كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
خرج السؤال من فمها ، ومهما تعلثمت الأن أو ترددت فهي لن تستطيع محوه . رفعت يدها إلى شفتيها برعب ، و جمدت مكانها . لماذا ذكرت أساسا كلمة جريمة ؟ ما الذي دهاها ؟ً
أشاح الرجل بصره جانباً ، لكنها تمكنت من رؤية أن يقاوم بقوة من إظهار انزعاجه .
- ما الذي تعتقدينه ، أيتها الاميرة ؟
- أعتقد أنني استغليت ضيافتك بما في الكفاية .
رطبت شفتيها الجافتين بلسانها ، و تابعت : (( همم ... ألديك ما استطيع استعماله لتنظيف هذه الفوضى ؟ ))
هز رأسه ، و اختفى عبر الباب الذي ظهر منه ، ثم عاد بعد لحظات وهو يحمل مكنسة .
أخذتها ناتالي منه بحذر متجنبة أن تلامس أصابعها يده ، و بدأت بتنظيف الارض من الزجاج المكسور . شعورها بالتوتر جعلها تفشل في القيام بعملها بطريقة جيدة ، فراحت تقذف قطع الزجاج بصورة عشوائية بدلاً من تجميعها في مكان واحد لإزالتها في ما بعد .
اما القطع الصغيرة فانحشرت بين الشقوق في البلاط ، و لم تستطع مطلقاً نزعها رغم محاولاتها المتكررة .
شعرت بالارتباك بسبب نظرته الغاضبة ، و تضاعف إحراجها بسبب عدم كفاءتها . تمتمت متعلثمة :
(( ما الذي تفكره بي ؟ ))
منتديات ليلاس
جالت نظرته عليها ببطء بدءً من قدميها حتى وجهها المتورد ، وظهرت ابتسامته المقتضبة من جديد .
- سنيورا ! تأكدي أنك لا تريدين أن تعلمي !
لم يحمل التلميح في جوابه اي خطأ ، لو أنه اقترب منها و أمسك بخناقها ، ما كانت لترتجف أكثر مما تفعل الأن .
الأسوأ من ذلك هو أنه شعر بما تفكر به وازدادت ابتسامته اتساعاً ، و هو يتقدم نحوها .
شهقت ناتالي وراحت ترتجف ، وفي اللحظة الأخيرة أغمضت عينيها . إنها ليست قادرة على رؤية ما سيحدث ، ربما سيسرق قبلة منها ، او يلمسها بطريقة وقحة ، او ربما سيعاملها بعنف أو ... يقتلها .
هي فقط تريد ان تتحمل ما سيحدث بشجاعة . يقتلها ! تردد صدى الكلمة فعلياً في تجويف دماغها . لقد حذرتها جدتها من هذا الرجل ، فلماذا لم تصغ إليها ؟
وقفت أمامه و هي تشعر باليأس و الخوف معاً . سمعت خطواته الهادئة تقترب عبر البلاط الصخري ، و شعرت بحرارة جسده , ثم شعرت بلمسته ، فيما لفحت أنفاسه الحارة وجهها ...
يدان قويتان تتميزان بالليونة أخذتا المكنسة من يدها ، فيما تمتم الرجل قائلاً :
(( أعتقد أن عليك الرحيل ، قبل أن يتسخ بنطلونك النظيف )) .
***
التقطت ناتالي حقيبتها و نظارتيها ، و خرجت كالسهم من الغرفة متجهة إلى الطريق الفرعية المهجورة ، ثم إلى الطريق العام ، و كأن شياطين الجحيم تطاردها .
لم يدهشه ذلك ، فهو يعلم تماماً أنه بالنسبة إلى جيرانه ، مجرد آفة في جسم مجتمع لطيف و محترم . لم ينس أحد ما ارتكبه جده من فظائع ، ناهيك عما ارتكبه أجداده لعدة اجيال خلت . مع ذلك ، عليه ان يشعر بالخجل من نفسه ، لأنه أخافها كما فعل .
اتسعت عيناها في وجهها ذعراً عندما اقترب منها ، وبدت الصدمة واضحة عليها ، حتى إنه اعتقد انها قد تنهار و تسقط على الارض مغشياً عليها .
للحظة ، شعر بالإشفاق عليها ، حتى إنه فكر انه يمسك بكتفيها المرتجفتين ليؤكد لها أنه لا يضمر لها اي سوء ، لكنه حسناً فعل لأنه لم يقم بذلك .
يا إلهي ! لم يستطع إلا أن يلاحظ كم هي جميلة . إنها ذات جمال ارستقراطي ، بدءً من ملامحها الأنيقة , مروراً ببشرتها النقية كالبلور ، و صولاً إلى شعرها الأشقر الناعم كالحرير .
لو أنه وضع يده عليها ، ولو لأسباب إنسانية ، فلا شك ان ذلك سيجلب له مشاكل هو بغنى عنها ، لم يأتِ إلى الفيلا دولفينا ليزيد سمعته السيئة التي ورثها عن أجداده سوء أكثر مما هي عليه . أتى إلى هنا ليبرهن أن الحكم على الرجل يجب ان يتم من خلال ميزاته الشخصية لا من خلال أسلافه .
منتديات ليلاس
طوال فترة بعد الظهر ، وفيما كان عليه التركيز على تدعيم أساسات الدرج الأمامي راحت أفكاره تعود إليها متسائلة عن السبب الحقيقي وراء زيارتها . أما قولها إنها سلكت الطريق الخاطئ فلم يبدُ له أكثر من كذبة شفافة و مضحكة .
ربما أرادت ان ترى اي نوع من الرجال هو ، فتنظر إليه عن قرب بعد ما سمعته عنه من أشياء سيئة بلا شك . لكنها لم تتصور انه سيمسك بها ، او انه سيقترب منها . على الرغم من تصرفاتها الأنيقة و نظراتها المميزة ، لا شيء فعلت أو قالته تمكن من إخفاء البراءة الواضحة في قلبها .
تلك البراءة أسرت أفكاره و خياله ، و جعلتها بعيدة بالنسبة إليه . إذا ما رغب بالحصول على امرأة فهناك العديدات لكن أياّ منهن لا تتحلى بأية صفة من صفاتها ، فهي شابة بريئة جداً و نقية جداً .
لحسن حظه أنه يمتلك من الذكاء ما فيه الكفاية ليبعدها عنه قبل أن يؤخذ بها و تستهويه أكثر .
نــــــــــــهــــــــــايــــــــــــة الــــــــفـــــــــــــصــــــــــل الـــــــــــثــــــــــــانـــــــــــي
|