا تبالغي , أنت ما تزالين في المرحلة الأولى من الأستكشاف وبأمكانك أن تتوقفي عند الحد , والكونت لن يعرف بالأمر".
نهضت لوريل وقالت:
" لا يمكنني أن أقنعه بأنني هنا سائحة وحسب, سأقول له الحقيقة في أسرع وقت , آه , لا أجرؤ على التفكير بردة فعله أتجاه ما سأبوح له".
" آه , أرجوك , نحن محظوظتان لوجودنا في هذا القصر الجميل , كأنه حلم لا يصدق , وأخشى التفكير في توضيب حقائبا من جديد والرحيل!".
ران صمت طويل , بعده أن أقتربت أيفون من لوريل , المتكئة على النافذة:
" لوريل..".
" نعم".
" هل يهمك رأي أنسن غريب , الى هذه الدرجة؟".
" كلا , طبعا , لكنني ممزقة , هل تفهمين ؟ لا أقدر أن أخدع رجلا يقدم لي ضيافته".
أحتجت أيفون وقالت:
" أسمعي , يا لوريل , لا تقلقي , لم يدعونا الكونت الى هنا ألا بهدف واحد , وهو أن تسلي أبنة عمته المدللة , وها نحن الآن في مستوى الأنصاف , أليس كذلك؟".
" هذا المنطق ليس مقنعا".
" ربما , لكن ماذا سيقول أبي , أذا رآنا عائدتين.......".
حدّقت لوريل بصديقتها بنظرة حارقة وفهمت ما تعنيه, أضافت أيفون بتوتر:
" ومتى أصبح رودريغو دي رينزي على علم بمهمتك , سيرمينا خارج القصر.. وخارج الفندق أيضا, ولن يعود لنا سوى الرحيل , وسيتساءل أبي عن سبب عودتنا الباكرة , فسأضطر أن أبوح له بكل شيء وسيقول أن ذلك حصل بسببي أنا".
" لكن لا , كيف يمكننا أن نفكر مسبقا بأن الأمور تحوّلت الى مأساة؟".
أغرورقت عينا أيفون بالدموع السخيّة وناحت تقول:
" بلى , أنها غلطتي , لولاي لما حصل شيء من كل هذا , وسيعرف والدي ذلك , من دون أن نضطر الى أخباره , لقد سببت له حتى الآن المشاكل العديدة .... ولا ..... ولا أنوي أن.... أنزل للعشاء".
" لا , يجب أن تنزلي الى العشاء , فقط من أجل اللياقة".
" هل.... هل ستقولين له عن هدف مجيئنا الى هذه الجزيرة ؟".
" لا أعرف , سأفكر بالأمر".
" في حال أردت أن تقولي له الحقيقة , أرجو أن تفعلي ذلك في غيابي , أن والدي هو الذي يريد تطوير السياحة في هذه الجزيرة , وأنت لا تفعلين سوى تنفيذ أوامره".
منتديات ليلاس
وعدتها لوريل بذلك , لكنها شعرت بثقل على قلبها وهي تدخل بعد قليل الصالون الواسع حيث كان ينتظرهما الكونت , هذه الخدعة تتناقض والقيم التي تتحلى بها لوريل , لكن , أذا كانت صريحة , وباحت بالحقيقة فسيكون لذلك عواقب جمة على مشاريع مديرها , وبالتالي على صحة زوجته ,لو تصرف الكونت بطريقة متعالية ومقيتة , كما فعل في الأمس , لكانت الأمور أسهل بنظر لوريل , لكن للأسف , أظهر هذا المساء لطفا كبيرا موضحا جاذبيته أتجاه ضيوفه.
كانت غرفة الطعام واسعة وأثاثها قديم العهد , الأضواء الآتية من الثريات العالية تتمايل على الآنية الفضّية الفاخرة , خادم صامت يقدم الطعام الشهي : شمام مثلج وسلطة فاكهة البحر وأرنب مطبوخ مع الخضار الناعمة والأرز.....
تهيأ للوريل بأنها تعيش القصص الخرافية , وبدا رودريغة دي رينزي أنيقا أكثر من العادة في بزته السموكينغ وقميصه البيضاء المكسرة , الضوء الخافت خلق جوا خرافيا.
وخلال الحديث قال:
" أوكلتني جدتي أن أتمنى لكما أقامة سعيدة بيننا , فهي ستفرح لرؤيتكما غدا , صحتها مرهقة ولا تخرج من شقتها ألا نادرا وخادمتها تدلّلها كولد صغير".
تساءلت لوريل أذا كان أحد آخر من أفراد عائلته يعيش في القصر , لكنها لم تجرؤ على سؤاله.
كان الليل جميلا ومنعشا , خرجوا الى الشرفة بعد العشاء , رودريغو دي رينزي يدير الحديث بأسترخاء وراحة , وأيفون تشاركه بحماس , أما لوريل فكانت متوترة , شاردة في تأملها البحر وضوء القمر , كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل عندما قال الكونت فجأة :
" آه , المعذرة , أخشى أن أكون قد أتعبتكما , لا شك أنكما ترغبان في فك حقائبكما والذهاب الى النوم".
أوصلهما الى أسفل السلم وأنحنى أمامهما محييا , صعدت لوريل وراء أيفون , عندما توقفت فجأة لدى سماعها صوتا آمرا :
" آه , لقد نسيت , يا آنسة دانواي ...... هل بأمكاني أن أحدثك لحظة.......".
أنتظرها الكونت كي تهبط , قلبها ينبض بسرعة , أدخلها الىمكتبه وأغلق الباب وراءه :
" تبدين مهمومة , يا آنسة؟".
" أنا ؟ لا , أبدا!".
" بالكاد سمعت صوتك هذا المساء".
" صحيح لقد....... لم أكن أقصد ذلك".
" هل أزعجتك خطأ؟".
" كيف ؟ لا أبدا , علي أن أشكرك للطفك الكبير , لقد أستقبلتنا كالأميرات".
" هذا أمر طبيعي جدا , أصر على أن تكون أقامتكما هنا ممتعة جدا , لذلك كنت قلقا عندما رأيتك مهمومة.....".
نظر اليها مباشرة في عينيها , منتظرا ردها , ترددت لوريل , أليس الآن الظرف المثالي لتبوح له عن سبب وجودها في الجزيرة وماذا تقول له؟ كيف تبدأ ؟ كانت تبحث عن كلماتها عندما رأت ملامحه تتغير ثمة بريق عبر في العينين السوداويت.
" هيا , يا آنسة , لا تخافي ! أين حسك الدفاعي الذي أظهرته أمس أتجاهي؟".
تحولت أبتسامته الى سخرية وأضاف:
" هل بلعت لسانك بسبب المسؤوليات الجديدة التي تنتظرك ؟".
" ربما ".
فات الآوان , المناسبة ولّت , لكن خطر جديد يهددها فهي لا تعرف هذا الرجل ألا نتذ 24 ساعة وهي هي مدركة جيدا لردات فعله ...... بعد المزاح الغضب! سيرغمها على قول شيء تندم عليه فيما بعد فمعه يجب أن تطبّق شريعة الغاب.
ما زال يبتسم حين سألها:
" أنت أنكليزية , ولست أسبانية!".
" ليس لطفا مني أن أهاجم الكونت الكريم المضياف".
" أذن , لم نعد نلعب بالنار ؟".
" كلا".
رفع نظره نحو لوحة تمثل رجلا في بزة رسمية وقال:
" يا للأسف , لقد هيأت سيفي سدى".
" هل أنت بحاجة لسلاح مع عدو خال من أي دفاع؟".
" لطفك يخفي قوة غير أعتيادية , يا آنسة".
" ربما تتكلم عن خبرة يا سيد , لكنني أؤكد لك بأنني لا أرغب في العراك معك".
أقترب منها وقال:
" لكن لا يجب تحريضي ".
" أنت من يفعل ذلك ّ! هل هذه عادتك مع جميع الضيوف ؟".
" فقط أذا كانوا يستحقون ذلك".
" آه , أنت تسخر مني!".
ران صمت قصير , بعدها أقترب الكونت منها وأمسكها بكتفيها , شعرت بأنفاسه قرب أذنيها , فقال هامسا:
" أبدا".
قشعريرة غريبة أجتازت جم لوريل وتذكرت عناقات الأمس , وبتوتر شديد أفلتت منه بقوة , متمتمة بكلمات غير مفهومة , فلبس الكونت قناع الرجل العادي وهمس قائلا:
" لقد أخّرتك , وأرجو أن تعذريني .......".
فتح لها الباب , لكن قبل أن تخطو خطوة , كان قد أمسك يدها وطبع عليها قبلة صغيرة.

تمنت له ليلة هنيئة وخرجت من الغرفة متمايلة , قلبها ينبض بسرعة مجنونة داخل صدرها , ماذا تعني هذه البهجة الغريبة التي تحتلها؟

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 14-06-11, 03:11 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

6- قيثارة ونجوم


" آه , ما أجمل الحياة!".
هذا ما قالته أيفون وهي تتأمل أظافرها الجميلة المطلية باللون الوردي ثم سألت لوريل:
" ما رأيك بأصابع يدي؟".
أبتسمت لوريل وقالت:
" أصبحت فتاة مترفة! أذن , هل أنت مسرورة بدروس الفروسية؟".
" نعم , جدا , وأنت , أخبريني عن الجلسات الشعرية التي تقضينها مع الدونا لويزا".
" يا لها من عجوز رائعة! للأسف أن تكون محجوزة في غرفتها , بسبب الأمراض العصبية".
" الظاهر أنها تلاطفك وتحبك....".
" آه , أحيانا تمر بوحدة قاسية , لكن العمر لم يضعف مقدرتها العقلية".
" سأطلب غاليا أذا طلب مني قضاء معظم نهاري في قراءة الشعر أو مناقشة كتاب , خاصة مع الذين عاشوا في القرن الماضي , من جهتي , أفضل الشاطىء , الى اللقاء".

وضعت أيفون مئزر السباحة على كتفيها وخرجت من الغرفة مسرعة , تبعتها لوريل بنظرها وتمنت لو تكون مكانها.
أنهما الآن في القصر منذ ثلاثة أيام , وأيفون في أوج النشوة لأنها تحب الخيل , أختار لها رودريغو حصانا صغيرا وأخذ يرافقها كل صباح على ظهر حصانه الأسود الذي يدعى سيزار , وبرفقته وجدت دليلها المثالي , كانت أيفون تكتشف محاسن الجزيرة الجزيرة بفرح كبير , في مهاية هذه النزهة يلتقي الجميع لأحتساء القهوة في شقة دونا لويزا , وبعد الظهر تذهب الفتاتان الى البحر للسباحة وللتشمس , أو تتنزهان في الحدائق العطرة التابعة للقصر.
أظهر الكونت عن حسن ضيافة ,وأعجبت أيفون بالمغازلة السرية التي كان يظهرها الكونت أتجاهها , أما لوريل فكانت تتصرف بتحفظ تام , ضميرها لم يجعلها تسترح لحظة واحدة.
وبتنهد عميق , خرجت من غرفتها , وتوجهت الى شقة جدة رودريغو , الخادمة ماريا , وصيفة دونا لويزا , فتحت لها الباب , كانت العجوز جالسة على مقعد مريح , قرب الباب الزجاجي المفتوح على الشرفة , عصاها الفضية موضوعة على كرسي قربها , وعلى الطاولة تلة كتب مجلدة , ولما رأت العجوز ضيفتها تدخل تلألأت عيناها السوداوين , أنها في الثمانين من عمرها , وبالرغم من داء العصبي الذي شوّه مفاصلها , ما زالت مستقيمة كالعصا , ووراء تجاعيد وجهها آثار لملامح جمال جذاب , أبتسمت وقالت:
" أهلا وسهلا بك , يا لوريل , أجلس قربي , والآن , يا ماريا , بأمكانك تركنا".
جلست لوريل على مقعد مريح مصنوع من القش , النسيم العليل يجلب معه مئات العطور من الحديقة وطنين النحل الباحثة عن أريج الزهور , ووراء قنطرة من العريش سبيل رخامي , تهدر مياهه ببطء.
سألت دونا لويزا:
" هل تعجبك حديقتي؟".
أبتسمت لوريل وأجابت:
" أنها حقا رائعة ".
" صمّمها حفيدي من جديد , منذ سنتين , حتى يصير بأمكاني التنزه فيها بالرغم من عجزي , سأريك زاويتي المفضلة , هل بأستطاعتك أن تتأبطي ذراعي , من فضلك؟".
" بكل سرور , يا سيدتي".
نهضت لوريل وقدمت لها العصا , وبصعوبة نهضت العجوز وأجتازت الشرفة ببطء ثم أخذت الممر الواسع المتعرج وسط العشب والزهر... دونا لويزا تعرف كل زهرة بأسمها , فقالت:
" أختار رودريغو أفضل الزهور التي أحبها , أنه حفيد طيب , وأنت , يا أبنتي , ألا تجدينه كذلك؟".
قالت لوريل بتهذيب:
" طبعا".
فجأة أصغت السمع , عندما فوجئت بزغردة العصافير المتناغمة ,ولما رأت دونا لويزا الدهشة على وجه الفتاة , أبتسمت ثم قالت:
" جوزيه يطعم الآن عصافيري , سترينها بعد قليل".
ينتهي الممر أمام باب مركب داخل جدار مرتفع ومغطى بالورود الليلكية والزهرية , فتحت لوريل الباب , ودعت العجوز الى الدخول قبلها , ثم لحقتها , ووجدت نفسها في حديقة أخرى واسعة ومستديرة تحيط بها الشجيرات العديدة والأشجار المزهرة , وسطها أقفاص كبيرة , مخصصة لتربية الطيور , وداخلها عشرات العصافير الملونة تطير في كل الأتجاهات , داخل قفص جوزيه يرمي للعصافير الحبوب والعصافير تغط على رأسه وعلى كتفيه.
لوريل لا تحب أن ترى العصافير داخل القفص , في بعض البلدان عادة بربرية لجعل العصافير عميانا , لا يرون , بغية أن يغردوا أفضل , لذلك أسرعت وراء السياج للتأكد من أن العصافير أمامها لم تخضع لهذه التربية البربرية.
فقلت لها الكونتيسة وكأنها عرفت مخاوفها:
" لا تقلقي , يا أبنتي الصغيرة , عصافيري يعتنى بها بها جيدا , أنظري......... فعلنا كل ما في وسعنا لنخلق لها أطارا طبيعيا , لديها المسافة اللازمة لتطير وتتناسل , وأؤكد لك بأنها تعيش هنا وقتا أطول من عمرها في الغابة".
أطمأنت لوريل وأسترخت , راحت الكونتيسة تمشي بصعوبة وتقول:
" والآن , أذا أردت , سنجلس لحظة , هنا في الظل لئلا يتأثر لون بشرتك الأنكليزية !".
أمضتا وقتا ممتعا تحت العرائش تثرثران في مختلف المواضيع , وبسرعة عادت العجوز من جديد تتحدث عن حفيدها الذي تحبه كثيرا , بعد وفاة والديه بحادث طائرة , تكفلت هي بتربيته , كان حينذاك في السادشة عشرة من عمره, وهي أرملة منذ وقت قصير.
همست لوريل ببعض الكلمات اللطيفة , فرفعت العجوز كتفيها وتابعت تقول:
" القدر كان قاسيا علي ...... فقدت زوجي وأبني الوحيد في وقت قصير جدا .. لكن المسؤولية الكبرى وقعت على ظهر رودريغو الذي من ينته من دراسته , أنما وجدنفسه بين ليلة وضحاها , على رأس أملاك واسعة مثل فالديروزا".
دونا لويزا أنجبت ثلاث بنات , الكبيرتان متزوجتان والصغيرة , كونستانس , قررت أن تعيش في فالديروزا!
" لقد عارضنا جميعا زواجها مع رجل لم يكن يناسب العائلة , ومن ثم , رفضت كل الذين تقدموا بطلب يدها , هل تندم الآن لأنها تمتعت بالأستقلال؟ أي شيخوخة تنتظرها في هذا القصر الذي ستحكمه قريبا سيدة أخرى ؟ ذلك لأنه من الضروري أن يتزوج رودريغو , في النهاية".
يا لكونستانس المسكينة ! أنها ضحية التقاليد الأسبانية البالية التي تقرر مستقبل بناتها من دون أي أعتبار للعواطف , وأحتراما للمرأة العجوز , فضلت لوريل الصمت , هل سبق وأختارت لرودريغو زوجة؟ من تشبه؟ هل تتمتع بجمال أسمر وشعر لمّاع وعينين مخمليتين نارية؟ كادت أن تسأل العجوز عتدما أضافت هذه الأخيرة قائلة:
" للأسف , كارلوتا تشبه عمتها كونستانس وأسوأ أيضا! منذ طفولتها وهي تعاكس النظام وجميع النصائح , هل أخبرك رودريغو عن مغامرتها الأخيرة؟ أنها حقا فتاة وقحة".
أطلقت زفرة عميقة وتابعت تقول:
" في مرحلة معينة من عمرها , وجدها أهلها المرأة المثالية لرودريغو , بالرغم من أن الزواج بين أبناء العمات والعموم لا ينصح به , في كل حال من المستحيل معرفة ما يفكر رودريغو به في هذا الخصوص , أنه يجعلني أتساءل أحيانا أذا كان أمرا عاقلا عندما أرسلناه الى أنكلترا لأنهاء دروسه , عاد الى هنا حاملا أفكارا واسعة ومتقدمة بالنسبة لذوقنا ...... غدا , سنتجابه مع كارلوتا , ورودريغو محظوظ للأبتعاد عن أبنة عمته ومزاجها السيء".
سألتها لوريل بأبتسام:
" أنها ما تزال صبية , أليس كذلك؟".
" نعم , ولا أحد بأمكانه أن يفرض عليها الطاعة! سترين ذلك بعينيك".
" أعتقد بأنها ستكون بحاجة الى صداقتي".
" لا تدافعي عنها , في كل حال أرى بأن حفيدي مخطىء لتحمل مسؤوليتها , أنه يضحي كثيرا لعائلته ولفالديروزا".
" لكنه ورث القصر عن والده".
" نعم , لكن هذا القصر الشاسع يتطلب مهمة ثقيلة , الجزيرة تعيش في أقتصاد مغلق وأموالنا حلالنا, لا يوجد بلد مثلنا بأستطاعته أن يفتخر حاليا بهذا الأنجاز الباهر , لكن لا تتصوري أن ذلك نتيجة معجزة وحسب , الشباب اليوم يرغبون في الحضارة , وبأمكانهم الأستسلام لمجتمع أستهلاكي بسهولة , أذا كان التوسع مرغوبا به في بعض البلدان , أخشى أن يكون هنا كارثة".
بعد دقائق صمت , قالت العجوز فجأة :
" لكنني أتكلم كثيرا , ي صديقتي الصغيرة , أنا خجولة من هذه الثرثرة هيا نرجع الآن".
ولما وصلتا الى الشرفة حيث كانت ماريا تنتظر معلمتها , ظهرت أيفون بثياب الفروسية , فرحة من رحلتها الصباحية , لكن لم يكن لرودريغة أي أثر.
قضت الفتاتان بقية النهار في أستكشاف القصر الرائع الذي يحتوي بأستمرار على مواقع خلابة , وفي أواخر بعد الظهر , ذهبتا الى المرفأ لشراء البطاقات البريدية والطوابع , ولما عادتا الى القصر كانت الشمس قد غابت وحلّ الظلام.
وكالعادة كان العشاء لذيذ الطعم وصاحب القصر ألطف من العادة , دونا لويزا تشاركهم مائدة الطعام ولوريل لا تتوقف عن التفكير بما قالته لها العجوز في الصباح.
وبدأت تفهم , الآن , طباع رودريغو المتعجرف , ذلك لأنه تحمّل باكرا المسؤوليات الضخمة , من دون سلطته وطاقته الكبيرة , لربما عرفت الجزيرة البؤس , ولربما بيعتن فالديروزا بالمزاد العلني , وبدلا من هذا كله ( جزيرة المصير ) تعيش سعادة هادئة , فوق المرفأ الصغيروسط الحدائق الرائعة المزهرة , نرى المدرسة الحديثة والمستشفى , وخلف كل هذا نرى يد صاحب الجزيرة , من غيره بأستطاعته أن ينظم ويقرر وينشق؟
هذا ما فكرت لوريل به بينما كانت تحتسي القهوة.... فجأة شعرت بصمت غير أعتيادي , فرفعت رأسها , في هذا الوقت بالذات نهض رودريغو وقال:
" المعذرة , أنا مضطر لترككن , لدي رسائل ملحّة عليّ أن أنتهي منها هذا المساء , جوزيه تحت تصرفكن عند الحاجة".
ولما أختفى الكونت , بدت الغرفة باردة وفارغة , فصرخت الكونتيسة بخيبة أمل :
" هل رأيتما ؟ أنه لا يستطيع التوقف عن العمل لحظة واحدة ! الواجب دائما الواجب! أتوسل اليه أن يتزوج وأن ينجب الأولاد والوقت يمر , وأذا أستمر على هذا المنوال , سيصبح كبيرا في السن , من سيرثه بعده ؟ وماذا سيحل بجزيرتنا ؟ لكنه يرفض الأصغاء الي".
أبتسمت لوريل بلطف وقالت:
" آه يا سيدتي , حفيدك ما زال شابا".
" لكن الوقت يمر بسرعة , وذات يوم , نصحو ونرى بأن الشباب قد ولّى وقد أبيّض شعرنا ونحزن".

ولما رأت لوريل عيني العجوز تغرورقان راحت تبحث عن شيء مريح للقول , لكن أيفون سبقتها وقالت:
" لكن , يا سيدتي , لا يجب أن تنظري الى الأمور هكذا , المهم , كي لا نشيخ , أن نبقى شبابا في قلوبنا".
فوجئت دونا لويزا بهذا اللطف غير المنتظر , وأجابت مبتسمة :
" أنت على حق , يا صغيرتي , لكن عليّ أقناع جسمي الهرم , هيا , لنحاول أيجاد موضوع آخر , مسلّ ومفرح! وقبل ذلك , يجب أن نطلب من جوزيه أن يجلب لنا العصير".
جسم العجوز متعب , لكن عقلها ما زال فتيا وذاكرتها لا تخطىء , ولمدة ساعة بكاملها , راحت تقص على الفتاتين عهد شبابها وزواجها وحياتها في الجزيرة , فجأة قالت بأستغراب:
" لكنني أمرأة ثرثارة جدا , كجميع النساء الأسبانيات ".
وبعدما أوصلت الفتاتان العجوز الى شقتها وسلمتاها الى الخادمة ماريا , عادتا الى الصالون , فقالت لوريل:
" سأقوم بنزهة قصيرة في الحديقة , هل تأتين معي؟".
" كلا , عليّ أن أغسل شعري , فلم يتسنّ لي الوقت الكافي قبل العشاء , أصر على الظهور بمظهر حسن لدى وصول كارلوتا".
" كوني صريحة يا أيفون , ليس من أجلها فقط ترغبين ذلك......".
" في كل حال , أنه مسلفر غدا , أليس كذلك؟".
ثم خرجت أيفون من الغرفة.
توجهت لوريل الى الحديقة , حالمة وأجتازت الساحة الكبرى المضاءة بالمصابيح الحديدية التي تبث نورا خافتا , ثم فتحت الباب الحديدي الذي يؤدي الى المشتل , الهواء كان فاترا وعطرا , وسط الشجيرات والنباتات العطرة , وجدت ممرا يصل الى شرفة صغيرة تطل على المحيط , أستندت لوريل على الحائط المغطى بالنباتات المتسلّقة , وراحت تتأمل مطولا الخليج الشفاف تحت ضوء القمر , أضاعت تمييز الوقت , وأنسحرت بجمال المنظر الخلاب وتخدّرت في خليط العطور الحلوة والمالحة ولم تعد تستطيع أن تنتشل حالها من هذه النشوة.
فجأة , في هذا الليل الصامت , سمعت موسيقى قيثارة قريبة منها , تقلّصت لا شعوريا وقررت العودة , شء ما تحرك في ظل الشرفة , فأنتفضت:
" هل أخفتك؟".
القيثارة سكتت وميّزت لوريل اللون الأبيض لقميص رجل , وأقفلت بد على معصمها , ووجدت نفسها قرب رودريغو , تحت عريشة صغيرة.
" هل أنت مستعجلة للعودة الى الداخل؟".
" كلا... لكن , لم أسمعك قبل أن تبدأ بالعزف أنا آسفة لأزعاجك".
أبعد يده عنها ووضع القيثارة على المقعد الحديدي بجانبه , ثم قال:
" لكنك لا تزعجينني أبدا , بالعكس , هيا , أجلسي هنا".
جلست لوريل بأنزعاج وقالت :
" لم..... لم أتوقع أن أجدك هنا ....... في هذه الساعة....".
" ولم لا ؟ ألا يحق لي , أنا أيضا , أن أسترخي قليلا ؟ وجدت بأن الموسيقى هي الوسيلة الفضلى للبرهان عن وجودي من دون أن أخيفك , هل كنت مخطئا؟".
لم ترد عليه مباشرة , بل قالت:
" أكمل , يا رودريغو , سأصغي الى عزفك قليلا , لو سمحت".
" بكل سرور , يا عزيزتي".
تناول القيثارة وراح يعزف عليها , أصغت اليه لوريل بفرح كبير , عزفه يتحدث عن الحياة والحب والشغف , ولما تبخّرت الموسيقى في الصمت , أصدرت لوريل زفرة عميقة وقالت:
" يا لهذا العزف الجميل!".
" هل فاجأتك؟".
" نعم".
" لكن موهبة الموسيقى والرقص تولد معنا هنا!".
" أعرف , ولم أكن أتصور بأن الوقت يسمح لك بأتقان هذه الموهبة وممارستها".
" آه , الظاهر أن جدتي أخبرتك الكثير عني!".
فجأة رفعت لوريل رأسها وأشتبكت نظراتها بالعينين السوداوين البراقتين ,وبدأت تقول بتردد :
" كنت أتساءل......".
" ماذا؟".
" منذ قليل , قلت بأنك مشغول وعليك كتابة الرسائل , ألا يمكنني مساعدتك خلال مدة أقامتي ؟ أنا سكرتيرة وفكرت أنه بأمكاني أن أطبع لك الرسائل أو الفواتير على الآلة الكاتبة , سأتمكن من شكرك على ضيافتك بهذه الطريقة المتواضعة".
لم يرد عليها فورا , وبدأت لوريل تندم على أنفعالها المباشر , أخيرا سألها بأبتسامة غريبة:
" ألهذا السبب كنت مهمومة منذ قليل؟".
عرفت بأنه يسخر منها , فعضّت على شفتيها وقالت بتلعثم:
" ........... ربما..........".
" أنا متأثر بذلك كثيرا".
" المهم ألا تكون غاضبا".
" ولماذا أغضب ؟".
" الظاهر , وللأسف , بأنني أملك موهبة أغضابك , حتى عندما لا أكون أرغب في ذلك".
حكّ ذقنه بأصابعه الطويلة النحيلة وسألها:
" هل يعني كلامك هذا بأنك تخافين مني؟".
" كلا , لكنني أعارض طريقتك في ممارسة العقاب!".
" هه هه! لكن المذنب عادة لا رأي له في العقاب ...".
" هل من عادتك , أذن فرض العناق العنيف؟".
" لكن , يا عزيزتي , لم أجد , حتى الآن , أفضل من هذا العقاب لأسكات المرأة !".
نهضت لوريل وقالت بصوت مرتفع:
" آه , أنت رجل مستحيل! لقد تأخرت ...... من الأفضل أن أعود الآن ".
" قبل أن أغضب مرة أخرى ؟ أحذري , يا لوريل , صحيح أننا وضعنا المعركة جانبا , لكن , أرجوك , لا تصعّبي عليّ الأمور .......".
" آه , لكن ...... لكنني أردت أن أقدم لك المساعدة.....".
نهض بدوره وقال :
" أنا متشكر جدا , لكن أخشى أن تكون قد أهملت تفصيلا صغيرا ومهما....".
" أي تفصيل؟".
" لا أشك قطعا بقدراتك المهنية عندما تمارسينها في لغتك....".
نظرت اليه مطولا قبل أن تفهم ما يقوله , أبتسمت ثم قالت:
" آه , كم أنا حمقاء! لقد نسيت".
أبتعدت لوريل , فصرخ بها قائلا:
" لا تذهبي! ولا تقولي بأن الوقت متأخر ! لماذا تشعرين بالذنب عندما تتغيبين أكثر من ساعة؟".
" أنت على حق يا رودريغو , فقدت والدي منذ طفولتي وعمتي التي ربتني كانت أمرأة طيبة , بل صارمة , كانت تطلب مني دائما أن أعود قبل ساعة معينة , ومنذ سنوات أعيش وحدي في لندن , ومع ذلك لا أستطيع أن أفقد عادتي في الشعور بالذنب عندما تصبح الساعة الحادية عشرة ليلا.
" لدينا على الأقل نقطة مشتركة .... وهي كوننا يتيمين .........".
هزت لوريل برأسها ولم ترد , فسألها ببطء:
" وتحاولين الآن التحرر من هذه العقدة؟".
" ليس تماما , النظام المعين قوة في الحياة ".
ترددت لحظة قبل أن تتابع قائلة:
" ربما لا تصدقني , لكنني قمت بجهد كبير على نفسي .... حتى أقتنعت بأمكانية السباحة وحدي , في هذا البحر الشاسع وفي هذا الحر القوي......
" لم أنس ذلك النهار , ومن ثم بدأت أفهم أمورا كثيرة".
وضع يديه على كتفيها وقال:
" لم يفت الأوان بعد , يا لوريل , ليس هناك من حارس ظالم , يلنظر الى ساعته بأستمرار...........".
قالت هامسة وهي ترتجف :
" بلى , أنت , يا رودريغو ".
ضحك وقال :
" أنا؟ لكنني أنسان من لحم ود , ولست بسجّان!".
بنعومة وقوة ضمّها بين ذراعيه وراح يعانقها بشغف قوي , كانت ترغب في ضمه اليها , لكنها لم تجرؤ , نار غريبة أحتلتها , لما رفع رأسه , فتحت عينيها وأطلقت زفرة مخنوقة وظهر رأس رودريغو الأسمر تحت السماء المليئة بالنجوم.
" العناق ليس دائما عقابا!".
العالم الخارجي أختفى كله بالنسبة الى لوريل , وببساطة تامة وضعت ذراعيها حول عنق رودريغو وعانقته مطولا .
فجأة دفعها بعيدا عنه وقال:
" لندخل قبل أن نفقد وعينا".
عادا الى القصر صامتين , يمسكها رودريغو بذراعها لئلا تتعثر , وفي أسفل السلالم , رفعت لوريل نظرها اليه ولم تر شيئا في تعبير وجهه الجامد , أبعدت رأسها بسرعة كي لا تقرأ الحقيقة , فقال لها :
" مساء الخير , يا لوريل".
همست هاربة :
" مساء الخير".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 14-06-11, 03:14 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

7- وصول الشيطانة



وفي اليوم التالي أستيقظت لوريل في حالة من النشوة العالية , هل حلمت بلحظة الأمس العاطفية ؟ كلا....... مجرد تذكر تلك اللحظات الرائعة , يشعرها بالقشعريرة , أرتدت ملابسها ونظرت الى نفسها في المرآة بحيرة وأرتباك متأكدة بأن كل خلية فيها تهتف للحب , لكن لا شيء يبدو على وجهها المالس , ما عدا أبتسامة صغيرة في زوايا شفتيها المرتجفتين , ونظرة مندهشة.
لم تعجبها هذه الصورة في المرآة , فراحت تخلع بسرعة الثوب القطني الأزرق الذي أرتدته , فتحت خزانتها وراحت تبحث في داخلها عن شيء أجمل تلبسه , فقررت أخيرا أخراج قميص فلاحية مطرزة لم يسبق أن أرتدتها من قبل , وتنورة حمراء واسعة مكشكشة . القماش يتمايل حول خصرها النحيل والقميص الناعمة أبرزت أنوثتها , في هذه البزة بدت أنيقة , سرّحت شعرها وتركته ينسدل على كتفيها شلالا ذهبيا , تعطّرت وتحمّرت ثم خرجت من غرفتها , وألتقت بأيفون على السلالم , وكادت أن تضمها بين ذراعيها , من شدة الحماس , لكن سألتها:
" هل نمت جيدا؟".
لكن مزاج أيفون لم يكن مبتهجا , فرفعت كتفيها وتمتمت:
" نعم ....... كالعادة , أنت فرحة , مرحة , هذا الصباح".
" ولماذا لا أكون فرحة , مرحة؟".
" لكنك غريبة عل غير عادتك!".
أحمرّت لوريل بقوة , وتساءلت أذا كانت أيفون قد رأت ما حصل بالأمس مساء.
" يا ألهي , قولي ما الذي لا يعجبك في منظري".
تسمّرت أيفون مكانها من شدة الضحك وقالت:
" لا شيء , أنت رائعة حتى الكمال , وكالعادة , لكن هذه أول مرة أرى شعرك منسدلا على كتفيك , وهذا القميص....... رائع!".
" شكرا".
" وكل هذا على شرف من؟".
" لا تكوني حمقاء , يا أيفون".
" حسنا , أنها قضيتك ولا أريد التدخل فيها , لكن , هل بأستطاعتي أستعارة قميصك ذات يوم؟".
" طبعا".
هبطت أيفون السلالم وهي ترندح لحن أغنية , فجأة توقفت وسألت لوريل:
" أين كنت مساء أمس؟ أردت أن أستعير منك شامبو الشعر ولم أستطع العثور عليك , وتساءلت ما يمكن أن يكون قد حل بك".
" وماذا يمكن أن يحل بلوريل ؟".
هذه الكلمات صدرت عن رودريغو الواقف على عتبة باب الصالون , فأجابته أيفون ضاحكة:
" من يدري ربما خطفها شبح الجزيرة!".
توقفت لوريل على الدرجة الأخيرة من السلم وتسمّرت مكانها أمام نظرات رودريغو الذي كان يفصّلها من رأسها حتى أخمص قدميها , لكن من دون حرارة , منذ متى هو هنا؟ ماذا سمع من ثرثرة أيفون الطائشة؟
قال بحركة أنيقة:
" تعالي , الفطور جاهز".
ألم تشعر في نبرة صوته بعض الملل كأنها تلقت دوشا باردا! نشوة الأمس لم تكن ألا حلما عابرا أختفى بسرعة , وعاد رودريغة , الرجل المتعجرف , المتكبر ذا المزاجات غير المتوقعة.
بعد الفطور أعتذر الكونت أمام ضيفتيه لشدة أنشغاله , أما دونا لويزا فلم تخرج من شقتها لشدة ألمها من داء المفاصل , والخدم منشغلون , يركضون في جميع الجهات تحضيرا لوصول كارلوتا.
ولما توجهت الفتاتان الى الشاطىء , قالت أيفون:
" يا لهذه الحركة الدائمة داخل القصر! آمل ألا تكون كارلوتا فتاة صعبة ومتسلطة , من الأفضل أن تفكر مليا قبل أن تعطيني الأوامر ".
ذكّرتها لويل بنبرة هادئة:
" لا تنسي بأننا هنا بسببها".
" أنت هنا بسببها , أما أنا , فلا دخل لي بذلك , أنت من سيهتم بها ويراقبها خلال غياب صاحب القصر.
لم تنس لوريل مهمتها الجديدة , ومع مرور الوقت وأقتراب موعد وصول الباخرة , شعرت من جديد بالقلق يحتلها , ماذا سيحدث أذا كانت كارلوتا فعلا عنيدة والجميع يتحاشونها , لكن , هل رودريغو على حق عندما أكّد لها بأن أبنة عمته ستتصرف تصرفا حسنا كسيدة منزل في غيابه وما أذا قررت كارلوتا أن تعود في أول باخرة , حين يبتعد رودريغو عن الجزيرة كيف بأمكان لوريل أن تمنعها من ذلك؟
بعد الخامسة بقليل , رأت لوريل من نافذة غرفتها صاحب القصر يتوجه , بلا شك الى المرفأ , في مشيته نبرة عاتبة أكيدة , كأنه مستعد لمجابهة أي شيء.
دخلت أيفون الى غرفة لوريل وراحت تبحث في مساحيق الزينة وتقول:
" هل بأمكاني أن أستعير أزرق العيون , يا لوري , حنجري تعطّل".
" طبعا".
تقدمت أيفون من النافذة في الوقت الذي أقلعت فيه سيارة الكونت , فقالت , بعد عبسة متأسفة:
" آه , أما كان بأمكانه أن يأخذنا معه!".
" لسنا من أفراد عائلته".
قالت أيفون وهي تبتعد عن النافذة:
" نعم , لكن نحن هنا بسبب أبنة عمته".
ولما رأت أيفوت ثوبا أبيض ممددا على السرير , سألت:
" هل ستغيرين ملابسك بهذه السرعة؟".
" نعم , أشعر بثيابي مبلّلة بالعرق وملتصقة على جسمي , بعد هذا النهار الذي قضيناه على البحر , سآخذ الآن دوشا ساخنا".
" أذا كنت تريدين أرتداء ملابسك , الآن , في هذه الساعة , أنت حرة , أما أنا , فسأخرج".
" لا تتأخري".
" نعم , نعم , سأحاول".
منتديات ليلاس
صفقت الباب وعضّت لوريل على شفتيها , تعرف عدم جدوى نصائحها أتجاه هذه الفتاة المستقلة , يبقى أن تأمل بأن تعود أيفون في الوقت المحدد ولو تهذيبا.
كان البهو الواسع فارغا , أشعة الشمس تظهر لمعان الخشب الأشقر , والأرض الخشبية البرّاقة وتبث هالة ذهبية على باقات الزهر الملونة الموضوعة في كل مكان.
قامت لوريل بخطوات قليلة في الساحة , ثم ألقت نظرة الى الحديقة , لا أثر لأيفون , دخلت وتوجهت الى المكتبة وأخذت كتابا وبدأت تقرأ فيه , لكنها لم تستطع التركيز كليا , بين عينيها والكتاب تظهر الصورة نفسها , بعد قليل أغلقت الكتاب , من المستحيل أزالة ذكريات الأمس من مخيلتها , رودريغو عانقها تحت ضوء القمر , وماذا بعد؟ لماذا تعلّق على هذه القصة أهمية كبرى , صحيح أن دقائق النشوة أيقظت عند لوريل أحساسا لم تشعر به من قبل.
لكن أذا كان هذا الأحساس نتيجة أنجذاب لا أكثر , هل يعني أنها تحبه......ز وأول أحساس أتجاهه ألم يكن نابعا من عدائية قوية كيف بأمكانها أن تنسى هذا اللقاء الأول........
لم تعد قادرة على البقاء مكانها , نهضت وراحت تزرع الغرفة ذهابا أيابا , بخطوات حازمة وتقول لنفسها بضرورة التعقل وعدم الأستسلام للأحلام العاطفية العابرة , لا جدوى من بناء قصور على الرمال , ألم يسبق أن أعتقدت مرة بأنها مغرمة واليوم عندما تفكر بفيليب , فلا يخفق قلبها بسرعة , ماذا أذن والوضع الآن أليس هو نفسه؟
شعرت لوريل بقشعريرة تجتازها لمجرد تفكيرها بسلطة رودريغو عليها , وصلت الى جزيرة المصير وقلبها فارغ أصبح هذا القلب مليئا بالحب , ولم يعد ملكها...
وبعد هذا التفكير العميق ,وجدت نفسها بحالة يرثى لها وفضّلت العودة الى غرفتها , وما أن صعدت السلالم حتى سمعت أصواتا وخطوات مسرعة , أدارت رأسها ورأت رودريغو على عتبة باب المدخل , ووسط البهو تقف فتاة تحدق بها بعينين برّقتين.
أنها كارلوتا.... قصيرة القامة ونحيلة , ذات وجه طويل وشعر أسود , كانت ترتدي بزة معروفة لدى جيل الشباب , سروال جينز باهت اللون , وسترة مبطنة فوق قميص ملوّنة.
قال الكونت بصوت بارد :
" هل بأمكانك أن تتركينا وحدنا لحظة ,يا لوريل؟".
شعرت بأرتباك وأجابت:
" طبعا".
لكن قبل أن تتقدم خطوة , كانت كارلوتا قد أصبحت قربها , نظرت الى رودريغو بتحد وقالت:
" لماذا تريد يا رودريغو من هذه الفتاة أن تبتعد عنا , ليست خادمة , على ما أظن".
" كارلوتا , أرجوك دعي التمثيل جانبا من فضلك!".
" آه , أنت خجول مني , وخجول من بزتي ! وتسجنني في هذا القصر من أجل مقاصصتي ! ثم تفرض عليّ هذه الفتاة الأنكليزية بينما تذهب وتلهو بعيدا , دعني على الأقل , أنظر بتفصيل الى حارستي الشريرة , أصر على رؤيتها بأسرع ما يمكن!".
وبسرعة نظرت كارلوتا نحو لوريل وحدقت اليها بوقاحة , تقلصت لوريل أمام هذه الشتيمة , وأوشكت على التدخل , لكن الكونت أقترب منها , وقبل أن يفتح فمه , كانت لوريل قد أستعادت رشدها وقالت:
" لست خادمة ولست حارسة شريرة , يا آنسة , والآن أتركك آملة أن يصحح أبن خالك الأمور , ولا يقدمك الي خطا".
منتديات ليلاس
ألقت الى رودريغو بنظرة غاضبة وأجتازت البهو قبل أن تخرج من باب الحديقة , ولما وصلت الى الشرفة كانت ترتجف غضبا , تقدمت من سبيل الماء ومدت يدها تحت المياه الناعمة المنعشة , شمس المغيب تعكس على الحجارة القديمة نورا شفافا وذهبيا , لكن لوريل لم تكن حساسة الآن حيال هذا الجمال الذي يحيط بها , كلام كارلوتا الحقير يتابعها , آه , هكذا وصفها رودريغو أبنة عمته!
" هل أنت غاضبة يا لوريل؟".
أدارت رأسها بسرعة , كان رودريغة قربها , لم تسمعه حين وصل.
" أليس هذا من حقي؟".
أبعدت نظرها عنه وحدّقت بالماء الملونة بأشعة شمس المغيب فقال:
" أبنة عمتي تصرفت بصورة حقيرة منذ قليل , وأنا متوتر جدا وآسف أيضا ".
" شكرا".
ران الصمت ولم تجرؤ لوريل على النظر اليه مباشرة , لأنها أذا رأت في عينيه ملامح سخرية , ستنفجر بالبكاء ,لكن , ما الذي جرى لها , ما بالها واقفة مثل ولد عابس ؟ تشجعت وقالت بصوت ناعم قبل أن تدير ظهرها:
" اننس هذا , من فضلك ".
لكنه تمسك بيدها بقوة وقال:
" لوريل.....".
" أذن , ماذا؟".
" هل أنزعجت كثيرا من هذه الفتاة الشيطانة العديمة التربية؟".
" كارلوتا ليست شيطانة ".
" ربما , لكن تجربتك مع الصغار تفرض عليك أن تكوني قوية أمام طفلة مدللة".
حافظت لوريل على صمتها , راح يداعب وجهها ويقول :
" أنظري الي , يا أبنتي الصغيرة , هل ما حصل الآن غلطتي أنا؟".
" نعم , ماذا قلت لكارلوتا كي تأخذ هذه النظرة عني؟".

قطب حاجبيه وقال :
" لكني لا أفهم........".
" صحيح!".
" نعم صحيح , لا أفهم , لم أقل شيئا لأبنة عمتي كي تأخذ فكرة سيئة عنك".
" لكنك نجحت في ذلك".
" أذن , أنت تطابقين الوصف الذي قامت به كارلوتا؟!".
" أجدك تافها ! والآن أبتعد عني".
وبحركة غير منتظرة رفعها من خصرها في الهواء , قبل أن يجلسها بقوة على حافة البركة وأمام صراخها راح يضحك من كل قلبه ويقول :
" لن أدعك تقومين من مكانك قبل أن نضع حدا نهائيا بسوء التفاهم هذا , أولا كوني أكيدة بأنني لم أستعمل أبدا هذه التعابير الفظة عندما حدثتها عنك , ثانيا , أرجو أن تفهمي بأن كارلوتا لا تتكلم الأنكليزية بصورة حسنة".
" أرجوك , أتركني , وألا سأقع في الماء".
لكن سرعان ما وجدت نفسها متعلقة بعنقه , حملها من جديد وهو يضحك ثم وضعها على الأرض وما زال متمسكا بذراعيها , ثم قال:
" لا أريدك أن تكوني كلوح الثلج , غير قادرة على الشعور بأي أنفعال عاطفي".
آه لو يعرف حقا , ما الذي تشعر به وهي بين ذراعيه؟
" كن جديا , يا رودريغو! كنا نتحدث عن كارلوتا , لا شك أنك وصفتني بأنسامة متوحشة , ولو كنت مكانها لفعلت الشيء نفسه".
" لماذا ترتجفين هكذا يا لوريل هل خفت من أبنة عمتي الشقية؟".
" كلا , طبعا , لكن......".
" آه , لم أنتبه , نافورة الماء , أعذريني.... لكن ثوبك مبلل حول ظهرك!".
وبحركات فوضوية حاولت ترتيب هندامها , فقال لها رودريغو أخيرا:
" هيا , يا لوريل , لا أقلق من أجل كارلوتا , ولحسن الحظ أنها ما زالت تخاف من جدتي , تعالي , لندخل , أنا أكيد من أننا سنجد فتاة هادئة ..... ولائقة".
رفعت لوريل نظرة متسائلة نحوه , فقال :
" نعم , أمرتها بتغيير ملابسها , وأرتداء بزة لائقة , قبل أن تجن جدتي".
ولما وصلا الى حافة الشرفة , توقفا , فسألت لوريل , رافعة عينيها القلقتين نحو رفيقها:
" هل ستذهب غدا؟".
" نعم".
" كم من الوقت ستكونغائبا؟".
" أسبوع , ربما , أسبوعان , لا أكثر , سأعود قبل الأحتفال السنوي".
" هل هذا الأحتفال خاص بالجزيرة؟".
" نعم , في هذا النهار نعيّد , ألم تزوري الكنيسة بعد؟".
" كلا , هل هي بعيدة من هنا".
" أنها تقع على بعد سبعة كيلومترات , كل سنة , في العشرين من شهر أيار ( مايو ) نحتفل باليوم الذي نبعت فيه المياه , وبالنبع الذي لم يجف بعد , منذ دهور عديدة , من زمان بعيد , كانت الجزيرة تعاني من الجفاف , كان الحصاد يابسا والماشية تموت عطشا , وبعد الصلوات المتعددة , أنبق الماء من الصخرة , وهكذا كل سنة , بعد الأجتماع الأحتفالي , نقوم بزيارة الروابي الخضراء الواقعة قرب الكنيسة المبنية قرب النبع , وبعدها نحتفل بعيد كبير في حدائق فالديروزا , أنها فرصة نادرة , وأنا سعيد لأنك ستشتركين فيها هذه السنة".
" شكرا رودريغو , أنا فرحة جدا بهذه المناسبة".
وبصمت عادا الى القصر , الأبتسامة على وجه الكونت , بينما الأنهيار يحتل قلب لوريل , مم هي خائفة؟ هل بسبب رحيل الكونت؟
حاولت جهدها الأبتسام في طريقها الى شقة دونا لويز , قربها , وجدت كارلوتا , بثوب أبيض أنيق , كالملاك الهادىء , ولحسن الحظ أن أيفون كانت قد وصلت , لكن لوريل لم تكن تفكر ألا برودريغو , لماذا تخاف على غيابه الى هذه الدرجة؟

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 14-06-11, 03:18 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

8- المحتالتان



وفي صباح اليوم التالي رحل رودريغو مباشرة بعد الفطور وبحزن عميق حضرت لوريل فترة رحيله , لم تنم طوال الليل , وتعرف جيدا سبب ذلك , عندما يعود رودريغو ستكون على وش مغادرة الجزيرة لتحضر موسم السياحة , وبعد أيام قليلة تحمل حقائبها مع أيفون وتغادر القصر والجزيرة وكل من فيها وتعود الى بلادها ومن جديد الى ممارسة عملها , وبينما كانت تنظر الى الكونت يصعد في سيارته ويومىء بأشارات الوداع , شعرت لوريل بالضياع والوحدة , لكن عليها الأقتناع بأن الجزيرة والقصر وصاحبه ستصبح ذات يوم ذكريات حلوة , ماضية.
وبحزن كبير دخلت البهو تفكر بلندم والحسرة على كل ما عانته خلال الليل , أجّلت مرارا أخبار الكونت عن سبب وجودها في هذه الجزيرة , في بادىء الأمر وجدت طبيعيا أن تكون من جهة مديرها , لكن , مع مرور الوقت , بدأت تشعر بضرورة الأفصاح عن كل شيء , لم تعد تحتمل هذا الغش , بالرغم من مخاوفها أتجاه ردة فعل صاحب القصر , وبدت لها المشكلة صعبة : كيف ستتمكن من أقناع رودريغو بأنها لم تقصد أبدا خداعه ؟ هل سيفهم الموضوع؟ ولمجرد التفكير راحت ترتجف من الخوف...... أليس أفضل أن تستمر في الصمت , ما دام مكوثها في الجزيرة قد أشرف على نهايته ؟ ربما لن تراه أبدا بعد ذلك ......
" آنسة ......".
منتديات ليلاس
صوت قوي جعلها تنتفض وتدير رأسها لترى كارلوتا أمامها , أضافت الفتاة الأسبانية بأبتسامة واضحة:
" هل تسمحين لي أن أدعوك لوريل؟".
" طبعا".
ترددت كارلوتا لحظة قبل أن تتابع قائلة:
" كان يجب أن أعتذر منك مساء أمس...... وأرجو.... أن تعذريني على تصرفي الوقح , لم أكن أعرف ما قلته , لشدة غضبي , هل تسامحينني؟".
أجابت لوريل بأبتسامة دافئة , مندهشة من تغيّر الفتاة غير المنتظر:
" طبعا".
" شكرا , والآن بأمكاننا أن........".
وصول أيفون السريع قطع كلام الفتاة.
" لويل , أنا ذاهبة الى شاطىء البحر مع كارلوتا , وسنأخذ الحصانين , هل توافقين على ذلك؟".
قالت كارلوتا متسائلة:
" لكن , ربما لوريل تريد المجيء معنا , يا أيفون؟".
أجابت أيفون بسرعة:
" لكنها لا تعرف ركوب الخيل , كما أنها على موعد مع دونا لويزا , كل صباح , هل أنت مستعدة؟".
"لحظة , أريد أعلام جدتي بذهابنا".
ولما أختفت كارلوتا بأتجاه شقة جدتها قالت أيفون :
" أظن أننا سنلهو معا جيدا!".
بعد قليل ذهبت الفتاتان الى البحر , والعجوز شاهدت خروجهما , متكئة على عصاها , ثم قالت للوريل:
" أنا أكيدة من أنهما ستتفقان , مشكلة اللغة غير واردة عند هذا الجيل الشاب , آه كم تغيرت الأمور!".
مدت لوريل يدها لتساعد الكونتيسة على دخول الصالون , فقالت لها العجوز:
" لكن ألم يكن مفروضا أن تكوني معهما , يا أبنتي , ستضيّعين وقتك في سماع حديثي الممل".
أجابت لوريل بلطف وبساطة:
" في كل حال , أنا لا أجيد ركوب الخيل , كما لا أشعر أبدا بأن وقتي يضيع برفقتك , لن أستطيع أبدا أن أشكرك على ضيافتك الحسنة".
" لا يجب المبالغة, أنا أعرف جيدا سبب وجودك هنا , حفيدي لم يخف عليّ الأمر".
" لدي أسباب معينة لأشكر رودريغو على كل ما فعله من أجلنا ".
" آه , صحيح؟".
أذن رودريغة حفظ سر ما حصل لها , شعرت لوريل بأرتياح وقالت ببطء:
" أنا لا أنسى كيف خلّصني رودريغو من ورطة كبيرة , بعد وصولي الى هذه الجزيرة , بأيام قليلة".
ران صمت قصير قبل أن تقول العجوز :
" لا شك أنك لا ترغبين في أستعادة هذه الذكريات المؤلمة , ومهما حدث , أنا سعيدة لوجودك هنا في القصر, كارلوتا فتاة شقية ومتعبة..... لكن المهم أن تتفق مع أيفون!".
منتديات ليلاس
تمنيات دونا لويزا تحققت وأصبحت الفتاتين صديقتين حميمتين لا تفترقان لحظة واحدة , وشعرت لوريل بأنهما وضعتاها جانبا , كلما ظهرت أمامهما , تسكتان أو تهمسان سرا , وأغتنمت لوريل هذه الفرصة لأكمال الملف المطلوب منها من قبل مديرها , كما صوّرت بضعة أفلام ملونة لن تظهّرها ألا بعد عودتها , لكنها كانت تجد صعوبة في رسم خريطة جديدة للجزيرة , وحده رودريغو بأمكانه مساعدتها , لكن كيف تطلب منه ذلك؟ أحست بأنها تلعب دور الفتاة المتجسسة , كلما فكّرت برودريغو , تيار قوي يجتازها في كل كيانها , وكلّما تخيّلت ردة فعله وقعت في هاوية من القلق الشديد.
فجأة أخذت قرارا نهائيا , ستبوح له بكل شيء حين يعود , وذلك من أجل راحة ضميرها وهدف مهمتها , وفي حال أراد مديرها متابعة القضية , لن يجابه هذا الأخير رفضا قطعيا من قبل رودريغو , نتيجة أكتشافه خدعتها.

صحيح أن هذه الجزيرة تبدو مركزا رائعا للأقامة , لكنها كانت تتمنى أن يكون هذا المكان بعيدا عن السياحة العالمية والنوادي الليلية.........
ولما عادت الفتاتان سألتهما لوريل:
" هل قضيتما نزهة جميلة؟".
أجابت كارلوتا:
"نعم , الماء رائعة , للأسف أنك لا تعرفين ركوب الخيل".
ضحكت أيفون في سرّها وقالت:
" آه! لكن لوريل لا تجهل ذلك كليا , لقد سبق وأمتطت حصان الكونت مرة".
" آه , صحيح".
" وكان رودريغو معها".
نظرت لوريل الى أيفون نظرة قاسية , فأعتذرت هذه الأخيرة قائلة:
" آه , عفوا! لم أكن أنوي ذلك ... أنها مزحة , يا كارلوتا , لن تمتطي لوريل حصان الكونت , مهما كلف الأمر".
قالت كارلوتا في ريبة:
" بصراحة , أنا لم أفهم المزحة , تماما!".
" وهل هذا ضروري ؟ هل سنبقى هنا حتى المساء!".
وعلى مائدة الغداء , أظهرت كارلوتا عن برود حيال لوريل , لكنها لم تطرح عليها الأسئلة , ثم أختفت بعد ذلك مع أيفون , ولم ترهما لوريل ألا في المساء حيث بدتا كأنهما تخططان لمؤامرة ما.
وبينما كانت لوريل تستعد للنوم , دخلت أيفون الى غرفتها وراحت تعبث بمساحيق الزينة الموضوعة على المنضدة وتقول:
" هل بأمكاني أستعمال بعض المساحيق من عندك؟".
" تفضلي".
نظرت أيفون في المرآة وراحت تضع المسحةوق المبلل على وجهها ثم قالت:
" لوريل........".
" نعم؟".
" هل بأمكانك أن تعطيني بعض المال؟".
" هل أنت مفلسة؟".
" أوه ...... لقد أشتريت اليوم قبعة من القش , كما أشترينا كمية كبيرة من البوظة".
قطّبت لوريل جبينها وقالت:
" والدك أعطاك مبلغا محترما من المال , ومن المستحيل أن تصرفيه كله , في هذا المكان المعزول عن العالم".
" آه المال يصرف بسرعة خلال العطلة , وهذا أمر معروف كليا , لا تنظري أليّ هكذا , يا لوريل , لم أصرف كل ما معي من مال , لكن كارلوتا تريد أن تقوم بنزهة غدا ولا أريد أن أكون مفلسة برفقتها".
" أي نزهة هذه؟".
" سنأخذ الباخرة".
" لكن , ألى أين ستذهبان؟".
قالت أيفون بعدما جلست على حافة السرير:
" آه , لوريل , لا تسببي لنا المشاكل , نمل هنا حتى الموت , وكارلوتا تعرف جيدا الى أين تذهب".
" لا أشك بذلك , لكن.... هل دونا لويزا على علم بذلك؟".
" ربما , سنذهب غدا .... الى الجزر المكتظة بالسكان , آه , كم ستكون رحلتنا ممتعة!".
" لكن , لا يمكنكما أن تعودا في النهار نفسه , تذكري بأننا قضينا خمس ساعات في البحر من لاس بالماس حتى وصلنا الى هنا".
" أعرف ,ولهذا السبب أريد بعض المال , سننام هناك ونعود في اليوم التالي , ولا أريد كارلوتا أن تدفع عني أجرة الفندق , أرجوك , يا لوريل , لا تكوني قاسية , والدي أعطاك المال الكافي , أليس كذلك؟".
" هذه الرحلة غير واردة ولن أسمح بها , في كل حال , ليس قبل عودة رودريغو".
" آه , كنت أعرف جيدا بأنك تنغصين الأفراح وتعرقلينها! كل شيء سيفسد بسببك".
" بالعكس , أظن أنني سأبعد كارلوتا عن بعض المشاكل , بتصرّفي هذا , أذهبي الى النوم وأنسي هذا المشروع".
نهضت أيفون حانقة وقالت قبل أن تصفق الباب:
" يا لوريل المسكينة , لا تعرفين سوى النظام الصارم! أنت متأخرة قرنا بكامله!".
هذه السخرية الوقحة من قبل أيفون جرحت شعور لوريل , لقد طفح الكيل , كان دور كارلوتا في البداية والآن أصبح دور أيفون, منغصة الأفراح! وماذا بعد ! يا لها من من مسؤولية كبيرة , عليها أن تتحملها , أتجاه فتاتين مراهقتين شقيتين! وفي صباح اليوم التالي , أضطرت الخادمة أن تأتي ثلاث مرات قبل أن تتمكن من أيقاظ لوريل من نومها العميق , كانت الساعة التاسعة , فقالت الخادمة بخليط من الأسبانية والأنكليزية:
" أنا آسفة لأيقاظك , ومتأسفة ل..........".
" لا تخجلي ,أرجوك".
" ليست الغلطة غلطتي .... هل فهمت يا آنسة؟".
كلا , لوريل لم تفهم , لماذا كانت صوفيا المسكينة مرتبكة وخائفة .
وعلى مائدة الفطور كانت وحدها , لا شك أن الفتاتين ذهبتا على ظهور الخيل في نزهتهما الصباحية العادية , وبعد أنتهت من أحتساء اقهوة , صعدت الى غرفتها لتغسل يديها وتأخذ سترة , لعلّ دونا لويزا أحبت التنزه خارجا , فالريح القوية تعصف حتى في أعالي الأشجار.
فتحت دولاب خزانتها وفوجئت بالفوضى داخله , وجدت حقيبة يدها مفتوحة , كمية كبيرة من المال أختفت! شحب لون وجهها وأطلقت صرخة أستغراب , آه , لا شك أن أيفون دخلت الى غرفتها خلال الليل , وسرقت المال , ألقت نظرة الى غرفة أيفون وتأكدت شكوكها عندما رأت أن بعض ملابسها وحقيبتها أختفت , نزلت لويل من جديد الى البهو , فألتقت بماريا التي أعلمتها بأن الكونتيسة تريدها , لا شك أن دونا لويزا أكتشفت أختفاء الفتاتين وستطلب منها تفسيرا لما حدث , لكن العجوز أستقبلتها بلطفها العادي وأضافت تقول:
" تبدين مهمومة , يا صغيرتي ؟ ماذا جرى؟".
أخبرتها لوريل بما جرى , فصرخت الكونتيسة ملتفتة الى السماء:
" يا ألهي! هل أنت متأكدة؟".
هزت لوريل رأسها بحزن , فصرخت العجوز قائلة:
" يا لكارلوتا الشقية! ربما طلبت السيارة باكرا في الصباح.......".
" لكن .......... ألم يطرح عليها جوزيه الأسئلة؟".
" جوزيه؟ لا يسمح لنفسه أن يفعل ذلك , أنه خادم لائق ومهذب".
" آمل أن تجري الأمور بخير , أشعر بثقل المسؤولية".
" لا تقلقي , يا أبنتي , ماذا يمكنك أن تفعلي ضد فتاتين عنيدتين , غير ما فعلته , لمنعهما من تنفيذ هذا المشروع؟ لا يجب أن تلومي نفسك أبدا.....".
" نعم , لكن أخاف من.....".
" مما سيقوله رودريغو؟".
" نعم".
" هذا أمر بسيط للغاية , لن نقول له ما حصل , شرط ألا يعود قبلهما".
" قال لي بأن غيابه سيدوم أسبوعا على الأقل , والفتاتان ستعودان مساء الغد....".
" لكن , يا صديقتي الصغيرة , كذبتا عليك ! الباخرة اليوم لا تذهب الى لاس بالماس , بل الى ماديرا!".
" الى ماديرا!".
" نعم..... ولن تعود قبل خمسة أيام".
شحب وجه لوريل وقالت:
" لكن أيفون لم تحدثني أبدا عن.......عن.......".
لم تستطع أكمال جملتها , غير قادرة أن تصدق بأن أيفون كذبت عليها بملء أرادتها.
وبعد يومين سألتها الكونتيسة :
" تبدين منزعجة , يا صغيرتي , لماذا؟".
" طال غياب الفتاتين , وقد أنشغل بالي".
" تتحملين مسؤولياتك بجدية , يا لوريل وتتألمين كثيرا".
وأمام نظرات الفتاة المندهشة , أكملت العجوز قائلة:
" في سني ينظر المرء الى الأمور بعين مختلفة , لقد تربيت تربية قاسية وتعلمت أحترام التقاليد والعادات , وربيت أولادي بالطريقة نفسها , أما اليوم فالجيل الجديد ينتقد بعنف كل ( ظلم ) ويطالب بالحرية , ربما أحسدهم أحيانا على هذه الحرية التي يتمتعوم بها".
مهما كانت نظريات الكونتيسة الفلسفية , فلوريل هي التي ستتحمل مسؤولية غياب الفتاتين , أذا عاد رودريغو قبل عودة كارلوتا وأيفون , لن ينظر الى الأمور بتحرر كما تنظر اليها دونا لويزا , أما , فيما يتعلق بغوردن سبرل , فماذا سيقول لو عرف بمغامرة أبنته؟
ولحسن الحظ , عادت الفتاتان قبل مجيء الكونت وصرخت أيفون وهي ترتمي على عنق لوريل:
" آه , كانت رحلة رائعة! أنا آسفة للذهاب سرا , هل تلومينني ؟ أنظري ماذا أشترينا لك.... أنها حقيبة يد مصنوعة من القماش المطرز الجميل".
أضافت كارلوتا وهي تقبّل خد دونا لويزا:
" هذه زجاجة العطر لك , يا جدتي , أنه عطرك المفضل ".
كان العشاء حافلا بما لدى الفتاتين من أشياء تقولانها عن رحلتهما , وكانت دونا لويزا تصغي اليهما بجماس شديد وأهتمام , ثم قالت:
" لدي صديقة في ماديرا تدعى السيدة بيريرا , هذ تتذكرينها , يا كارلوتا ؟ زوجها كان يعمل في السلك الدبلوماسي , والآن متقاعد ويعيش مع عائلته في هذه الجزيرة , للأسف لم تفكري بزيارتهما ".
" بلى , فكرت بذلك , لكنني لم أتذكر عنوانهما , في المرة المقبلة , سنأخذك معنا , يا جدتي".
" يا ألهي! وماذا بعد , يا مجنونة! أخشى أن........".
لا أحد عرف ما كانت تخشى , ودخل جوزيه بصمت وهمس للعجوز , صمت الجميع , نظرت الكونتييسة الى لوريل بأندهاش ثم قالت:
" لوريل , أنت مطلوبة على الهاتف".
بأندهاش وقلق , نهضت لوريل معتذرة وتبعت جوزيه , هل يطلبها غوردن سبرل؟".
هل جرى شيء ما لزوجته؟
أدخلها الخادم الى مكتب الكونت وأشار بأصبعه الى الهتتف الموضوع على مكتب خشبي ثم أغلق الباب وراءه من دون ضجة حملت لوريل السماعة وهمست بصوت منزعج:
" لوريل دانواي على الهاتف".
سمعت ضحكة صغيرة وصرخ صوت الرجل:
" لا تخافي , يا لوريل ! السماء لن تهبط على رأسك!".
" رودريغة! لم..... لم أنتظر أن...... أسمع عن أخبارك".
خارت قواها وجلست على الكرسي القريب منها وسمعته يقول بصوت ناعم:
" أنا خجول من نفسي لأنني لا أستطيع الأهتمام بضيوفي كما يجب, هل كل شيء على ما يرام في فالديروزا؟".
" نعم , شكرا".
" وجدتي؟".
" أنها جيدة وتنتظرك بفارغ الصبر".
" قولي لها بأنني سأعود مع غدا مع عمتي كونستانس".
" حسنا".
بدأت الخطوط تشوش , بالكاد سمعت لوريل أسمها , ولبرهة قصيرة خافت أن تنقطع المخابرة , لكن التشوش زال فقالت:
" آلو, آلو...........".
" ما زلت على الخط............".
" هل لديك أمور تريد أن تطلبها مني؟".
" كلا , لقد أعطيت أوامري لجوزيه".
حلّ الصمت قليلا ثم تابعت تقول:
" كنت قلقة لأن......".
" لأن؟".
" لأن هذه المخابرة ستكلفك مبلغا كبيرت".
ضحك بلطف وقال:
" أراك تخافين أن أصرف المال الكثير......".
" هذا طبيعي!".
" بالنسبة اليّ هذا شيء جديد ولا أرى أن الوقت يمر , خاصة عندما أسمع صوتك الرنان".
فرحت لوريل من هذا الكلام , وأحمرت ولم ترد , فتابع الكونت يقول:
" أحيانا أملّ من أصوات الأسبانيين القوية , لكن ........ لماذا هذا الصمت؟ أذن عليّ أن أسمع نصائحك وأوفر قليلا , وداعا يا لوريل , الى الغد".
" الى الغد".
بدت السعادة تلفها وهي تعود الى الصالون , نظرت اليها الفتاتان بحشرية , ولما صعد الجميع الى النوم , دخلت أيفون الى غرفتها وسألتها:
" هل كان أبي على الهاتف؟".
" كلا".
" من أذن؟".
" رودريغو".
" ماذا يريد؟".
" يريد أن يقول بأنه آت غدا".
" هذا كل شيء ؟ هل أنت مغرمة به؟".
" يا لهذه الفكرة ! وماذا , أذا قلت لك , بأنه أراد أن أخبره بالتفصيل عن تحركاتكما , كارلوتا وأنت؟".
" وماذا بعد؟ هذا الأمر لا يخيفني.......".
" أرى ذلك بوضوح........ قولي الآن , كيف عرفت كارلوتا بأن رودريغو لن يغيّر مشاريعه ويعود قبلها؟".
تلألأت عينا أيفون وقالت:
" كانت تعرف بأنه سيعود مع كونستانس فقبل مغادرتها أسبانيا رأت كارلوتا عمتها التي أخبرتها بأنها ستحضر حفلة موسيقية في 18 الشهر , أي اليوم , وهكذا أدركت بأنها لن تعود قبل هذا التاريخ".
" نعم , لقد فهمت الآن , لكن لا أرى كيف كيف ستخفي عنه ,ما فعلته , سيغضب بكل تأكيد".
رفعت أيفون كتفيها وقالت:
" كارلوتا لا تخاف منه".
" صحيح؟".
" تعرفين ذلك ؟ أنها وريثة ثرية".
" بلى , أعرف ذلك , لكن ما العرقة؟".
" رودريغو يصرّ ألا تذهب ثروة كارلوتا خارج العائلة , لذلك سيتزوجها بعد سنة أو سنتين , ولولا ذلك لتزوج , هل تعرفين ما عمره؟".
" كلا ".
" عمره 33 سنة , وحسب أقوال كارلوتا , لا يعيش حياة النساك ".
حزنت لوريل على هذا الكلام ولم ترد , فأضافت أيفون تقول :
" لكن كارلوتا ليست متأكدة من رغبتها في الزواج منه ".
" صحيح؟".
" وكيف ألومها؟ رودريغو هو ملك هذه الجزيرة ولن يغادرها أبدا , هل ترين كارلوتا مسجونة في هذا القصر بقية حياتها؟".
" كلا , طبعا...... هل تعتقدين....... بأنها تحبه؟".
" الحب لا دخل له هنا , الزواج هنا مصلحة لئلا تذهب الثروة خارج العائلة....... وبأنتظار ذلك تحب كارلوتا أثارة غيرة أبن خالها .
منتديات ليلاس
جلست لوريل في فراشها , حزينة تفكر بالحديث الذي جرى منذ قليل , هل أن فتاة مستقلة مثل كارلوتا , تقبل بزواج مصلحة؟ أذا قرر رودريغو الزواج منها ؟ والتغلب على قلبها وعلى ثورتها , هل تستطيع كارلوتا مقاومته؟[/COLOR][/SIZE]

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مارجري هيلتون, جزيرة الاقدار, margery hilton, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, the velvet touch, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:32 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية