كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
تخلت ناتالي عن التعليق ، وعادت إلى الموضوع الاكثر إثارة لاهتمامها .
- إذا كما فهمت ، تفاجأتِ عندما علمت بوجود جارك من جديد ؟
- ارتعبت هي الكلمة التي تعبر أكثر عن ردة فعلي ! بقي المنزل مهجوراً لمدة طويل , و أمل كل شخص في المنطقة أن يتحول المكان إلى رماد ، فهكذا سننتهي منه ومن عائلة برتولوزي .
و فجأة ، في الصباح أحد الأيام ، فتحت الأبواب القديمة الصدئة , و رأينا الحفيد يقود شاحنة محملة بالمعدات و مواد البناء . لم نعرف يوماً هادئاً منذ ذلك اليوم ، فهو إما يستعمل المطرقة أو آلات ذات محركات منذ الفجر حتى الغروب .
- ربما هو يعمل على ترميم المنزل من أجل بيعه .
أنهت جدتها شرب فنجان الشاي ، و سلمته إلى روميرو ، قبل ان تعلق :
(( هذا ما أتمناه ، يا عزيزتي ! هذا ما أتمناه ! ))
منتديات ليلاس
كما يحدث عادة بعد رحلة طيران طويلة فوق المحيط الأطلسي ، كان جسم ناتالي مرهقاً و لا يعمل بانتظام . على الرغم من خلودها إلى النوم بعد العشاء مباشرة تلك الليلة ، وجدت نفسها تستيقظ بنشاط عند الساعة الواحدة صباحاً . حتى صوت تدفق الأمواج لم يتمكن من إعادتها إلى النوم .
رمت غطاء السرير بعيداً و خرجت إلى الشرفة التابعة لغرفتها.
كم تبدو النجوم مشعة وقريبة ! إنها أشبه بحبات من الماس كبيرة ومتعددة الأحجام معلقة في السماء الداكنة اللون .
اتكأت ناتالي على السياج الشرفة ، و قد اعتادت عيناها على نور الليل . امتدت الحديقة تحتها ، وراحت مياه البركة تتموج بلطف كأنها قطعة من الساتان.
لمحت بقرب من قدمها ، برعماً من نبتة ورد متسلقة في بداية تفتحه ، بدا احمر اللون داكناً كالدم . انحنت ناتالي لتستنشق عبيره الفواح ، ثم رفعت راسها بسرعة ما إن طغت على تلك الرائحة رائحة دخان عطر قوية سيطرت على حواسها.
قدمت تلك الرائحة من الجهة المقابلة للجدار الشرقي ، حملتها نسمة خفيفة من الهواء .
وقفت على رؤوس أصابع قدميها لتستكشف مصدر الرائحة ، و سرعان ما أدركت أنها ناتجة عن شمعة ذات رائحة عطرة أضئت لطرد الحشرات الطائرة على شرفة الطابق العلوي للمنزل المجاور.
استرعت انتباهها حركة إلى الجهة اليسرى ، فالتفتت ، و إذا بها ترى برتولوزي الحفيد متكئاً على الجدار. تساءلت كيف لم تلاحظ وجوده من قبل .
بدا كأن ضوء المصباح في الغرفة وراءه يلقي عليه نوراً خافتاً ، تاركاً وجهه في الظلام ، وفيما هي تتأمله ، رفع كوبه عالياً للحظة كأنه يلقي عليها التحية ، ثم أنزله إلى فمه و شرب منه.
أدركت ناتالي أنه رآها قبل وقت طويل من إدراكها لوجوده ، و أنه يراقبها منذ اللحظة التي خرجت فيها إلى الشرفة .
لو أنها استسلمت لردة فعلها الأولى لتراجعت إلى غرفتها ، و اختبأت وراء ستائرها الرقيقة ، لكن كبرياءها ثبتتها في مكانها . رفضت أن تخفض كتفيها وتبتعد عن الأنظار . بدلاً من ذلك ، نظرت إليه بتحدِ ، و الدم يضج بقوة في عروقها .
|