12 - أحبك ... لا ترحلي !
على الرغم من أن الذهول الذي أصابها بسبب ما حدث , حماها بشكل ما من بشاعة اللقاء الأخير مع ديمتريو , أدركت ناتالي إنها لا تستطيع البقاء في إيطاليا , فالرغبة في الذهاب إلى المنزل المجاور و التوسل إليه لإعطائهما فرصة أخرى , قوية جداً , و كبرياؤها و كرامتها لا تسمحان لها بالقيام بذلك .
لم تعرف كيف تمكنت من تمالك نفسها لحظة رحلت , لكن ما إن أصبحت داخل سيارة جدتها المكيفة , و مع إختفاء مداخن فيلا دولفينا عن نظرها وراء الأشجار , شعرت إنها تنهار تماماً .
غمرتها ذكريات حبها القصيرة , ذلك الحب الذي لم يصمد طويلاً ... من اللحظة التي وصلت فيها إلى أمالافي , رأت ديمتريو يراقبها من سطح منزله , إلى ذلك اليوم الذي توقف فيه ليقلها إلى منزلها في تلك الشاحنة القديمة , يوم وضعت في حضنها ذلك الجرو المسكين , إلى المرات العديدة التي تمددا فيها على العشب في حديقته وراحا يضحكان معاً على بيبو أو على أمر قاله أحدهما , أو من دون سبب على الإطلاق إلا وجودهما معاً .
ليتهما ظلا كذلك إلى الأبد ! أملت ناتالي أن يعيشا حياة بأكملها مليئة بالحب و الفرح , و أوقاتاً مليئة بالسلام و الرضى . بالطبع توقعت أن يحدث بينهما خصام في مناسبات عدة , لكن ذلك سيجعل توافقهما أكبر , فهذه هي الحياة الحقيقية , و لطالما حلمت أن ينجبا الأطفال ...
كادت تختنق و هي تتنهد أسفة على إنهيار أحلامها , مذكرة نفسها بما آلت إليه الأمور الأن . لقد منحته حبها و حياتها منذ البداية , فهذه هي الطريقة الوحيدة التي تعرفها في الحب . و منذ البداية , أخفى هو جزء من حياته عنها . من الصعب عليه أن يتغير , فذلك جزءً من موروثه الجيني , تماماً كلون عينيه .
ربما تستطيع بعض النساء العيش مع وضع كهذا , لكنها ليست واحدة منهن . و عاجلاً أم آجلاً , سيحطم ذلك علاقتهما . من الأفضل أن يحدث ذلك الآن و هما ما يزالان قادرين على الإبتعاد , بدلاً من حصول ذلك بعد أن يتزوجا , و ينجبا الأطفال .
منتديات ليلاس
أراحت رأسها بيأس على ظهر المقعد و أغمضت عينيها , متمنية أن تغرق في سلام النوم , علّه يؤمن لها الراحة و الهروب من أفكارها . لكن ذلك لم يحدث , إذ علا صوت بوق قوي من سيارة تقترب من الخلف , اخترق الأحساس بالأمان الذي بدأت تشعر به داخل السيارة , مبدداً الضباب الذي يغلف أفكارها , و دفعها للتيقظ بقوة . تمتم سامويل و هو ينظر إلى المرآة التي تؤمن له الرؤية الخلفية :
(( ياله من مجنون ! )) .
سمع صوت البوق مرة ثانية , ثم لثلاث مرات متلاحقة , كأن صاحب السيارة يصدر أمراً أو طلباً ملحاً . رأت ناتالي من زاوية عينها مقدمة سيارة فيراري حمراء اللون تقترب من سيارتها من جهة اليسار , إلا أن سائق هذه السيارة لم يتجاوز سيارتها كما توقعت , و هو أمر يستطيع القيام به بسهولة , بل بقي يلاحق المرسيدس بسرعة خطرة .
- اللعنة !
زمجر سامويل , رافعاً قبضته عندما سمع صوت البوق للمرة الرابعة يلعلع في الفضاء , و تابع :
(( قاطع طريق ! أين تكون الشرطة عندما يحتاجها المرء ؟ ))
قالت ناتالي :
(( أعتقد إنه يحاول أن يجعلك تتوقف ))
أنزلت زجاج نافذتها لتتمكن من الرؤية بشكل أفضل , لكن كل ما استطاعت رؤيته هو سقف السيارة الأخرى . تابعت :
(( ربما هو أحد رجال الشرطة , لكنه يقود هذه السيارة ))
- بل أظن إنه رجل مجنون تماماً , سنيورينا.