شك ديمتريو في أن يكون جده قد شعر يوماً بالإمتنان لأي مخلوق على الأرض لأجل أي شيء .
-وما سبب وجودك هنا الأن ؟
قال كاتانسكا , و هو ينظر بلا مبالاة إلى أظافره :
(( أتيت لأقدم لك عرضاً . إنني راغب في شراء هذه الملكية , و سأدفع لك مبلغاً جيداً ))
-إذاً , أنت تضيع وقتك . هذه الأملاك ليست للبيع .
ضحك كاتانسكا بنعومة و قال :
(( ولدي العزيز , كل شيء قابل للبيع عاجلاً أم عاجلاً . الأمر ببساطة يتعلق بالسعر وبقدرة الشاري على الدفع )) .
-ربما يكون ذلك صحيحاً في عالمك , لكن ليس في عالمي أنا .
تمتم كاتانسكا , و هو ينظر إلى أظافره نظرة أخيرة :
(( عنيد ! تماما ً مثل جدك , لكنك لا تملك ذكاءه , كما أرى ))
مقارنته بجده , فجرت غضب ديمتريو , لوح بطريقة مهددة , و كأنه يؤكد ما يقوله : (( أقترح عليك المغادرة هذا المكان الأن , قبل أن يصبح النقاش مزعجاً . و لكي أوضح ما قلته جيداً : أنت شخص غير مرحب به هنا سنيور كاتانسكا , لا اليوم , و لا غداً , و لا في أي يوم أخر , مطلقاً ! ))
أجابه كاتانسكا بنبرة مهدئة : (( لا داعي لأن تهددني باستعمال العنف . ديمتريو )) .
مع أنه شعر بالحذر الكافي ليتراجع خطوة إلى الوراء , قبل أن يتابع : (( على العكس مما تظنه , لا تتم الأعمال بهذه الطريقة , هذه الأيام . لكن قبل أن تصرفني و كأن ما قلته لا أهمية له , انظر حولك للحظة , و قل لي : كيف تتوقع أن ترمم هذا المكان بمفردك ؟ ))
جاهد ديمتريو للسيطرة على غضبه . رفع ذقنه و نظر إلى الثقوب في الجدران و إلى الألواح الخشبية المنزوعة , فيما تابع الرجل يقول :
-واجه الأمر بواقعيه , يا صديقي الشاب . أنت تنفق المال سدى في هذا المكان , و إن استمريت في عملك هذا , ستنزف حتى الموت . لذلك أكرر مرة ثانية : كن ذكياً , و فكر بعرضي من جديد .
- لن يحصل ذلك في حياتي هذه . و الأن , اخرج من أملاكي قبل أن أكسر أنفك .
منتديات ليلاس
-ياإلهي ! أعتقد أن جدك كان ليفخر بك في النهاية فما زال هناك أمل فيك بني .
-لكن لا أمل لك أنت , كاتانسكا لن أسمح لك بالحصول على هذا المنزل , أو على الأرض المحيطة به .
-أهذه هي كلمتك الأخيرة ؟
-إنها كلمتي الأخيرة !
-إذاً , أتمنى لك الحظ السعيد .
-لست بحاجة لأي حظ .
-جميعنا بحاجة إلى الحظ , أيها الشاب المشاكس العنيد , فالحوادث تحصل دوماً , و من يعلم أين أو متى ستحصل في المرة القادمة ؟
مرر كاتانسكا يده على عمود من الرخام قربه , و تابع :
(( قطعة أثرية جميلة , و من المؤسف أن يراه المرء يتدمر . فقد يحدث أمر سيئ يطيح بكل ما تفعله , فيذهب جهدك و عملك القاسي سدى )) .
أدرك ديمتريو من دون أي شك أن الأمر ليس مجرد فكرة محتملة , بل هو إنذار صريح .
إنه يعرف جيداً ما سيكون عليه رده فعل جده لو أنه مازال حياً . تماماً مثل أي فرد من أفراد عائلة برتولوزي : العنف , و العنف فقط . و ستظهر جثة كاتانسكا في مكان ما على الشاطئ مع رصاصة في جبهته . يستطيع ديمتريو المتابعة من حيث توقفوا , فيقاتل كما قاتلوا , كما يستطيع أن يبقى وفياً للعهد الذي قطعه على نفسه منذ أربعة عشر عاماً , فينتصر للعدالة و الحياة الشريفة . لم يتردد لحظة واحدة قي اتخاذ قراره : سوف يبقى دائماً على العهد الذي أقسم عليه !
-غادر أرضي حالاً , كاتانسكا , الأن !
لوى كاتانسكا شفتيه المتجعدتين ’ و لمس حافة قبعته الكبيرة الباهظة الثمن , و قال :
(( لا داعي لأن تشعر بالتوتر و الحنق , بني . سأغادر . لكن إن كنت أستطيع تقديم نصيحة قبل رحيلي , أقترح عليك ان تراقب ضغط دمك , و أن تتبنى نظرة أكثر إيجابية للحياة كلها بشكل عام . وداعاً ! )) .